بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين



بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

نقل رفاة الشهداء من ارضنا المحتلة.. اعتراف بالكيان المغتصب

شبكة البصرة

أ.د. كاظم عبد الحسين عباس

أكاديمي عراقي - بغداد

بدءا أود التأكيد على ان هذه وجهة نظر غير مقصود بها الاساءة لأي طرف حتى لو كنت مختلفا معه في المواقف. فأنا ارى ان نقل جثامين شهداء الامة من ارضهم المحتلة، هو اساءة سياسية وعملية كبرى لقضيتنا العادلة في فلسطين، وان اكمال الصفقة من قبل جهة او جهات تحسب نفسها جهة مقاومة امر يثير الغرابة والرفض. وان التصفيق لهذه العملية يقع, وفق ما ارى, ضمن اطار الاندفاع العاطفي المتعكز على لهفة لتحقيق انجاز ينسب للمقاومة غير انه بحاجة لأرضية واقعية، كما انه يسوغ اعمالا سياسية يراد لها تحقيق مكاسب اقليمية على حساب سمعة المقاومة فحسب.

عند دخول جيوش الغزو الى العراق عام 2003, توجهت قطعة عسكرية بريطانية خاصة الى محافظة واسط واقامت حفلا خاصا لاحياء ذكرى جنود بريطانيا الذين قبروا في العراق ابان حقبة الاحتلال البريطاني للعراق بين عام 1917وعام 1920. اخشى ان اقول بان بريطانيا كانت تخطط منذ ذلك الحين للعودة الى العراق فيتهمني البعض بالوقوع في حبال عقدة المؤامرة, ذلك لأن مثقفوا العولمة والمتأمركون العرب قد استسهلوا تسفيه أي عربي يمكنه ان يبصر ابعد من حدود انفه، بوسمه فورا بهذه العقدة. السؤال الذي لم اجد اجابة عليه هو.. لمَ لم تنبش بريطانيا العظمى رفاة جنودها وابقتها في مقبرة الكوت بمحافظة واسط العراقية؟ وذات السؤال قادني الى تساؤل آخر هو.. لمَ نسحب رفاة شهداء الامة من ارض فلسطين وهي ارضهم.. نعم ارضهم لمرتين.. مرة لأنها ارض عربية ومرة اخرى لانها ارض مسلمة.. وهل هناك من مقام اقدس من مقام ارض فلسطين يمكن ان يحتوي جنان الخلد التي يخلد فيها شهداءنا؟ ثم ألا يعني نقلها ان هؤلاء الشهداء لا ينتمون الى هذه الارض بحيث يصبح هدف تحريرهم من رقدتهم الابدية وكأنه انجاز عملاق تقف له الامة على ارجلها اياما؟ وتجرى له المراسيم وتشتغل عليه وسائل الاعلام مجانا وبملايين الدولارات؟.

نعم لتحرير الاسرى وألف نعم وبغض النظر عن ما يقف وراء العملية من تداعيات ولكن لا وألف لا لتفريغ ارضنا المحتلة من جثامين أسودَها الذين سقطوا على طريق العودة والتحرير.

اني ارى ان التفاوض, أي تفاوض بين الكيان المغتصب, وبين اية دولة عربية رسمية هو جريمة بحق الاسلام والعروبة وقضاياها اجمالا وضد فلسطين وقضيتها وضد المقاومة الفلسطينية خاصة وقوى الرفض والممانعة والمقاومة العربية عموما...لأن التفاوض مع اية جهة يعني ضمنا وصراحة الاعتراف بها.. فكيف الحال والجهة المتفاوضة مقاومة؟!!!

فهل تعترف المقاومة الاسلامية الفلسطينية واللبنانية بهذا الكيان؟ أم ماذا؟

أنا كعربي مسلم, أرى ان استخدام كلمة (اسرائيل) يعني ضمنا وعلنا الاعتراف بهذا الكيان المسخ المغتصب لارضنا والممزق لجسدنا ووحدة كلمتنا وارادتنا بالتعاون مع النظام العربي الخاضع للارادة الصهيونية والامبريالية. فلماذا تسمي قنوات الاعلام العربية المختلفة (اسرائيل) هكذا وكأنها حقيقة مطلقة في حياتنا، بل وينطقها الكثير من صحفيينا واعلاميينا ومثقفينا وكأنها سيمفونية عشق مقدس، ربما تمثلا" بمَن يقابلوهم من (زعماء الامة) وسياسييها ومرتزقتها. أوَ ليس هذا ما تفعله محطات الجزيرة والعربية والعراقية والفرات وكردستان العراق والاخبارية والشبابية وروتانا والرأي والديار وبلادي والسومرية وابو ظبي وفلسطين..... والعالم والمنار وغيرها مما تخونني ذاكرتي.؟ واذا كانت القنوات الفضائية التابعة رسميا او شبه رسميا لهذا النظام او ذاك تتناغم مع سياسة مالكيها ويمكننا ان نتفهم محنتها والشرك الواقعة فيه... فما بال قنوات المقاومة الوطنية الاسلامية اللبنانية التي تعلن عن نفسها مقاومة ضد الكيان الصهيوني ومع ذلك تلعب قناتها دورا (عفويا) في تسويقه والتعامل معه... وما بال قناة العالم التي تعود لدولة تعلن عن كونها تسير في طريق تحرير فلسطين هي الدولة الايرانية.. أم ان ايران قد توقفت عند (تحرير) العراق؟.

اني اعتقد ان الاعلام الذي يدّعي ويدّعي مسييريه انه اعلام مقاومة ويسير في دروب التحرير يجب عليه ان يتبنى مفردات المقاومة ويجذر خطابها ومن ذلك رفض استخدام تسمية الدوله اللقيطة المغتصبة لأرضنا الحبيبة، وتوعية الناس بمعاني الصهيونية من جديد بعد ان اعتدت الانظمة العربية على عقولنا وعلى ارادتنا الشعبية، والاّ فانها هي ومَن يقف خلفها محض ادعياء للمقاومة لا اكثر ولا اقل.

والى ذلك فثمة ثوابت عربية مسلمة انسانية نطالب المقاومة العربية باللقاء عليها، والاّ فان من حقنا كمواطنين احرار ان نقول ما نريد ان نقوله عنها وعليها من غير ان يثير ذلك حفيظة مثقفي الديالكتيك، وجدل التاريخ، وعلى البير تلاقينا، وسمو النزعة، والق الصقور، ودعاة العمائم والثياب القصيرة، وسادة التكفير، وعمالقة العولمة، والمتسقطين لاخطاءنا الاملائية والنحوية، ليس حبا باللغة العربية بل كرها بنا و بشعبنا وطيبته وعفويته وصدق انتماءه للامة بعيدا عن كبائر التكتيك والاستراتيج وبروليتاريا الطبقات المنفلقة الذين لم نسمع يوما عن استشهاد احدهم فوق ارض فلسطين او سواها من ارض الامة العربية المغتصبة.. ونشهد الله اننا نعرف العديد منهم من قدّم النفس ضحية على مذبح كراسي الحكومة ال.... نزيهة جدا... وحسبنا الله ونعم الوكيل... الثوابت هي:

1. قضية التحرير العربية واحدة، وفصائل المقاومة اخوة، ورفاق جهاد، وباحثين عن رضا الله والوطن، اذ لا يجوز ان يتحالف احدهم ضد الآخر, سواء كان التحالف مع فصائل اخرى او مع دول وحكومات. والدعم الذي تقدمه دولة ما عربية كانت ام مسلمة هو دعم لكل الفصائل المقاومة في كل مكان من ارض العروبة. ان دعم فصيل واحد وذبح فصيل آخر هو جريمة ومؤامرة صحيحة وواقعية، وليست محض خيال تآمري في رؤسنا. وان الادعاء بتبني فصيل دون سواه في بلد محتل او جزء محتل دون سواه هو تكتيك ضد العرب والمقاومة والاسلام.

2. يحرم على فصيل مقاتل مجاهد ان يدرب عناصر لضرب فصيل آخر، والاّ فانه خائن ويضحك على العرب وقضيتهم ويدجّل على قضية التحرير المقدسة.

3. عدم قيام أي فصيل مجاهد مقاوم بتكفير أي فصيل آخر جمعا او افرادا، وبغض النظر عن دين وطائفة وقومية المجاهدين. وليكن دين المقاومة المحمدي فوق كل شيء.

4. أي دولة تدعم مقاومة لبنان يجب ان تدعم مقاومة فلسطين والعراق والامارات والسودان والجولان والاسكندرونه، والاّ فانها تتكتك علينا وتفرق جمعنا وتوهن فعلنا.

5. أي فصيل مقاوم يتوافق مع اية دولة عربية او اسلامية او أي من دول العالم فان اتفاقه معها يجب ان يعني ضمنا اتفاقا مع بقية الفصائل، والاّ فان المقاومات التي نتحدث عنها هي اختراقات اقليمية من غير فلسفة فارغة وثقافات سفسطة.

6. الاحتلال واحد في كل مكان واهدافه واحدة، سواءا في الجولان او جنوب لبنان او في كل فلسطين المغتصبة او في العراق، وان أي فصيل يدعي انه مقاوم ولكنه يدعم احتلال من هذه الاحتلالات او سواها فهو خائن.

7. يجب فك ارتباط المقاومة بالعمل السياسي، بمعنى ان القوى السياسية تؤدي دورها المرسوم لها ضمن ثوابت الوطنية والقومية، وانتماءات الامة المقدسة، دون خيانة او تخوين، وما تحققه من نتائج عملية يرفد قوة المقاومة... والمقاومة فصيل او فصائل تقاتل دون هوادة وتصعد نضالها وجهادها وقتالها دون هوادة من غير ان تحكمها عجلات السحل بالسياسة. وعلى السياسة ان تعبد دروب الجهاد وتمونه ماديا واعلاميا... والا فاننا نقع في دوائر الضحك على الذقون والتآمر الفعلي وليس المفترض.

ان رجال الامة المخلصين ومفكريها الواقعيين واعلامييها النزهاء وسياسييها الوطنيين الذين لم تلوثهم ألاعيب الفتن والتآمر والعولمة واسواق النخاسة، قادرين على تطوير هذه المبادئ الاولية وقادرين على تفعيل مضامينها وقادرين على تنقية اجواء العمل المقاوم كلا او جزءا، وحتى لو بدأ الرجال على قاعدة ما لا يدرك كله لا يترك جله.

وانوه الى قضية هامة.. ألا وهي ضرورة ان يحترم الجميع ثوابت الجميع.. فثمة مقدسات ومحرمات منها ما هو خاص ومنها ما هو عام.. ومن بين ذلك ان نوقف ارتزاق البعض واعتياشهم في الفضائيات وعلى صفحات الورق على حساب الآخرين ومنها ان لا ينتظر أي منا كلمة من الآخر ليطيح به وكأنه عدو مبين، ومن بين ذلك ان نعطي لانفسنا الفرصة بالتفكير مليا قبل ان نفتح قنوات الحوار والمناقشات.. وهذا هو طريق الديمقراطية الصحيح وليس ان تفرض علينا بقوة المارينز وبارادات المصالح الدولية والاحتلالات وأنواع العمالة الدينية والعلمانية.

ان تحرير العراق وفلسطين اولويات تتقدم على كل شئ لانها ببساطة ستفضي الى كل شئ. ان قناعات جماهير الامة الآن ان التفاوض, أي تفاوض, لا يفضي الى التحرير, فدعوا المتفاوضين يلهثون لسنوات اخرى حتى يغادروا الدنيا من غير ان يضمنوا الجنة. انني ادعو الى لقاء قمة بين فصائل العراق المجاهدة الوطنية والقومية والاسلامية وفصائل فلسطين البطلة وحزب الله وقوى المقاومة اللبنانية التقليدية المعروفة والتي غيبت لسبب او لآخر كالبعث والشيوعيين والقوميين الذين اسسوا العمل المقاوم في لبنان على ان يحصل اللقاء في البيت الابيض او كامب ديفيد في القدس الشريف، وان تعذر ذلك كما هو يقيني ففي بقعة مجاهدة يختارها الرجال الذين لا يعرف الخوف طريقا الى افئدتهم... وهم اهل لها كونهم اشجع واشرف من عليها... وليكن شعارنا... ان لقاء الاعضاء الرئيسية للجسد يوحد المفاصل والجزئيات.

واني ارى ان شعبنا سيفرض هذه الخيارات طال الزمن ام قصر.. شاء من شاء وابى من ابى، لان لا راد لارادة امتنا وشعبنا, حين تريد, سوى ارادة الله سبحانه.

Victory.come@yahoo.com

شبكة البصرة

الجمعة 22 رجب 1429 / 25 تموز 2008

يرجى الاشارة الى شبكة البصرة عند اعادة النشر او الاقتباس