سلام .
كنت في مكتبي أدرس بعض الملفات ،
فأحسست أنني أطلت الجلوس ،
سألت نفسي عن الوقت ،
و اتجهت عيناي صوب الحائط المقابل ،
و إذا بالساعة متوقفة ..
أخذتها و أردت تغيير البطارية التي سكنت جوفها مدة طويلة
حتى سالت و بدأت تنحل كما ينحل الجسد الذي فقد روحه ..
فقلت في نفسي :
هذه بطارية قد تولد ولادةً طبيعيّةً إن كانت ذات صنعٍ يابانيّ خالصٍ ،
أو قيصريةً بعد شقّ بطن العلبة التي تحويها
لأنه استعصى فتحها إن كانت مقلّدة ..
فتكون في كل حالٍ من الأحوال ، صالحةَ الاستعمال ،
فتوضع في مذياعٍ فيصرخ يا ليل يا عين ،
أو في مصباحٍ توقده فيفتحُ عينيه ليضيء ما حوله ،
أو في ساعةٍ حائطيةٍ فتُحرّك عقاربها ،
و لِتذكرّ أن الزمن ماضٍ قُدُماً و لا ينتظر أحداً ،
و هكذا ..
إلى أن تستنفذ طاقاتها و تضعف قواها ،
و تكبر و تهرم ،
فيصمت المذياع ،
و يخيّم الظلام ،
و يتوقف الزمن ،
.. فتصبح صالحةً
للرمي مع القذف و العتاب :
لماذا الآن و المحلات كلها مغلقة ،
كان بإمكانكِ الانتظار و الإنذار ،
ليس حبّاً فيكِ ،
و إنما لتحلّ محلكِ أخرى تنبض بالحياة ،
و تمنح لغيرها الحياة ..
و بعد مراسيم دفنٍ في سلة المهملات ،
تأتي أخرى واثقة الخطى تتبختر ،
لأنها تعلم أن شأنها عظيمٌ ..
لكنها نسيت أنها ستؤول إلى ما آلت إليه من سبقتها ،
و يكون لها نفس المصير .....
هذا هو حالنا ،
قد نعمل عملاً ينفع ،
أو نسكن قلباً يعشق ،
فيستحوذ علينا غرورٌ رهيبٌ ،
فنظن أن مكاننا لن يشغله أحد ،
فنُسْتبدل بغيرنا ،
فيخيب أملنا ،
و يصبح رأسنا بحاجة إلى ذراعٍ يستند عليه ،
حتى يغوص في عمقِ التفكير ..
************
المفضلات