تنزل البحر كل يوم بحثًا عن صيد جديد، مازال طعم أول سمكة ظفرت بها قبل سنوات يشعرك بالجوع، سمكة ذهبية معشقة بالأخضر، ظننت يوم اصطيادها بأن البحر لن يجود بمثلها أبدا، ورغم ذلك بقيت تنتظر المعجزة. تزرع الشاطئ ذهابًا وإيابا وعيناك تجولان المكان بحذر شديد، تلتقط أنفاسك كلما تكسرت موجة فوق الصخور، وأزعج أذنيك أنينها فوق الرمال. أيقنت بعد كثير ترددك على الشاطئ بأن الموج يتألم، وله قلب كالذي ينبض في صدرك، يفرح ويحزن، يغضب ويهدأ، سألت نفسك كيف تشابهتما، لم تجد جوابًا يشعرك بالطمأنينة، ترفض أن تكون كالبحر فهو غدار، انت تقر بهذا، أما أنت فغدار أيضًا، ولكنك تأبى الاعتراف بذك رغم أنك مازلت تحس جوعًا منذ اقتناصك السمكة إياها قبل سنوات، أكلتها لحمًا ورميتها حسكا. تهرب من إلحاح فكرة الغدر عليك، تسرع الخطى فوق رمال الشاطئ ، السمكات يتماوجن فوق سطح البحر بما يسلبك الوعي، ترمي الصنارة،
تعلق بها إحداهنَّ،
تشد الخيط ،
تمسك بها،
تجفل،
تنظر في عينيها،
تنفر الدموع منهما،
تفرك عينيك بأصابعك المرتعشة،
الصيد ثمين.. ثمين جدا، جدا
تكاد تجن،
لاتصدق ماتراه،
تسأل نفسك برعب يفترس قلبك المتشوق للصيد:
كيف أصبحت ابنتك سمكة؟


بقلم
زاهية بنت البحر
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي