رسمةٌ في الخيالْ ..
شعر : خميس لطفي
|
|
|
|
كما في خيالي رسَمْتُكِ ظَلِّي
وحسبي أنا ، رسمةٌ في الخيالْ
تكونُ سراجاً منيراً لليلي
إذا ما ادلهمَّ عليَّ وطالْ
وتقتلُ وقتَ انتظاري المملِّ
على بابٍ حلمٍ بعيد المنالْ
أراني وقد نمتُ ، فيهِ ، كطفلِ
على شاطيءٍ ذهبيِّ الرمالْ
ومِن خلفيَ البحرُ يسحبُ رِجْلي
ويهمس في أُذُنَيَّ : تعالْ
فأصحو ، وأمشي رويداً ، وكُلِّي
حنينٌ ، وفوق شفاهي سؤالْ :
أيذكرُني ؟! - يا لروعة خِلِّي –
وقد غبتُ عنه سنينَ طوالْ
وتتبعني ذكرياتي كظِلي
ويؤنسني وقعُ تلك الظلالْ
هنا ، كنتُ أصنعُ أكوامَ رملِ
وألهو ، وأقفزُ فوق الحِبالْ
وطائرتي ، بخيوطٍ وذيلِ
تُحلِّقُ فوق أعالي التلالْ
وتسقط في كَرْمِ جدي المُطِلِّ
على سور منزلنا من شَمالْ
فأتبعها بين أشجار نخلِ
وأخرى من اللوز والبرتقالْ
وأنتظر الجدَّ حتى يُصلِّي
ويملأ لي ، بيديه ، السلالْ
***
هنالك ما بين وردٍ وفلِّ
وعرضِ سهولٍ ، وطولِ جبالْ
كبرتُ وأنتِ أمامي وحولي
وذاتَ اليمين وذاتَ الشمالْ
وشكلك أجملُ من كل شكلِ
وسبحان من صاغ ذاك الجمالْ
وحبك يملأ قلبي وعقلي
وليس كلاماً ، وقولاً يُقالْ
***
كما في خيالي رسَمْتُكِ ظَلِّي
وحسبي أنا ، رسمةٌ في الخيالْ
أراها فأصرخُ : ويحي وويلي !
متى سأعودُ ؟ وهل من مجالْ ؟
بقيتُ ، وقد سرتُ دهراً ، محلِّي
وما عدتُ أقوى على الاحتمالْ
وفتَّشتُ عن وطنٍ مستقلِّ
سدىً ، ودمي في سبيلك سالْ
ومشكلتي لم تزل دون حلِّ
وهأنذا لاجئاً لا أزالْ ..
ومَن لا يُساوي ريالين يُملي
عليَّ شروطاً ، ولي الامتثالْ
كأني ، كأني رضيتُ بذلي !
فلا تُلقِ لي ، يا حبيبةُ ، بالْ
ففي ساعة الصفر دوماً أُوَلِّي
فِراراً ، وأهربُ وقت النزالْ
كلامي كثيرٌ ، ولكنَّ فعلي
قليلٌ ، وأهوى بطبعي الجدالْ
أبيعُ بلادي بربطةِ فجلِ
وأبناءَ شعبي ، بحفنة مالْ
ولستُ أبالي إذا ضاع حقلي
وصال الغريبُ بأرضي وجالْ
أُعِينُ عدوي عليَّ ، وأكْلي
وشُربي حرامٌ ، وقتلي حلالْ !
***
كما في خيالي رسَمْتُكِ ظَلِّي
لأحيا على رسمةٍ في الخيالْ
تُذكِّرُني ، إنْ نسيتُ ، بأصلي
وأني سليلُ لخير الرجالْ
ويحيا عليها إذا مت نجلي
إلى أنْ يشد إليكِ الرحالْ
فمَن لي سواه يعيدك مَن لي ؟
وما عُدتُ أتقن رميَ النبالْ
ولم يبق في العمر عمرٌ ، لمثلي
وشمسي على عتبات الزوالْ
وبيني وبينكِ مليونُ مَيْلِ
ويبدو لقاؤكِ لي كالمُحالْ
وأهلي يخونون في الحرب أهلي
ولا يحسنون سوى الاقتتالْ ؟!
***
كما في خيالي رسَمْتُكِ ، ظَلِّي
وحسبي أنا رسمةٌ في الخيالْ
تمر ببالي فأسرجُ خيلي
وأحلمُ أنِّي بساح القتالْ
وفوق الغزاة أدوس بنعلي
وأدعو مجيب الدُّعا بابتهالْ
لعلِّي أموت شهيداً ، لعلِّي
أعيشُ ،
ولكنْ بدون احتلالْ !!
|
|
|
|
|
المفضلات