الأستاذة سميرة رعبوب،
جهود مباركة، ومشاركة رائعة، وإجابة وافية، أوضحت معنى (الحبلاس)، وأبرز ما يختص به ثمر الآس. ولمزيد فائدة أقول:
هناك مثل يشبهه أقل شهرة منه يقول:
"متل الحبلاس كلما شاب أكله طاب"
ومما يسمى به الآس - وهي التسمية الشائعة في سورية- أيضاً "قفْ وانظرْ" وهي تسمية دمشقية قديمة منسوبة إلى حسن النبات وطيب رائحته.
ومن التراث الشعبي نجد من (نداءات الباعة) في الشام وخاصة دمشق القديمة:
" حبلاس كل ماحلي غلي طاب أكلو..."
ونظراً لفوائد الآس الطبية، فقد كان يوضع بدل الزهور على القبر عندما يموت أحد الأشخاص فتصنع منه شكلة أو باقة وتوضع فوق القبر تماماً كما يصنع الآن بالزهور، كانت تقول الشامية لطفلها الصغير أو لمن تحب:
" تِشْكُل آسي "
اي اموت وتعيش أنت وتشكل الآس بقبري، مثل (تقبرني ) أو (تطلع على قبري)، وهو تعبير يفيد شدة حب المتكلم للمخاطب.
وكان من عادة أهل الشام وضع أغصان شجر الآس على قبر المُتوفى عند وفاته، وهم يزرعون عند القبر وإن صغرت المساحة بعض النباتات، ويتعهدونها، في الغالب، لتبقى مخضرّة. فإذا حضر العيدان (الفطر والأضحى) تهيؤوا لزيارة القبور، والدعاء للمتوفين، وشكلوا عند شاهد القبر (أو النصابة كما يسمّونها) حزمة أو حزماً من أغصان شجر الآس، وهكذا صار وضع الآس (أو شكل الآس) كناية عن الوفاة التي تستتبع وضع الآس. واختاروا الآس خاصة لأنه من الشجر الدائم الخضرة، ولأنه متوافر في بلاد الشام.
وهناك تفسير آخر يقول: أن الآس وبسبب طول خضرته وعدم ذبول أوراقه بسرعة اختاروه في الشام ليزين القبور فيبقى مدة طويلة يسبح الله فوقها؛ ولذلك أصبح مضرب المثل في الثبات والاستمرار، كما قال الشاعر الأندلسي ابن زيدون:
لا يكن عـهدُك وَرْدَاً ..... إن عـهـدي لك آسُ
ومن طريف هتافات الثائرين في سورية:
"يا حمصي تشكل آسي.. طز بالأمن السياسي"
ومن أغاني وزغاريد التراث الشعبي للزبداني:
حبلاس مدور لمولي
أنا أخت العريس غنولي
جابوا خاتم للعروس
وليش الي ما جابولي
...
علمياً وطبياً:
من الوصف العلمي للآس أنه "ذو أوراق صقيلة دائمة الخُضرة يُستخرج منها زيت فواح العبير، وزهرات بيض، وثمرات عليقية كثيرة البذور. وحب الآس (ثمر الآس) عطر الرائحة، طيب المذاق.." وموطن الآس حوض البحر الأبيض المتوسط، ويزرع في بعض الأماكن الأخرى.
كثر استعمال الآس في الطب القديم والحديث، إذ يُستخرج من ورق الآس وزهره ماء مقطر يعرف بماء الملائكة المستعمل مطهراً للأنف. كما يستحصل من ورق الآس وثمره الغض على مادة منعشة مكونة من عطر الميرتول Myrtol وحمض الطرطير وخلاصة قابضة مفيدة في حالات النزلات الصدرية. وتضم الثمار الناضجة مادة عفصية منعشة، وتؤكل الثمار طبيعية أو يصنع منها مربى.
المفضلات