كاتب الموضوع : عبد الفتاح ابو ماضي المنتدى : نظريات الترجمة عند الأمم غير العربية
رد: المندى بحاجة لكم
- تطور الترجمة قبل القرن التاسع عشر
كان للسريان دور عظيم في نقل وترجمة علوم اليونان والهند وغيرهم إلى اللغة العربية بالنسبة لمطلع الإسلام، ولقد كرّس بعض علماء السريان حياتهم لتحقيق هذا الغرض، ولا يخفى على أحد صعوبة عملية الترجمة، لوجوب تحقق المعاني المقصودة بصورة تامة، وإيجاد المصطلحات المناسبة للمبنى من اللغة العربية، لأن أي تحريف أو خروج عن النص المترجم، قد يؤدي إلى معاني مختلفة ومغايرة للمعنى الأصلي.
عندما افتتح العرب الأندلس كان ينطبق على الغرب ماقاله -فولتي- من تفشي الجهل والأمية (1)( ) ولهذا مااستقر الأمر في الأندلس، حتى أقبل الأوروبيون على الأندلس يترجمون العلوم والفلسفة وعلم الفلك وعلم الجدل، والاجتماع، فنقلوا إلى اللاتينية أهم المصنفات العربية في هذه الفنون وفي المجالات الأخرى، وكانت مدينة طليطلة هي المركز العربي المهم الذي ارتاده الأوروبيون. واستمر تطور حركة الترجمة في التقدم خلال القرن الثالث عشر الميلادي، وحيث صادف خلاله نشوء الجامعات في أوروبا مما ساهم في زيادة الاقتبال على الانتهال من اللغة العربية، لاسيما بعد إنشاء الجامعات فيها، ويمكن أن نخص بالذكر جامعات باريس وأوكسفورد وبولونيا وسالونيكا. وقد استمرت هذه الحركة بين فتور ونشاط إلى منتصف القرن الثامن عشر، وكل ذلك كان يتم نقلاً من العربية إلى اللغة الأجنبية.
أما النقل والترجمة من اللغات الأجنبية إلى العربية فقد تم في إطار من شبه المعهد أو المجمع (اللبناني الماروني- الروماني) لترجمة الكتب الدينية المسيحية من اللاتينية واليونانية إلى العربية، مثل كتاب التعليم المسيحي- وقوانين المجمع التريدنتيني ودستور الأمانة الارثوذكسية الذي طبع أول مرة عام 1566م ثم أعيد طبع ترجمته.
لعل هذه هي أولى الترجمات بالنسبة للغات الأوروبية( ) لأن أحداً في لبنان على مايبدو، لم يكن يعرف لغة أوروبية بدليل أن أحد البطاركة الشرقيين ميشيل رزي لم يجد في محيطه من يلمّ باللغة اللاتينية ليترجم له رسالة من البابا غريغوريوس الثالث عشر، ورسائل أخرى تلقاها من الكردينال- "كرافا" في شهر آذار سنة 1577م( ) فكان عليه أن ينتظر إلى حين وصول الأب البانو عام 1578م لترجمتها.
إن أولى الترجمات إلى العربية كانت معظمها دينية وبقيت كذلك حتى عصر محمد علي في القرن التاسع عشر، (حيث سنأتي على ذكرها) ذلك أن مواضيع الترجمة والكتابة في كل عصر هي اهتمام وحاجات ذلك العصر. ولابد من الإشارة بأن معظم هذه الكتب منقولة من اللاتينية واليونانية وبعضها من الإيطالية.
من هذه الكتب نذكر:
- التعليم المسيحي للكاردينال بلارمين ترجمة يوحنا الحصروني، مطبعة سافري روما- 1613م.
- تاريخ المسيح، ترجمة بطرس مخلوف طبع في روما عام 1674م( )
- السيف القاطع، وهو بمثابة جدل باليونانية لمكسيموس مرغونيوس المتوفى سنة1602م، ترجمة خريستو دولس- أسقف غزة، والمطران يواصاف بن سويدان العمراني طبع سنة 1696م.
- التعليم المسيحي ترجمه من اليونانية إلى العربية الشماس صفرانيوس، شماس كنيسة حلب طبع سنة 1740م.
- العشاء الرباني لافسترانيوس ارجنتس ترجمة مسعد نسو، طبع في بخارست عام 1747م( ).
- كتاب سفر المزامير ترجم إلى العربية سنة 1610م.
- مرشد الزمان وقسطاس أبدية الإنسان، من تأليف الأب نيرنبرغ اليسوعي وترجمة بطرس فروماج وتنقيح عبد الإله زاخر، صدور 1733م-1734م.
- كتاب المزامير طبقاً لترجمة عبد الإله بن الفضل الأنطاكي- طبع عام 1735م.
- المرشد المسيحي، تأليف يوسف دوتركان (1585-1652) طبع 1738م.
- المرشد الخاطئ في سري التوبة والاعتراف تأليف الأب بولس سنيري بالإسبانية (المتوفي عام 1691م وقد ترجم إلى العربية وطبع سنة 1747.
- مرشد الكاهن، تأليف الأب سنيري وترجمة بطرس فروماج، طبع عام 1760م.
- إيضاح التعليم المسيحي تأليف أحد كهنة باريس وترجمه الأب بطرس فروماج طبع 1768م. وهناك كتب أخرى ترجمت خلال هذه الحقبة لامجال لذكرها هنا.
أما المطابع التي طبعت تلك الترجمات في بادئ الأمر، كانت خارج لبنان، مثل (فانو بإيطاليا- أو في روما- أو الأستانة- أو بخارست- أوغيرها، لكنها كانت جميعها تصل إلى لبنان مع غيرها حسب الطلب والحاجة.
ثم ظهرت فيما بعد مطبعة الشوير- ومطبعة القديس جاورجيوش للروم الارثوذكس التي أنشئت عام 1753م بسعي من الشيخ نقولا يونس الجبيلي المعروف بابي عسكر( ).
إن أكثر مطبوعات هذه المطابع من كتب التعليم والجدل الديني والبعض منها في الأدب والتاريخ.
أما الترجمة في غير الناحية الدينية: فأول ماظهرت في عصر النهضة (مصر ولبنان) في ظل ولاية -محمد علي-( )، فبعد أن استتب له الحكم في مصر، وضع نصب عينيه بناء دولة قوية وعصرية فوجه عنايته إلى الجيش أولاً فعزز أوضاعه واستقدم له خبراء فرنسيين وإيطاليين وأنشأ له في بادئ الأمر المستشفيات العسكرية، وعندما وجد بحاجة إلى كفاءات تساعده على بناء الدولة الحديثة، أرسل إلى فرنسا العديد من البعثات لتعليم أفرادها العلوم والفنون التي تحتاجها الدولة. وكان في غضون ذلك قد استقدم عدداً من المترجمين جلّهم من بلاد الشام(1)، كما استقدم مع عودة البعثات بعض الخبراء الأجانب للتدريب والمراقبة لمدة محدّدة. وكان الجميع يشتركون في أداء الواجب، ونظراً لمتابعة إرسال البعثات مدة كافية فقد كان يعود أفرادها إلى مصر لمشاركة اسلافهم في العمل. ثم أنشأ محمد علي مدرسة الألسن في مصر، فخرجت عدداً من المترجمين الذين أدوا واجبهم في تنشيط حركة الترجمة والنقل التي أنتجت بكفاءة عدداً غير قليل من الكتب الأجنبية وخاصة الفرنسية منها. أما مواضيع هذه الكتب فكانت عسكرية- وطبية- وصناعية- وزراعية وغيرها مما له علاقة بعمل الدولة وحاجاتها.
ب- الترجمة في أثناء حملة نابليون بونابرت على مصر:
إن هذه الترجمة ولو سبقت عصر النهضة بمصر على عهد محمد علي، غير أنها لم تكن على درجة من الاتساع والشمولية كما أصبحت الحال خلال ولاية محمد علي، لأنها كانت في عهد الحملة الفرنسية ذات طابع رسمي، لسد حاجة أفراد الحملة، ولكن لايمكن نكران الأثر الذي خلفته تلك الحملة في نقل الترجمة، لأنها كانت بأشد الحاجة إلى مترجمين دائمين لنقل الأوامر عنها، ولترجمة المنشورات وتسجيل محاضر الدواوين، وليكونوا وسطاء في نقل الحديث المباشر بين الحكام والمحكومين، وقد استعانت الحملة في بادئ الأمر بأشخاص غرباء من مصر أحضرتهم معها حين قدومها، فكانت الغالبية من أسرى البحارة المسلمين الذين كانوا تحت أيادي فرسان القديس يوحنا بجزيرة مالطة. وقد ترجموا المنشور الذي أعده نابوليون بالفرنسية، وكان قد طبع على ظهر البارجة (الشرق) في مطبعة عربية ليكون معدّاً للتوزيع على المصريين عند نزول قائدها نابوليون، وبعد التغلب على المماليك وفرارهم، بدأ نابوليون بوضع أساس لجهاز الحكومة الجديد اشترك فيه زعماء مصريون للاستعانة بهم في إدارة شؤون البلاد، وبالإضافة إلى ذلك، فقد عين كاتم أسرار وكتبة وتراجمة ملميّن بالفرنسية والعربية. وقبل أن نعود إلى الإسهاب عن الترجمة لابد لنا من إعطاء نظرة متسلسلة وكافية عن تطور الترجمة منذ الفتح الإسلامي وحتى الآن. ويمكن أن نستعرض في هذا المجال: الترجمة في عهد الأمويين- الترجمة في العهد العباسي- في عصر النهضة- في زمننا الحالي.
الترجمة في عهد الأمويين:
لم يغفل الأمويون عن الاهتمام بالترجمة، رغم انشغالهم بالفتوحات وبتوطيد أركان الدولة. ومع ذلك فقد خطت الترجمة خلال حكمهم الخطوات الأولى، فقد انصرفت إلى الطب والفلك والكيمياء وفن العمار للحاجة إليها في تلبية مستلزمات الحروب والفتوحات الوافدة التي تتطلبها الفتوحات والسكان في البلاد الجديدة- أما الذي دعا إلى ترجمة هذه الكتب هو الأمير الأموي- خالد بن يزيد بن معاوية الذي أخفق في نيل الخلافة فانصرف إلى العلم والاهتمام بالترجمة، وفي ذلك يقول ابن النديم: (وكان خالداً يُسّمى حكيم آل مروان وكان رجلاً فاضلاً وله ميل ونشاط نحو العلوم. ولتحقيق هذه الرغبة أمر جماعة من فلاسفة اليونان الذين كانوا يقيمون في مصر ويجيدون العربية. فأمرهم بترجمة العديد من الكتب من اللغة اليونانية والقبطية إلى العربية( )، وكان هذا أول ترجمة في الإسلام من لغة إلى لغة.
كانت الكتب التي ترجمت لخالد بن يزيد المذكور تتعلق غالبيتها بالكيمياء. لأن خالداً كان يسعى لتحويل المعادن إلى ذهب.
يذكر الأستاذ محمد كرد علي( ) رئيس مجمع العلمي في دمشق سابقاً، إن خالداً استخدم أحد علماء مدرسة الاسكندرية -ايستوفن- في ترجمة بعض الكتب اليونانية الطبية إلى العربية أما المستشرق الإيطالي "نيلليننو" يروي أن أول كتاب ترجم من اليونانية إلى العربية كان كتاب "أحكام النجوم" المنسوب إلى الحكيم "هرمس".
ويذكر القفطي أنه في زمن مروان بن الحكم- 64-65- نقل أول كتاب طبي إلى العربية، من قبل كناش اهرن القس بن اعين، وقد احتوى على ثلاثين مقالة نقلها- ماسر جويه- الطبيب البصري من السريانية إلى العربية. وكان اهرن من الأطباء الذين عاشوا في الاسكندرية في زمن هرقل
(610م-641م) وألّف كتاباً طبيباً باليونانية، ثم نقله إلى السريانية، حيث قام -ماسرجويه- بنقله إلى العربية.
ويروي ابن جلجل أن الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز-99-101-هـ وجد هذا الكتاب في خزائن الكتب بالشام. فأمر بإخراجه ووضعه في مصلاّه.
استمر النقل والترجمة في زمن الخلفاء الأمويين ولكن بالقدر القليل كما ذكرنا، ويذكر أحمد أمين أن من أشهر المترجمين في العصر الأموي كان -يعقوب الرهاوي الذي ترجم الكثير من الكتب الالهيات اليونانية إلى العربية.
أما كتب الدواوين في زمن الدولة الأموية قد نقلت من اليونانية إلى العربية، أيام الخليفة عبد الملك بن مروان، في سورية. وفي العراق من الفارسية إلى العربية على يد الحجاج والي عبد الملك.
أما الكتب القبطية في مصر فقد تُرجمت إلى العربية على يد عبد العزيز بن عبد الملك والي مصر حينذاك، وقد كان لهذه الترجمة والدواوين أثر كبير في دعم أسس الدولة العربية وأصبحت أيضاً اللغة العربية لغة الإدارة الرسمية في أرجاء البلاد، كما أن هذه الترجمات عزّزت وأظهرت فوائد الترجمة فأبرزت فوائدها لنشاط الحركة هذه التي لم تضعف بل زادت نشاطاً في العصر العباسي.
وقد روى ابن النديم أنه في زمن بني أمية نُقل الديوان في العراق من الفارسية إلى العربية بأمر من الحجاج. والمترجم هو صالح بن عبد الرحمن مولّى بني تميم وأصله من سجستان. وقد بذلت له الفرس مائة ألف درهم مقابل أن يظهر العجز في ترجمته ولكنه أبى ذلك. وفي عهد عبد الملك نقل الديوان في الشام من الرومية إلى العربية عن يد أبو ثابت سليمان بن سعد.
ج-الترجمة في عهد العباسيين:
ازدهرت الترجمة في العهد العباسي ازدهاراً عظيماً، كان العرب قبل العهد العباسي منشغلين بالفتوحات كما ذكرنا وبتوطيد دعائم الحكم، وما إن استقرت الأمور حتى جدّوا وراء العلم لبناء ونشر الحضارة العربية والإسلامية على المستوى الذي يتمشى مع اتساع البلدان المفتتحة ودائرة الخلافة. وهنا لابد من التوجه إلى تنشيط النقل والترجمة بالإضافة إلى العلوم الأخرى. فما أن انقضى عصر التابعين واستند المسلمون في ثبات ويقين إلى كتاب الله ورسوله، حتى جهدوا إلى تحصيل المعارف في شغف ونهم، فكان العصر الأموي يمثل المرحلة المبدئية، ثم انطلق المسلمون في العصر العباسي سعياً وراء العلم اعتباراً من ولاية الخليفة العباسي، أبو جعفر المنصور الذي كان بارعاً في الفقه متقدماً في علم الفلسفة والفلك وبما يتصل بمعرفة أحوال النجوم، ومشجعاً للعلم والعلماء ولاينكر فضل سابقه- خالد بن يزيد بن معاوية الذي كان يلقب (بحكيم آل مروان كما ذكر سابقاً.
لقد كثر الجدل في عصر بني العباس بين أصحاب الفرق من المسلمين وبين أصحاب الأديان الأخرى، وكان المسلمون في هذا الوقت على علم بالمنطق اليوناني الذي ابتكره أرسطو( ) ممّا حدا بهم إلى ترجمة الفلسفة اليونانية بعامة ومنطق أرسطو بخاصة، لإيجاد وسيلة راسخة لدعم الرأي، وإسناد الحجة. كما أن اتصال المسلمين خلال هذا الزمن بالمعارف اليونانية أدى إلى تطور أساليب الكلام بحيث توفر المسند على تفنيد حجج الخصم بالأدلة القياسية مما مكّن المسلمين من الرد على المعارضين ودحض ادعاءاتهم.
ولهذا كانت الضرورة ملحة في استمرار نقل وترجمة علم الكلام عن أرسطو إضافة إلى اتقان الجدل والمحاورات لمجابهة فرق: 1-المجوس 2- والثنوية 3-والمجبرة 4- والحشوية 5-والسمنية 6-والمانوية.
كما لقيت حركة الترجمة في هذا العصر التشجيع المناسب من الخلفاء والوزراء وخاصة، في عهد الرشيد والمأمون- كما جرت الترجمة عن لغات عديدة تولاها لبنانيون ومصريون وسوريون ومسلمون أو غير مسلمين ممن كانوا يتقنون لغة أجنبية إلى جانب العربية وكانت الترجمات ركيكة خضعت لمدة غير قصيرة لكثير من التصحيح والتدقيق والمراجعة غير أن مالفت أنظار الخبراء الأجانب هو سرعة استيعاب الفلاسفة والعلماء العرب وحتى الأفراد المثقفين منهم جميع المعارف المترجمة، فقد تمكنوا من تصحيح مافيها من أخطاء عن طريق العقل السليم والمدارك الواسعة والتجربة العملية.
لقد تساءل بعض الباحثين والمثقفين فيما بعد عن مصادر اتصال المسلمين بالتراث اليوناني والجواب تضّمن الاحتمالات التالية:
1- عن طريق الفرق غير الإسلامية من مجوس- ومجبرة وغيرهم مما ذكر( ).
حيث كان بعض رجال تلك الفرق على علم كامل بالفكر اليوناني وخاصة، المنطق والفلسفة، وقد ثبت تعمقهم بهذه العلوم فيما دار بينهم وبين رجال الإسلام من مناظرات، غير أن المسلمين استطاعوا التفوق عليهم بالاعتماد على (علم الكلام) بالإضافة إلى علم المنطق والفلسفة والإلهيات.
2-مادار من مناقشات شفوية بين رجال الكنيسة وأصحاب التوحيد، فقد كان رجال الكنيسة على اتصال بالمعارف الخارجية عن طريق المدارس التبشيرية التي كانت ملحقة بالكنائس والأديرة، وقد تبين أن أشخاصها كانوا على دراية بالفلسفة اليونانية وبالطقوس الدينية فيها.
3- اتصال المسلمين بالحركة (الغنوصية) التي تحمل في أعماق فلسفتها الكثير من عناصر الفلسفة اليونانية.
هذا وقد انقسم عهد الترجمة في العهد العباسي إلى دورين رئيسين:
يمتد من قيام الدولة العباسية إلى بداية عهد المأمون
(132هـ،750م-198هـ،814م) والثاني يبدأ بتوالي المأمون الحكم ويمتد طيلة عهده. (198هـ،814م-هـ218،833م).
في عام 145هـ أسس أبو جعفر المنصور ثاني خلفاء الدولة العباسية مدينة بغداد، وجعلها عاصمة الدولة الإسلامية بدلاً من دمشق. فسرعان ما ازدهرت وطغى نورها الفكري على نور البصرة والكوفة، كما تقدمت على دمشق. ولم يعد يباريها إلاّ القسطنطينية. فكانت قصور المنصور خلال الفترة 136-158- والرشيد 170-193- والمأمون 198هـ،814م-218هـ،833م وغيرهم في بغداد، ملتقى العلماء والشعراء بعناية الدولة، فكان للخليفة أبو جعفر المنصور شغف بالطب والهندسة والفلك والنجوم. وهو أول من راسل ملك الروم طالباً منه كتب- الحكمة- فبعث إليه كتاب أقليدس وبعض الكتب الأخرى( ) فجمع حوله صفوة من العلماء الذين يتقنون اللغات الأجنبية، وشجعهم على ترجمة الكتب العلمية المنتقاة، وفي سبيل ذلك أشاد ديواناً للترجمة. فنقل جورجيوس بن جبرائيل بن بختيشوع للخليفة المنصور كتباً كثيرة من كتب، اليونانية، وكان قد استقدمه من مدرسة جنديسابور حيث كان رئيساً للأطباء فيها، فجعله طبيبه الخاص.
واهتم الخليفة هارون الرشيد (170-193)، بترجمة الكتب الأجنبية، ووسع ديوان الترجمة الذي أنشأه المنصور لنقل العلوم. وبعد احتلال عمورية طلب من البيزنطيين تسليمه المخطوطات اليونانية القديمة. ومن أشهر الكتب التي ترجمت في عهد الرشيد كان كتاب المجسطي لبطليموس الذي معناه "الترتيب الكبير في علم الفلك". كما أمر الرشيد بتعريب الكتب التي وجدها في أنقرة وعمورية أثناء غزواته (الصوائف) وعهد بها إلى يوحنا بن ماسويه، لأن هذا كان كبير المترجمين في عصره. ويقول صاحب الفهرست حول ذلك( ) كان يوحنا بن ماسويه مسيحّي المذهب سريانياً عيّنه الرشيد أميناً على الترجمة وعهد إليه ترجمة الكتب القديمة مما عثر عليها في بلاد الروم حين سباها المسلمون.
وحسب رأي محمد عاطف البرقوقي وأبي الفتوح محمد التوانسي أن يوحنا( ) هو الذي نصح الرشيد بإنشاء دار كبيرة ومتسعة للكتب وهي التي أنشئت فيما بعد وأصبحت تدعى (دار الحكمة).
ومن المترجمين الذين خدموا الرشيد وابنه من بعده الحجاج بن يوسف بن مطر الذي نقل كتاب- إقليدس (أصول الهندسة) على مرتين، المرة الأولى في زمن الرشيد وقد عرف بالنقل الهاروني، والمرة الثانية في زمن المأمون وعرف بالنقل المأموني، وكان عليه المعّول لأنه الأصح.
وكذلك عهد الرشيد إلى الفضل بن نوبخت الذي كان يتقن الفارسية بشؤون كتب دار الحكمة، كأمين لها، فكان ينقل ويترجم من الفارسية إلى العربية ما يتوفر له من هذه الكتب.
الدور الثاني ويشمل عهد المأمون ومابعده:
كان الخليفة عبد الله المأمون قد لبث في سدة الحكم عشرين سنة
(198-218هـ) وكان رجلاً ذا أفق واسع مستنير حّر التفكير- محباً للعلم والحكمة، شغوفاً بالدرس والتدقيق والبحث والمناظرة، حيث كان يجمع العلماء ورجال الفكر المستنيرين ليتناظروا أمامه باشتراكه معهم.
تمثل الظاهرة القرآنية سبباً جوهرياً للتوجه نحو العلم، فقد دعا القرآن الكريم العرب، بوصفهم المنطلق في الدعوة الإسلامية إلى أمرين:
1- الأخذ بأسباب العلم والمعرفة وتيقظ العقل -2- تبليغ الدعوة الدينية فقد اعتمد المأمون هاتين الغايتين جاهداً لإنشاء بناء بشكل معرفي جديد ترتكز انطلاقته إلى المبادئ الدينية الإسلامية بعد أن وجد في المعارف الحاصلة في الأمم المحيطة بالجزيرة فائدة في توسيع الدعوة- فلابد لذلك من تعزيز النقل والترجمة التي برزت كعامل أساسي في العلاقة الجديدة، وكغاية عقدية تدعو إلى طلب العلم ولو كان في الصين. وأضحت الترجمة واجباً دينياً يخدم بها المسلم عقيدته.
مرت الترجمة في الفترة الإسلامية السابقة بمراحل أولية لا بأس بها فقد بدأت أولاها بعصر عمر بن الخطاب الخليفة الثاني محدودة، حيث حظر الترجمة في المستوى المعرفي والفكري التجريدي وأباح الترجمة في المستوى العملي، على مبدأ اجتهادي، أن القرآن والسنة هما أصلان جاهزان لا بديل لهما في تأسيس الأفكار والمواقف عند المسلمين. لذلك كان سبب المنظور من الترجمة أو أوجه التلاقح بين العرب والفرس أو الروم أو اليونان أو اليهود عقدياً محضاً.
أما العامل الأساسي الذي أباح الترجمة فيما بعد هو الحاجة الجديدة للدولة الإسلامية للاضطلاع بوظيفتها كما تفرضه هذه الحاجة، وسط تلاقح حضاري مفروض مقابل جهاز حكومي متطور عند فارس أو عند الروم، فتوسعت الترجمة فيما يتعلق بالإدارة ومتطلباتها. حتى جاء دور الخلفاء (أبو جعفر المنصور وهارون الرشيد) اللذان بالتتابع فتحا باب التعامل مع سكان البلاد التي أسلمت أو أناس احتفظوا بدينهم. فأصبحت الجزيرة ثمّ الشام والعراق موطن الاحتكاك والتوالد الفكري، واحتفظت العواصم العربية بتقاليد معرفية موروثة ومختلفة من سريانية وهندية ويونانية وفارسية وحبشية وقبطية الخ... فأصبحت الترجمة حقيقة حضارية وواقعية، فقد بدأت فردية ثم أصبحت رسمية انطلاقاً من عهد خالد بن معاوية الأموي، ثمّ مزدهرة وموسعة في عهد المأمون.
أما فيما يتعلق باستنارة عقل المأمون وحكمته فلنستمع إلى المؤرخ القاضي- "صاعد الأندلسي الذي يصف لنا المأمون في كتابه (طبقات الأمم) حيث يقول( ): لما أفضت الخلافة فيهم إلى الخليفة السابع منهم، عبد الله المأمون بن الرشيد بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور تمّم ما بدأ به جده المنصور، فأقبل على طلب العلم في مواضعه واستخراجه، من معادنه بفضل همته الشريفة وقوة نفسه الفاضلة، فداخل ملوك الروم وأتحفهم بالهدايا الثمينة وسألهم بما لديهم من كتب الفلاسفة. فبعثوا إليه بما حضرهم من كتب- أفلاطون وأرسطوطاليس وأبوقراط وجالينوس وإقليدس وبطليموس وغيرهم من الفلاسفة. فاستحضر لها مهرة التراجمة وكلفهم بإحكام ترجمتها، ثمّ حض الناس على قراءتها ورغبّهم في تعلمها. فنفقت سوق العلم في زمانه وقامت دولة الحكمة في عصره وتنافس أولي النباهة في العلوم لما كانوا يرون من إعطائه لمنتحليها واختصاصه لمتقلديها. فكان يخلو بهم ويأنس بمناظرتهم ويلتذ بمذاكرتهم، فينالون عنده المنازل الرفيعة والمراتب السنية. وكذلك كانت سيرته مع سائر العلماء والفقهاء والمحدثين والمتكلمين وأهل اللغة والإخبار والمعرفة بالشعر والنسب. فأتقن جماعة من ذوي الفنون والتعليم في زمانه كثيراً من أجزاء الفلسفة. وسنّوا لمن بعدهم مناهج الطلب ومهدوا أصول الأدب حتى كادت الدولة العباسية تضاهي الدولة الرومية أيام اكتمالها وزمان اجتماع شملها."
وأيضاً يقول ديورانت( ) إن أحد شروط الصلح يبن المأمون والامبراطور البيزنطي ميخائيل الثالث أن يتنازل هذا للمأمون عن إحدى المكتبات الشهيرة في القسطنطينية وكان من بين ذخائرها كتاب بطليموس في الفلك، فأمر المأمون بنقله فوراً إلى العربية.
أنشأ المأمون في بغداد -بيت الحكمة- الذي كان يحوي المجمع العلمي ومرصد فلكي ومكتبة عامة أقام فيها طائفة من المترجمين الذين أغدق عليهم الأرزاق من بيت المال.
وكذلك أرسل المأمون البعثات إلى بلاد الروم للحصول على الكتب، وحسب قول صاحب الفهرست: أن المأمون كان بينه وبين ملك الروم مراسلات عديدة وقد كتب إليه حول إرسال من يختار من العلوم القديمة وغيرها المخزونة لديه، فأجابه ملك الروم بعد تردد، فأرسل المأمون لذلك جماعة، منهم الحجاج بن مطر وابن البطريق وسلمان صاحب بيت الحكمة فأخذوا مما وجدوا وما اختاروه، فلما حملوه إليه أمرهم بنقله فنقل..
وعلى مايبدو أن المأمون أرسل أكثر من بعثة إلى القسطنطينية وبلاد الروم للحصول على كتب بحاجة إليها حيث يستفاد من أخبار حنين بن اسحق أيضاً أن المأمون قد أرسله للبحث عن الكتب النادرة في بلاد الروم.
إن مايميز حركة الترجمة في عصر المأمون أن هذا الخليفة أحسن تنظيمها وجعلها مرجعاً ومنشطاً رسميين في الدولة، وأنفق من أجلها الأموال الطائلة. وقد ساهم في هذا النشاط حنين بن اسحق الذي نال ثقة وإعجاب المأمون وجعله يعطيه من الذهب، كما يروي، زنة ماينقله ويترجمه من هذه الكتب إلى العربية مثلاً بمثل. وقد بقي قسم كبير من هذه الكتب إلى زمن أبي أصيبعة (القرن السابع الهجري) التي رآها بنفسه وحدثنا عنها.
أما بيت الحكمة فكان بمثابة كلية علمية، قُسمتْ إلى أقسام متعددة منها:
- قسم الترجمة ويتألف من أقسام أصغر حسب اللغات الأجنبية السائدة حينذاك: اليونانية -والفارسية- والسريانية- والهندية.
-قسم التأليف.
-قسم للبحث الفلكي والمرصد.
وقد وضع هذا البيت بجميع أقسامه وفعالياته تحت إشراف عالم أو عالمين مع معاونين لهم، وممن تولى الإشراف على أقسام هذا البيت سهل بن هارون، الذي كان بالوقت نفسه أميناً لخزانة كتب المأمون الخاصة. وسعيد بن هارون الكاتب. ومن المنجمين في أيام المأمون حبش الحاسب المرزوي الأصل البغدادي الإقامة وله ثلاثة أزياج أولها المؤلف على مذهب السند- الهند. والثاني الممتحن وهو أشهرها وقد ألفه بعد أن رجع إلى متابعة الرصد، والثالث الزيج الصغير المعروف بالشاة، وأيضاً كتب غيرها.
ومنهم أحمد بن كثير الفرغاني صاحب المدخل إلى علم هيئة الأفلاك يحتوي على جوامع كتاب بطليموس( ).
ومنهم عبد الله بن سهيل بن نوبخت بليغ القدرة في علم النجوم.
ومنهم محمد بن موسى الخوارزمي. ومنهم- اليهودي الذي كان في زمن المنصور وعاش إلى أيام المأمون وكان له خطٌ قويٌ في سهم الغيب.
ومنهم يحيى بن أبي المنصور الذي كان أيضاً رجلاً فاضلاً كبير القدر.
ومن الأطباء سهل بن سابور ويعرف بالكوسج وقد تقدم في الطب في أيام المأمون وأيضاً جبرائيل الكحال.
وقد رتب بيت الحكمة على مثال مكتبة الاسكندرية الشهيرة من حيث الوسائل وطرق العمل والغاية والهدف، وقد استمر هذا البيت في العمل بعد المأمون، وإن كان قد فقد الكثير من نشاطه حتى زمن ابن النديم صاحب الفهرست( )، في منتصف القرن الرابع للهجرة، علماً بأن ابن النديم ألفّ كتابه الفهرست عام 377هـ وهذا يدل على أن عمل هذا البيت استمر طوال عهد العباسيين، غير أن هولاكو دمره سنة 656هـ عند احتلاله لبغداد.
وقد اقتدى بالمأمون في ذلك العهد وبعده كثيرون من رجال الدولة وأهلها الميسورون فازدهر سوق الترجمة وتوافد على بلاد العباسيين من كل حدب وصوب، من أنحاء الجزيرة والعراق وبلاد الشام وفارس وفيهم من السريان والصابئة( ) والنساطرة واليعاقبة والروم يترجمون الكتب من اليونانية والسريانية والفهلوية والسنسكريتية والنبطية إلى العربية.
وحسب قول أحد الرواة الثقات: ممن اهتم بإخراج الكتب من بلاد الروم مثل: محمد وأحمد والحسن بنوا موسى بن شاكر المنجم، حيث لبوا كل رغبة، وانفذوا حنين بن اسحق وغيره من المثقفين إلى بلاد الروم ليجيئوا بطرائف الكتب والمصنفات في الهندسة والفلسفة والطب والموسيقى والحساب وكانوا يمنحون جماعة الترجمة مثل حنين بن اسحق وحبيش بن الحسن وثابت بن قرة وغيرهم نحو خمسمائة دينار في الشهر للترجمة والّلازمة.
وجاء أيضاً في كتاب -شمس العرب تسطع على الغرب- لمؤلفته الألمانية سيغريد هونكه( )، مايلي: (إن أبناء موسى بن شاكر قاموا بإيفاد الرسل على نفقتهم الخاصة إلى بلاد الروم بحثاً عن المخطوطات الفلسفية والفلكية والرياضية والطبية القديمة. وكانوا يدفعون المبالغ الطائلة لشراء الآثار العلمية اليونانية وحملها إلى دارهم قرب باب التاج وهي الدار التي قدمها لهم المتوكل على مقربة من قصره في سامراء. وقد اتخذ المتوكل فيما بعد نفس طريقة المأمون فيما يتعلق بتجميع المترجمين وإرسال البعثات لتحصيل الكتب الواجب نقلها.
لم ينفرد ولدا موسى بن شاكر لوحدهم في هذا العمل، بل أصبح اقتناء المخطوطات وترجمتها إلى العربية هواية الأمراء والوزراء وميسوري القوم، فكانوا أثناء الترحال أو التجارة لا يتوانون في جلب مايروق لهم من هذه الكتب. ومن أشهرهم، الفتح بن خاقان- وعبد الملك بن الزيات الزير في بلاط بني العباس.
ولا يمكن نسيان الأندلس التي كانت موطناً للنقل والترجمة العلمية أو الثقافية إلى العربية بعد بغداد قبل أن تصبح موطن الكشف والإبداع في ميادين الآداب والعلوم والفنون.
فقد رعى حكام الأندلس حركة الترجمة وشجعوا عليها وعملوا على اقتناء الكتب ونقلها إلى العربية.
يحدثنا ابن أبي أصيبعة في حديثه عن ابن جلجل، أن أرميانوس ملك القسطنطينية (293-348هـ، 905-959م) عندما أراد أن يرسل هدية إلى الناصر عبد الرحمن بن محمد في قرطبة جعل من ضمن هديته- كتاب أدسقوريدس الذي يحتوي على وصف العقاقير النباتية باللغة الإغريقية فقدر الناصر هذه الهدية حق قدرها. ولما لم يكن في دولته من يحسن ترجمة هذا الكتاب من اليونانية القديمة إلى العربية، فقط طلب من أرميانوس الامبراطور نفسه أن يبعث إليه بمن ينقلها، فأرسل هذا الأخير إليه الراهب نقولا الذي وصل قرطبة عام 340هـ وقام بترجمة هذا الكتاب إلى العربية ولاسيما ما فيه من أسماء العقاقير.
الدور الثالث لحركة الترجمة -أشهر المترجمين-
اشتمل هذا الدور على الطبقة الثالثة من المترجمين ويبدأ من نهاية عام ثلاثمائة للهجرة. ومن بين المترجمين فيه.
- ابن يونس: ويروي القفطي أنه كان ببغداد في خلافة الراضي بعد سنة 932م-320هـ. حسان بن ثابت بن قره المتوفي عام 932م-360هـ.
- يحيى بن عدي المتوفي عام 974م-364هـ.
- أبو علي بن زرعة المتوفي عام 1008م-398هـ.
وكان أكثر ما يترجم من كتب هذا الدور، الكتب الطبيعية وكتب المنطق لأرسطو وأيضاً تفسير هذه الكتب التي قام بها الاسكندر الأفروديسي، بالإضافة إلى بعض الكتب الهندسية والعلمية.
وماهو جدير بالذكر، أن ما حصله العرب خلال تلك الأدوار من التراث اليوناني الثقافي وغيره، لم يصل إلى أوروبا إلا بعد حوالي أربعة قرون، أي بعد انحلال الدولة الإسلامية حيث بنى الغرب حضارته عليها وبعد أن أضاف العرب والمسلمون إلى هذا التراث ما ابتكروه ودققوه. ويثبت ذلك ما نجده حالياً مسجلاً للعرب والمسلمين في الكثير من دوائر المعارف العالمية كشاهد لفضلهم( )
وقد برز في هذا العصر، ابن سيناء الفيلسوف والطبيب( ) والطبري الطبيب المشهور وأيضاً تلميذه محمد بن زكريا الرازي( ). وفي تاريخ القفطي من الروايات ما يحقق شغف العرب والمسلمين بالعلم والمعرفة. منها:
حكى يحيى بن عدي قال: عرض عليّ شرح الاسكندر الافرودسي على كتاب: سمع البيان، وكتاب البرهان بمائة دينار وعشرين دينار فمضيت لإحضار الدنانير، ثم عدت، فأصبت القوم ووجدتهم قد باعوا الشرحين في جملة كتب على رجل خراساني بثلاثة آلاف دينار.
وحكى يحيى بن عدي أيضاً قال: ألتمست من إبراهيم بن عبد الله الناقد النصراني نصوص: -سوفسطيقا، والخطابة- والشعراء- بنقل حنين بخمسين دينار، فلم يبعها، فأحرقوها وقت مماته.
ويعلق القفطي على ذلك قائلاً: انظر مدى همة الناس في تحصيل العلوم، والاجتهاد في حفظها. وكان ذلك في منتصف القرن السابع الهجري، حيث كانت الحركة العلمية فتية ومزدهرة، رغم ما أصابها من تمزق وتدهور سياسي.
وعن ابن سيناء قيل: أنه لما قدم بخارى لعلاج السلطان نوح بن منصور قال: سألتُه الإذن في دخول دار كتبهم ومطالعتها وقراءة مافيها، فأذن لي، فدخلت داراً ذات بيوت كثيرة، وفي كل بيت صناديق كتب منضدة بعضها على بعض.
وجدت في بيت: الكتب العربية وكتب الشعر، وفي بيت آخر وجدت كتب الفقه. وهكذا في كل بيت كانت الكتب المفردة. وبجانبها طالعت فهرست كتب الأوائل.




المصادر والمراجع:

- من كتاب " الترجمة في خدمة الثقافة الجماهيرية – تاريخها – قواعدها – آثارها – وأنواعها"، ترجمة وإعداد وتحقيق عبدالله العيس، منشورات إتحاد الكتاب العرب، 1999م.