يا إلهي .. الأرض تدور !!
قصة للأطفال
بقلم : كريمة منيفي
لمَ تحملقين فيَّ هكذا ، إذهبي عني الآن لا مزاج لي لأداعبك .....
- هذا الكتاب يقول أن الكرة الأرضية تدور، هل لكِ أن تخبريني كيف؟ طبعاً لا تستطيعين، فأنتِ لا يهمك غير الأكل و اللعب و ملاحقة الفئران ..
أعادت نور النظر إلى الصفحة نفسها و تأملت صورة الكرة الأرضية من جديد و مطت شفتيها الصغيرتين و انطلقت روحها في الفضاء الشاسع الذي ترامى لناظرها من خلال النافذة، لم تتخيل، رغم سعة خيالها، أنها تقطن بيتاً يشغل حيزاً من الكرة الأرضية، و يدور كل دورة مع الأرض سواء حول نفسها أو حول الشمس دون كلل ولا ملل، و لا يستطيع أن يخالف هذه النواميس التي تلزمه بالامتثال دون التساؤل، و لو فكر يوماً أن يعاكس هذا القانون لما بقي على خارطة الكون ..
أقفلت نور صفحات الكتاب بهدوء و أطلقت العنان لخيالها ليجوب الأرض و السماء بحثاً عن تفسير لذلك .. رجع صدى تفكيرها بتساؤلات جديدة .. أثقلت كاهلها
و صرخت بعصبية :
- لو أعلم فقط كيف تدور الأرض ولا أشعر بها ؟!
ضحك أبوها ضحكة هادئة حينما تناهى إلى مسامعه سؤال نور .. وقال :
- كم أحبك يا نور ، أنتِ فعلاً رائعة !
قالت بعصبية ممزوجة بالدهشة :
- ما يضحكك يا أبي؟
- أنا سعيد بكِ يا نوري لانك كبرت، و بدأتِ تفكرين فيما حولك في الأرض و الكون و الفضاء، في هذا المد اللامتناهي.
- هل الأرض تدور فعلاً يا أبي؟
- و هل عندك شك يا نور؟!
- أبي لقد استوقفتني جملة في الكتاب تقول أن الأرض تدور .. لم أتخيل ذلك ابداً . ألا تراني أمامك .. لا أتحرك و لا أدور .. ولا أشعر بدوار .. فكيف ذلك؟
- سأخبرك أنتظريني لحظة ..
جلست نور على حافة الكنبة مالت قليلاً و فقدت توازنها .. وسرعان ما اعتدلت .. و حدثت نفسها قائلة بدأت اشعر بحقيقة الأمر !
كان والدها قد ذهب إلى غرفة المكتب ليحضر مجسم الكرة الأرضية، و سرعان ما عاد به .
- هذه هي الكرة الأرضية يا نور ..
- أتريد أن تقول لي يا أبي أن الأرض التي نعيش عليها هي هذه الكرة ؟
- و هل تعتقدين أنها غير ذلك.
- ربما .. لكن أليس غريباً أن نعيش على سطح كرة؟!
- لكن الحقيقة أننا نعيش على سطحها و هي كرة يا بنيتي كهذه بالضبط، و ما يجعلنا لا نشعر بالدوار، هو أن الكرة الأرضية تدور بسرعة هائلة، كما و أن الجاذبية تمنعنا من السقوط في هذا الفضاء الواسع ..
ارتسمت على وجه نور الدهشة و قالت :
- الجاذبية ! و ما حكاية الجاذبية يا أبي؟
- هذه حكاية أخرى، سأحدثك عنها حين عودتك من المكتبة ، فالآن جاء موعد زيارتك للمكتبة .. و موعد ارجاع هذا الكتاب الذي جعلك تشعرين بالدوار.
- بل جعلني أعرف أن الأرض تدور .. سأذهب يا أبت وبشوق إليك ( وإلى الجاذبية ) بإذن الله سأعود .
...
المفضلات