تفاعل الطفل مع الاقران ينمي علاقاته الاجتماعية


هاشم سلامة -
ان الطفل ذا النمو الطبيعي والتدرج العمري هو بالضرورة ذلك الطفل السوي الذي بطبعه وبفطرته الانسانية بحاجة الى الرفاق والاقران، وبحاجة الى بناء علاقاته الاجتماعية معهم. وتُعرّف مجموعة الاقران بأنها جماعة اولية تمتاز بالتماسك وعلاقات المودة، وتتكون من اعضاء متساوين في المكانة العمرية والمدرسية والميول والهوايات، ولهذا تعتبر جماعات اللعب عند الاطفال جماعات صداقة كونها متحررة نسبياً من تدخل الكبار وسيطرتهم.. وتمتاز جماعة الاقران او الرفاق بأنها قائمة على المودة والقيم المشتركة والمستويات المتشابهة للسلوك وتمتاز بأن الاتصال فيما بينها يكون واضحاً ومباشراً، وانه من الطبيعي ان تبدأ تكتلات الاقران في الحي المشترك الذي يجمعهم فنراهم ينشئون فريقاً بدائياً لكرة القدم ويتوزعون المهام والادوار.. ومن ثم نراهم متآلفين وموحدين في نادي البلدة او المدينة.. وفي معسكر التدريب الصيفي، وفي المدرسة.. وكثير من هذه المجموعات ينشأ بين الاطفال الأقارب خصوصاً في البيئة الريفية.
وتظهر الحاجة الاجتماعية لدى الاطفال بالانتماء الجماعي والتجمع في مجموعات قبيل المدرسة .. بدءاً باللعب والاتصال التعاوني فيما بينهم.. وتبدأ الحاجة للأقران ما بين السنة الثانية والثالثة من العمر، وفي هذه المرحلة لا تتجاوز الحالة تبادل الابتسام والمداعبة وتبادل بعض ادوات اللعب. ويعتمد التفاعل مع الاقران على مستوى النضج الذي وصل اليه الطفل من حيث النضج الجسمي الفسيولوجي ثم النفسي والعقلي والاجتماعي، وقد دلت الدراسات على اطفال ما قبل المدرسة انهم يميلون الى تكوين علاقات اجتماعية مع ابناء جنسهم اكثر مما هو مع الجنس المختلف.. كما ان التشابه في العمر الزمني والنشاط الاجتماعي والبدني ومستوى الذكاء وتشابه الميول والاتجاهات.. تؤثر جميعها في تكوين العلاقة بين الاطفال.. وآلية عقد الصداقات فيما بينهم.
ومن مميزات جماعة الاقران:.
1- انها تتألف من ذوي الاعمار المتقاربة.
2- تحقق الرغبات الداخلية للطفل بالانتماء للجماعة.
3- تتألف من ذوي الميول والهوايات المتقاربة او المتشابهة.
4- تمتاز بحب الظهور والتميز على الجماعات الاخرى من احياء اخرى.
ومن تأثير الجماعة على الطفل:.
1- تقوم بدور ايجابي في عملية التنشئة الاجتماعية لدى الطفل.
2- لها تأثيرها في النمو النفسي والاجتماعي للطفل.
3- وتعطي الفرصة للطفل للقيام بأدوار اجتماعية متعددة لا تتيسر له خارج الجماعة.
4- تفيد في تمكين الطفل من النمو المتكامل.. فجسمياً عن طريق اتاحة النشاط الرياضي، وعقلياً عن طريق ممارسة الهوايات.. واجتماعياً عن طريق اوجه النشاط الاجتماعي وتكوين الصداقات.. وانفعالياً عن طريق نمو العلاقات العاطفية.
وبما ان جماعة الاقران تتكون من افراد متساوين ومتشابهين في امور كثيرة فانها تعطي افرادها فرصة لتعلم العلاقات المتساوية في حين ان هذه الفرصة لا تتاح في الاسرة بمعزل عن جماعة الاقران، ففي الاسرة يكون الطفل تابعاً للاخ الاكبر... والأب .. والجد بينما في جماعته يكون متساوياً معها، وهذا ما ينمي شعوره بالاستقلال الشخصي عمن هم اكبر منه في اسرته ومن هم في موقع السلطة عليه.. وكذلك تساعده مكانته في الجماعة على التخلص من الرقابة الاسرية والتحرر من سيطرتها وربما سطوتها.
ولذلك كانت جماعة الرفاق بمثابة عالم تجريبي وتدريبي يملأ الثغرات التي تغفلها المؤسسة الاسرية والمدرسية.
وتعمل مجموعة الرفاق على اكساب الطفل بعض الاتجاهات الاجتماعية، كما انها تحدد وترسم له مكانته الاجتماعية التي ينشدها وتشعره بأهميته، كما انها تتيح له تحمل المسؤولية الاجتماعية من خلال ممارسته للدور الذي تحدده له الجماعة.. وبهذا يتفتح امام من عندهم صفات قيادية طريق القيادة لهذه الجماعات.. كما ان الجماعة تنمي عند الطفل التعرف الى حقوق الآخرين والاعتراف بها ومراعاتها.
ويبقى ان يقال بأن على الاسرة ان تشجع انتساب طفلها للجماعة اذا كان ذلك الانتساب سليماً ويسير في نمطه وتدرجه الطبيعي.. وعليها ملاحظة سلوك طفلها وتطور مفاهيمه وعقليته.. وفي حال كانت ايجابية وتسرها فلا بأس من الثناء والثواب حتى يشعر الطفل بأنه يسير في الطريق الصحيح، وان سلطة الاسرة ما عادت كابوساً وقيداً على حياته.. وعلى الاسرة ان تراقب بعين الحكمة لتكون على دراية بأفراد مجموعة الرفاق التي ينتمي لها طفلهم من حيث السلوك والتطور.. والفائدة من هذا التجمع البدائي البسيط والذي في حال نجاحه يخلق من الطفل كائناً مدنياً اجتماعياً طموحاً.. وفي حال غير ذلك، على الآباء ان يتدخلوا في اللحظة المناسبة.. حتى يجنبوا طفلهم الانزلاق في مهاوي جماعة ليست على سوية اجتماعية سليمة.