مما لا شك فيه أن الجذور الحضارية للغرب اليوم مستمدة من الحضارة الإغريقية و الرومانية القديمتين وإن البحث في تاريخ اليونان " الإغريق " عندما تحركوا على ضفاف الدانوب في إتجاه موطنهم الحالي كان ذلك بعد بناء الأهرامات بحوالي ألف سنة على أقل تقدير و بدأوا كمحاولة للتفكير بصورة متميزة قبل الميلاد بنحو خمسة قرون فقط و قد تعلموا قواعد الحياة و استعمال الأدوات متأثرين بالإيجيين الذين نقلوا ذلك عن العرب في بابل و صيدا و صور و مصر وتؤكد الأساطير اليونانية القديمة هذه الحقيقة العربية لبدايتهم فمثلا تقول الأسطورة إن الإلاهة أوروبا ابنة ملك صور التي اختطفها زيوس إإلاه اليونان عندما ظهر على شكل ثور و هرب بها ليتزوجها ومن ذلك فالمدن المشهورة في الحضارة اليونانية ومن بينها طيبة هي مدن عربية بالتسمية فقد اختاروا أسماءها على أسماء أبناء ملك صور الذين أرسلهم وراء ابنته للبحث عنها.
ثم إن اليونانيين لا يزالون يشهدون بطريقة نطقهم للحروف الأبجدية أنهم تعلموا الكتابة من مخترعيها الأولين وهم العرب لهذا فالحضارة العربية أوغل قدما و أصالة من الحضارة الغربية ذات الأصول الوثنية ولذلك دأب الغرب على العدوان على العرب حتى بعد أن جاءتهم المسيحية دين المحبة والتسامح في الأصل فأمسكوها بالمخالب حين لم يستطيعوا الإنفتاح عليها بالقلوب و العقول وقد حفظوا من الدين الشعارات
و أهملوا الجوهر و لذلك استغلوا الدين كما استغلوا مناجم الذهب و الفحم و الحديد و أشجار الغابات لذلك استحال علم السلام في المسيحية في التطبيق الأوروبي إلى تكريس لمظالم الملوك وعصمة الكهان وقهر الفلاحين حتى تبدد نور المسيحية في أوروبا قرونا طويلة في ظلمات محاكم التفتيش و أوهام صكوك الغفران ومآسي تقتيل العلماء وإحراق كتبهم ومصادرة العلم وامتهان حقوق المرأة وعلاقات الأسرة وحقوق الشعوب ثم انتهى كل ذلك آخر الأمر إلى موجة من الحقد و الجشع تحت راية المسيحية –كذبا و تضليلا –خلال قرنين من الحروب الصليبية العدوانية على المشرق العربي وفي العصور الحديثة يتكرر الشهد ضمن الموجة الإستعمارية الحديثة والتي لاتزال متواصلة بأشكال متعددة منها احتلال العراق والتهجم على الرسول عليه السلام عبر تلك الرسوم الآثمة .
وكذلك استحال المنهج العلمي التجريبي الذي حمله العرب المسلمون إلى أوروبا آخر الأمر إلى علم مجرد من الإيمان محكوم بهوس العدوان ثم إلى ثورة صناعية وتقنية قام على دعائمهما النظام الرأسمالي الغربي بكل طغيانه على الشعوب وليصبح قاعدة ارتكاز للصهيونية العالمية و الإستعمار ومنطلق خططهما لإعادة تشكيل العالم على أساس سادة و عبيد , أبيض و ملون و شمال و جنوب والنتيجة لكل ذلك و منذ قرنين من الزمان أي عند سيادة هذه الحضارة على العالم ظهرت أكثر النتائج مأساوية من الحروب الكثيرة التي راح ضحيتها ملايين من البشر من أجل الإستعمار والإستغلال لثروات الشعوب إلى حد إبادة البعض منها كالهنود الحمر في أمريكا والإستعمار الإستيطاني في فلسطين محافظة على المصالح الغربية .
هذا بالنسبة لشعوب العالم الثالث المغلوبة على أمرها فماذا بالنسبة للآثار المدمرة لهذه الحضارة بالنسبة للغربيين أنفسهم ؟حيث العلاقات الأسرية المدمرة والتفكك العائلي والإنحطاط الأخلاقي وانتشار البطالة وتفاقم جرائم السرقة و القتل و الإنتحار والإغتصاب إضافة إلى تدني مستوى التعليم و الصحة و النقل إضافة إلى كثرة المخدرات و الإدمان على الكحول وانتشار الزنى وغيره من بذور انهيار هذه الحضارة .
هذا بالنسبة للحضارة الغربية وكيف تعاملت مع الدين و العلم و أسباب القوة حيث حولتها إلى أدوات للقهر و لكن ماذا عن الحضارة العربية الإسلامية §