آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: جردٌ لعام المآسي - د. شاكر مطـلق

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية الدكتور شاكر مطلق
    تاريخ التسجيل
    01/04/2007
    العمر
    86
    المشاركات
    259
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي جردٌ لعام المآسي - د. شاكر مطـلق

    جردٌ لعام المآسي

    د. شاكر مطلق

    منذ أن استقر الإنسان في الأرض وأخذ في بناء المأوى فالقرية فالمدينة - المملكة ، ومن ثمّ بنى المالك فالإمبراطوريات فالجمهوريات الحديثة ، وصولاً إلى بناء منزل له يضمه وأسرته ليصبح مملكته الخاصة به ، منذ كل هذا وهو يضيف إلى مجريات حياته القيودَ تِلو القيود ، وهي مختلفة الأنواع والأشكال : ... ومنها قيد الزمن ، وتراه يلهث وراء السيطرة عليه وضمه إلى لوائح وجداول وأشكال أخرى من التأريخ يأمل منها أن تسهم في تنظيم حياته ، ليجد نفسه دوماً أمام عدد كبير من هذه الأشكال والقيود التي تكاد تفقده توازنه ، وربما صوابه أيضاً .
    هناك شعوبٌ اعتمدت التقويم الشمسي وأخرى القمري ، وفي الصين واليابان وجنوب شرق أسيا بعامةٍ ، أعطوا للأعوام أسماء غريبة قادمة من عالم الحيوان ( سنة القرد الذهبي والحصان الجامح والتنين الخ... ) ، ومنهم من ابتدأ التأريخ كلّ مرة من جديد مع وفاة قيصر واستلام الحكم من قبل قيصر جديد ( اليابان ) ، وهناك من اعتمد التأريخ الميلادي المسيحي ، سواء القديم الجولياني أو الآخر الغريغوري المستعمل الآن مدنياً في معظم أصقاع العالم، وهناك التأريخ الهجري الإسلامي ، والفارسي القديم والسّلوقي والعبري ... وغير ذلك الكثير الذي لا مجال للخوض فيه هنا الآن ، طالما أن كل هذه الأشكال تفضي ، في النهاية ، إلى مفهوم السنة ، مهما اختلفت بدايتها وكانت نهايتها وطولها .
    إذن لا بد من إجراء ( جرد ) سنوي للسنة أو العام ، سواء بالنسبة للدول أو المؤسسات والشركات ، أو بالنسبة للأفراد والتجار وغيرهم ، فالمطلوب هو معرفة ما مضى خلال العام وموازنة الربح والخسارة ، وما قد يكون تبقى في المستودعات أو في جيوب الأفراد .
    إذا سألنا المواطن العربي الذي يصفونه بالعادي ، ولا أدري ماذا تعني هذه الإضافة وكأن الآخر
    ، غير العادي ، ينتمي - حسب مفهوم الفيلسوف الألماني العبقري " فريدريش نيتشهْ " ، الذي انتهى به الأمر إلى الجنون - إلى ذلك الصنف المتفوق من البشر الذي أطلقَ عليه اسم " سوبرمان " _ أوبر مِنْش _ والذي لا علاقة له بذلك السّوبرمان الأمريكي - الهوليودي ، أقول إذا سألنا المواطن ( العادي ) هذا عن نتيجة ( الجرد ) السنوي عنده ، فماذا عساه يعلِمنا يا تَرى ؟!
    - على صعيد الحياة اليومية سوف يعلمنا عن الخلل القائم والحاد بين ما يدخله من عمله ، سواء كموظف أو كعامل شريف كادح أو كحِرْفيّ أو حتى من أصحاب المهن الحرة ، وبين ما يترتب عليه أن ينفقه على نفسه وأسرته من أجل أن لا يسقط تحت خط الفقر – كما يقال – أو يسقط في شَرَكه المخيف ، وذلك في دول ليست فقيرة أصلاً ، لينتهي به الأمر إلى نبش حاويات القمامة أو الاستجداء ، وربما السقوط في حبال إغراءات الوصول إلى المال بطرق ملتوية وربما إجرامية .
    كما أنه لن ينسى ، طبعاً ، معاناته اليومية في سبيل الوصول إلى رغيف جيد ، أو اسطوانة غاز أو بعض
    ( المازوت ) لمنزله أو عمله .
    هذه الأمور التي تعتبر من بدهيات الحياة ، ولا أتحدث هنا عن ( الجوال ) العجيب ، وفواتيره الخيالية عندنا - كما أسمع - ولا عن السيارة والهاتف المنزلي وغيرها من الأمور التي تعتبر أيضاً من مقومات الحياة العصرية ، حتى في الكثير من بلدان " العالم الثالث " ، في الوقت الذي يرى فيه أن ( المازوت ) مثلاً أصبح قادراً على تغيير الخارطة الجغرافية والاجتماعية ، بعد أن أحال مناطق واسعة من القرى المحيطة بالمدينة أو البعيدة عنها ، في الداخل ، إلى مناطق حدودية بحجة منع التهريب ، والمسؤولون أدرى تماماً بالطرق الحقيقية التي تفضي إلى قمع هذه الظاهرة ، دون المساس بحق المواطن ( العادي ) الشريف المسالم بالحصول على جرعة منها تسد ظمأ المدفأة في منزله أو حتى في المدارس وفي العمل ، ولكنهم في كثير الأحيان لا يفعلون شيئاً حقيقياً رادعاً حيال هذا.
    إذا سألنا هذا المواطن الآن عن نتيجة جرده السنوي لأحداث جرت على مستوى الوطن والأمة والإنسانية ، بعيداً عن مشاكل الحياة اليومية ، وما أكثرها ! ، فماذا عساه يقول يا تَرى:
    - على الصعيد الوطني سوف يعلمنا عن سروره بأن الوطن ظل متماسكاً أمام الضغوط القوية الداعية إلى إركاعه وإبعاده عن مواقفه الوطنية الثابتة في السيادة وفي حق الدفاع المشروع عن النفس ودعم صمود الشعب الفلسطيني الجبار المهدد بالإبادة والموت جوعاً وعطشاً ، في الظلام ،حتى لا تراه عيون ( الأخوة) الساهرة – كعين الرب الفرعوني حوروس – على سلامته وسلامة الأوطان أيضاً.
    - كذلك نجده معنياً بدعم استقلال العراق ووحدته ، شعباً وأرضاً ، التي تتعرض لهجوم إمبريالي شرس ، مستخدمة الغريب وغير الغريب و( أبو غريب ) من أجل القتل والدمار والتخريب ومحو الذاكرة الجمعية واللغة والهوية ،ومن أجل القيام بأمور ، يخجل الكائن البشريّ منها ومن أن يكون مثل هؤلاء بشراً حقاً،ليمارسها في العلن ووراء قضبان السجون ، ناهيك عن نهب الثروات وتخريب البنى التحتية الاقتصادية والاجتماعية في أكثر من موقع عربي وغير عربي .
    كما أنه سيحدثنا عن ضرورة إعطاء الشعب كافة الحقوق المدنية ، التي كفلها له الدستور ، ليشارك فعلاً في عملية بناء الوطن وفي الدفاع عنه ، لأن الإنسان الحر وحده والسيد في أرضه هو الأقدر على فعل هذا وفي ( أثينا ) القديمة كان الأحرار فقط ، الذين يسلِّحون أنفسهم بأنفسهم ومن أموالهم الخاصة ، هم المدعوون إلى الانتخابات وإلى الحروب دفاعاً عن ديمقراطية ( أثينا ) ووجودها .
    -الجرد السنوي الشامل سوف يكشف له أيضاً عن وجود طاقات وثروات حقيقية في هذه الأمة ، مختلفة الأشكال والقوة ، غير موظَّفة بعد في عملية البناء ، بناء الحياة الكريمة والرغيدة ،وفي الدفاع عن شرف الوطن والأمة بشكل صحيح وكاف وأمين ، وأن لا بد من إزالة كل العوائق أمامها لنسير جميعاً في طريق وحدة الأمة والعمل من أجل رقيّها وسلامتها والدفاع عن وجودها ، فهي أمة تستحق حقاً أن تحيا وتعيش بعزة وكرامة ، وأن يكون لها مكان لائق تحت الشمس بين الأمم.
    -أما على الصعيد الإنساني ، فكأنّ ما جرى ويجري على الكوكب الأزرق ، كوكبنا ، وفيه من المآسي والنكَبات ، طبعية كانت أو غير طبعية ،الكثير ، لم يكفِ هذا الكائن ( العادي ) المعذب فاختتمت العامَ السابق بمأساةُ " الطوفان الكبير " في جنوب شرق آسيا، هذا الطوفان الذي لم يغير فقط من طبوغرافية المنطقة الجيولوجية والبشرية فحسب ، وإنما أزاح أيضاً محور الأرض قليلاً .
    أما العام الحالي المودّع فقد افتُتِحَ بالمزيد من الكوارث والدمار والمعاناة والقهر والقمع والجوع ...، وبخاصةٍ على التراب والرمال العربية ، لنراه يقترب من نهايته بالانفجار المالي الهائل المنطَلق من وكر الرأسمالية العالمية في بلاد " العم سام " ، الذي يشبه انفجار وانهيار نجم عملاق ( سوبرنوفا ) ،ولم تصل شظاياه ، بَعدُ ، إلى كافة أرجاء الكوكب المنكوب هذا، وكأن كلّ ما يعانيه الإنسان المعذّب لا يكفي ، وأعني من له روح وقلب وضمير ومعدة أيضاً، وليس أولئك الذين أوصلوا البشرية وقيَمها الإنسانية الرفيعة إلى شَفير الهاوية ، وهم ما زالوا يحدثونك عن التطور والتقدّم والعَولمة وعن ضرورة الديموقراطية لكَ- التي داسوا قيَمها في كل جهات الأرض وما زالوا يدوسون، بينما نظرة حولنا تكفي لتفنيد مزاعمهم الخبيثة ، والحديث في هذا يطول ، ولا سيما بعد وصول ( موجة الشاطئ العملاقة : تسونامي ) إلى شواطئ البيت الأبيض حاملة معها أول وجه أفريقي المنشأ إلى هرم السلطة ، وآمل ألاّ يكون مشابهاً لتلك الحية السوداء،شديدة السُّمية ، التي ستخرج من باب الخارجية مع رئيسها الأهوج إلى المستنقعات أو مزابل التاريخ.
    برغم كل هذا وذاك ، آمل لجميع البشر وبخاصة المعذبين منهم سنة جديدة أقل مأساوية وأكثر سعادة وسلاماً، وأن يظلوا صامدين مناضلين من أجل نيل حقوقهم وحريتهم وكرامة إنسانيتهم أيضاً ، وهناك مثَلٌ ألمانيّ يقول : " مَجداً لكلّ ما يزيدنا صلابةً " .
    -------------
    حمص – سورية 12/2008 E.-Mail:mutlak@scs-net.org

    حمص – سورية / Homs-Syria
    بغطاسية – شارع ابن زريق 3
    هـ : عيادة (Prax.) 2222655 31 963 +
    ص.ب.( 1484) P.O.B.
    E-Mail:mutlak@scs-net.org

  2. #2
    ممثل واتا في القاهرة
    تاريخ التسجيل
    10/02/2009
    العمر
    64
    المشاركات
    18
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: جردٌ لعام المآسي - د. شاكر مطـلق

    ونحن نأمل كذلك يادكتور

    ربنا يبارك فى قلمك وكتاباتك

    تحياتى وتقبل مرورى

    طه عرفه
    القاهرة


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •