عندما تسقط القطرة
(المستحة كـَـطرة)مثل عربي متجسد السلوك والممارسة عند الغيارى وأهل المرؤة, من يخالفه يهوى في ظلام المسميات والافعال المشينة. له شواهده من السنة المطهرة بقول الرسول(ص):إن لم تستحي فاصنع ماشئت.
فعلى عتمة مغادرة الشرف أخلاق المرء تـُثمر شجرة خبيثة في قلبه تتصف بكل المتضادات من ممارسات وحض على ممارسات تزين له سوء عمله.فاهتزاز القيم الانسانية التي جبل الله عليها سليقة النفس السليمة تدفع بابن آدم الى شرعنة الخطأ وحفظه ضمن إطار مرجعي بهالة من القانون الوضعي المبتدع تحت مسميات عديدة يخصنا منها (الحرية) و(مكافحة الارهاب)استبدالا لـ(وأد المقاومة) لـَيّـاً بالمعاني ،تماشيا مع الايديلوجيات العائمة والطاغية على مفردات العصرالرأسمالي الأمريكي الجديد.
سؤال كثيرا ما يجول العقول ويتردد على الألسن في الشارع العربي والعراقي خاصة والاسلامي عامة.لماذا ترفض بعض الاطراف العراقية الانخراط بالعملية السياسية التي شرعنها المحتل ؟!
ان الجواب يكمن بكلمات قلائل تحاكي منطق العقل والشرف المفقودين إلا في اصحاب المبادئ الراكزة المستنبطة من ثوابت فكرية تاريخية عقائدية من المحال لـَي نصوصها المتواترة. فمن عادة المحتل البحث عن صغار يعملقهم لايرون ابعد من انوفهم ولايشمون الا رائحة عطاياه ولايسكنون الا جحوره التي يحفرها لهم أنّى وكيفما يشاء اكان في المنطقة الخضراء او الحمراء.فهذا هو(c.v.)من يود اللحاق بركب الأفاعي والثعالب.
وتماشيا مع الحكمة الازلية (شبيه الشيء منجذب اليه) ،لاسيما اذا ماشُمّموا الاخضرالامريكي($) المغمس بدماء العراقيين،وجدت الولايات المتحدة في العراق ماتشتهيه من هذه الاصناف وبكل الوان طيف الغـدر الاسود الممتزجة بدخان البترول المحروق معلنين استعدادهم للعمل الدؤوب ليلا نهارا لخدمة سيد البيت الابيض الذي يدفع من(جيب ابوه). اما شرفاء القوم فمالهم الا الموت او الهرب او دهاليز السجون واصوات (الدريل)تخترق العظم وتقـرمش اللحم المحترق.
هذه هي المعادلة التاريخية والعلاقة الابجدية التي تربط مابين الرافض والمرفوض،مابين الشريف والخسيس،مابين المحب والكاره. وبهذا يكون من المنافي لمنطق العقل والفكر الانساني الصحيح أن يمد الشرفاء يد العون للقتلة والخائنين الذين تلوثت جيوبهم بصراخ وعويل الابرياء،مهما كانت الحجج والمكاسب المتوقعة لعلمهم اليقيني بان قوى الاحتلال لاتملك إلا قصبة تشفط بها خيرات البلد وبندقية النار والقتل والجوع والفاقة لأهله.
ولاينفك التاريخ عن ذكر المواجهات العسكرية والسياسية مع كل قوى الاحتلال مهما تعددت وتنوعت أشكاله وصوره،حتى وإن كان هناك تقارب فكري او ثقافي مابين الطرفين ،فما بالك بكل التناقضات مابين الغرب الرأسمالي الصليبي المستغـِل المتمثل بالولايات المتحدة ،والشعب العراقي الشرقي المسلم المعروف بتاريخه المشرف في مواجهة العدوان حتى صار شاهدا لقبورالغرباء.
إن ضبابية الصورة لما آلت عليه الأمور في العراق ، خلقت نظرة مماثلة لدى العديد من مفكري العالم،وخاصة العالم الغربي كنتيجة طبيعية لصعوبة التواصل المباشر والتماس مع ارض الواقع جراء القيود والمخاطر(المتعمدة) التي تحيق بمن يريد أن ينيط اللثام عن جرائم الاحتلال وحكومته (المنتخبة)،لاسيما عقب الاحصاءات الرسمية التي تظهر حجم العنف وطبيعة الضغوط التي يتعرض لها كل من يريد الامساك بخيوط الحقيقة،خاصة هؤلاء الاعلاميين الغربيين باعتبارهم توابع قمرية تدور في فلك الاعلام (الحر نسبيا)،على غير الإعلام العربي الموجه خلافا لمطامح جماهيره العريضة.
ففي العراق اختلفت طبيعة وشكل وحجم الجرائم واخذت منحى خاصا بها.وفي العراق صار الاعتقال من قبل قوات احتلاله أهون بكثيرو(أرحم)من اعتقال اجهزة الحكومة الأمنية(الأمـّية)بعناصرها الذين سقطت قطرة الغيرة من فوق جباه بعضهم،حتى ذهب الكثير من ذوي المعتقلين الى نحر الجزور فرحاً باعتقال أبنائهم من قبل قوات الاحتلال.!فعلى الاقل يعرفون اماكن أولادهم مطمئنين على حياتهم (خيراً) من نبش المزابل والبحث في ثلاجات الموتى -المحفوف بالمخاطر- اذا مااعتقلوا من قبل الميليشيات الحكومية الرسمية.
هذا والحق يقال! إن الاحتلال حقق اهم انجازاته الجديدة في تاريخ البشرية بهذا الحجم والعمق المنقطعي النظير،حتى ان (محمود المشهداني)رئيس البرلمان العراقي لم يجد بُدّاً من القول(أن ثلث البرلمانيين هم اصحاب ميليشيات مسؤولة عن اعمال القتل والتطهير العرقي والطائفي في العراق).
والواقع يشي بالقول،ان اهم انجازات الاحتلال الامريكي للعراق كان ترجمة برلمانية (لقيطة ومشوهة) وفق ماتبتغيه المنظمات الماسونية وتشتهيه في سلة (أصحاب القطرة الساقطة)،الامر الذي ذهب برئيس الوزراء(نوري المالكي) الاسراع في تكريم المغتصبين من الحرس الوطني لفتاة عراقية (من رعاياه)حتى قبل استبيان نتيجة التحليل الطبي ،كيدا بالوطنيين من ابناء العراق السليب.!؟
وهذه ايضا تعتبر سابقة نوعية في تاريخ السقوط الاخلاقي الذي جاء بمفرداته الاحتلال الامريكي،ناهيك عن أعاصير الفقر والفاقة والأوبئة التي لاتتورع حكومة(المباني المسروقة)عن تكذيبها قبل ان ينشف حبر صفحاتها كعادتهم،بالاضافة الى التعامل مع الشعب بعنصرية وفوقية نابعة عن فراغ ثقافي لأغلب العناصر المكونة لتلك الحكومة.
ماسبق كان صورة مقتضبة للانجازات الاخلاقية العظيمة المقتبسة من (دساتيرالاحرار)في المنطقة الخضراء المفعمون بحب هذا اللون المطرز بالرقم100
اخيرا نسال الله أن يحفظ ماء وجه العراقيين البررة ويعينهم على بلواهم وكثرة محتليهم .

مروان الدوسري