قصيدة للشاعرة الإسبانية (روسياليا دي كاسترو) التي ولدت من أبوين مجهولين، وعاشت تعاني من عقدة فقدان الهوية، بالإضافة إلى أنها عاشت بلا زوج.. فكل من حولها يريدونها عشيقة.. لكنهم لا يريدونها زوجة.. ومن هذا الماضي المجهول، ومن الحاضر الضائع، كتبت كثيرا من شعرها الحزين الباحث عن طريق كريم للحياة دون جدوى.. وقصيدتها (أنشودة حب) نموذج لرغبة فطرية تسعى للخروج من التيه!
أيها القديس..
هب لي زوجا
حتى ولو قتلني
حتى لو سحقني
قديسي
هب لي زوجا ودودا
حتى ولو كان في حجم حبة الذرة
هبه لي يا قديسي
حتى ولو كان به ظلع في كلتا رجليه
ومقطوع اليدين
فإن امرأة بلا رجل
هي جسد بلا روح
عيد بلا حنطة
عصا رديئة
حيث تمضي
هي جذع مبتور
لكن حين يكون ثمة زوج
يا عذراء الكارمن
لا تقبل الدنيا لكي يستريح الإنسان
فإنه من الحسن دائما أن يكون ثمة رجل
كي يكون معينا حتى ولو كان أظلع
أو معوج الساقين..
وأخيرا يبلغ الإحساس بالضياع ذروته.. فتصرخ الشاعر:
أيها القديس..
هب لي زوجا حتى ولو قتلني
حتى ولو سحقني
فإنه من الحسن دائما أن يكون ثمة رجل كي يكون معينا
حتى ولو كان أظلع
أو معوج الساقين!!

إننا بالطبع لا نريد للمرأة زوجا أظلع معوج الساقين يضربها أو يقتلها، وإنما نريد لها زوجا كريما ودودا مؤدبا بأدب الإسلام وأخلاق الرسول - عليه الصلاة والسلام -، الذي كان يقول: (خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي.. ). لكننا - مع ذلك - لا نريد أن يفقد الرجل معنى رجولته، وأن تنافسه في دوره الذي هيأه الله له زوجته التي ينبغي عليها أن تتكامل معه لا أن تتصادم، وأن تؤمن بأن السفينة لا بد لها من قائد واحد.. وإلا غرقت، لكنه القائد الذي يستشير ويحترم إنسانية من معه وعقولهم.. وكم رأينا من بيوت تحطمت وأجيال تشردت نتيجة الصدام، أو سحب القيادة من الرجل لصالح المرأة.. واستسلام الرجل لهذا الواقع نتيجة ضغوط اقتصادية أو اجتماعية... فدفع الأبناء الثمن!!

ومن هنا تأتي القيمة السامية لتلك الآية التي تمثل علاجا حاسما لبعض الحالات الحرجة الاستثنائية جدا.. {فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن} [النساء: 34].. وهو ضرب محكوم بضوابط تفقده معنى الضرب المعروف في أذهان الناس.. وتجعله علاجا لا عقابا.

إن صوت الفطرة الذي صرخت به الشاعرة الكبيرة (روساليا دي كاسترو) هو إحدى الترجمات الإنسانية للمعنى المتألق في الآية الكريمة.. فحِفظ البيت، ووجود المرأة في ظل رجل يحميها من التيه والحشرات البشرية، وأنسها بالزوج والأولاد الشرعيين.. هي مطالب إنسانية رفيعة تستحق بعض التضحية، بل تستحق مهرا كبيرا..!!