آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 7 من 7

الموضوع: المجالس الخمسة لسعدى الشيرازى

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية د.رأفت رشوان
    تاريخ التسجيل
    11/10/2008
    العمر
    46
    المشاركات
    25
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي المجالس الخمسة لسعدى الشيرازى

    "المجالس الخمسة"
    "
    المجلس الأول
    "


    - الحمد لله الذي خلق الوجود من العدم
    فبدت على صفحاته أنوار أسرار القدم.
    - الشكر لله الذي خلق الوجود من العدم؛
    فتجلت على ذلك العدم أنوار أسرار القدم.
    - ما زال في آزاله معززًا بجلاله؛
    مستغنيًا بكماله, لا بالعبيد وبالخدم.
    - مأوى كل شريد, عون المساكين؛
    معشوق كل مغموم, سلوى كل نادم.
    - بهر العقول ظهوره, سحر القلوب حضوره؛
    نور النواظر نوره, سهر النفوس بما وسم.
    - الألم والغم ضيفه, والاسم اللطيف روحه؛
    القلب لـه, وهو للقلب؛ فلو أنت عاشق فتقدم.
    - والى على أحبابه, أصناف لطف حسابه؛
    يا سوء كام بلابه, بمراسم الكرم الأعم.
    - يعرفه الدرويش بوصفه عند الضحى والمساء؛
    فليهدأ قلبه, ولتطمئن نفسه في الرقم[اللوح المكتوب].
    - وافى الحجج عرفانه, ما ضل في فردانه [تفرده]؛
    سبحانه سبحانه ضاق المنى, فاق الأمم.
    - فهو الأعلى عن كل ما أقوله, والأفضل عما أتمناه؛
    والأعظم عن كل ما أعلمه, فيا روح الأرواح لا جرم.
    - نعت النبي المصطفى, لما عفا رسم الصفا؛
    تهدي به أوصافنا برشاده سبل الأعم.
    - يا من قوله غذاء القلوب, ورحمة الهدى على عاتقه؛
    ما نام قلبي في جواره, فخر العرب, نور العجم.
    - صلى الله عليه ما ضاءت مصابيح السماء؛
    بل زاد خير, كأنما الحي به خير الأمم.
    - العقل هو الدليل لمقامه, وقلب الخير هو البداية لطريقه؛
    الأرواح فداء لروحه, فهو المحتشم والمحترم.

    وقد ورد في الخبر عن ذلك المقتدي بزهرة الحقيقة, وقائد جيش الطريقة, ذلك الفص لخاتم الجلال, وجوهر عنصر الكمال, المرتدي لثوب  وَالضُّحَى "( ), اللابس لخلعة وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى" ( ), وصاحب طيلسان  وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى ( ), وهو صاحب الخير  وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأولَى , وهو الرحمة التي لولا حرمة بركة قدمه, لم يكن لطريق الدين أن يتطهر من دنس الكفر  الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وهو المرشد الذي لولا هيبة يده, ما كان لقباء القمر أن ينشق  اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ  .

    واستمع إلى ما هو أفضل من ذلك, فإن آدم الصفي ارتدى بسببه خلعة الصفوة, وتعلم إدريس منه الرفعة, وبعزته ملأت الروح المليئة بالفتوح سفينة نوح, وبسط طيلسان الصعود على رأس هود, وأعد سيف الخلة لخليله, وكتب منشور الإمارة باسم إسماعيل, وجعل خاتم المملكة في إصبع سليمان, وجعل نعلي القربى في قدم موسى, ووضع تاج الرفعة على رأس عيسى.
    فهذا العظيم الأفضل, وهذا السيد المرشد الذي سمعت ذرةً من أوصافه, يقول: "من جاوز أربعين سنةً, فلم يغلب خيره بشره, فليتجهز إلى النار", أي كل من عاث في الأرض الفساد, وأغراه متاع الدنيا, وبلغ من العمر أربعين سنةً, ولم يتغلب خيره على شره, ولم يرجح الطاعة على المعصية, فأخبره أن يحمل متاعه, ويتجهز للنار.

    فالوعد العظيم, والتهديد الجسيم للعاصين من أمة "أحمد" الذين يضيعون أعمارهم بذرةٍ من حرام؛ فتحرقهم نار المعصية, وتتطاير أعمالهم يوم القيامة, فأذكر مثالاً كدليل على هذا الكلام, وأبحث عن الدر الثمين في بحر أفكاري.

    انظر لذلك الشمع الذي يحترق في الشمعدان, وتملأ محبته القلوب, وتلتف حوله جماعة من الناس, ويستحسنه الحاضرون في المجلس, وكل منهم مستعد لحفظه ورعايته, وهو كالسلطان قائم على الشمعدان, وفجأة عندما تنفس الصبح الصادق بشعاعه, رأيت الطائفة نفسها التي كانت تلتف حوله تخمده بالسيف والسكين, فتسألهم ياللعجب ! تظلون طوال الليل في طاعته, فماذا حدث عند الصباح لتتركوه؟ فتجيب الطائفة نفسها أن الشمع كان عزيزًا لدينا عندما كان يحترق؛ لأنه كان يضيء لنا المكان, والآن عندما سطع الصبح الصادق بنوره, وتوج الأفق, وبسط شعاعه على الدنيا, لم يكن للشمع قيمة, وليس لنا به حاجةً.

    ومن ثمَّ لا تأخذ أيها العزيز هذا الكلام بسخرية, فإن متاع الدنيا يحترق كالشمع, والجماعة التي تطوف حوله هي الزوجة والأطفال, والخدم والحشم, وكل واحد منهم يسعى من أجل رضاه, ويتكلم وفقًا لهواه, فإذا ما بزغ الصبح المصدق للأجل فجأةً, وهب إعصار الموت, فإنك ترى السيد المالك كالأسير في قبضة ملك الموت, وقد سقط من عرش الهوى إلى بئر الحرمان, وعندما يحملوه إلى قبره ينصرف عنه الأطفال, والزوجة والعبيد والأحرار, فتسألهم: لماذا تركتم هذا السيد؟ فيقولون لك: إنه كان لـه عندنا عزة ومكانة, وكان كالشمع يضيء شمعدان الدنيا, وكان يجمع الأموال من الحلال والحرام, ويفني عمره النفيس في ساحة التلف والحرمان, وكان يكنز الأموال والآمال من أجلنا, والآن وقد اقتلع إعصار الموت (خريف الأحزان) مسمار عمره من الحياة, وعجزت يده عن معمعة الكسب والعمل, إذن فما حاجتنا به, وما فائدته لنا؟
    وقد ورد أن بلبلاً بنى عشًا على غصن شجرة في إحدى الحدائق, واتفق أن استوطنت نملة ضعيفة تحت تلك الشجرة, حيث اتخذت مسكنًا لها منذ عدة أيام, فكان البلبل يطوف ليلاً ونهارًا حول الحديقة, ويصدر قيثارةً من النغمات الجذابة, في حين اشتغلت النملة بجمع قوتها في الليل والنهار, وانخدع البلبل في خميل الحديقة بصوته, فكان يترنم مع الورود, ويتغمز لرياح الصبا, وعندما كانت هذه النملة الضعيفة تشاهد جمال الورود وحاجة البلبل لجمال تلك الورود ولطفها, كانت تقول بلسان حالها: ماذا يفيد هذا القيل والقال (التغريد), وهل سينتج ثماره في الأوقات القادمة؟

    وعندما مضى فصل الربيع وحل موسم الخريف, ظهر الشوك بدل الورود, ونزل الغراب مكان البلبل, وهبت رياح الخريف, وذبلت الأوراق, واصفر لونها, وتساقطت من على الأشجار, وترطب الهواء, فكان يتسلل من السحاب الكثيف, ويتغربل هواء الكافور من الغربال وعند ذلك جاء البلبل إلى الحديقة فجأةًً, فنظر فلم ير لون الورود, ولم يشم رائحة السنابل, فظل صامتًا متأملاً الورود التي ذهب جمالها, والخضرة التي زالت نضارتها, فانهارت قوته, وأصابه الوهن, وتوقف عن التغريد, وتذكر في النهاية أنه لا رزق لـه في الحديقة سوى النملة التي قطنت تحت الشجرة, وكانت تجمع الحب والشعير, وقال لنفسه: إني أحتاج اليوم أن أطرق بابها, وأطلب شيئًا من جودها بسبب قرب الدار, وحق الجوار, وقد أصاب البلبل الجوع منذ عشرة أيام, فذهب إلى النملة متسولاً, وقال لها: أيتها العزيزة, إن الكرم علامة السعادة, وغاية المراد, وإنني قضيت عمري في غفلة, وادخرتي أنت الغذاء بفراستك, فماذا يحدث لو تمنحيني جزءًا منه؟ فقالت لـه النملة: لقد كنت تقضي الليل والنهار في القيل والقال, وكنت مشغولاً بمداعبة الورود تارةً, وبمشاهدة الربيع تارةً, ولم تعلم أن لكل ربيع خريف, ولكل طريق نهاية.

    أيها العزيز استمع لقصة البلبل, وانقل حاله للجميع, واعلم أن لكل مطاف نهاية, ولكل وصال فراق, ولا توجد حياة صافية بدون ألم, ولا يوجد أطلس البقاء بدون حمل الفناء, ولو سلكت طريق الطاعة لقرأت:  إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ  التي هي ثوابك, ولو مرغت وجهك في تراب المعصية لقرأت:  وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ  ( ) التي هي عقابك.

    فلا تكن غافلاً مغترًا بربيع الدنيا مثل البلبل, واجتهد في مزرعة الدنيا بزراعة الطاعة, فإن الدنيا مزرعة الآخرة؛ ولأن الموت يأتي مثل تقلب الخريف, فاحرص أن تجمع ثواب الأعمال الصالحة؛ لتكون زادك في ظلمات القبور, ولا تكن عاطلاً حتى في تلك الأيام التي يحلق فيها نذير  إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ  ( ), وتتطاير الأعمال  لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ ( ), ويدق طبل القارعة, وتغلي الرءوس من حرارة شمس يوم القيامة, وتنفطر القلوب من هيبة نفخة الصور, فتكون معذورًا, وتعض على أنامل الحسرة والندم.

    فلا تتوانَ في أن تغتنم الأعمال الصالحة لذلك اليوم, وتجتهد أن تجمع الزاد في أيام الدنيا الفانية, وتدخره ليوم الميعاد, فهذا يوم تحتار فيه مخلوقات الأرض, وملائكة السماء, الأنبياء في قلق, والأولياء في هلع, والخلائق يرجون رحمة الله.

    - لو ساد خطاب القهر يوم الحشر؛
    فأي مكان لشفاعة الأنبياء؟
    - وعندما يرفع الحجاب عن نور وجهه؛
    يزيد أمل الأشقياء في المغفرة.

    فلو ادخرت الزاد من مزرعة الدنيا لهذا اليوم فسوف يكون لك طريق إلى الجنة.
    - قيل لشخص حمل من الدنيا الجاه والسلطان؛
    أنه حمل معه حظه إلى الآخرة.




    "
    المجلس الثاني"

    قال الله تعالى:  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ  ( ), فيا من يقرون بوحدانية الله جل جلاله, فلتتقوه, ولتثبتوا على الإيمان, والأمر بالإحسان, فعروس الإيمان رغم ما لها من جمال لا تكتمل بدون زينة التقوى.

    وقد جاء في الخبر عن سيد العالم, وصفوة بني آدم () أنه سمع قول الله – عز وجل – أن " من شهد لي بالوحدانية, ولك بالرسالة دخل الجنة على ما كان فيه من العمل"( ), فكل من يشهد لله بالوحدانية, وللرسول بالنبوة يدخل الجنة على ما كان يعمله, ومع كل هذا الشرف والعزة بصدق كلمة الإخلاص في وجود تقوى الله,  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ  فما الحكمة في هذا؟ والواضح أن الله – سبحانه وتعالى- يدعو العبد المؤمن إلى مقام الأولياء؛ لأن كل من يقول كلمة الإخلاص يدخل في دائرة الإيمان, ولكن كل من يسير في طريق التقوى يصل إلى مقام الأولياء.
    والبرهان على ذلك من القرآن:  أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ( ), فللولاية طريقان: الإيمان والتقوى, وهلم إلينا أيها الأعزاء لنتمسك بأحد هذين الطريقين, وهو طريق الإيمان الذي هو الأصل, ومن خلاله يتيسر تقوى الله – عز وجل – بقية الحياة, فإننا لا نحرم من شرف صحبة أولياء الله تعالى, المقربون إلى الذات العلية, ولا يتيسر هذا إلا بتوفيق البارئ – عز اسمه .

    يا رب, كما منحتنا خلعة الإيمان, أكرمنا بزينة التقوى,  اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ  ( ), وتكرار لفظ اتقوا الله لا يخلو من فائدة وحكمة, وقيل في معنى التأكيد "الكلام إذا تكرر تقرر", ونكتفي بهذا القدر اختصارًا للوقت؛ حيث إنه لا يمكننا إدراك معنى أبلغ من هذا.
    اعلم أن التقوى نوعان: تقوى الصالحين, وتقوى العارفين. فتقوى الصالحين تنبع من طول التفكير في يوم القيامة "ولتنظر نفس ما قدمت لغد" وأما تقوى العارفين مصدرها الحياء والخجل من رب العالمين, حيث يقول:  وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ( ), وعندما يزين الشيطان الأعمال المشينة للصالحين التي ترغبها النفس والطبيعة البشرية, يتذكرون يوم القيامة, ويخشون الحساب أمام الأولين والآخرين؛ حيث يتوج السعداء بتاج الكرامة على رأس وقباء السلامة, ويرفعهم على عرش الملك الأبدي في شرف النعيم السرمدي.
    وأولئك المذنبون خائفون, فقلوبهم حائرة مضطربة من أثر المعاصي, ورءوسهم منكسرة أمامهم من ذل الخجل, ومن ثمَّ اتقوا افتضاح أمركم في مثل هذا الموقف, وأقلعوا عن الذنوب والآثام, يحالفكم التوفيق بإذن الله.
    "شعر عربي"
    مثل وقوفك عند الله في ملأ
    يا غافر الذنب هل ترضى لنفسك في
    يوم التغابن واستيقظ لمزدجـر
    قيد الأسارى, وإخوان على سرر


    - انظر لأولئك الفقراء في يوم محشرهم؛
    التفوا بعرش الملك, كالملوك في مطلعهم.
    - هذا النور الذي ينبثق من شعاع العبادة؛
    يبدو لامعًا كالشمس والقمر.
    - أنت نفسك يعتريك الخجل؛
    من فرط الذنوب والمعاصي على كتفك.

    وهذا البيان الذي عرضناه هو تقوى الصالحين, ولكن بيان تقوى العارفين هو أنه – والعياذ بالله – تسول لهم أنفسهم الأفعال القبيحة, فيخالفون الهوى والنفس, لا خوفًا من عذاب يوم القيامة, بل خجلاً وحياءً من الله – عز وجل – المطلع والعارف بحالهم, ولا يليق فعل المنكرات أمام ملك الملوك.

    وقد حكوا أن أحد العظماء آلمته ركبته ذات يوم, فنصحوه أن يتمدد فترةً منفردًا, فقال: إنني لست وحيدًا, بل إن الله – عز وجل – معي, وأستحي أن أترك الأدب في حضرته, فيا زمرة الصالحين  اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ  فاتقوا الله, وانظروا ماذا ادخـرتم من زاد اليوم للغد, وماذا أعددتم ليوم القيامة؟
    يا حلقة العارفين  إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ( ), احذروا من تراب المذلة, فإن الله مطلع عليكم, وعالم بحالكم, وجاء في الخبر أن عبدًا حبشيًا ذهب إلى رسول الله (), وقال: "يا رسول الله إني أتيت فاحشةً, فهل لي توبة من عملي؟ "أم لا تجوز لي التوبة؟ فقال الرسول:  وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوبَةَ عَنْ عِبَادِهِ  ( ), فتاب الحبشي, وخرج وعاد بعد فترة, وقال: يا رسول الله كأن الله يراني على ذلك! في تلك الحال الذميمة, فقال لـه: اصمت, ألم تقرأ قول الله تعالى:  يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ  ( ), فلا تتحول عيناك إلى خيانة, ولا يمر في صدرك ما يخالف الديانة إلا كان الله به عليمًا, وعليه بصيرًا,  إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ  ( ).
    فلما سمع الحبشي هذا الكلام صاح وزأر, وأخذ يذرف دموع الحسرة والندم من عينه على ما فعل, وقيل أنه أطلق نفسه من صدره المليء بالأحزان, وفارق الحياة.

    فالصالح يفكر في العدو الذي يضحك على فساد حاله, ويعلم أن غدًا القيامة, والعارف يخجل من الصديق الذي لا يسلم في الوقت نفسه بأن يوم القيامة ليس ببعيد, والحق ملازم لحبل الوريد.

    - احرص على رضاء الصديق, واترك الآخرين؛
    فما يحزنك لو آثاروا ألف فتنة.
    - فلو نشبت الحرب بين الخلائق؛
    فمقصودي مع أمثالك هو السلام.

    "شعر عربي"
    "تعالوا نطب عيشًا , ونرتع أحيانًا
    إذا ما تراضينا, وصولح بيننا
    وإن لم يكن عيش العذول يطيب
    دع الناس يرضوا تارةً ويعيب"

     يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ , أيها المؤمنون أمركم الله بالتقوى, وعلامة الإيمان هي الطاعة, فإذا كنت تدعي المحبة والإيمان لله رب العالمين, فاتبع أوامره, ولا تدعي عدم البينة, ولا تتظاهر بعدم الثبات.
    - أيها الأعرابي لن تصل بتظاهرك إلى الكعبة؛
    فإن هذا الطريق الذي تسلكه يؤدي إلى بلاد الترك.

    المخالفة هي صفة الأعداء, فلم يقبلوا من المؤمنين  وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ  ( ), فلا تكونوا كمن ترك كلمة التوحيد, ونسي أوامر الله تعالى, فلا جرم أن حجبت عنهم معرفة البارئ – عز اسمه – حيث يقال: من عرف نفسه فقد عرف ربه, فمعرفة النفس هي سلم لمعرفة الله (المعرفة الإلهية), ومن لا يعرف نفسه كيف يمكنه معرفة ربه؟ وانظر أية نتيجة لعدم الطاعة سوى الندم والضلال.

    ومن ثمَّ أيها الأخ العزيز, ليكن همك أن تضيء بنور الذكر والعبادة بواطن المؤمنين طالما يمكنك أن تهب جسدك للخدمة والطاعة, وأن تطوع رأسك لنهج العبادة, وعن طريق هذا النور الإلهي تتيسر لك المكاشفات الغيبية, والمشاهدات الروحانية.

    يقول الرسول (): من أخلص لله أربعين صباحًا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه"( ), أي أن كل من يجتهد أربعين صباحًا بإخلاص سير الله تعالى ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه, وهذه هي نتيجة الطاعة, وحتى تعلم قيمة أوقاتك الثمينة, ولا تضيعها في الفساد, فإن ترك الطاعة يولد الظلمة, ولا يمكن أن ترى شيئًا في المرآة المظلمة.

    - ليس سعدي حجابًا وأنت مرآة صافية؛
    قد أصابها الصدأ فكيف يبدو منها جمال الحبيب.

     وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ  فلا تكونوا كالذين لم يستجيبوا لقول الناصحين, ولم يستمعوا لكلام العلماء والصالحين, ولم يطيعوا أمر الله, ولم يتبعوا منهج الرسول, فماذا أصابهم من جراء هذه المعاملة؟ وما نتيجة هذا العمل معهم؟  فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ , والفعل ينسب إلى السبب؛ لقوله تعالى:  وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ  ( ), وبسبب هذا الفعل المشين أعمى بصيرتهم, فأنساهم ترتيب وتركيب وجودهم, وظلوا في ظلمات الحيرة, ولم يفهموا سر هذه الآية  فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ  ( ). كما حرموا من شرف هذه المعرفة  وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْأِنْسَانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ ثمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ ثمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ  ( ).

    وهذا العلم هو علم النفس, وقد نزلت آية  فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ  ( ) في شأن ذلك الشخص الذي لا يمعن النظر في هذا العلم, وفي بيان سبب الوجود, ويقول سبحانه في موضع آخر: قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ ( )؛ فيأمر الله رسوله عليه الصلاة والسلام أن يسير في الأرض, وينظر كيف بدأ الله الخلق, وكيف ينشئهم؟ فأقل حبة تنبت في الأرض بقدته, فكيف يجعل لها الجذور والأغصان والأوراق؟ وكيف يغير لونها؟ ودعك من هذا؛ لأن حقيقته ظاهرة وواضحة؛ فقد قال المفسرون أن "سيروا في الأرض" تعني وجودك في الأرض ينبغي أن ترحل فيها, وأن الأفضل أن تطوي العالم على أقدامك بدلاً من أن ترهق نفسك بالتفكير في عالم وجودك, على الرغم من قوله:  سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ ( ), ويقول في موضع آخر  وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ ( ).
    - أفنينا الأعمار بحثًا عن معنى الروح؛
    المؤمن مستقر في بيته, ونحن نطوف حول الدنيا.
    - كان حجابًا قدره خارج حدود المكان؛
    ذلك أننا طفنا الكون والمكان بحثًا عنه.
    - كنا نصف هيئة يوسف الغائبة عن الأنظار؛
    فجاء الكاتب, وفقدنا العقل واللسان.
    - كنا كالبلبل نصدح طوال الليل حتى ظهرت الشمس؛
    فاختفينا مثل الخفاش.

    نعود إلى أول الحديث؛ حتى لا يفوتنا المقصود من قوله:  وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ  فالكافر لا يحزن على ترك العبادات, ولا يخشى ارتكاب الآثام, وأصل الاعتقاد هو كيف من لا يملك الأصل يمكنه أن يؤدي الفرع؟ احذر أيها المؤمن أن تقصر وتتهاون في أداء العبادات؛ حتى لا تتصف بصفة من صفات الجاهلين؛ فهي أسوأ وأقبح من أن تتصف بها.

    - العدو الذي يمارس الجفاء فذاك دربه؛
    فلا تكن مثله فأنت المعشوق والحبيب.

     وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ  ( ) فقد ضل هؤلاء, أي: الجاهلون الذين اتصفوا بالضلال, وأثبتوا لك المعرفة "فبضدها تبين الأشياء".

    والمراد من هذا الكلام أن الكافرين يخرجون عن دائرة الاهتمام؛ فلا يفرقون بين الطاعة والمعصية, وأنت آمن في حرم الإيمان, فاحفظ عزتك, وأتم حرمتك, فإن مثل تلك المنقبة والحرمة التي منحوك إياها لا تدوم للآخرين:  لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ ( )؛ فليس هناك درجة في التساوي بين أصحاب الجنة وأصحاب النار, فأي شبه بين أسفل سافلين, وأعلى عليين؟ ومتى كان النعيم المقيم مثل العذاب الأليم؟
    ويا شقاءهم عندما ينادون على خزنة جهنم أن:  ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذَابِ ( ), كيف يكون لهم الدرجة نفسها مع أولئك الذين قال الله فيهم:  سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ  ( ).

    "اللهم اجعلنا من عبادك الصالحين, وفواضل المقربين الهادين المهديين, وأنزلنا ساحة قدسك من أهل أنسك من الأنبياء والمرسلين, الذين قلت فيهم: "لا خوف عليهم ولا هم يحزنون" ( ), واختم لنا ولاية محمد () خاتم النبيين, ورسول رب العالمين".

    "
    المجلس الثالث"

    قال رسول الله (): "من أصبح وهمومه هم واحد كفاه الله تعالى هموم الدنيا والآخرة, ومن تشعبت به همومه, لم يبال الله في أي واد, هلك" ( ).

    رسول العالم, وسيد بني آدم يقول: إن كل من نهض من نومه كل صباح, وكان هم الدين في قلبه, والخوف على الإسلام في صدره, وعشق الحق تعالى في روحه, بعث الله لـه – بكرمه وفضله- العناية الأزلية, وكفاه الكفاية الأبدية, وكل من كانت لـه منفعة أخرى في قلبه, أو استقر هم آخر في صدره, سير الله لـه جيش القهر, فيتكالب عليه, ويحطم رأسه العنيد بسيف السطوة, ولا يصل إلى من يقول لماذا ذاك, وكيف هذا؟

    - كل الخلائق ذليلة على باب عزتك؛
    إلا من كان يقول: لماذا هذا؟ وكيف ذاك؟
    يا من عشق كل قبيح في باطنه, إلى متى هذا التشتت, يا من باع قلبه في كل سوق من أسواق عشق الآخرين, إلى متى هذا التفرق؟
    - قد حمل قلبه على سوقي ليبتاعه؛
    فلا تشتر القلب المباع في سوق الآخرين.

    يا من لا يتكلم حديثنا إلى متى هذا الصمت؟ يا من لا يذكر رفيقه إلى متى هذا النسيان؟ يا من ابتاع كل شخص إلى متى هذا الهوان, يا من تعددت آراؤه إلى متى هذا الضلال؟ يا من تردد ذكره لدى العامة إلى متى هذه المهانة؟

    كل من جعل حرفته تناسي أوامرنا, ولم يترك لنا روحه وجسده وقلبه حتى يذوبوا في نار عشقنا, فنحن أيضًا – للعدل والإنصاف- ننادي في عالم الملك والملكوت أن  نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ  ( ), وتركناه لحزب الشيطان:  اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ( ).
    هذه هي صفة الضالين, وسمة المطرودين من رحمتنا, فأقبل حتى نعرفك بصفة الأحباب, ونحدثك حديث الأصحاب, فيا من نهض من نومه كل صباح لتكن شربتك من عشقنا, ويا من انكوى قلبه كل ليلة بنار عشقنا, وطفح دمه من شوقنا لتكن أيامك مباركة, ويا من احترق جسده من أجلنا, وأزهق روحه في محبتنا؛ لتكن هذه الحرقة في مذاقك.

    أيها العاشق لا تظن مطلقًا أن يجتمع عشق الدنيا وحب الآخرة؛ "الدنيا والآخرة ضرتان, إذا رضيت إحداهما سخطت الأخرى" فإما أن تعمل للدنيا أو للآخرة؛ وإما أن تعبد الهوى أو تعبد الله, ولكن من طلب الدنيا مع الآخرة فلن يحصل على فائدة من كليهما, ولا جرم أن محبته هي السلطان الذي لا يتعامل مع أحد, وطريق العشق إما أن يتسع لك أنت أو لي أنا.

    فأشعل من عشقه النيران, واحرق بها الدنيا ثمَّ الآخرة, وبعد ذلك احرق نفسك, فكما تتصارع الدنيا والآخرة في سبيله يكون وجودك أيضًا في صراع ومشقة, وطالما ظل صراع وجودك, ظل أيضًا سلطان شهوده متواريًا في حجاب عزته.

    فقد استولى العشق على "موسى" عليه السلام؛ فصعد على جبل الطور, ووقف بقدم الصدق, وقال:  أَرِنِي  ( )فجاءه الخطاب يا موسى اصبر, فمن لديه القدرة على رؤيتنا؟ فهذا الحديث لا يهدئ من روعك, وليس لديك المقدرة على رؤيتنا, وسلطان شهودنا على وجودك الذي أصله من العدم هو "لن تراني" فدع نفسك في عالم العدم, وبعد ذلك نطهرك من آلامك.
    يا موسى اهجر نفسك, وانظر إلينا, فإن كل من يرانا ينظر إلينا, فعن أمير المؤمنين علي ()( ) سألوه: "بم عرفت ربك؟" قال: "عرفت ربي بربي" أي عرفته بذاته,وعلمت أنه لو لم أكن عارفًا به لم أدرك الطريق إلى سرادقات مجده ومعرفته "اتقوا فراسة المؤمن ينظر بنور الله".

    طاووس العارفين "بايزيد البسطامي" ( ) قدس الله روحه ألقى ذات ليلة بمكاشفات رباط الشوق على شرف كبريائه, وأشعل نار العشق في ذاته, وتحدث بلسان العجز والذلة, وقال: "يا رب متى أصل إليك"؟ يا إلهي إلى متى أحترق في نيران هجرانك؟ متى تمنحنى شربة وصالك؟ فجاء النداء أن: يا بايزيد ما زال وجودك يصحبك, ولو أردت أن تصل إلينا "دع نفسك وتعال" أي: اهجر نفسك, واقدم علينا.

    وما أجمل قول أشرف العالمين وأفضل الآدميين "لو كان موسى حيًا لما وسعه إلا اتباعي"( ) فيجب على موسى وغير موسى ممن يقول  أَرِنِي  أن يتعلم مزاولة العشق من سيد المرسلين؛ فكيف تصلك السعادة ما دام وجودك يصحبك؟ ويقول سيد الكائنات, وسرور الموجودات أما أنا فلا أقول أنا, أي: لا أقول مطلقًا أنني موجود.

    في ظل وجود المعشوق لا يزيننا سوى العدم, ولأنه موجود فنحن من عدم( ), وانظر إلى قولـه: أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ ( ), ولا أعلم ما يحمله حرف "ألف" في الآية  أَلَمْ تَرَ  من لطف, وما يشير إليه مع روح العاشقين؟

    أيها العاشق, أين العاشق الذي يحق له أن يحكم على المعشوق؟ فإذا ما أنعم المعشوق على العاشق بحكم كرمه وفضله كان ذلك سبيله في حين أن العاشق مسلوب الإرادة, لو أراد أن يتصرف فلا يسمح لـه بذلك.

    عندما جاء "محمد" () بشرط الأدب في طريق الحق, ورأى عدم أحقيته في تلك الصفة, عرف أنها حليته وزينته  مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى  ( )؛ ولأن ما زاغ البصر هي صفته فقوله  أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ  هي زينته؛ ولأن موسى حكم على "لم يزل ولا يزال" ولم يكن لـه الحق في ذلك الطلب فقد طبع الله أثر الحرمان على جبين طمعه, ودق لـه من  لَنْ تَرَانِي  مسمارًا, وضرب على أحداق أشواقه حتى تأدبت عيناه.

    أيها العاشق( ), إن للمعشوق كل عزة وكبرياء وعظمة, والعاشق عليه كل انقياد وتواضع ومذلة, فعاشق بكل تلك الصفات يقول:  رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْك ( ) ومعشوق بكل ما لـه من كبرياء وعظمة ينادي في الملك والملكوت  لَنْ تَرَانِي  ( ), ويصيح ضعفاء البادية أن  يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنَا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنَا بِبِضَاعَةٍ مُزْجَاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ ( ).
    "المجلس الرابع"

    "بسم الله الرحمن الرحيم" اسم الله الذي لولاه ما ساقت رياح الصبا نسمات الورود, وما تمايلت أغصان الأشجار بنسمات الرياح, وبدون أمره ما كان الزمرد من الأحجار الكريمة, وبدون كرمه ما امتلأت الشقائق بالندى.

    باسم الملك الذي تزينت قامة السرو بفضل خلقه لرياح الصبا, وبدت بهجة مناظر الورود من خلال جدائل الأغصان, وباسم ذي الجلال الذي لا يتم الطيران الفلكي والدوران الملكي بدون أمره, ولا تتم حركة الأهداب وطواف الذباب بدون حكمه؛ فلينزل الله الغشاوة على كل عين لا تتأمل جمال أسمائه, وليحرق الله كل قلب لا يمتلئ بمحبته, وليقطع كل قدم لا تسير في طريقه.

    يقول يحيى بن معاذ الرازي( ) "قدس الله سره" إلهي جعلت الدنيا ميدانًا, وجعلت قلبي فيها كرةً, فضربته بصولجان البلاء فلم يستقر إلا مع اسمك, وجعلت العقبى ميدانًا, وجعلت قلبي فيها كرةً فضربته بصولجان البلاء فلم يستقر إلا بقربك". إلهي جعلت الدنيا برمتها ميدانًا, وجعلت قلبي فيها كرة, وحيثما ألقيت بتلك الكرة لا تستقر مع أي شيء سوى اسمك, وجعلت الآخرة برمتها ميدانًا, وجعلت قلبي في ذلك الميدان كرة, وحيثما ضربت تلك الكرة لا تستقر إلا برؤيتك, ثمَّ قال إلهي يكفيني من الدنيا اسمك ومن الآخرة جمالك, فأنقل روحي وحياتي من عالم الاسم إلى عالم الرسالة [البشارة] فجاءه النداء أنه ما دمت قادرًا على ذلك فستصبح شهيدًا بسيف جلالنا, فقل "الله" وجد بروحك في سبيله حتى تشعر بالسعادة, ولتقرأ: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ ( ). فبماذا يأمرنا رب السموات والأرض؟ اعلموا يا عبادي .. يا الله العظيم ! ما الذي نعلمه؟ "أنما الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة" فحقًا وصدقًا إنما الحياة الدنيا لعب, واللعب صفة الأطفال, والزينة والزخرفة صفة النساء,  وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ ( ), والتفاخر فيما بينهم بكثرة الأموال والأولاد, وهذا من صفات الجاهلين. يا إلهي العظيم ! ما مثل الحياة الدنيا؟  كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُه ( ).

    فانظر إلى الأمطار التي تنزل على الأرض, وتنمو بها الأعشاب الخضراء, وتدوم عدة أيام في سعادة وبهجة لدرجة تعجب الخلق وتبهرهم  ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ( ), وبعد فترة قليلة يصيبه الجفاف, ويصفر لونه  ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً ( ) ثمَّ يتحول إلى تراب, ولا يبقى من تلك الخضرة والنضارة شيء,  وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَان ( ) وفي الآخرة هناك منزلتان؛ فالنار للتعساء, والجنة للسعداء,  وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ ( ) وليست الحياة الدنيا سوى شيء ينتفع به فتصيبهم بالغرور والخداع.

    اللهم نجني بسر هذه الآية  اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ؛ فمالك الملكوت يظهر عيب الدنيا وعدم فائدتها للخلق؛ حتى لا يتعلق قلب المؤمن بها, ويشغل بطلبها, وبذلك يستحق الجنة والمغفرة من الله.
    أيها العاشق, لا تعلق قلبك بالدنيا؛ فليس لـها بقاء, ولا تعلق قلبك بالخلق؛ فليس لهم وفاء, وإنما علق قلبك بالله الذي ليس لك سواه, هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً  ( ).

    أيها العاشق, الدنيا بها كثير من العشاق أمثالك, ولم توف بعهدها مع أحد منهم, كما لم توف معك أيضًا, ولم يبلغ أحد من العمر مثلما بلغ لقمان الحكيم؛ فقد بلغ ثلاثة آلاف عام, ورغم ذلك عندما واتته المنية, وجاءه ملك الموت – وكان جالسًا بين أجمة الغاب يصنع السلال- فقال لـه ملك الموت: يا لقمان, لقد عمرت في الدنيا ثلاثة آلاف عام؛ فلماذا لم تبن (تهيئ) لك منزلاً؟ فقال لـه: يا عزرائيل, إن الشخص الأبله هو من يعرف أن مثلك في إثره, وتكون لديه القدرة على بناء المنزل.

    "إنما الدنيا كظل زائل
    أو كحلم قد رآها نائم
    أو كضيف بات يوم فارتحل
    فإذا ما ذهب الليل بطل"


    عاش نوح عليه السلام ألفًا ومائتي سنة؛ فسألوه: يا أطول الأنبياء عمرًا, كيف وجدت الدنيا؟ قال: كدار لها بابان, دخلت من الأول, وخرجت من الآخر. فقد ذكر نوح أن الدنيا عنده كدار لها بابان دخل من باب وخرج من الآخر.

    وذات يوم جلس "إبراهيم بن أدهم"( ) نور الله قبره على باب قصره، واصطف الغلمان حولـه، وفجأة حضر إلى القصر درويش وعليه خرقة بالية وبيده كيس وعصا، فطلب من الغلمان أن يدخل إلى قصر ابن ادهم فقالوا له يا شيخ أين تريد أن تذهب؟ فقال أريد أن أدخل إلى هذه المضيفة، فقالوا إن هذا قصر مَلِك بلخ، فقال إن هذه مضيفة، فأمر إبراهيم بإحضاره وقال له أيها الدرويش إن هذا قصرى وليست مضيفة، فقال الدرويش يا إبراهيم لمن كانت هذه الدار قبلك؟ فقال: لجدى ثمَّ قال: وعندما مات فلمن صارت؟ قال: لأبى فقال الدرويش وعندما مات فلمن صارت؟ قال: لىّ ثمَّ قال وبعدما ستموت فلمن ستصير؟ فقال: لابنى، فقال يا إبراهيم إن المكان الذي يدخله شخص ويخرج منه آخر فهو مضيفة وليس قصراً.


    أيها العاشق! ورد عن "عبد الله بن عمر"( ) أنه قال: كنت ذات يوم أقوم بعمارة دارنا مع أبى، فمر علينا المصطفى () وقال: يا عبد الله قل لوالدك إن القيامة أقرب لتلك الدار التي تظن أنك ستعمرها، أيها العاشق، الدنيا مصيدة رصينة ومتاعها جيفة حقيرة، والهوى وإبليس صيادان ماهران، وعاشق الدنيا طائر أعمى وغافل، فلو انتبه هذا الطائر الغافل أن يقع بمخلبه ومنقاره في هذه المصيدة؛ لنجا بقلبه من حبة وحشة العشق هذه، وخلص رقبته من حبل ذلك الصياد الماهر، وجاء النداء من باطن عرش الرحمن  وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا  ( )

    في حين – والعياذ بالله- لو تعلقت شوكة هذا المتاع من الغرور في ذيل ردائه, وتلذذ بجيفة الشيطان هذه, واشتهى أموال فرعون وهامان, وانزلقت قدمه في طريق معاملة التوحيد فلا محالة أنه من أولئك الذين قال الله فيهم  وأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ ( ).

    أيها العاشق لك عروس الإيمان, ولكن ليس لك حلية المعاملة, لك شجرة التوحيد, ولكن ليس لك ثمرة الطاعة, لك خاتم الاعتراف, ولكن ليس لك خاتم العبادة, ألا تعلم أنه يجوز ترك العروس بدون زينة, ويجوز قطع الشجرة بدون ثمر, ويجوز صهر الخاتم بدون فص, ويجوز إحراق العبد الذي ليس لـه هدف؛ فاحذر حتى لا تغفل عن لحظة الموت, ولا تقتل روح الأمن والسكون فكثير القتل يغرق على الشاطئ, ويكفي القافلة أن تنزل منزلها.

    أيها الحزين المسكين, ما الإيمان الذي تبيعه بمقلة القلب؟ وما الإسلام الذي تسلم برجحان ميزانه؟ وما المعرفة التي تلقي بثقلها إلى كبد السماء؟ وما التوكل الذي لا تصدقه بقطعة خبز؟ وما الدين الذي تضيعه بثنائك على ظالم أو بدرهم حرام؟

    يا من توجه تلقاء كل ذرة من ذرات وجوده لا تعيب من يعبد الأصنام ولا تلوم أهل الذمة، فلو أنهم يعبدون الأصنام فأنت تعبد الدرهم والدينار. أيها العزيز! الأمر لا يخرج عن اثنين إما قد حاكوا لك خلعة الوصال أو كسوة الفراق، وإما قد رسموا علامة الهجر على جبينك أو وضعوا تاج القبول على رأسك، ولو علمت مائة طريق عن الغيب فلا تكف عن الحمد والثناء.
    أيها العاشق ماذا تفعل بالدار التي أولها ضعف وأوسطها انحطاط وآخرها عدم، ماذا تفعل بالدار التي حدها الأول الفناء وحدها الثاني الزوال، وحدها الثالث الوبال؟

    فقد سمعت أن رسول الله () قد زار "فاطمة الزهراء"( ) ذات يوم فرآها قد نامت على حصير، وافترشت وسادة من الليف وجلد الخراف، وقد غطت رأسها بمقدار ذراع من الشال الخشن من صوف الإبل، وذلك بدل النقاب فشكت الزهراء بعضًا من شدة الفاقة التي تعانيها للرسول ()، فقال لها سيد بنى آدم يا روح أبيكى  فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ ( ) فلا تعتمدى على أنك بنت النبى وزوجة الحيدر وأم الشبير والشبر، فبعزة من بيده الأمر والنهى والقبض والبسط إن غداً في ساحة القيامة لا يؤذن لك أن تتقدمى خطوةً واحدةً طالما لم تتخل عن عهدة هذا الشال الخشن.
    يقول "مهران بن ميمون" ( ) عندما ذهبت إلى "عمر بن عبد العزيز" وقد رأيته وهو في عهد الخلافة وقد جلس على التراب بدون وسادة أو متكأ أو مسند أو فرش وكان يرتدى خرقة بالية، فسلمت عليه ثلاث مرات، وكان يبدو مشغولاً لأنه لم يرد السلام، فلما قلت له الرابعة أجاب وقال: أعلم يا ميمون أن أجلى قد اقترب وأشرفت سفينة عمرى على الغرق وقد أعدوا لى مركب الرحيل على باب الدار، وقد انهارت قوتى وقلت راحتى، ولم أُعد الزاد الذي يليق بموقف الحشر سوى ظن الخير في رحمة الله – يا ميمون اسمع منى ثلاث وصايا واكتبهم بقلم الحاجة على سفينة العمر، وضعهم دائماً في قلبك لأن فيهم النجاة والشرف والعزة: لا تقصر في الصلاة، فلا قيمة للأعمال في الدارين بدونها، ولا تشترك مع أى ظالم في أى عمل فإن مساعدة الظالمين من الآثام، وأحسن الظن بالله وتوكل عليه فإن الهمة في الرزق تجلب الإيمان.
    أيها العاشق لو أنك حقاً مؤمن فاحرص على الطاعة، فإن الجنة طيبة الرياض والبساتين، وابتعد عن المعصية فإن جهنم سجن المحرومين، ودع قلبك وروحك للحق فهو الكريم المتعال. لو أنك حقاً عاشق، فاصبر على البلاء، ولو أنك حقاً عارف دع روحك للمحنة والقضاء، ولو أنك حقاً من عباده فالتزم بكل ما أمرك الله به واحرص على رضاه واعتمد عليه في كل شئون الحياة.
    ضع تاج الحاجة على رأسك، وانطق الشهادة، وداوم على الشكر والعبادة، وتحلى بحلية الكرامة، والبس رداء الألم، وأشعل نار الشوق في صدرك، وأغرق بهجة ورونق عمرك في ماء التعاسة، ولتكن دائماً في خوف وترقب من لقائه، وانزع قميص السعادة من على جسدك وشق صدر الجفاء، وألق مكاره الخبث والحسد والبغض في بحر النصيحة وابذل كل ما لديك حتى تتطهر من تلك المكاره، وامسح كل ما في صدرك من رياء وعجب بممحاة الفقر، واحرق السيادة والرعونة والسترة والعمامة والطيلسان وزخارف الإيوان بنار الحرمان، وعندما تتصف بتلك الصفات فإن الله سبحانه وتعالى يُكحل عينيك بكحل السعادة، وينعم عليك بنور البصيرة ويقول تعالى  فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ( )

    "المجلس الخامس"
    اللهم احفظنا من كل المعاصي ، واهدنا للطاعة والعبادة "يا إله العالمين غفرانك ربنا وإليك المصير".
    أيها العزيز لقد خلق الله العالم على صنفين : صنف مشغول بذكر الحق، وصنف مشغول بذكر نفسه، فأما من شغل بذكر الحق فهو غريب عن الخلق، وأما من شغل بنفسه، لم يكن كل ما في باطنه للحق، واحتجب عن نور الله، وطالما لم تهجر أموالك وأولادك فلن تقف ببلاط الحق.
    ذهب أحدهم إلى سلطان العارفين "بايزيد البسطامى"( ) وقال يا شيخ لقد قضيت طيلة عمرى في البحث عن الحق وأديت الحج عدة مرات وقتلت الكثير من أعداء الله في الغزوات، وجاهدت كثيراً في سبيل الله، وأدميت العديد من القلوب. ورغم ذلك لم أحصل على مقصدي. وكلما اجتهدت في البحث أدركت القليل، فقل لى أى مقدرة تبلغنى مقصدى؟

    فقال الشيخ بايزيد البسطامى يا عاشق إن هنا موضع لقدمين فقط، القدم الأول هي قدم الخلق، والقدم الثاني هي قدم الحق، فارفع قدماً عن الخلق حتى تصل إلى الحق، ومادمت ترزح في قيد الخلق فسوف تداوم على قولك: ما هو طعامى الذي يستحسنه فمى؟ وما هو قولى الذي يعجب الخلق منى؟ ولن تحدث نفسك بالحق.

    أيها العاشق كل من يتاجر مع الخلق لا يصيبه سوى الخسارة والنقصان، ومن يتاجر مع الحق يجنى الربح والرجحان، ويقول الحق تعالى للعبد المحتاج إلى قطرة من دمع وخطرة من قلب، إننى أتاجر معك فأحضر القطرة من السرير والخطرة من الضمير واحمل كنز السعادة من عزتنا، فتلك القطرة التي سرت من دمعك يسمونها الدمعة، وتلك الخطرة التي بدت من قلبك يسمونها الحسد، فلتذرف دموعك على عدم معرفتك الحق وليعتمل الحسد في قلبك، فالتوبة تأتى بالنية، والنية تأتى بالعزيمة، والعزيمة تأتى بالقرب، ومن القرب يأتي نداء الرحمة، فيقول القلب إنني تبت ويقول العقل إننى ندمت، فينادى الحق بأننى رحمت.
    أيها العاشق النار صنفان: نار الدنيا ونار المعصية، فماء السماء يطفئ نار الحياة، وماء العيون يطفئ نار المعصية، كما يمكن أن تطفئ نار المعصية بشيئين أيضاً هما التراب والماء أى بتراب الجبهة في السجود تضرعاً لله، وبماء الندم في البكاء خوفاً من الله الودود.

    أيها العاشق كل عين لم تدمع بالبكاء خوفاً من الله فهى عين خاسرة. وكل قلب لم يبحث عن وصال الحق فهو قلب خرب، فها هو الشيخ يقول متحسراً على الخلائق، أنهم يموتون ولا يتذوقون أجمل الأشياء فقالوا له وأى شيء ذلك؟ فقال ذرة من الإخلاص التي يقول فيها الحق "فاعبدُوا اللهَ مُخْلصينَ لهُ الدينَ"( )

    فلو تذوق العبد الفقير ذرة من الإخلاص لنعم في الدارين ولم يصبه إعراض أو اعتراض في العالمين، واعلم أيها العاشق أن مدى قبول الطاعة هو أن يكون الإخلاص رفيقك في كل أعمالك.
    وقد سألوا بشر الحافي( ) ما الإخلاص؟ فقال "الإخلاص هو الإفلاس" أى أن الإخلاص هو الإفلاس والعوز والعجز والضعف.
    يا عزيزى لو أنك لا تمتلك حمرة وجه المعشوقين فيجب أن تتزين بشحوب وجه العاشقين، وإذا لم تحظ بجمال يوسف فيجب أن تتحلى بصبر يعقوب وإذا لم تحظ بعجز المطيعين فيجب أن تتأمل نواح المحرومين.

    ويقول سيد المرسلين عليه الصلاة والسلام "ما صوت أحب إلى الله من صوت عبد لهفان" أي ليس هناك صوت أعز على الله عز وجل من صوت العبد العاصي الذي ينوح من شدة العجز والعوز والحاجة.
    وينادي يا رب لقد أسأت وظلمت نفسي، فيأتيه النداء من عرش الرحمن أن يا عبدي لا تقنط من رحمتي  ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ( ) أي ادعوني حتي أجيبك عن كل ما تبحث عنه وترجوه وفوض لنا أمرك لأنه أنا الله الواحد وليس لي شريك في الملك وأوفي بالوعد، وأجيب كل دعاء واسمع كل ثناء، وأجازي عليه.

    قد أنفقوا مئات الآلاف من الأموال في البحث عنا، وافنوا مئات الآلاف من الأجساد الغالية في طلبنا، وتحيرت مئات الآلاف من الأرواح المقدسة في بادية شوقنا، وقدم مئات الآلاف من السائرين في بلاط جلالنا أرواحهم فداء لنا، واحترق مئات الآلاف من الطالبين لعزتنا في بوتقة العبادة، فالعرش يسأل الكرسي هل عندك من خبر؟ فيسأل الكرسي العرش هل عندك من أمر؟ فأهل الأرض يدعون ووجوههم صوب السماء معتقدين أن السماء تشفي حرقتهم، وأهل السماء يتمنون ووجوههم صوب الأرض معتقدين أن الأرض تداوي علتهم وكل يوم تغيب فيه الشمس يقول لها الملائكة المكلفون بها: أيتها الشمس على أي شخص تشرقى هذا اليوم وتخبري عنه؟ فتقول الشمس يا ليتني أعلم ذلك الشخص حتي أطوف حول تراب أقدامه.

    حقاً أيها العاشق "ما للتراب ورب الألباب" وما فائدة الماء والتراب مع الذات المقدسة؟ وما صلة "لم يكن" بـ "لم يزل" وأي اتصال بين "ظلوم جهول" و "سبوح قدوس" وما أعجب أمر الزاهدين عندما يدعون بقولهم يا رب لا تحملنا ما لا نقدر عليه، يا ضعيف الهمة متى كنت متصلاً حتى انقطع؟ ومتى انقطعت حتى اتصل؟ ومتى كان أمل الوصال حتى يكون خوف الفراق؟ فلا اتصال ولا انفصال، ولا قرب ولا بعد، ولا أمن ولا حرمان، ولا وجه الكلام، ولا وقت الصمت ولا قصد الوصول ولا طريق العودة ولا التفكير في الصبر، ولا التفكير في الأنين، ولا المكان الذي يتخلله الوهم، ولا الزمان الذي يسبقه الفهم.

    فلا يوجد بين العلماء سوى القيل والقال ولا يوجد بين الفقهاء سوى البحث والإطلاع فلو اتجهت إلى الكعبة فلن تجد هناك سوى حجر، ولو اتجهت إلى المسجد فلن تجد هناك سوى جدار، ولو نظرت في الأرض فلن تجد سوى البلاء، ولو نظرت إلى السماء فلن يصيبك سوى الحيرة، وليس في العقول سوى الفراغ. وليس في الرءوس سوى الجنون، وليس من ضياء النهار سوى النيران، وليس من ظلمات الليل سوى الوحشة، ولا يوجد في توحيد الموحدين سوى الزخرفة، ولا يوجد من إلحاد الملحدين سوى الدنس، وليس من موسى الكليم نفع، وليس من فرعون المدعى خوف، فإذا أردت أن تأتي فأت، فليس هناك حارس، وإذا أردت أن تذهب فاذهب فليس هناك رقيب.
    كان سلطان المحققين "إبراهيم الخواص"( ) رحمة الله عليه يتحدث دائماً مع مريديه قائلاً: يا ليتني كنت تراب أقدام تلك الفتاة العذراء، فقالوا له يا شيخ دائماً تذكر تلك الفتاة وتمدحها، ولم تخبرنا عن حالها، فقال: ذات يوم أسعدني الوقت فطفت في الصحراء وكنت أسير في حالة من الوجد والتأمل حتى وصلت إلى ديار الكفر، فرأيت قصراً تعلقت من شرفاته ثلاث مائة رأس من رءوس البشر، فتعجبت وسألت ما هذا؟ وقصر من هذا" فقالوا: إن هذا القصر لملك له بنت أصابها الجنون، وتلك الرءوس للحكماء (للأطباء) الذين عجزوا عن شفائها، وقد نفذ سهم بسويداء قلبي بأن أتوجه إلى تلك الفتاة.
    وعندما توجهت إلى القصر ذهبوا بي إلى الملك، وعندما جلست أكرمني الملك بكثير من عطاياه ثمَّ قال أيها الشيخ الكريم ما حاجتك هنا؟ فقلت له إنني سمعت أن لك بنت قد أصابها الجنون ولي قدرة على علاجها. فقال لي انظر إلى شرفات القصر، فقلت لقد نظرت ثمَّ أتيت إليك، فقال إن هذه الرءوس لمن ادعى الطب والدواء وعجز عن العلاج، ولتعلم أنت أيضاً أن هذا مصيرك لو أخفقت في مهمتك، وسوف تعلق رأسك بحوارهم ثمَّ أمر بأن يأخذوني إلى الفتاة، وعندما سرت في ذلك القصر، قالت الفتاة للجارية أحضري الحجاب حتى أتخفى به، فقالت الجارية أيتها الأميرة لقد جاءك العديد من الحكماء ولم تتوار عن أحد منهم، فكيف تحتجبين الآن عن ذلك الشيخ، فقالت الفتاة لم يكن هؤلاء رجال إنما الرجل هو الذي دخل الآن.
    فقلت السلام عليكم، فقالت وعليك السلام يا ابن الخواص ، فقلت كيف عرفت أنني ابن الخواص؟ فقالت من هداك إلينا ألهمني بمعرفتك. ألم تعلم أن "المؤمن مرآة المؤمن" والمرآة عندما تكون صافية يظهر فيها أي شيء، يا ابن الخواص إن لي قلبًا مليئًا بالأحزان ألديك أي دواء يشفي به قلبي؟ فمرت هذه الآية على لساني  الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْر ِ اللَّهِ ( ) وعندما سمعت الفتاة هذه الآية أطلقت تنهيدة من صدرها وفقدت وعيها، وعندما أفاقت قلت لها: هيا حتى أحملك إلى ديار الإسلام، فقالت يا شيخ ما الذي يوجد في ديار الإسلام ولا يوجد هنا؟ فقلت لها هناك الكعبة المكرمة المعظمة. فقالت يا طيب القلب إذا رأيت الكعبة أتعرفها؟ فقلت نعم، فقالت انظر فوق رأسي، فنظرت فرأيت الكعبة تطوف حول رأس الفتاة. فقالت يا سليم القلب ألم تعلم أن كل من يسير بقدمه إلى الكعبة يطوف حولها، وكل من يسير بقلبه إلى الكعبة، تطوف حوله الكعبة  فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ ( ).

    أيها العاشق الطريق بينك وبين الله خطوة واحدة أتعرف ماذا تفعل؟ أقول لك دع نفسك وتقرب إليه، فإنه يقول "من تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً ومن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً" ( ) فرحمته توصلك إليه، لأن باطنك مليء بالجوهر الذي يوافق هذه الآية:  وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي ( ) .
    ومثال ذلك من أطلق سهماً على طائر فنظر الطائر خلفه وقال بلسان حاله للسهم كيف وصلت إلي؟ فقال السهم قد أعّدوني من أجلك وذلك ما وصلني إليك، وقد جاء هذا الإعداد في مقامنا "عرفت ربي بربي ولولا ربي لما عرفت ربي" فهو الذي قد عرّف نفسه لك وأعطاك مفتاح المعرفة.
    يقول سيد الملكوت () "من عرف نفسه فقد عرف ربه" ( )، فعندما تعرف نفسك تعرف الحق ، وبذلك يمنحك الحق المفتاح الذي تعرفه به، وهذه المعرفة مختلفة، فلو عرّفت نفسك بالعجز لعرّفته بالقدرة، ولو عرّفت نفسك بالضعف لعرفته بالقوة، وهذا النوع لكل شخص فيه طريق، أما النوع الآخر هو أن تعلم أن في جسدك روح وأن تلك الروح موجودة في كل مكان، وخالق العالم موجود في كل مكان، وكما أن الروح لا يعرف مكانها أحد، ويمكن أن تجدها في اليد أو القدم أو الرأس أو أي مكان في الجسد، وغير محدد مكانها، فكيف برب العالمين الذي يوجد في كل مكان، ولا يتحدد مكانه وزمانه  مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ( )
    أيها العاشق إن المتقين والمخلصين يسيرون ويمضون في درجات ولكن العارفين لا يصنفون بأي درجة ولكن درجتهم دائرة الحيرة، فجمل التاجر ينزل بالليل ويتحرك بالنهار، ولكن بقرة المعصرة في سير طوال الليل والنهار، وتطوف حول الدائرة وعيونها مقيدة وتفكر مع نفسها هل قطعت عدة مراحل؟ وفي المساء عندما يكشفوا النقاب عن عيونها تجد نفسها لازالت ترزخ في قيودها ولم تتحرك قدماً.
    فلو قلت إنني عرفت! يأتيك الرد كيف عرفت؟ ولا تجوز المعرفة لمن سألته عن الكيفية، ولو قلت إنني عرفته بوجوده، يأتيك الرد كيف عرفت العدم من الوجود؟ "العجز عن درك الإدراك إدراك" فالفراشة الضعيفة متى يمكنها أن ترى قرص الشمس" ويا مائة ألف روح طاهرة لتكوني فداء تراب نعلي ذلك الدرويش واستمع ماذا يقول لنفسه فلا تقترب من ميدان الرجال، فهناك دماء سائلة.
    رأى أحدهم "جنيد"( ) رحمة الله عليه في المنام بعد وفاته، فسأله ما فعل الله بك؟ فقال "طاحت العبارات وفاتت الإشارات وما نفعنا إلا ركعتان في جوف الليل" أي ذهبت كل العبادات أدراج الرياح ولم ينفعنا سوى ركعتي الصلاة التي أديتهما في ظلمة الليل.

    أيها العاشق اجتهد أن تقدم لملك الموت الدليل على طاعتك عندما يظلك بحكم الله، فعندما تبكي العيون، وتنفطر القلوب، ويتمنى الشيطان الإيمان وتنصب حربة الموت على صدرك. عندها يأتيك الحب والوفاق وتسمع نداء البشارة "لا تخافوا ولا تحزنوا"( ) ولو – والعياذ بالله – يأتيك العداوة والنفاق يضعوا علامة اليأس على جبهتك أن: "لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجراً محجورا"( )
    فما أكثر الأناس الذين يرتدون رداء المحبة وقد كتبت أسماؤهم في سجل الأعداء ولا يعلمون مصيرهم وما أكثر الأناس الذين يرتدون رداء الأعداء وقد وضعت أسماؤهم في سجل المقربين ولا يعرفون أجرهم.
    وقد حكوا أنه كان في بني إسرائيل عابد يدعي "برصيصا"( ) قد بلغ من العمر أربعين سنة، وقد اعتزل الناس وهجر النفس والدنيا وامتلأ قلبه بالمعرفة، فلو نظر في السماء لرأى عرش الرحمن، ولو نظر في الأرض لشاهد ظهر الحوت الذي يحملها، كما كانت له العديد من المآثر والمناقب التي يعجز اللسان عن وصفها، وله الكثير من المحامد والمحاسن والأدعية التي تفتر الأوهام والأفهام عن حصرها، وكان كل عام يتجه صوب صومعته الآلاف من المرضى والمبتلين، فكان منهم من يشكو من مرض البرص ومنهم من أصيب بالعمى ومنهم من اُبتلى بداء السل واليرقان والاستسقاء فيجتمع كل هؤلاء ويلتفوا حول صومعته.

    وعندما يظهر قرص الشمس ويبعث بأشعته على الدنيا فينيرها يخرج برصيصا على سطح صومعته، وينفس نفساً واحداً على أولئك المرضى فيتخلصون فجأة من عللهم.

    وما أعجب هذا الأمر إذ فتح الله عليه في الظاهر الكثير من خزائن لطفه وفي الباطن قد وضع سهم القطيعة في قوس الهجر، ففي الظاهر يبدو للخلائق في صورة الملاك وفي الباطن بعيد عن ذلك الكيان، أنينه من الظاهر مطلي بالفضة وفي الباطن خالي من الصدق، واعتقد ذلك المسكين أنه هو الإنسان الذي يخرج من مكانه لمساعدة أحبابه، ولم يعلم أن النداء يأتي من اللوح والقلم بأنك لا تليق بنا.
    ففي تلك المدة كان إبليس اللعين قد أطلق وساوسه في الصومعة حتى يوقع العابد في ذل المعصية، وكان إبليس كل يوم يضطرب من الغيرة والغضب على ذلك العابد الذي تزينت له شجرة الطاعة بأنواع الخيرات، حتى واتته الفرصة، وأصاب بنت الملك علة عجز الأطباء عن علاجها وكان لتلك البنت ثلاثة إخوة من الأمراء، وكان كل منهم أمير على ناحية، وذات ليلة رأى الثلاثة في منامهم أن يعرضوا علة أختهم على برصيصا، وفي اليوم التالي ذكر كل منهم ما رآه للآخر، واتفقوا على ذلك. وعزم الأمراء الثلاثة على حمل أختهم ذات الحسن والجمال إلى صومعة برصيصا، وكان برصيصا عند ذلك في صلاته، وعندما فرغ شرح له الأمراء مرض أختهم ومعالجة الأطباء لها، واتفاقهم في الرؤية، فقال برصيصا إن لدعائي وقت محدد تجاب فيه دعوتي، وعندما يأتيني هذا الوقت لن أضن عليها بالدعاء، فسلم الأمراء أختهم إلى برصيصا وخرجوا للتنزه والصيد في الصحراء، وعند ذلك حانت الفرصة لإبليس وقال لنفسه جاء الوقت الذي يمكنني فيه أن أغمس روح وإيمان السنوات العديدة للعابد في موج بحر الشهوات، وبداية تنفس في عقله الباطن، حتي فقد وعيه، ووقعت عين العابد على جمال الفتاة، وأخذ إبليس يشعل نيران الوسوسة والفتنة في عقله ويقربها لقلبه، وأغراه حتى اتبع الهوى ووقع في الزنا، ثمَّ دخل عليه إبليس في صورة شيخ كبير، وسأله عن حاله فقص عليه برصيصا ما حدث له، فقال له إبليس هون عليك فإن ابن آدم لو أخطأ جاز له ذلك، لأن الله كريم وقد فتح باب التوبة لعباده، ولكن تدبير هذا الأمر هو أن تخفيه عن إخوتها، حتى لا يعلموا به، فقال برصيصا، هيهات! كيف أحجب ضوء الشمس؟ وكيف أخفي نور النهار؟ فقال إبليس ما أسهل ذلك أقتلها وأدفنها تحت التراب وعندما يأتيك الأمراء قل لهم إنني كنت في الصلاة، وقد خرجت أختكم من الصومعة.
    فقام برصيصا وقتل الفتاة وحملها خارج الصومعة ودفنها في التراب، وبعد مدة جاء الأمراء وحولهم الخيل والحشم كالأسود المرعبة، واعتقدوا أن الزاهد قد دعا لأختهم فشفُيت، وعندما لم يجدوها سألوا العابد عنها، فأجابهم بما علمه إبليس ، فوثقوا في كلامه، وخرجوا في طلب أختهم، ,وجاءهم إبليس في صورة شيخ ممسكاُ في يده عصا وقد ربط جبهته بعمامة ووقف على رأس الطريق، وعندما شاهده الأمراء سألوه إذا كان قد رأى فتاة بهذه الصفات؟ فقال ربما تقصدون بنت الملك؟ قالوا نعم، فقال لقد زنى بها الزاهد وقتلها ثمَّ دفنها في التراب ودلهم على مكانها، فحفروا في التراب ورأوا أختهم مقتولة وجسدها ملطخ بالدماء، فصعقوا لمنظرها، وقيدوا برصيصا بالسلاسل وسحبوه إلى المدينة وصاح أهل المدينة لما حدث أو أقاموا له المشنقة.
    واجتمع الخلائق الذين كانوا يتبركون بماء وضوئه، ويتكحلون بتراب أقدامه، فكان يأتي الواحد منهم بقطعة من الحجر ويقذفه بها، وفجأة ظهر أمامه إبليس في صورة شيخ نوراني، وقال له يا برصيصا أنا رب الأرض، ومن كنت تعبده طوال تلك السنوات هو رب السماء، وما جزاء عبادتك له إلا أن أرسلك إلى المشنقة، فاسجد لي مرة واحدة، حتى أخلصك، فأومأ له برصيصا برأٍسه مشيراً بالسجود له، فجاء النداء من فوق سبع سماوات أن اقذفوا بروحه في النار، واضربوا جسده بالأحجار، وقسّموا رأسه على طيور السماء ثمَّ اجعلوا له هذا النداء  فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا ( )

    أيها العاشق هذه هي الرأس التي اختفت عن العباد ولم يعلم بأمرها أحد، قال داود عليه السلام: إلهي أطلعني على سرك فقد اعتراني الخوف والحيرة، وكان يظل طوال اليوم يدعو ويبكي حتى جاءه النداء أنك يا داود تبكي كثيراً لدرجة أنك شققت الحجر الجلمود (الصلد)، ولا أريد أن أطلعك على هذا السر، يا داود لا تطلب معرفة سري في الدنيا، حتى أبديه لك عند الموت، فقال يا رب كيف يبدو لي هذا السر عند الموت؟ فجاءه النداء أن كل سري مع عبدي حرفان وهما "لا" فإما نقول "لا تخافوا" وإما أن نقول "لا تحزنوا" وإما يأتيك النداء من اليمين أنك من السعداء أو يأتيك صوت من اليسار أنك من أهل النار، وعند الموت يمتقع لون العباد خوفاً من هذين الحرفين.
    وعندما تصل الروح إلى الحلقوم يشحب الوجه ويمتلئ القلب بالأنين وينظر إلى اليمين والشمال ليرى من أي جانب يأتيه النداء، وعند النفس الأخير يبدو للإنسان إن كان من أهل السعادة أم من أهل العذاب، فما أكثر من كان من التعساء وصار من السعداء، وما أكثر من كان من السعداء ثمَّ صار من التعساء.  يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ( ) فالصحيفة بجانبي أكتب وأمحو فلا أعرف أحد ولا أستشير أحد.


  2. #2
    باحثة وأستاذة اللغة الفارسية الصورة الرمزية د. فدوى
    تاريخ التسجيل
    11/03/2007
    العمر
    51
    المشاركات
    491
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رد: المجالس الخمسة لسعدى الشيرازى


    شكرا للأستاذ القدير د.رأفت رشوان على إغنائه هذا المنتدى بنصوص قيمة و مختارة من الشعر الكلاسيكي الفارسي و تقديمة لترجمة جيدة و دقيقة للنص الأصلي المكتوب باللغة الفارسية ، أثمن هذه الترجمة الجيدة التي تجعلنا نقرء النص المترجم و كأنه كتب بلغته الأصلية ، إضافة إلى كون الترجمة قد حفظت المفاهيم العميقة و القيمة للنص و بلورتها في لغة
    عربية فصيحة و متينة...لقد جاه النص موحيا و معبرا وواصفا و مغنيا للقارئ بقيم فكرية و دينية و أخلاقية ، فشكرا للدكتور الفاضل رشوان على هذه المشاركة القيمة .

    احترامي و تقديري الخالصين

    د.فدوى الشكري ، أستاذة للغة الفارسية ، مترجمة ، باحثة في مجال الداراسات الشرقية / سفيرة واتا في المغرب.

  3. #3
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    15/02/2009
    المشاركات
    7
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: المجالس الخمسة لسعدى الشيرازى

    ما شــاء الله دز رأفت رشوان موضوع قيم جزاك الله خيرانقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


  4. #4
    عـضــو الصورة الرمزية د.رأفت رشوان
    تاريخ التسجيل
    11/10/2008
    العمر
    46
    المشاركات
    25
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: المجالس الخمسة لسعدى الشيرازى

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. فدوى مشاهدة المشاركة

    شكرا للأستاذ القدير د.رأفت رشوان على إغنائه هذا المنتدى بنصوص قيمة و مختارة من الشعر الكلاسيكي الفارسي و تقديمة لترجمة جيدة و دقيقة للنص الأصلي المكتوب باللغة الفارسية ، أثمن هذه الترجمة الجيدة التي تجعلنا نقرء النص المترجم و كأنه كتب بلغته الأصلية ، إضافة إلى كون الترجمة قد حفظت المفاهيم العميقة و القيمة للنص و بلورتها في لغة
    عربية فصيحة و متينة...لقد جاه النص موحيا و معبرا وواصفا و مغنيا للقارئ بقيم فكرية و دينية و أخلاقية ، فشكرا للدكتور الفاضل رشوان على هذه المشاركة القيمة .

    احترامي و تقديري الخالصين
    quote=د. فدوى;300506]

    الدكتورة الفاضلة /فدوى الشكرى
    شكرا لكم أنتم فهذا المنتدى غنيا بكم وبأعمالكم المثمرة ومتابعة المشاركين فى المنتدى
    احترامي و تقديري الخالصين لمتابعتكم الطيبة
    مع رجاءالمواصلة والمتابعةبرؤيتكم الثاقبة
    [/quote]


  5. #5
    عـضــو الصورة الرمزية د.رأفت رشوان
    تاريخ التسجيل
    11/10/2008
    العمر
    46
    المشاركات
    25
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي رد: المجالس الخمسة لسعدى الشيرازى

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة حسن العماري مشاهدة المشاركة
    ما شــاء الله دز رأفت رشوان موضوع قيم جزاك الله خيرانقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    quote=د. فدوى;300506]

    الأستاذ الفاضل/حسن العمارى
    شكرا لكم ولمتابعتكم للموضوعات المنشورة فى المنتدى
    احترامي و تقديري الخالصين
    مع رجاءالمواصلة والمتابعة
    [/quote]


  6. #6
    عـضــو الصورة الرمزية نجوى النابلسي
    تاريخ التسجيل
    02/12/2008
    العمر
    71
    المشاركات
    895
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي رد: المجالس الخمسة لسعدى الشيرازى

    الدكتور رأفت رشوان المحترم

    غاية في الإبداع لأني حسبت النص كتب بالعربية فلا المعنى منقطع ولا مبهم ولا ركيك بل محكم مفسر.

    النص نور في علم العارفين وددت الاستزادة من مثله.

    "وقد حكوا أنه كان في بني إسرائيل عابد يدعي "برصيصا"( ) قد بلغ من العمر أربعين سنة، وقد اعتزل الناس وهجر النفس والدنيا وامتلأ قلبه بالمعرفة، فلو نظر في السماء لرأى عرش الرحمن، ولو نظر في الأرض لشاهد ظهر الحوت الذي يحملها،"

    لكن الجملة أعلاه استوقفتني وللصدفة قرأت أمس حديثاً عن ابن عباس وابن مسعود في تفسير ابن كثير يحكي حول ذات الموضوع أن الأرض على ظهر حوت. فهل هذا الحديث مقبول علمياً ومنطقياً أم أنه من الإسرائليات ولماذا نبقي على مثل هذه الأحاديث وكيف نقلت ومن يعتبرها صحيحة؟

    أشكرك وأود فعلا الاستزادة من هذه العلوم



    A great truth is a truth whose opposite is also a great truth

  7. #7
    عـضــو الصورة الرمزية غادة فؤاد
    تاريخ التسجيل
    30/09/2006
    المشاركات
    75
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رد: المجالس الخمسة لسعدى الشيرازى

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الأخ العزيز الدكتور رأفت
    اختيار موفق فسعدى الشيرازى من الشعراء الخالدين و يعتبر شاعر عالمى و أنا قرأت له البوستان و الگلستان
    بارك الله فيك و دائما نستفيد من حضرتك نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •