محور "الإعتلال"العربي :"مُت...معتدلاً"!!


أمين الوائلي
(الذبيحة مطالبة بالاعتدال، والجزار مدعو إلى أن “يحسن الذبحة”!)

. على سكان غزة ألا يطالبوا بأكثر من ذلك .. وعليهم ألا “يتطرفوا” أو يطالبوا بحقهم في “الخبز” و”الماء” و”الهواء” .. ولاحقاً الدواء والكهرباء! أو ربما يتطرفون أكثر ويطالبون بـ “السلام”!

. “الإرهاب” مرفوض جملة واحدة. ولذلك فإنه من غير المسموح به أن يضع الفلسطيني قائمة بشروطه “الإرهابية” ومنها على سبيل المثال : إيقاف المجزرة الصهيونية ورفع الحصار ومداواة آلاف المرضى والجرحى والسماح بدخول الدقيق الاسترالي لسكان غزة!!

عوضاً عن ذلك تناط بإسرائيل ومدمراتها مهمة “لجم الإرهاب” وإدخال آلاف الأطنان من الصواريخ والقنابل والقذائف - براً وبحراً وجواً - إلى غزة على سبيل الإغاثة الإنسانية العاجلة! ولمصلحة “السلام”!، ودعماً لجهود محور “الاعتدال” المرضى عنه!

ينبغي - بأمر التضامن العربي والإملاء الأمريكي - أن يشدد الحصار على سكان غزة، وأن يمنع الماء والغذاء والدواء والوقود عن أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني خدمة لهؤلاء بالمقام الأول! لأن هذا وحده الإجراء الأهم.

. في إطار عملية “التنمية الشاملة” و”التحديث المدني” و”السلام الدائم”، والذي لن يتحقق طالما وهناك من يطالب بالدقيق والماء والمضادات الحيوية وحليب “النيدو” أو يدعي أن من حقه استعادة جزء من أرضه وحقله ليقيم فوقه خيامه، وهذا مبلغ التطرف والإرهاب!!

ولكن ما من حصار أمام آلة الحرب والدمار، وينبغي أن تظل الطريق سالكة والأجواء مفتوحة والبحار مشرعة أمام طائرات وقاذفات وصواريخ ومدمرات ودبابات الجيش الصهيوني .. لتلقين الجياع والمرضى والأطفال والنساء والعجائز من “المتطرفين والإرهابيين” في قطاع غزة درساً في “الاعتدال” و”السلام الشامل” و”الديمقراطية” الغنية بفيتامينات “مُت” وأخواتها!

. الشرعية الدولية والاتفاقيات الدولية والتعهدات الدولية .. كلها توجب إغلاق المعابر ومحاصرة سكان غزة وخنقهم حتى الموت .. جوعاً ومرضاً وقصفاً وقهراً .. وكلها تعهدات ومواثيق يجب الوفاء بها وحماية مفاعيلها على الأرض. ولو .. نحن أمة تحترم “الشرعية الدولية” (بالمليان)!

ولا أحد سيقول إن هناك مواثيق أو تعهدات أو مبادئ توجب حماية سكان غزة والمدنيين المحاصرين المجوعين هناك؛ من بطش ونازية العدو الصهيوني! ولا أحد سيكتشف قانوناً واحداً يجرم القتل ويحرم الإبادة ويكفل للإنسان حق الحياة!

,”الاعتدال” أولاً .. “الاعتدال” أخيراً .. القتلة دائماً. هكذا يحارب الإرهاب، أو قل هكذا يصنع ويعاد إنتاجه وتعميمه؛ ثأراً .. أو نقمة .. أو قصاصاً أو انتقاماً، لا فرق. كل ذلك كائن وسيكون حتى يعتدل الميزان.

إنهم لا يفهمون بعد ذلك : لماذا الفلسطينيون لا يحبون إسرائيل؟ أو لماذا هذه الشعوب المقموعة والمقهورة والمدجنة لا تؤمن بأمريكا ولا ببيتها الأبيض؟ وسوف يعيد زبانية واشنطن السؤال الغبي والأحمق - ذاته - مجدداً .. ولمرات قادمة : “لماذا يكرهوننا”؟!

. هل يملك أحدكم إجابة “معتدلة”؟!

حسناً إذاً .. كلكم “إرهابيون” .. كلنا “متطرفون”، وحتى يحين الدور علينا .. لنأخذ أماكننا في الطابور .. لنقف في صف واحد - وكفى!