آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: إستوقفتني مقالة مؤثرة بعنوان ولدي

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية عمر كركاشة
    تاريخ التسجيل
    09/08/2007
    المشاركات
    214
    معدل تقييم المستوى
    17

    Post إستوقفتني مقالة مؤثرة بعنوان ولدي

    ولدي

    إذا كنت تتلذذ وتتنفس بالأدب فعليك تأمل هذه المقالة الساحرة المؤثرة
    كنت أتصور أن الشعر وحده هو الذي يملك هزّ المشاعر, وإثارة الأحاسيس وتصوير دقائق النفس,وخلجات الضمير,فلما قرأت هذه المقالة قلت:أشهد أن من النثر ما يتفوق على الشعر.إن الكاتب البارع والإنسان البليغ يستطيع أن يعبر عما في نفسه وما يختلج في مشاعره وينقل تجربته إلى غيره فيجعلهم يعيشونها معه وليس شرطا أن تكون في قالب من الشعر .

    قرأت هذه المقالة للأديب المسلم العربي المتألق أحمد حسن زيات-رحمه الله-أستاذ الكلمة وقبطان العبارة وملك الأسلوب, صاحب مجلة الرسالة الرائدة,ذلك الأديب المسلم الغيور الذي كانت له كتابات إسلامية رائعة أسأل الله أن يأجره عليها,فقلّما تجد في عصره أعذب من أسلوبه,أو أجمل من مقالاته,أو أصدق من انفعالاته, إنه علَمٌ شامخ في فن الكتابة العربي الأصيل السهل الممتنع,على العموم ليس هذا ميدانا للحديث عن الزيات-رحمه الله- ولكنني قرأت له هذه المقالة التي يرثي فيها ابنه{رجاء} الذي جاءه على شوق وطول انتظار ثم اختطفته المنايا وهو في عمر الزهور كما يقال,لن أطيل في الكلام يا أخي العزيز عن المقالة ولكني أذكر لك تجربتي معها ولا أدري ربما يكون تأثري البالغ بها لأنني بفضل الله تعالى شاب عاطفي إلى حد كبير حتى إنني لو رأيت هرة في الطريق دهستها سيارة أو تتلوّى من الألم فإني لا أملك دموعي فكيف بمقال كهذا المقال الذي يرثي فلذة الكبد,ويصور مرارة اللوعة على فقد الولد.

    والذي نفسي بيده إنني حينما قرأتها أخذت أنتفض وأبكي وأصيح وكأنني مجنون أو أُصبت بمصيبة كبيرة أو نزلت بي نازلة عظيمة,فأتركك الآن مع البيان الساحر, والعبارة الصادقة,والكلمة المؤثرة.


    {ولدي}هكذا وبهذا العنوان كتب مقالته الأديب البارع والأستاذ اللامع أحمد حسن زيات بعد أن وضع بجوار العنوان صورة لولده رجاء رحمهما الله تعالى:

    يا قارئي أنت صديق فدعني أُرق على يديك هذه العبارات الباقية.هكذا ولدي كما ترى,رُزقته على حال عابسة كاليأس,وكهولة بائسة كالهرم,وحياة باردة كالموت,فأشرق في نفسي إشراق الأمل,وأورق في عودي إيراق الربيع,وولّد في حياتي العقيمة معاني الجدّة والاستمرار والخلود.

    كنت في طريق الحياة كالشارد الهيمان,أنشد الراحة ولا أجد الظل,وأُفيض المحبة ولا أجد الحبيب, وألبس الناس ولا أجد ما ألبس,وأكسب المال ولا أجد السعادة وأعالج العيش ولا أدرك الغاية..

    كنت كالصوت الأصم لا يرجّعه صدى,والروح الحائر لا يقرّه هدى, والمعنى المبهم لا يحدده خاطر؟

    كنت كالآلة أنتجتها آلة واستهلكها عمل,فهي تخدم غيرها بالتسخير,وتميت نفسها بالدؤوب,ولا تحفظ نوعها بالولادة,فكان يصلني بالماضي أبي,ويمسكني بالحاضر أجلي,ثم لا يربطني بالمستقبل رابط من أمل أو ولد. فلما جاء "رجاء" وجدتُني أُولد فيه من جديد,فأنا أنظر إلى الدنيا بعين الخيال,وأبسم إلى الوجود بثغر الأطفال, وأضطرب في الحياة اضطراب الحي الكامل يدفعه من ورائه طمع, ويجذبه من أمامه طموح.

    شعرت بالدم الحار يتدفق نشيطاً في جسمي,وبالأمل القوي ينبعث جديدا في نفسي,وبالمرح الفتي يضج لاهياً في حياتي,وبالعيش الكئيب تتراقص على حواشيه الخضر عرائس المنى. فأنا ألعب مع رجاء بلُعبه,وأتحدث بلُغته,وأتبع عقلي هوى رجاء فادخل معه دخول البراءة في كل ملهى,وأطير به طيران الفراشة في كل روض,ثم لم يعد العمل الذي أعمله جديراً بعزمي,ولا الجهد الذي أبذله كفاءً لغايتي,فضاعفت السعي, وتجاهلت النصب, وتناسيت المرض, وطلبت النجاح في كل وجه.ذلك لأن الصبي الذكي الجميل أطال حياتي بحياته,ووسّع وجودي بوجوده,فكان عمري يغوص في طوايا العدم قليلاً قليلاً ليمد عمره بالبقاء, كما يغوص أصل الشجرة في الأرض ليمد فروعها بالغذاء.

    شغل رجاء فراغي كله,وملأ وجودي كله, حتى أصبح شغلي ووجودي؟ فهو صغيرًا أنا, وأنا كبيرًا هو,يأكل فأشبع,ويشرب فأرتوي,وينام فأستريح,ويحلم فتسبح روحي وروحه في إشراق سماوي من الغبطة لا يوصف ولا يحد..

    ما هذا الضياء الذي يشع في نظراتي؟ ما هذا الرجاء الذي يشيع في بسماتي؟ ما هذا الرضا الذي يغمر نفسي؟ما هذا النعيم الذي يملأ شعوري؟ ذلك كله انعكاس حياة على حياة, وتدفق روح في روح,وتأثير ولد في والد؟؟ثم انقضت تلك السنون الأربع؟ فطوّحت الواحة وأوحش القفر,وانطفأت الومضة وأغطش الليل,وتبدد الحلم وتجهم الواقع, وأخفق الطب ومات رجاء..

    يا جبار السماوات والأرض رحماك, أفي مثل خفقة الوسنان تبدّل الدنيا غير الدنيا,فيعود النعيم شقاء, والملاء خلاء, والأمل ذكرى؟ أفي مثل تحية العجلان يصمت الروض الغَرِد, ويسكن البيت اللاعب,ويقبح على غشاء الصدر ومراق البطن فيرمض الحشا ويذيب لفائف القلب؟

    إن قلبي ينزف من عيني عبرات بعضها صامت وبعضها مُعول. فهل لبيان الدمع ترجمان,ولعويل الثاكل ألحان؟إن اللغة كون محدود فهل تترجم اللانهاية؟ وإن الآلة عصب مكدود فهل تعزف الضرم الواري؟

    إن من يعرف حالي قبل رجاء وحالي معه يعرف حالي بعده.أشهد لقد جزعت عليه جزعاً لم يغن فيه عزاء ولا عظة.كنت أنفر ممن يعزيني عنه لأنه يهينه, وأسكن إلى من يباكيني عليه لأنه يُكبِره,وأستريح إلى النادبات يندبن الكبد الذي مات,والأمل الذي فات,والملك الذي رفع,

    لم يكن رجاء طفلاً عادياً حتى أملك الصبر عنه وأطيع السلوان فيه,إنما كان صورة الخيال الشاعر ورغبة القلب المشوق. كان وهو في سِنه التي تراها يعرف أوضاعه الأدب,ويدرك أسرار الجمال, ويفهم شؤون الأسرة, ويؤلف لي{الحواديت}كلما ضمني وإياه مجلس السمر. كان يجعل نفسه دائماً بطل{الحدوته}فهو يصرع الأسود التي هاجمت الناس من حديقة الحيوانات,ويدفع{العساكر}عن التلاميذ في أيام المظاهرات,ويجمع مساكين الحي في فناء الدار ليوزع عليهم ما صاده ببندقيته الصغيرة من مختلف الطير.وألهف نفسي عليه يوم تسلل إليه الحِمام الراصد في وعكة قال الطبيب إنها {البرد}ثم أعلن بعد ثلاثة أيام أنها {الدفتريا} لقد عبث الداء الوبيل بجسمه النضر كما تعبث الريح السموم بالزهرة الغضة. ولكن ذكاءه وجماله ولطفه ما برحت قوية ناصعة,تصارع العدم بحيويته الطفولة.

    وألهف نفسي عليه ساعة أخذته غصة الموت, وأدركته شهقة الروح,فصاح بملء فمه الجميل:{بابا..بابا}كأنما ظن أباه يدفع عنه مالا يدفع عن نفسه. لنا الله من قبلك ومن بعدك يا رجاء, وللذين تطولوا بالمواساة فيك السلامة و البقاء.

    من العظماء من يشعر المرء فى حضرته أنه صغير ولكن العظيم بحق هو من يشعر الجميع في حضرته بأنهم عظماء
    نرحب بكم بزيارة منتدانا الجديد الغدير ملتقى الفكر والابداع بمشاركاتكم واقتراحاتكم

    للتواصل : okprince1@hotmail.com

  2. #2
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    10/11/2008
    العمر
    38
    المشاركات
    1,091
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: إستوقفتني مقالة مؤثرة بعنوان ولدي

    شكرا أخي عمر - امير الشوق -..
    مشهد مؤثر بحق ....,يجعلك تغوص في عمق الفكرة.
    فالنثر إذا وجد كاتبا مطواعا صنع الأعاجيب...., خاصة إذا كان الكاتب يحمل من الأحاسيس و المشاعر المتنوعة الكثير ,فالكاتب هنا تنوعت أحاسيسه من الشعور بالضياع, إلى الحب, إلى الشوق لولده...و مشاعر أخرى يمكن رصدها من خلال القراءة العميقة لفحوى المكتوب.
    كما أن الظروف المحيطة بالشخص قد تجعله مبدعا....,مثل الياباني الذي استغل كل شيئ لصالحه رغم الكوارث الطبيعية اليومية التي تقف كعائق أمام تطوره.

    جزاك الله خيرا على المعلومة.
    موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .

    [frame="2 98"]
    "Make no mistake, translation is a gift--it is not just a matter of speaking several languages."
    les traductions, comme les femmes, pour être parfaites, doivent être à la fois
    fidèles et belles
    [/frame]

  3. #3
    عـضــو الصورة الرمزية عمر كركاشة
    تاريخ التسجيل
    09/08/2007
    المشاركات
    214
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: إستوقفتني مقالة مؤثرة بعنوان ولدي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عائشة خرموش مشاهدة المشاركة
    شكرا أخي عمر - امير الشوق -..
    مشهد مؤثر بحق ....,يجعلك تغوص في عمق الفكرة.
    فالنثر إذا وجد كاتبا مطواعا صنع الأعاجيب...., خاصة إذا كان الكاتب يحمل من الأحاسيس و المشاعر المتنوعة الكثير ,فالكاتب هنا تنوعت أحاسيسه من الشعور بالضياع, إلى الحب, إلى الشوق لولده...و مشاعر أخرى يمكن رصدها من خلال القراءة العميقة لفحوى المكتوب.
    كما أن الظروف المحيطة بالشخص قد تجعله مبدعا....,مثل الياباني الذي استغل كل شيئ لصالحه رغم الكوارث الطبيعية اليومية التي تقف كعائق أمام تطوره.

    جزاك الله خيرا على المعلومة.
    موفق بإذن الله ... لك مني أجمل تحية .
    تحية غالية أختاه عائشة
    يسعدني أن تكوني الاولى لترك بصمتك في هذه الصفحة والمقالة الساحرة
    فأنت كالفراشة الجميلة تحوم من كل بستان زهرة
    ..جميل جدا هذا أختاه ..دومي على الوفاء
    حقا إن الكاتب البارع يستطيع أن يبدع خصوصا كما ذكرت أن الاحاسيس والمشاعر تلعب دوار بارزا
    فلقد أثرت في كاتبنا فيه فكان نبعه صافيا مبدعا صادقا من القلب
    أشكرك أيتها الطيبة على قراءة هذه المقالة ومرورك العطر
    أبيت أن أرمي إحساسي بهذه المقالة بين أيديكم عسى أن تشاركوا تأثري فيها
    دمت ودام وفاءك أوفى أختاه عائشة
    شكر ا لك... لك كل الود والوفاء
    تحياتي
    أمير الشوق

    من العظماء من يشعر المرء فى حضرته أنه صغير ولكن العظيم بحق هو من يشعر الجميع في حضرته بأنهم عظماء
    نرحب بكم بزيارة منتدانا الجديد الغدير ملتقى الفكر والابداع بمشاركاتكم واقتراحاتكم

    للتواصل : okprince1@hotmail.com

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •