السلوك الإنساني
الحقيقة والخيال !
من منشورات الدكتور فخري الدباغ رحمة الله عليه في مجلة العربي الكويتي

الفصل الرابع / العلم وتطْبيقاته الإنسَـانيّة :
الذاكِـرة وفَـن الحفظ

عرفوا الذاكرة بأنها (قابلية الإنسان للاحتفاظ بالتجربة والمعرفة واستدعائها وتذكرها عند اللزوم) .
وقالوا أنه : (لا يتصور تقدم حضاري ولا تعلم دون الذاكرة ...)
وقد يبدو هذا الحكم مبالغا فيه ، ولكنه الحقيقة بذاتها ، ولنبدأ منذ الساعة الأولى التي يدخل فيها الطفل مدرسته الابتدائية ليتعلم الألف والباء .. والواحد والاثنين .. وكيفية كتابتها .. فإنه دون قابلية الدماغ للتسجيل والخزن والتذكر سيضطر ذلك المخلوق إلى عادة تعلمها في اليوم الثاني والثالث .. وحتى آخر العمر .. دون أن يتقدم قيد أنملة في دروب المعرفة بسبب نسيان ما تعلمه . ويترب على ذلك أن كل خبرة عملية وكل حركة يكتسبها بالتجربة تفلت منه حال غيابها وعبورها في الزمن ، إذ بغير الذاكرة لن يتمكن من إعادتها وتذكرها والاستفادة منها في تجربة جديدة ، ونستطيع أن نتصور كيف أن الإنسان بغير ذاكرته لن يتمكن من تصحيح أغلاطه السابقة في التعلم ، بل كيف تبهره كل تجربة أو معرفة جديدة ، وكيف تبدو له الأشياء غريبة جديدة مهما تكرر ظهورها وعودتها . وبما أن التعلم لا يبدأ في المدرسة بل منذ اللحظة الأولى التي يستقبل بها المرء حياته بعد ولادته من رحم أمه فإنه بالأحرى لن يستطيع تمييز الأصوات والأشياء .. ولن يحفظ أسارير وجوده أمه وأبيه وإخوته وتقاطيعها .
الذاكرة إذن هي السر وراء كل تقدم حضاري ، ولولاها لبقي الإنسان مخلوقا يتنافس مع القردة في لغات الغابات وأحراش البسيطة ، ولظلت الحياة دون قراءة وكتابة ، وبغير علوم أو اختراعات أو اكتشافات .
ذاكرة البشر متفاوتة :
لا يوجد إنسان بغير ذاكرة مهما كانت درجة ذكائه متدنية ، ولكن القابليات العقلية متنوعة فهناك أناس يمتلكون قابلية ذهنية على حل المسائل الرياضية ، وآخرون على الكلام والحفظ ، وآخرون على الإنجاز والمهارة العملية اليدوية ... وهكذا . والذاكرة كإحدى الملكات العقلية لا توجد بصورة متساوية لدى كل الأفراد ، وقد يمتلك فرد ذاكرة قوية جدا ، ولكنه لا يمتلك قابلية رياضية أو مهارة عملية مناسبة بل قد يكون معدل ذكائه العام اعتياديا أو هابطا أو ممتازا . وفي علم النفس أمثلة على مجموعة من الأفراد أطلق عليهم اصطلاح (الأغبياء – الموهوبون) ، وهم من ذوي الذكاء الهابط ولكنهم يمتازون بذاكرة قوية في إحدى القابليات الحسية . فمثلا هناك طفل عمره 9 سنوات كان يحفظ مواعيد سير القطارات بين مدينتي لندن ومدينة برايتون لمدة أربع سنوات متتالية . وهناك طفل عمره 7 سنوات كان يحفظ أسماء جميع أزهار حديقتهم باللغة اللاتينية ... وآخر عمره 11 سنة كان يستطيع العزف على البيانو بعد سماعه أي لحن مباشرة .
عباقرة الذاكرة :
ويمتلك بعض الأفراد ذاكرة حادة تثير الدهشة والاستغراب أحيانا لأنها تفوق ما تعودنا عليه وما هو مألوف عن الذاكرة . (والحكاية) التي تروي عن أبي العلاء المعري خير مثال على حدة الذاكرة . فقد طرق بابه شخص فارسي غريب لا يعرف العربية يسأله عن أحد سكان بلدته (معرة النعمان) إذ لم يجده في داره ... ولما كان الرجل الغريب راحلا فقد هون عليه أبو العلاء مشكلته بأن طلب منه أن يقول له ما يريد قوله لذلك الغائب . وكانت رسالة الغريب بالفارسية وحفظها أبو العلاء لتوه ، ثم أعاد تلاوتها على الشخص الثاني بعد قدومه دون أن يفقه معناها ، وكانت رسالة ذات أخبار سيئة . ! وإذا نحن بررنا قوة ذاكرة أبي العلاء بكونه أعمى ومرهف الحس ، فإن أشخاصا آخرين لم يكونوا عميانا مثله ، كما سنرى . وفي العصور التي سبقت ظهور الطباعة والصحافة والتسجيلات على الاسطوانات والشرائط ، استغل ذوو الفطنة من أصحاب الذاكرة القوية قابليتهم في أغراض متعددة ، منها التاريخية ، ومنها العملية ، أو الفنية أو التجارية وظهرت أسماء لامعة لأصحاب الذاكرة المدهشة .
فالمدعو (وليم وودفول) (1746-1803 م) كان يستطيع إعادة ذكر كل ما سمعه من حديث بصورة دقيقة ومباشرة ، ولذلك عمل مخبرا صحفيا ينقل وقائع جلسات البرلمان البريطاني إلى صحيفة (مورننج كرونيكل) اللندنية دون تدوينها أو فقدان شيء منها ! ...
أما (وليم بوتيل) (1875-1956 م) ، فقد كسب عيشه من ذاكرته الخلابة إذ عمل في مسرح (بالاس) في لندن يوميا طيلة أثنى عشر شهرا في إحدى السنوات وكان يظهر على المسرح ليجيب عن الأسئلة المتعددة التي يطرحها عليه الجمهور حول حوادث وشخصيات شهيرة كان يحفظ تفاصيلها بدقة . وقد تجول في أرجاء الإمبراطورية البريطانية والولايات المتحدة الأمريكية عدة سنوات ممارسا تلك المهنة ! ..
أما ابن الحائك الفقير (ريتشارد بوسن) (1759-1808 م) ، فقد برع في حفظ المقطوعات الأدبية بنصها ، والمسائل الرياضية ، واللغة الإغريقية . وتدرج في الدراسة الجامعية – برعاية المحسنين إلى أن تخرج من جامعة كمبردج ، وأصبح أستاذا للغة الإغريقية في جامعة كمبردج ذاتها ، ثم مديرا لمكتبة المعهد البريطاني .
كل هذه الأمثلة الواقعية تدل على أن قوة الذاكرة - كما ذكرنا- توجد في أشخاص ذوي مستويات ذكاء متفاوتة دون اشتراط إصابتهم بعاهات حسية أخرى أو بالغباء الموجود لدى (الأغبياء الموهوبين) الذين تطرقنا إلى ذكرهم .
الشعور ، واللاشعور ، والذاكرة :
عندما يفكر الإنسان ويجادل ويمارس التجربة والدراسة أو الانفعال فإن كل ما يدور أثناء ذلك من عمليات عقلية يتم بوعي منه ، أي أنه يشعر وينتبه ويركز على الموضوع الدائر آنئذ . والوعي الآني في لحظة ما قد يصبح بعد لحظات أو دقائق في عداد النسيان ، لأن الإنسان ينتقل إلى حالة شعور ووعي آخر ، أي أن دائرة الوعي تنتقل إلى موضوع آخر . ولكن ما يتعلمه الإنسان لا ينعدم بالحقيقة بل يحفظ في مكان ما من دماغه ليرجع ثانية إلى مستوى الوعي والشعور عندما (يتذكر) الإنسان ما تعمله سابقا .
هذا (النسيان الوقتي أو الخزن في مستويات خارج نطاق الوعي .. بل هذه الذكريات القديمة التي تقفز فجأة أمام الشعور بعد أن تصورنا اختفاءها كلها هي التي دفعت (سيجموند فرويد) إلى تقديم نظرية (اللاشعور) في البناء العقلي للإنسان . وهي النظرية التي أصبحت حقيقة لا مكان لدحضها إذ أن كثيرا من ظاهر الحياة العقلية للإنسان يؤيدها . وبما أن دائرة الوعي والشعور محصورة بوقت زمني قصير ، وبما أن اللاشعور هو خزان كبير لكل ما يطرحه الوعي خارج حدوده ، فإن اللاشعور يجب أن يكون كبيرا ضخما تقبع فيه الذكريات المؤلمة أو العنيفة أو المرعبة أو التي لا حاجة لها ، كما تكمن فيه أيضا الأهواء والميول التي سيطر عليها العقل الواعي وطردها من الشعور لوقاحتها أو رذيلتها أو مخالفتها للعرف والتقاليد والمثل .
ومن دلائل وجود ذاكرة مخزونة تحت الشعور أننا كثيرا ما نريد تذكر كلمة أو حادثة ونشعر بحماس أنها قريبة منا وأنها على طرف اللسان ، ثم إذا بها تظهر فعلا وتدخل في نطاق الوعي ..
إن فرويد وعلماء الفسلجة العصبية الحديثة لم يستطيعوا إلى الآن أن يحددوا ماهية اللاشعور وموقعه وآلياته ..
التفسير الفسلجي – العصبي للذاكرة :
منذ أن عرف الدماغ على أنه مركز العقل والشعور والسلوك ، حاول علم الفسلجة والجهاز والعصبي معرفة المواقع والأسرار للعمليات الذهنية المختلفة للإنسان ، وما توصل إليه كثير ولكنه لا يزال يعتبر نزرا يسيرا بالنسبة إلى المجهول الذي لم يكتشف بعد .
ويستمد العلماء معرفتهم عن العقل البشري من مختلف الأمراض التي تصيب الدماغ الإنساني .. وأثناء العمليات الجراحية ، ومن الاختبارات والتجارب الفسلجية التي يمكن إجراؤها دون أذى على الإنسان ، ويستند القسم الآخر من المعلومات التجريبية المطبقة على أدمغة الحيوانات (كالفئران والأرانب والقطط والكلاب والقردة) على أساس أن التركيب الحياتي (البيولوجي) للكائنات الحية يشترك في أصول متشابهة نوعا ما .
وأسرار الذاكرة وما تتضمنه من تسجيل للحوادث والمعرفة وخزنها وربطها ثم إعادتها بعد حقبة من زمن قد تستغرق عشرات السنين هي من جملة ما حاول علم فسلجة الجهاز العصبي دراسته . وكان اختراع الآلة الحاسبة والالكترونية (الكمبيوتر) نموذجا مبسطا أو (ساذجا) لذاكرة العقل البشري ، وعن طريق الحاسبة حاول بعض العلماء تفسير ذاكرة الإنسان بأنها عملية تسجيل تتم في أحد مواقع المخ وتنقل إلى موقع آخر تخزن فيه ثم تسحب في كل مرة يأتيها إيعاز بذلك .
أما علم الفسلجة العصبية فقد توصل إلى (مبادئ) أولية عن عملية الذاكرة نوجزها بما يلي : إن الفص الصدغي للمخ يستلم المعلومات الأولى عن طريق الحواس المعروفة ليبدأ عملية التسجيل والنقل . وقد وجد جراح الجملة العصبية الشهير (بنفيلد) أنه عندما قام بتحفيز جزء من ذلك الفص بالتيار الكهربائي على أحد مرضاه أثناء عملية جراحية ثم سأل المريض عن مشاعره في تلك اللحظة قال المريض أنه (تذكر) حوادث قديمة جدا تعود إلى الطفولة وبصورة خلابة واضحة ، كذلك وجد نفس الجراح أنه عندما قام باستئصال جزء من الفص الصدغي الذي يحتوي على الجزء المسمى بـ (قرن آمون) فقد ذلك المريض ذاكرته الحديثة بينما احتفظ بكل ذكرياته القديمة حتى ساعة العلمية الجراحية ، وعندما انتقل المريض بعد العملية إلى دار جديدة بدأ ينسى موقع داره والطريق المؤدي إليها والمعلومات والأسماء الجديدة التي ترد إليه . وهناك تجارب كثيرة أخرى تشير إلى أن منطقة الفص الصدغي واتصالاته الأخرى مع بقية أجزاء المخ هي الجزء الأول المسؤول عن الذاكرة الحديثة وتسجيلها .
وتحوم شكوك أخرى حول عملية التسجيل وكيف أنها تتم داخل خلايا الدماغ وبواسطة جزئيات لمواد كيماوية حيوية هي حوامض نووية بروتينية وأن تلك المعلومات والذكريات تنقل على تلك الجزئيات إلى خلايا أخرى في موقع آخر من الدماغ ربما توجد في مناطق سفلية وعميقة منه تتعلق بالجهاز الشبكي ومما يعزز هذه النظرية أن مادة (البيورومايسين) والتي تخمد نشاط جزئية الحامض النووي تؤدي إلى خفوت الذاكرة الحديثة وفقدانها كما أن الجزئيات الحاملة لمعلومات حديثة إذا ما أخذت وحقنت بجسم حيوان آخر من نفس النوعية يكتسب المعلومات الجديدة مباشرة .
إن بساطة هذه الاكتشافات بالنسبة إلى عظمة ما هو قائم فعلا ومجهول يوضح بجلاء الحبكة الآلهية والإتقان الكيمياوي والعصبي لعمل الدماغ .
أمراض الذاكرة :
والنسيان هو مرض الذاكرة ، وهو العملية المعاكسة للتذكر . ولكن كيف يتم النسيان ؟ .. يحاول علم النفس تفسير عملية النسيان بالعوامل التالية :
1- النسيان النفسي : وهو تطبيق للمثل القائل (في النسيان الشفاء ..) أي أن الإنسان ينسى أو يتناسى ما يؤلمه أو يزعجه أو يربك حياته وهو نسيان ذو هدف وباعث ، أي أنه وسيلة للهرب والتجاهل وهو ما يؤكد عليه علم النفس في حوادث الكبت وفقد الذاكرة الهستيري في الحروب والصدمات المفاجئة عندما ينسى المحارب اسمه أو رقمه وموطنه بصورة وقتية . ويتضح هنا دور التحليل والعلاج النفسي في استرجاع الذاكرة التي حاول الفرد دفنها إلى الأبد ..
2- النسيان بالتشويش والتداخل فالتداخل الحاصل من الورود والدخول لمعلومات جديدة أخرى تحل محل الذكريات التي سبقتها أو تضعفها يؤدي إلى النسيان ، وهكذا . ويتم التداخل بطريقتين :
أ- عندما تؤثر المعلومات الجديدة على سابقتها وتضعفها وهو ما يسمى (بالكف المتأخر) .
ب- أو على العكس ، أي عندما تؤثر المعلومات القديمة الراسخة على الجديدة وتضعف من ثباتها ، وهو ما يسمى بالكف المتقدم .
3- النسيان من قلة الاستعمال : أي أن كل معرفة تتآكل وتذوي على مر الزمن من قلة الاستعمال . وهي نظرية غير قوية لأننا كثيرا ما نتذكر حوادث قديمة جدا بكل دقائقها .
4- النسيان الناتج عن أمراض الدماغ العضوية ، فكل مرض يؤدي إلى موت بعض خلايا الدماغ أو ضمور قشرته السنجابية ينشأ عنه خلل أو اضطراب في الذاكرة ومن هذه الأمراض التهابات الدماغ المختلفة ، زهري الجهاز العصبي ، تصلب الشرايين الدماغية ، أورام الدماغ ، الصدمات والارتجاج الدماغي الشديد والشيخوخة المبكرة وخرف كورساكوف .
هل من فن للتذكر ؟
إن أهمية الذاكرة والتذكر دفعت علماء النفس ورجال الفكر والتربية والتعليم إلى دراستها ومعرفة العوامل والمؤثرات في تقويتها واستغلالها إلى أقصى إمكاناتها وكانت بعض تلك الدراسات تخمينية أو استنتاجية ، وظهرت في العصور الوسطى الكتب التي تصف الذاكرة ومناطقها في الدماغ وخرائطها ! . ولم تكن تلك الآراء عملية تجريبية . إلا أن علم النفس بنهجه العلمي الحديث وبعد دخوله في مرحلة التجربة العلمية للظواهر العقلية ، خرج بنتائج ومبادئ أساسية عن الذاكرة وفن الحفظ والتذكر ، نعدد منها ما يهم القارئ الكريم في حياته الفكرية والعملية :
1- التصميم على الحفظ : فإذا فرضنا أنك تعرفت إلى شخص اسمه (زيدون) فإن التصميم على حفظ اسمه يتم بأن تكرر اسمـه خلال تعرفك عليه : كيف حالك يا سيد (زيدون) ؟ .. وما رأيك يا سيد (زيدون) ؟ .... الخ . وبذلك تتفادى نسيان اسمه ، أو عدم الاكتراث به لافتراضك أنك لن تقابله مرة أخرى طيلة حياتك . وهذه النية على الحفظ تفيد في تذكرك لكثير من الأشياء والأسماء التي تسمعها أو تقرأها أو تلاحظها في حياتك اليومية .
2- تعزيز الذاكرة بالتصور والخيال : فاسم (زيدون) يرسخ أكثر فيما لو حاولت تصور تقاطيع وجهه وخصائصه البارزة .
3- الانتباه إلى الأهم والأعم : ففي قاعة المحاضرات ، يستحسن أن ينتبه الطالب إلى الموضوع الأساسي للمحاضرة ، وأن لا يتيه في تدوين التفاصيل بالتدوين بين حين وآخر أفضل من التدوين المستمر التفصيلي . إن الطلبة الخاملين يدونون أحيانا أكثر التفاصيل في محاضراتهم ثم يتخبطون فيها .
4- ربط الحدث أو التجربة بما تتعلق به من صلات منطقية تساعد على حفظه كما يقول العلامة النفساني (وليم جيمس) فالترابط يساعد على الحفظ والتذكر ولنذكر مثلا بسيطا . إن رقم التلفون 1491625 صعب الحفظ لعدم تناسقه . ولكن أحدهم حفظه بسهولة بأن وجد لنفسه العلاقة الرياضية التالية : قال إن رقم التلفون هو بالحقيقة 12345 إذا رفعنا كل رقم إلى حاصل تربيعه . أي أن مربع 1=1 ومربع 2=4 ومربع 3=9 ومربع 4=16 ومربع 5=25 .
وهذا الترابط اصطناعي يبتكره الشخص لنفسه ، مثلما يتذكر البعض الآخر تسلسل أبيات قصيدة طويلة ، أو تسلسل خطاب يريد أن يلقيه فيجد لنفسه طريقة إلى ذلك .
5- إن الوزن أو اللحن أو السجع يساعد على الحفظ والتذكر ، كما هو مألوف في الجمل والكلمات وأغاني الإعلانات في المذياع والتلفاز ، ولهذه الطريقة حدودها وقيودها .
6- توزيع عملية التعلم على مراحل ، وتجنب الحشو والكظ أو ما يدعى أحيانا (الدرخ) يعني أن قراءة الموضوع دفعة واحدة في يوم واحد قبل موعد الامتحان لا تضاهي القوة والرسوخ ووضوح المادة فيما لو تعلمها الشخص بدفعات مرتبة متقطعة تسمح له بالإعادة والتفكير والربط مع الخبرات السابقة .
7- المذاكرة والإعادة : حاول كلما سنحت الفرصـة أن تعيد الحفظ وإعادة حفظ ما قرأته ، لأن المذاكرة العقلية تساعد على الخزن والرسوخ .
8- الراحة بعد المذاكرة فالاستراحة بعد القراءات والدراسات المهمة (أو النوم مباشرة بعدها إذا حل موعده) هي أفضل من الاستمرار والانتقال إلى موضوع جديد آخر ، فالراحة بعد حفظ مادة تساعد على إبقاء حدة المعلومات الجديدة ووضوحها ، بينما يخف تسجيلها ويضعف رسوخها بتشويش المعلومات التي تعقبها مباشرة ، ويزيد التداخل والإزاحة إذا كانت المعلومات أو الدراسات بحاجة إلى تركيز وجهد ذهني متواصل وهكذا يجب أن يتم توزيع جدول الدروس اليومي في المدارس ، أي أنه لا ضير من وضع حصة التاريخ بعد ساعة الرياضيات ، ثم بعد مادة الآداب ثم الرياضة البدنية ، أما أن تتراكم حصص الرياضيات فالفيزياء فالكيمياء واحدة بعد الأخرى دون وجود فترات راحة مناسبة فإن ذلك يؤدي إلى زعزعة قوة بعض تلك المواضيع ورسوخها .
9- يستحسن قبل قراءة فصل أو قطعة طويلة من كتاب أن نلقي نظرة شمولية عامة عليها ، وإذا وجد لها ملخص فاقرأه قبل الشروع في قراءة الفصل بدقة .