Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2968
عُكازات وأقنعة !

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: عُكازات وأقنعة !

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية تميم فخري الدباغ
    تاريخ التسجيل
    02/10/2006
    العمر
    60
    المشاركات
    214
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي عُكازات وأقنعة !

    عُكازات وأقنعة !

    من منشورات الدكتور فخري الدباغ رحمة الله عليه

    في مجلة العربي الكويتي


    نظرة خاطفة إلى إنسان العصر وسلوكه وأخلاقه ومواقفه تثير في المتأمل المفكر تساؤلا واحدا على الأقل من بين عشرات التساؤلات الخطيرة وهي : أين شخصية الإنسان الأصلية ... ، وما مقدار الطبيعي والجوهري من خلقـه وسجاياه ... ، وما مقدار المزيف والمكتسب والظاهري منها ؟ .
    وباستعراض سريع وشامل لسلوك البشر ، سنصاب حتما بخيبة أمل عندما نجد أنه كلما قطعت البشرية عقودا وقرونا من الزمن فإنها تفقد من الجوهر وتزيـد من المظهر المصطنع ، وتضيـع بين القشور وتنحدر إلى الخـداع : خداع الذات وخدع الآخرين .

    الإغريق ... والقناع



    ونحن نعرف من أدب علم النفس أن اصطلاح الشخصية Personality مشتق من كلمة Persona الإغريقية والتي تعني ( القناع ) ، والقناع في تلك الحقبة من الزمن كان يضعه الممثلون على وجوههم أثناء تمثيلهم المسرحيات المختلفة باعتبار أن كل قناع يدل على ( دور ) الممثل وشخصيته : فهذا إله .. وذاك وحش .. وذلك فارس .. وتلك فتاة .. وأخرى زوجـة .. وآخر مهرج .. وهكذا ..
    وقد كان تفكير الإغريق منطقيا وواقعيا باعتبارهم أن سجايا الشخص تبدو في تعابير وجهه وسحنته ، أو أن دور الشخص يتحدد بالقناع الذي يضعه ، واكتشف علم النفس الحديث كذلك أن الشخصية البشرية غالبا ما تحتمي وراء الأقنعة فلا نرى من حقيقتها إلا ما ظهر منها وليس ما بطن .
    وحياتنا اليومية تثبت ذلك ، فالشخص الاجتماعي (المهذب) هو بالحقيقة يمثل دوره الاجتماعي وراء قسمات وجهه وتصرفاته بعد مسيرة طويلة وشاقة من التمرين والتعليم في البيت والمدرسة والمجتمع ، نحن نبتسم ونجامل ونحيي ونتلفظ بكلمات العفو والشكر مهما كان شعورنا الحقيقي الباطني ، نحن نمثل الأدوار التي صممتها لنا ووزعتها علينا ظروف الحياة التي نعيشها في أطرها وهي أطر التقاليد والعرف والقانون والأصول والعادات ، ومن هذا المصنع تنتج الأقنعة المختلفة وتوزع على الناس كما توزع الأدوار على الممثلين ، ولهذا فان قول احد علماء النفس (كلنا نضع الأقنعة صحيح جدا ، لكن توزيع الأدوار والأقنعة الذي يتم بحكم التطور الحضاري والوضع الاجتماعي والأسري شيء ، ووضع الأقنعة الذاتية المصطنعة لأغراض خاصة شيء آخر ...

    التوكؤ على الأشخاص والأسماء :



    فهناك من الناس من يضع الأقنعة التي تناسبه ويرسم الأدوار التي يريد أن يمثلها عن قصد وتدبير ، كما يحدد المعونة التي يريدها والعكازات التي يستند إليها في درب الحياة لتحقيق مصلحته ، هؤلاء هم الذين يستخدمون الأقنعة والعكازات (النفسية والاجتماعية) بأساليب منظورة أو مستترة .
    فالوساطة المتفشية عكاز عريق معروف .. والاعتماد على القربى والأصدقاء من ذوي النفوذ عكاز آخر .. والأديب المغمور الخائب يتكئ على ناقد صديق لامتداحه ورفع شأن إنتاجه .. والذي يستجدي المديح والتشكرات يقف وراء ستارة من ورق وكلمات ، وهناك نوع خاص من الأقنعة التي تخلو من كل تعبير وسمة ولا يمكن قراءتها وما تخفيه من ورائها ... وهي شهيرة عند لاعبي القمار . كلاعب (البوكر) الذي لا يختلج وجهه أو تلمع نظراته لئلا يقرأها منافسوه في القمار .. ولقبه (صاحب وجه البوكر)
    لقد أصبحت الأقنعة العصرية مرتسمة على الوجوه ذاتها وأصبحت الأقنعة التمثيلية اليونانية القديمة لعبا وتسلية للأطفال يشترونها من مخازن الألعاب ! حتى الأسماء استعملها البعض عكازات لتسهيل أمورهم . كان الاسم الحقيقي للكاتبة الفرنسية الشهيرة (جورج صاند) (1804 – 1876م) هو (ارماندين لوسيل أورور) لكنها حملت اسم الرجال لترويج كتاباتها إلى أن عرفها الناس .
    ويذكر الأديب المعروف الدكتور عبد السلام العجيلي في كتابه (أشياء شخصية) أن باحثا ومفكرا عربيا وضع على بطاقته الشخصية وتحت اسمه ولقبه (المرشح لجائزة نوبل) ، بينما ملخص الحكاية أنه سبق لذلك الباحث أن أرسل خطابا إلى اللجنة الأكاديمية السويدية لترشيح نفسه للجائزة فأرسلت إليه اللجنة - حسب الأصول المتبعة - إشعارا بالاستلام ووصول الخطاب فقط ! .
    ويذكرنا هذا الطراز من الناس بمفكرين آخرين ممن رفضوا جائزة نوبل لأنهم لم يجدوا فيها ما يزيدهم قدرا مثل برناردشو .

    وفي سوق الشعوذة :



    وتتجلى عملية التلاعب بالقيم واستخدام الأقنعة والعكازات في وسائل الدعاية التجارية الرخيصة وبين الدجالين والمشعوذين ، وقصة الدجل في العلوم الطبية في القرون المظلمة - وحتى الآن - من أبرز الأمثلة على ذلك .. كالذي ينتحل صفة الطبيب المتمرس ويعلق الشهادات المزورة لإثبات ذلك أمـام البسطاء . وكم من مرات قبضت سلطات الأمن ونقابات الأطباء على دجالين من هذا القبيل ادعوا أنهم متخرجون من كلية الطب المعينة فإذا بهم جهلة محتالون .
    ومن طرائف الحكايات في تاريخ الطب ما حدث من نقيض ذلك ، فقد اتهم طبيب في باريس بانتحال صفة الطب والشعوذة ، فلما حقق معه تبين أنه يحمل شهادة طب حقيقية ، لكنه اعترف بأنه آثر إخفاء شهادته الرسمية لان والده كان متطببا دون شهادة وكان مشهورا وناجحـا في عمله . فلما ورث الابـن الطبيب (الرسمي) لقب أبيه ورواج مهنته فكر بأن يستند على سمعة أبيه بدل شهادة الطب الشرعية ! .
    وتقبض سلطات الأمن بين حين وآخر على محتالين مغامرين ينتحلون صفات رسمية وأمنية فيهددون البسطاء والسذج ويبتزون الأموال ، لكن السلطات الساهرة تفضحهم على الملأ في الصحف كعبرة لغيرهم .
    وتطيب لبعض الناس المناصب والعناوين البارزة ... ويجدون في الانفتاح والتضخم باللفظ والمظهر إكمالا لمكانتهم وشخصياتهم ومصدرا لسعادتهـم الحقيقية ، فإذا وصلوا إلى مركز أو احتلوا منصبا تمسكوا به وتعلقوا كتعلق الغريق بقارب نجاة والجائع بلقمة غذاء ، ويكون شغلهم الشاغل كيفية الاحتفاظ به وإيجاد الوسائل لترسيخه .
    لذلك نجد أن هذا النمط من الشخصيات يصاب بذعر ويشعر بمأساة حقيقية إذا حدث أن فقد مركزه كإجراء طبيعي لابد من حدوثه في أية دائرة أو مؤسسة تحتاج إلى تحرك وتطوير . فتغيير المراكز والأشخاص قد لا يكون علامة الفشل بل دليل الصحة الطبيعية وسنن التطور والتغيير ، فعكازة المنصب التي يفقدها الشخص أو المغرور أو غير الواثق من نفسه تؤدي إلى شبه انهيار أو اكتئاب أو همود فكري ، بينما نجد الشخص الذي يعتقد أنه يزين منصبه وأنه يؤدي واجبا ومسئولية لها حدود في الزمان والمكان لن يجد في التغيير أو فقد المنصب يوما حدثا خطيرا يمكن أن يؤثر في ذاته أو نظرة الناس إليه ، وفي ذلك ينطبق قول الشاعر الحكيم المتنبي :
    على قدر أهل العزم تأتي العزائم وتأتي على قدر الكرام المكارم وتعظم في عين الصغير صغارها وتصغر في عيـن العظيـم العظائم
    وتذكرنا هذه النماذج البشرية بحكاية الكاتب الانكليزي الشهير (توماس كارلايل) الذي كان قد تلقى رسالة من رئيس الوزراء (دزرائيلي) آنذاك يرشحه فيها لحمل لقب (لورد) ، وكان ردكارلايل على ذلك بأن أوضح لدزرائيلي أن اللقب وما يتبعه من مرتب لن يرفع من قدره شيئا ، وأنه لم يعد يطيق حمل لقب اللورد الثقيل وقد ربا سنه على الثمانين عاما .
    ذوو العكازات والأقنعة هواة الألقاب والمناصب تخدمهم ولا يخدمونها .. تحميهم ولا يحمونها إلا بقدر ما تعزز مصالحهم ومصادر قواهم ونفوذهم .

    الملابس أقنعة :



    وكان الإنسان القديم شبه عار إلا ما يستر عورته من ورق الشجر أو رقع نسيج بسيط أو جلد حيوان ، وكان يلتفع بقطع بسيطة لتقيه البرد القارص أو الريح أو الشمس الحارقة . كانت الملابس وسيلة للتكيف المناخي الجغرافي ليس غير .
    وتحضَّر الإنسان وانتبه إلى مآرب أخرى في الملبس والمأكل ، فأصبحت للملابس رموز ودلائل مختلفة ، وتعددت المعاني والرموز بظهور الطبقات وتعددها والقيم الاجتماعية الجديدة . وأصبحت الملابس والأزياء ونوعية الأقمشة تدل على الثراء أو الفقر .. وعلى الوجاهة أو الشعبية .. وعلى الجنس والحالة الزوجية .. وعلى الجمال والأناقة .. ثم أصبح الملبس قناعا للدلالة على هذه القيم ، إذ لا يمكن لأي إنسان أن يتظاهر بالجاه أو الجمال أو النفوذ أو الطبقية إلا باختيار الزي الذي يدل على ذلك ، وذوو (الياقـات البيض) اشتهروا في أوروبـا - وانكلتره على الخصوص - كعلامة مميزة عن غيرهم من العامة !
    وأصبح اللباس واللسان للتمويه أيضا ، فكيف يختفي الجاسوس والعدو ومجند الطابور الخامس بين شعب معين إذا لم يتزيَّ بلباسه ويتصرف وفق عاداته ويتذرع بسجاياه ؟
    ألم يلبس (لورنس) الكوفية والعقال والعباءة ويتكلم العربية بطلاقة لهذا الغرض ؟ ..
    والزي (أو المودة) سلاح للمنافسة والتسابق وإثارة الغيرة بين النساء ، وقد وجدت الأنثى في (الماكياج) قناعا تكنولوجيا يبرز المحاسن ويخفي المعايب ويجذب الجنس الآخر ويكسب المعجبين ويصطـاد الأزواج - وهذا هو التبرج بعينه .
    والشعر المستعار (الباروكة) لدى النساء - وأحيانا الرجال - أسلوب آخر استخدمه إنسان العصر للزينة والتبرج وتمثيل الأدوار ، ويكون التكلف فيه ممجوجا وواضحا لأنه يستعمل في غير محله وبخاصة الرجال .
    وكم من اقتصاديات منزلية وأواصر زوجية انهارت أو تزعزعت بسبب التشبث بعكازات الأثاث المنزلي وأقنعته التي يقتنيها رب المنزل أو زوجته للظهور بمظاهر (لائقة) ترضي و(تخدع) الآخرين دون التعقل والرجوع للواقع والاكتفاء الذاتي والتواضع ، فإهمال التخطيط الواقعي لميزانية الأسرة لمجرد إشباع نزعة الغرور والأبهة السطحية والجاه الكاذب هو خداع للنفس قبل كل شيء ..
    من هنا نجد أن النقائض في أي مظهر من مظاهر الحياة خلاف الحقيقة والواقع إنما هي أقنعة وسجون نفسية يمكن تجاوزها بالابتعاد عن الوجاهة الكاذبة أو التبرج والدلال المتعمد واستثارة الغرائز ، والاحتفاظ بمبدأ البساطة في كل شيء ومن جملته جوهر الأنوثة الطبيعية النبيلة المحتشمة الرزينة ..
    ومن المرارة الاعتراف بأن البعض من ضعاف الإيمان يستغلون دينهم لتسهيل أمور دنياهم وليس تلبية لروح الدين والإسلام .
    فالبعض - وأؤكد على كلمة البعض - يحج إلى بيت الله الحرام ليس للتوبة وغسل الذنوب بل لان صفة الحاج تجلب له الاحترام والتقدير وتزيد من ثقة الناس فيه لتزدهر تجارته وأعماله ، أو لتنفي عنه ما ينعته الناس به من طباع سيئة (وقد تكون أغلبها صحيحة) .
    والغريب أن من يحج لهذه الغايات يخدع نفسه فقط لأنه يعود ويزيد من صفاته السيئة السابقة ، ويكون قد لجأ إلى الحج كعكاز وقناع . وقُلْ كذلك عن بعض المصلين والصائمين . وهذا هو النفاق في الدين ، والله أعلم بسرائر النفوس ومن يستأهل الرحمة والغفران .
    قال تعالى : (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهـم نصيرا) - سورة النساء 145 .
    وقال تعالى : (إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيلـه وهو أعلم بالمهتدين) - سورة النحل 125 .

    المشروع ... والمبتذل



    وإذا استطردنا في الحديث وجدنا عشرات الأمثلة الأخرى التي تبين مدى انغماس إنسان العصر في الاعتماد على المظهر والقناع والعكاز في تسهيل أمور يمكن أن تسير بأسلوب آخر - وتصل إلى نفس الهدف - أنبل وأشرف وتجلب سعادة عميقة وحقيقية . ولكن لابد أن نضيف - وعلى سبيل الإنصاف - أن هنالك أعمالا بريئة القصد ، نقية النية وإن بدت كوسائل وصولية ومظاهر زائفة لكنها بالحقيقة غير ضارة وتحتمها الظروف .
    فالضرورة تقتضي أحيانا استعمال الشعر المستعار لدى الأصلع .. أو الممثلة والمطربة لأداء دور يتناسب فنيا مع ذلك الدور ، والمؤلف الذي يقدم كتابه للقراء بتمهيد وتعريف من قبل كاتب آخر أقدم منه أو أعلم إنما يساعد على الإيضاح وتفسير محتوى الكتاب أو أهدافه أو مدى أهميته بدل أن يدير القارئ له ظهره لجهله به أو عدم ثقته باسم الكاتب الناشئ ، وكان بعض الممثلين والمطربين الموهوبين الناشئين قد قدمهم للجمهور أساتذتهم الكبار ..
    كتب أحد الولاة إلى الخليفة العادل الأموي عمر بن عبد العزيز أن أهل السواد(العامة) يتظاهرون بالإسلام هربا من دفع الجزية وأنه يرى ألا يقبل بإسلامهم الظاهري ذاك حتى لا تقل غلة بيت المال ، فأجابه الخليفة بحكمته وبعد نظره واداركه لواقع الدنيا والدين جوابا ينطوي على العتاب والتعنيف : (إذا جاءك كتابي فأسقط الجزية عن كل من شهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، فان الله بعث نبيه هاديا ولم يبعثه جابيا) .
    وهذا مثل رائع في تحليل السلوك البشري وفهم للأسس النفسية في كسب المترددين من غير المسلمين .
    ولا ريب أن طبيعة التطور ترغم الإنسان على التكيف تجاه معطيات العلم والتكنولوجيا والتركيب الاجتماعي والعلائق الاقتصادية والسياسية ، فان طرا على سلوكه تغير وتحول فان ذلك لا يعد ظاهرة مريضة أو سيئة تصل إلى الطعن في أخلاقه أو نقاء ضميره فالأصل هو الجوهر ، والجوهر في الإنسان هي إنسانيته المجردة عن التصنع والنفاق والدجـل ، ومعرفة الإنسان لنفسـه واحترامه لها - دون التخطيط العمد والحيلة - هي علاج لكثير من العلل الاجتماعية والنفسية .

    الرجوع إلى الطبيعة :



    بعد كل هذا ، نجد أن الإنسان المعاصر يواجه تيارا جارفا ظالما من التكنولوجيا والماديات والأطر الاجتماعية التي تقيده وتجعله أشبه بالآلة الجامدة أو الألعوبة التي تحركها أيادي الحضارة بخيوط رفيعة متينة كخيوط الدمى ، فهو مدفوع أحيانا إلى إتباع دروب والتواءات لا مفر منها كقشة طافية على وجه نهر دافق ، وهو - من ناحية أخرى - يجد نفسه وقد فقد ذاته وفقد ظله ، وأنه مسؤول عن ذلك باندفاعه وراء منفعة أو لذة وقتية أو نشوة عابرة من جاه أو نفوذ أو منصب أو شهرة ، ثم لا يلبث أن يندم بعد فوات الأوان لأنه لا يجد إلا بقايا حطام ، وإلا المحبة الحقيقية للإنسان ، وإلا العلاقات الصميمة ، وإلا الملجأ الأمين البسيط . (أما الزبد فيذهب جفاء ...) .
    فهل باستطاعة الإنسان أن يعمل شيئا لينقذ نفسه ؟ وهل بإمكان المؤسسات التربوية والاجتماعية والتوجيه القومي الأصيل أن يغير من إنسان العصر ويعيد إليه طبيعته ؟ . أعتقد أن ذلك ممكن إذا احتفظنا بتراثنا وأخلاقنا ومثلنا وأصالتنا دون تقليد واستيراد .. إذا مجدنا البساطة ... وعرفنا معنى الاقتصاد .. وتعاملنا بالصراحة والطيبة .. وعرفنا مالنا وما علينا .. واحترمنا حقوقنا وحقوق غيرنا .. ثم إذا تعلمنا وربينا الأجيال الصاعدة على الشجاعة الأدبية والاجتماعية ، وأفسحنا لسجايانا الطبيعية البريئة أن تعبر عن نفسها .. وأتحنا لغيرنا أن يمارسها كذلك دون اعتداء أو مساس أو خدش لشعور أحد وحقوقه ..
    فالعودة إلى الطبيعة ، وعدم التكلف تزيل كثيرا من أمراضنا النفسية المعاصرة كالقلق والحصر والوسوسة ، ويقتضي التنويه هنا أن خلاصة العلاج النفسي الحديث بمختلف مدارسه واتجاهاته هي بالحقيقة مساعدة المريض لكي يجد نفسه الحقيقية ويكتشف ذاته وانفعالاته واتجاهاته ورغباته المكبوتة التي طاردتها وطمستها ظروف الحياة ، حتى أن بعض المعاهد والمؤسسات والنوادي النفسية - الاجتماعية الحديثة تجد لها جماهير غفيرة من المشاركين الذين يجدون في نظام المعهد متنفسا لعواطفهم ، حيث يستطيعون هناك أن يعبروا عن آرائهم بصراحة ، سواء بالنقد المتبادل أو بالغضب أو اللعب والضحك ... أو بالسفر ... مما يؤكد مرة أخرى أن جزءا لا يستهان به من ذواتنا يضيع ويختفي وراء حياة اصطناعية من أقنعة وعكازات هي سبب العلل النفسية والاجتماعية التي نعانيها .


  2. #2
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    30/11/2006
    المشاركات
    5,554
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي

    فهل باستطاعة الإنسان أن يعمل شيئا لينقذ نفسه ؟ وهل بإمكان المؤسسات التربوية والاجتماعية والتوجيه القومي الأصيل أن يغير من إنسان العصر ويعيد إليه طبيعته ؟ . أعتقد أن ذلك ممكن إذا احتفظنا بتراثنا وأخلاقنا ومثلنا وأصالتنا دون تقليد واستيراد .. إذا مجدنا البساطة ... وعرفنا معنى الاقتصاد .. وتعاملنا بالصراحة والطيبة .. وعرفنا مالنا وما علينا .. واحترمنا حقوقنا وحقوق غيرنا .. ثم إذا تعلمنا وربينا الأجيال الصاعدة على الشجاعة الأدبية والاجتماعية ، وأفسحنا لسجايانا الطبيعية البريئة أن تعبر عن نفسها .. وأتحنا لغيرنا أن يمارسها كذلك دون اعتداء أو مساس أو خدش لشعور أحد وحقوقه ..
    فالعودة إلى الطبيعة ، وعدم التكلف تزيل كثيرا من أمراضنا النفسية المعاصرة كالقلق والحصر والوسوسة ، ويقتضي التنويه هنا أن خلاصة العلاج النفسي الحديث بمختلف مدارسه واتجاهاته هي بالحقيقة مساعدة المريض لكي يجد نفسه الحقيقية ويكتشف ذاته وانفعالاته واتجاهاته ورغباته المكبوتة التي طاردتها وطمستها ظروف الحياة ، حتى أن بعض المعاهد والمؤسسات والنوادي النفسية - الاجتماعية الحديثة تجد لها جماهير غفيرة من المشاركين الذين يجدون في نظام المعهد متنفسا لعواطفهم ، حيث يستطيعون هناك أن يعبروا عن آرائهم بصراحة ، سواء بالنقد المتبادل أو بالغضب أو اللعب والضحك ... أو بالسفر ... مما يؤكد مرة أخرى أن جزءا لا يستهان به من ذواتنا يضيع ويختفي وراء حياة اصطناعية من أقنعة وعكازات هي سبب العلل النفسية والاجتماعية التي نعانيها
    .
    الإبن البار / تميم فخرى الدباغ

    شكرا لك على نقل هذا التراث الجميل وانتقاء مواده بعناية فائقة
    وشكرا لك على التعب فى النشر والطباعة

    وعلى ما يبدو ان والدك لم يكن طبيبا فقط بل كان بحر من العلوم
    فالمقال تطرق لكل امور الحياة والمواقف وتصرفات الشخصيات وفقا للأدوار المطلوب تأديتها
    يا له من مراقب واعى .. هو كذلك رأيته

    نفعنا الله بعمله وادعو الجميع لقراءة هذا المقال الممتع والتفكر في عناصره واتمنى ان يجد صدى لدى المؤسسات التربوية والطبية والاجتماعية كلها

    ونسأل الله ان يهدينا جميعا لإكتشاف انفسنا الضائعة

    تحية وتقدير نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


  3. #3
    أستاذ بارز الصورة الرمزية تميم فخري الدباغ
    تاريخ التسجيل
    02/10/2006
    العمر
    60
    المشاركات
    214
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    السلام عليكم
    الاخت العزيزة ايمان الحسيني المحترمة
    شكرا جزيلا على الكلمات الرقيقة التي تعبر عن شخصية رائعة ومثقفة ، والحقيقة نحن لاينقصنا الا مثل هذه الردود المشجعة والتي تنسي الانسان ما يجده من تعب او مشقة في تهيئة ونشر المواضيع علما انني فعلا احاول اختيار كل ماهو مهم من بين اكثر من 900 مقالة متنوعة نشرها الوالد على مدى ربع قرن من الزمان ومن المؤسف انني احيانا اضطر الى اهمال نخبة جيدة لانها كبيرة الحجم ،رغم انني فاتحت المشرفين لزيادة احجام الملفات التي نحتاج ان نرفعها في مركز رفع الملفات الى اكثر من 7 ميكا بات ،ولكنني لم اتلقى جاوبا لحد الان .

    اكرر شكري لكل من يقرأ ويساهم ويعلق على المواضيع ويدعو للوالد رحمة الله عليه .

    اخوك من العراق


  4. #4
    كاتبة
    تاريخ التسجيل
    01/12/2006
    العمر
    67
    المشاركات
    1,363
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي

    تقديري واحترامي لأبن بار أ. تميم فخري الدباغ
    والشكر مواكب لعظيم ما تم طرحة من معالجة بعد بحث ... عن أنواع الأقنعة والعكازات التي ترتديها وتتكأ عليها النفس الضعيفة امام المجتمع أغلب الاحيان وامام نفسها كل حين ، حيث أن علاج النفس هو طريق الصلاح فلو استوت واستقامت لصلح حال الفرد بمجموع المجتمع .
    فرحمة الله على باحثنا وكاتبنا الفاضل الدكتور فخري الدباغ رحمه الله
    فلقد تناول الموضوع باستفاضة لا نجد فيها ثغرة من تناقض او تناقص بل تناول الموضوع بعقلانية وعلم ودراسة سليمة راجحة .
    وفقكم الله ورعاكم أخينا الفاضل .


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •