بسم الله الرّحمن الرّحيم

ما أرخص الدّم العربي!!

يوم السّبت الماضي كانت زيارتي الأسبوعيّة للمتجر الكبير..
ورحت أتجوّل بعربتي بين الرّفوف الكثيرة، حين مرّت بقربي سيّدة معها طفل في العاشرة من عمره..
كانت السّيّدة تتأفّف من ارتفاع الأسعار!!
وحين اقتربت منّي، وجدت فرصتها لتبوح بمكنوناتها، فقالت:
" صارالنّفط بسعر الماء!! ومازالت الأسعار على ارتفاعها! لايمكن أن نعثر على شيء رخيص أبداً!".
اكتفيت بابتسامة!! وليست عادتي..
وإذ بصوت رجوليّ قريب يقول: " بلى مدام .. الدّم العربي!.".
قالها بحقد وقسوة!!
والتفتّ صوبه، وإذ به عامل (هنديّ أو بنغاليّ أوسيريلانكيّ) يقوم بترتيب البضاعة في إحدى واجهات العرض!!!
- " الرّجل يهيننا في عقر دارنا عينك عينك!!".
قالت لي السّيّدة مبتسمة!!
بصراحة لم أسأل الرّجل عن جنسيّته، لكنّ سحنته الشّرقيّة جعلت الأمر يختلط عليّ، إضافة إلى لكنته المكسّرة وأحرفه المتهالكة على بعضها!
قالها الرّجل ورمقنا بعينيه الوقحتين منتظراً أن نردّ!!
وهو يعلم أنّه ذبحنا، وعلى يقين بأنّه سيملأ قربة سخريته من دمائنا قبل أن يمضي!!
فخرسنا معاً!!!
خجلنا من أن نردّ!!
وقعنا صريعتين لذهولنا!!
فمضى منتشياً بانتقامه منّا، بعد أن داس بحذائه على من انتقصوا طويلاً من شأنه، ومازالوا يتعاملون معه كعبدٍ رقيق!!!
كانت فرصته ليستعلي على من أشبعوه تكبّراً وغطرسة وصلفاً!!
فمنحناها إليه مرغمتين!!
ما الّذي تفعلونه الآن لشعبكم المسفوكة دماءه غير التّفرّج على شاشات التّلفزة والنّحيب؟؟
مضى الشّرقيّ في حال سبيله منتصراً!!
ومشاهد الدّم العربي في فلسطين تملأ عيوننا وتفيض على كلّ الزّوايا، لتغرق المتجر برمّته!!
وانقضّت على بالي الأسئلة تتهاوى بطرق عنيف على جمجمتي المصدّعة أساساً بحزن لم أعرف له مثيلاً منذ ولدتني أمّي (رحمها الله)!!
من هو المسؤول عن تحديد سعر اللّيتر من الدّم النّازف من عروقنا؟
أولمرت يتشدّق اليوم بأنّ اتّصاله الهاتفيّ ببوش هو المسؤول عن تعطيل قرار إطلاق النّار في فلسطين في الأسبوع الفائت!!
أفلا يساوي شلاّل دمنا أكثر من اتّصال هاتفيّ دفعه أولمرت من جيبه الخاصّ أو من خزينة كيانه الغاصب؟؟
وهل هو أوّل ثمن بخس، ودراهم معدودة نُباع بها في تاريخ وجودنا؟؟
ماذا تقولون؟؟


أمل