بسم الله الرحمن الرحيم




كنوت,أيها المحظوظ السعيد


من منا لا يذكر- كنوت - وقصته التي أثارت العالم بأسره؟.

ربما من بيننا من نسي أو لم يطلع على قصة الدب الأبيض الذي شغل العالم الى اليوم منذ العام 2006.هذا الدب المحظوظ,الذي يساوي أكثر من الآدمي في بلادنا العربية والإسلامية,ولد في العام 2006 في حديقة حيوانات العاصمة الألمانية برلين,وبعد أن رفضته أمه وتركته,تولى أمره القائمون على الحديقة وعملوا على تربيته,حتى رأوا من الأفضل قتله لأنه لن يستطيع التأقلم والعيش وفق طبيعته بعد أن تعايش ونشأ على المعونة الإنسانية.

قام العالم ولم يقعد مستنكرا ذبح الدب البرئ,وأمطرت السماء وتفجرت الأرض رسائلا من الشجب والإدانة والحزن والأسى واللوعة,وانبرت وسائل الإعلام والإعلان والمجالس السياسية والحكومات والممثلين والمشاهير وكل مخلوقات الله تعالى تدافع وتناقش وتقف الى جانب الدب الوديع والمحبوب – كنوت -,حتى خمن بعضنا ان مجلس الأمن سينعقد على وجه السرعة ويصدر قرارا إلزاميا يحرك به الكون لحماية روح من الإزهاق..نجح العالم ونجا- كنوت-,وأنتجت الأفلام التي تصور معاناته وقصته الأليمة,لكن أحدا لم يكترث بمعاناة شعب جاوزت جراحه ال 60 عاما..صدرت الكتب التي تتكلم عن شخصية هذا الدب الفريد وكفاح المشرفين عليه لإبقائه حيا,ثم التفكير بحل نهائي لعذابه,لكن سطرا واحدا لم يكتب عن حل للقضية الفلسطينية خارج المعاهدات المشؤومة والقنابل المحرمة.

وزعت في العالم الصور والمجسمات والألعاب للدب الأليف,لكن العالم نفسه يرفض توزيع الطحين والدواء وضمادات الجراح على الفلسطينيين العزل والمحاصرين,فالتوزيع الوحيد الذي يريده هذا العالم الأخرس الأبتر بحق الفلسطيني هو تشتيته في أرجاء الأرض وحرمانه حتى من حق تنشق الهواء تحت سماء بلاده.لقد أبعدوا شبح الموت عن – كنوت -,وشدوا الحصار والخناق على البشر كي تموت وتموت وتموت.تاجروا بقصتك يا- كنوت-,لكنهم تركوك تحيا وتعيش كما كتب الله لك,فيا ليت من تاجر فينا ويتاجر,تركنا لما قدره الله لنا,ان نعيش أحرارا,لا نورث ولا نستعبد ولا نستعمر ولا نذبح بعد اليوم.ليت الذين باعوا قصتك يا كنوت,كالذين باعوا جمائمنا,ليخلصونا كما خلصوك من موت محق وأليم,فالذين تاجروا بك,كانوا اكثر إنسانية ممن تاجر بدسم الرضيع,وقوت اليتامى,وشرف النساء,ودموع الأرامل,وصراخ المستضعفين,وبندقية المقاوم.

آه ما أسعدك يا كنوت,وما أسعد الحيوان في بلاد الغرب,وآه ما أتعس ان يكون الإنسان عربيا ومسلما...بل ما أتعس أمتنا بشيبها وشبابها وإنسها وجانها,بل و حيواناتها... فحتى الحيوانات الأصيلة المرتبطة بتراثنا كالخيول العاديات قد ذبحت,لم يبق عندنا إلا السلاحف التي تسابقت على إنقاذها الدول العربية,فكم أنت رخيص أيها الدم العربي,وكم أنت أقل من دب ايها الناطق بالضاد,وكم هو مرير أن (يعيش الإنسان في دولة قمعستان) بين السياط والجلادين,بين البغايا والفاسدين..وكم هو جميل العيش في حديقة الحيوانات... في برلين.

يا رب العرش العظيم يا الله,يا من أعدت موسى سالما لأمه,ويوسف غانما لأبيه,يا من نجيت نوحا ومن معه من الكرب العظيم,يا رب السماوات والأرض وما بينهما,يا من رددت البصر ليعقوب,وجعلت أفئدة من الناس تهوي لإسماعيل وأمه,يا من حرمت النار على إبراهيم والسكين على رقبة إبنه,يا من رفعت عيسى إليك,وعرجت بمحمد الى ملكوتك قاب قوسين أو أدنى,إجعل حكامنا يظنوننا دببا بيضاء,او جحشات سباق,أو أقله يعتبروننا يهودا أو أمريكان,أو يلتبس عليهم الأمر فيحسبوا فلسطين كالكويت أو أفغانستان,كي يرسلوا الجيوش والأسلحة والجنود والمدد والحراب,الى أرض الرباط والفرسان.