ترجمة المحكمة
إن مصطلح ' ترجمة محكمة الشفوية ' كثير الإستعمال للإشـارة إلـى أي نـوع مـن
الترجمة القانونية، ولكن قاعة للمحكمة ما هي في الحقيقة الا أحد السياقات العديدة التي تحدث
فيها الترجمة الشفوية القانونية ، والسياقات التي تحدث في غيـر قاعـة المحكمـة تتـضمن
المقابلات في أقسامِ الشرطة ومكاتب الجمارك وسلطات الهجرةِ وغرف المحامي . علـى أيـة
حال ، فإن ترجمة قاعة المحكمة، جاءت لتحتل مركزا أعلى من الأنواع الأخرى من الترجمة
الشفوية القانونية.
 إن تاريخ الترجمة الشفوية للمحكمة الرسمية، كما نعرفه اليوم، قصير جد ا. بالرغم مـن
أنه بدأ بمحاكمات الحرب المشهورة التـي حـدثت فـي نـوريمبيرج بـين نـوفمبر ١٩٤٥
وأكتوبر١٩٤٦ ، وفي طوكيو بين يونيو ١٩٤٦ ونوفمبر ١٩٤٨، فإن تجربة هذه المحاكمـات
أعطت رفعة ليس فقط للترجمة الشفوية بالمحكمة في حد ذاتها ،ول كـن للترجمـة الفوريـة
ايضاً ) (de Jongh 1992 ، التي تعد إحدى التقنيات التي قد تستعمل في المحكمة فـي بعـض
الظروف. بصرف الن ّظرعن مدى التقنيات التي تستعملها، ما يميزالترجمة الشفوية للمحكمـة
أكثر من الأنواع الأخرى من الترجمة هو اهتمامها الكبير بالقضايا الأخلاقية التي تَن ْـشأ عـن
وظيفة قاعة المحكمة . من ناحية استراتيج يات الترجمة، فهي تنعكس في الإصرار على الوفـاءِ
والنزاهة والسرية. نظريا، الدليل الذي قد يقدمه الشاهد يجب أن يحفظ ككل ، ليس فقـط مـن
خلال ترجمة الجمل و الكلمات، ولكن أيضا أرر ' ers و ام ام " " ums التـي نطـق بهـا
الشاهِد. أن الحجة هنا أن الامر يتعلق بحياة إنسان وحريته، والمحكمة تحكم على مـصداق يته
وصدق سلوكه الفردي إلى حد بعيد . فعلى سبيل المثال، لاحظ جونزليز Gonzalez وآخرون
) (١٩٩١ و (1994) O'Tool أن العناصر العرضية والشبه لغوية ( المصاحبة) تترك فـي
Shlesinger ( الكثير من الاحيان بدون ترجمة، وبالتالي تتأثر شهادة الشاهد . وبالمثـ ل يـرى
) (١٩٩١ ان هناك ميلا عاما من جهة مترجمي المحكمة إلى تغيير الألفاظ غير القواعدية الى
الفاظ قواعدية، كما يلاحظ أن ذلك الميل الأهم للمترجم الذي يشمل حذف البداية المزيفة يؤدي
في الحقيقة إلى حذف التصحيح الذاتي ال ذي يبد و، أنه كان متعمدا بشكل و اضـح ' ( مـصدر
سابق: ). ١٥٠
تقدمت ترجمة محكمة الحديثة تقدما محدودا في تاريخها القصير ، هـذا أولا بـسبب
الطبيعة المعقدةِ للترجمة الشفوية القانونية وموقف السلطة القضائية المتناقض تجاه المترجمين
الشفويين في قاعة المحكمة . فمن ناحية، القانون ممانع لقبول المترجمين الشفويين كمحتـرفين
قادرين على إعادة الرسائل اللغوية بكفـاءة ) (O'Tool 1994 b وبالتـالي كـضباط قـانون
( موريس ). ١٩٩٥ ومن الناحية الأخرى، تصر المحكمة على معالجة المنتج لترجمة المحكمـة
كمكافئ نافذ قانونيا للنطق الأصلي . يذكر موريس ( مصدر سابق : (٢٩ أن في العالم النـاطق
بالإنجليزية، ' تسجيلات شريط النطقغيرالإنجليزي المنتج في قاعة للمحكمة نادرا ما يوجد؛ ولا
تزود المحكمة بالنسخ المكتوبة أبدا '.
توفير الترجمة الشفوية للمحكمة كحق قانوني
لتحقيق العداله ، يجبان ينظر لإدارة النظام القانوني على أنها عادلة . إحدى العقائد الضرورية
لمحاكمة عادله هو الحضور القانوني קֱ للمتهم أثناء المحاكمة . إن مفهوم ' الحـضور القـانوني '
يتضمن ' حضورا لغوياً ' ) ). Gonzalez 1994 هذا يعني أن المتهم يجب أن يكـون قـادرا
على سمع وفهم ما يقوله الشهود الآخرون ويجب أن يكون قـادرا علـى متابعـة الإجـراء
القانوني. وبناء ع لى ذلك ، أي شخص في بلاد أجنبية ( سـواء أكـان سـائحا أو عـاملا ) ،
والمهاجر الذي ليس لديه معرفة كافية باللغة الرسمية للمحكمة، والسكان غير الأصـليون فـي
البلدان مثل أستراليا والولايات المت ّحدة، وأعضاء في مجموعات أقلية في مجتمعـات متعـددة
الأعراق مثل ماليزيا وسنغافورة، بالاضافة الى الأشخاص ضعيفي الـسمع والنطـق ( انظـر
ترجمة اللغة الموقعة ) ، يجب على الكل أن يكون لهم الحق قانونيا فـي أن يخولـوا مترجمـا
شفويا بالنيابة عنهم.
ّ حق المترجم في مكان المحكمة مسألة قانونية لاقت عناية كبيرة، ولكن تـشريع قليـل .
على المستوى الدولي، نص الميث اق الدولي للحقوق المدنيِة والسياسية علـى ّ حـق متـرجم ،
وكذلك في الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، وفي الاتفاقية الأمريكية لحقوق الإنـسان؛ وقـد
عبرعنه أيضا في إجراءِ محاكمات نوريمبيرج ومحاكمات حرب طوكيو . أما علـى المـستوى
الوطني، فإن عدد قليل جدا من الأنظمة القانو نية صاغت وشكلت هذا الحق . ففـي أسـتراليا،
على سبيل المثال، حمت مقاطعة جنوب أستراليا فقط هذا الحق بسن قانون . أما في الولايـات
الأخرى ذات نسبة سكان كبيرة من المهاجرين، على سبيل المثال في فيكتوريا ونيـو سـاوث
ويلز، فإن توفير مترجم يتم أو يحجب حسب تقدير قاضي المحكمة . إذ أن التقليد المعروف في
كلتا الولايتين يشير إلى أنه يتم توفير المترجمين كأمر طبيعي، لكن يبقى هذا الامر قيد التقليـد
المعروف بدلا من أن يكون حقا قانونيا ( الوصول إلى المترجمين ). ١٩٩١
أي شاهد يجيد لغة المحاكمة جزئي اً قد يحرم من حقه فـي المتـرجم علـى اسـاس أن
المعرفة المحدودة لا يجب أن تكون جواز سفر للتمتع بفائدة غير عادلة أمام المحكمـة . الا ان
الشاهد قد يبدو جيدا في اللغة، ولكنه جاهلا بالدقة اللغوية والميزات الثقافية لتلك اللغـة . وقـد
اعترف تقرير من لجنة نيو ساوث ويلز في أستراليا أن ' فكرة الاستفادة المنبثقة من اسـتخدام
مترجم تنشأ عن سوء فهم أساسي لطبيعة الترجمة ' و' انه ليس هناك دليل أن . . . أي فائـدة
في الحقيقة مضمونة' ( تعددية الثقافات والقانون ). ١٩٩١
فشلت السلطة القضائية لمدة طويلة في إدراك تعقيد الترجمة القانونية ولذلك فقد توقعـت
من مترجم للمحكمة أن يتصرف كوسيط ، ينقل الرسائل بين المتهم، والشهود وأعضاء المحكمة
Altano ( بدون أي تدخل، وبصرف الن ّظر عن الاختلافات اللغوية والثقافية بين المـشاركين
1990 ؛ Softic ١٩٩٣؛ موريس ). ١٩٩٥ تفاقمت هذه الحالة بسبب قلة التدريب الكافي فـي
تقنيات ترجمة المحكمة، وبسبب القصور العام في التع ريف بدور مترجم المحكمـة، ممـا أدى
إلى ترجمة ناقصة في العديد من الحالات.
كما لاحظ روبرتس سـميث : (٧١ :١٩٨٩ )Roberts- Smith أن المتـرجمين غيـر
المدر بين، بعيدين عن تسهيل التواصل، ويمكن أن يتسببوا في العديد من المشاكل . قـد تكـون
مهارات لغتهم ناقصة، وقد لا يكون لديهم التقدير الضروري للاختلافات الثقافية المشتركة ذات
العلاقة، وقد لا يكون لديهم مهارات الترجمة الشفوية ( مقابل القدرات التحادثية) ؛ وقـد يكـون
اختيارهم للكلمات غير دقيق ومضلل ولذلك قد يميلوا الى اضافة نكهة للتفسير بإضافة وجهات
نظرهم الخاصة وفهمِهم للحقائق.
ساهمت الترجمة العاجزة بالتالي في حقيقة أن الدليل الم تجم نادراً مـ ا يـدرك كـدليل
صادق أو موثوق به ( كارول ). ١٩٩٤ ولذلك، بدلامن الاستفادة من توفير المترجم، وبالإضافة
إلى صعوبة فهم إجراءات المحكمة ، فإن الشخص المعاق لغو يا قد يواجه بالمعضلة الإضـافية
وهي استخدام مترجم أو مواجهة خطر أن يكون غير موثوق به وغير متجاوب ومراو غ.
الميكانيكا واللوجستية لترجمة المحكمة
بشكل عام، تهتم ترجمة محكمة بتمكين الزبون ( سواء متهم، أو شاهد، أو مشارك آخر ) مـن
أن يفهم ماذا يجري في قاعة المحكمة . قد ستعمل الأشـكال المختلفـة للترجمـة الـشفوية،
والترجمة التحريرية، لإنجاز هذه الغاية . قد يطلب من المترجم الشفوي أن يقوم بترجمة تتبعية
عندما يكون الشاهد واقفا في المنصة، وبالترجمة الفورية عندما يستمع الشاهد أو المتهم إلـى
شهادة شخص أخر أو بعد أحداث أخرى في قاعة المحكمة ( ابتداء من الشهادة إلى النطق بحكم
المحكمة) ، ترجمة متصلة خارج قاعة المحكمة مع المجلس، وحتـى ) chuchotage بمعنـى
الترجمة المهموسة) في بعض الحالات . على سبيل المثال، يذكر (1989) Shlesinger بـأن
Ivan John الترجمة المهموسة استعملت في دولة إسـرائيل عنـد محاكمـة إيفـان جـون
لإعادة كامل الإجراءات باللغة الأوكرانية للدفاع. (1987) Demjanjuk
يتضمن عمل محكمة ايضاً الترجمة المنظورة للوثائق المنتجة في المحكمة . علاوة على
ذلك، ليس من غير الشائع أن تسأل هيئة المحكمة المترجم الشفوي، خلال وقفـة قـصيرة ، أن
يكتب ترجمة مكتوبة للمعرض، أو نسخة من مكالمة هاتفية أو ترجمة الحواشي لتسجيل فيديو.
كل الطرق المختلفة للترجمة المستعملة في قاعة المحكمة لها عيوبهـ ا. علـى سـبيل
المثال،يلاحظ O'Tool (1994b) أن الترجمة التتبعية تؤدي إلى قلة العفوي ة وقلـة طبيعيـة
التواصل، ويذكر موريس ) (١٩٩٥ القلق الذي يحصل في قاعة المحكمة بالتدخل السمعي مـن
الترجمة المهموسة . وتوحي مثل هذه العيوب بأنه بينما تسمح الترجمة بحصول التواصل فـي
قاعة المحكمة، إلا أنها تبطىء إجراءات المحكمة في أغلب الأحيان، خصوصا فـي حـالات
.( Roberts Smith 1989 ( استخدام مترجمون عديمي الخبرةِ
ولتمكين التواصل من الاستمرار بيسر في قاعة المحكمة ، يؤمر كل المتحد ثين عمومـا
بالكلام بصيغة الشخص الأول، الذي يستلزم إهمال الحضور الطبيعـي للمتـرجم . ويلعـب
المكان الذي يجلس فيه المترجم دورا هام ا في مساعدة عملية التواصل أو إعاقتها . فجلـوس
المترجم بعيدا جدا يخلق صعوبات سمعية للمحكمة وللمترجمِ على حد سواء . فـي المقابـل،
جلوسه / جلوسها قريبا جدا إلى طرف واحد يمكن أن يعطي انطباعا أن المترجم ليس نزيها.
الحياد، وهو raison d' etre لترجمة المحكمة، يضع قيـدا خاصـا علـى متـرجم
المحكمة، الذي يجب أن يبعد نفس ه / نفسه عن الشهود وع ائلاتهم، حتى عندما يكونوا أنفـسهم
في حاجة إلى خدماته . وما يجعل هذه المهمة أكثر صعوبة هو حقيقـة أن القلـق القـضائي
لضمان نزاهة المترجم ادى الي اللجوء لمبدأِ إقصاء المترجم عن اجتماعات ما قبل المحاكمـة
ومنعه من النظر في الوثائق ذات العلاقة قبل بدء المحاكمـة ) Gonzalez وآخـرون :١٩٩١
١٧٧، ). ٢٩١ وجهة النظر القض ائية ان المعرفة المسبقة بالقضية يمكن أن تـؤثرعلى نزاهـة
المترجم، إلى حد ما، مفهوم . الا انه ، يبدو من غير الواقعي أن نتوقع من المتـرجم أن يـدخل
قاعة المحكمة بدون أي معرفة للموضوع أو تاريخ أحداث القضية، ونتوقع منـه أن يكـون
قادرا على الأداء بشكل كفء، خصوصا إذا أخـ ذنا فـي الاعتبـار حقيقـة أن الاسـترجاع
والاستفسارات للتوضيح من ناحية المترجم مثبطة ويمكن رؤيتها عموما كمقاطعة لإجـراءات
المحكمة ( موريس ). ١٩٩٥
يلتزم ترجمون، مثل اي محترفين آخرين كالمحامين، بأخلاق المهنة، و لا يجب ان تكون
هناك حاجة إلى استثنائهم من بعض الإجراءات لضمان نزاهتهم . مثل المتـرجمين الفـوريين
للمؤتمر، من الض روري أيضا أن يطلعوا على المادة التي يجب أن يتعاملوا معهـا، وعلـى
المواضيع المحتملة التي سترفع وعلى الوثائق التـي سـتترجم بـالنظر . الحـصول علـى
المعلومات المسب قة في ترجمة المحكمة هي حاليا من بين القضايا ال تي تناق ش بشكل ساخن جدا
بين مهنة الترجمة الشفوية للمحكمة والسلطة القضائية.
بالإضافة إلى كل هذه الصعوبات، يجب على مترجمو قاعة محكمة أيـضا أن يكـافحوا
الضغوط ذات الصفة اللغوية جدا مثل السرعة، طريقة الأداء، والمقاطعة، والإجهاد والإعيـاء
العقلي، والشكيلة المتطر فة للمواضيع المرفوعة والقضايا التي تناق ش . هـذه بالاضـافة الـي
تشكيلة واسعة لأنماط الترجمة الشفوية التي يجب أن تتقن وتستعمل بمهارة ( تتبعية، فوريـة ،
مهموسة و منظورة) ، كلها تساهم في تعقيدِ ترجمة المحكمة، وتبرزأهمية التدريب المتخـصص
لمترجمي المحكمة.
تدريب مترجمي المحكمة
قام عدد قليل من البلدان ، مثل الولايات المتحدة وأستراليا، ببعض الجهد لضمان توفير تدريب
رسمي، واختبارات، وأنظمة شهادة لمترجمي المحكمة . في الولايات المت ّحدة، قانون المتـرجم
الشفوي للمحاكم لعام ١٩٧٨ وتعديلِه في ١٩٨٨ سعى الى تنظـيم المهنـة . تميـل ترجمـة
الجماعة في أستراليا إلى تضمين الكثير من الترجمة الشفوية القانونية، وهـذا أد ى إلـى ان
تصبح أخلاق المهنة عنصرا مكملا في عملية حث المتـرجمين المعتمـدين حـديث ا. وكانـت
أستراليا سباقة في توفير أوراق الإعلانات أيضا ع ن ' كيف تعمل مع المترجمين الـشفويين ' ؛
بهدف تعليم الجمهور للاستفادة من المترجمين.
عمليا ، ليس هناك مؤسسات أكاديمية توفر التدريب في الترجمة الـشفوية للمحكمـة
بشكل متخصص. على أية حال، بعض الكلي ات، خصوصا في الولايات المتحدة وكندا، تعرض
دورات قصيرة صم مت بشكل محد د لمترجمي المحكمة . بظهور دراسـات الترجمـة كحقـل
أكاديمي تام، يلتفت انتباه أكثر الآن لسد الحاجة لتوفير تدريب أكاديمي كامـل فـي الترجمـة
الشفوية للمحكمة ) Laster وتايلور ). ١٩٩٤ في محاولة لسد الفجوة بين التدريب ' الأكـاديمي
العام ' في الترجمة الشفوية والمعايير المعينة والمهارات المطلوبة في مجال الخدمة، تم اتخاذ
معايير جدية في أستراليا، والولايات المتحدة وفي أماكن أخـرى لمـنح شـهادة مترجمـي
المحكمة.
انظر أيضا
ترجمة الجالية؛ المؤتمر والترجمة الآنية؛ ترجمة اللغة الموقعة.
COMMUNITY INTERPRETING; CONFERENCE AND
SIMULTANEOUS INTERPRETING; SIGNED LANGUAGE
INTERPRETING.
القراءة الأخرى
Altano 1990; Berk -Seligson 1990; Brown 1993; Colin and Morris 1996;
de Jongh 1992; Edwards 1995; Gonzalez et al. 1991; Laster and Taylor
1994; Morris 1995; Robinson 1994; Shlesinger 1991.
MUHAMMAD GAMAL