آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1 2 3 4 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 74

الموضوع: غرفة تصحيح اللغة العربية [ أرسل مقالك قبل النشر ليصحح لغويا]

  1. #21
    عـضــو الصورة الرمزية yusufabuzaid
    تاريخ التسجيل
    14/11/2006
    المشاركات
    32
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي نعم العمل هذا

    السلام عليكم إخوتي الكرام،
    الفعل "تتوانى" فعل مضارع منصوب بعد أن وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف اللينة ووجود "لا" هو للنفي وليس للنهي. وبالتالي فلا يجزم لأن ما يجزم الفعل المضارع هو "لا" الناهية وليس النافية.فـ "لا" النافية لا تؤثر على الفعل المضارع.
    شكرًا لكم

    ============================
    [align=center]Yusuf Abu Zaid [/align][align=center]Professional Arabic Translator, Localizer & Proof-reader [/align]
    [align=center]Email: yusufabuzaid@yahoo.com [/align]

  2. #22
    شاعرة الصورة الرمزية صابرين الصباغ
    تاريخ التسجيل
    26/09/2006
    المشاركات
    394
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    أخي الفاضل سعيد
    جزاك الله عنا خيرا
    وزادك علما وخيرا
    وجعل مبادرتك بميزان حسناتك
    ليس أروع من أن تعلم ولاتبخل بعلمك
    دمتم بكل الخير
    وكل عام وأنتم بألف خير


  3. #23
    عـضــو الصورة الرمزية سلوى السيد حماده
    تاريخ التسجيل
    08/10/2006
    المشاركات
    28
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي لنبدأ معاً صفحة جديدة

    أخي الفاضل سعيد الأخوة الأعزاء
    السلام عليكم وكل عام وأنتم بخير. في حقيقة الأمر أسعدتنا مبادرتك الكريمة والتي كنت أنتظرها منذ زمن بعيد. فالمطلوب لأي فئة تخلص عملها لوجه الله أن تتكامل وتتعاون على البر والتقوى. وكنت أود أن يستفيد أعضاء الجمعية من بعضهم البعض ليس فقط في قراءة أبحاث منشورة بل في دعم لأعمالهم. ولا أخفيكم أمراً أنني طلبت من بعض الأشتاذة الأفاضل مساعدتي في هذا الموضوع -المراجعة اللغوية والفنية-فلم يستجب لي أحد تحت عبء أعمالهم إلا أستاذي الفاضل أحمد الخطيب بارك الله فيه وأعطاني من الوقت والجهد والقدوة الحسنة بلا حدود وقد وجدتها أفضل فرصة لشكره وتقديره وأخشى أن أكون قد أثقلت عليه. أما أنت أخي الفاضل فأنا أشكرك وأحتاج لعونك أيضاَ فمثل هذا المحال -الحوسبة اللغوية- يحتاج لتعاون فئة اللغويين والحاسوبيين. وللمسلم -وفى كل الأديان- حق على أخيه وليس منة. أخوتي الأفاضل كنت أفضل بدلاً من مضيعة الوقت والجهد في حرب كلامية بين الفئات أن نكون نحن الفئة المتعلمة والتي يمكن أن نقول عليها من الصفوة مثالاً لصغار الباحثين والطلاب الذين يدخلون الموقع كما كنت أود ألا يجد أعداءنا فينا مثلاً للتحارب والعدوانية بين نعضنا البعض. ما فات مات ونبدأ معك أخي سعيد صفحة جديد للأخوة والحب والتعاون ونحن في أنتظار مبادرات الكبار وأشكركم وأرجو ألا أكون أثقلت عليكم.
    ملاحظة سيكون هنا العديد من الأخطاء فأرجو تحديدها ولنبدأ في التعلم.

    سلوى حماده Salwa Hamada
    [align=center]في سبيل الله هذى الخطا نمشيها
    ولولا الله ما بدأت فيها
    كأني أراه فى نهايتها
    كأني أراه فى معانيها
    [/align]

  4. #24
    أديب الصورة الرمزية سعيد حسن
    تاريخ التسجيل
    29/10/2006
    المشاركات
    339
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالودود مشاهدة المشاركة
    أين كنت يا أخي؟
    نحن ندعك للمهمات العسيرة نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    تحية ودية
    عبدالودود
    عزيزى الأستاذ عبد الودود
    هأنذا يا أخى
    أطل بين الحين والحين على الأحبة .
    أما عن ( المهمات العسيرة) فليس يا سيدى أعسر عندى من أن تموت الصحة اللغوية على لساننا.
    فوالله ثم الله إنى ليؤلمنى اللحن فى اللغة العربية إيلام الجرح الغائر.
    جزاك الله خيرا


  5. #25
    أديب الصورة الرمزية سعيد حسن
    تاريخ التسجيل
    29/10/2006
    المشاركات
    339
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هشام السيد مشاهدة المشاركة
    الأخ أبو الأسود الدؤلي ( سعيد حسن ) المحترم
    جزاك الله خيراً على ما تقدمه لنا من تنوير وتصحيح وتنقيح لتطاولنا على لغتنا الأم . والله كم هي رائعة هذه اللفتة وخاصة أنها جاءت من إنسان قدير ومتخصص وجهبذ بل فحل من فحول اللغة العربية
    وبالمناسبة عندي سؤال :
    هل ما انفك من أخوات كان ؟؟ نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    بارك الله فيك يا سيبويه الجمعية
    أخى الغالى هشام السيد نعم يا سيدى هى أخت شقيقة لها كل حقوق كان وواجباتها
    وهى لا تقل عن بقية العائلة المحترمة التى أضعها جميعا بين قوسين وعددها ثلاثة عشر فعلا ( كان ـ صار ـ ظل ـ بات ـ أصبح ـ أضحى ـ أمسى ـ صار ـ ليس ـ زال ـ برح ـ فتى ـ انفك ـ دام)
    وإليك يا أخى ما يشترك مع ( صار ) فى المعنى والعمل وعددها أحد عشر فعلا:
    آض / رجع / عاد / استحال / قعد/ حار / ارتد / تحول / غدا / راح / جاء .
    ولم أرد أن أثقل عليك بالأمثلة ، وإن أردتها أوردها لك بإذن الله.
    تحياتى
    سعيد حسن


  6. #26
    أستاذ بارز الصورة الرمزية عبدالودود العمراني
    تاريخ التسجيل
    20/11/2006
    المشاركات
    712
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة yusufabuzaid مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم إخوتي الكرام،
    الفعل "تتوانى" فعل مضارع منصوب بعد أن وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف اللينة ووجود "لا" هو للنفي وليس للنهي. وبالتالي فلا يجزم لأن ما يجزم الفعل المضارع هو "لا" الناهية وليس النافية.فـ "لا" النافية لا تؤثر على الفعل المضارع.
    شكرًا لكم
    شكراً لك يا أخي،
    خليك معاي.

    أرجو أن لا تجزعْ،
    أوليس فعل جزع مجزوم هنا بالسكون على العين

    أم الصحيح هو: أرجو أن لا تجزعَ
    باعتبار أن لا هي للنفي، وليست للنهي، كما فسرت في القاعدة؟


    مع الشكر الجزيل
    عبدالودود

    وكم لله من لطف خفيّ يدق خفاه عن فهم الذكيّ
    وكم يسر أتى من بعد عسر ففرّج كربة القلب الشجيّ
    وكم أمر تُساء به صباحاً وتأتيك المسرّة بالعشيّ
    إذا ضاقت بك الأحوال يوماً فثق بالواحد الفرد العليّ
    جلال الدين النقّاش

  7. #27
    أديب الصورة الرمزية سعيد حسن
    تاريخ التسجيل
    29/10/2006
    المشاركات
    339
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالودود مشاهدة المشاركة
    الأخ العزيز الأستاذ سعيد حسن،
    تحية طيبة.

    هل تحلّل لنا هذه:

    "أرجو أن لا تتوانى عن... "
    ولماذا لم يجزم الفعل بالنفي ليصبح لا تتوان...

    مع الشكر الجزيل
    عبدالودود
    أخى الكريم عبد الودود
    سؤالك يطرح قضية شائكة لدى الكثيرين وهى :
    أثر لا النافية
    وأجيبك بأن لا النافية لا تجزم الفعل بل لا تؤثر إعرابيا
    كما نقول : محمد لا يصلى
    والمعنى بالعامية ( محمد مش بـيصلى )
    ولا هنا لا تؤثر على الفعل أى أنها ( مش بـتعمل حاجة)
    ولعلك يا أخى تقصد ( لا الناهية ) ولا الناهية هى الجازمة للفعل المضارع مثل : لا تصلِّ من غير وضوء
    ومعناها بالعامية المصرية ( اوعى )
    دمت أخا
    سعيد حسن


  8. #28
    أديب الصورة الرمزية سعيد حسن
    تاريخ التسجيل
    29/10/2006
    المشاركات
    339
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة samikhamou مشاهدة المشاركة
    الأخ الفاضل سعيد حسن،

    أضم صوتي إلى أصوات الإخوة والأخوات الذين أسعدهم اقتراحك الكريم.

    وأثناء تحليلك سؤال الأخ عبد الودود أرجو إضافة تحليل ما يلي:

    أليس من الأفضل دمج ("أن لا" لتصبح "أرجو ألا تتوانى او "تتوان" عن).

    مع بالغ التقدير والاحترام.


    سامي خمو
    أستاذى الكبير سامى خمو
    أما عن صحة ( تتوانى ) وتتوان) فقد أجبت الأخ عبد الودود بأن لا النافية لا تؤثر فى الفعل والفعل هنا يتأثر بما قبل لا وهو ( أن) الناصبة لذلك الفعل هنا منصوب بأن وعلامة نصبه الفتحة المقدرة على الألف.
    أما عن( أن لا ) و( ألا )
    فالصواب كما أشرت حضرتك :
    يجب حذف النون من ( أن) إذا جاء بعدها ( لا النافية) بشرط أن تكون أن مصدرية ناصبة مثل:
    يجب ألا ننافق بعضا ولا يصح أبدا قولنا يجب أن لا ننافق بعضا
    قال تعالى : وقضى ربك ربك ألا تعبدوا إلا إياه"
    وقال سبحانه " ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك"
    أما إن كانت ( أن) مصدرية غير ناصبة فيجب إظهارها فى الكتابة وإدغامها فى النطق مثل:
    علمت أنْ لا فائدة من السفر / أشهد أن لا إله إلا الله
    تحياتى
    سعيد حسن


  9. #29
    أديب الصورة الرمزية سعيد حسن
    تاريخ التسجيل
    29/10/2006
    المشاركات
    339
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صابرين الصباغ مشاهدة المشاركة
    أخي الفاضل سعيد
    جزاك الله عنا خيرا
    وزادك علما وخيرا
    وجعل مبادرتك بميزان حسناتك
    ليس أروع من أن تعلم ولاتبخل بعلمك
    دمتم بكل الخير
    وكل عام وأنتم بألف خير
    الأخت الكريمة صابرين الصباغ
    أشكرك على كل حرف
    سعيد حسن


  10. #30
    أديب الصورة الرمزية سعيد حسن
    تاريخ التسجيل
    29/10/2006
    المشاركات
    339
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سلوى السيد حماده مشاهدة المشاركة
    أخي الفاضل سعيد الأخوة الأعزاء
    السلام عليكم وكل عام وأنتم بخير. في حقيقة الأمر أسعدتنا مبادرتك الكريمة والتي كنت أنتظرها منذ زمن بعيد. فالمطلوب لأي فئة تخلص عملها لوجه الله أن تتكامل وتتعاون على البر والتقوى. وكنت أود أن يستفيد أعضاء الجمعية من بعضهم البعض ليس فقط في قراءة أبحاث منشورة بل في دعم لأعمالهم. ولا أخفيكم أمراً أنني طلبت من بعض الأشتاذة الأفاضل مساعدتي في هذا الموضوع -المراجعة اللغوية والفنية-فلم يستجب لي أحد تحت عبء أعمالهم إلا أستاذي الفاضل أحمد الخطيب بارك الله فيه وأعطاني من الوقت والجهد والقدوة الحسنة بلا حدود وقد وجدتها أفضل فرصة لشكره وتقديره وأخشى أن أكون قد أثقلت عليه. أما أنت أخي الفاضل فأنا أشكرك وأحتاج لعونك أيضاَ فمثل هذا المحال -الحوسبة اللغوية- يحتاج لتعاون فئة اللغويين والحاسوبيين. وللمسلم -وفى كل الأديان- حق على أخيه وليس منة. أخوتي الأفاضل كنت أفضل بدلاً من مضيعة الوقت والجهد في حرب كلامية بين الفئات أن نكون نحن الفئة المتعلمة والتي يمكن أن نقول عليها من الصفوة مثالاً لصغار الباحثين والطلاب الذين يدخلون الموقع كما كنت أود ألا يجد أعداءنا فينا مثلاً للتحارب والعدوانية بين نعضنا البعض. ما فات مات ونبدأ معك أخي سعيد صفحة جديد للأخوة والحب والتعاون ونحن في أنتظار مبادرات الكبار وأشكركم وأرجو ألا أكون أثقلت عليكم.
    ملاحظة سيكون هنا العديد من الأخطاء فأرجو تحديدها ولنبدأ في التعلم.
    سيدتى الفاضلة أنا تحت أمرك
    أما عن الأخطاء هنا فهى ليست كثيرة كما تخشين وإنما هى فقط:
    يجد أعداءنا والصواب يجد أعداؤنا لأنها هنا فاعل
    ونحن في أنتظار والصواب انتظار لأن الهمزة هنا همزة ( أو ألف ) وصل
    فلماذا تهويل الأمر وظنك فى نفسك أنك ممن يكثرون الخطأ؟
    أما كتابة الجيم حاء فى كلمة مجال أو السين شينا فى الأساتذة مثلا فهذا من السرعة فى الكتابة وأنا أقع فى مثل هذا عشرات المرات يوميا ، بل لعلنى أخطأت فى هذه الرسالة وعدت فصححت لنفسى.
    دمت أختا كريمة
    سعيد حسن


  11. #31
    مترجم - كاتب صحفي الصورة الرمزية هشام السيد
    تاريخ التسجيل
    14/10/2006
    المشاركات
    622
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سعيد حسن مشاهدة المشاركة
    أخى الغالى هشام السيد نعم يا سيدى هى أخت شقيقة لها كل حقوق كان وواجباتها
    وهى لا تقل عن بقية العائلة المحترمة التى أضعها جميعا بين قوسين وعددها ثلاثة عشر فعلا ( كان ـ صار ـ ظل ـ بات ـ أصبح ـ أضحى ـ أمسى ـ صار ـ ليس ـ زال ـ برح ـ فتى ـ انفك ـ دام)
    وإليك يا أخى ما يشترك مع ( صار ) فى المعنى والعمل وعددها أحد عشر فعلا:
    آض / رجع / عاد / استحال / قعد/ حار / ارتد / تحول / غدا / راح / جاء .
    ولم أرد أن أثقل عليك بالأمثلة ، وإن أردتها أوردها لك بإذن الله.
    تحياتى
    سعيد حسن

    أخي الحبيب الأستاذ ( حمام ) سعيد حسن
    أعلم جيداً أنها من الأخوات الشقيقات .
    فقط أردت أن أمازحك بما جاء على لسان الفنان نجيب الريحاني في فيلم غزل البنات ، عندما أخطأ الباشا في ذكر أخوات كان ، ثار الأستاذ حمام ثورة عارمة ، ولما علم أنه الباشا ، وأيضاً بعد أن حصل على الملعوم ، تغير الوضع تماماً ، ووافق على خطأ الباشا ، بل زاد في تأييده للباشا بأن أضاف لأخوت كان أختاً جديدة ( ما انقطع ) نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي .
    تحية ثابتة على قواعد راسخة يا أستاذ سعيد

    قمة الصبر أن تسامح وفي قلبك جرح ينزف..
    وقمة القوة أن تبتسم وفي عينيك ألف دمعة

  12. #32
    أديب الصورة الرمزية سعيد حسن
    تاريخ التسجيل
    29/10/2006
    المشاركات
    339
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هشام السيد مشاهدة المشاركة

    أخي الحبيب الأستاذ ( حمام ) سعيد حسن
    أعلم جيداً أنها من الأخوات الشقيقات .
    فقط أردت أن أمازحك بما جاء على لسان الفنان نجيب الريحاني في فيلم غزل البنات ، عندما أخطأ الباشا في ذكر أخوات كان ، ثار الأستاذ حمام ثورة عارمة ، ولما علم أنه الباشا ، وأيضاً بعد أن حصل على الملعوم ، تغير الوضع تماماً ، ووافق على خطأ الباشا ، بل زاد في تأييده للباشا بأن أضاف لأخوت كان أختاً جديدة ( ما انقطع ) نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي .
    تحية ثابتة على قواعد راسخة يا أستاذ سعيد
    أهى الأستاذ هشام
    أعلم والله المزحة موردها ومضربها، ولكنى أردت أن أستغل الفرصة لكى نتعرف على أخوات لـ (كان) غير شقيقات.
    أخوك
    سعيد حسن


  13. #33
    مترجمة حرة الصورة الرمزية دعاء الخطيب
    تاريخ التسجيل
    26/09/2006
    المشاركات
    86
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
    أشكر سيادتكم على هذه المبادرة الكريمة أستاذ سعيد وأقدم مقالاً علمياً في سبيلي لطرحة في منتدى الترجمة العلمية حتى يخضع للنقد الترجمي.


    دارون ما بين نظرية التطور والخلق

    سيادة الدليل على التطور

    عبر دارون عن المفهوم الرئيسي لتطور الحياة بنظرية التطور عن طريق الانتخاب الطبيعي natural selection. وتتعلق هذه النظرية بأصل التكيف، التعقيد complexityوالتنوع وسط المخلوقات الحية على الأرض. فإن كنت متشككاً، وغير معتاد على المصطلحات العلمية وغير مدرك للدليل القاطع على هذه النظرية، فقد ينتهي بك الأمر لاعتبارها مجرد نظرية. وصفت نظرية النسبية لآلبرت آينشتاين بأنها مجرد نظرية. كما اعتبرت الفكرة التي تقدم بها العلم كوبرنيكوس Copernicus في عام 1543 بأن الأرض تدور حول الشمس وليس العكس مجرد نظرية. وكذلك يعد انجراف القارات نظرية. ولا يجب أن نغفل النظرية الذرية وهي وجود وبنية وديناميكا الذرات. حتى الكهرباء تعد بناءً نظرياً يتعلق بالإلكترونات وهي وحدات متناهية في الصغر لها كتل مشحونة charged mass لم يستطع أحد رؤيتها على الإطلاق. وقد أمكن لكل نظرية من هذه النظريات إثباتها بالدليل إلى درجة معينة عن طريق الملاحظة والتجربة وبالتالي قبولها من قبل المختصين المضطلعين كحقيقة علمية. هذا ما يعنيه العلماء عندما يتحدثون عن نظرية فهم لا يقصدون التفكير الحالم غير الموثوق به، ولكن نصاً تفسيرياً يلائم الدليل. و يقبلون هذا التفسير باطمئنان ولكن بصفة مؤقتة على اعتباره أفضل رؤية متاحة للحقيقة حتى تظهر معلومات مختلفة تماماً أو تفسيرات أفضل.
    يوافق أغلبيتنا على هذه النظريات بشكل عام. فنحن نشاهد التلفاز ونقيس الزمن بمدة دوران الأرض ونعيش حياتنا نعتمد على الحقيقة الموثوق بها لهذه النظريات.
    ومع ذلك تختلف نظرية التطور عن غيرها من النظريات قليلاً. فهي خطرة ومثيرة وذات نظرة بعيدة المدى عن الحياة إلى درجة أن البعض لا يقبلون بها وهذا كله على الرغم من توفر الدليل الدامغ. وكما هو متحقق في الجنس البشري، مازال الإنسان العاقل معرض إلى مزيد من الخطر. ما زال العديدون من المسيحيون المتطرفون ويهود الأرثوذكسية المتشددة يأخذون حذرهم من فكرة انحدار الإنسان من القردة الأولى حيث يتعارض مع القراءة الدقيقة لسفر التكوين. وتتماثل معارضتهم أيضاً مع المعتنقين للإسلام من أمثال هارون يحيى مؤلف كتاب خداع التطور The Evolution Deceit والذي أشار إلى قصة الخلق في اليوم السادس المذكورة في القرآن كحقيقة مسلم بها واعتبر نظرية التطور "مجرد خداع مفروض علينا من قبل المهيمنين على النظام العالمي". ووضح أحد أتباع الإله كريشناHare Krishna ويدعى Srila Prabhupada أن الله قد خلق كل أنواع الحياة البالغ عددها 8,400,000 مليون نوع منذ البداية من أجل وجود عدة طبقات لتناسخ الروح الصاعدة. وعلى الرغم من صعود الروح إلا أن الأنواع نفسها لا تتغير حيث يصر على رفض نظرية دارون السخيفة.
    ولا يقتصر عدم الاقتناع بنظرية التطور على المعتنقين للكتب المقدسة ولكن أيضاً قد يمتد الأمر لغيرهم من الأفراد. ووفقاً لأحد الاستطلاعات التي أجراها معهد الأبحاث Gallup لأكثر من ألف متحدث بالهاتف في فبراير لعام 2001، وافق ليس أقل من 45% من البالغين في الولايات المتحدة على "أن الله قد خلق البشر في صورة تشبه إلى حد كبير صورتهم الحالية منذ 10 آلاف عام مضت". ووفقاً لهم، لا تلعب نظرية التطور أي دور في هيئتنا.
    وكان عدد المقتنعين بالدمج بين نظرية التطور والدين 37% ممن استجابوا للاستطلاع حيث أن التدخل الإلهي هو بداية كل الأشياء والتطور ما هو إلا عملاً إبداعياً. (تتوافق هذه الرؤية مع العقيدة الرومانية الكاثوليكية وهو وهي تعود لأكثر من قرار بابوي) ووصل عدد الأمريكيين المؤمنين بأن البشر تطوروا من أشكال حياتية أخرى دون أي تدخل إلهي إلى 12%.
    لا يعتبر رفض الكثير من الأمريكيين لنظرية التطور هو ما يلفت النظر تجاه عدد الأصوات، ولكن انخفاض نسبة مؤيدي هذه النظرية ظل بنفس معدله في القرنين الماضيين. حيث أجريت نفس الاستطلاعات بنفس الخيارات في أعوام 1982 و 1983 و 1997 و 1999. ولم تنخفض الاستطلاعات الخاصة بمفهوم الخليقة 44% وهي أن الله وحده هو خالق البشر وليس التطور، مما يعني أن حوالي نصف العامة في أمريكا يفضلون تصديق أن تشارلز دارون مخطئاً في نظريته.
    لماذا هناك العديد من معارضي نظرية التطور؟ يمكن أن يكون التمسك الحرفي بتعاليم الكتب المقدسة هي جزء من الإجابة. يتضمن الشعب الأمريكي بكل تأكيد قسم كبير من المتمسكين بالكتاب المقدس ولكن ليس إلى درجة أن تصل نسبتهم إلى 44%. ولكن يشكل عدد الأفراد المؤمنين بفكرة الخليقة والمتحولين من عقيدة إلى أخرى بالإضافة إلى النشطاء السياسيين جزءً آخر من هذه النسبة حيث يعملون جهدهم للتدخل في تدريس الأحياء البيولوجية في المدارس الحكومية. هذا بالإضافة إلى أن الارتباك الحقيقي والجهل بين ملايين الأمريكيين البالغين مما له بالغ الأثر في تشكيل جزءً كبيراً من هذه النسبة. كما لم يتلقى العديد من الأفراد أي منهج تعليمي يتناول نظرية التطور أو قرأت كتاباً يدور حول تفسير النظرية بشكل واضح. بالطبع سمع جميعنا عن تشارلز دارون وأيضاً عن فكرة الصراع من أجل البقاء والتي يطلق عليها النظرية الداروينية. ولكن يبدو أن الصدفة تلعب دوراً في حصول الأمريكان على مصادر مفاهيمهم الرئيسية بشأن هذا الموضوع وإن كان أفضلها: التناضح الثقافي والصحف والمجلات والبرامج الوثائقية غير المعدة جيداً عن الطبيعة بالإضافة إلى الإشاعات والأقاويل.
    يحمل مفهوم التطور كلاً من صفة الجمال والأهمية، وهو من القضايا الفاصلة اليوم لصالح الإنسان والعلوم الطبية وكذلك فهمنا للعالم أكثر من أي وقت مضى. وتتميز النقاط الأساسية في النظرية بقليل من التعقيد أكثر مما يفترضه معظم الأفراد، ولكنها ليست إلى درجة لا يمكن استيعابها من قبل الفرد الفطن. علاوةً على ذلك، يتميز الدليل الداعم للنظرية بوفرته وتنوعه وازدياده وانفراده بالربط بين الأمور ومتاح بسهولة في المتاحف والكتب العامة والكتب المدرسية والتكدس الضخم للدراسات العلمية النقدية. لا يحتاج أي فرد ولا يجب أن يقبل بنظرية التطور كمجرد أمر إيماني بحت.
    وتدور قضية النقاش حول فكرتين وليست فكرة واحدة: تطور جميع الأجناس كظاهرة تاريخية، والانتخاب الطبيعي كآلية رئيسية مسببة للظاهرة. تتعلق النقطة الأولى بقضية ماذا حدث. أما الثانية فتتعلق بقضية كيف حدث. تناول العديد من المفكرين فكرة انحدار كل الأجناس من أسلاف مشتركة يتضمنهم جين بابتيست لامارك Jean Baptiste Lamarck قبل أن ينشر دارون كتابة أصل الأنواعThe Origin of Species عام 1859. وقد كان تقديم دارون لتفسير منطقي حول كيفية وجوب حدوث التطور هو ما جعل كتابه جديراً بالملاحظة عند صدوره ومؤثراً للغاية على المدى الطويل. كما أتى العالم ألفريد راسل والاس Alfred Russel Wallace وهو عالم طبيعة كان يقوم بأعمال ميدانية في جزر مالي خلال نهاية خمسينيات القرن الثامن عشر بنفس الفهم العميق. تشارك كلاً من والاس و دارون مجد اكتشاف الانتخاب الطبيعي في السجلات التاريخية إن لم يكن في الإدراك العام.
    ويقوم جوهر المفهوم على أن الاختلافات الصغيرة والعشوائية المتوارثة بين الأفراد ينتج عنها اختلاف فرص نجاح البقاء والتكاثر بالنسبة للبعض، والموت بلا ذرية بالنسبة للبعض الآخر ويؤدي هذا الانتخاب الطبيعي إلى تغيرات جذرية في الشكل والحجم والقوة ووسائل الدفاع واللون وعلم الكيمياء الحيوية والسلوك وسط أفراد السلالة. وتؤدي الزيادة المفرطة في تعداد السلالة إلى الصراع التنافسي. حيث ينتج المنافسين الأقل نجاحاً ذرية أقل قدرة على البقاء، لتختفي الأنواع السلبية أو غير المفيدة بينما تحتفظ الأفراد المفيدة بنوعها ليعظم شأنهم تدريجياً بازدياد عددهم.
    يسمى أحد جوانب عملية التطور باسمanagenesis أو ما يسمى بالطفرة حيث يتم من خلالها تحول أحد الأنواع. ولكن هناك جانباً آخر يسمى الانتواع (تشكل تطوري لنوع جديد). تتراكم التغيرات الجينية في بعض الأحيان داخل شريحة من أحد الأنواع ولكن ليس من خلال كل المجموعة حيث تتكيف هذه الشريحة المنعزلة لظروفها الجديدة وتسير في طريقها الخاص تدريجياً متمسكة بمكانتها البيئية الجديدة ويصل الأمر إلى مرحلة محددة مختلفة بشكل يصعب إلغاؤه وقد تصل درجة الاختلاف إلى حد عدم قدرة أفرادها على التزاوج مع البقية. وأصبح يوجد هناك نوعان بينما كان في الحقيقة هناك نوع واحد. لقد أطلق دارون على ظاهرة الانقسام والتخصص هذه "مبدأ الاختلاف" حيث كان جانب هام في نظريته يوضح تنوع الحياة بشكل عام وتكيف الأنواع الفردية.
    جاء هذا الجمع المثير والجوهري للمفاهيم من مصدر بعيد الاحتمال. تميز تشارلز دارون بالخجل والدقة. وقد كان من ملاك الأراضي يتمتع بالغني وأصدقائه المقربون من رجال الدين الإنجليزيين. كما كان دمث الخلق متواضعاً في حاجة شديدة للخصوصية وملتزم فوق العادة بالأمانة الفكرية. كان طالباً في جامعة كامبردج وغير متحمس أن يكون رجل دين وذلك قبل اكتشافه موهبته الحقيقة كعالم. فيما بعد، قضى دارون 22 عاماً جامعاً للأدلة ومتأملاً للدراسات المؤيدة والمناهضة لنظريته بشكل سري لأنه لم يشأ أن يظهر أو يعرف بسوء السمعة في الأوساط العلمية خاصةً بعد ما حققه من شهرة جيدة وتقليدية في التاريخ الطبيعي. كما كان متأخراً أيضاً في نشره للنظرية وذلك يعود لقلقه مما قد يبدو تحدياً للمعتقدات الدينية التقليدية وعلى وجه الأخص العقيدة المسيحية لزوجته إيما. تنكر دارون نفسه من المسيحية في كهولته ووصف نفسه فيما بعد بأنه من اللاأدريين ( من يعتقد أن وجود الله أمر لا سبيل إلى معرفته). واستمر في اعتقاده بالألوهية المجردة وبوجود قوة أعظم أعدت الكون وقوانينه ودفعته للحياة ولكن ليس في فكرة الله الذي اختار البشرية كأفضل المخلوقات بشكل خاص. تجنب دارون الاعتزاز بافتقاره للتدين على الأقل بشكل مختلف جزئياً عن إيما. وقد كانت تدعو له بالهداية.
    انتهى دارون من كتابه الثوري عام 1859 الذي كان على الرغم من ضخامته وموضوعيته، حيث جمع490 صفحة، إلا أنه اعتبر كتابه أصل الأنواع ملخصاً سريعاً للجزء الضخم الذي كان يعمل عليه حتى قاطعه أمراً طارئاً. (في الواقع أراد دارون أن يطلق على كتابه اسم موجز مقال حول أصل الأنواع والاختلافات من خلال الانتخاب الطبيعي An Abstract of an Essay on the Origin of Species and Varieties Through Natural Selection ، ولكن لم يرى ناشره أنه ملفتاً للنظر). وكان الحدث الطارئ هو تلقيه رسالة ومخطوطة من ألفريد والاس Alfred Wallace الذي اقتصرت معرفته به كصديق مراسلة. وقد عبرت مخطوطة والاس عن فكرة التطور نفسها عن طريق الانتخاب الطبيعي التي توصل إليها دارون. خط والاس رسومه السريعة وأرسلها إلى دارون من مجموعة جزر مالي مع طلبه بالرد والمساعدة غير مدركاً لنظرية دارون الخاصة عن التطور والتي لم يعمل على نشرها. ارتاع دارون لهذه الرسالة، فبعد عقدين من المجهود الشاق بدا أنه حقق إنجازاً. قام دارون بإرسال دراسة والاس لنشرها كما عمل على التأكيد على سبقه الخاص بنشر مقتطفات من عمله غير المنشور. أدرك دارون أهمية تقديم صرحاً من الأدلة المؤيدة والمنطقية وهذا على غرار والاس الذي كان صغيراً وأقل دقة. وقد كان الدليل على نظريته يعود إلى أربع فئات: الجُغْرافْيا البَيولوجِيَّة، وعلم الحفريات القديمة، وعلم الأجنة وعلم التشكل. حيث تعتبر الجغرافيا الحيوية هي دراسة التوزيع الجغرافي للكائنات الحية من حيث المناطق التي تعيش فيها على سطح الكوكب والسبب من وجودها في هذه المناطق. ويبحث علم الحفريات القديمة في أشكال الحياة المنقرضة وهو ما تكشف عنه تاريخ الحفريات. ويبحث علم الأجنة في المراحل الظاهرة للتطور (محاكياً للمراحل الأولى للتاريخ التطوري) التي مر بها الجنين قبل الولادة أو فقس البيض، كما يهتم علم الأجنة بالأشكال غير الناضجة للحيوانات التي تحولت مثل اليرقة في الحشرات. أما علم التشكل فهو علم الهيئة والهيكل. خصص دارون أقسام كبيرة من كتاب أصل الأنواع اعتماداً هذه الفئات.
    ويعرض علم الجغرافيا الحيوية، على سبيل المثال، جمعاً كبيراً من الحقائق والنماذج الغريبة. وسيشعر أي فرد أتيحت له فرصة تأمل المعلومات البيولوجية الحيوية التي كتبها دارون بدهشة كبيرة للنموذج التجمعي الغامض وسط ما أسماه أنواع ذات صلة مباشرة " closely allied" وهي كائنات متماثلة تتشابه في شكل الجسم تقريباً. تميل مثل هذه الأنواع إلى تواجدها في نفس القارة (أنواع عديدة من الحمار الوحشي في أفريقيا) أو داخل نفس المجموعة للجزر المحيطة (أعداد كبيرة من طائر قريب الشبه من الطنان honeycreepers في هاواي، وثلاثة عشر نوعاً من طائر البرقش finch في جزيرة جلاباجوس)، على الرغم من تمتع كل فصيلة أو نوع بميزات تعود إلى اختلاف المكان والبيئة ومصادر الطعام أو ظروف المناخ.
    ولاحظ دارون أن المناطق القريبة من جنوب أمريكا يستوطنها نوعان مماثلان في الحجم الكبير من الطيور غير القادرة على الطيران (طيور الري rheas وهي نوع الري الأمريكي Rhea Americana ونوعاً آخر يسمى Pterocnemia pennata) وليست أنواع النعام مثل إفريقيا أو الأمو emus كما في أستراليا. أما بالنسبة لجنوب أمريكا، فيوجد نوعان من القوارض هما الآغوط agoutis و فسكاشة viscachas (قوارض صغيرة) بالإضافة إلى الكيب coypus و كابيبارا capybaras في الأراضي الرطبة وليس كما ذكر دارون الأرانب والأرانب الوحشية hares في المستوطنات البرية أو القنادس وفأر المسك في الأراضي الرطبة. اكتشف دارون خلال زيارته جزر جلاباجوس في شبابه على متن سفينة الاستطلاع بيجل Beagle، ثلاثة أنواع متماثلة من الطائر المحاكي mockingbird كل منها على جزيرة مختلفة.
    لماذا يجب أن تقطن الأنواع ذات الصلة المباشرة بقاع متجاورة؟ ولماذا تقطن البقاع المتشابهة في القارات المختلفة أنواعاً ليست ذات صلة مباشرة؟ نرى في هذه الحقائق رابطاً عضوياً هاماً سائداً على مر الزمان والمكان حيث ذكر دارون، "هذا الرابط ببساطة هو الوراثة وفقاً لنظريتي". فالأنواع المتماثلة تقطن بجوار بعضها لأنها انحدرت من أسلاف مشتركة.
    ويكشف علم الحفريات القديمة عن نموذج تكتلي مشابه ولكن بالنسبة للزمان. فالعمود الرأسي للصخور الجيولوجية التي تكونت بسبب العمليات الرسوبية على مدى الحقب الزمنية، تظهر فيها الحفريات التي تمثل دليلاً ملموساً يوضح ما هي الأنواع وزمن وجودها وتعلو طبقات الصخور الأقل قدماً أكثرها قدماً (فيما عدا ما أثرت فيه القوى الجيولوجية) والأمر مماثل مع الحفريات النباتية والحيوانية التي تحتويها طبقات الصخور. ما لاحظه دارون بشأن هذا الدليل أن الأنواع ذات الصلة المباشرة تميل إلى وجودها بالقرب من بعضها البعض في طبقات الصخور المتعاقبة. حيث يبقى أحد الأنواع لملايين السنين ويسجل آخر ظهور له في منتصف عصر حديث سابق ليعلو أنواعاً مشابهة له ولكن ليست متماثلة. في شمال أمريكا، على سبيل المثال، تبع الكائن الشبيه بالحصان والمسمى Hyracotherium، تبع كل من Orohippus و Epihippus و Mesohippus والذي بدوره تبعه عدد من المخلوقات الشبيهة بالخيول. بعض هذه المخلوقات وجدت في Bering land bridge في آسيا ثم في أوربا وأفريقيا. اختفت معظم هذه الكائنات منذ حوالي 5 ملايين من السنين تاركة وراءها النوع Dinohippus والذي تبعه الفرس Equus وهو النوع الوحيد المتبقي للحصان. لم تكتشف كل هذه الآثار الحفرية في عصر دارون، ولكن كان له السبق إلى جوهر الموضوع. ومرةً أخرى، هل كانت مثل هذه النتائج مصادفةً؟ نفى دارون مع توضيحه أن الأنواع ذات الصلة المباشرة عقبت النوع بعد الآخر زمنياً هذا بالإضافة إلى استوطانها بالقرب من بعضها البعض لأنها على علاقة ببعضها من خلال سلالة تطورية.
    كما يتعلق علم الأجنة أيضاً بالنماذج التي لا يمكن تفسيرها عن طريق المصادفة. لماذا يمر جنين حيوان من الثدييات بأطوار تتشابه مع أطوار نمو جنين حيوان من الزواحف؟ لماذا تتشابه أحد أشكال اليرقات لصدف البحر barnacle، قبل التحول، مع الطور اليرقي للروبيان (الجمبري) بشكل كبير؟ لماذا تتماثل يرقات الفراشة والحشرات والخنافس بالنسبة لبعضها البعض أكثر من تماثل كل منها مع الكائنات البالغة لها؟
    وفسر دارون قائلاً، "الجنين هو حيوان في أقل حالة معدلة. وهذه الحالة تكشف هيكل منجبه أو أسلافه".
    ويعد علم التشكل هو الفئة الرابعة التي بنى عليها أدلته وهو الجوهر الحقيقي للتاريخ الطبيعي بالنسبة لدارون. وحتى اليوم له مكانه في تنظيم وتخطيط أي حديقة حيوان. فهنا القرود وهناك القطط الكبيرة big cats. وفي هذه البناية يوجد التمساح الأمريكي القاطور والأنواع الأخرى من التماسيح. والعصافير في أقفاصها والأسماك في أحواضها. يمكن تصنيف الكائنات الحية بسهولة في سلاسل من الفئات ليس فقط على أساس النوع ولكن أيضاً على أساس الجنس أو العائلات أو الترتيب. يمكن أن تعتمد مملكات كاملة على ما يتقاسمه أفرادها من صفات تشريحية من عدمه.
    تتمتع كل الحيوانات الفقارية بوجود عمود فقاري. ولكن من بين الفقاريات توجد طيور لها ريش بينما تتمتع الزواحف بالحراشف. وإن كان يغطي الثدييات فرواً ولها غدد ثديية وليس ريش أو حراشف. بعض الثدييات لها جيوب ترعى فيها صغارها ومن بين هذه الأنواع من الحيوانات الجرابية هناك ما يتمتع بقوائم خلفية ضخمة وذيول قوية تمكنها من الوثب لأميال من المناطق النائية القاحلة ونطلق عليها اسم الكنغر. ومع الأخذ بالأدلة الجزيئية الحديثة والميكروسكوبية، يمكننا تتبع التشابهات لأبعد من ذلك. توجد النواة في خلايا كل من النباتات وأنواع الفطر وكذلك الحيوانات. وتتمتع كل الكائنات الحية بوجود الحمض النووي والحمض الريبي (فيما عدا بعض الفيروسات التي لديها حمض ريبي فقط) وهما صيغتان مترابطتان لشفرة معلومات الجزيئات.
    يتداخل مثل هذا النمط لمجموعات المتشابهات المقسمة للأنواع المتماثلة ضمن تجمعات أكثر رحابة وكلها تعود إلى مصدر ليس من الطبيعي أن يكون من وسط أفراد المجموعات الأخرى. لا يمكنك أن تجد أي شيء مساو إذا ما قمت بتصنيف الأحجار أو الأدوات الموسيقية أو المجوهرات. لماذا؟ يعود السبب إلى أن أنواع الصخور وتصميمات المجوهرات لا تعكس سلالة متواصلة من أسلاف مشتركة. ولكن التنوع البيولوجي كذلك. حيث تشير مدى الصفات المشتركة بين أي نوع وغيره إلى كيفية اختلاف أو انحراف هذان النوعان من الذرية المشتركة. منحت هذه الرؤية معنى جديداً لعلم التصنيف الذي وجد في صورته الحديثة في عام 1735 على يد عالم الطبيعة السويدي كارلس لينيوس Carolus Linnaeus. وقد أوضح لينيوس كيف يمكن تصنيف الأنواع بشكل نظامي وفقاً للمتشابهات بينها. ولكنه عمل أيضاً تبعاً لافتراضات نشأة الحياة التي لا تعرض أي تفسيرات مادية للنمط المتداخل الذي أوجده. وفي أوائل ومنتصف القرن التاسع عشر، طور علماء علم التشكل مثل جورج كوفير Georges Cuvier وإيتين جيفروي سينت هيلر Etienne Geoffroy Saint-Hilaire في فرنسا وريتشارد أون Richard Owen في بريطانيا، طوروا التصنيف في ضوء دراساتهم الدقيقة لعلم التشريح الداخلي والخارجي. كما حاولوا وضع تفسيراً منطقياً لما يمكن أن يبدو عليه المصدر النهائي لهذه التشابهات المنسوخة. ولم يقم العالم ريتشارد أون الذي كان صديقاً سابقاً ومعاصراً لدارون (فيما بعد اختلفوا خلافاً مريراً) باتخاذ خطوة واضحة للرؤية التطورية قبل صدور كتاب أصل الأنواع. وقد ساهم بشكل كبير في مفهوم الأعضاء المتناظرة homologues الذي يعد صوراً مختلفة ظاهرياً متشابهة بشكل أساسي للسمة أو العضو الواحد الذي تشترك فيه الأنواع غير المتشابهة.
    على سبيل المثال، لا يتواجد الهيكل العظمي لأيدي الحيوانات الفقارية في كل من الإنسان والقرود والراكون والدببة ولكن أيضاً بشكل متحول في القطط والخفاش والدلافين والسحلية والسلاحف. كما تماثل زوجي العظام في الجزء الأسفل من الأرجل وهي عظم الساق الأكبر (الطنبوب) tibia والقصبة الصغرى fibula غيرها في الثدييات والزواحف وحتى الطائر الزاحف المنقرض الآركيوبتركس Archaeopteryx. ما السبب وراء هذا التكرار المتنوع لبعض الميزات الأساسية القليلة؟ يوافق دارون على العمل الرائع الذي قام به أون ومقدما إجابته بأن السلالة المشتركة كما صاغها الانتخاب الطبيعي تعدل الأسس الموروثة لمختلف الظروف.
    وتعد الصفات الأثرية شكلاً آخر من أدلة علم التشكل تدعو للتأمل لأنها تظهر عالم الكائنات الحية مليئاً بالعيوب الصغيرة المحتملة. لماذا يتميز الذكور في الثدييات (وكذلك الذكر الآدمي) بوجود حلمات ثدي؟ لماذا تحمل بعض الأفاعي (خاصةً أفعى البواء boa constrictors) حوض أولي وأرجل دقيقة مدفونة على جانبي جلدها الأملس؟ لماذا تتميز بعض أنواع الخنافس غير القادرة على الطيران بوجود أجنحة محكومة بغطاء جناحي لا ينفتح أبداً؟ أثار دارون كل هذه الأسئلة وأجابها في كتابه أصل الأنواع. تعمل الصفات الأثرية كبقايا دليلية لتاريخ تطور سلالة ما.
    تشمل الفروع الأربع لعلم الأحياء التي حددها دارون، الجغرافيا البيولوجية وعلم الحفريات القديمة وعلم الأجنة وعلم التشكل، تشمل اليوم الكثير من البيانات والمعلومات المؤيدة أكثر من أي وقت مضى. كما أنه قد تم إضافة المزيد إلى هذه الفروع مثل علم الوراثة الجمعي population genetics، والكيمياء البيولوجية biochemistry والبيولوجيا الجزيئية molecular biology و المجال الناجح لآلية تحريك التسلسل الجيني والمعروف باسم علم الجينات. تتداخل هذه المجالات الجديدة للمعرفة مع بعضها البعض بشكل مستمر وتتقاطع مع الأشكال القديمة لتدعم البناء بأكمله وتساهم في المزيد من صحة ما أثبته دارون.
    لقد كان دارون محقاً بشأن التطور وإن لم يكن محقاً في كل شيء. فقد تعمق في عدد من الأفكار النظرية خلال حياته المليئة بالعمل وكان بعضها مخطئاً ومضللاً. لقد أخطأ في أسباب التنوع داخل النوع الواحد. كان مخطئاً بشأن اللغز الجيولوجي لسلاسل الصخور المتوازية على طول الوادي السويدي المسمى جلين روي Glen Roy. وأكثر هذه الأخطاء أهمية هي نظرية الوراثة التي أسماها شمولية التخلق pangenesis وساندها تماماً على الرغم من عدم التأييد التام لها من قبل زملائه من علماء الأحياء. ومن حسن حظ دارون أن صحة معظم أفكاره الجيدة الشهيرة وقفت موقفاً مستقلاً عن تلك السيئة. ولقد أظهرته نظرية التطور عن طريق الاصطفاء الطبيعي كأفضل عالم يتمتع برصد علمي وتفكير منتبه.
    يعد العالم دوجلاس فوتويما Douglas Futuyma من علماء البيولوجيا التطورية ومؤلف كتباً مدرسية والعديد من الدراسات المؤثرة. ويوجد مكتبه في جامعة ميتشجان وهو غرفة ضيقة في مبنى العلوم الطبيعية مليئة بالجرائد والكتب التي تتضمن مجلدات عن الصراع بين نشأة الخلق والتطور. وفي مقابلة أجريت بين مؤلف المقال والعالم فوتويما، لم يتعمق العالم كثيراً في الفروع الأربع وتحدث عن علم الوراثة الحديث أغلب الأمر. وقد التقط مجلة ناتشر (الطبيعة) Nature في عددها التاريخي الذي تميز بمقالات تحلل وتثبت نتائج مشروع الجينوم البشري. كما التقط عدداً أكثر حداثة يتناول موضوعها الرئيسي المجين المتسلسل لفأر المنزل المسمى جُرَذُ المتاعب (الجُرَذُ النِّرْوَجِيّ) Mus musculus. حيث يعلن المقال الرئيسي في المجلة:
    "البيولوجيا البشرية بالإنابة"،
    كشفت محاولة معرفة مجين الفأر إلى وجود 30 ألف جين ووجود 99% من نظائر هذه الجينات في الإنسان.
    فسر فوتويما أن التماثل بين الجينات الثلاثمائة ألف في الإنسان ونظيرها في الفأر تمثل شكلاً آخر من أشكال التناظر مثل التماثل بين اليد ذات الأصابع الخمس والقدم ذات المخالب الخمس. مثل هذا التناظر الجيني هو ما يقدم تفسيراً للبحث الطبي البيولوجي باستخدام الفئران وغيرها من الحيوانات التي تتضمن الشمبانزي وهي الكائن الأقرب لنا.
    ليس هاك من جانب للأبحاث الطبية البيولوجية مثيرة للجدل أكثر من دراسة الأمراض الجرثومية. ولا يمكن إدراك ديناميكا هذه الميكروبات داخل الأجسام البشرية وسط التجمعات البشرية إلا من خلال التطور.
    فالأمراض المرعبة التي تسببها الميكروبات تتضمن كلاً من النوع المعدي (الإيدز، إيبولا، سارس) الذي ينتشر مباشرةً من شخص لآخر ونوعا آخر (ملاريا وفيروس غرب النيل) يصل إلينا عن طريق لدغ الحشرات أو غيرها من الوسطاء. وتعود الخطورة المخيفة لهذه الحشرات إلى مقدار سرعة التغيرات وسط الميكروبات المسببة للأمراض لعدد كبير من الأشخاص وبالتالي صعوبة وارتفاع تكلفة علاجها. حيث تنتقل بشكل مفاجئ من الحياة البرية أو من الحيوانات المنزلية إلى الإنسان لتتكيف داخل الظروف الجديدة. وتساعدها صفة التنوع الملازمة لها على إيجاد طرق جديدة لتجنب الجهاز المناعي والتغلب عليه. كما تكتسب المقاومة عن طريق الانتخاب الطبيعي للأدوية التي يجب أن تقضي عليها. وبالتالي تتطور. ما من دليل أفضل أو أكثر ملاءمةً يدعم النظرية الداروينية أكثر من هذه العملية للتحول القسري وسط جراثيمنا الضارة.
    لنأخذ مثالاً لنا البكتيريا العنقودية الذهبية Staphylococcus aureus التي تكمن في المستشفيات وتسبب عدوى خطيرة خاصةً وسط مرضى العمليات الجراحية. ومع توفر البنسلين عام 1943، أثبت فعالية إعجازية في محاربة عدوى هذا النوع من البكتيريا، كما كان لانتشاره مرحلة جديدة في العالم القديم بين البشر وجراثيم المرض وهي مرحلة اخترع فها البشر نوعاً جديداً قاتلاً ووجدت الميكروبات طرقاً جديدة لتكون محصنة ضد القتل. ولكن فعالية البنسلين القاتلة لم تدم طويلاً. تم تسجيل ظهور أول سلالة مقاومة من هذا النوع البكتيري في عام 1947. ظهر المِيثِيسِيلِّين (مضاد حَيَوي) methicillin كعلاج جديد قاتل للنوع البكتيري المقاوم خلال الستينيات ولكن ظهرت سلالة جديدة مقاومة أخرى وبحلول الثمانينيات كان انتشار هذه السلالات على نطاق واسع. وأصبح فانكوميسين (مضاد حيوي) Vancomycin هو السلاح الفتاك التالي ضد البكتيريا العنقودية، وظهرت أول سلالة بكتيرية مقاومة له في عام 2002. تمثل هذه السلالات المقاومة للمضادات الحيوية سلاسل تطورية لا تختلف كثراً في الأساس عن سلاسل الحفريات عند تتبع تطور الحصان من النوع Hyracotherium إلى الفرس Equus. وهذا الأمر يجعل من التطور مشكلة عملية لتحدي العلاج البكتيريا العنقودية في وجود التكلفة والبؤس والخطر.
    وقد قام عالم الأحياء ستيفن بالومبي Stephen Palumbi بتقدير تكلفة علاج عدوى البكتيريا المقاومة للبنسلين والبكتيريا المقاومة للمِيثِيسِيلِّين فقط في الولايات المتحدة لتصل إلى 30 مليار دولار في العام. وكتب بالومبي العام الماضي، "تبذل المضادات الحيوية طاقة تطورية فعالة، موجهةً البكتيريا المعدية لتطور خطوط دفاع قوية ضد كل العلاجات وعلى الأخص المخترعة حديثاً". وبدراسة الحمض النووي البكتيري، المستخدم نفس الشفرة الجينية الموجودة في البشر والحصان وسمك هاج hagfish ونبات صريمة الجدي honeysuckle، تعد البكتيريا جزء لا يتجزأ من استمرارية الحياة تتشكل وتتنوع عن طريق القوى التطورية.
    كما تنتمي الفيروسات أيضاً لهذه الاستمرارية. بعض أنواع الفيروسات تتطور بشكل سريع وبعضها تتطور ببطء. ويعد فيروس الإيدز مثالاً لفيروسات سريعة التطور لأن وسيلتها للتكاثر يتضمن معدل كبير من الطفرات تسمح للفيروس بعمل تطورات جديدة له. يحمل كل مريض صيغة فريدة من الفيروس بعد سنوات قليلة من العدوى والعلاج. ونتيجة عزل الفيروس داخل شخص واحد مصاب بالإضافة إلى الظروف المختلفة والصراع من أجل البقاء كل هذه العوامل تدفع كل صيغة للفيروس بالتطور بشكل مستقل. إنها حالة سريعة ومجهرية لما رآه دارون في جزر جلاباجوس فيما عدا أن كل جسم بشري هو جزيرة والأنواع المتطورة الحديثة ليست في جمال طيور البرقش أو الطيور المحاكية.
    ومع إدراك مدى سرعة الفيروس في كسب المقاومة ضد مضادات الفيروسات، كان مضاد الفيروس آزيدوثيميدين (AZT) ناجعاً في تحسين العلاج حيث يتكون من خليط لعدة علاجات. ساعد هذا المسار على تخفيض حالات الوفاة المصابة بالمرض على عدة مراحل منذ عام 1996 كما أبطأ كثيراً من تطور المرض داخل المرضى.
    تتطلب الأعشاب والطحالب الضارة مقاومة ضد مبيدات الحشرات والأعشاب خلال نفس العملية. وحيث أننا كبشر نحاول قتلهم بالسم، يحول التطور مجتمع البعوض أو نبات الشوك thistle عن طريق الانتخاب الطبيعي إلى فصيلة جديدة من الكائنات أقل عرضة لهذا النوع من السموم. وبالتالي نقوم باختيار وسيلة قاتلة أخرى وهكذا ولكن دون فائدة. حتى أن مبيد دي دي تي DDT أنتج نوعاً من حشرات المنزل المقاومة خلال عقد من اختراعه عام 1939 على الرغم من تأثيره الضار الممتد خلال الأنظمة البيئية. وبحلول عام 1990 أكثر من 500 نوع (تتضمن 114 نوع من البعوض) اكتسبت مقاومة لنوع واحد فقط على الأقل من مبيدات الحشرات. وقد علق ستيفن بلومبي Stephen Palumbi ، "أن البشر هم الجنس المهيمن على قوة التطور في العالم" وجاء تعليقه اعتماداً على النتائج السابقة غير المرغوب بها.
    يستمر التطور وسط معظم أنواع الكائنات الحية بشكل بطيء للغاية حتى يتم رصدها من قبل عالم واحد من خلال دراسة تستمر الحياة كلها. ولكن العلم يعمل عن طريق الاستنتاج وليس بالرصد المباشر فقط ولا تعتبر الفروع الاستنتاجية للأدلة مثل علم الحفريات القديمة والجغرافية الحيوية أقل إقناعاً لأنها غير مباشرة. ومازال المتشككون في نظرية التطور يتساءلون: هل يمكننا رؤية التطور عملياً؟ هل يمكن ملاحظتها في الحياة البرية؟ هل يمكن قياسها في المعامل؟
    الإجابة هي نعم. فقد استطاع الباحثان البريطانيان بيتر و روزماري جرانت اللذان قضيا عقود طويلة بينما قضى دارون عدة أسابيع، استطاعا الفوز بلمحة خاطفة عن التطور من خلال دراستهم الممتدة لحجم منقار طائر البرقش في جزر جلاباجوس. وتوصل العالمان ويليام William R. Rice وجورجGeorge W. Salt إلى أمر مشابه في معملهما من خلال تجربة تتضمن 35 جيل من ذُبابَةُ الفاكِهَةِ السَّوداءُ البَطْن Drosophila melanogaster. وكذلك استطاع ريتشارد Richard E. Lenski وزملائه في جامعة ميتشجان من تتبع 20 ألف جيل من بكتيريا الإِشْريكِيَّةُ القولونِيَّة bacterium Escherichia coli. تثبت مثل هذه الدراسات الميدانية والتجارب المعملية نظرية anagenesis أو الطفرة وهي تعني التغير التطوري البطيء داخل سلالة مفردة غير منقسمة. ويحتاج رؤية التطور إلى التحلي بالصبر.
    يعد الانتواع، وهو انشقاق سلالة إلى نوعان، المرحلة الكبرى الأخرى للتغير التطوري متيحاً التباعد بين سلالتين وهو ما كتب عنه دارون. إنه أكثر ندرة وغموضاً حتى من اتجاه الطفرة anagenesis. لابد أن العديد من التحولات الفردية تراكمت (في معظم الحالات وفي أي مكان مع التوقعات الخاصة وسط النباتات) قبل أن يصبح كلا المجتمعان غير منفصلان تماماً. ولقد انتشرت هذه العملية عبر آلاف الأجيال، ولكنها مع ذلك يمكن أن تنتهي بشكل مفاجئ كمن صفع باباً. ويتم هذا عند حدوث التغيرات الأخيرة الفاصلة. لهذا يصعب ملاحظة هذا النوع من التطور. ولكن يبدو أن العالمان رايس Rice و سولتSalt وعلى الرغم من الصعوبات إلا أنهما استطاعا تسجيل حادثة انتواع، أو ما يقرب منها في تجاربهم الممتدة على ذباب الفاكهة. حيث نتج من سلالة صغير من إناث ذباب بعد التزاوج سلالتين مختلفتين متكيفة لظروفها البيئية المختلفة والتي أطلق عليها الباحثان اسم "نوعان أوليان" .
    منذ أواخر السبعينيات، قام العالم فيليب جينجريش Philip D. Gingerich، وهو عالم الحفريات القديمة ومعروف بتخصصه في سلالات الحيتان، بجمع عينات حفرية للحيتان الأوائل من أماكن بعيدة في مصر وباكستان. واكتشف العالم أحد الثدييات البرية تسمى Pakicetus وتعود تاريخها إلى 50 مليون سنة ماضية. وتعكس عظم آذانها مشاركتها في سلالة الحيتان وإن كان الهيكل العظمي شبيه بالكلب. ووجد أحد تلاميذ جينجريش، هانز ثويسن Hans Thewissen حفرية لنفس الكائن أكثر حداثة ولكن ذو أقدام مكففة تصلح للمشي أو السباحة وخطم بارز الأسنان وقد أطلق عليه ثويسان اسم Ambulocetus natans أو الحوت السابح السائر وتوالت اكتشافات جينجريش وفريقه لتتضمن Rodhocetus balochistanensis وهو نوع آخر ولكنه كائناً بحرياً تماماً حيث تشبه أرجله زعانف الحيتان تماماً وأنفه متحول إلى الخلف على الخطم في منتصف الطريق إلى الفجوة الغازية blowhole في الحوت الحديث. وبدأ يكتمل تسلسل الأنواع المعروفة أكثر فأكثر وبدأ يؤمن أن الحيتان تنحدر من مجموعة من الثدييات الآكلة للحوم في العصر الحديث الأسبق تعرف باسم mesonychids التي تتميز بالأسنان الخدية المفيدة لمضغ اللحم والعظم. ولكن جينجريش رغب في وجود دليلاً آخر لتأكيد هذا الارتباط. وفي نهاية التسعينيات وافق معظم علماء الحفريات القديمة على هذه العلاقة.
    اكتشف علماء الأحياء حالياً نفس العلاقة ولكنهم توصلوا إلى إجابة أخرى. فالتطابق مع هذه الكائنات اللاحمة للعصر الحديث الأسبق قريباً ولكن ليس بالشكل الكافي. حيث يقترح اختبار الحمض النووي الهجين وغيره من الاختبارات أن الحيتان تنحدر من سلالة الحيوانات ذات الحافر artiodactyls (زوجية الحافر وتقتات العشب، مثل الظبي antelopes وفرس النهر hippos)، وليس من السلالة آكلة اللحم mesonychids.
    اختار العالم جينجريش عام 2000 موقعاً جديداً في باكستان حيث وجد أحد تلاميذه قطعة واحدة من حفرية غيرت الفكرة السائدة في علم الحفريات القديمة. حيث كانت جزء شبيه بعظم الكاحل ويعرف باسم الكاحل astragalus، وهي تعود إلى نوع آخر من الحيتان. ووجد أحد الباحثين الباكستانيين النصف الآخر من الحفرية. وعند ملاءمة القطعتين، صرح جينجرش بكل تواضع أن علماء البيولوجيا الجزيئية كانوا على حق. فقد كانت الحفرية أحد عظام الكاحل لحوت له أربع قوائم ويعود إلى 47 مليون سنة وهو يشبه إلى حد كبير عظم الكاحل للثدييات ذات الحافر. وفجأة اكتشف كيف أن الحيتان قريبة الصلة والظبيان.
    هكذا هو العلم فالأفكار تأتي وتذهب ولكن أكثرها ملاءمة هي الباقية. بالنسبة إلى العالم فيليب جينجريش فقد تربى تربية متدينة وهو أحد المتشككين في نظرية التطور وعلى الرغم مما تم اكتشافه من علاقة تربط الحيتان البحرية بالكائنات البرية إلى أنه مازال يرغب في مزيد من الأدلة والسعي وراء الحلقات الوسطية. وعلى الرغم من تشككه في النظرية وفهمه التام لموقف غيره من المتشككين إلا أن ما يدفعه إلى مزيد من البحث واكتشاف الحفريات القديمة هو بالنسبة له كمن يسعى إلى تجربة روحانية. وقد أضاف في حديثه، "الدليل هناك، مدفون في صخور الزمن".

    رؤية دارون
    أثار نبات السحلبية اهتمام دارون وذلك يعود لمدى تكيفه المذهل من خلال التحكم في تلقيحه عن طريق الحشرات. فقد وجد أن أجزاء أزهاره المتحولة تطابق بشكل غريب أجزاء الزهرة الأكثر بساطة مما يدل على حدوث تغير تطوري. وقد أثارت انتباهه أحد الأنواع وتسمى أوركيد مدغشقر Angraecum sesquipedale حيث يبلغ طول الوعاء الرحيقي أو كرسي الزهرة 11 بوصة. ونتيجة لهذا تكهن أنه في مكان ما في مدغشقر لم يقم بزيارته من قبل كانت تعيش هناك فراشة لها خرطوم يصل طوله إلى 11 بوصة مما يتكيف مع حصاد رحيق الأوركيد. وبعد أربعين عاماً اكتشف اثنان من علماء الحشرات وجود فراشة سفينكس مدغشقر Xanthopan morganii praedicta لتثبت صحة ما تكهن به دارون. مثل هذا التكيف التبادلي من الفراشة للزهرة ومن الزهرة للفراشة يسمى التطور المتشارك.

    الانتخاب الداخلي Domestic Selection
    مرت فصيلة الكلاب بولدوج بتحولات عبر العديد من الأجيال على يد مربي الكلاب لتصل إلى فصيلة تسمى bullbaiting ثم وصلت مؤخراً إلى الفصيلة الوديعة التي تختلف كثيراً عن أصلها الوحشي. أدرك دارون أنه إذا استطاع الانتخاب الداخلي صنع مثل هذا التحول فلابد أن الانتخاب الطبيعي في إمكانه صنع المزيد على مر ملايين السنين. كما أوضح أن الأنواع البرية تختلف عن أسلافها المشتركة كما تصنع الاختلافات الداخلية. ولاحظ باستخدام مطيره المنشأ خلف المنزل بالإضافة إلى المعلومات المستقاة من المربيين، لاحظ أن الاختلافات الحادثة بين حمام الزينة مثل الحمام النفاخ English pouter وحمام أبو منجل scandaroon وحمام الراهبة the nun. كما درس القطط والخيل والخنازير والأرانب والبط والدواجن. كما أجرى الاختبارات وأخذ العينات لحيوانات حية وميتة.

    الانتخاب الطبيعي Natural Selection
    اتخذ دارون فكرة هامة من العالم توماس مالثوس Thomas Malthus واضع نظريات تعداد السكان، وهي تدور حول زيادة عدد المواليد بشكل أكثر ممن يستطيعون الحياة والتوالد مع الأخذ في الاعتبار لمدى توفر الغذاء وسعة المكان. كتب مالثوس عن المجتمع البشري ولكن دارون طبق هذه الفكرة على كل الأنواع. فعلى سبيل المثال، تخلق وفرة الإنتاج بالنسبة لصغار سمك السلمون salmon sac fry نوعاً من المنافسة ولكن ينجح في البقاء الأكثر تكيفاً. فالفشل يعني الموت بدون تكاثر أو بالنسبة للكائن Waptia الانقراض بدون وجود أنواع أخرى منه، وهو كائن غريب عرف فقط من الطفل الصفحي في عصر الكمبري. تنمو النباتات التي تقتات على الحشرات مثل خناق الذباب Venus fly trap في بيئة فقيرة التغذية حيث المنافسة أقل حدة وتتغذى على الحشرات بجانب غذائها الرئيسي من أجل البقاء.

    أدلة تشريحية
    وجد دارون في براري الأرجنتين نوعان لطائر كبير الحجم لا يستطيع الطيران أحدهما يسمى طائر الري rhea. والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا كانت جنوب أمريكا تأوي هذان النوعان المشابهان بدلاً من النعام كما في أفريقيا أو حتى النوع moas في نيوزيلندة؟ تفترض مثل هذه النماذج المجتمعة لما أسماها بالأنواع ذات "الصلة المباشرة" تطوراً محلياً من أسلاف مشتركة. ويتمثل نوعاً آخر ن الأدلة التشريحية في اثنين من شغالات النمل تم حفظهما في حجر الكهرمان من العصر الطباشيري Cretaceous حيث تتميزان بوجود قرن الاستشعار عند الزنبور والخصر العريض لتكشف الحالة التحولية بين أسلاف الزنبور والنمل. ويعد كلاً من الجغرافية الحيوية (تتعلق بنوع الحيوانات ومناطق وجودها) والأدلة الحفرية (مثل الكهرمان والصخور) من الأهمية الكبيرة لعلماء الأحياء المعاصرين مثلما كانت لدارون.

    أدلة حفرية
    أثناء عمليات حفر أجريت في مصر، وجد فريق عمل من علماء الحفريات القديمة من بينهم العالم فيليب جنجريتش هيكلاً عظمياً كاملاً لكائن يشبه الدلفين يسمى حالياً Dorudon. وعودة إلى 40 مليون عام ماضية، تميز هذا الكائن بحوض منفصل قرب نهاية الذيل وأرجل صغيرة غير مفيدة. واحتوت الأرجل الأمامية للدلافين البدائية على هيكل يتكون من خمسة أصابع تشبه اليد في الإنسان، ويبدو أن الأرجل الخلفية فقدت العديد من عظام الأصابع ولكنها دليل قائم على انحدار الحيتان من سلالة لها أربع قوائم. وجد جينجريش وغيره العديد من الحلقات الوسطية المفقودة والتي لم تعد مفقودة بعد الآن.

    التطور التقاربي Convergent Evolution
    تتميز السحالي من نوع twig-anole في جامايكا(B) بالأرجل القصيرة التي تناسب التشبث بالأفرع الضيقة. وتشبه هذه السحالي إلى حد كبير السحالي في بورتوريكا (C) وكذلك والسحالي في بهاماس (D). ومع ذلك كشفت اختبارات الحمض النووي الذي أجراها جوناثان لوسوس Jonathan Losos في جامعة واشنطن عن حقيقة أكثر عمقاً؛ وهو أن هذا النوع من التكيف قد تطور بشكل مستقر على جزر منفصلة. فقد كانت السحلية في جاميكا أقرب في الصلة لغيرها من السحالي مثل نوع giant-anole الجامايكي (A) أكثر من غيرها من السحالي على الجزر الأخرى. وبطريقة مماثلة لا ترتبط السحالي في جزيرة باهاماس (E - F) وفي جاميكا (النوع المتدلي في صورة ورقة النبات) بشكل قريب بغيرها من السحالي في الجزر الأخرى. الخلاصة: على الرغم من حدوث التنوع بشكل عشوائي، إلا أنه في بعض الأحيان تؤثر الظروف البيئية المماثلة على التكيف المشابه بشكل غريب.

    الثورة الجينية The Genetic Revolution
    اكتشف جريجور مندل Gregor Mendel ، أحد رهبان النمسا، الأسس الجينية في عصر دارون ولكن تم تجاهل آرائه التي نشرت في أحد الصحف غير المعروفة. فيما بعد مزج علماء الأحياء بين الجينات ونظرية التطور على الرغم من عدم وجود الدراية الكاملة بكيفية تخزين المعلومات الجينية في الجزيء وقد ساعدت صورة روزالند فرانكلن Rosalind Franklin لحيود الأشِعة السينِيَّة للحمض النووي عام 1952 كلاً من جيمس واتسون James Watson وفرانسيس كريك Francis Crick في حل لغز بناء اللولب المزدوج للجزيء. يستخدم المجال الجديد لمجموعة العوامل الوراثية معلومات تقنية مثل رقائق المادة الوراثية DNA chip راسمةً العلاقة وسط الأنواع المختلفة مثل ذبابة الفاكهة Drosophila melanogaster والشمبانزي وكذلك أنفسنا. لقد حققنا الكثير منذ كان دارون يبحث عن الدليل في مطيره الخاص لطيور الزينة.

    كيف يؤثر بنا التطور
    تمر البكتيريا والفيروسات بمراحل التطور أيضاً. حيث تتكيف الأجسام المعدية مثل البكتيريا الفطرية الدرنية Mycobacterium tuberculosis وهي البكتيريا المسببة لمرض السل، تتكيف بسرعة كبيرة وتكتسب مقاومة جينية ضد العقاقير. تركز الدراسات الطبية للباحث باري كريسوورث Barry Kreiswirth على النظرية التطورية ويظهر في الصورة حاملاً لأشعة سينية لصدر مريض مصاب بالسل في دراساته عن مقاومة عقاقير السل. ويعمل فأر المختبر كأحد النماذج البحثية لأنه مثلنا من سلالة الثدييات كما أنه يشترك معنا في نصيب كبير من الحمض النووي. ويظهر في الصورة أحد السجناء السابقين في روسيا، بيتر كيبيسوف، وقد ملأ جسده بالنقوش المعبرة عن صلب المسيح وهي أحد الآثار الباقية له من فترة حكمه بالإضافة إلى إصابته لبكتيريا السل المقاومة للعقاقير وهو يأمل أن يشفيه الله بتقدم العلم المعتمد على التطور لإيجاد العلاج المطلوب.

    دعاء الخطيب
    مترجمة حرة - مصر

  14. #34
    أديب الصورة الرمزية سعيد حسن
    تاريخ التسجيل
    29/10/2006
    المشاركات
    339
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة doaaAlkhateeb مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
    أشكر سيادتكم على هذه المبادرة الكريمة أستاذ سعيد وأقدم مقالاً علمياً في سبيلي لطرحة في منتدى الترجمة العلمية حتى يخضع للنقد الترجمي.


    دارون ما بين نظرية التطور والخلق

    سيادة الدليل على التطور

    عبر دارون عن المفهوم الرئيس لتطور الحياة بنظرية التطور عن طريق الانتخاب الطبيعي natural selection. وتتعلق هذه النظرية بأصل التكيف، التعقيد complexityوالتنوع وسط المخلوقات الحية على الأرض. فإن كنت متشككاً، وغير معتاد على المصطلحات العلمية وغير مدرك للدليل القاطع على هذه النظرية، فقد ينتهي بك الأمر إلى اعتبارها مجرد نظرية. وصفت نظرية النسبية لآلبرت آينشتاين بأنها مجرد نظرية. كما اعتبرت الفكرة التي تقدم بها العلم كوبرنيكوس Copernicus في عام 1543 بأن الأرض تدور حول الشمس وليس العكس مجرد نظرية. وكذلك يعد انجراف القارات نظرية. ويجب ألا نغفل النظرية الذرية وهي وجود وبنية وديناميكا الذرات. حتى الكهرباء تعد بناءً نظرياً يتعلق بالإلكترونات وهي وحدات متناهية في الصغر لها كتل مشحونة charged mass لم يستطع أحد رؤيتها على الإطلاق. وقد أمكن لكل نظرية من هذه النظريات إثباتها بالدليل إلى درجة معينة عن طريق الملاحظة والتجربة وبالتالي قبولها من قبل المختصين المضطلعين كحقيقة علمية. هذا ما يعنيه العلماء عندما يتحدثون عن نظرية فهم لا يقصدون التفكير الحالم غير الموثوق به، ولكن نصاً تفسيرياً يلائم الدليل. و يقبلون هذا التفسير باطمئنان ولكن بصفة مؤقتة على اعتباره أفضل رؤية متاحة للحقيقة حتى تظهر معلومات مختلفة تماماً أو تفسيرات أفضل.
    يوافق أغلبيتنا على هذه النظريات بشكل عام. فنحن نشاهد التلفاز ونقيس الزمن بمدة دوران الأرض ونعيش حياتنا نعتمد على الحقيقة الموثوق بها لهذه النظريات.
    ومع ذلك تختلف نظرية التطور عن غيرها من النظريات قليلاً. فهي خطرة ومثيرة وذات نظرة بعيدة المدى عن الحياة إلى درجة أن البعض لا يقبلون بها وهذا كله على الرغم من توفر الدليل الدامغ. وكما هو متحقق في الجنس البشري، مازال الإنسان العاقل معرض إلى مزيد من الخطر. ما زال العديدون من المسيحيين المتطرفين ويهود الأرثوذكسية المتشددة يأخذون حذرهم من فكرة انحدار الإنسان من القردة الأولى حيث يتعارض مع القراءة الدقيقة لسفر التكوين. وتتماثل معارضتهم أيضاً مع المعتنقين للإسلام من أمثال هارون يحيى مؤلف كتاب خداع التطور The Evolution Deceit والذي أشار إلى قصة الخلق في اليوم السادس المذكورة في القرآن كحقيقة مسلم بها واعتبر نظرية التطور "مجرد خداع مفروض علينا من قبل المهيمنين على النظام العالمي". ووضح أحد أتباع الإله كريشناHare Krishna ويدعى Srila Prabhupada أن الله قد خلق كل أنواع الحياة البالغ عددها 8,400,000 مليون نوع منذ البداية من أجل وجود عدة طبقات لتناسخ الروح الصاعدة. وعلى الرغم من صعود الروح إلا أن الأنواع نفسها لا تتغير حيث يصر على رفض نظرية دارون السخيفة.
    ولا يقتصر عدم الاقتناع بنظرية التطور على المعتنقين للكتب المقدسة ولكن أيضاً قد يمتد الأمر إلى غيرهم من الأفراد. ووفقاً لأحد الاستطلاعات التي أجراها معهد الأبحاث Gallup لأكثر من ألف متحدث بالهاتف في فبراير لعام 2001، وافق ما لا يقل من 45% من البالغين في الولايات المتحدة على "أن الله قد خلق البشر في صورة تشبه إلى حد كبير صورتهم الحالية منذ 10 آلاف عام مضت". ووفقاً لهم، لا تلعب نظرية التطور أي دور في هيئتنا.
    وكان عدد المقتنعين بالدمج بين نظرية التطور والدين 37% ممن استجابوا للاستطلاع حيث إن التدخل الإلهي هو بداية كل الأشياء والتطور ما هو إلا عمل إبداعى. (تتوافق هذه الرؤية مع العقيدة الرومانية الكاثوليكية وهي تعود لأكثر من قرار بابوي) ووصل عدد الأمريكيين المؤمنين بأن البشر تطوروا من أشكال حيوية أخرى دون أي تدخل إلهي إلى 12%.
    لا يعتبر رفض الكثير من الأمريكيين لنظرية التطور هو ما يلفت النظر تجاه عدد الأصوات، ولكن انخفاض نسبة مؤيدي هذه النظرية ظل بالمعدل نفسه في القرنين الماضيين. حيث أجريت نفس الاستطلاعات بنفس الخيارات في أعوام 1982 و 1983 و 1997 و 1999. ولم تنخفض الاستطلاعات الخاصة بمفهوم الخليقة 44% وهي أن الله وحده هو خالق البشر وليس التطور، مما يعني أن حوالي نصف العامة في أمريكا يفضلون تصديق أن تشارلز دارون مخطئ في نظريته.
    لماذا هناك العديد من معارضي نظرية التطور؟ يمكن أن يكون التمسك الحرفي بتعاليم الكتب المقدسة هو جزء من الإجابة. يتضمن الشعب الأمريكي بكل تأكيد قسما كبيرا من المتمسكين بالكتاب المقدس ولكن ليس إلى درجة أن تصل نسبتهم إلى 44%. ولكن يشكل عدد الأفراد المؤمنين بفكرة الخليقة والمتحولين من عقيدة إلى أخرى بالإضافة إلى النشطاء السياسيين جزءًا آخر من هذه النسبة حيث يعملون جهدهم للتدخل في تدريس الأحياء البيولوجية في المدارس الحكومية. هذا بالإضافة إلى أن الارتباك الحقيقي والجهل بين ملايين الأمريكيين البالغين مما له بالغ الأثر في تشكيل جزء كبير من هذه النسبة. كما لم يتلق العديد من الأفراد أي منهج تعليمي يتناول نظرية التطور أو قرأ كتاباً يدور حول تفسير النظرية بشكل واضح. بالطبع سمع جميعنا عن تشارلز دارون وأيضاً عن فكرة الصراع من أجل البقاء والتي يطلق عليها النظرية الداروينية. ولكن يبدو أن الصدفة تلعب دوراً في حصول الأمريكان على مصادر مفاهيمهم الرئيسة بشأن هذا الموضوع وإن كان أفضلها: التناضح الثقافي والصحف والمجلات والبرامج الوثائقية غير المعدة جيداً عن الطبيعة بالإضافة إلى الإشاعات والأقاويل.
    يحمل مفهوم التطور كلاً من صفة الجمال والأهمية، وهو من القضايا الفاصلة اليوم لصالح الإنسان والعلوم الطبية وكذلك فهمنا للعالم أكثر من أي وقت مضى. وتتميز النقاط الأساسية في النظرية بقليل من التعقيد أكثر مما يفترضه معظم الأفراد، ولكنها ليست إلى درجة لا يمكن استيعابها من قبل الفرد الفطن. علاوةً على ذلك، يتميز الدليل الداعم للنظرية بوفرته وتنوعه وازدياده وانفراده بالربط بين الأمور وأنه متاح بسهولة في المتاحف والكتب العامة والكتب المدرسية والتكدس الضخم للدراسات العلمية النقدية. لا يحتاج أي فرد ويجب ألا يقبل بنظرية التطور كمجرد أمر إيماني بحت.
    وتدور قضية النقاش حول فكرتين وليست فكرة واحدة: تطور جميع الأجناس كظاهرة تاريخية، والانتخاب الطبيعي كآلية رئيسة مسببة للظاهرة. تتعلق النقطة الأولى بقضية ماذا حدث. أما الثانية فتتعلق بقضية كيف حدث. تناول العديد من المفكرين فكرة انحدار كل الأجناس من أسلاف مشتركة يتضمنهم جين بابتيست لامارك Jean Baptiste Lamarck قبل أن ينشر دارون كتابة أصل الأنواعThe Origin of Species عام 1859. وقد كان تقديم دارون لتفسير منطقي حول كيفية وجوب حدوث التطور هو ما جعل كتابه جديراً بالملاحظة عند صدوره ومؤثراً للغاية على المدى الطويل. كما أتى العالم ألفريد راسل والاس Alfred Russel Wallace وهو عالم طبيعة وكان يقوم بأعمال ميدانية في جزر مالي خلال نهاية خمسينيات القرن الثامن عشر بنفس الفهم العميق. تشارك كل من والاس و دارون مجد اكتشاف الانتخاب الطبيعي في السجلات التاريخية إن لم يكن في الإدراك العام.
    ويقوم جوهر المفهوم على أن الاختلافات الصغيرة والعشوائية المتوارثة بين الأفراد ينتج عنها اختلاف فرص نجاح البقاء والتكاثر بالنسبة إلى البعض، والموت بلا ذرية بالنسبة إلى البعض الآخر ويؤدي هذا الانتخاب الطبيعي إلى تغيرات جذرية في الشكل والحجم والقوة ووسائل الدفاع واللون وعلم الكيمياء الحيوية والسلوك وسط أفراد السلالة. وتؤدي الزيادة المفرطة في تعداد السلالة إلى الصراع التنافسي. حيث ينتج المنافسون الأقل نجاحاً ذرية أقل قدرة على البقاء، لتختفي الأنواع السلبية أو غير المفيدة بينما تحتفظ الأفراد المفيدة بنوعها ليعظم شأنهم تدريجياً بازدياد عددهم.
    يسمى أحد جوانب عملية التطور باسمanagenesis أو ما يسمى بالطفرة حيث يتم من خلالها تحول أحد الأنواع. ولكن هناك جانباً آخر يسمى الانتواع (تشكل تطوري لنوع جديد). تتراكم التغيرات الجينية في بعض الأحيان داخل شريحة من أحد الأنواع ولكن ليس من خلال كل المجموعة حيث تتكيف هذه الشريحة المنعزلة لظروفها الجديدة وتسير في طريقها الخاص تدريجياً متمسكة بمكانتها البيئية الجديدة ويصل الأمر إلى مرحلة محددة مختلفة بشكل يصعب إلغاؤه وقد تصل درجة الاختلاف إلى حد عدم قدرة أفرادها على التزاوج مع البقية. وأصبح يوجد هناك نوعان بينما كان في الحقيقة هناك نوع واحد. لقد أطلق دارون على ظاهرة الانقسام والتخصص هذه "مبدأ الاختلاف" حيث كان جانب هام في نظريته يوضح تنوع الحياة بشكل عام وتكيف الأنواع الفردية.
    جاء هذا الجمع المثير والجوهري للمفاهيم من مصدر بعيد الاحتمال. تميز تشارلز دارون بالخجل والدقة. وقد كان من ملاك الأراضي ، يتمتع بالغني ، وأصدقاؤه المقربون من رجال الدين الإنجليزيين. كما كان دمث الخلق متواضعاً في حاجة شديدة للخصوصية وملتزما فوق العادة بالأمانة الفكرية. كان طالباً في جامعة كامبردج وغير متحمس أن يكون رجل دين وذلك قبل اكتشافه موهبته الحقيقة كعالم. فيما بعد، قضى دارون 22 عاماً جامعاً للأدلة ومتأملاً للدراسات المؤيدة والمناهضة لنظريته بشكل سري لأنه لم يشأ أن يظهر أو يعرف بسوء السمعة في الأوساط العلمية خاصةً بعد ما حققه من شهرة جيدة وتقليدية في التاريخ الطبيعي. كما كان متأخراً أيضاً في نشره للنظرية وذلك يعود إلى قلقه مما قد يبدو تحدياً للمعتقدات الدينية التقليدية وعلى وجه الأخص العقيدة المسيحية لزوجته إيما. تنكر دارون نفسه من المسيحية في كهولته ووصف نفسه فيما بعد بأنه من اللاأدريين ( من يعتقد أن وجود الله أمر لا سبيل إلى معرفته). واستمر في اعتقاده بالألوهية المجردة وبوجود قوة أعظم أعدت الكون وقوانينه ودفعته للحياة ولكن ليس في فكرة الله الذي اختار البشرية كأفضل المخلوقات بشكل خاص. تجنب دارون الاعتزاز بافتقاره للتدين على الأقل بشكل مختلف جزئياً عن إيما. وقد كانت تدعو له بالهداية.
    انتهى دارون من كتابه الثوري عام 1859 ، وعلى الرغم من ضخامة الكتاب وموضوعيته، حيث جمع490 صفحة، إلا أن دراون اعتبر كتابه أصل الأنواع ملخصاً سريعاً للجزء الضخم الذي كان يعمل عليه حتى قاطعه أمر طارئ. (في الواقع أراد دارون أن يطلق على كتابه[color=#0000FF] اسما موجزا [/color]"مقال حول أصل الأنواع والاختلافات من خلال الانتخاب الطبيعي" An Abstract of an Essay on the Origin of Species and Varieties Through Natural Selection ، ولكن لم ير ناشره أنه لافت للنظر). وكان الحدث الطارئ هو تلقيه رسالة ومخطوطة من ألفريد والاس Alfred Wallace الذي اقتصرت معرفته به كصديق مراسلة. وقد عبرت مخطوطة والاس عن فكرة التطور نفسها عن طريق الانتخاب الطبيعي التي توصل إليها دارون. خط والاس رسومه السريعة وأرسلها إلى دارون من مجموعة جزر مالي مع طلبه بالرد والمساعدة غير مدرك لنظرية دارون الخاصة عن التطور والتي لم يعمل على نشرها. ارتاع دارون لهذه الرسالة، فبعد عقدين من المجهود الشاق بدا أنه حقق إنجازاً. قام دارون بإرسال دراسة والاس لنشرها كما عمل على التأكيد على سبقه الخاص بنشر مقتطفات من عمله غير المنشور. أدرك دارون أهمية تقديم صرح من الأدلة المؤيدة والمنطقية وهذا على غرار والاس الذي كان صغيراً وأقل دقة. وقد كان الدليل على نظريته يعود إلى أربع فئات: الجُغْرافْيا البَيولوجِيَّة، وعلم الحفريات القديمة، وعلم الأجنة وعلم التشكل. حيث تعتبر الجغرافيا الحيوية هي دراسة التوزيع الجغرافي للكائنات الحية من حيث المناطق التي تعيش فيها على سطح الكوكب والسبب من وجودها في هذه المناطق. ويبحث علم الحفريات القديمة في أشكال الحياة المنقرضة وهو ما تكشف عنه تاريخ الحفريات. ويبحث علم الأجنة في المراحل الظاهرة للتطور (محاكياً للمراحل الأولى للتاريخ التطوري) التي مر بها الجنين قبل الولادة أو فقس البيض، كما يهتم علم الأجنة بالأشكال غير الناضجة للحيوانات التي تحولت مثل اليرقة في الحشرات. أما علم التشكل فهو علم الهيئة والهيكل. خصص دارون أقساما كبيرة من كتاب أصل الأنواع اعتماداً على هذه الفئات.
    ويعرض علم الجغرافيا الحيوية، على سبيل المثال، جمعاً كبيراً من الحقائق والنماذج الغريبة. وسيشعر أي فرد أتيحت له فرصة تأمل المعلومات البيولوجية الحيوية التي كتبها دارون بدهشة كبيرة للنموذج التجمعي الغامض وسط ما أسماه أنواع ذات صلة مباشرة " closely allied" وهي كائنات متماثلة تتشابه في شكل الجسم تقريباً. تميل مثل هذه الأنواع إلى تواجدها في نفس القارة (أنواع عديدة من الحمار الوحشي في أفريقيا) أو داخل نفس المجموعة للجزر المحيطة (أعداد كبيرة من طائر قريب الشبه من الطنان honeycreepers في هاواي، وثلاثة عشر نوعاً من طائر البرقش finch في جزيرة جلاباجوس)، على الرغم من تمتع كل فصيلة أو نوع بميزات تعود إلى اختلاف المكان والبيئة ومصادر الطعام أو ظروف المناخ.
    ولاحظ دارون أن المناطق القريبة من جنوب أمريكا يستوطنها نوعان مماثلان في الحجم الكبير من الطيور غير القادرة على الطيران (طيور الري rheas وهي نوع الري الأمريكي Rhea Americana ونوع آخر يسمى Pterocnemia pennata) وليست أنواع النعام مثل إفريقيا أو الأمو emus كما في أستراليا. أما بالنسبة لجنوب أمريكا، فيوجد نوعان من القوارض هما الآغوط agoutis و فسكاشة viscachas (قوارض صغيرة) بالإضافة إلى الكيب coypus و كابيبارا capybaras في الأراضي الرطبة وليس كما ذكر دارون الأرانب والأرانب الوحشية hares في المستوطنات البرية أو القنادس وفأر المسك في الأراضي الرطبة. اكتشف دارون خلال زيارته جزر جلاباجوس في شبابه على متن سفينة الاستطلاع بيجل Beagle، ثلاثة أنواع متماثلة من الطائر المحاكي mockingbird كل منها على جزيرة مختلفة.
    لماذا يجب أن تقطن الأنواع ذات الصلة المباشرة بقاعا متجاورة؟ ولماذا تقطن البقاع المتشابهة في القارات المختلفة أنواعاً ليست ذات صلة مباشرة؟ نرى في هذه الحقائق رابطاً عضوياً مهماً سائداً على مر الزمان والمكان حيث ذكر دارون، "هذا الرابط ببساطة هو الوراثة وفقاً لنظريتي". فالأنواع المتماثلة تقطن بجوار بعضها لأنها انحدرت من أسلاف مشتركة.
    ويكشف علم الحفريات القديمة عن نموذج تكتلي مشابه ولكن بالنسبة للزمان. فالعمود الرأسي للصخور الجيولوجية التي تكونت بسبب العمليات الرسوبية على مدى الحقب الزمنية، تظهر فيها الحفريات التي تمثل دليلاً ملموساً يوضح ما هي الأنواع وزمن وجودها وتعلو طبقات الصخور الأقل قدماً أكثرها قدماً (فيما عدا ما أثرت فيه القوى الجيولوجية) والأمر مماثل مع الحفريات النباتية والحيوانية التي تحتويها طبقات الصخور. ما لاحظه دارون بشأن هذا الدليل أن الأنواع ذات الصلة المباشرة تميل إلى وجودها بالقرب من بعضها البعض في طبقات الصخور المتعاقبة. حيث يبقى أحد الأنواع لملايين السنين ويسجل آخر ظهور له في منتصف عصر حديث سابق ليعلو أنواعاً مشابهة له ولكن ليست متماثلة. في شمال أمريكا، على سبيل المثال، تبع الكائن الشبيه بالحصان والمسمى Hyracotherium، تبع كل من Orohippus و Epihippus و Mesohippus والذي بدوره تبعه عدد من المخلوقات الشبيهة بالخيول. بعض هذه المخلوقات وجدت في Bering land bridge في آسيا ثم في أوربا وأفريقيا. اختفت معظم هذه الكائنات منذ حوالي 5 ملايين من السنين تاركة وراءها النوع Dinohippus والذي تبعه الفرس Equus وهو النوع الوحيد المتبقي للحصان. لم تكتشف كل هذه الآثار الحفرية في عصر دارون، ولكن كان له السبق إلى جوهر الموضوع. ومرةً أخرى، هل كانت مثل هذه النتائج مصادفةً؟ نفى دارون مع توضيحه أن الأنواع ذات الصلة المباشرة عقبت النوع بعد الآخر زمنياً هذا بالإضافة إلى استوطانها بالقرب من بعضها البعض لأنها على علاقة ببعضها من خلال سلالة تطورية.
    كما يتعلق علم الأجنة أيضاً بالنماذج التي لا يمكن تفسيرها عن طريق المصادفة. لماذا يمر جنين حيوان من الثدييات بأطوار تتشابه مع أطوار نمو جنين حيوان من الزواحف؟ لماذا تتشابه أحد أشكال اليرقات لصدف البحر barnacle، قبل التحول، مع الطور اليرقي للروبيان (الجمبري) بشكل كبير؟ لماذا تتماثل يرقات الفراشة والحشرات والخنافس بالنسبة لبعضها البعض أكثر من تماثل كل منها مع الكائنات البالغة لها؟
    وفسر دارون قائلاً، "الجنين هو حيوان في أقل حالة معدلة. وهذه الحالة تكشف هيكل منجبه أو أسلافه".
    ويعد علم التشكل هو الفئة الرابعة التي بنى عليها أدلته وهو الجوهر الحقيقي للتاريخ الطبيعي بالنسبة لدارون. وحتى اليوم له مكانه في تنظيم وتخطيط أي حديقة حيوان. فهنا القرود وهناك القطط الكبيرة big cats. وفي هذه البناية يوجد التمساح الأمريكي القاطور والأنواع الأخرى من التماسيح. والعصافير في أقفاصها والأسماك في أحواضها. يمكن تصنيف الكائنات الحية بسهولة في سلاسل من الفئات ليس فقط على أساس النوع ولكن أيضاً على أساس الجنس أو العائلات أو الترتيب. يمكن أن تعتمد مملكات كاملة على ما يتقاسمه أفرادها من صفات تشريحية من عدمه.
    تتمتع كل الحيوانات الفقارية بوجود عمود فقاري. ولكن من بين الفقاريات توجد طيور لها ريش بينما تتمتع الزواحف بالحراشف. وإن كان يغطي الثدييات فرو ولها غدد ثديية وليس ريش أو حراشف. بعض الثدييات لها جيوب ترعى فيها صغارها ومن بين هذه الأنواع من الحيوانات الجرابية هناك ما يتمتع بقوائم خلفية ضخمة وذيول قوية تمكنها من الوثب لأميال من المناطق النائية القاحلة ونطلق عليها اسم الكنغر. ومع الأخذ بالأدلة الجزيئية الحديثة والميكروسكوبية، يمكننا تتبع التشابهات لأبعد من ذلك. توجد النواة في خلايا كل من النباتات وأنواع الفطر وكذلك الحيوانات. وتتمتع كل الكائنات الحية بوجود الحمض النووي والحمض الريبي (فيما عدا بعض الفيروسات التي لديها حمض ريبي فقط) وهما صيغتان مترابطتان لشفرة معلومات الجزيئات.
    يتداخل مثل هذا النمط لمجموعات المتشابهات المقسمة للأنواع المتماثلة ضمن تجمعات أكثر رحابة وكلها تعود إلى مصدر ليس من الطبيعي أن يكون من وسط أفراد المجموعات الأخرى. لا يمكنك أن تجد أي شيء مساو إذا ما قمت بتصنيف الأحجار أو الأدوات الموسيقية أو المجوهرات. لماذا؟ يعود السبب إلى أن أنواع الصخور وتصميمات المجوهرات لا تعكس سلالة متواصلة من أسلاف مشتركة. ولكن التنوع البيولوجي كذلك. حيث تشير مدى الصفات المشتركة بين أي نوع وغيره إلى كيفية اختلاف أو انحراف هذين النوعين من الذرية المشتركة. منحت هذه الرؤية معنى جديداً لعلم التصنيف الذي وجد في صورته الحديثة في عام 1735 على يد عالم الطبيعة السويدي كارلس لينيوس Carolus Linnaeus. وقد أوضح لينيوس كيف يمكن تصنيف الأنواع بشكل نظامي وفقاً للمتشابهات بينها. ولكنه عمل أيضاً تبعاً لافتراضات نشأة الحياة التي لا تعرض أي تفسيرات مادية للنمط المتداخل الذي أوجده. وفي أوائل ومنتصف القرن التاسع عشر، طور علماء علم التشكل مثل جورج كوفير Georges Cuvier وإيتين جيفروي سينت هيلر Etienne Geoffroy Saint-Hilaire في فرنسا وريتشارد أون Richard Owen في بريطانيا، طوروا التصنيف في ضوء دراساتهم الدقيقة لعلم التشريح الداخلي والخارجي. كما حاولوا وضع تفسير منطقى لما يمكن أن يبدو عليه المصدر النهائي لهذه التشابهات المنسوخة. ولم يقم العالم ريتشارد أون الذي كان صديقاً سابقاً ومعاصراً لدارون (فيما بعد اختلفوا خلافاً مريراً) باتخاذ خطوة واضحة للرؤية التطورية قبل صدور كتاب أصل الأنواع. وقد ساهم بشكل كبير في مفهوم الأعضاء المتناظرة homologues الذي يعد صوراً مختلفة ظاهرياً متشابهة بشكل أساسي للسمة أو العضو الواحد الذي تشترك فيه الأنواع غير المتشابهة.
    على سبيل المثال، لا يوجد الهيكل العظمي لأيدي الحيوانات الفقارية في كل من الإنسان والقرود والراكون والدببة ولكن أيضاً بشكل متحول في القطط والخفاش والدلافين والسحلية والسلاحف. كما تماثل زوجي العظام في الجزء الأسفل من الأرجل وهي عظم الساق الأكبر (الطنبوب) tibia والقصبة الصغرى fibula غيرها في الثدييات والزواحف وحتى الطائر الزاحف المنقرض الآركيوبتركس Archaeopteryx. ما السبب وراء هذا التكرار المتنوع لبعض الميزات الأساسية القليلة؟ يوافق دارون على العمل الرائع الذي قام به أون ومقدما إجابته بأن السلالة المشتركة كما صاغها الانتخاب الطبيعي تعدل الأسس الموروثة لمختلف الظروف.
    وتعد الصفات الأثرية شكلاً آخر من أدلة علم التشكل تدعو للتأمل لأنها تظهر عالم الكائنات الحية مليئاً بالعيوب الصغيرة المحتملة. لماذا يتميز الذكور في الثدييات (وكذلك الذكر الآدمي) بوجود حلمات ثدي؟ لماذا تحمل بعض الأفاعي (خاصةً أفعى البواء boa constrictors) حوضا أوليا وأرجلا دقيقة مدفونة على جانبي جلدها الأملس؟ لماذا تتميز بعض أنواع الخنافس غير القادرة على الطيران بوجود أجنحة محكومة بغطاء جناحي لا ينفتح أبداً؟ أثار دارون كل هذه الأسئلة وأجابها في كتابه أصل الأنواع. تعمل الصفات الأثرية كبقايا دليلية لتاريخ تطور سلالة ما.
    تشمل الفروع الأربع لعلم الأحياء التي حددها دارون، الجغرافيا البيولوجية وعلم الحفريات القديمة وعلم الأجنة وعلم التشكل، تشمل اليوم الكثير من البيانات والمعلومات المؤيدة أكثر من أي وقت مضى. كما أنه قد تم إضافة المزيد إلى هذه الفروع مثل علم الوراثة الجمعي population genetics، والكيمياء البيولوجية biochemistry والبيولوجيا الجزيئية molecular biology و المجال الناجح لآلية تحريك التسلسل الجيني والمعروف باسم علم الجينات. تتداخل هذه المجالات الجديدة للمعرفة مع بعضها البعض بشكل مستمر وتتقاطع مع الأشكال القديمة لتدعم البناء بأكمله وتساهم في المزيد من صحة ما أثبته دارون.
    لقد كان دارون محقاً بشأن التطور وإن لم يكن محقاً في كل شيء. فقد تعمق في عدد من الأفكار النظرية خلال حياته المليئة بالعمل وكان بعضها مخطئاً ومضللاً. لقد أخطأ في أسباب التنوع داخل النوع الواحد. كان مخطئاً بشأن اللغز الجيولوجي لسلاسل الصخور المتوازية على طول الوادي السويدي المسمى جلين روي Glen Roy. وأكثر هذه الأخطاء أهمية هي نظرية الوراثة التي أسماها شمولية التخلق pangenesis وساندها تماماً على الرغم من عدم التأييد التام لها من قبل زملائه من علماء الأحياء. ومن حسن حظ دارون أن صحة معظم أفكاره الجيدة الشهيرة وقفت موقفاً مستقلاً عن تلك السيئة. ولقد أظهرته نظرية التطور عن طريق الاصطفاء الطبيعي كأفضل عالم يتمتع برصد علمي وتفكير منتبه.
    يعد العالم دوجلاس فوتويما Douglas Futuyma من علماء البيولوجيا التطورية ومؤلف كتب مدرسية والعديد من الدراسات المؤثرة. ويوجد مكتبه في جامعة ميتشجان وهو غرفة ضيقة في مبنى العلوم الطبيعية مليئة بالجرائد والكتب التي تتضمن مجلدات عن الصراع بين نشأة الخلق والتطور. وفي مقابلة أجريت بين مؤلف المقال والعالم فوتويما، لم يتعمق العالم كثيراً في الفروع الأربع وتحدث عن علم الوراثة الحديث أغلب الأمر. وقد التقط مجلة ناتشر (الطبيعة) Nature في عددها التاريخي الذي تميز بمقالات تحلل وتثبت نتائج مشروع الجينوم البشري. كما التقط عدداً أكثر حداثة يتناول موضوعها الرئيس المجين المتسلسل لفأر المنزل المسمى جُرَذُ المتاعب (الجُرَذُ النِّرْوَجِيّ) Mus musculus. حيث يعلن المقال الرئيس في المجلة:
    "البيولوجيا البشرية بالإنابة"،
    كشفت محاولة معرفة مجين الفأر إلى وجود 30 ألف جين ووجود 99% من نظائر هذه الجينات في الإنسان.
    فسر فوتويما أن التماثل بين الجينات الثلاثمائة ألف في الإنسان ونظيرها في الفأر تمثل شكلاً آخر من أشكال التناظر مثل التماثل بين اليد ذات الأصابع الخمس والقدم ذات المخالب الخمس. مثل هذا التناظر الجيني هو ما يقدم تفسيراً للبحث الطبي البيولوجي باستخدام الفئران وغيرها من الحيوانات التي تتضمن الشمبانزي وهي الكائن الأقرب لنا.
    ليس هناك جانب للأبحاث الطبية البيولوجية مثير للجدل أكثر من دراسة الأمراض الجرثومية. ولا يمكن إدراك ديناميكا هذه الميكروبات داخل الأجسام البشرية وسط التجمعات البشرية إلا من خلال التطور.
    فالأمراض المرعبة التي تسببها الميكروبات تتضمن كلاً من النوع المعدي (الإيدز، إيبولا، سارس) الذي ينتشر مباشرةً من شخص لآخر ونوع آخر (ملاريا وفيروس غرب النيل) يصل إلينا عن طريق لدغ الحشرات أو غيرها من الوسطاء. وتعود الخطورة المخيفة لهذه الحشرات إلى مقدار سرعة التغيرات وسط الميكروبات المسببة للأمراض لعدد كبير من الأشخاص وبالتالي صعوبة تكلفة علاجها وارتفاعه. حيث تنتقل بشكل مفاجئ من الحياة البرية أو من الحيوانات المنزلية إلى الإنسان لتتكيف داخل الظروف الجديدة. وتساعدها صفة التنوع الملازمة لها على إيجاد طرق جديدة لتجنب الجهاز المناعي والتغلب عليه. كما تكتسب المقاومة عن طريق الانتخاب الطبيعي للأدوية التي يجب أن تقضي عليها. وبالتالي تتطور.
    ما من دليل أفضل أو أكثر ملاءمةً يدعم النظرية الداروينية أكثر من هذه العملية للتحول القسري وسط جراثيمنا الضارة.
    لنأخذ مثالاً لنا البكتيريا العنقودية الذهبية Staphylococcus aureus التي تكمن في المستشفيات وتسبب عدوى خطيرة خاصةً وسط مرضى العمليات الجراحية. ومع توفر البنسلين عام 1943، أثبت فعالية إعجازية في محاربة عدوى هذا النوع من البكتيريا، كما كان لانتشاره مرحلة جديدة في العالم القديم بين البشر وجراثيم المرض وهي مرحلة اخترع فها البشر نوعاً جديداً قاتلاً ووجدت الميكروبات طرقاً جديدة لتكون محصنة ضد القتل. ولكن فعالية البنسلين القاتلة لم تدم طويلاً. تم تسجيل ظهور أول سلالة مقاومة من هذا النوع البكتيري في عام 1947. ظهر المِيثِيسِيلِّين (مضاد حَيَوي) methicillin كعلاج جديد قاتل للنوع البكتيري المقاوم خلال الستينيات ولكن ظهرت سلالة جديدة مقاومة أخرى وبحلول الثمانينيات كان انتشار هذه السلالات على نطاق واسع. وأصبح فانكوميسين (مضاد حيوي) Vancomycin هو السلاح الفتاك التالي ضد البكتيريا العنقودية، وظهرت أول سلالة بكتيرية مقاومة له في عام 2002. تمثل هذه السلالات المقاومة للمضادات الحيوية سلاسل تطورية لا تختلف كثراً في الأساس عن سلاسل الحفريات عند تتبع تطور الحصان من النوع Hyracotherium إلى الفرس Equus. وهذا الأمر يجعل من التطور مشكلة عملية لتحدي العلاج البكتيريا العنقودية في وجود التكلفة والبؤس والخطر.
    وقد قام عالم الأحياء ستيفن بالومبي Stephen Palumbi بتقدير تكلفة علاج عدوى البكتيريا المقاومة للبنسلين والبكتيريا المقاومة للمِيثِيسِيلِّين فقط في الولايات المتحدة لتصل إلى 30 مليار دولار في العام. وكتب بالومبي العام الماضي، "تبذل المضادات الحيوية طاقة تطورية فعالة، موجهةً البكتيريا المعدية لتطور خطوط دفاع قوية ضد كل العلاجات وعلى الأخص المخترعة حديثاً". وبدراسة الحمض النووي البكتيري، المستخدم الشفرة الجينية نفسها الموجودة في البشر والحصان وسمك هاج hagfish ونبات صريمة الجدي honeysuckle، تعد البكتيريا جزءا لا يتجزأ من استمرارية الحياة تتشكل وتتنوع عن طريق القوى التطورية.
    كما تنتمي الفيروسات أيضاً لهذه الاستمرارية.
    بعض أنواع الفيروسات تتطور بشكل سريع وبعضها تتطور ببطء. ويعد فيروس الإيدز مثالاً لفيروسات سريعة التطور لأن وسيلتها للتكاثر يتضمن معدلا كبيرا من الطفرات تسمح للفيروس بعمل تطورات جديدة له. يحمل كل مريض صيغة فريدة من الفيروس بعد سنوات قليلة من العدوى والعلاج. ونتيجة عزل الفيروس داخل شخص واحد مصاب بالإضافة إلى الظروف المختلفة والصراع من أجل البقاء كل هذه العوامل تدفع كل صيغة للفيروس بالتطور بشكل مستقل. إنها حالة سريعة ومجهرية لما رآه دارون في جزر جلاباجوس فيما عدا أن كل جسم بشري هو جزيرة والأنواع المتطورة الحديثة ليست في جمال طيور البرقش أو الطيور المحاكية.
    ومع إدراك مدى سرعة الفيروس في كسب المقاومة ضد مضادات الفيروسات، كان مضاد الفيروس آزيدوثيميدين (AZT) ناجعاً في تحسين العلاج حيث يتكون من خليط لعدة علاجات. ساعد هذا المسار على تخفيض حالات الوفاة المصابة بالمرض على عدة مراحل منذ عام 1996 كما أبطأ كثيراً من تطور المرض داخل المرضى.
    تتطلب الأعشاب والطحالب الضارة مقاومة ضد مبيدات الحشرات والأعشاب خلال نفس العملية. وحيث إننا كبشر نحاول قتلهم بالسم، يحول التطور مجتمع البعوض أو نبات الشوك thistle عن طريق الانتخاب الطبيعي إلى فصيلة جديدة من الكائنات أقل عرضة لهذا النوع من السموم. وبالتالي نقوم باختيار وسيلة قاتلة أخرى وهكذا ولكن دون فائدة. حتى أن مبيد دي دي تي DDT أنتج نوعاً من حشرات المنزل المقاومة خلال عقد من اختراعه عام 1939 على الرغم من تأثيره الضار الممتد خلال الأنظمة البيئية. وبحلول عام 1990 أكثر من 500 نوع (تتضمن 114 نوع من البعوض) اكتسبت مقاومة لنوع واحد فقط على الأقل من مبيدات الحشرات. وقد علق ستيفن بلومبي Stephen Palumbi ، "أن البشر هم الجنس المهيمن على قوة التطور في العالم" وجاء تعليقه اعتماداً على النتائج السابقة غير المرغوب بها.
    يستمر التطور وسط معظم أنواع الكائنات الحية بشكل بطيء للغاية حتى يتم رصدها من قبل عالم واحد من خلال دراسة تستمر الحياة كلها. ولكن العلم يعمل عن طريق الاستنتاج وليس بالرصد المباشر فقط ولا تعتبر الفروع الاستنتاجية للأدلة مثل علم الحفريات القديمة والجغرافية الحيوية أقل إقناعاً لأنها غير مباشرة. ومازال المتشككون في نظرية التطور يتساءلون: هل يمكننا رؤية التطور عملياً؟ هل يمكن ملاحظتها في الحياة البرية؟ هل يمكن قياسها في المعامل؟
    الإجابة هي نعم. فقد استطاع الباحثان البريطانيان بيتر و روزماري جرانت اللذان قضيا عقودا طويلة بينما قضى دارون عدة أسابيع، استطاعا الفوز بلمحة خاطفة عن التطور من خلال دراستهم الممتدة لحجم منقار طائر البرقش في جزر جلاباجوس. وتوصل العالمان ويليام William R. Rice وجورجGeorge W. Salt إلى أمر مشابه في معملهما من خلال تجربة تتضمن 35 جيل من ذُبابَةُ الفاكِهَةِ السَّوداءُ البَطْن Drosophila melanogaster. وكذلك استطاع ريتشارد Richard E. Lenski وزملاؤه في جامعة ميتشجان من تتبع 20 ألف جيل من بكتيريا الإِشْريكِيَّةُ القولونِيَّة bacterium Escherichia coli. تثبت مثل هذه الدراسات الميدانية والتجارب المعملية نظرية anagenesis أو الطفرة وهي تعني التغير التطوري البطيء داخل سلالة مفردة غير منقسمة. ويحتاج رؤية التطور إلى التحلي بالصبر.
    يعد الانتواع، وهو انشقاق سلالة إلى نوعين، المرحلة الكبرى الأخرى للتغير التطوري متيحاً التباعد بين سلالتين وهو ما كتب عنه دارون. إنه أكثر ندرة وغموضاً حتى من اتجاه الطفرة anagenesis. لابد أن العديد من التحولات الفردية تراكمت (في معظم الحالات وفي أي مكان مع التوقعات الخاصة وسط النباتات) قبل أن يصبح كلا المجتمعين غير منفصلين تماماً. ولقد انتشرت هذه العملية عبر آلاف الأجيال، ولكنها مع ذلك يمكن أن تنتهي بشكل مفاجئ كمن صفع باباً. ويتم هذا عند حدوث التغيرات الأخيرة الفاصلة. لهذا يصعب ملاحظة هذا النوع من التطور. ولكن يبدو أن العالمين رايس Rice و سولتSalt ـ على الرغم من الصعوبات ـ استطاعا تسجيل حادثة انتواع، أو ما يقرب منها في تجاربهم الممتدة على ذباب الفاكهة. حيث نتج من سلالة صغيرة من إناث ذباب بعد التزاوج سلالتان مختلفتان متكيفتان لظروفهما البيئية المختلفة والتي أطلق عليهما الباحثان اسم "نوعان أوليان" .
    منذ أواخر السبعينيات، قام العالم فيليب جينجريش Philip D. Gingerich، وهو عالم الحفريات القديمة ومعروف بتخصصه في سلالات الحيتان، بجمع عينات حفرية للحيتان الأوائل من أماكن بعيدة في مصر وباكستان. واكتشف العالم أحد الثدييات البرية تسمى Pakicetus وتعود تاريخها إلى 50 مليون سنة ماضية. وتعكس عظم آذانها مشاركتها في سلالة الحيتان وإن كان الهيكل العظمي شبيها بالكلب. ووجد أحد تلاميذ جينجريش، هانز ثويسن Hans Thewissen حفرية لنفس الكائن أكثر حداثة ولكنه ذو أقدام مكففة تصلح للمشي أو السباحة وخطم بارز الأسنان وقد أطلق عليه ثويسان اسم Ambulocetus natans أو الحوت السابح السائر وتوالت اكتشافات جينجريش وفريقه لتتضمن Rodhocetus balochistanensis وهو نوع آخر ولكنه كائن بحرى تماماً حيث تشبه أرجله زعانف الحيتان تماماً وأنفه متحول إلى الخلف على الخطم في منتصف الطريق إلى الفجوة الغازية blowhole في الحوت الحديث. وبدأ يكتمل تسلسل الأنواع المعروفة أكثر فأكثر وبدأ يؤمن أن الحيتان تنحدر من مجموعة من الثدييات الآكلة للحوم في العصر الحديث الأسبق تعرف باسم mesonychids التي تتميز بالأسنان الخدية المفيدة لمضغ اللحم والعظم. ولكن جينجريش رغب في وجود دليل آخر لتأكيد هذا الارتباط. وفي نهاية التسعينيات وافق معظم علماء الحفريات القديمة على هذه العلاقة.
    اكتشف علماء الأحياء حالياً نفس العلاقة ولكنهم توصلوا إلى إجابة أخرى. فالتطابق مع هذه الكائنات اللاحمة للعصر الحديث الأسبق قريب ولكن ليس بالشكل الكافي. حيث يقترح اختبار الحمض النووي الهجين وغيره من الاختبارات أن الحيتان تنحدر من سلالة الحيوانات ذات الحافر artiodactyls (زوجية الحافر وتقتات العشب، مثل الظبي antelopes وفرس النهر hippos)، وليس من السلالة آكلة اللحم mesonychids.
    اختار العالم جينجريش عام 2000 موقعاً جديداً في باكستان حيث وجد أحد تلاميذه قطعة واحدة من حفرية غيرت الفكرة السائدة في علم الحفريات القديمة. حيث كانت جزءا شبيها بعظم الكاحل ويعرف باسم الكاحل astragalus، وهي تعود إلى نوع آخر من الحيتان. ووجد أحد الباحثين الباكستانيين النصف الآخر من الحفرية. وعند ملاءمة القطعتين، صرح جينجرش بكل تواضع أن علماء البيولوجيا الجزيئية كانوا على حق. فقد كانت الحفرية أحد عظام الكاحل لحوت له أربع قوائم ويعود إلى 47 مليون سنة وهو يشبه إلى حد كبير عظم الكاحل للثدييات ذات الحافر. وفجأة اكتشف كيف أن الحيتان قريبة الصلة والظبيان.
    هكذا هو العلم فالأفكار تأتي وتذهب ولكن أكثرها ملاءمة هي الباقية.
    بالنسبة إلى العالم فيليب جينجريش فقد تربى تربية متدينة وهو أحد المتشككين في نظرية التطور وعلى الرغم مما تم اكتشافه من علاقة تربط الحيتان البحرية بالكائنات البرية إلا أنه مازال يرغب في مزيد من الأدلة والسعي وراء الحلقات الوسطية. وعلى الرغم من تشككه في النظرية وفهمه التام لموقف غيره من المتشككين إلا أن ما يدفعه إلى مزيد من البحث واكتشاف الحفريات القديمة هو بالنسبة إليه كمن يسعى إلى تجربة روحانية. وقد أضاف في حديثه، "الدليل هناك، مدفون في صخور الزمن".

    رؤية دارون
    أثار نبات السحلبية اهتمام دارون وذلك يعود لمدى تكيفه المذهل من خلال التحكم في تلقيحه عن طريق الحشرات. فقد وجد أن أجزاء أزهاره المتحولة تطابق بشكل غريب أجزاء الزهرة الأكثر بساطة مما يدل على حدوث تغير تطوري. وقد أثار انتباهه أحد الأنواع وتسمى أوركيد مدغشقر Angraecum sesquipedale حيث يبلغ طول الوعاء الرحيقي أو كرسي الزهرة 11 بوصة. ونتيجة لهذا تكهن أنه في مكان ما في مدغشقر لم يقم بزيارته من قبل كانت تعيش هناك فراشة لها خرطوم يصل طوله إلى 11 بوصة مما يتكيف مع حصاد رحيق الأوركيد. وبعد أربعين عاماً اكتشف اثنان من علماء الحشرات وجود فراشة سفينكس مدغشقر Xanthopan morganii praedicta لتثبت صحة ما تكهن به دارون. مثل هذا التكيف التبادلي من الفراشة للزهرة ومن الزهرة للفراشة يسمى التطور المتشارك.

    الانتخاب الداخلي Domestic Selection
    مرت فصيلة الكلاب بولدوج بتحولات عبر العديد من الأجيال على يد مربي الكلاب لتصل إلى فصيلة تسمى bullbaiting ثم وصلت مؤخراً إلى الفصيلة الوديعة التي تختلف كثيراً عن أصلها الوحشي. أدرك دارون أنه إذا استطاع الانتخاب الداخلي صنع مثل هذا التحول فلابد أن الانتخاب الطبيعي في إمكانه صنع المزيد على مر ملايين السنين. كما أوضح أن الأنواع البرية تختلف عن أسلافها المشتركة كما تصنع الاختلافات الداخلية. ولاحظ باستخدام مطيره المنشأ خلف المنزل بالإضافة إلى المعلومات المستقاة من المربين، لاحظ أن الاختلافات الحادثة بين حمام الزينة مثل الحمام النفاخ English pouter وحمام أبى منجل scandaroon وحمام الراهبة the nun. كما درس القطط والخيل والخنازير والأرانب والبط والدواجن. كما أجرى الاختبارات وأخذ العينات لحيوانات حية وميتة.

    الانتخاب الطبيعي Natural Selection
    اتخذ دارون فكرة مهمة من العالم توماس مالثوس Thomas Malthus واضع نظريات تعداد السكان، وهي تدور حول زيادة عدد المواليد بشكل أكثر ممن يستطيعون الحياة والتوالد مع الأخذ في الاعتبار لمدى توفر الغذاء وسعة المكان. كتب مالثوس عن المجتمع البشري ولكن دارون طبق هذه الفكرة على كل الأنواع. فعلى سبيل المثال، تخلق وفرة الإنتاج بالنسبة لصغار سمك السلمون salmon sac fry نوعاً من المنافسة ولكن ينجح في البقاء الأكثر تكيفاً. فالفشل يعني الموت بدون تكاثر أو بالنسبة للكائن Waptia الانقراض بدون وجود أنواع أخرى منه، وهو كائن غريب عرف فقط من الطفل الصفحي في عصر الكمبري. تنمو النباتات التي تقتات على الحشرات مثل خناق الذباب Venus fly trap في بيئة فقيرة التغذية حيث المنافسة أقل حدة وتتغذى على الحشرات بجانب غذائها الرئيسي من أجل البقاء.

    أدلة تشريحية
    وجد دارون في براري الأرجنتين نوعين لطائر كبير الحجم لا يستطيع الطيران أحدهما يسمى طائر الري rhea. والسؤال الذي يطرح نفسه، لماذا كانت جنوب أمريكا تأوي هذين النوعين المشابهين بدلاً من النعام كما في أفريقيا أو حتى النوع moas في نيوزيلندة؟ تفترض مثل هذه النماذج المجتمعة لما أسماها بالأنواع ذات "الصلة المباشرة" تطوراً محلياً من أسلاف مشتركة. ويتمثل نوع آخر ن الأدلة التشريحية في اثنين من شغالات النمل تم حفظهما في حجر الكهرمان من العصر الطباشيري Cretaceous حيث تتميزان بوجود قرن الاستشعار عند الزنبور والخصر العريض لتكشف الحالة التحولية بين أسلاف الزنبور والنمل. ويعد كل من الجغرافية الحيوية (تتعلق بنوع الحيوانات ومناطق وجودها) والأدلة الحفرية (مثل الكهرمان والصخور) من الأهمية الكبيرة لعلماء الأحياء المعاصرين مثلما كانت لدارون.

    أدلة حفرية
    أثناء عمليات حفر أجريت في مصر، وجد فريق عمل من علماء الحفريات القديمة من بينهم العالم فيليب جنجريتش هيكلاً عظمياً كاملاً لكائن يشبه الدلفين يسمى حالياً Dorudon. يعود إلى 40 مليون عام ماضية، تميز هذا الكائن بحوض منفصل قرب نهاية الذيل وأرجل صغيرة غير مفيدة. واحتوت الأرجل الأمامية للدلافين البدائية على هيكل يتكون من خمسة أصابع تشبه اليد في الإنسان، ويبدو أن الأرجل الخلفية فقدت العديد من عظام الأصابع ولكنها دليل قائم على انحدار الحيتان من سلالة لها أربع قوائم. وجد جينجريش وغيره العديد من الحلقات الوسطية المفقودة والتي لم تعد مفقودة بعد الآن.

    التطور التقاربي Convergent Evolution
    تتميز السحالي من نوع twig-anole في جامايكا(B) بالأرجل القصيرة التي تناسب التشبث بالأفرع الضيقة. وتشبه هذه السحالي إلى حد كبير السحالي في بورتوريكا (C) وكذلك والسحالي في بهاماس (D). ومع ذلك كشفت اختبارات الحمض النووي الذي أجراها جوناثان لوسوس Jonathan Losos في جامعة واشنطن عن حقيقة أكثر عمقاً؛ وهو أن هذا النوع من التكيف قد تطور بشكل مستقر على جزر منفصلة. فقد كانت السحلية في جاميكا أقرب في الصلة لغيرها من السحالي مثل نوع giant-anole الجامايكي (A) أكثر من غيرها من السحالي على الجزر الأخرى. وبطريقة مماثلة لا ترتبط السحالي في جزيرة باهاماس (E - F) وفي جاميكا (النوع المتدلي في صورة ورقة النبات) بشكل قريب بغيرها من السحالي في الجزر الأخرى.
    الخلاصة: على الرغم من حدوث التنوع بشكل عشوائي، إلا أنه في بعض الأحيان تؤثر الظروف البيئية المماثلة على التكيف المشابه بشكل غريب.

    الثورة الجينية The Genetic Revolution
    اكتشف جريجور مندل Gregor Mendel ، أحد رهبان النمسا، الأسس الجينية في عصر دارون ولكن تم تجاهل آرائه التي نشرت في أحد الصحف غير المعروفة.
    فيما بعد مزج علماء الأحياء بين الجينات ونظرية التطور على الرغم من عدم وجود الدراية الكاملة بكيفية تخزين المعلومات الجينية في الجزيء وقد ساعدت صورة روزالند فرانكلن Rosalind Franklin لحيود الأشِعة السينِيَّة للحمض النووي عام 1952 كلاً من جيمس واتسون James Watson وفرانسيس كريك Francis Crick في حل لغز بناء اللولب المزدوج للجزيء.
    يستخدم المجال الجديد لمجموعة العوامل الوراثية معلومات تقنية مثل رقائق المادة الوراثية DNA chip راسمةً العلاقة وسط الأنواع المختلفة مثل ذبابة الفاكهة Drosophila melanogaster والشمبانزي وكذلك أنفسنا. لقد حققنا الكثير منذ كان دارون يبحث عن الدليل في مطيره الخاص لطيور الزينة.

    كيف يؤثر بنا التطور
    تمر البكتيريا والفيروسات بمراحل التطور أيضاً. حيث تتكيف الأجسام المعدية مثل البكتيريا الفطرية الدرنية Mycobacterium tuberculosis وهي البكتيريا المسببة لمرض السل، تتكيف بسرعة كبيرة وتكتسب مقاومة جينية ضد العقاقير. تركز الدراسات الطبية للباحث باري كريسوورث Barry Kreiswirth على النظرية التطورية ويظهر في الصورة حاملاً لأشعة سينية لصدر مريض مصاب بالسل في دراساته عن مقاومة عقاقير السل. ويعمل فأر المختبر كأحد النماذج البحثية لأنه مثلنا من سلالة الثدييات كما أنه يشترك معنا في نصيب كبير من الحمض النووي. ويظهر في الصورة أحد السجناء السابقين في روسيا، بيتر كيبيسوف، وقد ملأ جسده بالنقوش المعبرة عن صلب المسيح وهي أحد الآثار الباقية له من فترة حكمه بالإضافة إلى إصابته لبكتيريا السل المقاومة للعقاقير وهو يأمل أن يشفيه الله بتقدم العلم المعتمد على التطور لإيجاد العلاج المطلوب.
    سيدتى الفاضلة / دعاء الخطيب
    بحث شائق وجميل وليس فيه الكثير من الأخطاء اللغوية ، ولقد أصلحت لك ما عن لى فى هذا الاقتباس وقد جعلت له لونا مختلفا ولكنه لم يظهر فى الاقتباس ، فمعذرة . ولك أن تقارنى الأصل بالاقتباس.
    أرجو أن ينال رضاك.
    سعيد حسن


  15. #35
    المؤسس الصورة الرمزية عامر العظم
    تاريخ التسجيل
    25/09/2006
    المشاركات
    7,844
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي

    الأخطاء اللغوية في تعريب المنتديات

    الإخوة والأخوات الأعزاء،
    كنت أبحث عن هذه خاصية تصويت أخطاء التعريب في لوحة تحكم المنتديات منذ أمد طويل وكنت أقول لعل وعسى يتمكن الأخ بسام من معرفتها وتصحيح أخطاء التعريب في المنتديات. وعندما قرأت تعليق الدكتور زكي العيلة بشأن "مشرفو"، ازددت اصرارا في البحث عنها.
    طبعا من قام بترجمة وتعريب هذه النسخة العربية للمنتديات المنتشرة في كل مكان هو مترجم عربي بلا شك ولو كنت أعرفه، لفصلته فورا!
    الآن اكتشفنا أن هناك خاصية لتعديل الأخطاء اللغوية في تعريب نسخة منتديات "في بوليتون".

    نرجو من المفتش اللغوي سعيد حسن وجميع اللغويين إدراج جميع الأخطاء حتى نقوم بتصويبها جميعا مع الشكر.


    رئيس جهاز مكافحة التنبلة
    لدينا قوة هائلة لا يتصورها إنسان ونريد أن نستخدمها في البناء فقط، فلا يستفزنا أحد!
    نقاتل معا، لنعيش معا، ونموت معا!

  16. #36
    مترجمة حرة الصورة الرمزية دعاء الخطيب
    تاريخ التسجيل
    26/09/2006
    المشاركات
    86
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    السلام عليكم ورجمة الله وبركاته،
    أشكرك أستاذ سعيد على هذا المجهود الرائع وجزاكم الله كل الخير.

    دعاء الخطيب
    مترجمة حرة - مصر

  17. #37
    عـضــو الصورة الرمزية زهرة زهير
    تاريخ التسجيل
    12/04/2007
    المشاركات
    34
    معدل تقييم المستوى
    0

    Smile

    وصباحك فيروزي أستاذي سعيد حسن ..

    سعيدة جداً لهذه المبادرة الكريمة التي أقدم عليها شخصك الكريم فكم أنا بحاجة لها ..

    حسناً سيدي سأقوم بإنزال كافة كتاباتي كي تنقح هنا ولكن على التوالي والتدريج ما أن تنتهي من أحدها سأقوم بإنزال التالي .. وليست بكثيرة لا تقلق نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي جنائن ورد لقلبك..

    أولها هذا النص ..

    @ أنا // و أميري .. بلا رحمة.. و أكثر // أكثر @

    http://www.arabswata.org/forums/showthread.php?t=9805


    ولي عودة لا عدمناك يا جميل نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي ..

    إبتسامة جرح

    كاتبة تحبو على أحرف عقيمة

  18. #38
    عـضــو الصورة الرمزية رحاب سعيد
    تاريخ التسجيل
    25/02/2007
    العمر
    42
    المشاركات
    27
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي

    شكرا لك أستاذي سأكون هنا نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي ان شاء الله


  19. #39
    كاتبة الصورة الرمزية ريمه الخاني
    تاريخ التسجيل
    04/01/2007
    المشاركات
    2,148
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي

    السلام عليكم
    فكرة جدا موفقة ولهفة ومساعدة من استاذ كريم
    هل يكفي استاذي ايراد روابط المواضيع هنا ؟
    لك كل الامتنان

    [align=center]فرسان الثقافه[/align]

  20. #40
    عـضــو الصورة الرمزية زهرة زهير
    تاريخ التسجيل
    12/04/2007
    المشاركات
    34
    معدل تقييم المستوى
    0

    Unhappy

    هل من مجيب ؟!!

    إبتسامة جرح

    كاتبة تحبو على أحرف عقيمة

+ الرد على الموضوع
صفحة 2 من 4 الأولىالأولى 1 2 3 4 الأخيرةالأخيرة

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •