Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2968
مدخل إلى فكر المفكر الاسلامي محمد أسد

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: مدخل إلى فكر المفكر الاسلامي محمد أسد

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية نبيل الجلبي
    تاريخ التسجيل
    28/01/2009
    المشاركات
    5,272
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي مدخل إلى فكر المفكر الاسلامي محمد أسد

    مدخل إلى فكر المفكر الاسلامي محمد أسد




    بقلم : محمد يوسف عدس

    كان مغامراً جسوراً عاشقاً للسفر والترحال والاختلاط مع الناس على اختلاف أعراقهم ولغاتهم وأديانهم ، اشتغل بالصحافة فكان صحفياً متميزاً ناجحاً ، وعمل في الدبلوماسية فكان دبلوماسياً فذّاً ، ألّف عددا من الكتب فقرئت باللغات الألمانية والإنجليزية والفرنسية والهولندية والسويدية والأردية ، والعربية.
    وكان من أشهر كتبه وأكثرها رواجاً سيرته الذاتية التي وضعها تحت عنوان "الطريق إلى مكة". إنه مفكر إسلامي من طراز رفيع ، وداعية إسلامي بطريقته الخاصة ، وإلى جانب كتبه المشهورة نُشر له عدد كبير من المقالات الهامة والجريئة في الشئون العربية والدولية ، وقد توّج أعماله الفكرية بترجمة معاني القرآن الكريم بلغة إنجليزية رصينة تحت عنوان "رسالة القرآن".
    إنه محمد أسد المفكر الذي هجر دينه وثقافته واعتنق الإسلام والثقافة الإسلامية .. وإذا تأملنا تطور الفكر الإسلامي في النصف الأول من القرن العشرين فلن نجد في أوربا مثل محمد أسد ، من حيث إخلاصه في فهم الإسلام واستيعابه ، وفي محاولة إيقاظ المسلمين ، وفي بناء جسور بين الشرق الإسلامي والغرب المسيحي.
    وليس هناك من المفكرين الأوربيين من يفوقه في ذلك باستثناء المفكر الإسلامي العظيم "علي عزت بيجوفيتش" الذي صرح في بعض أحاديثه أنه استقى الكثير من معارفه عن مشكلات المسلمين وأوضاعهم في العالم الحديث من محمد أسد.
    ولكن رغم كل هذه الآثار الفكرية والمواهب الفذة والإخلاص لرسالة الإسلام ولنهضة المسلمين .. يبدو أنها لم تكن كافية لتدفع المسلمين إلى تقدير جهد محمد أسد والتعرف عليه بالقدر الذي يستحقه.
    شاء الله أن يولد محمد أسد باسم "ليوبولد فايس" في مستهل القرن العشرين ، وعلى وجه التحديد في 2 يوليو 1900م من أبوين يهوديين في بولندا التي كانت آنذاك جزءاً من الإمبراطورية النمساوية ، واعتنق الإسلام سنة 1926م وأصبح اسمه محمد أسد .. وبين مولده وإسلامه خاض حياة حافلة بالسفر والترحال والبحث الدائب عن موضع مستقر لا لقدميه ولكن لروحه وعقله .

    لم يطق البقاء في منزل الأسرة فهرب منه وهو لا يزال في سن الرابعة عشرة من عمره ، والتحق بالجيش النمساوي متطوعاً ليشارك في الحرب العالمية الأولى .. وكانت هذه أول مغامرة في سلسة طويلة من المغامرات ، مغامرة لم يُكتب لها النجاح ؛ لأنه كان دون السن القانونية ، فاستعاده أبوه إلى بيت الأسرة .
    في سنة 1922 عُين مراسلاً خارجياً لصحيفة "فرانكفورت تسايتونج" وكانت من أبرز الصحف الأوربية في ذلك الوقت .. اتخذ القدس مركزاً لعمله الجديد ثم انطلق منها إلى مصر وسوريا والعراق وإيران والأردن والجزيرة العربية وأفغانستان .. وقد منحه هذا العمل رؤية جديدة في الشئون العالمية ، واستبصاراً عميقاً في قضية الصراع العربي الصهيوني في فلسطين.
    كان اختياره للقدس مقراً لعمله راجعاً إلى دعوة خاله المقيم هناك ، وقد أتاحت له هذه الإقامة فرصة للقاء شخصيات مرموقة في لجنة العمل الصهيونية .. وقد هاله ذلك القدر الهائل من الازدراء الذي يكنّه اليهود للعرب .. وفي هذا يقول محمد أسد في كتابه "الطريق إلى مكة" : "رغم أنني من أصل يهودي إلا أنني أبديت معارضة شديدة للتوجّهات الصهيونية .. فلم أستسغ أن يأتي مهاجرون أجانب مدعومون بقوي كبرى عالمية ، بنيّة معلنة هي تشكيل أغلبية يهودية في فلسطين .. ويتم انتزاع ملكية أصحاب الأرض الأصليين فيها ، ثم يُقتلعون من وطنهم ليحل فيه يهود مهاجرون" .. يتابع محمد أسد كلامه فيقول :
    "لم يكن موقفي هذا مفهوماً على الإطلاق من جميع اليهود الذين التقيتهم خلال الشهور التي أقمت فيها بفلسطين .. ولم يستطيع هؤلاء اليهود أن يفهموا ما رأيته بنفسي في العرب .. بل لم يكن يعيرون أي اهتمام لما يراه العرب أو يؤمنون به .. !
    ولم يهتم واحد منهم بتعلّم لغة العرب .. وتقبل الجميع (بلا استثناء وبدون مساءلة) تلك العقيدة الأسطورية أن فلسطين هي الميراث الشرعي لليهود .. !
    وخلال ترحاله المتواصل في أرجاء العالم المسلم تزايد اهتمام محمد أسد بالإسلام دينا وحضارة .. ولكنه لاحظ وبنفس القدر من الاهتمام تدهور أوضاع المسلمين وأدرك عمق الفجوة بين تعاليم الإسلام ومبادئه وبين أحوال المسلمين المتردّية ، وفى هذا يقول "كانت القوى الأجنبية تسيطر علي بلاد المسلمين .. وكانت الجزيرة العربية تخوض حروباً قبلية لا معني لها .. وقد غاص المسلمون جميعاً في أوحال التبرير الذاتي والجمود الفكري والتقليد الأعمى للغرب" .. ولكن هذا لم يثْن محمد أسد عن مواصلة رحلته في البحث عن الإيمان الحق حتى اعتنق الإسلام ، ولم يفقد يقينه بقدرة المسلمين على تجديد أنفسهم والانطلاق مرة أخرى في طريق التقدم الحضاري.

    عكف محمد أسد على دراسة القرآن باعتباره المصدر الأول لهذا الدين ، وأدرك في وقت مبكر أن فهم هذا الكتاب فهماً صحيحاً يتطلب إجادة اللغة العربية إجادة تامة ، وشعر بضرورة العيش مع المجتمعات العربية البدوية في وسط وشرق الجزيرة العربية حيث لا تزال اللغة فيها هي الأقوم والأقرب إلى لغة العرب زمن نزول الوحي على النبي صلي الله عليه وسلم .. وقد منحه هذا قدرة على فهم لغة القرآن فهما لم يتح لغيره ممن حاول ذلك وهو مقيم بعيداً عن أرض العرب ولغة العرب في البادية .. وقد ساعدته إجادة اللغة العربية على ترجمة معاني القرآن إلى اللغة الإنجليزية في كتاب سماه "رسالة القرآن" الذي أودعه فيضاً من تفسيراته وتعليقاته الذكية .. توجّه بها إلى العقل الغربي بصفة خاصة ، وهو يعلم مقدار ما يحمله هذا العقل من أفكار مسبقة ومشوّهة عن القرآن ورسالته وعن نبيه ، ومن ثم كان حريصاً في تفسيره على استبعاد ما علق في بعض تفاسير القدماء من خرافات وإسرائيليات، ومهما يكن الرأي في تقييم عمل محمد أسد في هذا التفسير ، وفي مدى نجاح مسعاه وتوفيقه، ورغم أن القارئ المسلم قد يختلف مع رأيه في بعض تأويلاته ومغالاته في إسباغ الرمزية على حقائق عالم الغيب .. إلا أنه سوف يدرك حقيقة إخلاص محمد أسد في عرض معاني القرآن وروح الشريعة الإسلامية في ضوء التقدمات التي جدّت في العصر الحديث .. وقد شهد له بهذا الفضل من أسلم بعده من المفكرين الأوربيين أمثال " مراد هوفمان " وسجّل هذا في بعض كتبه المنشورة ...
    بذل محمد أسد جهداً هائلاً في دراسته للقرآن ومحاولة فهمه ، وقد أذهله قوة الخطاب القرآني وعمق توجّهاته الإنسانية حيث تتعاظم فيه روح العمل وتتلاشى السلبية والرهبانية ، وأدهشه ذلك الاتساق والتكامل بين الحاجات الروحية والمتطلبات الاجتماعية ، والمزج بين الروح والجسد ، بين العقل والإيمان ، وبين التقوى والاستمتاع بطيبات الحياة الدنيا.
    ويعلق على هذا قائلاً : "لقد بدا لي واضحاً أن تدهور المسلمين لم يكن راجعاً إلى أي قصور في هذا الدين العظيم ولكنه راجع إلى إخفاق المسلمين في أن يحيوْا بمقتضي تعاليمه ومبادئه .. وفي التاريخ الحضاري لم يكن المسلمون هم الذين جعلوا الإسلام شيئاً عظيماً وإنما الإسلام هو الذي جعلهم عظماء" ..
    ثم يتابع الكشف عن سر تخلف المسلمين فيقول : "غير أن عقيدة المسلمين عندما تحولت إلى عادات وتقاليد وتوقفت عن أن تكون برنامج حياة يومي لهم يطبقونه بوعي وجدّية ، ضَعُفَ عندهم ذلك النبض المبدع الذي كان حافزاً ومؤسسا لحضارتهم .. وحل محل هذا النبض بالتدريج الكسل والعقم والتدهور الفكري".
    كانت هذه الفكرة هي نقطة انطلاق محمد أسد في سعيه لإنهاض المسلمين .. وأصبحت هدفه الذي عاش من أجله بقية حياته .. فقد ارتحل بعيداً وعلى نطاق أوسع .. والتقى قادة المسلمين وملوكهم وتحدث إلى عامتهم .. وظل يناقش ويكتب عن ضرورة الإصلاح والتغيير في الأنفس قبل الأشياء .. وبدأ يضع أفكاره على الورق فكان كتابه الأول "الإسلام على مفترق الطرق" .. ورغم أنه نُشر مبكراً سنة 1934 إلا أنه ما يزال يدهش القارئ المعاصر بتحليلاته وآرائه حول أسباب تخلّف المسلمين وتشخيص عللهم ، ودعوته المتواصلة إلى ضرورة أن يستعيد المسلمون ثقتهم بأنفسهم رغم وطأة الهجمة الشرسة للاستعمار الغربي ، وما سبق به من تقدم علمي وتكنولوجيا مبهرة .. سافر إلى الهند حيث التقى بالمفكر الإسلامي والشاعر العظيم "محمد إقبال" ، الذي يُعتبر الأب الروحي لدولة باكستان الإسلامية .. وقد استطاع هذا أن يقنع صديقه محمد أسد أن يرجئ رغبته في السفر إلى تركستان الشرقية والصين وإندونيسيا ، ويبقى معه في الهند يعملان معاً في بلورة القواعد والأسس الفكرية للدولة الإسلامية التي أصبحت ولادتها وشيكة ..
    أُعتقل محمد أسد في الهند في أواخر الحرب العالمية الثانية حيث اعتبرته السلطات البريطانية المحتلة من أعدائها .. وعندما أنشئت دولة باكستان المسلمة سنة 1947م أُختير محمد أسد ليكون رئيساً لقسم شئون الشرق الأدنى بوزارة الخارجية بهدف توطيد علاقات الدولة الوليدة بجيرانها العرب والمسلمين ، وفي سنة 1952م ابتعثته باكستان إلى نيويورك ليكون وزيرها المفوّض لدى الأمم المتحدة .. حيث التقى هناك امرأة ذات مواهب فنية وحسّ جمالي رفيع وعلى ثقافة ورحابة عقل متميّزين .. توافقت مشاربهما واقتنعت بفكره وتكريسه حياته لخدمة الإسلام والمسلمين ، فقبلت الزواج منه واعتنقت الإسلام ...
    وفي نيويورك أيضاً حثّه بعض أصدقائه أن يكتب عن تجربته الإسلامية الفريدة فكتب "الطريق إلى مكة" الذي نُشرت أول طبعة منه سنة 1954 ، يتناول فيه النصف الأول من حياته ، راصداً خطواته الروحية التي قادته بتؤدة وتمهّل إلي اعتناق الإسلام سنة 1926م .
    بعد سنتين من الإقامة في نيويورك عاوده الحنين إلى السفر والارتحال فسافر وأسرته معه إلى المغرب والبرتغال وإسبانيا قبل أن يعود إلى باكستان سنة 1955م .
    في كتابه "مبادئ الدولة والحكومة في الإسلام" المنشور سنة 1961م وضع محمد أسد بشكل واضح قواعد الدولة الإسلامية على أساس من مبادئ القرآن والسنة النبوية .. وفي هذا الكتاب يرى القارئ أن السيادة الحقيقية في الدولة الإسلامية إنما هي لله ، وأن هذا هو المبدأ الأساسي للدولة .. وأن المؤمنين ملتزمون بالشورى في إدارة شئونهم وكل ما يتعلق بالدولة والمجتمع .. وأكد محمد أسد أنه لا توجد خصومة بين الدولة الإسلامية والديمقراطية.. ففي هذه الدولة من المرونة الكافية ما يجعلها قادرة علي احتضان الديمقراطية البرلمانية وحكم القانون ، مشتملاً ذلك على المؤسسة الرئاسية والمحكمة العليا كما هو الشأن في النظام الديمقراطي الأمريكي.
    أما ترجمته لمعاني القرآن في كتابه المعنون "رسالة القرآن" الذي سبق الإشارة إليه فقد صدر سنة 1980م ، ويذكر محمد أسد أنه عندما شرع في هذه المهمة كان يظن أنه سينجزها في سنتين، ولكنه أنفق من عمره سبعة عشر عاماً لإتمام هذه المهمة بالصورة التي كان يطمح إليها وبالهدف الذي وضعه لنفسه : أن يقدم القرآن والشريعة الإسلامية في الإطار الذي يخاطب العقل الغربي بثقافته العلمية ومنطقه ، ومن ثم كان حريصاً على تنقية تفسيره من الأساطير والإسرائيليات التي تورّط فيها بعض المفسرين الأقدمين ، ولعل حرصه هذا المفرط هو الذي نأَى ببعض تأويلاته عن حدود المألوف والمُجْمع عليه ...
    وفي إهدائه لهذا السفر الكبير يتوجه محمد أسد إلى المسلمين ، إذ يهديه إلى : أناس يؤمنون بأهمية الاجتهاد في فهم القرآن .. وهي حقيقة يرى أن القرآن نفسه يؤكدها . وفكرة الاجتهاد من الأفكار التي ألحّت على عقل محمد أسد فتكررت في كتاباته الغزيرة في مواضع كثيرة .. كان واثقاًً أن العالم الإسلامي بدون اجتهاد يستحيل عليه أن يمارس الإسلام ممارسة صحيحة .. وأن المسلمين بدون اجتهاد يتحولون إلى سجناء لفكر الآخرين الذين كانوا هم بدورهم سجناء الماضي وليس لديهم الكثير مما يمكن الاستعانة به في إحياء الإسلام ونهضته في العصر الحديث.
    يرى محمد أسد أن المسلمين بالاجتهاد يمكن أن يحققوا التغيير والنمو وفق متطلبات الزمن المعاصر الذي تطورت فيه الخبرة الإنسانية تطوراً هائلاً .. هذا الاجتهاد الذي يدعو إليه لا يتعارض مع الاستمساك بالقرآن والإخلاص للسنة النبوية الصحيحة .. ولا يستدعي بالضرورة إنكار المدارس الفقهية التقليدية كما قد يتبادر إلى ذهن بعض الناس .. فالمهم عند محمد أسد أن يفهم المسلمون دينهم مستخدمين أفضل ما وهبهم الله من قدرات عقلية.
    في سنة 1987 نشر محمد أسد كتابه "قانوننا ومقالات أخرى" فاشتمل على مجموعة مقالات حول الفكر السياسي والديني للمسلمين كتبها على مدار السنين ولكنها لم تنشر .. منها مثلاً : "إجابات الإسلام" و"دعوة لكل مسلم" و"رؤية القدس" .. كانت زوجته "بولا حميدة" هي التي كشفت عن وجود هذه المقالات وهي تقلّب في أوراق زوجها القديمة .. وعندما قرأتها أدركت أهميتها وصمّمت على نشرها حيث قالت في تقديمها للكتاب :
    "أعتقد أن القارئ سيدهشه كما دهشت .. ليس لسبق محمد أسد الفكري للزمن ، ولكن لموافقة أفكاره لمستجدّات العصر ولصدق تنبؤاته التي خلعها على المستقبل" .
    أقول : إن محمد أسد يمثل تركيبة فريدة بذكائه الخارق وفهمه للإسلام ودفاعه عنه ، وبجهوده المتصلة وإخلاصه لفكرة البعث الإسلامي وبسيطرته على عدد من اللغات الأوربية الحية منها الإنجليزية والألمانية والفرنسية وبعمق صلته بالمصادر التوراتية القديمة في لغاتها الأصلية .. واستيعابه للتاريخ اليهودي وإجادته للغة اليديشيّة وأُلْفته الكاملة بالأناجيل المسيحية ، ودراسته للفلسفة الغربية والحضارة الغربية .. كل ذلك مجتمعاً في شخص واحد ظاهرة فريدة بين جميع الغربيين الذين تحرّوْا فهم الإسلام وعرض تراثه على العقل الغربي.
    وهو بين هؤلاء جميعاً أكثرهم نجاحاً في تواصله وحواراته سواء مع المسلمين أو غير المسلمين وفي قدرته على عرض حقائق الإسلام في سياقها التاريخي العابر للأزمان.
    ولست أشك أن من يقرأ كتب محمد أسد ويتمعّن في أفكاره سيشعر كما شعرت أن هذا المفكر الإسلامي العظيم ( فى سعيه وجهوده المخلصة ) كان يريد أن يرى الإسلام حياً مزدهراً في العالم الحديث .. ورغم أنه لم يكن يُخفي حزنه على سوء أوضاع المسلمين وغياب نشاطهم في هذا العالم ظل متفائلاً حتى النهاية ، مؤمناً بأن جيلاً من المسلمين سيأتي في وقت مناسب لكي يحقق حلمه في الواقع .. كان شديد الإيمان بالشباب المسلم ومثاليته وقدراته وإصراره على التفكير المنطقي في شئون دينه وحياته الإسلامية.

    كان محمد أسد يرفض التنطّع والتّطرف بكل صورهما ، دائم الدعوة إلى الوسطية الإسلامية ، وكثيراً ما كان يردد في أحاديثه ومحاضراته تلك الآية القرآنية : ﴿وكذلك جعلناكم أمّة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً﴾ ..

    وكان يؤكد دائماً أن جوهر التغيير الذي يسعي إليه الإسلام يكمن في التربية والتطور السلمي ، وليس في الثورة والعنف ، وأن باب الاجتهاد سيظل مفتوحاً فلا أحد يستطيع إغلاقه ولا أحد لديه سلطة لإغلاقه مهما بلغت مكانته ..

    ظل محمد أسد يناضل من أجل تثبيت هذه الأفكار في عقول المشتغلين بالهمّ الإسلامي وبالنهضة الإسلامية حتى حانت منيّته في فبراير 1992 وقد بلغ من العمر ثنتين وتسعين عاماً ، ودفن في مقابر المسلمين بمدينة غرناطة ، لعلّه أراد بذلك أن يمزج نفسه بثرى المدينة التي احتضنت آثار أعظم حضارة فى التاريخ الإنساني كلّه ، حضارة الأندلس الإسلامية ، فقد كانت دائما مهوى فؤاده وموضع حنينه ...

    أودّ عند هذه النقطة أن أقرّر حقيقة ، فقد دخل الإسلام في مرحلة حاسمة من مراحل تطوره في الوسط الأوربي والغربي بصفة عامة ، وأرى أن تراث محمد أسد وفكره يعبّران أصدق تعبير عن ضمير المفكرين الذين يحملون عبء الهم الإسلامي في الغرب .. وهو أمر يحتاج منا إلى إعادة النظر من جديد ، واسْتلهام الدرس والحكمة من هذا المفكر الإسلاميّ العظيم

    عن موقع التاريخ


  2. #2
    مـشـرف الصورة الرمزية أشرف صالح المؤرخ الصغير
    تاريخ التسجيل
    16/03/2008
    المشاركات
    226
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: مدخل إلى فكر المفكر الاسلامي محمد أسد

    سعادة الأستاذ نبيل الجلبي

    كل الشكر لإثرائكم منتدى التاريخ بواتا

    مع التحية نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


  3. #3
    أستاذ جامعي الصورة الرمزية جمال الأحمر
    تاريخ التسجيل
    10/07/2008
    المشاركات
    1,626
    معدل تقييم المستوى
    17

    Thumbs up رد: مدخل إلى فكر المفكر الاسلامي محمد أسد

    الأستاذ الفاضل؛ نبيل الجلبي

    السلام عليكم ورحمة الله

    1- مرحبا بكم في "الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب". وأتمنى لكم حسن الإقامة مع الإفادة والاستفادة.

    2- أشكركم على اختياركم المتفنن لهذا المقال القيم عن المفكر المسلم "ليوبولد فايس" (Leopold Weiss)(محمد أسد). وقد شاء الله تعالى أن تكون وفاته في سنة ذكرى مرور خمسة قرون على سقوط مملكة غرناطة، آخر معاقل المسلمين في الأندلس (1492هـ)، وكان دفنه في المعقل نفسه بـ(غرناطة) أصحاب الأخدود...

    3- وليس لي من ملاحظة على ما أورده الكاتب سوى نقد إيراده لبعض المصطلحات المطاطة التي لا تليق بأصحاب المنهجية الرصينة. وهذا المصطلح هو الاعتدال!!!
    فأين المحور الذي نحدد به الوسط؟!
    وما المعيار الذي نقيس به الاعتدال؟!

    4- إنها أفكار مبدئية قابلة للنقاش، على ما أظن، بما يثري فكر المترجَم له، بعيدا عما نسبه الكاتب له من تعليقات خفيفة.

    تقبل تحيات أندلسي يؤمن بضرورة العودة، ويعمل لها بحكمة...


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •