آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: قصـة طبيبـان

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية أماني مغاوري
    تاريخ التسجيل
    20/02/2008
    المشاركات
    60
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي قصـة طبيبـين

    بسم الله الرحمن الرحيم

    قصـة طبيبـين

    ارتبطت مهنة الطب في ذهنى دائما بالنبل ، و التضحية ، و القيم السامية ، فالطبيب هو ملاك الرحمة الذي يقدم الرعاية لمرضاه في أقصى الظروف ، و لو اضطره هذا الأمر للتضحية بوقته ، و راحته .
    عمق في ذهنى هذه الصورة ، ما قدمته الدراما المصرية من أفلام تناولت حياة الأطباء بشكل مباشر أو غير مباشر ،فالطبيب هو مبعوث العناية الإلهية لإنقاذ مريض أو مصاب ، لكنني رغم ذلك لم أرغب يوما أن أكون طبيبة ، فأنا من الشخصيات الرعديدة ، ما أن أرى حقنه حتى أفر هاربة من المكان ، عموماً ، ظلت هذه الصورة في ذهنى حتى اصطدمت بالواقع المرير ، فالطبيب إنسان قبل أن يكون طبيبا ، و له التزامات مادية ، و أسرة يجب أن يراعيها ، و بالتالى فإن الحصول على المال يدفعه لبعض التجاوزات ، لتحقيق حياة كريمة له و لأسرته ، المرارة لا تكمن في هذه الحقيقة ، لكن المرارة الحقيقية تكمن في أن بعض الأطباء أصبح هدفهم الأوحد فى الحياة هو تحقيق الربح ، و جمع المال ، وغالبا ما يتم ذلك بطرق غير مشروعة ، و تجاهلوا تماما قسم أبوقراط ، بل أنهم أصبحوا مافيا بكل ما تعنيه الكلمة من معاني .
    فالمستشفيات الخاصة ترفع شعار الربح أولاً ، فمازلت أذكر ماحدث أمام مستشفى خاص شهير بالإسكندرية ، عندما رفضوا استقبال مصاب في حادث لأنه لم يدفع ، و خرج أحد ملائكة الرحمة ليصرخ في الناس غاضبا " إحنا مش فاتحينها سبيل هنا "، و ترك المصاب لينزف أمام المستشفى ، و قبل أن يتمكن الموجودون من نقله لمستشفى حكومى ، كان المسكين قد لقى ربه ، مما دفع الناس من فرط الغضب ، و قسوة المشهد ، إلى تحطيم الواجهة الزجاجية للمستشفى .
    و تحت شعار الربح أولاً ، تركت أبنة أحد جيراننا داخل إحدى هذه المستشفيات الخاصة ، و هي متوفاة ، لكن المحاليل معلقة في جسدها ، و بدأت مطالب المستشفى تنهمر على أهلها ، و خلال يومين أنفقوا ثلاثة آلاف جنيه ، في شراء حقن و أدوية ، بينما المريضة متوفاه ، حتى جاءت إحدى العاملات في المستشفى ، بعد أن رقت لدموع أمها و أخواتها فأخبرتهن أن الفتاة متوفية منذ يومين .
    ورغم ذلك ، و بمنتهى الجرأة طالبتهم إدارة المستشفى بعشرة آلاف جنيه ، و إلا لن يستلموا الجثمان!!!!!!!
    و تحت شعار الربح أولاً ، تشكلت عصابات من الأطباء ، بهدف سرقة الأعضاء ، بدأت نشاطها بسرقة الكلى من أي مريض عند إجراء أى جراحة له ، و بعد شفاءه يكتشف سرقة كليته ،و تدرجت للقتل على طريقة ريا وسكينة ، كما حدث مع الأسر العشر في المنيا ، الذين زارتهم سيارة إسعاف قبل مقتلهم ، و أجروا لهم التحليلات اللازمة للتأكد من سلامة الأنسجة ، و فصائل الدم ، و بعدها حدثت المجزرة ، و سرقت أعضاء تلك الأسر بحرفية طبية ، و ألصقت التهمة بمختل عقليا .
    و الآن اتجهت تلك العصابات إلى سرقة المواليد وبيعهم في الخارج للتبنى كما يدعون ، أو غالباً للحصول على أعضاء طازجة ، إلى جانب سرقة الأعضاء من أطفال الشوارع المساكين ، فلا ثمن لهم ، و لا أحد يهتم بمصيرهم ، و بالتالى لن يلاحقهم أحد قضائياً ، و في مقابل بعض الطعام لهؤلاء الأطفال الذين عضهم الجوع و البرد ، يمكن أن يصبحوا منجما من الذهب ، و الدولارات ، وتمتلىء أرصدة " أطباء بلا ضمير " في البنوك .
    تلك هى قصة " أطباء بلا ضمير" ، لكن للعملة وجه أخر مضيء ، لا يمكن أن نصدق وجوده في هذه الظلمة الحالكة التى فرضتها أوضاع البلاد السياسية التى سمحت للفساد أن يتغلغل في كافة القطاعات ، و ليس في قطاع الأطباء فقط .
    أما الوجه المضيء فقد رأيته في الحملات التى نظمها أطباء مصر و العالم ، من أجل إنقاذ المصابين في غزة ، و مثابرتهم على محاولات الدخول للقطاع في أخطر اللحظات ، و دوافعهم الإنسانية و المهنية لا تخفى على أحد .
    لم أصدق أن الطبيب العظيم جراح الكلى الشهير الأستاذ الدكتور محمد غنيم ، ذهب ليشارك في هذه المهمة الإنسانية النبيلة ، و في تلك الظروف القاسية ، و قذائف الصهاينة لا تهدأ ليلاً أو نهاراً ، و لكنه لم يكتف كغيره بإطلاق التصريحات المنددة بالعدوان ، و إجراء الأحاديث التلفزيونية ، بل ذهب ليشارك بنفسه ، ويكون في أي موقع يطلبه منه الأطباء في مستشفى الشفاء في غزة ، وهم بمثابة تلاميذه ، وهو الأستاذ الجليل و العالم الفذ .
    و ذهلت كذلك و أنا أتابع حديث جراح العظام النرويجي البروفيسور مادس جيلبيرت على قناة الجزيرة ، الرجل الذي ترك المستشفيات الأوروبية الآمنة المجهزة بأفضل المعدات ، و ذهب ، رغم سنه المتقدمة ، إلى ميدان المعركة لتقديم المساعدة الطبية لشعب غزة المحاصر منذ شهور دون جرم ارتكبه ، و رغم شجاعة هذا الطبيب و جرأته فقد انهمرت دموع الرجل مراراً أثناء حديثه من هول الصدمة و البشاعة التى صادفها أثناء محاولات إنقاذ المصابين ضحايا العدوان البشع على غزة .
    كانت شهادة جيلبيرت أن ما رآه في غزة خلال العدوان يشبه ما ارتكبته النازية من جرائم في حق اليهود وسيكتبه التاريخ بصفحات من دم ، بل إنه أكبر الفضائح الإنسانية على الإطلاق ، و نفى أن يكون العدوان بسبب صواريخ حماس البدائية وإنما جاء في إطار سياسة العقاب الجماعي للفلسطينيين ومعاقبة شعب بالكامل على اختياره الديمقراطي.

    حيث بدأت إسرائيل في الحصار منذ أن اختار الفلسطينيون حماس في انتخابات ديمقراطية ، ومنعت الماء والكهرباء والأدوية عن قطاع غزة ، ثم قصفت بعد ذلك المدنيين والأطفال والمدارس المعروفة بأنها ملجأ للأمم المتحدة وقصفت أيضا المساجد ودور العبادة ولم تتوان في هذا الصدد عن استخدام الأسلحة المحرمة دولياً ، وقال وهو يبكي :" لايمكن أن يعاقب شعب محاصر بسبب إطلاق بعض الصواريخ ، عدد ضحايا حوادث السير في إسرائيل يفوق أضعاف ما تحدثه تلك الصواريخ البدائية ".

    و قد نفى جيلبيرت دعمه لحماس أو فتح ، وأكد أنه يدعم فقط الشعب الفلسطيني كما يدعم إنهاء الاحتلال وحق الفلسطينيين في اختيار قيادتهم وأن تكون لهم دولة مستقلة ، منتقداً استمرار الاحتلال 60 عاما .
    ، و قد أوضح البروفيسور النرويجي معاناة الطواقم الطبية الفلسطينية ، و تميزها بالكفاءة و الذكاء في التصرف السريع مع مئات الحالات من ضحايا القصف الإسرائيلي ، قائلا :"الأطباء الفلسطينيون أصبحت وجوههم شاحبة من قلة النوم ومن صدمة ما يرونه من بشاعة الإصابات التي لم يعرف لها التاريخ مثيلاً ، كانوا يعالجون يوميا 100 حالة خطيرة في وقت تنعدم فيه الأدوية وكانوا يقومون أيضا بإجراء 14 عملية جراحية في نفس الوقت ، بينما تنعدم الأجواء الصحية لإتمام هذا العمل الشاق جداً ، فالقصف متواصل والقذائف تسقط بالقرب من المستشفى ".

    وبين جيلبيرت مدى بشاعة الصهاينة حين قال " خلال عودتنا من غزة إلى رفح المصرية ، كنا نصطحب معنا جرحى فلسطينيين في سيارات عليها الصليب الأحمر وقمنا أيضا بالتنسيق مع الجانب الإسرائيلي حتى لانتعرض للقصف ، إلا أنه عندما وصلنا إلى ما عرف سابقا بمستوطنة نتساريم ،و رغم ذلك التنسيق فقد تم استهدافنا بالصواريخ الإسرائيلية وتضررت إحدى سياراتنا وقررنا العودة لمستشفى الشفاء بعد أن منعتنا إسرائيل من الخروج ، إن الادعاء حول إعاقة حماس لتحرك القوافل الطبية هو محض افتراء وكذب وشائعات ترددها إسرائيل للتغطية على الفظائع التي ترتكبها في حق الإنسانية ، لانريد أن نرى الموت لأهالي غزة ، يكفى ما حدث في العراق وأبو غريب وجوانتانامو ، إن غزة 2009 واحدة من معسكرات النازية".

    و قد حث البروفيسور جيلبرت الفلسطينيين في غزة على الصمود ، و بعث إليهم رسالة مساندة قائلاً :" على الناس في غزة أن يعرفوا أنهم ليسوا وحدهم وعليهم ألا يستسلموا ، لا تستلموا ، شعوب العالم يتأملون في صبركم ويستمدون من قوتكم " ، ودعا المؤيدين لسياسات إسرائيل أن لا ينساقوا وراء دعايات الصهاينه بأن مذابحهم في قطاع غزة إنما هي للدفاع عن النفس قائلاً " إن الحقائق بمستشفى الشفاء خير دليل على صحة أقوالي ، قيام أنصار إسرائيل بزيارة غزة لمدة 10 دقائق كفيلة بتغيير كافة آرائهم". و أخيراً دعا النرويجيين و شعوب العالم أجمع لمزيد من التأييد و الدعم المادي و السياسي للقضية الفلسطينية العادلة .
    و كان للأطباء دوراً كبيراً في الكشف عن وحشية الصهاينه ، حيث فضحوا إستخدام قوات الإحتلال لأسلحة محرمة دولياً ، لم يسبق تجربتها من قبل ، مثل الفسفور الأبيض ، و القنابل الإرتجاجية و الإنشطارية ، مما أربك و أذهل الأطباء ، و ما رواه الطبيب جيلبرت و غيره يؤكد أن قوات الإحتلال كانت تتعمد قتل المصابين و الجرحى بمنتهى الوحشية ، حيث كانت تترصد سيارات الإسعاف ، و تستهدفها بالقذائف
    و قد نقل موقع محيط عن صحيفة "ذي إندبندنت أون صنداي" البريطانية تصريحاً لطبيب نرويجي أخر شارك في الإغاثة هو إيريك فوس الذي عمل في مستشفيات غزة مع بداية الحرب، قوله إن إسرائيل استخدمت قنبلة "متفجرات المعدن الخامل ذات الكثافة العالية" أو "دايم".

    وأوضح الطبيب أنه شاهد مصابين فلسطينيين بجروح بالغة دون ملاحظة شظايا بداخلها، مضيفا أنه عمل في مناطق حروب لأكثر من ثلاثين عاما ولم يشهد مثل تلك الجروح، وأن الصور الطبية تتطابق مع ما تسببه قنابل "دايم" التي قد تسبب السرطان.

    ،و نقلت الصحيفة أيضاً عن عدد من الأطباء العرب في غزة قولهم إنهم شاهدوا مصابين بجروح غريبة وغير قابلة للعلاج، حيث تبقى تنزف باستمرار، فقد فوجئوا بنوع من القنابل جديد، يدفع بشظايا دقيقة ، تنفذ إلى الأنسجة الداخلية للجسم ، ولا تُري، فينخدع الطبيب الذي يكون كلُّ همه إيقاف النزيف، فما يكاد يفرغ من عمله ويخيط الجروح حتى يفجأ بالنزيف الداخلى الذي يفرض عليه إعادة فتح الجرح مرة أخرى، فإذا به يجد الأمعاء قد تمزقت بنيران الشظايا غير المرئية السارية في دم المصاب !!!

    وهو ما يتطابق مع مفعول قنابل "دايم" المصممة لإحداث انفجارات كثيفة في موقع صغير، وهي محشوة بمسحوق من مادة "التنجستن" التي تشكل شظايا حادة وتذوب في الأنسجة البشرية، مما يصعب معه اكتشاف أسباب الجروح في أجساد الضحايا، وهي بالتالي تشكل جرائم حرب عند استخدامها ضد المدنيين، وفقا لما انتهت إليه الصحيفة البريطانية .
    ثبات هؤلاء الأطباء ، و تفانيهم في عملهم هو الجانب المضيء لمهنة الطب العظيمة ، بعد أن لوث ثوبها الأبيض المتاجرون بآلام البشر.

    التعديل الأخير تم بواسطة أماني مغاوري ; 02/02/2009 الساعة 12:20 AM

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •