Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958
المتاهة بوصفها نموذجا للتعقيد: سيموطيقيا الوسائط التشعبية

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: المتاهة بوصفها نموذجا للتعقيد: سيموطيقيا الوسائط التشعبية

  1. #1
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    07/10/2006
    المشاركات
    317
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي المتاهة بوصفها نموذجا للتعقيد: سيموطيقيا الوسائط التشعبية

    السلام عليكم
    الأساتذة الأفاضل
    فيما يلي ترجمة المقال الخاص بي في هذا المشروع الطيب
    أرجو من حضراتكم إبداء ما قد يكون لديكم من ملاحظات وتعليقات
    وكل عام وأنتم بخير



    THE LABYRINTH AS A MODEL OF COMPLEXITY:
    THE SEMIOTICS OF HYPERMEDIA
    Lucia Leao

    المتاهة بوصفها نموذجا للتعقيد:
    سيموطيقيا الوسائط التشعبية
    لوسيا لياو

    ترجمة: ياسمين محمد مسلم


    نشِر لأول مرة بمؤتمر COSIGN-2002 ، المنعقد في الفترة من 2-4 سبتمبر 2002، بجامعة أوجسبرج، معمل مفاهيم الوسائط المتعددة وتطبيقاتها، ألمانيا.

    الخلاصة:
    نهدف من هذا البحث إلى تناول جانبين محددين من الجوانب المتعلقة بالوسائط التشعبية، وهما: الهيكل الذي ينظم المعلومات النصية التشعبية، بالإضافة إلى مسار القراءة الذي يوجده المستخدم عند استعراض روابط الشبكة. وتقول فرضيتنا بوجود المتاهة في أنظمة الوسائط التشعبية على وجهين: الوجه الأول، والأكثر وضوحا هو التنظيم الخاص المستخدم عند تطوير المشروع. أما الوجه الثاني الأقل وضوحا، بالرغم من عدم كونه أقل عمقا، فهو المتاهة التي يبنيها القارئ عند التعامل مع الخيارات المتاحة له في خضم سلاسل الوسائط التشعبية. ومن هذا المنطلق، سيكون بحثنا موجهًا، بحيث يركز على مبدأين أو على متاهتين، وهما: المتاهة المحتملة، التي تتخذ صورة المستند المجزأ ذي "مداخل" أو "ارتباطات تشعبية" للولوج إلى مستندات أخرى، والمتاهة الحقيقية، التي يَخبُرها المستخدم عند تصفح "الفضاء التشعبي". وسوف نبدأ بحثنا بمراجعة نظرية النص التشعبي، وحتى إجمال أوجه تشابهها مع المتاهة.

    مصطلحات عامة:
    الوسائط التشعبية Hypermedia ، الاستعارة Metaphor ، التناص Intertextuality

    الكلمات المفتاحية:
    الوسائط التشعبية hypermedia ، الفضاء التشعبي hyperspace ، الروابط links ، التفاعلية interactivity ، التأليف authorship ، القارئ reader ، التعقيد complexity ، التنظيم organization ، الاستعارة metaphor

    مقدمة:
    إن انتشار الاختراعات الحديثة مثل الكمبيوتر الشخصي، والوسائط المتعددة، والأقراص المدمجة، والإنترنت يؤدي إلى وجود سلسلة من المشاكل التي يتعين مناقشتها في مجالات مختلفة من الفكر الإنساني. فقد أدى امتلاك تقنيات فكرية جديدة إلى أن أصبح من الممكن حدوث تغيرات في نشاطات متعددة من الفكر الإنساني. أي أن أثرها قد امتد لمجالات مختلفة، وتضمن مقارنات وتصنيفات جديدة، وعوامل عملية ومعرفية واجتماعية جديدة.

    2- مقدمة مختصرة عن الوسائط التشعبية:
    2-1 السوابق التاريخية:
    إن النص التشعبي هو مستند رقمي في صورة نص له سمة خاصة تتمثل في أن به مجموعات مختلفة من المعلومات يمكن الرجوع إليها بطريقة تفاعلية وتكاد تكون فورية. وعموما، إن المعلومات التي يحتويها المستند التشعبي تكون مجزأة، وعلى درجة عالية من الفهرسة، فهي مترابطة بروابط يطلق عليها "الارتباطات التشعبية" التي تسمح للمستخدم بمواصلة قراءته كيفما يروق له. ومن الممكن أن يقوم قارئ النص التشعبي بتصفح العديد من الفصول وفقًا لاهتماماته، بل ويمكنه باستخدام وسيلة "البحث" أن يستعرض كمية كبيرة من المعلومات بأكملها في غضون ثوان.

    ويعتبر تد نلسون Ted Nelson مبتكر مصطلح النص التشعبي Hypertext ، وكذلك صاحب مفاهيم هامة مثل "النص الممتد" “stretch text” ، الذي ينبسط وينقبض بحسب الحاجة إلى المزيد من المعلومات. ويرجع الفضل لنلسون في تطوير نظام زانادو Syatem Xanadu، عام 1970، وهو نوع من المكتبات العالمية التي أتاحت تبادل المعلومات بين الناس. وباعتبار نلسون مؤلفا للعديد من الأعمال عن أنظمة النصوص التشعبية، ومن بينها كتاب "الآلات الأدبية"[1]، فلا شك أنه أحد المتحمسين للتباديل الممكنة التي تقدمها هذه الأنظمة.

    إلا أنه قبل ذلك بعدة سنوات، عام 1945، عرض ڤانيڤار بوش Vannevar Bush ، أحد علماء الكمبيوتر الأوائل، المفاهيم الرئيسية للنصوص التشعبية في المستقبل في مقاله الأسطوري "كما قد نعتقد"[3]. فقد رأى أن الأنظمة التقليدية لتبادل المعلومات غير فعالة إطلاقا. أما مشروعه “Memex” ، وهي الآلة التي سبقت اختراع الحاسوب الصغير microcomputer ، فقد كانت وسيلة قوية لتخزين البيانات بمختلف أنواعها، كما أتاحت وجود روابط بين المستندات. ومن هذا المنطلق، يمكن الرجوع (للمستندات) من خلال الوصلات الترابطية، أي أن أحد العناصر يمكن أن يقود إلى عنصر آخر وهكذا، مما يسمح للمستخدم أن يوجد مسارا للقراءة وفقا لما يهمه.

    ومع نهاية ثمانينيات القرن العشرين، بدأ مصطلح الوسائط المتعددة Multimedia في الذيوع، حيث كان يُرى في أماكن بالغة الاختلاف. ومع ذلك، فإنه يمكن لهذا المصطلح اكتساب معان عديدة وفقا للسياق الذي يستخدمه. فقد نستخدم مصطلح الوسائط المتعددة بمعناه العادي، أي دمج عدد من مصادر المعلومات مثل الصوت، والنصوص، والصور، والفيديو، إلخ في تقنية مناظرة، وهي الكمبيوتر. وتضيف الوسائط التشعبية بدورها إلى تقنية الوسائط المتعددة مصادر تفاعلية، مما يتيح للمستخدم تصفح الأجزاء المختلفة للتطبيق، كيفما يروق له. وبما أن الهدف من هذا البحث هو دراسة الهيكل الذي يدعم عملية بناء الوسائط المتعددة، لن نقوم بأي تمييز بين الوسائط التشعبية والوسائط المتعددة، فمن هذا المنظور، يُعد كون أحد التطبيقات يعتمد على أنواع مختلفة من الوسائط أو لا خارج نطاق موضوعنا.

    2-2 مناقشة نظرية حول الوسائط التشعبية:
    إن مدار بحثنا، الوسائط التشعبية، إنما هي تقنية حديثة جدا. غير أن الكثير من المفاهيم المرتبطة بها قد دُرسَتْ في مجالات أخرى من الفكر الإنساني. ويشير لاندو Landow في كتابه الرائع عن النصوص التشعبية إلى بعض العلاقات بين موضوعات النقد الأدبي والخصائص الرئيسية للوسائط التشعبية[6]. إن موضوعات مثل التناص، والنص المفتوح ، واللامركزية، وتعددية الأصوات، وجميعها موضوعات وثيقة الصلة بهذه التقنية الحديثة، قد ناقشها وتناولها كتــّاب مثل دريداDerrida ، ورولان بارت Barthes ، إمبرتو إكو Eco ، إلخ. ويبدو أن الوسائط التشعبية جاءت لتحقيق معنى تقني، أي ظروف مادية وتقنية لصنع مشاريع شعرية معينة.

    إن الطبيعة التي تميز الوسائط التشعبية تكمن في إمكانية إيجاد روابط بين الوسائط المختلفة وبين مستندات أو عقد شبكة ما. وبهذا توفر الروابط بين المستندات فكرا غير خطي متعدد الأوجه. وقارئ الوسائط التشعبية قارئ نشط، دائما ما يوجـِد علاقاته الخاصة بين الطرق المختلفة التي يتيح له النص التشعبي التحرك خلالها. وباعتبار الوسائط المتعددة متاهة تزار، فإنها تعدنا بمسالك مفاجئة ومجهولة.

    كذلك من الضروري الإشارة إلى أمر يرتبط بخصوصية النص التشعبي، ألا وهو السرعة. فإنه لأمر مختلف تماما أن تصل لكتاب أو صورة أو مرجع آخر بمجرد نقرة. فمثل هذه المهام عادة ما تستغرق وقتا أطول. فمن خلال المسارات المعلوماتية، يمكن اليوم التواصل مع أناس تفصل بيننا وبينهم مسافات جغرافية شاسعة، والرجوع إلى أي كتاب في 2000 مكتبة، على مدار الساعة.

    2-2-1 العلامة الفارقة: التفاعلية
    من المهم أن نبدأ هذا الجزء بتذكير القارئ بأن مفهوم التفاعلية قديم جدا. ومن الناحية النظرية، فإن كل قطعة فنية جيدة تحمل هذه الإمكانية التفاعلية على المستوى الميتافيزيقي. إلا أننا، بدخول التقنيات الحديثة، أصبح لدينا تركيز أكبر على نوعية معينة من التفاعل. وفي الحالة الخاصة للوسائط التشعبية، يمكن الإشارة إلى أن العمل، في حد ذاته، يصبح قطعة فنية فقط منذ اللحظة التي يستمتع به القارئ.

    ومن ثم يصبح فعل القراءة عنصرًا بناءً في العمل. وفي تعليق دافيد روكباي David Rokeby على عمله "مرايا التحول: التفاعل كطريقة للتعبير الفني"، عبّر عن هذا بصورة مثيرة للاهتمام عند تناوله لصورة المرآة. فهو يرى أن التفاعلية تبرز في اللحظة التي تعكس لنا قطعة فنية أثارَ عملنا وقراراتنا. ومن ثم تتوافر لنا إمكانية التواصل مع "ذاتنا"، وهي ما سبق معالجتها وتحويلها بالتواصل مع التقنية التفاعلية. وبهذه الطريقة، فإن المفهوم الأهم في الفن التفاعلي يتولد من استكشاف المعنى الذي ينبثق عن التوتر القائم بين الجزء التفاعلي (أو القارئ) وانعكاس ذاته. فهذه القطعة الفنية تئول إليه من الخبرة[13].

    وقد أشار كتاب آخرون، مثل فرانك بوبر Frank Popper ، إلى أهمية الطبيعة التفاعلية في الحوسبة الرسومية ، والتي تضفي عليها أريجا خاصا. ويمكن الاعتماد على هذه العلامة الفارقة في الوسائط التشعبية حيث أنها تمثل أداة بينية بين عقد الشبكة وخيارات القارئ[11]. وهو ما يقودنا، مع ذلك، لسؤال جديد نتناوله فيما يلي.

    2-2-2 مسألة التأليف:
    يعتبر التأليف، بدوره، مفهوما معقدا نوعا ما عندما نتحدث عن الوسائط التشعبية. ومن الضروري أن نتذكر أنه عادة ما تعمل فرق عمل كبيرة لصنع تطبيق على قرص مدمج. غير أنه في أكثر الوسائط التشعبية حيوية، والتي تنفّذ على الشبكة العالمية WWW ، لدينا مثال يصبح فيه مصطلح التأليف غير مناسب تماما؛ حيث أننا في كل عقدة من الشبكة نتصل بنقطة طورها فريق ما، وفي الدقيقة التالية، نصبح في نقطة مختلفة طورها فريق آخر، وهكذا. وقد ذكر بعض المفكرون أن الوسائط التشعبية تمثل نهاية عصر التأليف. فقد تحدث لاندو Landow عن إعادة تعريف المؤلف الذي يعاني حاليا من "تلاشي الذات" مع تحول حق التأليف إلى القارئ الذي يتاح أمامه في هذا التنظيم سلسلة من الخيارات[6].

    بل ولابد من تأمل طريقة عرض الأفكار. فمثلا، لم يعد مؤلف عمل ما من الوسائط التشعبية بحاجة إلى عرض مسار للمناقشة . ويظهر العرض، أي فرضية الباحث، فقط في وضع حدود للإدراج أو الاستبعاد أو كليهما.

    2-2-3 القارئ النشط:
    إن مفهوم النص المرن يتطلب قارئا نشطا ويوجِده. "وسيكون من الضروري وجود أشكال جديدة من التصفح الذهني؛ حتى يمكن للمرء إعادة مواجهة نفسه في المتاهات المعلوماتية في التجديد المتواصل"[12]. إن كل قارئ في أنظمة النصوص التشعبية يُعَد كذلك مؤلفا لما يقرأه.

    إننا نتحدث عن القراء النشطين، والكتاب الدائمين، والأعمال المتغيرة باستمرار. ولعنا ندرس مسألة التفريق التقليدي بين الفاعل والمفعول، أكثر من أي وقت مضى.

    وقد قام باير ليفي Pierre Levy بإذابة هذا التقسيم المانوي Manicheanism بطريقة مثيرة للاهتمام جدا عندما خطط لبرنامج علم البيئة المعرفي. وإذا تناولنا الذكاء، أو المعرفة، كنتيجة لتعقد الشبكات التي يتفاعل فيها عدد كبير من الفاعلين (بشري، وبيولوجي، وتقني)، فإن سيناريو التفاعلات يتيح قراءة أكثر تعقيدا. وتتيح لنا أنظمة الوسائط التشعبية أن نؤسس نموذجا من الإمكانات النظرية.

    3. تنظيم التعقيد:
    تقدم أنظمة الوسائط التشعبية مثالا رائعا على نموذج التعقيد. وسوف نستخدم مصطلح التعقيد كما وصفه مورين Morin على أنه شيء ما منسوج ككل[9]. ويمكن تعريف النسيج "المركب" على أنه يشكل لعبة دائرية تقترن فيها ثنائيات التنظيم/الفوضى، والصدفة/القصد، والتفاعل/التخاذل بطريقة لانهائية وتلقائية.

    ومن ثم، ففي مفهوم التعقيد، لا يمكن للمرء أن يدرج كلمة "بسيط". وهذه هي أهم المفارقات التي يمكن ملاحظتها في أنظمة الوسائط التشعبية. فيجب أن يعتمد تكوين كل عقدة في الشبكة، وكل "صفحة رئيسة" “home page” ، وكل صفحة باسطوانة مدمجة على مبادئ الوضوح، والترابط، والدقة، والتنظيم، والإحكام. ومن هذا المنطلق، تعد البساطة والوضوح من العناصر التأسيسية، أي الجسور المؤدية إلى المزيد من التعقيد.

    والواقع أن أنظمة الوسائط التشعبية تقدم صياغة وتنظيما للتعقيد.

    وقد نقول إنه لا يمكن تنفيذ الوسائط التشعبية إلا عند توافر التفاعل بين الأزواج المقترنة.

    أي أن:
    · النظام المعقد في أنظمة الوسائط التشعبية لا يوجد إلا إذا وجد ترابط بين التنظيم والفوضى.
    · التعقيد يوجد إذا ما وجدت البساطة.
    · الخيارات العشوائية في الجزء التفاعلي لا تعمل إلا إذا تمت برمجة النظام مسبقا بما يحدد الارتباطات الممكنة بنقاط محددة.
    · البحث والدراسة غير المتسلسلين لا يمكنان إلا بوجود عمل مسبق يتحتم كونه متسلسلا.
    · هذا صحيح أيضا فيما يتعلق بالمسار الحر الإبداعي المنساب. ومن الضروري توافر الدقة، والإحكام، والخضوع للمعايير.
    · مرونة أنظمة النصوص التشعبية، أي قدرتها على التوسع والتفاعل، ترتبط مباشرة ببناء كتل تركيبية متماسكة متينة.
    · وأخيرا السمة الشديدة الوضوح، المتمثلة في أن المستخدم يستطيع القيام بحركته التخيلية خلال مختلف المواقع إذا وجدت حالة سكون بالجلوس أمام الآلة (جهاز الكمبيوتر).

    ومن ثم، فإننا في التكامل التنظيمي بين (التنظيم والفوضى)، و(البساطة والتعقيد)، و(العشوائية والقصد)، و(التسلسل وعدم التسلسل)، و(الإحكام والحرية)، و(التجمد والمرونة)، و(الحركة والسكون)، يمكن أن نرى جانب التعقيد الذي توجده الوسائط التشعبية.

    وأحد أهم المشاكل المنهجية التي لابد أن نواجهها عند العمل في الأنظمة هي خطر محاولة تحليلها. فيجب فهم الأنظمة ككل واحد يتشكل ويوجد كما هو. وبهذه الطريقة، يكون اختزالها في عناصرها الأولية، أي تحليلها، أشبه بالتوقف عن إدراكها كنظام.

    وقد كان أحد المفاهيم الأخرى الهامة جدا في دراستنا هو التنظيم.

    ويرتبط التنظيم في حد ذاته بفكرة النظام. فكل ارتباط، أي كل رابط تشعبي، يقوم في نفس الوقت بالربط، والتحويل، والنقل.

    ومن جديد، نتعامل مع مفهوم دسم كأقصى ما يكون. وفي دسامته، يمكن أن نرى التنظيم والفوضى. وعندما يقوم النظام بإيجاد تفاعل بين التنظيم والفوضى في داخله، فإنه يصبح معقدا أكثر وأكثر. ويمكن ملاحظة هذه الظاهرة بسهولة في مسارات قراءة النصوص التشعبية. ولنفترض وجود قارئ نشط جدا، يرسم حركة معقدة نوعا ما عند الانتقال من رابط على الشبكة إلى رابط آخر. وبالرغم من عدم تنظيم المسار، أي تعقد المسار، يوجد تنظيم خفي. ويمكن إيجاد هذا التنظيم بأمر "التأريخ" “history” ، الذي يعيد عرض المسار بأكمله.

    وسوف نحاول، بهذه الطريقة، ابتكار مفاهيم التنظيم والتعقيد في الأنظمة باعتبارها مسار دائري لا نهائي.

    3-1 التنظيمات المركزية، واللامركزية، والمتعددة المراكز
    حتى يمكن للتعقيد القائم في أنظمة الوسائط التشعبية أن يكون صالحا للاستخدام وواقعيا، لابد أن ينظر إليه كنظام واحد. فعندما نتحدث عن الوسائط التشعبية، فنحن بصدد تناول العلاقات المتبادلة، ومن شأن هذا التنظيم أن يجعل من الممكن توافر هذه العلاقات.

    إن التنظيم سيجعل من الممكن وجود:
    · افتتاح واختتام النظام
    · التنسيق المتسلسل والغير متسلسل
    · الروابط العشوائية والسابقة التحديد
    · تسجيل المسار واسترجاعه

    يتصف تنظيم أنظمة الوسائط التشعبية بكونه متعدد المراكز. وإذا قمنا، على سبيل المثال، بتحليل الوسائط التشعبية على الشبكة العالمية WWW ، سنجد أن: كل موقع يمثل مركزا في حد ذاته. ونعود فنقول، إن تعقد النظام في مجمله هو ما يوجد تنظيم العقدة وقوانينها. إلا أنه علاوة على ذلك، قد يقول المرء بأن مركز الإنترنت يوجد في كل مكان، وغير محدد بمكان بعينه، الأمر الذي يقودنا إلى تعريف النظام المركزي.

    وفي حالة تطبيقات الأقراص المدمجة، يمكن أن نرى عددا من التصنيفات. فقد نقول بوجود عناوين متعددة المراكز وأخرى لامركزية، وإنه في معظم الأحوال التي يحدث فيها نقل إلكتروني للمادة الموجودة مسبقا بصورة مطبوعة (ورقية)، نرى استمرار هيمنة الصفة المركزية والخطية.

    وبإعادة النظر إلى الشبكات، نجد أن كون المركز موجودا في كل مكان وغير محدد بمكان بعينه يجعل الخصائص اللامركزية والمتعددة المراكز ترتبط تلقائيا. ونظرا لأن كامل التنظيم اللامركزي يحكمه رد مواضع حوسبية معينة، فإن ما لدينا هنا هو نظام متعدد المراكز. غير أننا أثناء تأصيل ذلك، قد نخلص إلى أن كل نظام لامركزي هو كذلك نظام متعدد المراكز، والعكس صحيح.

    ومن بين الحالات المثيرة للاهتمام، تلك المتعلقة بعقلنا. فقد استمر الاعتقاد لفترة طويلة بأن الجهاز المخي العصبي هو المركز المنظم والمهيمن في الكائنات الحية الفقارية. وكان من المعتقد أن التنظيم القائم في هذه الحيوانات يعتمد على نظام تسلسل هرمي. وكاستثناء في عالم الكائنات الحية، الذي تغلب عليه التنظيمات التي تتخذ شكلا لامركزيا ومتعدد المراكز، كان ينظر إلى التنظيم المركزي على أنه أحد أشكال التطور. غير أننا نعرف اليوم حقيقة أننا نتعامل مع مستوى أكبر من التعقيد وأن وراء هذه المركزية الظاهرة، توجد في الوقت نفسه لامركزيات ومركزيات متعددة. ومن ثم، ينظر إلى عقلنا كمركز واحد بين المراكز الموجودة بنظام متعدد المراكز، والتي يتسم بدوره بأنه غالبا ما يكون لامركزي التعقيد.

    بهذا نحاول الخلوص إلى أن كل من المركزية، واللامركزية، والتعددية المركزية إنما هي عناصر يمكن التعبير عنها من خلال التعقيد المتزايد. ولا يستثني هذا التعقيد صفة أو أخرى، بل يسمح، بوجود ترابط بين النظام ككل، من خلال التبادل والحوار بين المراكز الداخلية.

    4. الوسائط التشعبية والمتاهة
    "تغرينا المتاهة بالتأويلات، وتؤدي تقاطعات الطرق المتضافرة، والممرات المتشعبة بالمؤول إلى ألف طريق وطريق" مارسيل ديتيان Marcel Detienne .

    4-1 المتاهة والحيوان الأسطوري المينوطور: الأسطورة المعدلة
    وكانت المتاهة Labyrinth، المنبثقة عن الكلمة اليونانية Labyrinthos، تمثل بناء بالغ التعقيد في جزيرة كريت. فمن المحتمل أن أصل الكلمة هو Caria أو Lydia، ويرجع إلى كلمة Labrys، التي تعني الفأس ذا الشفرتين. وبإمكاننا استخلاص علاقتين: فللفأس ذي الشفرتين دلالة دينية في كونه موجودا في النقوش الصخرية والأعمدة الموجودة في آثار الفترة المينوية Minoic. والفأس الذي يقطع في مكانين مختلفين يرتبط كذلك بالمسارات المنقسمة في المتاهة Labyrinth.

    فوفقا للأسطورة اليونانية، يتلقى الملك مَينس Minos من بوسيدن Poseidon إله البحر ثورا رائعا كهدية. غير أن إله البحار يريد هذا الحيوان أن يُقدم قربانا له. ويرفض مَينس إعادته. وكعقاب له، تقوم أفروديتي Aphrodite ربة الحب والجمال بالتدخل بحيث تجعل الملكة باسيفائي Pasiphaë (زوجة مَينس) تقع في حب شغوف بالثيران. ومن هذا الارتباط، يخرج وحشا فظيعا هو المينوطور Minotaur، نصفه إنسان ونصفه الآخر ثور. ولستر هذا العار الذي أصاب مَينس، يقوم الحرفي Dedalus بصنع المتاهة Labyrinth. (ا)

    ونظرا لكونه أثينيا أسطوريا، وابن Metinَ وسليل Hefesto، إله النار الحداد، فقد كان لديدالوس Dedalus من المهارة ما أدى إلى أن يقال أن تماثيله كانت تتحرك. وفي أثينا، يرتكب Dedalus جريمة بسبب الحسد. فقد اخترع ابن أخيه تالوس Talos المنشار، وعجلة صناعة الفخار. وكنتيجة لما انتاب Dedalus من خوف من أن يغلبه نجاح تالوس، يلقي به من أعلى الصخرة. ثم يهرب إلى جزيرة كريت. وتتسم مواقفه دائما بالمفارقة، فنتيجة لعمله استطاعت باسيفائي Pasiphaë ممارسة حبها للثيران. وباعتبار Dedalus باني المتاهة، سيقوم بتعليم أريادني Ariadne طريقة ليستطيع بها Teseu الخروج. وكعقاب لـديدالوس Dedalus ، سيعْلق هو وابنه إيكارو Icaro في المتاهة.

    4-2 طوبولوجيا المتاهة
    إن المتاهات هي صور استمرت في تاريخ الإنسانية منذ آلاف السنين. إن هذه الاستمرارية الممتدة والمتواصلة والمتحورة تكشف لنا عن قضايا عميقة في الفكر الإنساني. فإن المتاهات تعتبر رموزا للتعقيد على نحو أكثر مما اعتدنا إدراكه. فالجاذبية العظمى للمتاهات قد تكمن في اتسامها بالمفارقة، وفي أن كل منها يقترح، بطريقته الخاصة، منطقا نقيضا ومختلفا.

    وعندما يتحدث المرء عن المتاهات، فمن الجيد أن يذكر أنه، بالإضافة إلى البـِنى البشرية، توجد كذلك متاهات طبيعية. ومن بينها المغارات والكهوف ذات الممرات الضيقة التي تؤدي بنا إلى صعوبات متعاقبة. أما القواقع، التي تمثل صورة دالة على الفكرة اللولبية، فهي مصدر خصب آخر لأحلام اليقظة. كذلك الزهور وتكويناتها الزخرفية، والأوراق، والجذور، والجذامير (الريزومات)، إنما هي متاهات طبيعية. وتوجد المتاهة في جسمنا، في الكثير من الأعضاء مثل المخ، والأذن الداخلية، بل وبصمة الإصبع، التي تمثل الدلالة الفريدة على هويتنا.

    ونجد صورة المتاهة في فترات عديدة من حياة البشر. ومن بين أقدم الرموز التصويرية تلك التي ترجع إلى العصر الحجري الحديث، التي وجدت بكهف فالكامونيا Valcamonia ، بإيطاليا. ومن بين المتاهات الضاربة في القِدم، المصرية منها (التي تحطمت تماما، والتي قام عالم الآثار الإنجليزي فليندريس بيتري Flindres Petrie، عام 1888، بترميم تصميمها الأصلي)، وكذلك بعضها كان في جيرة كريت (وتخلده الحكايات الأسطورية لتيسيوس Theseus، وأريادني Ariadne، والوحش مينوطور Minotaur).
    وقد تغير معنى المتاهة بمرور الزمن. ففي الحالة المصرية لدينا بناء مهيب فخم، باعتباره المكان المخصص لحماية المقدسات. وقد كانت المتاهة المصرية، في ذات الوقت، تمثيل مقدس وتذكاري لسطوة الفراعنة والطبقة الكهنوتية.
    وفي المقابل، فإن المتاهة في جزيرة كريت هي سجن وملجأ للوحوش. ونجد ما يدور حول هذه الفكرة في الكوابيس التي تصنع الظلام والدهاليز المتعرجة، بحيث نواجه تحديا مزدوجا، متمثلا في، إيجاد المسار الصحيح، وقتل الوحش.

    غير أن المتاهات المتشكلة في الحدائق تطرح لنا قضية أخرى، ومنطقا آخر. ففي حالة متاهة فيرساي Versailles مثلا، لم تكن هذه الفكرة لتثير لدى الزوار التساؤل أو الحيرة أو البلبلة. فقد كان الدافع وراء تصميم المهندس المعماري لمماش الحديقة هو تسلية الناس. ولتأكيد هذه الطبيعة المرحة، فقد وضع بين أصص الزهور تماثيل تصور مشاهد من حكايات إيسوب Aesop.
    ومن ثم، فمن المستحيل التفكير في مفهوم جامع شامل يمكن من خلاله تعريف المتاهة في كلمة واحدة. إن التعريف الكلاسيكي للمتاهة على أنها يناء وعر ومعقد يفقد السائر فيه غالبا إحساسه بالاتجاه ويواجه صعوبات للوصول إلى المركز إنما هو تعريف ينطبق على نوع واحد من المتاهة، ويقلص من التعقيد الذي تتضمنه هذه الفكرة.

    ولنـَدْرس الحالة التي يكون فيها الحاج غير مضطر لمواجهة أي شكوك أو تساؤلات حول المسار الذي عليه اتخاذه: ونعني المتاهات على أراضي كنائس العصور الوسطى، مثل كاتدرائيات مدينتي شارت Chartres وآمينز Amien. ويمكن القول بأن هذه المتاهات لا تطرح أي مشكلة بشأن اتخاذ القرار، حيث إن مساراتها تقدم خيارا واحدا وحسب للسير فيها، بدون أي تفرعات. ويختلف هذا النوع من التصميم عن المتاهات المعقدة في أنه لا يطرح أي تقسيم في مساره. ومن ثم، فالمتاهات ذات المسار الواحد لا تقدم للزائر أي اختيار حر. وبما أنه لا يوجد مسار يُفترض اختياره، فإنه لا يوجد احتمالُ أن يتوه الزائر، فعليه فقط اتباع الدورانات، بالداخل والخارج، كما أوجدها المهندس المعماري. إلا أن لهذه التصميمات الجميلة معنى روحيا لدى المؤمن. فهي أكثر من مجرد تصميمات زخرفية: فذاك الذي يسير بهذه المتاهات لأول مرة، وهو يُصَلي، يحاول أن يصل إلى حالة عليا من التركيز الذهني. فالسير في هذه المتاهات إنما هو بحث عن المكان المقدس، أي أنه بديل للحج إلى الأرض المقدسة.

    ووفقا لرأينا حول تفسير طوبولوجيا المتاهة، فإن هذا النوع من المتاهة سيكون النوع الأول: أي بدون مفترقات طرق، ويطلق عليه كذلك المتاهة ذات المسار الواحد.

    أما النوع الثاني من المتاهة، فلعله هو الأكثر انتشارا في القصص والأساطير، وهو المتاهة المتشعبة الطرق. ولن أستغرق وقتا طويلا في دراسة هذا النوع، حيث كان موضوع دراسة شاملة في كتابي السابق. غير أننا سنتناول بعض النقاط المتعلقة بنقاشنا الحالي. ففي المتاهات المتشعبة الطرق، يعتبر استخدام خطط من قبيل حصى القزم Hop o' My Thumb ، أو الخيط المرشد (خيط أريادني Ariadne's thread) لتيسير الطريق بالغ الأهمية لأولئك الذين يريدون ألا يضلوا الطريق. ومع ذلك فينبغي أن نذكر أن الكثير من الأعمال الإبداعية في الوسائط التشعبية تنظر إلى فن التيه كحافز شاعري (انظر إلى أعمال الإنترنت لكل من Jodi ، و Landsbeyond).

    إن متاهة الإنترنت تنتمي لتصنيف آخر، أي طوبولوجيا أخرى. وتحتفظ بصفات النوع الأول وكذلك النوع الثاني، إلا أنها تتجاوزهما. فنحن هنا ببصدد متاهة من النوع الجذموري (الريزومي). فالجذمور (الريزوم) يمكن الوصول له من اتجاهات مختلفة، وعن طريق أيٍّ من نقاطه، كذلك الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) WWW. والجذمور ليس له مركز واحد فقط، بل لدينا مركز في كل نقطة من نقاطه. والبعض يشير إلى الذهن على أنه مثال للمتاهة الجذمورية.

    القضية الاستعارية: الأسس النظرية
    لطالما انحصر تناول الاستعارة على الدراسة الشعرية. غير أنه، منذ سنوات قليلة ماضية، بدأ تناول هذه القضية من جديد بحماسة كبيرة، وخصوصا نظرا لما أجري من دارسات حول الذكاء الاصطناعي. والكثير من الكتاب يصوغون "الاستعارة" التي ستعكس آراءهم المتعارضة، في أغلب الأحيان.

    وبما لا يدع مجالا للشك، فقد كانت لماكس بلاك Max Black الريادة بكتابه الشهير: Models and Metaphors (النماذج والاستعارات)[2]، الذي أيد فيه قدرتها المعرفية(2).

    وتتيح الاستعارات التقريب بين عالمين ذوَيْ مجالات مغايرة.

    ووفقا لما ذكره ريكوير Ricouer في كتابه: The Rule of Metaphor: Multidisciplinary Studies of the Creation of Meaning in Language (دور الاستعارة: الدراسات متعددة التخصصات حول تشكيل المعنى في اللغة)، فإن الاستعارة هي نموذج يجعل من الممكن إعادة تصوير موضوع معين.

    وضمن الجدال الهائل، نجد خلافا بين ريكوير Ricouer و دريدا Derrida ، في كون أولهما ينظر للاستعارة باعتبارها حاملة للمعنى، وللفلسفة باعتبارها اختيارا وتطويرا لاستعارة حية وميتافيزيقية. في حين يصف دريدا، بدوره، الوظيفة الخادعة للاستعارة الميتة. وقد كان د. ديفتسن D. Davidson كذلك ممن عارض ريكوير Ricouer، حيث أنكر أن تكون للاستعارات أي معان أخرى بخلاف معانيها الحرفية(3).

    غير أننا في دراستنا، سوف نعتمد على الفرضيات التالية:
    · تطرح الاستعارة إمكانية وجود رؤية إبداعية وغير متوقعة لموضوع معين.
    · إن العلاقة الاستعارية هي دائما علاقة دائرية، أي أننا من "ب" نعرف شيئا جديدة عن "أ"، إلا أن ما نعرفه عن "ب" يتغير خلال العملية.
    · من العلاقة الاستعارية بين "أ" و "ب"، قد نستنبط "جـ"، أي المعرفة التي تتكون من خلال هذا الترابط.

    وقد تناولت الدراسات الحديثة في علوم الذهن Cognitive Sciences من جديد قضية الاستعارة، باعتبارها المحور الذي تدور حوله كل البحوث عن الرموز الذهنية، ومحور ثقافة الإنترنت.

    ويتحدث كل من هوليواك Holyoak و ثاجارد Thagard في كتابهما: “Mental Leaps: Analogy in Creative Thought” (طفرات الذهنية: التناظر في الفكر الإبداعي) [5] عن أهمية التمييز الاستعاري . ويرى الكاتبان أن الاستعارة تطرح تفاعلا بين أ "المصدر" و ب "الهدف". ويتمثل هذا التفاعل فيما يحدث لنا بعد تكوين الرابطة الاستعارية من تغير فهمنا اعتمادا على "أ" و "ب" كليهما. فالاستعارة، باعتبارها تشكل أنظمة متناظرة، لا تهتم بالتشابه ولا عقد المقارنات. فسمتها الأساسية تكمن في إيجاد تصنيف يشمل فرعي المعرفة. ولتمثيل هذه القوة والشمول، يعرض لنا الكاتبان جملتين، إحداهما استعارية، والأخرى مقارنة. فقولك "عملي سجن" أقوى بكثير من قول "عملي مثل السجن". كذلك، يشيران إلى أن الاستعارة تمثل أحد عوامل الاتصال غير المباشر والتماسك الثقافي.

    4-4 الوسائط التشعبية باعتبارها متاهة
    تقول فرضيتنا بأن المتاهة تطرح اسما وصورة لانعكاس طوبولوجيا الوسائط التشعبية. ولهذا، سيتعين علينا افتراض الطبيعة العابرة للتخصصات لعملنا من البداية.

    وفي حالتنا الخاصة، عندما نختار المتاهة كاستعارة ترمز للوسائط التشعبية، فإننا نرمي بذلك لفتح مسالك لفهم هذه الطوبولجيا الجديدة من خلال مواجهة فكرة عالمية وموغلة في القدم. ودائما ما يُنظر للمتاهة على أنها تحدٍ تجب مواجهته، ويُنظر إليها في أحيان كثيرة، على أنها صورة للتعقيد البالغ. ونظرا لكونها ثمرة تكوين منطق عقلاني، تعتبر "المتاهة ذات طبيعة إنسانية"[15].

    إن المتاهة التي تتشكل في الشبكات مثل الشبكة العالمية WWW (الإنترنت)، بمساراتها وانحرافاتها المختلفة، قد تعتبر نتيجة للتعبير عن رغبات المستخدم، والاهتمامات التي تنبثق عن فضول حاذق. وفي متاهة الشبكات، يحتاج المرء أكثر من أي وقت مضى إلى أدوات "بحث" قوية، بالإضافة إلى برنامج يسجل كل خطواته، مخلفًا آثارها. ويمكن للمرء أن يتبع بتدبر "نظرية أرياندي الحكيمة" “Theorem of Wise Ariadne”، ويحاول أن يعود لخطواته. ويمكن للمرء كذلك أن يتبنى "نظرية أرياندي المجنونة" “Theorem of Mad Ariadne”، ويحاول أن يعرف أكبر عدد من الطرق[7].

    5. الخلاصة
    "منطقة محيرة تمامًا ، شبكة من الشوارع، لطالما تجنبتها، فجأة، أصبح من الممكن لي الوصول إليها برؤية كاملة، عندما انتقلت حبيبتي إلى هناك يوما ما. وكأنما قد رُكب على نافذتها كشافا فحلل المنطقة بأشعة الضوء". والتر بنيامين Walter Benjamin

    وقد أدت تقنية الوسائط التشعبية إلى إيجاد مجال متسع كامل لاكتساب وصوغ المعرفة. ونظرا للتصميم غير الخطي لذاكرات الكمبيوتر، فإنه من الممكن قراءة النصوص الموجودة في أجزاء مختلفة من المستند، وكذلك في عناوين مختلفة.

    ومن هذا المنطلق، فإن العمل البحثي يعتمد الآن على التفاعل الحميمي الذي يطرحه الدعم المعلوماتي للنص التشعبي. إن التصوير الأيقوني للهيكل المعلوماتي وأوامره، (الذي يتوافق مع إيجاد الكتابة العالمية المتحولة التي يتحدث عنها بنيامين)، وكذلك البحث غير الخطي يوجِد وسيلة معرفية جديدة. ومما لا يدع مجالا للشك، تقدم إمكانية التركيز هذه، أي التمركز حول نقاط اهتمامنا، ضوءا يرشدنا في الطرق المحيرة.

    ونستطيع، أكثر من أي وقت مضى، أن ندعم الحوارات بين الموضوعات المختلفة، والسفر عبر الدول الاجنبية، والإبحار في مجاهل البحار. ومن خلال التواصل مع الوسائل والوثائق المختلفة، في هذه المواجهة، التي يضعها ليفي Levy ، يمكن للروابط والتأويلات الجديدة أن تكون واقعية. ويعتبر الفكر العبر تخصصي الذي يتحدث عنه إدجار مورين Edgar Morin تربة خصبة يمكن استغلالها.

    "لست مهتما بالتركيب synthesis، وإنما بالفكر العابر للتخصصات، وهو الفكر الذي لا تصدّعه الحدود بين التخصصات. ما يهمني هو الظاهرة المتعددة الأبعاد، وليس النظام الذي يحذف أحد أبعاد هذه الظاهرة. وكل ما هو إنساني، فإنه كذلك نفسي، واجتماعي، واقتصادي، وتاريخي، وديموجرافي. ومن المهم عدم الفصل بين هذه الأوجه، بل إنها بالأحرى تتلازم مع رؤية متعددة الزوايا"[9، ص35].

    وفي حين لا ننسى أنه لابد لدراسة التقنية الفكرية أن تكون مرتبطة بالتعددية، باعتبارها شبكة من الأدوات البينية منفتحة على الروابط والتحولات، فإن أنظمة الوسائط التشعبية تعتبر بالنسبة لنا مرشدا لمتاهات الشبكات، أي أنها خيط أريادني Ariadne's thread الذي يساعدنا على إيجاد ما نرجوه، أي حيواننا الأسطوري المينوطور Minotaur، وكذلك مفترق الطرق المفاجئ.


    الهوامش:
    (1) Dedalus: مشتقة من الكلمة اليونانية Dáidalos ، أي "العامل الحاذق".
    (2) وجدنا، بدافع حب الاستطلاع، خلال دراستنا للمتاهة، كتابا آخر لنفس المؤلف عن اللغات التي تستخدم فيها صورة المتاهة كحجة أثناء المجادلة. ففي كتابه، The Labyrinth of Languages (متاهة اللغات)، تحدث بلاك عن "اللغط" اللغوي، أي عدم جدوى اللغة الاصطناعية، مثل الترويج للغة "الإسبرانتو" الدوليةEsperanto . وباختصار، فقد ذكر بلاك أن المتاهة اللغوية ليس بها خيط أريادني Ariadne's thread
    (3) للاطلاع على عدد من الدراسات حول الاستعارة Metaphor، انظر كتاب س. ساكس S. Sakcks ، الذي ينسجم مع وقائع مؤتمر: “Metaphor: The Conceptual Leap” (الاستعارة: الطفرة الفكرية)، جامعة شيكاغو، 1978.


  2. #2
    أستاذ بارز الصورة الرمزية محمد أسليم
    تاريخ التسجيل
    25/09/2006
    العمر
    63
    المشاركات
    772
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    أختي العزيزة الأستاذة ياسمين مسلم،
    لك كل الشكر لسرعة الإنجاز انسجاما مع ما تم التخطيط له لدى انطلاق المشروع، لكن أيضا للترجمة الجيدة التي لن يصادف القارئ العربي صعوبة في استيعاب محتواها.
    نسخت النص ثم ألصقته في ملف وورد بغاية إدخال تعديلات تافهة جدا، منها بالخصوص:
    - التشطيب على المقابل اللاتيني لبعض المصطلحات والأسماء، بحث لا يُثبتُ إلا في أول ورود له في النص، ليبقى على القارئ تذكره. أمثلة: hypertext، Multimedia، Labyrinth، وأسماء الآلهة الإغريقية متكررة الورود في النقطة الرابعة من الدراسة.
    لبسٌ واحد قد يصادفه قارئ الفقرة الممتدة من «ويعتبر تد نلسون مبتكر النص التشعبي» إلى «يوجد مسارا للقراءة وفقا لما يهمه»، ويتمثل في الحديث عن ميمكس فانيفار بوش وكسانادو باعتبارهما إنجازين تحققا فعلا والحال أنهما مجرد مشروعين لم يريا أبدا النور. الأول عرض اقتراحه في المقال الذي ترجمه البروفيسور أحمد شفيق الخطيب (كما قد نعتقد) وتوقف الأمر هناك. والثاني، لا يعدو الأنترنت نفسه مجرد إخراج مبسط لفكرته الرامية إلى إنشاء شبه ماكدونالد معلوماتي، يمكن للمرء أن يتسوق منه ويودع فيه معلومات من أي نقطة جغرافية في العالم مع الحفظ الكامل لحقوق ملكيته الفكرية..
    باختصار، لدى قراءة الفقرة قد يفهم القارئ بأن بوش ونلسون قد أخرجا آلتيهما إلى حيز النور في حين تعلق الأمر بمجرد مشروعين لم يتحققا أبدا، والأنرتنت بشكله الحالي يبقى أصغر من أن يحقق هذين الحلمين. أقترح التصرف في الترجمة بما يُظهر هذه الفكرة.
    بخصوص مصطلح Complexity الذي سيتردد ذكره في النصين اللذين يترجمهما الأستاذ محمد حجي محمد ود. أحمد أغبال، أقترح تعريبه بـ «التركيب» بدل «التعقيد».
    أخيرا، آمل رفع نسخة الترجمة، على شكل ملف وورد، إلى مركز رفع الملفات، وإيراد رابطها هنا، لأتمكن من إدخال التعديلات البسيطة فيه على أن أعيده إلى هنا بالطريقة ذاتها
    محبتي

    [align=center]نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي[/align]

  3. #3
    أستاذ بارز الصورة الرمزية محمد أسليم
    تاريخ التسجيل
    25/09/2006
    العمر
    63
    المشاركات
    772
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    أختي العزيزة الأستاذة ياسمين مسلم،
    كما وعدتُ من قبل،
    إليك نص ترجمتك مُجددا، في نسختين: واحدة هنا وأخرى على شكل ملف وورد مرفق. مع التنويه بالجدية الفائقة التي تم التعامل بها مع هذا النص، حيث لوحظ في النسخة المُرسلة وجود عدد من الاستدراكات والتصويبات بالمقارنة مع النسخة الأولى. فكشرا لك.
    محبتي


    المتاهة بوصفها نموذجا للتركيب:
    سيموطيقيا الوسائط التشعبية

    لوسيا لياو
    ترجمة: ياسمين محمد مسلم


    نشر لأول مرة بمؤتمر COSIGN-2002 ، المنعقد في الفترة من 2-4 سبتمبر 2002، بجامعة أوجسبرج، مُحترف مفاهيم الوسائط المتعددة وتطبيقاتها، ألمانيا.

    ملخص:
    نهدف من هذا البحث إلى تناول جانبين محددين من الجوانب المتعلقة بالوسائط التشعبية، وهما: الهيكل الذي ينظم المعلومات النصية التشعبية، بالإضافة إلى مسار القراءة الذي يوجده المستخدم عند استعراض روابط الشبكة. وتقول فرضيتنا بوجود المتاهة في أنظمة الوسائط التشعبية على وجهين: الوجه الأول، والأكثر وضوحا، هو التنظيم الخاص المستخدم عند تطوير المشروع. أما الوجه الثاني الأقل وضوحا، بالرغم من عدم كونه أقل عمقا، فهو المتاهة التي يبنيها القارئ عند التعامل مع الخيارات المتاحة له في خضم سلاسل الوسائط التشعبية. ومن هذا المنطلق، سيكون بحثنا موجهًا بحيث يركز على مبدأين أو على متاهتين، وهما: المتاهة المحتملة، التي تتخذ صورة المستند المجزأ ذي "مداخل" أو "ارتباطات تشعبية" للولوج إلى مستندات أخرى، والمتاهة الحقيقية، التي يَخبُرها المستخدم عند تصفح "الفضاء التشعبي". وسوف نبدأ بحثنا بمراجعة نظرية النص التشعبي، وحتى إجمال أوجه تشابهها مع المتاهة.

    مصطلحات عامة:
    الوسائط التشعبية Hypermedia، الاستعارة Metaphor ، التناص Intertextuality

    الكلمات المفتاحية:
    الوسائط التشعبية hypermedia، الفضاء التشعبي hyperspace، الروابط links ، التفاعلية interactivity ، التأليف authorship ، القارئ reader ، التعقيد complexity ، التنظيم organization ، الاستعارة metaphor

    1. مقدمة:
    يؤدي انتشار الاختراعات الحديثة، مثل الكمبيوتر الشخصي والوسائط المتعددة والأقراص المدمجة والإنترنت، إلى وجود سلسلة من المشاكل التي يتعين مناقشتها في مجالات مختلفة من الفكر الإنساني. فقد أدى امتلاك تقنيات فكرية جديدة إلى أن أصبح من الممكن حدوث تغيرات في نشاطات متعددة من الفكر الإنساني. أي أن أثرها قد امتد لمجالات مختلفة، وتضمن مقارنات وتصنيفات جديدة، وعوامل عملية ومعرفية واجتماعية جديدة.

    2. مقدمة مختصرة عن الوسائط التشعبية:
    2. 1. السوابق التاريخية:
    النص التشعبي هو مستند رقمي في صورة نص له سمة خاصة تتمثل في أن به مجموعات مختلفة من المعلومات يمكن الرجوع إليها بطريقة تفاعلية وتكاد تكون فورية. وعموما، فإن المعلومات التي يحتويها المستند التشعبي تكون مجزأة، وعلى درجة عالية من الفهرسة، فهي مترابطة بروابط يطلق عليها "الارتباطات التشعبية" التي تسمح للمستخدم بمواصلة قراءته كيفما يروق له. ومن الممكن أن يقوم قارئ النص التشعبي بتصفح العديد من الفصول وفقًا لاهتماماته، بل ويمكنه باستخدام وسيلة "البحث" أن يستعرض كمية كبيرة من المعلومات بأكملها في غضون ثوان.

    ويُعد تد نلسون Ted Nelson مبتكر مصطلح النص التشعبي Hypertext، وكذلك صاحب مفاهيم هامة مثل "النص الممتد" “stretch text”، الذي ينبسط وينقبض بحسب الحاجة إلى المزيد من المعلومات. ويرجع الفضل لنلسون في تطوير نظام زانادو Syatem Xanadu، عام 1970، وهو نوع من المكتبات العالمية التي أتاحت تبادل المعلومات بين الناس. ولما كان نلسون مؤلفا للعديد من الأعمال عن أنظمة النصوص التشعبية، ومن بينها كتاب "الآلات الأدبية"[1]، فلا شك أنه أحد المتحمسين للتباديل الممكنة التي تقدمها هذه الأنظمة.

    إلا أنه قبل ذلك بعدة سنوات، عام 1945، عرض ڤانيڤار بوش Vannevar Bush ، أحد علماء الكمبيوتر الأوائل، المفاهيم الرئيسية للنصوص التشعبية في المستقبل في مقاله الأسطوري "كما قد نعتقد"[3]. فقد رأى أن الأنظمة التقليدية لتبادل المعلومات غير فعالة إطلاقا. أما مشروعه “Memex”، وهو الآلة التي سبقت اختراع الحاسوب الصغير microcomputer، فقد كان وسيلة قوية لتخزين البيانات بمختلف أنواعها، كما أتاح وجود روابط بين المستندات. ومن هذا المنطلق، يمكن الرجوع (للمستندات) من خلال الوصلات الترابطية، أي أن أحد العناصر يمكن أن يقود إلى عنصر آخر وهكذا، مما يسمح للمستخدم أن يوجد مسارا للقراءة وفقا لما يهمه.

    ومع نهاية ثمانينيات القرن العشرين، بدأ مصطلح الوسائط المتعددة Multimedia في الذيوع، حيث كان يُرى في أماكن بالغة الاختلاف. ومع ذلك، فإنه يمكن لهذا المصطلح اكتساب معان عديدة وفقا للسياق المستخدم فيه. فقد نستخدم مصطلح الوسائط المتعددة بمعناه العادي، أي دمج عدد من مصادر المعلومات مثل الصوت، والنصوص، والصور، والفيديو، الخ.، في تقنية مناظرة، وهي الكمبيوتر. وتضيف الوسائط التشعبية بدورها إلى تقنية الوسائط المتعددة مصادر تفاعلية، مما يتيح للمستخدم تصفح الأجزاء المختلفة للتطبيق، كيفما يروق له. وبما أن الهدف من هذا البحث هو دراسة الهيكل الذي يدعم عملية بناء الوسائط المتعددة، فإننا لن نقوم بأي تمييز بين الوسائط التشعبية والوسائط المتعددة. فمن هذا المنظور، يُعد كون أحد التطبيقات يعتمد على أنواع مختلفة من الوسائط أو لا أمرا خارج نطاق موضوعنا.

    2. 2. مناقشة نظرية حول الوسائط التشعبية:
    مدار بحثنا الوسائط التشعبية، وهي تقنية حديثة جدا. غير أن الكثير من المفاهيم المرتبطة بها قد دُرسَتْ في مجالات أخرى من الفكر الإنساني. ويشير لاندو Landow في كتابه الرائع عن النصوص التشعبية إلى بعض العلاقات بين موضوعات النقد الأدبي والخصائص الرئيسية للوسائط التشعبية[6]. إن موضوعات مثل التناص، والنص المفتوح ، واللامركزية، وتعددية الأصوات، وجميعها موضوعات وثيقة الصلة بهذه التقنية الحديثة، قد ناقشها وتناولها كتــّاب مثل دريداDerrida ورولان بارت Barthes و إمبرتو إكو Eco ، الخ. ويبدو أن الوسائط التشعبية جاءت لتحقيق معنى تقني، أي ظروف مادية وتقنية لإنجاز مشاريع شعرية معينة.

    تكمن الطبيعة التي تميز الوسائط التشعبية في إمكانية إيجاد روابط بين الوسائط المختلفة وبين مستندات أو عقد شبكة ما. وبهذا توفر الروابط بين المستندات فكرا غير خطي متعدد الأوجه. وقارئ الوسائط التشعبية قارئ نشط، دائما ما يوجـِد علاقاته الخاصة بين الطرق المختلفة التي يتيح له النص التشعبي التحرك خلالها. ولما كانت الوسائط المتعددة متاهة تزار، فإنها تعدنا بمسالك مفاجئة ومجهولة.

    كذلك من الضروري الإشارة إلى أمر يرتبط بخصوصية النص التشعبي، ألا وهو السرعة. فإنه لأمر مختلف تماما أن تصل لكتاب أو صورة أو مرجع آخر بمجرد نقرة. فمثل هذه المهام عادة ما تستغرق وقتا أطول. فمن خلال المسارات المعلوماتية، يمكن اليوم التواصل مع أناس تفصل بيننا وبينهم مسافات جغرافية شاسعة، والرجوع إلى أي كتاب في 2000 مكتبة، على مدار الساعة.

    2. 2. 1. العلامة الفارقة: التفاعلية
    من المهم أن نبدأ هذا الجزء بتذكير القارئ بأن مفهوم التفاعلية قديم جدا. ومن الناحية النظرية، فإن كل قطعة فنية جيدة تحمل هذه الإمكانية التفاعلية على المستوى الميتافيزيقي. إلا أننا، بدخول التقنيات الحديثة، أصبح لدينا تركيز أكبر على نوعية معينة من التفاعل. وفي الحالة الخاصة للوسائط التشعبية، يمكن الإشارة إلى أن العمل في حد ذاته يصبح قطعة فنية فقط منذ اللحظة التي يستمتع به القارئ.

    ومن ثم يصبح فعل القراءة عنصرًا بناءً في العمل. وفي تعليق دافيد روكباي David Rokeby على عمله "مرايا التحول: التفاعل بوصفه طريقة للتعبير الفني"، عبّر عن هذا بصورة مثيرة للاهتمام عند تناوله لصورة المرآة. فهو يرى أن التفاعلية تبرز في اللحظة التي تعكس لنا قطعة فنية آثارَ عملنا وقراراتنا. ومن ثم تتوافر لنا إمكانية التواصل مع "ذاتنا"، وهي ما سبق معالجتها وتحويلها بالتواصل مع التقنية التفاعلية. وبهذه الطريقة، فإن المفهوم الأهم في الفن التفاعلي يتولد من استكشاف المعنى الذي ينبثق عن التوتر القائم بين الجزء التفاعلي (أو القارئ) وانعكاس ذاته. فهذه القطعة الفنية تئول إليه من الخبرة[13].

    وقد أشار كُتّاب آخرون، مثل فرانك بوبر Frank Popper ، إلى أهمية الطبيعة التفاعلية في الحوسبة الرسومية ، والتي تضفي عليها أريجا خاصا. ويمكن الاعتماد على هذه العلامة الفارقة في الوسائط التشعبية حيث إنها تمثل أداة بينية بين عقد الشبكة وخيارات القارئ[11]. وهو ما يقودنا، مع ذلك، لسؤال جديد نتناوله فيما يلي.

    2. 2. 2. مسألة التأليف:
    يُعَد التأليف، بدوره مفهوما معقدا نوعا ما عندما نتحدث عن الوسائط التشعبية. ومن الضروري أن نتذكر أنه عادة ما تعمل فرق عمل كبيرة لإنجاز تطبيق على قرص مدمج. غير أنه في أكثر الوسائط التشعبية حيوية، والتي تنفّذ على الشبكة العالمية WWW ، لدينا مثال يصبح فيه مصطلح التأليف غير مناسب تماما؛ حيث إننا في كل عقدة من الشبكة نتصل بنقطة طورها فريق ما، وفي الدقيقة التالية، نصبح في نقطة مختلفة طورها فريق آخر، وهكذا. وقد ذكر بعض المفكرين أن الوسائط التشعبية تمثل نهاية عصر التأليف. فقد تحدث لاندو Landow عن إعادة تعريف المؤلف الذي يعاني حاليا من "تلاشي الذات" مع تحول حق التأليف إلى القارئ الذي يتاح أمامه في هذا التنظيم سلسلة من الخيارات[6].

    بل ولابد من تأمل طريقة عرض الأفكار. فمثلا، لم يعد مؤلف عمل ما من الوسائط التشعبية بحاجة إلى عرض مسار للمناقشة . ويظهر العرض، أي فرضية الباحث، فقط في وضع حدود للإدراج أو الاستبعاد أو كليهما.

    2. 2. 3. القارئ النشط:
    إن مفهوم النص المرن يتطلب قارئا نشطا ويوجِده. "وسيكون من الضروري وجود أشكال جديدة من التصفح الذهني؛ حتى يمكن للمرء إعادة مواجهة نفسه في المتاهات المعلوماتية في التجديد المتواصل"[12]. إن كل قارئ في أنظمة النصوص التشعبية يُعَد كذلك مؤلفا لما يقرأه.

    نتحدث عن القراء النشطين، والكتاب الدائمين، والأعمال المتغيرة باستمرار. ولعلنا ندرس مسألة التفريق التقليدي بين الفاعل والمفعول، أكثر من أي وقت مضى.

    وقد قام بيار ليفي Pierre Levy بتذويب هذا التقسيم المانوي Manicheanism بطريقة مثيرة للاهتمام جدا عندما خطط لبرنامج علم البيئة المعرفي. وإذا تناولنا الذكاء، أو المعرفة، بوصفها نتيجة لتعقد الشبكات التي يتفاعل فيها عدد كبير من الفاعلين (بشري، وبيولوجي، وتقني)، فإن سيناريو التفاعلات يتيح قراءة أكثر تعقيدا. وتتيح لنا أنظمة الوسائط التشعبية أن نؤسس نموذجا من الإمكانات النظرية.

    3. تنظيم التركيـب:
    تقدم أنظمة الوسائط التشعبية مثالا رائعا على نموذج التعقيد. وسوف نستخدم مصطلح التعقيد كما وصفه موران Morin على أنه شيء ما منسوج ككل[9]. ويمكن تعريف النسيج "المركب" على أنه يشكل لعبة دائرية تقترن فيها ثنائيات التنظيم/الفوضى، والصدفة/القصد، والتفاعل/التخاذل بطريقة لانهائية وتلقائية.

    ومن ثم، ففي مفهوم التعقيد، لا يمكن للمرء أن يدرج كلمة "بسيط". وهذه هي أهم المفارقات التي يمكن ملاحظتها في أنظمة الوسائط التشعبية. فيجب أن يعتمد تكوين كل عقدة في الشبكة، وكل "صفحة رئيسة" “home page” ، وكل صفحة بأسطوانة مدمجة على مبادئ الوضوح، والترابط، والدقة، والتنظيم، والإحكام. ومن هذا المنطلق، تعد البساطة والوضوح من العناصر التأسيسية، أي الجسور المؤدية إلى المزيد من التعقيد.

    والواقع أن أنظمة الوسائط التشعبية تقدم صياغة للتعقيد وتنظيما له.

    وقد نقول إنه لا يمكن تنفيذ الوسائط التشعبية إلا عند توافر التفاعل بين الأزواج المقترنة.

    أي أن:
    • النظام المعقد في أنظمة الوسائط التشعبية لا يوجد إلا إذا وجد ترابط بين التنظيم والفوضى.
    • التعقيد يوجد إذا ما وجدت البساطة.
    • الخيارات العشوائية في الجزء التفاعلي لا تعمل إلا إذا تمت برمجة النظام مسبقا بما يحدد الارتباطات الممكنة بنقاط محددة.
    • البحث والدراسة غير المتسلسلين لا يمكنان إلا بوجود عمل مسبق يتحتم كونه متسلسلا.
    • هذا صحيح أيضا فيما يتعلق بالمسار الحر الإبداعي المنساب. ومن الضروري توافر الدقة، والإحكام، والخضوع للمعايير.
    • مرونة أنظمة النصوص التشعبية، أي قدرتها على التوسع والتفاعل، ترتبط مباشرة ببناء كتل تركيبية متماسكة متينة.
    • وأخيرا السمة شديدة الوضوح المتمثلة في أن المستخدم يستطيع القيام بحركته التخيلية خلال مختلف المواقع إذا وجدت حالة سكون بالجلوس أمام الآلة (جهاز الكمبيوتر).

    ومن ثم، فإننا في التكامل التنظيمي بين (التنظيم والفوضى)، و(البساطة والتعقيد)، و(العشوائية والقصد)، و(التسلسل وعدم التسلسل)، و(الإحكام والحرية)، و(التجمد والمرونة)، و(الحركة والسكون)، يمكن أن نرى جانب التعقيد الذي توجده الوسائط التشعبية.

    وأحد أهم المشاكل المنهجية التي لابد من أن نواجهها عند العمل في الأنظمة هي خطر محاولة تحليلها. فيجب فهم الأنظمة بوصفها كلا واحدا يتشكل ويوجد كما هو. وبهذه الطريقة، يكون اختزالها في عناصرها الأولية، أي تحليلها، أشبه بالتوقف عن إدراكها كنظام.

    وقد كان أحد المفاهيم الأخرى الهامة جدا في دراستنا هو التنظيم.

    ويرتبط التنظيم في حد ذاته بفكرة النظام. فكل ارتباط، أي كل رابط تشعبي، يقوم في نفس الوقت بالربط والتحويل والنقل.

    ومن جديد، نتعامل مع مفهوم دسم كأقصى ما يكون. وفي دسامته، يمكن أن نرى التنظيم والفوضى. وعندما يقوم النظام بإيجاد تفاعل بين التنظيم والفوضى في داخله، فإنه يصبح معقدا أكثر وأكثر. ويمكن ملاحظة هذه الظاهرة بسهولة في مسارات قراءة النصوص التشعبية. ولنفترض وجود قارئ نشط جدا، يرسم حركة معقدة نوعا ما عند الانتقال من رابط على الشبكة إلى رابط آخر. وبالرغم من عدم تنظيم المسار، أي تعقد المسار، فإنه يوجد تنظيم خفي. ويمكن إيجاد هذا التنظيم بأمر "التأريخ" “history” الذي يعيد عرض المسار بأكمله.

    وبهذه الطريقة سنحاول ابتكار مفاهيم التنظيم والتعقيد في الأنظمة بوصفها مسارا دائريا لانهائيا.

    3. 1. التنظيمات المركزية واللامركزية ومتعددة المراكز
    حتى يمكن للتعقيد القائم في أنظمة الوسائط التشعبية أن يكون صالحا للاستخدام وواقعيا، لابد أن ينظر إليه كنظام واحد. فعندما نتحدث عن الوسائط التشعبية نكون بصدد تناول العلاقات المتبادلة، ومن شأن هذا التنظيم أن يجعل من الممكن توافر هذه العلاقات.

    إن التنظيم سيجعل من الممكن وجود:
    • افتتاح للنظام اختتام له
    • التنسيق المتسلسل وغير المتسلسل
    • الروابط العشوائية وسابقة التحديد
    • تسجيل المسار واسترجاعه

    يتصف تنظيم أنظمة الوسائط التشعبية بكونه متعدد المراكز. فإذا قمنا، على سبيل المثال، بتحليل الوسائط التشعبية على الشبكة العالمية WWW ، سنجد أن: كل موقع يمثل مركزا في حد ذاته. ونعود فنقول، إن تعقد النظام في مجمله هو ما يوجد تنظيم العقدة وقوانينها. إلا أنه علاوة على ذلك، قد يقول المرء بأن مركز الإنترنت يوجد في كل مكان، وغير محدد بمكان بعينه، الأمر الذي يقودنا إلى تعريف النظام المركزي.

    وفي حالة تطبيقات الأقراص المدمجة، يمكن أن نرى عددا من التصنيفات. فقد نقول بوجود عناوين متعددة المراكز وأخرى لامركزية، وإنه في معظم الأحوال التي يحدث فيها نقل إلكتروني للمادة الموجودة مسبقا بصورة مطبوعة (ورقية)، نرى استمرار هيمنة الصفة المركزية والخطية.

    وبإعادة النظر إلى الشبكات، نجد أن كون المركز موجودا في كل مكان وغير محدد بمكان بعينه يجعل الخصائص اللامركزية ومتعددة المراكز ترتبط تلقائيا. ونظرا لأن كامل التنظيم اللامركزي يحكمه رد مواضع حوسبية معينة، فإن ما لدينا هنا هو نظام متعدد المراكز. غير أننا أثناء تأصيل ذلك، قد نخلص إلى أن كل نظام لامركزي هو كذلك نظام متعدد المراكز، والعكس صحيح.

    ومن بين الحالات المثيرة للاهتمام، تلك المتعلقة بعقلنا. فقد استمر الاعتقاد لفترة طويلة بأن الجهاز المخي العصبي هو المركز المنظم والمهيمن في الكائنات الحية الفقارية. وكان من المعتقد أن التنظيم القائم في هذه الحيوانات يعتمد على نظام تسلسل هرمي. وكاستثناء في عالم الكائنات الحية الذي تغلب عليه التنظيمات التي تتخذ شكلا لامركزيا ومتعدد المراكز، كان ينظر إلى التنظيم المركزي على أنه أحد أشكال التطور. غير أننا نعرف اليوم حقيقة أننا نتعامل مع مستوى أكبر من التعقيد وأن وراء هذه المركزية الظاهرة، توجد في الوقت نفسه لامركزيات ومركزيات متعددة. ومن ثم، ينظر إلى عقلنا كمركز واحد بين المراكز الموجودة بنظام متعدد المراكز، والتي يتسم بدوره بأنه غالبا ما يكون لامركزي التعقيد.

    بهذا نحاول الخلوص إلى أن كلا من المركزية، واللامركزية، والتعددية المركزية إنما هي عناصر يمكن التعبير عنها من خلال التعقيد المتزايد. ولا يستثني هذا التعقيد صفة أو أخرى، بل يسمح بوجود ترابط بين النظام ككل، من خلال التبادل والحوار بين المراكز الداخلية.

    4. الوسائط التشعبية والمتاهة Labyrinth
    "تغرينا المتاهة بالتأويلات، وتؤدي تقاطعات الطرق المتضافرة، والممرات المتشعبة بالمؤوِّل إلى ألف طريق وطريق" مارسيل ديتيان Marcel Detienne [4].

    4. 1. المتاهة والحيوان الأسطوري المينوطور: الأسطورة المعدلة
    كانت المتاهة (Labyrinth)، وهي منبثقة عن الكلمة اليونانية Labyrinthos، تمثل بناء بالغ التعقيد في جزيرة كريت. فمن المحتمل أن أصل الكلمة هو Caria أو Lydia، ويرجع إلى كلمة Labrys التي تعني الفأس ذا الشفرتين. وبإمكاننا استخلاص علاقتين: فللفأس ذات الشفرتين دلالة دينية في كونه موجودا في النقوش الصخرية والأعمدة الموجودة في آثار الفترة المينوية Minoic. والفأس الذي يقطع في مكانين مختلفين يرتبط كذلك بالمسارات المنقسمة في المتاهة.

    فوفقا للأسطورة اليونانية، يتلقى الملك مَينس Minos من بوسيدن Poseidon إله البحر ثورا رائعا كهدية. غير أن إله البحار يريد هذا الحيوان أن يُقدم قربانا له. ويرفض مَينس إعادته. وكعقاب له، تقوم أفروديت Aphrodite ربة الحب والجمال بالتدخل بحيث تجعل الملكة باسيفائي Pasiphaë (زوجة مَينس) تقع في حب شغوف بالثيران. ومن هذا الارتباط، يخرج وحش فظيع هو المينوطور Minotaur، نصفه إنسان ونصفه الآخر ثور. ولستر هذا العار الذي أصاب مَينس، يقوم الحرفي ديدالوس Dedalus بصنع المتاهة (1).

    وباعتبار ديدالوس أثينيا أسطوريا وابنا لمِتِن Metinَ وسليلا لهِفستو Hefesto إله النار الحداد، فقد كان من المهارة بحيث قيل إن تماثيله كانت تتحرك. وفي أثينا، يرتكب ديدالوس جريمة بسبب الحسد. فقد اخترع ابن أخيه تالوس Talos المنشار، وعجلة صناعة الفخار. وكنتيجة لما انتاب ديدالوس من خوف من أن يغلبه نجاح تالوس، يلقي به من أعلى الصخرة. ثم يهرب إلى جزيرة كريت. وتتسم مواقفه دائما بالمفارقة، فنتيجة لعمله استطاعت باسيفائي ممارسة حبها للثيران. ولما كان ديدالوس هو باني المتاهة، يقوم بتعليم أريادني Ariadne طريقة ليستطيع بها تِسو Teseu الخروج. وكعقاب لـديدالوس، سيعْلق هو وابنه إيكارو Icaro في المتاهة.

    4. 2. طوبولوجيا المتاهة
    المتاهات صورٌ استمرت في تاريخ الإنسانية منذ آلاف السنين. وهذه الاستمرارية الممتدة والمتواصلة والمتحورة تكشف لنا عن قضايا عميقة في الفكر الإنساني. فالمتاهات تعتبر رموزا للتعقيد على نحو أكثر مما اعتدنا إدراكه. فالجاذبية العظمى للمتاهات قد تكمن في اتسامها بالمفارقة، وفي أن كلا منها يقترح، بطريقته الخاصة، منطقا نقيضا ومختلفا.

    وعندما يتحدث المرء عن المتاهات، فمن الجيد أن يذكر أنه، بالإضافة إلى البـِنى البشرية، توجد كذلك متاهات طبيعية. ومن بينها المغارات والكهوف ذات الممرات الضيقة التي تؤدي بنا إلى صعوبات متعاقبة. أما القواقع، التي تمثل صورة دالة على الفكرة اللولبية، فهي مصدر خصب آخر لأحلام اليقظة. كذلك الزهور وتكويناتها الزخرفية، والأوراق، والجذور، والجذامير (الريزومات)، إنما هي متاهات طبيعية. وتوجد المتاهة في جسمنا، في الكثير من الأعضاء مثل المخ، والأذن الداخلية، بل وبصمة الإصبع، التي تمثل الدلالة الفريدة على هويتنا.

    ونجد صورة المتاهة في فترات عديدة من حياة البشر. ومن بين أقدم الرموز التصويرية تلك التي ترجع إلى العصر الحجري الحديث، التي وجدت بكهف فالكامونيا Valcamonia ، بإيطاليا. ومن بين المتاهات الضاربة في القِدم، المصرية منها (التي تحطمت تماما، والتي قام عالم الآثار الإنجليزي فليندريس بيتري Flindres Petrie، عام 1888، بترميم تصميمها الأصلي)، وكذلك بعضها كان في جزيرة كريت (وتخلده الحكايات الأسطورية لتيسيوس Theseus، وأريادني Ariadne، والوحش مينوطور).
    وقد تغير معنى المتاهة بمرور الزمن. ففي الحالة المصرية لدينا بناء مهيب فخم، بوصفهه المكان المخصص لحماية المقدسات. وقد كانت المتاهة المصرية في ذات الوقت تمثيلا مقدسًا وتذكاريًا لسطوة الفراعنة والطبقة الكهنوتية.
    وفي المقابل، فإن المتاهة في جزيرة كريت هي سجن وملجأ للوحوش. ونجد ما يدور حول هذه الفكرة في الكوابيس التي تصنع الظلام والدهاليز المتعرجة، بحيث نواجه تحديا مزدوجا متمثلا في إيجاد المسار الصحيح وقتل الوحش.
    غير أن المتاهات المتشكلة في الحدائق تطرح علينا قضية أخرى ومنطقا آخر. ففي حالة متاهة فيرساي Versailles مثلا، لم تكن هذه الفكرة لتثير لدى الزوار التساؤل أو الحيرة أو البلبلة. فقد كان الدافع وراء تصميم المهندس المعماري لمماشي الحديقة هو تسلية الناس. ولتأكيد هذه الطبيعة المرحة، فقد وضع بين أصص الزهور تماثيل تصور مشاهد من حكايات إيسوب Aesop.
    ومن ثم، فمن المستحيل التفكير في مفهوم جامع شامل يمكن من خلاله تعريف المتاهة في كلمة واحدة. إن التعريف الكلاسيكي للمتاهة على أنها بناء وعر ومعقد يفقد السائر فيه غالبا إحساسه بالاتجاه ويواجه صعوبات للوصول إلى المركز إنما هو تعريف ينطبق على نوع واحد من المتاهة، ويقلص من التعقيد الذي تتضمنه هذه الفكرة.
    ولنـَدْرس الحالة التي يكون فيها الحاج غير مضطر لمواجهة أي شكوك أو تساؤلات حول المسار الذي عليه اتخاذه: ونعني المتاهات على أراضي كنائس العصور الوسطى، مثل كاتدرائيات مدينتي شارت Chartres وآمينز Amien. يمكن القول بأن هذه المتاهات لا تطرح أي مشكلة بشأن اتخاذ القرار، حيث إن مساراتها تقدم خيارا واحدا وحسب للسير فيها، بدون أي تفرعات. ويختلف هذا النوع من التصميم عن المتاهات المعقدة في أنه لا يطرح أي تقسيم في مساره. ومن ثم، فالمتاهات ذات المسار الواحد لا تقدم للزائر أي اختيار حر. وبما أنه لا يوجد مسار يُفترض اختياره، فإنه لا يوجد احتمالُ أن يتوه الزائر، فعليه فقط اتباع الدورانات، بالداخل والخارج، كما أوجدها المهندس المعماري. إلا أن لهذه التصميمات الجميلة معنى روحيا لدى المؤمن. فهي أكثر من مجرد تصميمات زخرفية: فذاك الذي يسير بهذه المتاهات لأول مرة، وهو يُصَلي، يحاول أن يصل إلى حالة عليا من التركيز الذهني. فالسير في هذه المتاهات إنما هو بحث عن المكان المقدس، أي أنه بديل للحج إلى الأرض المقدسة.

    ووفقا لرأينا حول تفسير طوبولوجيا المتاهة، فإن هذا النوع من المتاهة سيكون النوع الأول: أي بدون مفترقات طرق، ويطلق عليه كذلك المتاهة ذات المسار الواحد.

    أما النوع الثاني من المتاهة، ولعله الأكثر انتشارا في القصص والأساطير، فهو المتاهة المتشعبة الطرق. لن أستغرق وقتا طويلا في دراسة هذا النوع، حيث كان موضوع دراسة شاملة في كتابي السابق. غير أننا سنتناول بعض النقاط المتعلقة بنقاشنا الحالي. ففي المتاهات متشعبة الطرق، يعَد استخدام خطط من قبيل حصى القزم Hop o' My Thumb ، أو الخيط المرشد (خيط أريادني Ariadne's thread) لتيسير الطريق بالغ الأهمية لأولئك الذين يريدون ألا يضلوا الطريق. ومع ذلك فينبغي أن نذكر أن الكثير من الأعمال الإبداعية في الوسائط التشعبية تنظر إلى فن التيه كحافز شاعري (انظر أعمال الإنترنت لكل من Jodi و Landsbeyond).

    تنتمي متاهة الإنترنت إلى تصنيف آخر، أي طوبولوجيا أخرى، وتحتفظ بصفات النوع الأول وكذلك النوع الثاني، إلا أنها تتجاوزهما. نحن هنا ببصدد متاهة من النوع الجذموري (الريزومي). فالجذمور (الريزوم) يمكن الوصول إليه من اتجاهات مختلفة، وعن طريق أيٍّ من نقاطه، كذلك الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) WWW. والجذمور ليس له مركز واحد فقط، بل لدينا مركز في كل نقطة من نقاطه. والبعض يشير إلى الذهن على أنه مثال للمتاهة الجذمورية.

    4. 3. القضية الاستعارية: الأسس النظرية
    لطالما انحصر تناول الاستعارة في الدراسة الشعرية. غير أنه، منذ سنوات قليلة ماضية، بدأ تناول هذه القضية من جديد بحماسة كبيرة، وخصوصا نظرا لما أجري من دارسات حول الذكاء الاصطناعي. والكثير من الكتاب يصوغون "الاستعارة" التي ستعكس آراءهم المتعارضة، في أغلب الأحيان.

    وبما لا يدع مجالا للشك، فقد كانت لماكس بلاك Max Black الريادة بكتابه الشهير: Models and Metaphors (النماذج والاستعارات)[2]، الذي أيد فيه قدرتها المعرفية(2).

    وتتيح الاستعارات التقريب بين عالمين ذوَيْ مجالات مغايرة.

    ووفقا لما ذكره ريكور Ricoeur في كتابه « دور الاستعارة: الدراسات متعددة التخصصات حول تشكيل المعنى في اللغة» (The Rule of Metaphor: Multidisciplinary Studies of the Creation of Meaning in Language)، فإن الاستعارة هي نموذج يجعل من الممكن إعادة تصوير موضوع معين.

    وضمن الجدال الهائل، نجد خلافا بين ريكور ودريدا Derrida في كون أولهما ينظر للاستعارة بوصفها حاملة للمعنى وللفلسفة بوصفها اختيارا وتطويرا لاستعارة حية وميتافيزيقية في حين يصف الثاني بدوره الوظيفة الخادعة للاستعارة الميتة. وقد كان د. ديفتسن D. Davidson كذلك ممن عارضوا ريكور، حيث أنكر أن تكون للاستعارات أي معان أخرى بخلاف معانيها الحرفية(3).

    غير أننا في دراستنا، سوف نعتمد على الفرضيات التالية:
    • تطرح الاستعارة إمكانية وجود رؤية إبداعية وغير متوقعة لموضوع معين.
    • العلاقة الاستعارية تكون دائما علاقة دائرية، أي أننا من "ب" نعرف شيئا جديدا عن "أ"، إلا أن ما نعرفه عن "ب" يتغير خلال العملية.
    • من العلاقة الاستعارية بين "أ" و "ب"، قد نستنبط "جـ"، أي المعرفة التي تتكون من خلال هذا الترابط.

    وقد تناولت الدراسات الحديثة في العلوم المعرفية Cognitive Sciences من جديد قضية الاستعارة باعتبارها المحور الذي تدور حوله كل البحوث حول الرموز الذهنية ومحور ثقافة الإنترنت.

    ويتحدث كل من هوليواك Holyoak و ثاجارد Thagard في كتابهما: “Mental Leaps: Analogy in Creative Thought” (طفرات الذهنية: التناظر في الفكر الإبداعي) [5] عن أهمية التمييز الاستعاري . ويرى الكاتبان أن الاستعارة تطرح تفاعلا بين أ "المصدر" و ب "الهدف". ويتمثل هذا التفاعل فيما يحدث لنا بعد تكوين الرابطة الاستعارية من تغير فهمنا اعتمادا على "أ" و"ب" كليهما. فالاستعارة، بوصفها تشكل أنظمة متناظرة، لا تهتم بالتشابه ولا بعقد المقارنات. سمتها الأساسية تكمن في إيجاد تصنيف يشمل فرعي المعرفة. ولتمثيل هذه القوة والشمول، يعرض لنا الكاتبان جملتين، إحداهما استعارية والأخرى مقارنة؛ فقولك "عملي سجن" أقوى بكثير من قول "عملي مثل السجن". كذلك، يشيران إلى أن الاستعارة تمثل أحد عوامل الاتصال غير المباشر والتماسك الثقافي.

    4. 4. الوسائط التشعبية بوصفها متاهة
    تقول فرضيتنا إن المتاهة تطرح اسما وصورة لانعكاس طوبولوجيا الوسائط التشعبية، ولهذا يتعين علينا من البداية افتراض الطبيعة العابرة للتخصصات لعملنا.

    عندما نختار المتاهة كاستعارة ترمز للوسائط التشعبية، فإننا نرمي بذلك لفتح مسالك لفهم هذه الطوبولجيا الجديدة من خلال مواجهة فكرة عالمية وموغلة في القدم. ودائما ما يُنظر للمتاهة على أنها تحدٍ تجب مواجهته، ويُنظر إليها في أحيان كثيرة، على أنها صورة للتعقيد البالغ. ونظرا لكونها ثمرة تكوين منطق عقلاني، تعتبر "المتاهة ذات طبيعة إنسانية"[15].

    إن المتاهة التي تتشكل في الشبكات مثل الشبكة العالمية WWW (الإنترنت)، بمساراتها وانحرافاتها المختلفة، قد تعَد نتيجة للتعبير عن رغبات المستخدم، والاهتمامات التي تنبثق عن فضول حاذق. وفي متاهة الشبكات، يحتاج المرء أكثر من أي وقت مضى إلى أدوات "بحث" قوية، بالإضافة إلى برنامج يسجل كل خطواته، مخلفًا آثارها. ويمكن للمرء أن يتبع بتدبر "نظرية أرياندي الحكيمة" “Theorem of Wise Ariadne”، ويحاول أن يعود لخطواته. ويمكن للمرء كذلك أن يتبنى "نظرية أرياندي المجنونة" “Theorem of Mad Ariadne”، ويحاول أن يعرف أكبر عدد من الطرق[7].

    5. خلاصة
    "منطقة محيرة تمامًا ، شبكة من الشوارع، لطالما تجنبتها، فجأة، أصبح من الممكن لي الوصول إليها برؤية كاملة، عندما انتقلت حبيبتي إلى هناك يوما ما. وكأنما قد رُكب على نافذتها كشاف فحلل المنطقة بأشعة الضوء". والتر بنيامين Walter Benjamin

    لقد أدت تقنية الوسائط التشعبية إلى إيجاد مجال متسع كامل لاكتساب المعرفة وصوغها. ونظرا للتصميم غير الخطي لذاكرات الكمبيوتر، فإنه من الممكن قراءة النصوص الموجودة في أجزاء مختلفة من المستند، وكذلك في عناوين مختلفة.

    ومن هذا المنطلق، فإن العمل البحثي يعتمد الآن على التفاعل الحميمي الذي يطرحه الدعم المعلوماتي للنص التشعبي. إن التصوير الأيقوني للهيكل المعلوماتي وأوامره، (الذي يتوافق مع إيجاد الكتابة العالمية المتحولة التي يتحدث عنها بنيامين)، وكذلك البحث غير الخطي يوجِد وسيلة معرفية جديدة. ومما لا يدع مجالا للشك، تقدم إمكانية التركيز هذه، أي التمركز حول نقاط اهتمامنا، ضوءا يرشدنا في الطرق المحيرة.

    ونستطيع، أكثر من أي وقت مضى، أن ندعم الحوارات بين الموضوعات المختلفة، والسفر عبر الدول الأجنبية، والإبحار في مجاهل البحار. ومن خلال التواصل مع الوسائل والوثائق المختلفة، في هذه المواجهة، التي يضعها بيير ليفي، يمكن للروابط والتأويلات الجديدة أن تكون واقعية. ويعد الفكر عبر التخصصي الذي يتحدث عنه إدجار موران تربة خصبة يمكن استغلالها.

    "لست مهتما بالتركيب synthesis، وإنما بالفكر العابر للتخصصات، وهو الفكر الذي لا تصدّعه الحدود بين التخصصات. ما يهمني هو الظاهرة المتعددة الأبعاد، وليس النظام الذي يحذف أحد أبعاد هذه الظاهرة. وكل ما هو إنساني، فإنه كذلك نفسي واجتماعي واقتصادي وتاريخي وديموغرافي. ومن المهم عدم الفصل بين هذه الأوجه، بل إنها بالأحرى تتلازم مع رؤية متعددة الزوايا"[9، ص35].

    وفي حين لا ننسى أنه لابد لدراسة التقنية الفكرية أن تكون مرتبطة بالتعددية، بوصفها شبكة من الأدوات البينية منفتحة على الروابط والتحولات، فإن أنظمة الوسائط التشعبية تعَد بالنسبة لنا مرشدا لمتاهات الشبكات، أي أنها خيط أريادني Ariadne's thread الذي يساعدنا على إيجاد ما نرجوه، أي حيواننا الأسطوري المينوطور Minotaur، وكذلك مفترق الطرق المفاجئ.
    ---------
    هوامـش
    (1) Dedalus: مشتقة من الكلمة اليونانية Dáidalos ، أي "العامل الحاذق".
    (2) وجدنا، بدافع حب الاستطلاع، خلال دراستنا للمتاهة، كتابا آخر لنفس المؤلف عن اللغات التي تستخدم فيها صورة المتاهة كحجة أثناء المجادلة. ففي كتابه، The Labyrinth of Languages (متاهة اللغات)، تحدث بلاك Black عن "اللغط" اللغوي، أي عدم جدوى اللغة الاصطناعية، مثل الترويج للغة "الإسبرانتو" الدوليةEsperanto . وباختصار، فقد ذكر بلاك أن المتاهة اللغوية ليس بها خيط أريادني Ariadne's thread
    (3) للاطلاع على عدد من الدراسات حول الاستعارة، انظر كتاب س. ساكس S. Sakcks [16]، الذي ينسجم مع وقائع مؤتمر: “Metaphor: The Conceptual Leap” (الاستعارة: الطفرة الفكرية)، جامعة شيكاغو، 1978.


    6. REFERENCES

    [1] Bernstein M. Patterns of hypertext. in Proceedings of the ninth ACM conference on Hypertext and hypermedia: Hypertext98, pp 21-29, 1998.
    [2] Black, Max. Models and Metaphors. Ithaca, Cornell Univ. Press, 1962.
    [3] Bush, V. “As we may think”, Atlantic Monthly, 176 (1): 101-108, jul. 1945.
    [4] Detienne, Marcel. A escrita de Orfeu. Rio de Janeiro, Jorge Zahar, 1991.
    [5] Holyoak, K.J. e P. Thagard. Mental Leaps- Analogy in Creative Thought. Cambridge, MIT Press, 1995.
    [6] Landow, G. Hypertext: the Convergence of Contemporary Critical Theory and Technology. Baltimore, John Hopkins Univ. Press, 1992.
    [7] Leão, Lucia. O labirinto da hipermídia. Arquitetura e navegação no ciberespaço. São Paulo, Iluminuras, 1999.
    [8] Leão, Lucia. Labirintos do pensamento contemporâneo. São Paulo, Iluminuras, 2002. [9] Morin, E. Introdução ao Pensamento Complexo, Lisboa, Piaget, 1991.
    [10] Nelson, T. Literary Machines. Swarthmore, Pa, 1981.
    [11] Popper, F. Art of the Electronic Age. New York, Harry N. Abrams,1993.
    [12] Quéau, Philippe. "O Tempo Virtual", Imagem máquina: A era das tecnologias do virtual, (André Parente, org.). Rio de Janeiro, Ed.34, 1993.
    [13] Rokeby, David. “Espelhos transformadores”. A arte no século XXI. (Diana Domingues, ed.). São Paulo, UNESP, 1997.
    [14] Rosenberg, J. The Structure of Hypertext Activity. HT `96 Proc. New York: ACM, pp. 22-30, 1996.
    [15] Rosenstiehl, P. “Labirinto”, Enciclopédia Einaudi, v.13, Lَgica - Combinatَria. Imprensa Nacional - Casa da Moeda, 1988.
    [16] S. Sacks, “On Metaphor”, Metaphor: The Conceptual Leap, University of Chicago, 1978.
    [17] Santaella, L. and Winfried Nöth. Imagem, cognição, semiótica, mídia. São Paulo, Iluminuras, 1998.
    [18] Santaella, L. Matrizes da linguagem e pensamento. São Paulo, Iluminuras, 2001.
    [19] Schilit, Bill N., Morgan N. Price, Gene Golovchinsky, Kei Tanaka, and Cathy C. Marshall. As We May Read: The Reading Appliance Revolution. Computer, Vol. 32, No. 1, January 1999, pp. 65-73.


    [align=center]نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي[/align]

  4. #4
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    07/10/2006
    المشاركات
    317
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    السلام عليكم
    أستاذنا الكريم/ الدكتور محمد أسليم
    خالص شكري وتقديري لحضرتك ولمجهودك

    وأود الإشارة إلى أنني إثر انتهائي من الترجمة، راسلت أستاذنا الكريم/ الأستاذ الدكتور أحمد شفيق الخطيب، أستسمحه في مراجعة الترجمة الواردة في المشاركة رقم 1، فقبل ذلك بصدر رحب، وراسلني في غضون أيام قليلية بالغالبية العظمى من التصويبات التي أجريت على الترجمة، كما وردت في النسخة التي راسلت حضرتك بها، فله خالص شكري واحترامي العميق. وجزاه الله خيرا.

    لا أنسى كذلك الإشارة إلى تعاون الكثير من الأساتذة الأفاضل من خلال منتدى "ترجمة كلمة" في اقتراح المقابلات المناسبة لبعض المصطلحات الواردة، على الرغم من أنهم لم يعرفوا أنها ضمن مشروعنا، فلهم خالص الشكر.

    فيما يتعلق بما رأيت حضرتك من وجود لبس في الفقرتين اللتين تفضلت بالإشارة إليهما، أحب أن أسمع اقتراح حضرتك، وكذلك اقتراح أستاذنا، الأستاذ الدكتور أحمد الخطيب، في هذا الصدد.

    من جهة أخرى كان الأستاذ الدكتور أحمد الخطيب قد أشار فيما أشار إلى أفضلية وجود حاشية مرتبطة بـ: التقسيم المانوي Manicheanism ، لكنني حقيقة الأمر وجدت الأمر يطول، ولم أدر أي المعلومات أختار لإدراجها في الحاشية، فماذا ترون، أساتذتي الأفاضل؟

    إلى الأستاذ الدكتور أحمد الخطيب، سبق أن رأيت حضرتك استبدال "صفحة رئيسية" بـ "صفحة رئيسة"، وقد عدلتُها، وقد لاحظتُ أن في الترجمة كذلك "المفاهيم الرئيسية" فهل من المفروض تعديلها أيضا. لا أكذبك القول، فليس لدي معلومة بهذا الصدد.

    هذا، وجزاكم الله خير الجزاء


  5. #5
    أستاذ بارز الصورة الرمزية محمد أسليم
    تاريخ التسجيل
    25/09/2006
    العمر
    63
    المشاركات
    772
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    1) بخصوص الفقرتين، إليك الاقتراح الحالي، ويتضمن هامشا سيبدد لا محالة اللبس الذي يُحتمل أن تثيره الإشارة إلى فانيفار بوش:

    ويُعد تد نلسون Ted Nelson مبتكر مصطلح النص التشعبي Hypertext، وكذلك صاحب مفاهيم هامة مثل "النص الممتد" “stretch text”، الذي ينبسط وينقبض بحسب الحاجة إلى المزيد من المعلومات. ويرجع الفضل لنلسون في تطوير نظام زانادو System Xanadu، عام 1970، الذي كان يرمي إلى تنظيم مكتبة عالمية تتيح تبادل المعلومات بين الناس. ولما كان نلسون مؤلفا للعديد من الأعمال عن أنظمة النصوص التشعبية، ومن بينها كتاب "الآلات الأدبية"[1]، فلا شك أنه أحد المتحمسين للتباديل الممكنة التي تقدمها هذه الأنظمة.

    إلا أنه قبل ذلك بعدة سنوات، عام 1945، عرض ڤانيڤار بوش Vannevar Bush ، أحد علماء الكمبيوتر الأوائل، المفاهيم الرئيسية للنصوص التشعبية في المستقبل في مقاله الأسطوري "كما قد نعتقد"[3]. فقد رأى أن الأنظمة التقليدية لتبادل المعلومات غير فعالة إطلاقا. أما مشروعه “Memex”، وهو الآلة التي سبقت اختراع الحاسوب الصغير microcomputer، فقد كان يطمح لأن يكون وسيلة قوية لتخزين البيانات بمختلف أنواعها، ويتطلع إلى إيجاد روابط بين المستندات. ومن هذا المنطلق، يمكن الرجوع (للمستندات) من خلال الوصلات الترابطية، أي أن أحد العناصر يمكن أن يقود إلى عنصر آخر وهكذا، مما يسمح للمستخدم أن يوجد مسارا للقراءة وفقا لما يهمه(*).
    ----------

    (*) أمام الفوران المتزايد للإنتاج في كافة الحقول العلمية، بما جعل من التعذر على علماء الحقل الواحد معرفة كافة ما يُكتب في مجال تخصصهم، تصور بوش إمكانية الاستفادة من الميكروفيلم وفن التصوير لاختراع جهاز يتيح ليس تخزين مجموع المعارف البشرية فحسب، بل وكذلك استشارتها والإضافة إليها عبر هذه الآلة التي أسماها الميمكس. ولكن التقنيات المتوفرة في عصره لم تكن كافية لإخراج هذا المشروع إلى حيز الوجود. للإطلاع على تفاصيل تصوره، كما يعرضه، يمكن الرجوع إلى دراسته المترجمة ضمن الكتاب الحالي تحت عنوان: «كما قد نعتقد (ترجمة: البروفيسرو شفيق أحمد الخطيب)». (المترجمة)

    2) بخصوص إيراد هامش لشرح «المانوية»، أظن أن تجاوز الأمر قد يكون أفضل، لأن الوقوف عنده يمكن أن يثير في ذهن القارئ سؤال: «لماذا شرح هذه المفردة دون غيرها؟»، لا سيما أن في الدراسة الكثير مما يستوجب الشرح، مثل «متاهة فيرساي»، «حكايات إيسوب»، «المتاهات متعددة الطرق»، الخ.». فإما تذييل كل ما يقتضي شرحا بشرحه أو تجاوز التفسير وتركه لاجتهاد القارئ.. وإذا بدا الهامش المتعلق ببوش يشكل استثناء، فلهذا الاستثناء ما يُبرِّرُه: تنبيه القارئ إلى التعالق القائم بين مقالتين ضمن الكتاب الذي يقرأه
    محبتي

    [align=center]نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي[/align]

  6. #6
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    07/10/2006
    المشاركات
    317
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    السلام عليكم
    الدكتور محمد أسليم
    ما شاء الله، اقتراح حضرتك فعلا في محله
    وأحسب أن الصورة الآن صارت خالية من التشوش.

    بوركتم وبوركت جهودكم


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •