بغداد لا تموت ...
د. شاكر مطلق
يا صاحبَ الطاغوتْ / لا تُحضِر التَّابوتْ / " بغدادُ " لا تموتْ ...
بغداد شأنها شأن معظم العواصم العربية ، عرفت الكثيرَ من الويلات والحروب والتخريب والنهب والسّلب ، على مدار التاريخ ، ولكنها كانت تعود دوماً ، كالعنقاء ، من رمادها لتبدأ دورة الحياة من جديد ، وتسقي ، غالباً ، البشريةَ والإنسانيةَ من نبع حضارتها الصافية .
هكذا كان الأمر دوماً ، وربما سيبقى هكذا أيضاً لأن هذه العواصم لم تنشأ من فراغٍ ، ولم تبنَ على رمال الوهمِ ، لأنها في الأصل كانت مهد الحضارة البشرية ونبعها المعطاء ووِرْدِها الدائمِ ، ولو كرِه المكابرون من أصحاب الطاغوت والقوة اليومَ في ما يسمونه بـ " العالم الحر " ، ويا ليتهم يعرفون كم هم أسرى لخزعبلاتٍ وأوهام شبه دينية ، يتخفون وراءها اليوم كما في الأمس، آن جاؤوا بلادنا غزاةً تحت ستار تحرير مهد السيد المسيح من قبضة المسلمين البرابرة ( ! ) .
كان هذا غطاء حملات الفرنجة على بلادنا ، وربما لا يزال قائماً ببعض التغيرات المتعلقة ليس بأهمية الموقع الاستراتيجي لهذه الأرض فحسب ، وإنما أيضاً بسبب وفرة الذهب الأسود فيها .
المغول لم يدمروا بغداد فحسب ، عبروا دمشق إلى حلب ، وإلى كافة الأصقاع الأخرى حارقين مدمرين غازين إلى أن جاءت ساعة التحرير ودحرتهم إلى مزبلة التاريخ ، تماماً كما فعلت ذات يوم مع الغزاة الآخرين منذ الإسكندر الثالث ( الكبير ) - السّكير الذي قتل في حالة سكر صديقه ومؤرخه ، قريب معلمه " أرسطو " - مروراً بـ " هولاكو " و " جنكيز خان " و " ريشارد قلب الأسد " وصولاً إلى الجنرال " غورو " وأمثاله ، وانتهاءً لا بد منه بدينوصورات الصهيونية العالمية من أمثال المجرمين " شارون " - كتلة الشحم المتعفنة في غيبوبتها الآن - وحتى المجرم قاتل الأطفال " شامير " ومهرّج العدوان على لبنان 2007 " أولمرت " .
أما السكير السابق " بوش الصغير " ، فالحديث عنه يطول . صاحب الهلوَسات الدينية هذا ، هو الذي يحمل كرهاً لكل ما هو إسلامي ، لأنه أراد بديلاً عن الشيوعية فخلق ( بعبع ) الإسلام المتطرف وما رافقه من إرهاب غريب عن جوهره ، والذي غزا ديار الإسلام في أكثر من موقع وأهمها " دار السلام " التي أحالها إلى دار حرب وتخريب وتدمير ، استناداً إلى شعاراته الزائفة عن " الديموقراطية " وإعادة صياغة شرق أوسطي جديد ، هذا الصغير سوف ينضم يوما إلى من سبقه من الغزاة ليجد لنفسه مكانة خاصة على مزبلة التاريخ .
الشعوب التي تحيا على هذه الأرض ، لا يمكن التعامل معها كما فعلوا مع الهنود الحمر الذين أبادوهم وحصروا من تبقى منهم في الصحراء وأمدوهم بالكحول والمخدرات وبكل ما يدمر الإنسان .
الشعوب التي تحيا هنا ، يا بوش الصغير تنتمي إلى حضارة تعود إلى أكثر من عشرة آلاف عامٍ ، وهي وإن كانت اليوم في حالة خمول وسبات ، إلا أن هذا لن يدوم إلى الأبد ، واليوم وبعد مرور خمسة أعوام على غزوك " دار السلام " فلتكن اللعنة والعار عليك وعلى كل من ناصرك إلى أبد الآبدين ...
========================================
حمص - سورية 6/4/2008 E:mail-mutlak@scs-net.org
( نشرت في جريدة العروبة - حمص / سورية بتاريخ 8/4/2008 - رقم العدد 1254 ) .
المفضلات