آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 3 1 2 3 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 20 من 46

الموضوع: ستة وثلاثون بحثًا في المقطوع والموصول

  1. #1
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    ستة وثلاثون بحثًا في المقطوع والموصول

    سأبدأ اليوم إن شاء الله تعالى في تنزيل ستة وثلاثين بحثًا في المقطوع والموصول على التوالي.
    وكل كلمة بعدد المكررات منها، وبمقطوعها وموصولها هي بحث مستقل بذاته عن غيره.
    وتنزيلها سيأخذ وقتًا لأنها لا تنزل كما هي منسقة بل تحتاج إلى إعادة التنسيق لها
    نرجو الله تعالى أن يجعل فيها منفعة في فهم الرسم القرآني
    والدفاع عن رسمه أمام الجاهلين لحقيقة هذا الرسم
    وقد تعهدت من قبل بنشر مائة بحث في كل من العلوم الثلاثة التي أعلنت عنها
    وها أنا أضيف هذه الأبحاث إلى قائمة ما سبق نشره في أسرار الرسم القرآني
    والتي فضلت التركيز عليها أولا حتى أنجز أكبر قدر منها
    قبل الانتقال إلى بقية العلوم إن شاء الله تعالى

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 01/07/2009 الساعة 11:41 PM

  2. #2
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    قطع ووصل أن لا

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الكلمة الأولى: قطع ووصل أن لا
    جاء القطع والوصل في الرسم القرآني تبعًا للمعاني الواردة في الآيات، وموافقًا لها.
    ونريد أن نقف مع الآيات وقفات نبين فيها سبب القطع أو الوصل الوارد في كل آية.
    فلفظ (أن لا) ورد: (58) مرة؛ قطع في (11) موضعًا منها؛
    في قوله تعالى: (وَقَالَ مُوسَى يـاـفِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبّ الْعَـاـلَمِينَ(104) حَقِيقٌ عَلَى أن لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إلا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِي بَنِي إِسْرَاءِيلَ(105) الأعراف.
    وفي قوله تعالى: (أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَـاـقُ الْكِتَـاـبِ أن لا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إلا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ(169) الأعراف.
    قطعت (أن) عن (لا) في هذين الموضعين؛ لأن الأصل قطع نسب القول إلى الله تعالى؛ سواءً كان هذا القول من عامة الناس، أومن الأنبياء والرسل، إلا ما أمر الله به على الاستثناء؛ (إلا الحق)، والحق هو قول الله وأمره وما نسب إليه على الحقيقة وكان من الله.
    وفي قوله تعالى: (وَعَلَى الثَّلـاـثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ الأرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوا أن لا مَلْجَأَ مِنْ اللَّهِ إلا إِلَيْهِ(118) التوبة.
    قطعت "أن لا" في هذا الموضع؛ لأنه لا ملاجئ للعباد من عذاب الله، إلا اللجوء إلى الله بالتوبة والاستغفار والعمل الصالح، وعلى ذلك جاء الرسم بالقطع.
    وفي قوله تعالى: (فَإِلَمْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأن لا إِلَهَ إلا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(14) هود.
    عجز الكفار المدعين بأن القرآن الكريم مفترى؛ بأن يأتوا بمثل القرآن .. آية على أن القرآن نزل بعلم الله، وانعدام وجود آلهة كما يدعون، وأنه لا إله إلا الله، فلو كان هناك آلهة لأتوا لهم بمثل هذا القرآن؛ وعلى ذلك جاء الرسم بالقطع موافقًا لعجزهم، وانعدام الآلهة إلا الله تعالى.
    وفي قوله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ(25) أَنْ لا تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ(26) هود.
    خشية نوح عليه السلام على قومه بقوله: (إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ أَلِيمٍ)؛ علامة على أنهم قطعوا العبادة الخالصة لله بما تلبسوا به من شرك بغير الله، فكان الرسم بالقطع موافقًا لحالهم في قطع عبادتهم لله، وطلب قطعهم عبادة غير الله.
    وفي قوله تعالى: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَـاـتِ أن لا إِلَهَ إلا أَنْتَ سُبْحَـاـنَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّـاـلِمِينَ(87) الأنبياء.
    وافق القطع في نداء يونس عليه السلام؛ براءته من إله غير الله تعالى يرجوه في إخراجه من ظلمات جوف الحوت الذي التقمه وهو مليم.
    وفي قوله تعالى: (وَإِذْ بَوَّأْنَا لإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أن لا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِي لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ(26) الحج.
    وافق القطع نشأت بيت خلص بناءه لله تعالى من أول يوم أسس فيه، ليظل الشرك مقطوعًا عنه .. فالتحذير من الشرك كان من زيادة الحرص على الإخلاص في التوحيد والعبادة لله، وفي هذا القطع براءة من الله لإبراهيم مما فعله المشركين بالبيت بعد ذلك.
    وفي قوله تعالى: (وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَـاـبَنِي ءادَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَـاـنَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) ... هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (63) يس.
    هذا الخطاب يوم القيامة في تذكير المجرمين بعهد الله لهم في الدنيا بقطع العبادة عن الشيطان؛ بمن أرسله إليهم من الأنبياء والرسل، وما أنزله من الكتب. فوافق الرسم بالقطع حال الطلب منهم بالقطع، وانقطاع تلبسهم بعبادة الشيطان لزوال الحياة الدنيا بما فيها.
    وفي قوله تعالى: (وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيم (17) أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (18) وَأن لا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي ءاتِيكُمْ بِسُلْطَـاـنٍ مُبِينٍ(19) الدخان.
    وافق القطع دعوة موسى عليه السلام لفرعون وقومه؛ بقطع علوهم على أمر من الله لم يسبق لهم التبليغ به من قبل، وقطع استعبادهم لبني إسرائيل بالسماح له بالخروج بهم.
    وفي قوله تعالى: (يَـاـأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَـاـتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أن لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلـاـدَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَـاـنٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(12) الممتحنة
    يوافق هذا القطع في الرسم مبايعة النساء للرسول صلى الله عليه وسلم على القطع عن المذكور في الآية وعلى رأسها وأولها الشرك بالله الذي تخلين عنه.
    وفي قوله تعالى: (فَانطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخَـاـفَتُونَ(23) أن لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ(24) القلم.
    وافق هذا القطع عزم أصحاب الجنة حرمان المساكين من ثمار الجنة وقطع أيديهم عنه؛ بقطع ثمارها قبل علمهم بذلك؛ لئلا يسألوهم منه شيئًا ... فكان الحرمان والقطع لهم جميعًا.
    القطع في هذه المواضع أبقى نون النزع قائمًا ولم تدغم بلام الالتصاق، وهذه الصورة في الرسم توافق ما عليه النزع والقطع المذكور في هذه الآيات.

    أما وصل "أن لا" فقد جاء في (47) موضعًا سنرجع إليها لاحقًا لإضافتها بعد تصنيفها بما يقصر الشرح عنها خشية الإطالة فيها.
    وقد تم بحمد الله تعالى إضافتها في نهاية الموضوع كله

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 12/03/2009 الساعة 09:47 AM

  3. #3
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    قطع ووصل من ما

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة الثانية: قطع من ما
    قطعت "من ما" في ثلاثة مواضع، ووصلت في (122) موضعًا، ولبيان سبب القطع نقارن مواضع القطع بالمواضع المثيلة لها في الوصل:
    الموضع الأول :في قوله تعالى: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنكِحَ الْمُحْصَنَـاـتِ الْمُؤْمِنَـاـتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـاـنُكُمْ مِنْ فَتَيَـاـتِكُمْ الْمُؤْمِنَـاـتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَـاـنِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أهْلِهِنَّ وَءاتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (25) النساء.
    يبين الله تعالى لمن لم يستطع أن ينكح المحصنات المؤمنات، أن ينكح مما ملكت الأيمان، ولكن مما ملكت يمين غيره، وليس مما ملكت يمينه هو، فهي مقطوعة عنه؛ ولأن وضع ملك اليمين هو كوضع الزوجة، ولو كانت متصلة به لما كان الخطاب موجهًا له، لذلك قطعت في الرسم كما هي مقطوعة عنه في الواقع.
    أما وصلها في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَـاـبَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَـاـنُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَءاتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي ءاتَـاـكُمْ (33) النور
    فهذا مما ملكت يمين المخاطب في هذه الآية من الفتيان وليست من الفتيات، وأراد أن يكاتب مولاه على التحرر من العبودية؛ فوصلت لما كان هذا مما ملكت يمينه هو، وملك يمينه موصول به. فجاء الرسم موافقًا للحال الذي عليه ملك اليمين مع المخاطبين بشأنه.
    الموضع الثاني: في قوله تعالى: (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـاـنُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَـاـكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَـاـتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ(28) الروم
    فهذا سؤال: هل يوجد مِلك يمين شريكاً لمالكه في ملكه؟
    فكيف يكون شريكًا له وهو مُلك لصاحبه؟!
    فهل يقبل مالك أن يكون مُلك يمينه شريكًا له؟
    لذلك قطعت في هذا الموضع لعدم وجود مالك يقبل ذلك.
    فكيف يكون لله شريكًا له من عبيده إذا كان البشر لا يقبل شراكة عبيدهم لهم؟!
    فقطعت لذلك في الرسم كما هي مقطوعة في الواقع.
    الموضع الثالث: في قوله تعالى: (وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَـاـكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنْ الصَّـاـلِحِينَ(10) المنافقون.
    يطلب سبحانه وتعالى في هذه الآية من عباده الإنفاق مما رزقهم الله قبل مجيء الموت، فيندم على عدم إنفاقه، فيطلب تأخير أجله لكي يتصدق من المال الذي تركه خلفه، وانفصل عنه بالموت ... وهيهات أن يؤخر الأجل له؛ (إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (4) نوح،
    فجاءت "من ما" في هذه الآية مفصولة؛ لأن طلب الإنفاق كان من المال الزائد عن الحاجة، المفصول عنه بالموت، والباقي بعده لمن لا يدري في أي باب خير أو شر ينفق.
    أمّا اتصالها في قوله تعالى: (فَلْيُنفِقْ مِمَّا ءاتَـاـهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلاَّ مَا ءاتَـاـهَا (7) الطلاق
    وقوله تعالى: (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ(7) الحديد،
    وقوله تعالى: (وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَـاـهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً (29) فاطر
    وغير ذلك من المواضع فكلها فيها طلب الإنفاق من المال الذي بين أيدينا، ومتصل بنا، غير مقطوع عنا، ولم يربط بذكر الموت؛ فجاء الرسم فيها متصلاً لاتصال المال المنفق منه بمالكيه.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 10/04/2009 الساعة 06:58 AM

  4. #4
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    قطع ووصل إنّ ما

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة الثالثة: قطع ووصل: إنّ ما
    ورد لفظ "إنّ مَا" موصولاً في (146) موضعًا، ومقطوعًا في موضعٍ واحدٍ فقط؛
    في قوله تعالى: (إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ(134) الأنعام.
    ويرجع القطع في هذا الموضع إلى أن الموعود به هو أمر سيحدث في المستقبل؛ فزمنه مقطوع عنا في الحاضر؛ فالوعد باليوم الآخر والحساب والجنة والنار ... كل ذلك سيكون في زمن مستقبل، علمه عند الله، وقدومه مجهول لدى كل البشر.
    وأمّا اتصالها في قوله تعالى: (إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ(5) الذاريات.
    وفي قوله تعالى: (إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَوَاقِعٌ(7) المرسلات.
    فيرجع ذلك إلى أن الآية تقرر أن الوعد صدق وأن الوعد ثابت وحق، لا تراجع عنه، والآيتان لا تتحدثان عن زمن الموعود وقدومه، كما في الآية التي قطعت (إنما) فيها.
    وأمّا اتصال "إنَّما" في بقية المواضع فهو لتأكيد وتقرير وتوثيق وتثبيت ما ارتبطت به، فكان حقها الوصل لا الفصل؛
    كما في قوله تعالى: (إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَـاـنَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ(171) النساء
    وفي قوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ(11) البقرة.
    وفي قوله تعالى: (وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَـاـطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ (14) البقرة.
    وفي قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا(20) الجن.
    وإذا كانت "ما" زائدة فزيادتها جاءت من جواز الاستغناء عنها؛
    إنَّما الله إله واحد = إنَّ الله إله واحد.
    ولما كانت "ما" تفيد العموم والإبهام؛ فإن ذكر المعرف بعدها يكون تعظيمًا له، وشدة تأكيد له، فكأن هذا العموم اختزل فيه.
    وإذا كانت "ما" مصدرية؛ قل إنَّما أدعو = قل إنَّ دعائي
    فإنها أعم وأثبت لكونها؛ مصدرًا وكونها اسمًا، فتعطي ثباتًا للفعل المتجدد الحدوث؛ لا يتأتى ذلك من كونه فعلاً لوحده.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 10/04/2009 الساعة 06:54 AM

  5. #5
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    قطع ووصل عن من


    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة الرابعة: قطع ووصل عَنْ مَنْ
    قطع حرف الجر(عَنْ) عن (مَنْ)الموصولة في موضعين، وليس في القرآن غيرهما؛
    في قوله تعالى: (وَيُنَزِّلُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَـاـرِ(43) النور.
    فقد وافق القطع في هذا الموضع خبر قطع المطر وصرفه عنهم، ومنع وصوله إليهم.
    وفي قوله تعالى: (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلاَّ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا(29) النجم
    فقد وافق القطع في هذا الموضع أيضًا؛ طلب الإعراض عمن هو معرض عن ذكر الله تعالى، وقاطع للوصل به، وليس بين الرسول صلى الله عليه وسلم وبينهم إلا باب الدعوة لهم إلى الله، لأنه أرسل إليهم، وكان عليه واجب التبليغ بما أرسل به إليهم.


  6. #6
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    قطع ووصل عن ما

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة الخامسة: قطع ووصل عن ما
    ورد لفظ "عَمَّا" (48) مرة في القرآن الكريم؛ قطع في موضعٍ واحد فقط؛
    في قوله تعالى: (فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَـاـسِـ(ءِ)ـينَ(166) الأعراف.
    ويرجع القطع في هذا الموضع لانقطاعهم عن أمر النهي عن الصيد يوم السبت، وعدم الأخذ به، لا عن انقطاعهم عن معصيتهم فهم مستمرون عليها ومتصلون بها.
    وأمّا وصلها كما في قوله تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَـاـثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(73) المائدة.
    فذلك لاتصالهم بالقول مستمرين عليه: بأن الله ثالث ثلاثة، فهم لم يتوقفوا ولم ينقطعوا عن قولهم بذلك.
    وكما في قوله تعالى: (قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَـاـدِمِينَ(40) المؤمنون. فما أنذورا به سيصبح واقعًا ملتصقًا بهم، لا انفكاك لهم منه، نادمين على استبعاد حدوث ذلك لهم.
    وكذلك وردت "عَمَّا" متصلة في مواضع كثيرة اقتضى تنزيه الله تعالى عنها؛
    كما في قوله تعالى: (سَبْحَـاـنَهُ وَتعَـاـلَى عَمَّا يَصِفُون(100) الأنعام.
    ففيها تنزيه لله عن وصفهم الذي يصفون الله عز وجل به في (7) آيات؛ بأن له ولدا، أو بنين وبنات، أو شريكًا في الملك، وهم لا يَدَعون وصفهم هذا.
    وفي قوله تعالى: (سَبْحَـاـنَهُ وَتَعَـاـلَى عَمَّا يَشْرِكُون(67) الزمر.
    ففيها تنزيه لله في (12) آية عن الشريك الذي يشركون الله تعالى به، ولا ينقطعون عن ادعاء وجود أو اتخاذ الشريك لله فيها.
    وباقي المواضع وصلها كمثل السابقات؛ يعود إلى وجود اتصال وارتباط والتصاق للقول أو العمل أو الوصف بأصحابه.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 10/04/2009 الساعة 06:49 AM

  7. #7
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    قطع ووصل إنْ ما

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة السادسة: قطع ووصل إنْ ما

    وردت "إمَّا" أربع مرات؛ قطعت في واحدة منها، ووصلت في ثلاث؛
    في قوله تعالى: (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ(46) يونس.
    وفي قوله تعالى: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ(77) غافر.
    فوصلها في هذين الموضعين راجع إلى أن كلمة العذاب قد حقت على هذه الفئة من الناس من رؤوس أهل الشرك والكفر، وسيرى الرسول صلى الله عليه وسلم العذاب واقعًا بهم؛ إما في حياته الدنيا بتعجيل العذاب لهم فيها، وإما في الآخرة بتأخير العذاب عنهم، فمرجعهم في نهاية الأمر إلى الله عز وجل؛ قصرت أعمارهم، أو طالت بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى ذلك كان الوصل، وسقوط نون النزع بالإدغام في الميم توكيدًا بما توعدهم الله عز وجل مما لا منزع ولا مخرج لهم منه.
    ووصلت في قوله تعالى: (فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ(41) الزخرف.
    فوصلها في هذا الموضع كسابقتيها، فالعذاب قد كتب عليهم، فينتقم الله منهم إذا أخرج الله تعالى الرسول من بينهم بالوفاة، أو بإخراجه بعيدًا عنهم بالهجرة. وهذه المواضع الثلاثة هي في سور مكية، وقد بطش الله تعالى بهم بعد ذلك؛ فقد أصاب العذاب من حارب الله ورسوله من رؤوس الكفر وغيرهم في بدر وما بعدها، أو مات على كفره كأبي لهب لعنه الله.
    وقد قطعت في قوله تعالى: (وَإِن مَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَـاـغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ(40) الرعد. وهي سورة مدنية.
    فقطع (إن ما) في هذا الموضع من سورة الرعد؛ راجع إلى أن العذاب الذي يتوعدهم الله به مقطوعًا عنهم، ولم يكتب عليهم حتى يتم الرسول صلى الله عليه وسلم البلاغ الذي عليه لهم، وحتى يتبين موقفهم من أمر الله تعالى.
    وقد قطع العذاب عمن آمن بالله ورسوله، وتخلى عن كفره وشركه قبل موته، وأصبح من المسلمين، ومن المجاهدين في سبيل الله تعالى بعد ذلك؛ كخالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وعكرمة بن أبي جهل رضي الله عنهم، وكثير ممن هاجر قبل الفتح أو أسلم بعد الفتح من أهل مكة خاصة.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 10/04/2009 الساعة 06:38 AM

  8. #8
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    قطع أن لم

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة السابعة: قطع (أن لم)
    وردت "أن لم" في موضعين فقط، وقطعت فيهما؛
    في قوله تعالى: (ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَـاـفِلُونَ(131) الأنعام.
    قطعت "أن لم" في هذا الموضع؛ لأن فيه تنزيهًا لله سبحانه وتعالى عن الظلم، وعقابه مقطوع عن الظالم حتى يحذره، ويرسل له رسولاً يبين له ما هو فيه من الشرك والكفر الموجب لعقابه، ولا يأخذه وهو غافل عن نتائج عمله دون أن يعلمه بما يستحقه من العذاب قبل ذلك.
    وقطعت في قوله تعالى: (أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ(7) البلد.
    وكان القطع في هذا الموضع بما يوافق غفلة بعض الناس عن متابعة الله تعالى له، وهو السميع البصير، وظنه أنه سبحانه وتعالى لا يراه ولا يسمعه.
    وهل لا يراه الذي جعل له عينين ليبصر بهما؟!
    وهل لا يسمعه الذي جعل له لسانًا وشفتين ليتكلم بها؟!
    فكيف يقدر قطع رؤية الله سبحانه وتعالى عن أفعاله؟!
    فكان الرسم موافقًا لما أنكره الله تعالى على أمثال هذا الجاهل الذي يظن أن رؤية الله مقطوعة عن فعله.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 10/04/2009 الساعة 09:15 AM

  9. #9
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    قطع ووصل إن لم

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة الثامنة: قطع إن لم
    وردت "إن لم" في القرآن الكريم أربع مرات؛ قطعت في ثلاث منها:
    في قوله تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَـاـثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(73) المائدة.
    ويرجع هذا القطع إلى أنه قد جاءهم نهي عن القول بأن الله ثالث ثلاثة، ووعيد لهم على كفرهم بهذا القول؛ فلم يأخذوا بالنهي، ولم يأبهوا بالوعيد لهم، وظلوا مقطوعين عن هذا النهي والوعيد؛ فكان القطع في الرسم تبعًا للقطع الحاصل منهم في الواقع.
    وقطعت في قوله تعالى: (وَإِنْ كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَـاـدِقِينَ(23) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَـاـفِرِينَ(24) البقرة.
    الخطاب موجه للكافرين، وفيه تحدٍ لهم للإتيان بسورة من مثل القرآن؛ فلم يفعلوا، ولن يفعلوا، وسيظل القطع قائمًا بينهم وبين القدرة على الفعل؛ ولذلك جاء القطع في الرسم موافقًا للعجز والقطع في الواقع، وقد مرت أكثر من أربعة عشر قرنًا وعدة عقود على ذلك، فلم يقدروا على فعله، واستمر عجزهم عنه.
    وقطعت في قوله تعالى: (قُلْ فَأْتُوا بِكِتَـاـبٍ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِنْ كُنتُمْ صَـاـدِقِينَ (49) فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ اتَّبَعَ هَوَـاـهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنْ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّـاـلِمِينَ(50) القصص.
    أمر بالتبليغ بالقول؛ فيه تحد للإتيان بكتاب أهدى من القرآن والتوراة، وكان حالهم مثل الحال السابق في الآيتين، ثم قيل للنبي صلى الله عليه وسلم؛ (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ)، وقد فارق عليه الصلاة والسلام الدنيا، وهم على نفس الحال من العجز وعدم القدرة والاستجابة، فكان القطع موافقًا لتحد منقطع، حده نهاية حياة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد تواصل التحدي من الأمة التي حملت هذا التحدي من بعده، فأصبح التحدي هو تحديها كما يأتي في الآية التالية التي وصلت فيها.
    ووصلت في قوله تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَـاـهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَـاـتٍ وَادْعُوا مَنْ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَـاـدِقِينَ(13) فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ(14) هود.
    فكان وصلها في هذا الموضع؛ لأن الخطاب في الآية موجه للمسلمين؛ (فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ)، والمسلمون أمة بدأت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، واستمرت إلى يومها هذا، وإلى ما شاء الله تعالى، وحاملة لهذا التحدي من بعده؛ فالتحدي قائم وموصول مع بدايته، ولا انقطاع له إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها، ولذلك جاء الوصل موافقًا لتواصل التحدي للكافرين من الأمة التي حملته دون توقف ولا انقطاع.


  10. #10
    أستاذ كرسي القراءات القرآنية بكلية الآداب بالرباط و بمسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء الصورة الرمزية الدكتور التهامي الهاشمي
    تاريخ التسجيل
    19/07/2007
    العمر
    87
    المشاركات
    130
    معدل تقييم المستوى
    17

    رد: ست وثلاثون بحثًا في المقطوع والموصول

    بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على رسول الله و آله و صحبه
    تحية طيبة للأستاذ الفاضل السيد أبي مسلم الذي نشكره على هذه الجهود التي يبذلها لتوضيح أسرار الرسم القرآني؛ و لا شك أن سيادته يعلم أن المغلربة الذين يهتمون بالرسم يحرصون على حفظ هذه المسائل في ذاكرتهم بنظم يسمونه هم " الأنــصــاص " يتداولونها جيلاً عن جيل لــكن في كثير من الأحيان بلهجتهم الغربية، فـهـم، مثلاً يقــولــون عن اللفظ الأول و هو { ان لا }:

    أنْ لاَ بِالنُّـون مـْـعـَـرَّقْ أوَ لـَمْ يـَـهـْدِ مـْـحـَـقـَّـقْ * و اسـْـاَلـْـهـُـمْ غـَـادِ مـْـقـَـلـَّـقْ لـَـقـَـدْ تـَـابَ وَافـْـهـَـمـْـنـِـي
    دَابـَّـةُ الـْـفـَـريــقـَــيـْــنِ و ذَا الــنـّـُـونِ هـَـــذَانِ * ألـَــمْ أعـْــهـَـدْ خـَـصـْـمـَـانِ جـَـاءَ عـِــيــسـَى يـَـشـْـفـِـنـِـي
    عـَسـَى اللهْ فـَـطـَافْ يـَا احـْـفـِـظـْهـَا و لا تـنـْسَ * نـُـقـَـطْ الألِـفْ بــَـعــْـدَ الــْـيــاء يــَـاربِّ لا تــَــنــْـســَاهــَا

    يشير الناظم إلى الأماكن التي توجد فيها هذه الحروف:
    ــ يوجد الأول في { ألــم يــهــد } ــ و يوجد الثاني في { و ســئــلهم } ــ و الثالث في { لقد تاب }
    ـــ و الرابع في { و ما من دابة } ــو الخامس في { الفريقين } ــ و السادس في { و ذا النون } ــ و السبع في { هاذان } ــ و الثامن في { ألم أعهد } ــ و التاسع في { جاء عيسى } ــ و العاشر في { عسى الله } ــ و الحدي عشر في { فطـاف }.
    ربما بعض الناس يحتاجون إلى هذه الطريقة لاتقان رسم القرآن الكريم.
    مع فائق التقدير و الاحترام
    الدكتور التهامي الراجي الهاشمي

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 22/02/2009 الساعة 05:42 PM

  11. #11
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    افتراضي رد: ست وثلاثون بحثًا في المقطوع والموصول

    بارك الله في الأخ الكريم الفاضل الدكتور التهامي الهاشمي وأحسن الله إليه
    وأشكر لكم هذا المرور الكريم وأرجو ان يكون له صدى عندكم
    وإن شاء الله تعالى مع بداية الشهر القادم سيكون عندنا دورة في أسرار هذا الرسم في أحد المراكز الإسلامية
    وللعلم فإن ترتيب هذه المواضيع أخذته من كتاب "جامع البيان في معرفة رسم القرآن" لعلي إسماعيل السيد الهنداوي / المدرس بقسم الدراسات القرآنية بكلية إعداد المعلمين بالرياض، مع قليل من الإضافة والتعديل عليه.
    وهو يشرح فيه منظومة "المورد الظمآن" لأبي عبد الله الشريسي الشهير بالخراز، ومما أضيف عليها من قبل الشراح لها

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 22/02/2009 الساعة 06:21 PM

  12. #12
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    قطع أنَّ مَا

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة التاسعة: قطع أنّ ما
    وردت "أنَّ ما" في القرآن الكريم في واحد وعشرين موضعًا؛ وصلت في تسعة عشر موضعًا منها، وقطعت في موضعين فقط؛
    في قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَـاـطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ(62) الحجّ.
    وفي قوله تعالى: (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَـاـطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ(30) لقمان.
    في الآيتين تقرير من الله تعالى بنفس النص؛ بأن الذي يدعونه من دون الله تعالى هو باطل لا حقيقة له، ولا وجود له، وهو من اختلاقهم، وفساد عقولهم.
    فكيف يكون وصل مع لا وجود له، فـ "أنَّ" جاءت تأكيدًا على أنه باطل، وليس تأكيدًا على صحة وجوده.
    فجاء القطع صورة لما عليه واقع انقطاع أهل الكفر والشرك عن باطل يدعونه من دون الله عز وجل.
    أما وصل "أَنَّمَا" في بقية المواضع فعائد إلى لزوم الأمر أو الوصف وما لا يمكن نقضه؛ كألوهية الله تعالى ووحدانيته؛
    في قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ (110) الكهف.
    وفي قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (108) الأنبياء.
    وفي قوله تعالى: (وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ (52) إبراهيم.
    وفي قوله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ (6) فصلت.
    وأن الرسول صلى الله عليه وسلم نذير، وعليه البلاغ بالحق الذي أنزل عليه من ربه؛
    كما في قوله تعالى: (إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (70) ص.
    وفي قوله تعالى: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلـاـغُ الْمُبِينُ (92) المائدة.
    وفي قوله تعالى: (أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى (19) الرعد.
    وفي قوله تعالى: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ (14) هود.
    وأن الأموال والغنائم وما يمدهم الله به في أيدي الناس هو ملتصق بهم، وأكثره فتنة لهم في الحياة الدنيا؛
    كما في قوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ ... (41) الأنفال.
    وفي قوله تعالى: (وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلـاـدُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (28) الأنفال.
    وفي قوله تعالى: (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (55) المؤمنون.
    وفي قوله تعالى: (وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ (178) آل عمران.
    وفي قوله تعالى: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَواةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلـاـدِ (20) الحديد.
    وأنه لا راد لما يريده الله بالكافرين من العذاب؛
    في قوله تعالى: (فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُصِيبَهُمْ بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ (49) المائدة.
    وان الكافرين يتبعون أهواءهم التي تصرفهم عن الحق ويتمسكون بها؛
    في قوله تعالى: (فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ (50) القصص.
    وأن داود عليه السلام قد وقع فعلاً في الفتنة، فاستغفر وخر راكعًا، فغفر الله له؛
    في قوله تعالى: (وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّـاـهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ (24) ص.
    وأن الشجر لا ينفك اتصاله بالأرض؛
    في قوله تعالى: (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلـاـمٌ (27) لقمان.
    وأن نسبة الخلق إلى الله ثابتة لا منكر لها، وإن حدث إنكار للسبب والبعث؛
    في قوله تعالى: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَـاـكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ (115) المؤمنون.
    والتصاق الدعوة بهم إلى ما ليس له دعوة في الدنيا والآخرة؛ فكان جزاؤهم نار يعرضون عليها غدوًا وعشيًا؛
    في قوله تعالى: (لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الآَخِرَةِ (43) غافر.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 10/04/2009 الساعة 09:09 AM

  13. #13
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    قطع ووصل أم من

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة العاشرة: أم من
    أم: حرف عطف يستعمل لطلب التعيين لأحد الاثنين؛ وردا بلفظين أو جملتين.
    وهو مكون من؛
    الهمزة التي تفيد الامتداد المتصل، فهي تدل على وجود آخر متصل بالأول.
    والميم التي تفيد الإحاطة، ولذلك لا تدغم الميم إلا في مثلها،
    والإحاطة هنا بالأول والثاني وهما كل المذكور.
    لذلك كان استعمال "أَمْ" لطلب تعيين أحد الاثنين؛ ولا يكون ذلك إلا بمعرفة الاثنين، والإحاطة بأحوالهما.
    والتعيين سيكون لواحد منهما؛
    :إما الأول الذي يعرض أولاً، وتسبق المعرفة به والإشارة إليه، وهو المعطوف عليه،
    :وإمَّا الثاني الذي يعرض تاليًا ويعطف على الأول.
    وكان سبب عرض الثاني هو عدم إقرار الأول، أو بيان فضل الأول من مقارنته بغيره، أو عطفه على مثله.
    والتعيين لأحدهما يقتضي أن كلاً منهما يخالف الآخر، أو أن أحدهما دون الآخر.
    فقد يساوى بين أمرين مختلفين، أو يكون أحدهما في حالة الإثبات والآخر في حالة النفي، وعند ذلك يؤتى بلفظ سواء وغيرها، وهمزة التسوية أو المعادلة؛
    كما في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ ءَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (6) البقرة.
    وقد جاء الرسم القرآني في فصل وقطع "أمْ مَّنْ" تبعًا للمعنى؛
    فإن كان التعيين لما بعد "أم"؛ أي المعطوف، وقرر هو دون المعطوف عليه، أو مما اتصلوا به وتعلقوا به، ولو كان باطلاً؛ اتصلت الكلمتان وأصبحتا كلمة واحدة "أمَّنْ".
    وإن كان التعيين لما قبل "أم"، وليس للمعطوف بعدها، أو كان العطف على منفي مثله؛ تقطع الكلمتان ولا يتم وصلهما.


    ذُكرت "أمَّنْ" في القرآن الكريم في خمسة عشر موضعًا؛ قطعت في أربعة مواضع:
    في قوله تعالى: (هَـاـأَنْتُمْ هَـاـؤُلاءِ جَـاـدَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَواةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَـاـدِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَـاـمَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً(109) النساء.
    المعطوف عليه: من يجادل الله عنهم يوم القيامة؟ ... لا أحد
    المطوف: من يكون عليهم وكيلا؟ ... لا أحد
    فلا وكيل ولا شفيع ولا صديق ولا حميم يتصل بهم يوم القيامة ويدافع عنهم، ويشفع لهم، بل المرء يفر من أقرب الناس إليه؛ لذلك قطعت في الرسم بما يوافق حال القطع الذي هم عليه يوم القيامة.
    وفي قوله تعالى: (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَـاـنَهُ عَلَى تَقْوَى مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَـاـنَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّـاـلِمِينَ(109) التوبة.
    المعطوف عليه؛ من أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان؛ هو خير؟ ... نعم
    المعطوف: من أسس بنيانه على شفا جرف هار ..؛ هو خير؟ .... لا
    من أسس بنيانه على جرف هار لا يثبت هو ولا بنيانه، وكذلك من بنى عقيدة فاسدة على هوى وضلال؛ فإنه ينهار هو وبناؤه في نار جهنم.
    فعلى ذلك كان الرسم بالقطع يوافقه الحال الذي عليه المتأخر من القطع وعدم الثبات.
    وفي قوله تعالى: (فَاسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمْ مَنْ خَلَقْنَا إِنَّا خَلَقْنَـاـهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ(11) الصافات.
    المعطوف عليه: هل الناس هم أشد خلقًا؟ .... نعم
    المعطوف : هل الملائكة والجن أشد خلقًا .... لا
    كانت النظرة الأولى أن جواب الأول سيكون: لا ، وجواب الثاني: نعم.
    وعند النظر في الآية لوجود هذا القطع الذي يوجب مراجعة الإجابة؛ أن تغيرت الإجابة
    فأشد خلقًا ليست هي مرادفة لأشد قوة.
    ومن خلق من مادة جامدة وسائلة هو أشد خلقًا وأثقل ممن خلق من نار أو نور.
    وشدة الشيء هي قوة تماسك أجزائه وترابطها، نقول هذا حجر قاسٍ وهذا أشد منه قسوة.
    وقد جاءت هذه الآية بعد ذكر تمكن الشياطين لخفتهم من استراق السمع في السماء، وقذفهم بالشهب التي أغلبها ذرات كذرات الرمل؛ تحترق لسرعتها العالية عند دخول جو الأرض.
    وكان ختم الآية؛ (إِنَّا خَلَقْنَـاـهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ(11) هو بيان لسر هذا القطع. وأن المذكور بعد "أم" ليس هو المعين كما يبدو في ظاهره.

    وفي قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي ءايَـاـتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي ءامِنًا يَوْمَ الْقِيَـاـمَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(40) فصلت.
    المعطوف عليه: هل من يلقى في النار هو خير؟ ... لا
    المعطوف : هل من يأتي آمنًا يوم القيامة هو خير؟ .... نعم
    ولكن لماذا كان القطع في هذا الموضع، وليس الوصل؟
    السؤال بطريقة أخرى؛ من هو خير من اتصل بالنار ووقع فيها
    أم من انقطع عن النار وأمن من العذاب فيها؟
    الجواب: من انقطع عن النار وتجاوزها هو خير ممن وقع فيها، وظل متصلا بها.
    فكان القطع في الرسم موافقًا للانقطاع عن النار الذي تحقق للآمن.

    ووصلت "أمَّنْ" في أحد عشر موضعًا،
    في الآيات الست التالية؛ المعين فيها بعد "أم"؛ الله عز وجل؛
    وعلى ذلك كان وصلها؛
    في قوله تعالى: (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَـاـرَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنْ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنْ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ(31) يونس.
    وفي قوله تعالى: (أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَـاـوَاتِ وَالأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَءِلَـاـهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ(60) النمل.
    وفي قوله تعالى: (أَمَّنْ جَعَلَ الأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَـاـلَهَا أَنْهَـاـرًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَءِلَـاـهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ(61) النمل.
    وفي قوله تعالى: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَءِلَـاـهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ(62) النمل.
    وفي قوله تعالى: (أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَـاـتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَـاـحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَءِلَـاـهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ(63) النمل.
    وفي قوله تعالى: (أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنْ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَءِلَـاـهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَـاـنَكُمْ إِنْ كُنتُمْ صَـاـدِقِينَ(64) النمل.
    فهو سبحانه وتعالى الذي يملك السمع والبصر، وهو الذي خلق السموات والأرض، وهو الذي جعل الأرض قرارًا، وهو الذي يجيب المضطر ويكشف السوء، وهو الذي يهدي في ظلمات البر والبحر، وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده؛ فكان الوصل لأن هذه الأعمال من أفعاله سبحانه وتعالى.
    ووصلت في قوله تعالى: (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(22) الملك.
    فالمعين فيها في أمر موجب وقع بعد "أم"؛ وهو الذي يمشي سويًا على صراط مستقيم.
    ووصلت في قوله تعالى: (أَمَّنْ هُوَ قَـاـنِتٌ ءانَاءَ الَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَـاـبِ(9) الزمر.
    فالمعين فيها في أمر موجب وقع بعد "أم"؛ من هو قانت آناء الله، وليس كمن يعبد الله عندما يمسه الضر، وينساه مع النعمة الوارد ذكره في الآية السابقة.
    ووصلت في قوله تعالى: (أَمَّنْ هَذَا الَّذِي هُوَ جُندٌ لَكُمْ يَنصُرُكُمْ مِنْ دُونِ الرَّحْمَـاـنِ إِنْ الْكَـاـفِرُونَ إِلاَّ فِي غُرُورٍ(20) الملك.
    وفي قوله تعالى: (أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ(21) الملك.
    فما وقع بعد "أم" هو من تعلقوا به ورجوا نصرته في الآية الأولى، ورجوا منه الرزق في الآية الثانية، ولذلك وصفوا بأنهم في غرور، وأنهم لجوا في عتو ونفور؛ لشدة ارتباطاهم بضلالاتهم.
    ووصلت في قوله تعالى: (قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلْ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلاَّ أَنْ يُهْدَى فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ(35) يونس.
    فما وقع بعد "أم" هو من تعلقوا به، وجعلوه شريكًا لله؛ من رؤوس الكفر والضلالة والداعين إليها، كم قال تعالى: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَـاـنَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ (31) التوبة، ومن تعلقوا به على حال لا يهتدي حتى يُهدى؛ فاستنكر الله تعالى عليهم هذا الانحطاط الذي هم عليه العباد برب العباد؛ بقوله: (فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ(35) يونس.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 11/04/2009 الساعة 09:13 PM

  14. #14
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    قطع لات حين

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة الحادية عشرة : قطع لات حين
    وردت لات حين مرة واحدة؛
    في قوله تعالى: (كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنَادَوْا وَلاتَ حِينَ مَنَاصٍ(3) ص.
    قطعت التاء عن حين في ولا تحين، لتصبح في الرسم؛ "ولات حين"
    والتاء أحد حروف المضارعة الأربعة المجموعة في كلمة "نأتي"
    وسر استخدام هذه الحروف للمضارعة مبني على معانيها؛
    فنون النزع استعملت علامة للمتكلم الجمع، لأنهم ينزعون أنفسهم عن البقية؛ نحن نزرع، نعمل، ...
    وهمزة الامتداد المتصل؛ استعملت علامة للمتكلم الفرد؛ لأن المتكلم يضيف بكلامه وبفعله شيئًا جديدًا يظل متصلا به ومنسوبًا إليه؛ أنا أكتب، أقرأ، أفعل كذا، .....
    وياء التحول استعملت علامة للمذكر الغائب، لأن المذكر هو المكلف بالعمل، وعدم وجوده في مكانه أو منزله هو بسبب التحول لعمل يؤديه بعيدًا عن أعين الحاضرين، هو يحرث، يسافر،..
    وتاء التراجع استعملت علامة للمؤنث الغائب، لأن تحول الأنثى هو تراجع لها إلى بيتها الذي خرجت منه فظهرت بحضورها،
    والقول في لات أنها مشبهة بليس؛ واسمها محذوف؛ أي ولات الحين أو أحياننا حين مناص
    وأن لا النافية للجنس زيدت عليها التاء.
    وجاء في تفسير القرطبي لهذه الآية: "وكان الكسائي والفراء والخليل وسيبويه والأخفش يذهبون إلى أن «وَلاَتَ حِينَ» التاء منقطعة من حين، ويقولون معناها وليست".
    ومعنى ولات حين مناص: لا وقت للفرار والنجاة، ولا وقت للتوبة والرجوع عن الذنوب.
    وبهذا الرسم القائم على قطع التاء تحصل فوائد عديدة؛
    - أن استقلال التاء وحدها ثم جعلها مع لا؛ أفادت النفي المطلق للتراجع؛ أي أنه لا تراجع لهم ينجيهم، لا بالفرار ولا بالتوبة.
    - وبقطع التاء عن الفعل المضارع (تحين) الدال على تجدد الحدث، حوله إلى اسم ثابت (حين)، فالعذاب ثابت وقوعه بهم ولا مفر لهم منه، وهو مسلط عليهم في الآخرة ولا مخرج لهم منه، ولن يأتي حين يكون فيه مناص لهم في الدنيا ولا في الآخرة.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 11/04/2009 الساعة 09:18 PM

  15. #15
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    قطع لام الجر عن مجرورها

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة الثانية عشرة: قطع لام الجر عن مجرورها
    حرف اللام حرف يستعمل للقرب والإلصاق في جذور اللغة، وفي حروف المعاني،
    واستعمالات لام الجر كثيرة؛ للاختصاص وللاستحقاق، وللملك، وشبه الملك، وللتمليك، وشبه التمليك، والتعليل، والتبيين، والقسم، والتعدية، والصيرورة، والتعجب، والتبليغ، وتضمن معاني إلى، وفي، وعن، وعلى، وعند، وبعد، ومع، ومن، ولام الاستغاثة به، ولام المدح والذم، والزائدة.
    وحيثما استعملت اللام، فإن استعمالها هو مبني على استعمالها للقرب والإلصاق، وحقها الاتصال بما بعدها.
    وقد استعملت اللام كحرف جر في القرآن الكريم مرات كثيرة جدًا؛ إلا أنها لم تقطع عن مجروها إلا في أربعة مواضع فقط؛
    وفي قوله تعالى: (وَوُضِعَ الْكِتَـاـبُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَـاـوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَـاـبِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَـاـهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا(49) الكهف.
    وسبب هذا القطع مبني على المعنى؛ لأن المجرمين يصدمون بحصر الكتاب لجميع أعمالهم، وإغلاق أبواب العتب والاعتذار والنجاة أمامهم، فهم يريدون بقولهم هذا أن تقطع عن الكتاب صفته في دقة رصد أعمالهم وحصرها عليهم، فجاء الرسم موافقًا لما قصدوا من قولهم.
    وقطعت اللام في قوله تعالى: (وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا(7) الفرقان.
    ويرجع هذا القطع لما أراده الكفار؛ بأن ينفصل الرسول صلى الله عليه وسلم عن حاجته لأكل الطعام، والسعي في الأسواق؛ ليصح أن يكون رسولاً عندهم؛ فقطعت اللام بما يوافق ما أرادوه بقولهم هذا. فهم لم يأتوا بذكر أكل الطعام والمشي في الأسواق لأجل تقريره، بل لأجل بيان أن من يتصف بالأكل والسعي في الأسواق لا يصح أن يكون رسولاً في رأيهم.
    وقطعت اللام في قوله تعالى: (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلاءِ الْقَوْمِ لا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا(78) النساء.
    ويرجع قطعها في هذا الموضع إلى أن الله تعالى يريد منهم أن ينفصلوا عن هذا الجهل، وعدم الفقه الذي هم عليه، وأن الأمور كلها؛ بخيرها وشرها بيد الله عز وجل، فمن مات أو قتل إنما كان موته بقدر من الله عز وجل، وليس لأنه كان في حرب، وأن قدر الله الذي قدره له بالموت سيلحق به أينما حل وأقام.
    وقطعت اللام في قوله تعالى: (فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ(36) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ (37) أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (38) المعارج.
    مُهْطِعِينَ: مسرعين نحوك، مادّي أعناقهم إليك، مقبلين بأبصارهم عليك.
    عِزِينَ: فرقا شتى كل فرقة من ثلاثة أو أربعة، كانوا يجتمعون حول الرسول صلى الله عليه وسلم، ويستهزئون بما جاء به. فاستنكر تعالى عليهم فعلهم، على قصد تركه وقطعه؛ فكان الرسم موافقًا لما أراد الله تعالى من ذكر ذلك عنهم.
    وقد جاءت اللام في خبر "ما" حيث ما؛ اسم استفهام في محل رفع مبتدأ، وكان الاستفهام في هذه المواضع هو استفهام استنكاري.
    فلم يكن مجيء اللام في هذه المواضع الأربعة التي قطعت فيها؛ لأجل إقرار الخبر وتوكيده، بل لأجل الرغبة في قطعه وإبعاده، وعدم الاتصاف به، وعلى ذلك كان الرسم بالقطع.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 14/03/2009 الساعة 09:54 AM

  16. #16
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    قطع حيث ما

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الكلمة الثالثة عشرة: قطع حيث ما
    وردت "حيث ما" في القرآن مرتين؛ وقد قطعت فيهما؛
    في قوله تعالى: (قدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَـاـهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ (144) البقرة.
    وفي قوله تعالى: (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ (150) البقرة.
    المخاطبين بهذه الآية هم من انقطع محلهم عن المسجد الحرام، وهذه الآيات نزلت في المدينة بعد الهجرة، فطلب منهم أن يتوجهوا إلى الشطر الذي فيه المسجد الحرام، وفي ذلك رفع الحرج عن الأمة إن مال التوجه قليلا عن يمين القبلة أو شمالها؛ وعلى ذلك كان القطع في الرسم موافقًا للقطع الكائن في الرؤية بين المصلي والمسجد الحرام.
    أما من كان في مكة أو الحرم فلا يشكل عليه أمر التوجه إلى الكعبة لأنها تكون أمام عينيه.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 11/04/2009 الساعة 09:20 PM

  17. #17
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    قطع يوم هم

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الكلمة الرابعة عشرة: قطع يوم هم
    وردت "يوم هم" في القرآن سبع مرات؛ قطعت في موضعين منها؛
    في قوله تعالى: (يَوْمَ هُمْ بَـاـرِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنْ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ(16) غافر.
    في قوله تعالى: (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ(13) الذاريات.
    اسم الضمير"هم" في هذين الموضعين هو مبتدأ؛ وخبره في الأولى بارزون، وفي الثانية جملة يفتنون في محل رفع خبر المبتدأ هم.
    ويوم في الأولى بدل من يوم التلاق في الآية السابقة لها، وهي ظرف منصوب لفعل مقدر بمعنى يأتي أو يجيء.
    ولم يضف إلى الضمير"هم" الظرف الذي قبله "يومَ"، لذلك جرى القطع في الرسم لعدم وجود سبب لوصلهما، ولإبعاد مظنة الإضافة فيه المخلة في المعنى.
    وقد وصلت "يومهم" في خمسة مواضع أخرى في القرآن الكريم؛ لان الضمير المتصل فيها "هم" مضاف إليه الظرف الذي قبله "يوم
    في قوله تعالى: (فَالْيَوْمَ نَنْسَـاـهُمْ كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَوْمِهِمْ هَذَا وَمَا كَانُوا بِآَيَـاـتِنَا يَجْحَدُونَ(51) الأعراف.
    وفي قوله تعالى: (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلـاـقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ(83) الزخرف.
    وفي قوله تعالى: (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ(60) الذاريات.
    وفي قوله تعالى: (فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلـاـقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ(45) الطور.
    وفي قوله تعالى: (فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلـاـقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ(42) المعارج.
    واليوم يعرف بأشهر ما يكون فيه، وما يحدث فيه لأهل الكفر هو الأعظم يوم القيامة، وهم الأكثر يوم القيامة؛ لذلك وصف هذا اليوم بأنه يومهم من دون بقية الناس الناجين فيه من أصحاب الجنة، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من أصحاب الفردوس الأعلى فيها.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 11/04/2009 الساعة 09:24 PM

  18. #18
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    قطع ووصل ابن أم

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة الخامسة عشرة: ابن أم
    ذكرت "ابن أم" في القرآن مرتين قطعت في أولاهما، ووصلت في الثانية منهما؛
    في قوله تعالى: (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَـاـنَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِي الأَعْدَاءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّـاـلِمِينَ(150) الأعراف.
    ووصلت في قوله تعالى: (قَالَ يَـاـهَـاـرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا(92) أَلاَّ تَتَّبِعَنِي أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي(93) قَالَ يَبْنَؤُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَاءِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي(94) طه.
    لما رجع موسى عليه السلام إلى قومه بعد ميقات ربه؛ غضبان أسفًا على ما فعله قومه من عبادتهم للعجل أثناء غيابه عنهم، وكان غضبه شديدًا على أخيه هارون عليهما السلام، الذي استخلفه من بعده ... إذ كيف يحدث هذا أمام هارون عليه السلام، ولا يستطيع أن يمنعهم عنه، أو يتركهم فيلحق به؟!
    فألقى الألواح وأخذ يجر أخيه إليه آخذًا برأسه ولحيته.
    فالذي جرى بين موسى وهارون عليهما السلام في الآيتين؛ هو حدث واحد، في مكان واحد، في زمن واحد.
    فلماذا قطعت إذن (ابن أم) في آية الأعراف، ووصلت (يبنؤم) في آية طه؟!
    هارون هو الذي يخاطب موسى عليهما السلام في الآيتين، لكن الطلب اختلف فيها؛
    في آية الأعراف يطلب هارون من موسى عليهما السلام أن يقربه ويضمه إليه، لأنه أبعده عنه بغضبه عليه؛ فقال له: (فَلا تُشْمِتْ بِي الأَعْدَاءَ)؛ بقطع الصلة بينهما، ( وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّـاـلِمِينَ)؛ المبعدين الذين غضب عليهم موسى عليه السلام...
    ولا يطلب أن يقربه إليه إلا إذا كان مبعدًا ومفصولاً عنه؛ فكتبت (ابن أم) مفصولة على الحال والواقع الذي بين موسى وهارون عليهما السلام بسبب هذا الحدث.
    أما في آية "طه"، فالوضع مختلف؛ فموسى عليه السلام ماسك برأس أخيه ولحيته، ولا يفكهما، وهو يجره بهما إليه، فهما مشتبكان ومتصلان جسديًا مع بعضهما، فكان طلب هارون من موسى عليهما السلام أن يتركه وينفصل عنه، ويفلت رأسه ولحيته من بين يديه الآخذتين بهما؛ (لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي)، فكتبت (ابن أم) موصولة؛ (يبنؤم)، ومعهما أيضًا أداة النداء "يا"، و"يا" في كل القرآن موصولة بالمنادى؛ لأن المنادى عليه موصول بالمنادي ويسمعه، ولا مناداة للبعيد الذي لا يسمع، فوافق الوصل في الرسم الوصل في الواقع.
    فلاختلاف الطلب الحاصل في الآيتين، والواقع الذي كانا عليه؛ اختلف الرسم باختلافهما؛ فما كان في الواقع موصولاً؛ كتب موصولاً، وما كان في الواقع مقطوعاً؛ كتب مقطوعاً.


  19. #19
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    قطع ووصل كل ما

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة السادسة عشرة: كل ما
    وردت "كلما" في القرآن في ثمانية عشر موضعًا؛ قطعت في ثلاث منها؛
    في قوله تعالى: (سَتَجِدُونَ ءاخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا(91) النساء.
    تفسير الآية كما جاء في تفسير الجلالين: (سَتَجِدُونَ ءاخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ)؛ بإظهار الإيمان عندكم، (وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ)؛ بالكفر إذا رجعوا إليهم؛ وهم أسد وغطفان، (كُلَّ مَا رُدُّواْ إِلَى ٱلْفِتْنِةِ)؛ دعوا إلى الشرك، (أُرْكِسُواْ فِيِهَا)؛ وقعوا أشدّ وقوع.
    فبعد أن يظهر هؤلاء إيمانًا بالله تعالى عند الرسول صلى الله عليه وسلم ويعاهدوه؛ يقطعون عهودهم إذا دعاهم قومهم إلى الكفر ومحاربة المسلمين؛ فلهذا الحال كان الرسم بالقطع موافقًا لما هم عليه من قطع العهود والرجوع إلى الكفر والشرك ومحاربة النبي صلى الله عليه وسلم مرة بعد مرة.
    وقطعت في قوله تعالى: (وَءاتَـاـكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَـاـنَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ(34) إبراهيم.
    فبعد عطاء الله تعالى من النعم الظاهرة والباطنة التي لا يستطيع الإنسان عدها؛ لا يؤدي الشكر لواهبها له، فينقص من حق الله تعالى ليصرفه بظلمه إلى غيره، وإنكاره بكفره مسبب النعمة له؛ فكان القطع موافقًا لقطعهم العطاء عن الله المعطي لهم ما سألوه، ورغبوا فيه، وانصرافهم عنه بكفرهم وظلمهم بدلا من حمده وشكره.
    وقطعت في قوله تعالى: (ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَا كُلَّ مَا جَاءَ أُمَّةً رَسُولُهَا كَذَّبُوهُ فَأَتْبَعْنَا بَعْضَهُمْ بَعْضًا وَجَعَلْنَـاـهُمْ أَحَادِيثَ فَبُعْدًا لِقَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ(44) المؤمنون.
    لا يرسل جميع الرسل إذا أرسلوا إلى أمة واحدة في زمن واحد؛ فيتواصل إرسالهم زمنًا بعد زمن، وعلى ذلك تكتب "كلما" موصولة.
    وأما إذا أرسل الرسل إلى أمم مختلفة كما في الآية، فقد يجمعهم زمن واحد، أو يكونون في أزمنة مختلفة؛ لذلك رسمت كلما على القطع لتفرق الرسل على أمم مختلفة.

    وكان وصل "كلما" في المواضع التي فيها تواصل مرة بعد مرة.
    كالتواصل في المشي؛
    في قوله تعالى: ( يَكَادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصَـاـرَهُمْ كُلَّمَا أَضَاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذَا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قَامُوا (20) البقرة.
    وتواصل الرزق لأهل الجنة؛
    في قوله تعالى: (كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ(25) البقرة.
    وتواصل الرسل إلى بني إسرائيل؛
    في قوله تعالى: (أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُكُمْ اسْتَكْبَرْتُمْ فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقًا تَقْتُلُونَ(87) البقرة،
    والتواصل في مثلها؛ في قوله تعالى: (لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَـاـقَ بَنِي إِسْرَاءِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلاً كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لا تَهْوَى أَنفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ(70) المائدة.
    وتواصل اليهود نقضهم للعهود دون أي إشارة لوفائهم بشيء منها؛
    في قوله تعالى: (أَوَكُلَّمَا عَـاـهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ(100) البقرة. وهو خلق ملازم لهم.
    وتواصل تعاهد زكريا عليه السلام لمريم؛ في قوله تعالى: (وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا(37) آل عمران.
    وتواصل تبديل جلود الكافرين في النار بعد نضجها؛
    في قوله تعالى: (كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَـاـهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ (56) النساء.
    وتواصل تأجيج النار على الكافرين؛
    في قوله تعالى: (مَأْوَـاـهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَـاـهُمْ سَعِيرًا(97) الإسراء.
    وتواصل محاولة أهل النار الخروج منها؛
    في قوله تعالى: (كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيهَا وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ(22) الحج.
    وفي قوله تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ فَسَقُوا فَمَأْوَـاـهُمْ النَّارُ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ(20) السجدة
    وتواصل اليهود في إشعال الفتن؛
    في قوله تعالى: (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ(64) المائدة.
    وتواصل دخول أمم النار يوم القيامة إلى أن يكتملوا جميعًا فيها؛
    في قوله تعالى: (قَالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنْ الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا(38) الأعراف.
    ومثلها في قوله تعالى: (تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنْ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ(8) الملك.
    وتواصل مرور قوم نوح عليه السلام عليه عندما كان يصنع السفينة؛
    في قوله تعالى: (وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ(38) هود.
    وتواصل دعوة نوح عليه السلام لقومه؛
    في قوله تعالى: (وَإِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصَـاـبِعَهُمْ فِي ءاذَانِهِمْ وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَأَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَارًا(7) نوح.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 11/04/2009 الساعة 09:27 PM

  20. #20
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    قطع ووصل في ما

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة السابعة عشرة: قطع ووصل في ما
    وردت "فيما" في القرآن: (33) مرة؛ وصلت في (22) موضعًا، وقطعت في (11) موضعًا؛
    فقد قطعت في قوله تعالى: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ في ما ءاتَـاـكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ (48) المائدة.
    وقطعت في قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلـاـئِفَ ألأرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَـاـتٍ لِيَبْلُوَكُمْ في ما ءاتَـاـكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ(165) الأنعام.
    ما أتانا الله تعالى هو عطاء منقطع للابتلاء، قد يزول، وقد يبدل في أي وقت، وقد يفارقه صاحبه ليكون من نصيب ورثته، وعين العطاء عمره قصير، ويجدد على انقطاع بغيره؛ كان العطاء مما تنبت الأرض، أو من بهيمة الأنعام، أو كان بناءً، وليس هو بالعطاء الدائم كعطاء الآخرة، وعلى ذلك فقد وافق الرسم حال العطاء في الحياة الدنيا.
    وقطعت في قوله تعالى: (ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَـاـنُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ في ما رَزَقْنَـاـكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَـاـتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (28) الروم.
    وفي الآية مقطوعان؛ قطع لملك اليمين على الشراكة في مال مالكه، وقد بيناه في قطع "من ما"، وقطع للرزق عن صاحبه؛ لأنه من عطاء الله تعالى غير الدائم، وقد جاء الرسم بالقطع موافقًا لذلك، ومع ذلك هم لا يقبلون مما ملكت أيمانهم الذين أعملوهم في رزقهم شركاء لهم فيه.
    فكيف يقبل الله عز وجل شراكة من أعملهم في الأرض واستعمرهم فيها؟!.
    وقطعت في قوله تعالى: (قُلْ لا أَجِدُ في ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إلا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنْ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ(145) الأنعام.
    الأصل في الأشياء الإباحة، ولا يقطع بتحريم شيء إلا ما ورد في تحريمه نص؛ ولذلك جاء الرسم بالقطع موافقًا لما عليه الحكم بالإباحة إلا ما استثني بالتحريم.
    وقطعت في قوله تعالى: (لا يَسْمَعُونَ حَسِيسهَا وَهُمْ في ما اشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَـاـلِدُونَ(102) الأنبياء.
    الأصل في الاشتهاء أن يكون للمفقود وغير الموجود، ونعيم الجنة من الكثرة بما لا يعد ولا يحصى، فيمر وقت طويل بالانشغال عن بعضها بما لذ وطاب من أنواع أخرى من النعيم، فعند ذلك تشتهيه أنفسهم، فيقولون؛ (كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَـاـبِهًا (25) البقرة. فقد وافق القطع حال المشتهي مع ما يشتهيه.
    وقطعت في قوله تعالى: (وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ في ما أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ(14) النور.
    فقد وافق القطع في الآية؛ قطعهم ما أفاضوا فيه من القول، بعد أن تبين لهم الحق، وان ما قد قيل في حادثة الإفك التي نزلت فيها هذه الآية؛ هو بهتان عظيم على أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
    وقطعت في قوله تعالى: (أَتُتْرَكُونَ في ما هَـاـهُنَا ءامِنِينَ(146) الشعراء.
    وقد وافق القطع تقريع صالح عليه السلام وتوبيخه لقومه؛ على التمسك والاغترار بالمنقطع الذي لا استمرار له ولا خلود، والمقطوع عنهم؛ لأنه لا يني عليه أجر في الآخرة من زكاة تخرج منه، أو نفقة، أو صدقات، وهو الذي قطعهم عن الله، فكفروا به، وبالآخرة.
    وقطعت في قوله تعالى: (عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَـاـلَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ في ما لا تعلمون(61) الواقعة.
    وقد وافق القطع ما قطع عنا العلم به والمعرفة له مكانًا وزمانًا.
    وقطعت في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَـاـعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (240) البقرة.
    وقد وافق القطع رفع الحرج عن أهل الزوجة التي توفي عنها زوجها؛ إن قطعت الزوجة الوصية، وخرجت من بيت زوجها الذي وصى لها الانتفاع بالبيت حولاً كاملاً بعد وفاته عنها.
    وقطعت في قوله تعالى: (قل اللهم َّ فَاطِرَ السَّمَـاـوَاتِ وَالأرْضِ عَـاـلِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَـاـدَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ في ما كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ(46) الزمر.
    وقد وافق القطع الفصل بينهم فيما اختلفوا فيه، وباعد بينهم في الدنيا؛ ولفظ "عبادك" يعم كل الناس، ولا يراد به فئة أو أمة بعينها، فمنهم من اتبع الحق، ومنهم من انصرف إلى الباطل، والبعد بينهم في الآخرة أشد وأعظم مما في الدنيا.
    وقطعت في قوله تعالى: (ألا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ في ما هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَـاـذِِبٌ كَفَّارٌ(3) الزمر.
    وقد وافق القطع قطع عبادة غير الله بلا عودة لها، والتفريق بينهم وبين من يعبدونه ليقربهم إلى الله زلفى ؛ فقد جاء في تفسير هذه الآية في تفسير "مفاتيح الغيب" للفخر الرازي؛ "واعلم أن الضمير في قوله: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرّبُونَا إِلَى ٱللَّهِ زُلْفَى) عائد على الأشياء التي عبدت من دون الله، وهي قسمان؛ العقلاء وغير العقلاء؛ أما العقلاء فهو أن قوماً عبدوا المسيح وعزيزاً والملائكة، وكثير من الناس يعبدون الشمس والقمر والنجوم، ويعتقدون فيها أنها أحياء عاقلة ناطقة، وأما الأشياء التي عبدت مع أنها ليست موصوفة بالحياة والعقل فهي الأصنام، إذا عرفت هذا فنقول الكلام الذي ذكره الكفار لائق بالعقلاء، أما بغير العقلاء فلا يليق" والحكم لا يكون إلا بين العقلاء.
    أما الأصنام فإنها تجمع معهم في النار؛ (إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ (98) الأنبياء.
    فالقطع والتفريق هو بين المشركين وبين الذين عبدوهم من الملائكة وعيسى والعزير، وإسقاط عبادتهم وقطعها بلا عودة إليها

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 24/02/2009 الساعة 09:11 AM

+ الرد على الموضوع
صفحة 1 من 3 1 2 3 الأخيرةالأخيرة

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •