آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 1 2 3 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 40 من 46

الموضوع: ستة وثلاثون بحثًا في المقطوع والموصول

  1. #21
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    رد: ست وثلاثون بحثًا في المقطوع والموصول

    وصل فيما

    أما وصلها في الحكم فيما يختلفون فيه؛ فإن هذا الاختلاف كان على الحق، فمنهم من اتبعه، ومنهم من أنكره وانصرف عنه وكفر به، فالحكم سيكون بإثبات الحق، وعلى ذلك كان الوصل فيها.
    و"فيما" مكونة من "في" المستعملة مع الحركة والانتقال، ووصلها مع "ما" الموصولة بمعنى "الذي" علامة على ثبات ما اتصلت به فهو حق في الدنيا مختلف فيه، وحق في الآخرة عند الانتقال والحول إليها.
    والحكم سيكون بين من أقر به واتبعه وآمن به، ومن أنكره وكفر به.
    فالوصل في الآيات العشر التالية بألفاظ الحكم أو القضاء أو الفصل هي كلها في الاختلاف على الحق الثابت في الدنيا والآخرة، فلا قطع ولا إبطال له، ولأجل ذلك كان الوصل فيها جميعًا؛
    في قوله تعالى: (وقالت الْيَهُودُ لَيْسَتْ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتْ النَّصَارَى لَيْسَتْ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَـاـبَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَـاـمَةِ فيما كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ(113) البقرة.
    وفي قوله تعالى: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَـاـعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنْ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَـاـمَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ(55) آل عمران.
    وفي قوله تعالى: (إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَـاـمَةِ فيما كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ(124) النحل.
    وفي قوله تعالى: (اللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيََـاـمَةِ فيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ(69) الحج.
    وفي قوله تعالى: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمْ الْكِتَـاـبَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فيما اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إلا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمْ الْبَيِّنَـاـتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنْ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(213) البقرة.
    وفي قوله تعالى: (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا(65) النساء
    وفي قوله تعالى: (وَلَقَدْ بَوَّأْنَا بَنِي إِسْرَاءِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْنَـاـهُمْ مِنْ الطَّيِّبَـاـتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جَاءَهُمْ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيََـاـمَةِ فيما كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ(93) يونس
    وفي قوله تعالى: (وَمَا كَانَ النَّاسُ إلا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فيما فِيهِ يَخْتَلِفُونَ(19) يونس
    وفي قوله تعالى: (وَءاتَيْنَـاـهُمْ بَيِّنَـاـتٍ مِنْ الأمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا ألا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمْ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَـاـمَةِ فيما كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ(17) الجاثية
    وفي قوله تعالى: (إِنَّ رَبَّكَ هُوَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَـاـمَةِ فيما كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ(25) السجدة

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 09/04/2009 الساعة 09:40 PM

  2. #22
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    رد: ست وثلاثون بحثًا في المقطوع والموصول


    تابع قطع فيما
    وقد وصلت "فيما" بعد "فلا جناح" في ست آيات؛
    وقد وصلت في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فيما فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ(234) البقرة. وهذه الآية تحدثت عن أمر آخر فيه الوصل، غير أمر قطع الوصية في آية البقرة التي ذكرناها من قبل.
    فلا جناح عليكم بعد انقضاء عدتهن؛ فيما يفعلن من مواصلة التزيين الذي كن يفعلنه بأنفسهن من قبل، والتعرض للخطاب بالمعروف شرعًا.
    ووصلت في قوله تعالى: (الطَّلـاـقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَـاـنٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا ءاتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إلا أَنْ يَخَافَا ألا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ ألا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فيما افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الظَّـاـلِمُونَ (229) البقرة.
    افتداء المرأة لطلاقها من زوجها إن لم تطق بقاء زواجهما؛ هو رد ما أمهرها من مال إليه، كما فعلت المرأة التي سألت الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك، ووافقت على رد حديقته إليه، فالمال الذي قدمه الزوج لها، وانفصل عنه بملكيتها له، عاد إليه مرة أخرى واتصل به، وعلى ذلك كان الوصل لا القطع.
    ووصلت في قوله تعالى: (وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنتُمْ فِي أَنفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا إلا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفًا وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَـاـبُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ(235) البقرة.
    أجاز الشرع التعريض للمطلقة والتي توفي عنها زوجها بالزواج منها بعد انتهاء عدتها.
    ووصلت في قوله تعالى: (وَالْمُحْصَنَـاـتُ مِنْ النِّسَاءِ إلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَـاـنُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَـاـفِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فيما تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا(24) النساء.
    جاء ذكر الاستمتاع بالنساء بعد تعداد ما يحرم الزواج بهن، والمهر فريضة فرضها الله للزوجة، فهو من حقها، وللزوج أن يؤخر بعض المهر من بعد الاستمتاع بهن، ويظل حقًا لها في عنقه، وقد يعجز الزوج عن الوفاء به، أو يشق عليه، فلا جناح في التراضي في حطه بعضه، وعلى ذلك كان الوصل كما في الآية السابقة.
    ووصلت في قوله تعالى: (لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ ءامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـاـلِحَـاـتِ جُنَاحٌ فيما طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَءامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّـاـلِحَـاـتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَءامَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ(93) المائدة,
    الأصل في الطعام والشراب الحل لا التحريم، ولا يحرم إلا ما ورد فيه تحريمه وأمثاله بنص، فليس جناح في تناول أي طعام، وعلى الطاعم تقوى الله تعالى في التحري عن حل الطعام واجتناب المحرم منه، وعلى ذلك كان الوصل لا القطع.
    وفي قوله تعالى: (ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا ءابَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا(5) الأحزاب.
    ليس جناح على من أخطأ في وصل أولاد التبني بغير آبائهم، ولم يعرف هذا الخطأ، واستمر التصاق الأولاد بمن ألحقوا بهم، وعلى ذلك كان الوصل لما فيه بقاء الوصل بالنسب.
    وتلحق بهذه الآيات وصلها قوله تعالى: (مَا كَانَ عَلَى النَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فيما فَرَضَ اللَّهُ لَهُ سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا(38) الأحزاب.
    ما فرض الله تعالى لنبيه بمن يحل له الزواج بهن من النساء اللاتي ذكرن قبل خاتمة هذه الآية، وما خصه الله به من أحكام خاصة تبقى محللة له، ومن ذا الذي يحرمها عليه، ويبطل ويقطع حكم الله عنه؛ وعلى هذا الوصل فيما أحل الله له كان الوصل في الرسم.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 09/04/2009 الساعة 09:44 PM

  3. #23
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    رد: ست وثلاثون بحثًا في المقطوع والموصول


    تكملة قطع فيما
    ووصلت فيما في قوله تعالى: (هـاـأَنْتُمْ هَـاـؤُلاءِ حَـاـجَجْتُمْ فيما لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ فَلِمَ تُحَاجُّونَ فيما لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ(66) آل عمران.
    لقد حاججوا فيما لهم به؛ وهو أن إبراهيم عليه السلام كان قبل أن تنزل التوراة والإنجيل، يريدون أن يبطلوا قول الله تعالى بأن إبراهيم كان حنيفًا مسلمًا؛
    فكيف يكون يهوديًا أو نصرانيًا من أتباع هذه الكتب التي نزلت بعده؟!
    ويحاجون في أمور كثيرة ليس لهم بها علم، فما حاججوا بما علموا وبما لم يعلموا هو أمر حق وثابت لا مبطل له ولا ناقض له، وعلى ذلك جاء الرسم بالوصل لا القطع في الموضعين.
    ووصلت في قوله تعالى: (فَلَمَّا ءاتَـاـهُمَا صَـاـلِحًا جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فيما ءاتَـاـهُمَا فَتَعَـاـلَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (190) الأعراف.
    فما آتاهما الله تعالى من الولد يظل متصلا بهما؛ حيث هما أبواه، أشركا بالله أم لم يشركا؛ وعلى ذلك جاء الرسم بالوصل.
    ووصلت في قوله تعالى: (لَوْلا كِتَـاـبٌ مِنْ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فيما أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(68) الأنفال
    فما أخذه المسلمون من الغنائم يوم بدر، وأصبح من ملك أيديهم، بقي لهم ولم ينزع منهم، بعد أن عفا الله عنهم وأحله لهم.
    ووصلت في قوله تعالى: (لَعَلِّي أَعْمَلُ صَـاـلِحًا فيما تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ(100) المؤمنون.
    مال الميت يكون موصولا به قبل موته، ومسئولاً عنه يوم القيامة أمام الله تعالى بعد موته؛ من أين اكتسبه؟، وفيم أنفقه؟، وهل أخرج منه حق الله مما افترضه عليه؟ ، وعلى ذلك كان الوصل، فلا انقطاع للمسؤولية عما يتركه الميت بعده.
    ووصلت في قوله تعالى: (وَابْتَغِ فيما ءاتَـاـكَ اللَّهُ الدَّارَ الآخِرَةَ وَلا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنْ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الأرْضِ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ(77) القصص
    خاطب بنو إسرائيل قارون فيما هو متصل به في حياته؛ مما آتاه الله تعالى من الكنوز والأموال؛ لينفق منها في سبيل الله ابتغاء الأجر والثواب بما عند الله تعالى، ويخرج حق الله فيها، وعلى ذلك كان الوصل في الرسم موافقًا للمال الموصول في الواقع بصاحبه.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 09/04/2009 الساعة 09:45 PM

  4. #24
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    وصل وقطع أن لو

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الكلمة الثامنة عشرة: وصل وقطع أن لو
    وردت "أَنْ لَوْ" في القرآن أربع مرات؛ قطعت في ثلاث منها؛
    في قوله تعالى: (أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِهَا أَنْ لَوْ نَشَاءُ أَصَبْنَـاـهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ(100) الأعراف.
    بين الله تعالى في الآية أنه لو شاء لأصاب المشركين بالعذاب؛ فدل ذلك على أن العذاب لم يقع بهم ، وأنه مقطوع عنهم، فكان القطع في الرسم موافقًا لما دل عليه سياق الآية، بأن العذاب مقطوع عنهم، وأن وقوعه مرتبط بمشيئة الله عز وجل.
    وقطعت في قوله تعالى: (أَفَلَمْ يَايْـ(ءَ)ـسْ الَّذِينَ ءامَنُوا أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا وَلا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ(31) الرعد.
    لم يكن الناس جميعهم في يوم من الأيام على الهداية مهما جاءتهم من آيات من الله تعالى؛ ابتداء من ابني آدم إلى قيام الساعة؛ وسيظل هناك من تصيبه قارعة بذنبه إلى أن يأتي وعد الله؛ فكان القطع موافقًا لما هو عليه الحال الدائم للناس؛ أنهم لن يجتمعوا كلهم على الهدى.
    وقطعت في قوله تعالى: (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلاَّ دَابَّةُ الأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتْ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ(14) سبأ.
    ما كان للجن أن يعلموا الغيب في السابق ولا لاحقًا، وعلم الغيب هو لله وحده، فجاء الرسم بما يوافق قطع علم الغيب عن الجن، من قبل ذلك ومن بعده، خلافًا لما يظن كثير من الجهلة أن لهم القدرة على الاطلاع على علم الغيب.
    وقد وصلت "أَنْ لَوْ" في موضع واحد فقط؛
    في قوله تعالى: (وَأَلَّوْ اسْتَقَـاـمُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَـاـهُمْ مَاءً غَدَقًا(16) الجن.
    ففي الآيات السابقة كان التمني لشيء لم يكن، فكان الرسم بالقطع، أما في هذه الآية فهو لشيء كان؛ فقد بينت الآية أنهم كانوا على الطريقة الحق المستقيمة، والتمني لو أنهم تواصلوا عليها بالاستقامة، فكان الوصل في الرسم لا القطع.
    ووافق الوصل؛ سقوط نون النزع من الرسم بالإدغام بلام الالتصاق.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 14/03/2009 الساعة 10:09 AM

  5. #25
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    قطع إِنْ مِنْ

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الكلمة التاسعة عشر: قطع إنْ مِنْ
    وردت "إنْ مِنْ" خمس مرات مقطوعة في الجميع؛
    و"إنْ" في الآيات التالية؛ هي "إنْ" النافية المشبهة بليس، التي تدخل على الجمل الاسمية، غير العاملة لاقتران خبرها بإلاَّ. و"مِنْ" حرف جر زائد للتوكيد، وزياد ة من بعد النفي فيها جعلت الاسم يعم الجنس، وجعلت المرفوع مجرورًا تأكيدًا على مطاوعته وعدم امتناعه في استقبال الفعل الواقع عليه.
    وكان القطع موافقًا لما أُخبر عنه في الآيات التي جاءت فيها "إنِْ مِنْ
    فقد قطعت في قوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَـاـبِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَـاـمَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا(159) النساء.
    فأهل الكتاب سيقطعون القول بألوهية عيسى ابن مريم عليه السلام، وقولهم إن الله ثالث ثلاثة، تعالى عما يقولون علوًا كبيرًا؛ وذلك بعد نزوله، وسيؤمنون بعيسى عليه السلام؛ عبدًا لله ورسوله، وكلمة منه ألقاها إلى مريم، كما أخبر ذلك الله تعالى عنه، ولا يصح الإيمان منهم إلا بعد قطع أقوالهم فيه أولاً، وعلى ذلك كان القطع في الرسم.
    وقطعت في قوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ(21) الحجر.
    الشيء هنا هو الرزق الذي عرفوه مما قطع من خزائن الله تعالى ليكون رزقًا لهم، فلأجل ذلك كان القطع لها في الرسم.
    وقطعت في قوله تعالى: (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَـاـوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا(44) الإسراء.
    فكل شيء هو يسبح لله تعالى، ولكن هذا التسبيح مقطوع عنا الفقه فيه، وعلى ذلك كان القطع في الرسم.
    وقطعت في قوله تعالى: (وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَـاـمَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَـاـبِ مَسْطُورًا(58) الإسراء.
    فهلاك القرية هو قطع لحياة أهلها، وقطع لاستعمارها الناس لها، وكل قرية هي هالكة قبل يوم القيامة، فمنها من يقطع بهلاكه عن شهود العذاب في قيام القيامة، وآخرهم هم ممن بقي في قلبه ذرة إيمان، ثم تقوم القيامة على شرار الناس، ووافق القطع في الرسم هذا القطع بالهلاك.
    وقطعت في قوله تعالى: (إِنَّا أَرْسَلْنَـاـكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ(24) فاطر.
    الأمم كثيرة، والرسل قبل النبي صلى الله عليه وسلم الذي كانوا ينذرون أقوامهم يوم القيامة هم كثر؛ وقد انقطع وجوده قبل مبعث النبي عليه الصلاة والسلام، وانقطع وجود أمم كثيرة كذلك.
    فالقطع في هذه الآيات وافق القطع المخبر عنه، ووافق التعميم تفرق وتباعد الأمم على الأمكنة وفي الأزمنة.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 14/03/2009 الساعة 10:10 AM

  6. #26
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    07/10/2006
    المشاركات
    200
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رد: ست وثلاثون بحثًا في المقطوع والموصول

    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الاخ الكريم ابو مسلم
    كما يقال الخير بتمامه: هلا تكرمت وجمعتها في ملف واحد حتى يسهل الاستفاده منها لان نقلها يحتاج لوقت طويل واحيانا الحاسوب يرفض نقل اجزاء منها.
    جهد كبير وفائده عظيمه بعون الله ارجوا لك دوام الصحه والعطاء المتواصل وبارك الله بك وزادك خيرا.
    اخوكم عبد الله محمود


  7. #27
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    رد: ست وثلاثون بحثًا في المقطوع والموصول

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبدالله محمود مشاهدة المشاركة
    بسم الله الرحمن الرحيم
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    الاخ الكريم ابو مسلم
    كما يقال الخير بتمامه: هلا تكرمت وجمعتها في ملف واحد حتى يسهل الاستفاده منها لان نقلها يحتاج لوقت طويل واحيانا الحاسوب يرفض نقل اجزاء منها.
    جهد كبير وفائده عظيمه بعون الله ارجوا لك دوام الصحه والعطاء المتواصل وبارك الله بك وزادك خيرا.
    اخوكم عبد الله محمود
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
    بارك الله فيك يا أخي الكريم
    جمعها في ملف واحد أظن أنه لا يمكن لكثرة المكتوب
    وسيطلب تجزئته
    لكنني سأحاول بعد اكتمال التنزيل
    أرى تفريقها على أبواب منفردة أسهل في الرجوع إليها
    ويستطيع القارئ أن يختار ما يريده
    لقد كتبت في المقطوع والموصول قبل سنوات ... ولكنني لم أجد له أثرًا إلا ملفات قليلة
    فأين ذهب؟!
    وها أنا أعيد الكتابة مرة أخرى .. مع كثرة المناسبات وارتفاع الضغط .. نسأل الله تعالى العافية
    وسأنزل بقيته إن شاء الله تعالى قريبًا ولو على دفعات


  8. #28
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    وصل وقطع أينما

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة العشرون: وصل وقطع أينما
    وردت أينما (12) مرة؛ قطعت في (8) مواضع، ووصلت في (4) مواضع؛
    فقد وصلت في قوله تعالى: (وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(115) البقرة.
    الصلاة تصل إلى الله، ولا يقطعها بعد مكان إقامتها عن المسجد الحرام، ولا الجهة التي يقع فيها المسجد الحرام، وعلى ذلك كان الوصل على تأكيد بلوغ صلاتك لربك الذي تصلى له.
    ووصلت في قوله تعالى: (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُّمْ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ (78) النساء.
    الموت موصول بالإنسان، ولا مفر لأحد منه إلى أي مكان قد يوجد فيه أو ينتقل إليه، وعلى ذلك كان الرسم بالوصل لا القطع، فلا مفر لمخلوق من إدراك الموت له.
    ووصلت في قوله تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلـاـهُ أَيْنَمَا يُوَجِّهُّ لا يَأْتِ بِخَيْرٍ (76) النحل.
    لا يغير حال الأبكم الكَلَّ على مولاه تغير الجهة التي يوجه إليها، وعجزه يظل متصلاً، وملصقًا به، وعلى ذلك كان الوصل في الرسم لا القطع.
    ووصلت في قوله تعالى: (مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلاً(61) الأحزاب.
    اللعنة تلاحق المنافقين والمرجفين أينما ثقفوا؛ أي أينما وجدوا وأي مكان ينطلقون إليه أو يدخلون متسللين فيه؛ فإن تثقيف السهم هو لتسهيل دخوله في الرمية ومروقه منها، وعلى ذلك كان الرسم بالوصل لا القطع لوصول اللعنة إليهم.

    وقطعت في قوله تعالى: (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمْ اللَّهُ جَمِيعًا إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(148) البقرة.
    الجمع والإتيان يكون لما هو متفرق ومتباعد، وليس لما هو مجموع ومتقارب؛ وعلى ذلك جاء الرسم بالقطع لا الوصل.
    وقطعت في قوله تعالى: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمْ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنْ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنْ النَّاسِ (112) آل عمران

    التفرق يلحق بأهله الذل والهوان، وقد قضى الله تعالى على بني إسرائيل التفرق أمما مشتتين في الأرض، إلا ما استثناه الله تعالى لبعض منهم؛ وعلى ذلك كان القطع لارتباط الذل بالتفرق.
    وقطعت في قوله تعالى: (حَتَى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَـاـفِرِينَ(37) الأعراف.
    سؤال عما عبدوهم في الحياة الدنيا، ولا وجود له في الآخرة؛ فكان الرسم بالقطع موافقًا لما لا وجود له في الآخرة عند السؤال عنه.
    وكان القطع لنفس السبب في آيتي الشعراء وغافر؛
    في قوله تعالى: (وَقِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ(92) الشعراء.
    وفي قوله تعالى: (ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ تُشْرِكُونَ(73) غافر.

    وقطعت في قوله تعالى: (وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَـاـنِي بِالصَّلَواةِ وَالزَّكَواةِ مَا دُمْتُ حَيًّا(31) مريم.
    البركة لعيسى عليه السلام ليست محصورة بمكان ولادته، وأرض قومه؛ بل هي ملازمة له أينما انتقل ورحل، وتباعد عن قومه، وأرضهم؛ فجاء القطع موافقًا لما أخبر به عليه السلام عن نفسه.
    وقطعت في قوله تعالى: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ(4) الحديد.
    بسبب طبع الإنسان، وضروريات الحياة؛ فإنه لا يظل محصورًا في مكان واحد، وعليه الانتقال في الأرض، والانتشار فيها، وعلى ذلك كان الرسم بالقطع؛ وتظل معية الله لنا قائمة حيث كنا.
    وقطعت في قوله تعالى: (مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَـاـثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا(7) المجادلة.
    سبب القطع في هذا الموضع هو نفسه في الآية السابقة؛ مع زيادة في التفصيل؛ قل عددهم في أماكن تواجدهم أم كثر، جهروا بصوتهم، أم تناجوا بينهم؛ فالله السميع البصير هو معهم.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 14/03/2009 الساعة 10:12 AM

  9. #29
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    وصل وقطع بئسما

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة الحادية والعشرون : وصل وقطع بئسما
    بئسما بالقطع والوصل كلها وردت في أهل الكتاب، وقد انقسم فعلهم على حالين؛ حالة يعودون فيها إلى المعصية أو الشرك والكفر بعد الخروج منه، وحالة يخرجون من إيمان وطاعة كانوا عليها؛ فإن كان العودة لكفر سابق كتب بالوصل، وإن كان الخروج من إيمان سابق كتب بالقطع.
    وردت بئسما تسع مرات؛ قطعت في ستة مواضع، ووصلت في ثلاثة منها؛
    فقد وصلت في قوله تعالى: (وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَـاـنَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ (150) الأعراف.
    كل رسول يرسل لقومه إنما يرسل لإخراجهم من البؤس الذي هم فيه، وعلى رأسه الإشراك بالله عز وجل؛ فعندما يرجعون إلى إشراكهم بالله بعد خروجهم منه؛ إنما هم يستمرون على الحال الذي كانوا عليها من قبل؛ وعلى ذلك كان الرسم بوصل بئسما.
    ووصلت في قوله تعالى: (بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَـاـفِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ(90) البقرة.
    كان هذا الفعل من أهل الكتاب الذين كانوا يبشرون بالرسول صلى الله عليه وسلم؛ ويستفتحون على الذين كفروا به؛ فلما جاء النبي بالكتاب الذي نزل عليه مصدقًا لما معهم؛ كفروا به واستمروا على ما هم عليه من البؤس الذي هم فيه، فعلى ذلك كتبت بالوصل لا القطع.
    ووصلت في قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَـاـقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمْ الطُّورَ خُذُوا مَا ءاتَيْنَـاـكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا قَالُوا سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمْ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ قُلْ بِئْسَمَا يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَـاـنُكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ(93) البقرة.
    فهذا تذكير لهم بكفرهم السابق أيام موسى عليه السلام وفساد فطرتهم في كفرهم بنبوة الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به، فكتبت مثل السابقات على الوصل لا القطع.

    وقد قطعت في قوله تعالى: (وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ(102) البقرة.
    في الآية تحذير من تعلم السحر الذي يقطع الإيمان السابق قبل تعلمه؛ وعلى ذلك كتبت بالقطع لا الوصل
    وقطعت في قوله تعالى: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَـاـقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَـاـبَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ(187) آل عمران.
    فقد قطعوا العهد الذي أخذ عليهم بعدم كتم ما في الكتاب، وقد كتموا أمر الله إليهم بالإيمان بالنبي عليه الصلاة والسلام ونصرته، فالحديث عن كتم العلم وإنكاره، وقد حفظوه زمنًا طويلا من قبل، أما الكفر به فهو عودة لما كانوا عليه، وعلى قطعهم للعهد جاء الرسم بالقطع كذلك.
    وقطعت في قوله تعالى: (وَتَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يُسَـاـرِعُونَ فِي الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَأَكْلِهِمْ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(62) المائدة.
    مسارعتهم في الإثم هو خروج عن طاعة الله تعالى؛ بعد أن تعلموا العلم الذي أوصلهم ليكونوا أحبارًا ورهبانًا، فأقدموا على قطع ذلك بالمعاصي والإثم وأكل السحت، وعلى ذلك جاء الرسم بالقطع كذلك.
    وقطعت في قوله تعالى: (لَوْلا يَنْهَـاـهُمْ الرَّبَّـاـنِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمْ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمْ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ(63) المائدة.
    والآية أيضًا متعلقة بالأحبار والرهبان الذين في الآية السابقة؛ ففيها بيان أيضًا بقطع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر؛ بالسكوت عن القائلين بالإثم والآكلين للسحت، فكان الرسم بالقطع موافقًا لهذا القطع منهم.
    وقطعت في قوله تعالى: (كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ(79) المائدة.
    لقد كان عندهم من الأحكام ما يجعلهم يفرقون ما هو معروف وما هو منكر؛ فقطعوا العمل بالمعروف إلى العمل بالمنكر، فعلى ذلك جاء الرسم بالقطع.
    وقطعت في قوله تعالى: (تَرَى كَثِيرًا مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَـاـلِدُونَ(80) المائدة.
    فهؤلاء هم نفس السابقين؛ فتوليهم للذين كفروا هو قطع آخر منهم لما يؤمرون به في الكتاب الذي أنزل عليهم، فكذلك كان الرسم بالقطع أيضًا.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 14/04/2009 الساعة 09:16 PM

  10. #30
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    وصل وقطع كيلا

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة الثانية والعشرون: وصل وقطع كيلا

    "كيلا" مكونة من؛ "كي" و"لا"، وكي: حرف من حروف المعاني ينصب الأفعال المستقبلة، واستعماله لبيان علة وقوع الشيء، ودخلت على كي اللام للتوكيد، وألحقت بها لا النافية لقلب الإيجاب إلى السلب.
    وقد ذكرت "لكيلا" في القرآن الكريم سبع مرات، إلا واحدة منها بغير لام؛ وقد وصلت في أربعة مواضع، وقطعت في ثلاثة مواضع؛ وكان الوصل والقطع تبعًا لما أراده الله تعالى من العباد فعله؛
    فقد وصلت في قوله تعالى: (إِذْ تُصْعِدُونَ وَلَا تَلْوُونَ عَلَى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْرَـاـكُمْ فَأَثَـاـبَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا مَا أَصَـاـبَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (153) آل عمران.
    هذه الآية نزلت في غزوة أحد، وقد هزم المسلمون فيها بعد أن كان لهم النصر في بادئ الأمر، واستشهد منهم سبعون شهيدًا؛ أي عُشر الجيش الذي خرج في هذه الغزوة، وكانت صدمة كبيرة للمسلمين.
    والهزيمة تولد في الأمم الإحباط، وتغير سياستهم من الهجوم إلى الدفاع، والتقاعس عن القتال، والأمة الإسلامية التي أنزل الله عليها كتابه، وألزمهم بتبليغ رسالته إلى الناس، وأمرهم بالجهاد من أجل ذلك، وجعل أجر الشهيد الفوز بالجنة، فإن الأمة ستلاقي في مواضع كثيرة مثل ما لاقوه في أحد، وأشد من ذلك ودون ذلك، فعليهم ألا ينصرفوا عن القتال، وقطع الجهاد لمصيبة تصيبهم في الحرب أو هزيمة، ويجب عليهم مواصلة الجهاد في سبيل الله مهما فاتهم من غنائم أو أصابتهم من مصيبة.
    وللمعنى الذي أراده تعالى، وحكمته التي أرادها في هزيمة المسلمين، وكان بقدرته منع ذلك؛ جعل من تلك الحادثة منهاجًا للمسلمين في الحرب على مر العصور؛ فكتبت (لكيلا) موصولة لتكون صورة لتواصل الجهاد وعدم قطعه مهما كانت نتائجه.
    وكان عدم الأخذ بما في هذه الآية بعد معركة بلاط الشهداء؛ اختفاء الإسلام بعد زمن من أرض الأندلس.
    ووصلت في قوله تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا ءاتَـاـكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ(23) الحديد
    يبين الله تعالى في هذه الآيات أن ما يناله الإنسان من خير، أو يصيبه من مصيبة؛ قد كتب عليه من أن قبل أن يخلقه، وأنه لم يحدث له شيء إلا بعلمه سبحانه وتعالى.
    وأن الله سبحانه وتعالى لم يخلق الإنسان إلا لعبادته؛ فلا يقطع عبادته لله تعالى إن أصابته مصيبة؛ فييأس، ويتقاعس عن العمل، أو يكفر بالله لأنه حرمه من خير الدنيا وأصابه بالمشقة فيها، وكذلك لا يبطر ويفسد في الأرض إن كثر الخير بين يديه، وليكن كما قال عليه الصلاة والسلام: (عجبت لأمر المؤمن فأمره كل خير إن أصابته ضراء صبر وإن أصابته سراء شكر فكان خيرًا له).
    وعلى ذلك كتبت (لكيلا) موصولة على ما يريده الله تعالى من مواصلة العبادة له في الضراء والسراء.
    ووصلت في قوله تعالى: (يَـاـأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الَّـاـتِي ءاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّـاـتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَـاـلَـاـتِكَ الَّـاـتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَـاـنُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا(50) الأحزاب
    محمد صلى الله عليه وسلم نبي هذه الأمة وإمامها ومعلمها؛ فهو أول من طبق أحكام الله فيها، وقد فرض الله له بعض الأحكام الخاصة به في ظاهرها، وفي طياتها إعانة من الله له في تبليغ رسالته، وتطبيق أحكامه؛ كإحلال الله له التزوج بأكثر من أربع نساء، وكان في زواجه من كل واحدة له أسبابه الخاصة به.
    وقد بين تعالى في بداية السورة أن النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم فهو وليهم ذكورًا وإناثا، وكبارًا وصغارًا، وبين تعالى في هذه الآية حكمًا لولا سبق بيانه للأمة؛ لكان للمنافقين والمرجفين، والذين في قلوبهم مرض حديث يخوضون فيه، وهذا الحكم هو زواج النبي صلى الله عليه وسلم ممن تعرض نفسها عليه لتكون زوجًا له، إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة له من دون المؤمنين، ويدل هذا على أن العرض منها بدون إذن وليها، أو تطلب من وليها عرض ذلك عليه لمهابة المسلمين من فعل ذلك، والقبول يكون للنبي صلى الله عليه وسلم، وقيل أنه لم تعرض نفسها إلا امرأة واحدة، ثم طلبت أن تقال من هذا العرض، ولم يكن هناك زواج للنبي عليه الصلاة والسلام عن طريق هذا الحكم.
    والحكمة من هذا الحكم أنه لو كان رسول الله تقدم لامرأة ورغب في الزواج منها، أو كانت الرغبة منها هي؛ فوهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، ورفض ولي المرأة هذا الزواج، وفضل غير رسول الله عليه؛ لكان ذلك كفرًا منه، وهلاكًا له، فرحمة من الله بالمؤمنين بين هذا الحكم.
    وحتى يتواصل رفع الحرج عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولا يبقى لمتكلم كلام يأخذه عليه؛ فبين سبحانه وتعالى هذا الحكم، وعليه كتبت (لكيلا) بالوصل لما أراده الله بحكمته من هذا الحكم؛ من تواصل رفع الحرج عن رسوله عليه الصلاة والسلام.
    ووصلت في قوله تعالى: (يَـاـأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَـاـكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئًا وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ(5) الحج.
    كتبت "لكيلا" في هذه الآية من سورة الحج بالوصل وفي الآية المشابهة لها من سورة النحل بالقطع وسر هذا الوصل وذاك القطع في الآيتين يعود إلى مقدمة كل آية منهما.
    ففي بداية آية الحج يبين الله تعالى للمنكرين للبعث، والشاكين في حدوثه؛ ما يذكرهم كيف بدأ وجودهم في الحياة، ومراحل الضعف التي مروا بها؛ فبدايتهم من تراب، ثم من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة، وفي هذه المراحل لم يكن للإنسان صورة الإنسان، ويخشى عليه من السقوط، ثم يقر الله ما يشاء منهم في الأرحام إلى أجل يخرج بعدها طفلا لا يعلم شيئًا، ثم يعطيه تعالى من العلم والقوة حتى يبلغ أشده، وبعدها إما الموت المبكر له، وإما بلوغ أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئًا.
    فقد فصل تعالى مراحل عمره وكلها في الضعف إلى مرحلة واحدة ؛ هي بلوغ أشده من بين تلك المراحل، وفي نهاية أمره أنه انتهى إلى ما بدأ فيه من الضعف، فالضعف عاد إليه، واستمر في الضعف ابتداء وانتهاء، ولتواصل الضعف عليه؛ كتبت لكيلا موصولة لبيان هذا التواصل من الضعف فإن من التواصل العودة لما فارقه.
    وتدل هذه الآية على أن القدرة له في حفظ العلم ضعفت ولم يبق من العلم إلا القليل، وقد بينت هذا أيضًا "من" التبعيضية (لكيلا يعلم من بعد علم)، أو أنه لم يأخذ من العلم إلا القليل، وفقده في آخر العمر؛ فتواصل عليه الضعف عودًا على بدء.
    وأما قطعها في قوله تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ ثُمَّ يَتَوَفَّـاـكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ(70) النحل.
    فقطعت ( لكي لا ) في هذا الموضع خلافًا لوصلها في الموضع السابق المشابه له من سورة الحج، ويكشف أيضًا سر هذا القطع مقدمة الآية؛ فقد بين تعالى أن الله خلقنا فأعطانا الحياة، ثم يتوفانا فينزع منا الحياة، وأعطانا العلم، ثم ينزعه ممن بلغ أرذل العمر منا؛ فالعلم أعطي ثم قطع كما أعطيت الحياة ثم قطعت بالوفاة، فجاءت كتابة ( لكي لا ) مقطوعة لتبين القطع الذي حدث للعلم ولم يؤت بمن التبعيض في هذه الآية كما جيء بها في السابقة.
    والفرق بين الآيتين أن في آية الحج تواصل الضعف عليه وبقي من العلم القليل، وفي آية النحل قطع هذا العلم فلم يبق منه شيء، والمثالان موجودان في حياة الناس ممن بلغ أرذل العمر.
    ومما لا شك فيه من الأمثلة التي يعرفها الناس أن فقدان العلم للعالم قليل، ويبقى لديه مما يحفظ له شخصيته، وأما الجاهل قليل العلم ففقده كبير لما تعلمه في الحياة، فيسوء حاله في آخر عمره، حتى لا يحفظ شيئًا من أمور الحياة؛ وقد يضل عن بيته لذلك، فيظل تحت مراقبة أهله حتى لا يفقد أو يضع نفسه في مهلكة.
    فهؤلاء الذين قطع عنهم العلم؛ لم يذكر تعالى في بداية الآية أنه أعطاهم علمًا، فهم في حكم الجهلاء قليلو العلم، وهم الأشد سوءا عندما يبلغون أرذل العمر، والله تعالى أعلم بعباده.
    وقطعت في قوله تعالى: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَـاـهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَـاـكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً(37) الأحزاب.
    كان ادعاء الأبناء وتبنيهم وجعلهم كالأولاد من الصلب عادة متأصلة عند العرب، حتى أن قريشًا عرضت على أبي طالب من أبنائها مقابل محمد عليه الصلاة والسلام ليقتلوه، وقد بين تعالى في بداية سورة الأحزاب حكمه في هذا الأمر بقوله تعالى: ( ... وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ(4)ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا ءابَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ (5) الأحزاب.
    ولم يكف بيان الحكم عند الناس للأخذ به لشدة تأصله فيهم، فكان لا بد لاستئصال هذه العادة؛ أن يقوم النبي صلى الله عليه وسلم بتطبيق ذلك الحكم بنفسه بزواجه من مطلقة زيد بن ثابت، الذي تبناه النبي قبل الإسلام، وكان يسمى بزيد بن محمد؛ ليكون في تطبيقه هذا الحكم الشديد عليه؛ قدوتهم وإمامهم في تطبيقه.
    وقد أخبر سبحانه رسوله بذلك الأمر، وزيد يشكو من زينب بنت جحش للنبي عليه الصلاة والسلام، وامتناعها وتكبرها عليه، وقبل أن يوافقه على طلاق زوجه كان يقول له: (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ)؛ حتى يؤخر هذا التطبيق، أو يرفعه الله عنه، وقد كانت العرب ترى ذلك من العار الكبير؛ فثقل الأمر على رسول الله، وأخفى في نفسه ما بلغ به مما سيكون شأنه مع زوج دعيه السابق؛ (وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَـاـهُ)، وقد قضى الله تعالى هذا الأمر، وقضاؤه لا يرد؛ (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَـاـكَهَا لِكَيْ لا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً)؛ ففي فعل الرسول صلى الله عليه وسلم بزواجه من مطلقة دعيه قطعًا لعادة التبني عند العرب.
    ولذلك كتبت (لكي لا) مقطوعة تبعًا لمراد الله في قطع عادة التبني المتأصلة عند العرب، ولا يتحرج المؤمنون بعد ذلك من هذا الأمر.
    وقطعت في قوله تعالى: (مَّآ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَـاـمَى وَالْمَسَـاـكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا ءاتَـاـكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَـاـكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ(7) الحشر.
    أراد الله سبحانه وتعالى أن يكون لليتامى، والمساكين، وابن السبيل، ولذي قربى النبي صلى الله عليه وسلم؛ ممن لم يحضر الحرب، ولم يشارك بها، أو هو عاجز عن المشاركة فيها؛ نصيب من الغنائم التي لم تأت عن طريق القتال والتي تسمى بالفيء.
    لهذا الشيء المراد من توزيع الفيء وتقطيعه ولا يجمع بأيدي فئة قليلة؛ كان رسم (كي لا) مقطوعًا ليكون موافقًا لحكم الله تعالى وصورة لما يريده في هذا المال ... والله تعالى هو العليم الحكيم

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 09/04/2009 الساعة 09:49 PM

  11. #31
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    وصل وقطع ويكأن

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة الثالثة والعشرون: وصل ويكأن
    وردت "وي" كأن مرتين، وقد وصلت فيهما؛
    في قوله تعالى: (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْلا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا لَخَسَفَ بِنَا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكَـاـفِرُونَ (82) القصص.
    ويكأنه مكونة من ؛ "وي" اسم فعل للندم والتفجع والتعجب، و"كأن" للتوكيد والتشبيه؛
    وقيل مكونة من ؛ "ويك" و "أنَّ" وأصل "ويك"؛ "ويلك" أسقطت اللام منها.
    وقيل أنها مكونة من؛ "وي" و "الكاف" الداخلة على "أنَّ".
    وقيل أنها كلمة واحدة.
    ولم ترسم في المصحف إلا ككلمة واحدة.
    ومعنى "ويكأنَّ" الله؛
    ألم تر أنَّ الله يبسط الرزق، ألم أن الكافرين لا يفلحون.
    اعلم أنَّ الله يبسط الرزق، اعلم أن الكافرين لا يفلحون.
    وما حدث لقارون من الهلاك بالخسف به، وبداره؛ يثير الخوف والعجب،
    ويجعل الذي تمنوا مكانه يتندمون على تمنيهم،
    ويخشون من عقابهم على تمنيهم ذلك.
    ويثير عجبهم من بسط الرزق لمن لا يحسن العمل به ولا يشكر الله عليه، ويكون من الكافرين.
    وعجبهم من أن بسط الرزق للكافرين لا ينجيهم من عذاب الله.
    وأن بسط الله تعالى الرزق لمن يشاء حقيقة دائمة
    وأنه لا فلاح للكافرين حقيقة دائمة
    وكان التعجب بـ "وي" مما له صفة الدوام.
    فكان وصل (وي) التعجب بـ (كأنَّ) المؤكدة لما هو دائم ومستمر في الرسم موافق للمعاني التي استعملت لها.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 14/03/2009 الساعة 10:16 AM

  12. #32
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    وصل وقطع أن لن

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة الرابعة والعشرون : وصل وقطع أنْ لنْ
    وردت "أن لن" ثلاث عشرة مرة؛ قطعت في أحد عشر موضعًا، ووصلت في موضوعين؛
    فقد وصلت في قوله تعالى: (وَعُرِضُوا عَلَى رَبِّكَ صَفًّا لَقَدْ جِئْتُمُونَا كَمَا خَلَقْنَـاـكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِدًا(48) الكهف.
    هذا الخطاب هو في يوم القيامة، بعد أن تحقق الوعد بإعادة خلقهم مرة أخرى، وأصبح الوعد حقيقة يعيشونها؛ فعلى ذلك كتبت بالوصل وليس بالقطع الذي ذكروا به من قبل، ولم يعد أحد يزعم به بعد قيامه.
    وأما قطعها في قوله تعالى: (زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ(7) التغابن.
    فلأن هذا الزعم بالنفي للبعث قائم في الدنيا؛ وعليه كان القطع لا الوصل.
    وقد وصلت في قوله تعالى: (أَيَحْسَبُ الإِنسَـاـنُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ(3) القيامة.
    والظن يكون فيما لم يأت بعد، والشك في شيء قد أتى، والحساب هو التقدير لشيء قائم، وعظام الإنسان مجموعة وقائمة فيه، وهو يقدر أن الله لن يعيدها مجموعة مرة أخرى؛ فعلى ذلك كان الرسم بالوصل لا القطع.
    أما قطعها في قوله تعالى: (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَـاـنَهُمْ (29) محمد.
    فلأن الظن هو في شيء لم يأت، والتقدير أن الله لن يخرج أضغانهم، وقد قال تعالى بعدها: (وَلَوْ نَشَاءُ لأَرَيْنَـاـكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَـاـهُمْ (30) محمد؛ فجاء القطع موافقًا بالقطع الذي يظنوه وأن أضغانهم لن تخرج.
    وأما قطعها في قوله تعالى: (أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ(5) البلد.
    فالحساب كما قلنا لشيء قائم، وهو ينفق ماله كما يشاء، ولا يجد من يحاسبه عليه؛ (يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً لُبَدًا (6) أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (7) البلد. ولم ير من قدرة الله شيئًا يقع عليه عقابًا له؛ فعلى ذلك كان القطع؛ لقطع المحاسبة عنه على فعله إلى أن قال قوله.
    وقطعت في قوله تعالى: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَـاـضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَـاـتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَـاـنَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّـاـلِمِينَ(87) الأنبياء.
    ظن يونس عليه السلام أن الله تعالى لن يقدر عليه؛ أي لن يضيق عليه، فظنه أن ذلك بعيدًا عنه؛ فكان الرسم بالقطع على ما ظن، ولكن ما حدث له خلاف ما ظن فقد أصبح محصورًا مضيقًا عليه في بطن الحوت, في ظلمات لا يرى فيها نورًا؛ ضيقًا في المكان، وفي الرؤية عندما أقر بذنبه ونزه الله تعالى وشاهدًا له بالوحدانية، فأخرجه تعالى من الظلمات إلى البر.
    وقطعت في قوله تعالى: (مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لِيَقْطَعْ فَلْيَنظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ(15) الحج.
    كان قطع أن لن في الرسم موافقًا لمن يظن أن النصر مقطوع عنه.
    وقطعت في قوله تعالى: (بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنْتُمْ قَوْمًا بُورًا(12) الفتح.
    وكان قطع أن لن في الرسم يوافق ظن المنافقين قطع المشركين عودة الرسول إذا قدم عليهم ليطوف بالبيت الحرام.
    وقطعت في قوله تعالى: (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا(5) الجن.
    وكان ظن الجن أن الإنس والجن لن تبلغ بقول عن الله كذبًا، وكان الرسم موافقًا لهذا الظن بالقطع.
    وقطعت في قوله تعالى: (وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا(7) الجن.
    وكذلك ظن الجن أن الله تعالى لن يبعث أحدًا بعد الرسل السابقين فكان الرسم موافقًا لما هم عليه من الظن.
    وقطعت في قوله تعالى: (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعجِزَ اللَّهَ فِي الأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا(12) الجن.
    وكذلك ظن الجن أنهم لن يعجزوا الله فإعجاز الله مقطوع عنهم وكذلك جاء الرسم بالقطع.
    وقطعت في قوله تعالى: (إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ(14) الانشقاق.
    ظن الكافر أنه مقطوع عن الرجوع إلى الله عز وجل، ولن يبعث مرة أخرى؛ وعلى ذلك كان الرسم بالقطع.
    وفي قوله تعالى: (إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَي الَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِنْ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ الَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْ الْقُرْءانِ (20) المزمل.
    علم الله تعالى أن الناس لن يقدروا على إحصاء الليل بالعبادة؛ فهذه القدرة مقطوعة عنهم، وكذلك جاء الرسم بالقطع موافقًا لذلك.
    لم تأت "أن لن" مع "ظن" إلا مقطوعة؛ لأنها متعلقة بأمر مستقبل مقطوع عن الوجود حتى يأتي زمن قدومه،
    وأما مع "زعم" و"حسب" فقد جاء الرسم بالقطع والوصل حسب المعنى

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 14/03/2009 الساعة 10:16 AM

  13. #33
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    وصل ربما

    بسم الله الرحمن الرحيم

    الكلمة الخامسة والعشرون: وصل ربما
    وردت "ربما" مرة واحدة فقط؛
    في قوله تعالى: (رُبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كَانُوا مُسْلِمِينَ(2) الحجر
    ربما تقرأ بتشديد الباء وتخفيفها،
    قرأ نافع وحفص وأبو جعفر بالتخفيف، والباقي بالتشديد.
    ورب حرف جر يدخل على الأسماء، فيفيد التقليل، وقد يفيد التكثير، ويعرف ذلك بالقرينة، وما المتصلة به إما تفسر على أنها كافة ومهيئة لدخول رب على الفعل، وقد حصر دخولها على الفعل الماضي، ولكن لما كان فعل المستقبل "يود" من إخبار الله تعالى فهو مقطوع به، كالقطع بحدوث الفعل الماضي.
    وتفسر "ما" بمعنى شيء؛ أي؛ رب شيء يوده الكافرون أن يكونوا مسلمين.
    وهذا التواد من الكافر يكون عندما يرى مقعده من النار عند الموت، أو لما يرى نجاة المسلمين يوم القيامة من العذاب، أو عندما يخرج عصاة من المسلمين من النار.
    ووصلها يدل على أن الكفار لا يودون شيئًا آخر غير أن يكونوا مسلمين، فهو ما يودونه كلما يحدث ما يثيرهم ويذكرهم بخلودهم في النار.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 14/03/2009 الساعة 10:17 AM

  14. #34
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    وصل ممن

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة السادسة والعشرون: وصل ممن
    وردت "مِمَّنْ" في (36) موضعًا، وقد صلت فيها جميعًا، ولم تقطع في أي واحدة منها.
    "ممن" مكونة من حرف الجر "مِنْ"، و"مَنْ" الموصولة؛ والتي تصلح للدلالة على المفرد والمثنى والجمع، والمذكر والمؤنث؛
    وعندما يستعمل مع "مَنْ" الموصولة؛ "مِنْ" التبعيضية؛ فإن ذلك يحصر استعمالها للدلالة على الجمع المبهم، ولذلك صار بينهما نسب وتلازم لا انفكاك منه؛ لأن هذا البعض من ذاك الجمع؛ كان منهم، أو لحق بهم فأصبح منهم، فكتبت على ذلك في الرسم موصولة؛ واختفت بالإدغام نون النزع تأكيدًا لمعنى الوصل؛ وهذا الوضع مناسب مع "مَنْ: للاستفهام الاستنكاري التي جاءت في خمسة عشر موضعًا جاءت فيها: (ومن أظلم مِمَّنْ)؛
    كما في قوله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الإِسْلـاـمِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّـاـلِمِينَ(7) الصف.
    وثلاث مواضع فيها: (ومن أضَلُّ مِمَّنْ
    كما في قوله تعالى: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَـاـمَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَـاـفِلُونَ(5) الأحقاف.
    أو كانت دلالتها على جمع، وإن لم يذكر معها أداة شرط؛
    كما في قوله تعالى: (لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ(85) ص.
    وفي قوله تعالى: (فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ (282) البقرة.
    وجاءت في آية واحد لا احتمال فيها إلا لواحد فقط؛
    في قوله تعالى: (تَنزِيلاً مِمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَـاـوَاتِ الْعُلا(4) طه.
    لقد نسب الله تعالى نزول القرآن لمن أوصله لنبيه وهو جبريل عليه السلام، بالألفاظ؛ نزل به، ونزَّله؛ في قوله تعالى: (قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (97) البقرة.
    وفي قوله تعالى: (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (102)النحل
    وفي قوله تعالى: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَـاـلَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) الشعراء،
    لكن مع المصدر "تنزيل" فلا يذكر إلا الله عز وجل، لأنه هو تعالى مصدر تنزيل القرآن.
    وفي آية طه جيء بـ"مَنْ" لحصر الإشارة إلى ذات الله تعالى، ومع أن "مَنْ" لها دلالات عديدة إلا أن القرينة؛ (مِمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَـاـوَاتِ الْعُلا) تحصر دلالتها في ذات واحدة؛ هي ذات الله عز وجل، لأنه لا خالق للأرض والسموات إلا هو سبحانه وتعالى، ولولا ذلك لما صح الإتيان بها إذا لم تحدد بقرينة تدل عليه، والإتيان بمِنْ التي للتبعيض، لاستبعاد غير الله عز وجل التي تشير إليه في الآيات السابقة.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 14/03/2009 الساعة 10:17 AM

  15. #35
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    وصل فيم

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة السابعة والعشرون: وصل فيم
    وردت "فيم" في القرآن الكريم مرتان؛
    في قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّـاـهُمْ الْمَلَـاـئِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَـاـهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا(97) النساء.
    وفي قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَـاـهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَـاـهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَـاـهَا (44) النازعات.
    فيم مكونة من؛ حرف الجر "في"، ومن "ما" الموغلة في الإبهام، والمختصة في العموم.
    حرف الجر "في" مكون من حرفين؛
    حرف الفاء المستعمل للدلالة على الحركة، وقد استعمل هذا الحرف منفردًا للدلالة على التعقيب المباشر بغير انتظار ولا تمهل، أي أنه حدث للشيء أمر جديد لم يتوقف فيه عند الأمر السابق.
    وتكونت كذلك من حرف الياء الذي يدل على التحول.
    ولكون الكلمة مكونة من حرفين فإن الحرف الثاني أخذ معنى انحصار الحرف الوسط واستمرار الحرف الأخير؛ فكانت الياء بهذا الوضع دالة على التحول الدائم المستمر للحركة التي أفادها حرف الجر "في"؛ حركة وتنقل مستمرين.
    وعلى ذلك كان استعمال حرف الجر "في" مع الحركة في القرآن؛ كالحركة في الأرض؛
    في قوله تعالى: (قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَـاـقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ(69) النمل.
    وفي قوله تعالى: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ(15) الملك.
    ولكن عند الموت والهلاك تنعدم حركة الناس؛ فكان استخدام "على" بدلا من "في
    في قوله تعالى: (وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِمْ مَا تَرَكَ عَلَيْهَا مِنْ دَابَّةٍ (61) النحل.
    واستعملت "في" مع الحركة في البحر؛
    في قوله تعالى: (وَمِنْ ءاَيَـاـتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالأَعْلـاـمِ (32) الشورى.
    أما عند سكون الريح وتوقف السفن عن الحركة فاستعملت "على" بدلا من "في
    في قوله تعالى: (إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَوَاكِدَ عَلَى ظَهْرِهِ (33) الشورى.
    واستعملت "في" مع حركة موسى إلى فرعون لدعوته، وهو أمر رهيب يتوقف عنده من لا يملك سندًا يحميه من بطش فرعون؛
    في قوله تعالى: (وَفِي مُوسَى إِذْ أَرْسَلْنَـاـهُ إِلَى فِرْعَوْنَ بِسُلْطَـاـنٍ مُبِينٍ (38) فَتَوَلَّى بِرُكْنِهِ وَقَالَ سَـاـحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (39) الذاريات.
    واستعملت "في" مع الصلب لما لم أراد فرعون التنكيل بالمصلوبين؛ لتسيح لحومهم وشحومهم على جذوع النخل؛ ليكون ذلك أرهب لرعيته، ولم يرد مجرد تثبيتهم "على" الجذوع.
    في قوله تعالى: (وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى (71) طه.
    و"فيم" ومكونة أيضًا من: "ما"؛ الموغلة في الإبهام، والمختصة في العموم.
    وهي مكونة من حرف الميم الذي يفيد الإحاطة والغلبة، فهي شاملة وحاصرة لكل أفراد الجمع،
    ومن الألف التي تفيد الامتداد المنفصل؛ أي أن هذا الجمع لم يتوحد فيه أفراد، وبقي لكل فرد ما يميزه عن الآخرين، ومستقلا عنهم؛
    لذلك كان استعمال "ما" شديد الإبهام، وشامل لكل شيء وأكثر الأشياء؛ هي أشياء غير عاقلة.
    وقد حذفت ألف التفصيل فيها؛ وبقيت "م" الإحاطة، ووصلت بـ"في" فأصبحت ؛فيم" وأصبحت أداة للاستفهام.
    والسر في هذا التغير في الدلالة؛ أن فاء الحركة بقيت دلالتها على الحركة؛ وياء التحول انحصرت؛ فانحصر التحول بحصرها، فأصبحت الحركة في محصور، وميم الإحاطة والغلبة استمرت؛ فأحدث ذلك تساؤل في هذا التغيير فتحولت إلى استفهام عن السبب، وأصبحت دلالة الحركة والتحول في حرف الجر "في" محصورة في الذي أحاط بها وغلبها وحصرها؛ فلهذا الالتصاق اتصلت "في" بالميم ليصبحان؛ "فيم".

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 14/03/2009 الساعة 10:18 AM

  16. #36
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    وصل أمَّا

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة الثامنة والعشرون : وصل أمّا
    وردت "أم ما" المكونة من "أم" لطلب التعيين، و"ما" الموصولة؛ ثلاث مرات؛ وقد صلت فيها جميعًا، وأدغمت فيها الميم في الميم؛
    في قوله تعالى: (ثَمَـاـنِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنْ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنْ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ ءَالذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمْ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنتُمْ صَـاـدِقِينَ(143) الأنعام.
    وفي قوله تعالى: (وَمِنْ الإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنْ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ ءَالذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمْ الأُنثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنثَيَيْنِ (144) الأنعام.
    الأنعام من نعم الله تعالى، خلقها منفعة للناس؛ بلحمها، ولبنها، وجلودها، وأصوافها وأشعارها وأوبارها، وما تؤديه من أعمال، وحمل الإنسان ومتاعه.
    والتحريم هو قطع المنفعة بها، أو ببعض منافعها، وما اشتملت عليه الأرحام مقطوع عنه العمل بالتحريم والإبعاد حتى يخرج منها، فعلى ذلك كتبت موصولة، وقوَّى المعنى إدغام الميم في الميم لتصبح ميمًا واحدة محصورة، قد انحصرت دلالة الإحاطة والغلبة فيها.
    ووصلت في قوله تعالى: (قُلْ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلـاـمٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى ءَاللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ (59) النمل.
    سؤال استفهام إنكاري لمن يشرك بالله: الله خير أم ما يشركون؟!
    وما يشركون به، هو موصول بهم في اعتقادهم وعبادتهم له، ومطلوب منهم في هذا السؤال مراجعة أنفسهم، ولو أنهم قرروا أن الله خير؛ لما أشركوا به، ولما داموا على شركهم، وما هم عليه، وعلى ذلك كان الرسم بالوصل لا القطع.
    ولا تدخل فيها "أمَّا" الشرطية حيث هي تعد كلمة واحدة؛
    كقوله تعالى: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ (9) وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ (10) وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11) الضحى.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 14/03/2009 الساعة 10:20 AM

  17. #37
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    وصل أمَّاذا

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة التاسعة والعشرون: وصل أمّاذا
    وردت "أماذا" مرة واحدة؛
    في قوله تعالى: (حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآيَـاـتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمَّاذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ(84) النمل.
    وهي مكونة من أم: لطلب التعيين، وما: للاستفهام، وذا: اسم إشارة.
    "أماذا" سؤال للتبكيت فيما هو معلوم؛ على تكذيبهم من قبل أن يحيطوا علمًا بما أمروا به، وعملهم بالتكذيب،
    و"ذا" هو اسم إشارة لما هو موجود، والموجود يومئذ هو عملهم؛
    كما قال تعالى: (وَوُضِعَ الْكِتَـاـبُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَـاـوَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَـاـبِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَـاـهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) الكهف.
    فعملهم يومئذ متصل بهم، وأحصي عليهم، ولا مفر لهم مما صغر منه أو كبر؛ وعلى ذلك جاء الرسم بالوصل.
    وأصبحت ميما الإحاطة ميمًا واحدة محصورة؛ فانحصرت معها الإحاطة بالعمل، فلا يد لهم عليه لتغييره أو تعديله.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 14/03/2009 الساعة 10:20 AM

  18. #38
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    وصل نِعِمَّا

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة الثلاثون: وصل نِعِمَّا
    وردت "نِعِمَّا" مرتان؛
    في قوله تعالى: (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَـاـتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ(271) البقرة.
    في قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَـاـنَـاـتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا(58) النساء.
    "نعم" حرف ماض جامد مخصوص بالمدح، اتصل باسم الموصول "ما" الذي يدل في الآية الأولى على الصدقات، والعدل وأداء الأمانات في الآية الثانية؛ وكلها مما يلازمها المدح ولا يفارقها؛ وعلى ذلك جاء الرسم بالوصل لا القطع.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 14/03/2009 الساعة 10:21 AM

  19. #39
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    وصل عَمَّ

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة الحادية والثلاثون: وصل عمّ
    وردت "عَمَّ" في موضع واحد فقط؛
    في قوله تعالى: (عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ(1) النبأ
    "عمَّ" مكونة من حرف الجر: "عَنْ"، ومن اسم الاستفهام: "مَا" ؛ وقد أدغمت النون في الميم، وحذفت من الرسم، ثم حذفت ألف ما.
    ما يسألون عنه؛ هو يوم القيامة، مستبعدين قيامه بعد الموت، هو متصل به، ولا مفر لهم منه، ومحيط بهم.
    فأبدلت لذلك نون النزع بميم الإحاطة، وتم إدغامها في الميم الثانية فصارت ميمًا واحدة مشددة، علامة على شدة الإحاطة بهم، واختفت نون النزع في الرسم كما اختفى النطق بها؛ علامة على أنه لا مفر لهم مما سألوا عنه، ويستبعدون قيامه.
    ولما كانت "ما" المكونة من ميم الإحاطة التي شملت كل شيء تجمعه فيها، وألف الامتداد المنفصل الدالة على إنفراد أفراد هذا الجمع كل واحد بصفته المتميز بها، فإن الجمع يوم القيامة شمل كل الناس بلا استثناء، في وقت واحد لا يتقدم ولا يتأخر فيه أحد عن أحد؛ فقد حذفت كذلك ألف التفصيل.
    فهذه الحذف الذي تم في رسم (عَنْ مَا) لتصبح (عَمَّ) قد مثل حقيقة ما يسألون عنه، وسهولة وسرعة قيامه يوم يأتي أجله.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 14/03/2009 الساعة 10:21 AM

  20. #40
    باحث إسلامي في علوم القرآن واللغة الصورة الرمزية أبو مسلم العرابلي
    تاريخ التسجيل
    26/04/2007
    العمر
    67
    المشاركات
    3,024
    معدل تقييم المستوى
    20

    وصل كالوهم ووزنوهم

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الكلمة الثانية والثلاثون: وصل كالوهم،
    والكلمة الثالثة والثلاثون: وصل وزنوهم
    وردت كالوهم مرة واحدة، وكذلك وزنوهم مرة واحدة؛
    في قوله تعالى: (وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ(3) المطففين.
    وهاتان الكلمتان في وصلهما كلام، ذكر في تفاسير عديدة، وانقل من تفسير القرطبي ما يبين ذلك؛
    جاء في تفسير القرطبي، ، لهذه الآية:
    قوله تعالى: (وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ).
    فيه مسألتان:
    الأولى ـ قوله تعالى: (وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَّزَنُوهُمْ)؛ أي كالوا لهم أو وزنوا لهم فحذفت اللام، فتعدى الفعل فَنَصب؛ ومثله نصحتك ونصحت لك،
    قال: ومن الناس من يجعلها توكيداً، ويجيز الوقف على «كالُوا» و «وزَنوا» والأوّل الاختيار؛ لأنها حرف واحد. هو قول الكسائيّ. قال أبو عبيد: وكان عيسى بن عمر يجعلها حرفين، ويقف على «كالوا» و «وزنوا» ويبتدىء «هُمْ يجسِرون» قال: وأحسب قراءة حمزة كذلك أيضاً. قال أبو عبيد: والاختيار أن يكونا كلمة واحدة من جهتين: إحداهما: الخطّ؛ وذلك أنهم كتبوهما بغير ألف، ولو كانتا مقطوعتين لكانتا «كالوا» و «وزنوا» بالألف، والأخرى: أنه يقال: كِلْتك ووزنتُك بمعنى كلت لك، ووزنت لك، وهو كلام عربي؛
    والوجه الآخر: أن يكون على حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مُقامه، والمضاف هو المكيل والموزون. وعلى القراءة الثانية «هُمْ» في موضع رفع بالابتداء؛ أي وإذا كالوا للناس أو وزنوا لهم فهم يخسرون. ولا يصح؛ لأنه تكون الأُولى مُلغاة، ليس لها خبر، وإنما كانت تستقيم لو كان بعدها: وإذا كالوا هم يَنْقُصون، أو وزنوا هم يُخْسرون.
    والرأي أن كالوهم كلمة واحدة، ووزنوهم كلمة واحدة، وليس فيهما وصل، وذكرناهما لأنهما ذكرا ضمن الكلمات المقطوعة وتم وصلهما في الرسم القرآني.

    التعديل الأخير تم بواسطة أبو مسلم العرابلي ; 14/03/2009 الساعة 10:22 AM

+ الرد على الموضوع
صفحة 2 من 3 الأولىالأولى 1 2 3 الأخيرةالأخيرة

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •