آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: مكانة المنطق...

  1. #1
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي مكانة المنطق...

    بسم الله الرحمن الرحيم...



    مكانة المنطق في التفكير المعاصر بين الدين و العلم.

    يأخذ المنطق في عالم الفكر حيزا مهما من حيث كونه يعتبر المحك الأساسي في الأخذ بالفكرة أو برفضها، في الاعتماد عليها أم في استبعادها، و لذلك يمكن اعتباره الحد الفاصل بين الفكر المنظم و الفكر العشوائي أو بين الفكر التنظيمي و الفكر الفوضوي. و قد تكون فكرة التنظيم هي الفكرة الأم في العملية المنطقية التي تتحكم في الذهن، و التي من خلالها يتم استخدام أدوات المنطق حتى يتم الحكم و الفصل في قضية معينة باعتبارها خاضعة للمنطق و تدخل في إطار التفكير المنطقي المنظم الذي يتميز به العقل الإنساني.

    و من هنا كان التفكير الإنساني الخاضع أصلا لمختلف النشاطات التي يقوم بها الإنسان داخل مجتمع معين و في إطار زمان و مكان معينين لا يخلو من أصناف متعددة من أنواع التفكير، يدل كل صنف على اتجاه معين يحقق رغبة معينة و يلبي حاجة معينة.تساعد الإنسان على تحقيق نوع من التوازن و مستوى من الطمأنينة يشكلان أساس من أسس الاستقرار و الاستمرارية التي تعرفها صيرورة جماعة معينة.

    و عليه يمكن اعتبار التساؤل عن مكانة المنطق في التفكير المعاصر بين مختلف النشاطات التي يقوم بها الإنسان و خاصة منها ما يشكل محور الجدل إن لم يكن الصراع بين الدين كمكون من مكونات الإنسان المعرفية و العلم كأحد أبرز أصناف التفكير الذي يقوم عليه بنيان العقل و الحضارة المعاصرة.و الذي يمكن اعتباره أحد أشكال المعرفة القائمة على مستوى كبير من الحقائق التي يمكن التحقق من صحتها بالتجربة و المشاهدة و بالممارسة الحسية و العقلية على السواء.إذ يعتبر التساؤل عن مكانة المنطق تساؤلا مشروعا على أساس أنه أحد سمات التفكير السليم و القويم، الذي يتحقق معه الاقتناع على عدة مستويات مما يؤدي إلى إتباع بشكل تلقائي و برضا طوعي للحقائق الذي يصادق عليها التفكير السليم، و التي تنتفي معها حالة القلق و عدم الاستقرار، إحدى أسس مشكلات العصر الحالي.

    لذلك يتعين في البدء تعريف المنطق و الحديث عن أنواع المنطق و عن العلاقة الموجودة بين المنطق و كل من الحق و الباطل،أو بين الخير و الشر، أو بين العدل و الظلم، فكل هذه الثنائيات و غيرها تشكل المظهر الخارجي للمنطق الذي يشكل الأساس العقلاني لتصرفات الإنسان"العاقل" في مقابل تصرفات الإنسان "المجنون" و الذي يتوفر هو الآخر على منطق مغاير لما اجتمع عليه الفكر البشري كمنطق موضوعي تنتظم فيه ظواهر الإنسان و الطبيعة دون وجود تناقض بينهما.

    و من هنا يمكن القول أن الحق و الباطل هما أساس الدين و العلم ، كما أن الخير و الشر هما المظهر الأخلاقي للإنسان، كما أن العدل و الظلم هما أساس العلاقات التي تقوم بين أفراد المجتمع الواحد و بين باقي أفراد الإنسانية جمعاء، و كل هذه الثنائيات هي خاضعة في الأصل لمنطق واحد يأخذ أبعاده المناسبة تبعا لكل نشاط من نشاطات الإنسان.

    و من تم كان من المفروض أن نعرف الدين و أنواع الديانات و الفرق بين الدين السماوي و الأرضي وهل يشكل اختلاف الأزمنة اختلاف الأسس التي من أجلها وجد الدين كمكون معرفي؟ و عليه ننظر إلى علاقة المنطق بالدين كعلاقة عضوية لا يمكن الاستغناء عنها.

    وكذلك بالنسبة للعلم من حيث التعريف و بالتالي هل هناك وحدة المنطق في العلم أم أن هناك تعدد في أشكال المنطق تبعا لتعدد العلوم؟

    و بعد ذلك أطرح الإشكالية الجوهرية في هذه الكلمة هل هناك اختلاف بين منطق العلم و منطق الدين أم أن هناك ائتلاف و ما هي المكانة التي يحتلها المنطق في التفكير المعاصر، و هل هذه المكانة الموجودة في زمننا المعاصر قد حققت الغرض المطلوب من كل الدراسات التي تعج بها المكتبات و التي قد يشكل البحر الأسود مدادا للكلمات التي سطرتها البشرية مند وجد الإنسان على هذه الأرض من أجل الوصول إلى حالة الطمأنينة و الاستقرار و انتفاء حالة القلق و الصراع و سيادة المحبة بدل العداوة؟

    أم أنها لم تستوعب بعد أداة المنطق التي تختبئ تحت النطق و المتوفرة لكل الكائنات، و تحت اللسان الذي ينفرد به الكائن الإنساني ككائن حامل للكلمة المقروءة و المكتوبة و الذي يشكل أمة من بين الأمم التي خلقها الله عز و جل كما أخبر بها الدين الخالص و كما أتبثها العلم كظاهرة واقعية و موجودة تنتج نفسها بناء على شروطها المؤسسة لها كقوانين تتحكم في صيرورتها؟

    من الأكيد أن المنطق يشكل حجز الزاوية في عملية التفكير ، و من المؤكد أنه يشكل قوام الفكر السليم و التفكير القويم، إذا صادف سلامة الفطرة و نبت في فضاء خال من الأمراض الاجتماعية و النفسية ، التي قد تجعل منه أداة هدم بدل أن تكون أداة بناء.على أساس أن من مهام الإنسان على هذه الأرض هو عمارتها و ليس تخريبها، و بالتالي الارتقاء بآدمية الإنسان من مستوى البهيمية إلى المستوى الإنسانية التي تناسب التكريم الذي فضل به الله عز و جل الإنسان على سائر المخلوقات بالعديد من الخصائص و المميزات.

    و الجدير بالإشارة أن تعريف أي علم أو فن أو أية ظاهرة من الظواهر لها علاقة بالإنسان بشكل مباشر أو بشكل غير مباشر يخضع تعريفها للشروط المعرفية التي تم إنتاج مفهوم التعريف في ظلها. و المنطق كعلم أو فن أو أنه يحتل مكانة بينهما هو الآخر خضع تعريفه لعوامل النمو و التطور الذي يخضع لها الكائن البشري،مع العلم أن الكائن البشري من الناحية البيولوجية مند خلق آدم عليه السلام إلى يومنا هذا و إلى اليوم الآخر الذي يعيشه الإنسان فوق هذه الأرض، ظل على شكله الحالي، أما معارفه فقد تطورت بتطور درجة مداركه و مدى تمكنه من الأدوات التي بحوزته و التي استطاع التحكم فيها. و المنطق كأداة من أدوات العقل و الفكر، هو الآخر خضع تعريفه لما خضع إليه علم الإنسان من تطور و نمو و رقي. و لذلك سوف أقتصر في التعريف على البعض دون التركيز على الحقب التاريخية مما يبين الفكرة من أساسها و يوضح الإشكالية المطروحة مكانة المنطق في التفكير المعاصر بين الدين و العلم.

    قبل ذلك أريد التذكير بإشارة إلى أن التفكير بصفة عامة كلما مر بحقبة من الحقب التاريخية التي تمت فيها اكتشافات غيرت مجرى تاريخ البشرية، تغير معها نمط التفكير و طريقة التفكير، وذلك ليس بالشكل الجدري، فمهما تغير الفكر و تطور يظل شيء قليل أو كثير من النمط السابق يعشش في أعماق الإنسان كرواسب لا يمكن إزالتها، الشيء الذي يجعل من وجود عدة أنماط من التفكير في مجتمع واحد ، و قد تعشش في رأس إنسان واحد. لذلك فالدين و العلم مند وجد الإنسان و هما يشكلان الشمس و القمر للإنسان كضياء و سراج يهتدي بهما في بحثه عن الحق و العدل و الخير و الجمال متجنبا قدر المستطاع الباطل و الظلم و الشر و القبح.

    و للحديث بقية إن شاء الله...


  2. #2
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي رد: مكانة المنطق...

    بسم الله الرحمن و الرحيم...

    و يستمر البحث عن حقيقة الأسماء و الأفعال...


    في تعريف المنطق.

    يكاد يتفق أهل المنطق على اعتبار هذا الأخير هو البحث فيما ينبغي أن يكون عليه التفكير السليم. وهذا التعريف في حد ذاته يحدد إلى حد ما النطاق و المجال الذي يشتغل عليه "المنطق" كآلة أو أداة من أدوات التفكير المرتبط أساسا بالفكر و العقل و باللغة كجسر يربط بين عالمين ، عالم داخلي و عالم خارجي يؤثر بعضهما في البعض بدرجات متفاوتة ، و تشكل اللغة إحدى هذه المداخل أو البوابات التي من خلالها يستطيع القارئ أن يدرك خطاب الآخر، أيا كان هذا الآخر.

    و من هنا يمكن التساؤل مع القدامى و المعاصرين هل المنطق علم أو فن؟ أو بلغة أخرى هل المنطق أقرب إلى عالم العلم أم إلى عالم الفن؟ على أساس أن العلم يدرس الظاهرة ،أية ظاهرة في واقعيتها، من حيث خصائصها و مكوناتها و ميكانيزماتها و ما تنتجه من آثار، و بالتالي يدرس العلم ما هو كائن.أما الفن باعتباره إعادة تأسيس الواقع بشكل جمالي يهدف إلى توضيح فكرة أو مبدأ كما هي و كما يجب أن تكون. لذلك قد يكون من الصواب أن تكون مكانة المنطق بين العلم و الفن. أي بين ما هو كائن و ما ينبغي أن يكون عليه التفكير السليم و الفكر القويم.

    فإذا كان للمنطق رسالة يوجهها للفكر حتى يصل إلى أعلى مستوى من مستويات التفكير النظري و من تم السلوك العملي، فإلى أي حد استطاع هذا الأخير أن يؤسس حضوره الفعلي في الفصل بين الحق و الباطل بين الخير و الشر بين العدل و الظلم بين الجمال و القبح؟ على أساس أنه أداة تطمح بارتقاء الإنسان إلى أعلى مستويات الإنسانية.

    و من هنا لا يمكن الفصل بين الإنسانية في أرقى مراتبها و الأخلاق كمنظومة معرفية تتبلور و تتجسد في سلوك لا يصل إليه إلا الأنبياء و الرسل عليهم أفضل الصلاة و أزكى التسليم ، كبشر حاملي لرسالة التقوى، باعتبار التقوى أرقى مرتبة يصل إليها الإنسان في علاقاته بربه و بنفسه و غيره و محيطه. لذلك تشكل الأخلاق الحجر الأساس في السلوك الإنساني. و من غير الأخلاق يصبح الكائن في أدنى الدرجات، درجات الحيوانية و البهيمية.

    و عليه تكون الأخلاق بأفعالها المتدرجة من الإلزام تحت فعل "يجب" إلى الاستحباب تحت فعل "يستحب" هي الإطار النظري و السلوكي الذي يتدرج فيه الإنسان ارتقاء. و لذلك نجد أن المنطق يتشكل ضمنيا في التفكير الإنساني و يتبلور في سلوكه أيا كان نمط التفكير و أيا كانت المرجعية التي يستند إليها، فالمرجعية حاملة لمنطق معين، لا يختلف في قواعده الأساسية، إلا من حيث اختلاف المرجعية و تنوعها.على اعتبار أن الأسس التي يقوم عليها المنطق ليست ذاتية بقدر ما هي موضوعية، و لا تتلون بلون الذات، إلا من حيث الثقافة التي تشكل الأساس في البنية المعرفية للإنسان.أي مجموعة المعارف و المبادئ و التصورات و السلوكات و المفاهيم كحمولة يتميز بها الكائن البشري عن سائر المخلوقات و الكائنات الأخرى.

    و من هنا يبدو أن التعريف الجامع الشامل صعب المنال، لأن واقع " المنطق" هو واحد لكن تمظهراته متعددة و متنوعة يصعب حصرها في تعريف شامل جامع. فنجد التعريف الذي يقدمه قاموس لسان العرب يتناول الجدر اللغوي المتمثل في " نطق " ليقدم لنا تعريفا مرتبطا بالنطق.
    "نطق: نطق الناطق ينطق نطقا: تكلم. و المنطق: الكلام.
    والمِنْطِيق: البليغ؛ أَنشد ثعلب:
    والنَّوْمُ ينتزِعُ العَصا من ربِّها،
    ويَلوكُ، ثِنْيَ لسانه، المِنْطِيق
    وقد أَنْطَقَه الله واسْتَنْطقه أَي كلَّمه وناطَقَه. وكتاب ناطِقٌ
    بيِّن، على المثل: كأَنه يَنْطِق؛ قال لبيد:
    أو مُذْهَبٌ جُدَدٌ على أَلواحه،
    أَلنَّاطِقُ المَبْرُوزُ والمَخْتومُ
    وكلام كل شيء: مَنْطِقُه؛ ومنه قوله تعالى: عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطير؛
    قال ابن سيده: وقد يستعمل المَنطِق في غير الإنسان كقوله تعالى: عُلِّمْنا
    مَنْطِقَ الطير؛ وأَنشد سيبويه:
    لم يَمْنع الشُّرْبَ منها، غَيْرَ أَن نطقت
    حمامة في غُصُونٍ ذاتِ أَوْقال"

    و للحديث بقية إن شاء الله جل و علا...


  3. #3
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي رد: مكانة المنطق...

    بسم الله الرحمن الرحيم...

    و يستمر البحث عن حقيقة الأسماء و الأفعال...

    و يمكن استنتاج الحقيقة الآتية من التعريف السابق: " أن المنطق له ارتباط وثيق بالنطق بدليل أن كل كائن حي يتميز بصوت معين، تسمعه الأذن أو لا تسمعه، يشكل "نطقا" له يتضمن بين ثناياه منطقا معينا.أي تناغما بين المفردات المستعملة تصل بين الناطق و المستمع لتبلغه رسالة أو معلومة أو حالة معينة. و ما التآلف الذي يحدث بين الكائنات و المخلوقات التي تنتمي إلى جنس معين إلا دليل واضح على وجود " منطق" معين يشكل جوهر "الكلام" و طريقة الاتصال الموجودة بين الكائنات". فالتآلف لا يحدث إلا من خلال اتصال و تواصل تلعب فيه " اللغة" كوسيلة للتخاطب و تبادل المعلومات و المعارف الإطار العام في التقارب بين الكائنات. و بتعدد الأجناس تتعدد اللغات.و بتعدد الكائنات تتعدد أشكال " الرموز و العلامات" التي تتكون منها اللغة المتداولة أو الكلام المتعارف عليه ضمن مجموعة معينة تنتمي لجنس معين و ضمن نوع محدد.

    و للحديث بقية إن شاء الله جل و علا...


  4. #4
    أديب وكاتب الصورة الرمزية سعيد نويضي
    تاريخ التسجيل
    09/05/2007
    العمر
    68
    المشاركات
    6,488
    معدل تقييم المستوى
    23

    افتراضي رد: مكانة المنطق...

    بسم الله الرحمن الرحيم...

    سلام الله على الأحبة الكرام...


    و يستمر البحث عن حقيقة الاسماء و الافعال...


    و من هذا المنطلق يتأسس لدى الفرد من تنشئته و تربيته و ظروف بيئته " منطقا " يتلاءم مع السائد و المألوف لدى الجماعة التي ينتمي إليها. فتتكون ضمنيا في عالمه الداخلي مجموعة من الأدوات تقوم بتنظيم و ترتيب معارفه حتى يتلاءم سلوكه داخل الجماعة أي خارج ذاته. فالعلاقة القائمة بين العالم الداخلي [الذات] و العالم الخارجي[ البيئة و المحيط و الفضاء المؤسس لكينونته] تتشكل و تنتظم طبقا لمجموعة من الأدوات و منها " القياس" كأداة يستعملها المنطق في حكمه و تحليله و استنتاجاته، تتكون هذه الأداة ضمن أداة أخرى هي " اللغة " المسموعة و المقروءة و المكتوبة بالنسبة لجنس الإنسان ، و بأشكال مختلفة تبعا للكائنات الأخرى، التي تدخل ضمن الكائنات الحيوية و تمتع بأصوات مسموعة أو غير مسموعة.

    لذلك يعتبر القياس من أهم أدوات المنطق. و من بديع خلق الله عز و جل لهذا الكائن المسمى "الإنسان" أن هذه الأداة تشتغل في أعماقه ، كما يشتغل القلب أو المعدة أو الكبد أو الطحال أو أي عضو مادي دون تدخل إرادي. لذلك عندما يحدث خلل في أي جهاز من الأجهزة التي تعمل بشكل تلقائي أو بشكل لاإرادي أو بشكل آلي ينتج عنه وجود اضطراب في السير الطبيعي لحركة الحياة. فكذلك بالنسبة للمنطق المؤسس في أعماق الذات. فمن خلال أدواته التي يشتغل بها و من ضمنها القياس، فإذا ما حدث خلل في أساس من الأسس التي يقوم عليها، يحدث خلل في طريقة التفكير و في طريقة التعقل مما يؤدي إلى نتائج تكون سببا في اضطراب السير الطبيعي لحركة الحياة.

    و يظل مثال " العاقل " و " المجنون " المثال الفاصل بين استعمال أداة القياس كأداة يرتكز عليها المنطق في تحديد السلوك الذي يتلاءم مع السير الطبيعي للحياة.

    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " والقياس ينعقد في نفسه بدون تعلم هذه الصناعة كما ينطق العربي بالعربية بدون النحو ؛ وكما يقرض الشاعر الشعر بدون معرفة العروض ." [ من شبكة المشكاة الإسلامية.المنطق.لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله].

    لكن القياس كأداة قد يتبع الهوى ولا يتبع الهدى.فالهوى شيء ذاتي محض و الهدى شيء موضوعي محض.
    لكن الهوى مرتبط بالإنسان و نابع من مكوناته الطبيعية، أما الهدى فهو من الله عز و جل، و منفصل عن الذات. لكن هو صلة وصل بين الذات و خالقها. فالهوى يظل في دائرة الذات لا ينفصل عنها،أما الهدى فيشكل حلقة منطقية بين الذات و متطلباتها و بين الواقع و مكوناته في علاقة منتظمة، يقوم فيها المنطق العقلاني، بتطبيق ما يرضي الله عز و جل من جهة و تلبية حاجات الذات من جهة أخرى.

    ولكي يستقر الهدى في كيان الإنسان، لا بد أن يجد من يحتضنه كمكون من مكونات الذات و أن يتعايش مع الهوى دون أن يحدث صراع ، يرفض فيه الأول الثاني أو العكس. لذلك كانت الفطرة هي الحاضنة للهوى كشيء ذاتي و الهدى كشيء تقويمي للهوى.

    و من هنا نجد أن حديث الرسول عليه الصلاة و السلام: " ( سنده ضعيف ) وعن عبد الله بن عمرو قال :قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به" رواه في شرح السنة وقال النووي في أربعينه هذا حديث صحيح رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح .".

    و لتأكيد ذلك يقول الله عز و جل: {مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الحشر7. فالهدى لا يطرد الهوى من الذات بل يجعله خاضعا لضوابط الشرع أي لضوابط ما أنزل الله عز و جل من أحكام في الكتاب الكريم و في السنة النبوية الصحيح.

    و للحديث بقية إن شاء الله عز و جل...


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •