بسم الله الرحمن الرحيم
أسمحوا لي أن أقدم لكم هذه المشاركه وهي قصيده للشاعر السوري الكبير إبراهيم الأسودأرجوا أن تنال إعجابكم
بأي عذر ٍ إلى الـتاريـخ نـعـتــذرُ=مـمّا أسـاءت لـه سَـوْءاتُنـا الكُـبَـرُ
أزرى بنا حـين خـاطـرنا بـذمّـتنـا=فاجـتاحنـا ضـارباً نـاقـوسـه الخطَرُ
جواً.. وبحراً.. وبراً، في مـصـائرنـا=تحكَّم النسـرُ.. والتمسـاحُ.. والنمِــرُ
ونـازعتنا الجـهاتُ السـتُّ وجهـتـنا=الفوقُ والـتحـتُ ثـم الأربَـعُ الأ ُخَـرُ
فـي كـمـب دافيد إجـرامٌ أعِـدَّ ، وفي=أوسـلو اجتماعٌ، وفي مدريـد مؤتـمرُ
و زُعـزعـت ثَـمَّ أعـلامٌ و أشـرعـةٌ=مـن السـفـينة، والألواح والـدسُـرُ
والريـح قاصـفـةٌ.. والشـمس كاسـفةٌ=والبـدر منخسفٌ.. والنـجـم مـنكـدرُ
وعُـطّلـت طـرق الإحسـاس في دمنـا=الـذوقُ والشـمُّ والأسماعُ والبـصَــرُ
عشـرون واثنـان ، شـالت من بيارقها=ثـلاثـةٌ، وأطـيـحَ التـسعةُ العَـشَـرُ
فـلا قريـشٌ، ولا بكـرٌ، ولا جُـشَــمٌ=ولا تمـيـمٌ، ولا قيـسٌ، ولا مـضـرُ!
ممالـكٌ ما أقيمـت حـولـهـا جُــدُرٌ=لكـنّهـا قد أقـيـمـت بينـهـا جُـدُرُ
بـرقُ الصـواعق، رعـدُ الطائراتِ، إلى=غيـم الحرائق، شـاموا الغيثَ وانتظَروا
فبالَ بـوشٌ علـى آنـافـهـم كـرَمـاً=فأعلَنـوا الشكر، ظنّـاً أنهم مُـطِـروا
لم يبـق من ديـننا، أو من عروبـتـنا=إلاّ الدعـايـةُ، والأسمـاءُ، والصُــوَرُ
وجـمـلـةٌ مـن شـعـاراتٍ نـردّدهـا=يكاد من ثقـلـها التـاريـخُ ينـأطـرُ
نعـود يا قـدسُ، لكـنّ أيـن كيف متى؟=لاضـوء في الأفـق يسـتهدي به النظـرُ
ولا تَـهــِن يا عراق المجد، نحن هنـا =ولا حقيـــقـةَ إلا الكِـذبُ و الـهـذَرُ
ما نحـن إلا صـغـارٌ في حقـيقـتـنـا =وبالقـياس إليـنـا يكـبـرُ الصِّـغَــرُ
عوراتُـنا كلّـهـا للـعـيـن ظـاهـرةٌ =أمّا الـضـمـير لـدينـا فهو مسـتترُ
محـرمٌ في لُهـانـا، والـرؤوسُ عَـثـا =فيها جُمادى، وفي أجـوافِـنـا صَـفَـرُ
واسـتحكم الذلّ واسـتشـرى الهوانُ بنا =حتى قبـلنـا بما لا تـقـبلُ الـحُـمُـرُ
نُهـيـبُ بالحظ يسـتـبـقي بقـيّـتـنا =والـحـظ ليس لـه دخـلٌ، بـل القـدَرُ
لمّا اقـتـفـيـنا هُداةً ضلّ سعـيُـهـمُ =ساروا بنا كيف شاءوا، لا كمـا أ ُمِـروا
قـال اذهـبوا (حيث ألقَـتْ) إنّكم بشـرٌ =على المجـاز، وإلا لسـتـمُ البشَــرُ!!
من أيّ بـقعـةِ رمل ٍ عُربُنـا خُـلقـوا=من أيّ طـينةِ أرض ٍ سَبْخـةٍ فُـطِـروا
الناسُ حَـطّت علـى المريـخ صـاعدةً =ونحـن في هُـوّةٍ عـمـيـاءَ ننـحـدرُ
والنـاسُ وحَّـدها بـغـيٌ، وواحـدُنـا =في ذاته اثـنـيـن مقسـومٌ ومنشـطرُ
غابـاتُ نـاسٍ تـهابُ العينُ كـثرتَـها =كأنّـهـا الـشـوكُ، لا ظـلٌّ ولا ثـمـرُ
نـام الزمـانُ وهم يـقـظـى لآونــةٍ =حتّـى إذِ اسـتيقظت أعداؤهم شـخَروا
والبعـضُ قبل قيـام المحنـةِ انبطـحـوا =والبعضُ قبـل اشـتعال الفتنةِ انصهروا
والبعضُ قد أسـلموا للغـرب صـانعِـهِم =وبالعـروبــةِ والإسـلام قد كفــروا
وهم بأسـمى معانـي القتـل ماقُـتـلوا =لكـن بأوطـا معاني الأسـر هم أ ُسروا
يا قدسُ لا تَرْجُ منّـا نـجــدةً أبـــداً =ولا يَـغُـرَّنْكَ أنّا معـشــرٌ كُـــثُـرُ
ناموسُـنا عـاد كالناموسِ، إن عَصَـفتْ =ريحٌ، يـغـيـبُ، فلا عـيـنٌ و لا أثَـرُ
ويا عراقُ أغِثـنـا أنتَ، مُـتْ عَـجـِلاً =ليغـتـذي بـك هذا الـدود والحـشَـرُ
ثلاثمائةِ ملـيـونٍ تـضـيـقُ بـهـم =بقـيّـةُ الوطن المـنـهوب لو قُبِـروا
نبـيـع عشرين مليـوناً ، يعيـشُ بهم =عشـرون لـصّاً، ليقـتاتوا ويتّجــروا
لا ديننـا، لا غنـانـا، لا عروبـتُـنـا =لا جـذرُنـا الحرّ لا تاريخُـنا العـطـرُ
أضـفـت على قُبحنـا من حسنها طرَفاً =بل ليـس يظـهـر منهـا عـندنا أثـرُ
وكلّنا أمـراءٌ، لا مـنـاص لـــنــا =من العبـيد سوى تـنفـيـذ ما أمـروا
وكلّـنا عظـمـاءٌ، لا نُـطـيـقُ لـهـا =رَدّاً إذا نَهبَـتْ أقـواتَنـــا الهـِـرَرُ
وكلّـنا حُكـماءٌ، لا يُـقــاسُ بـنــا =إلاّ هَـبـنَّـقَـةُ الـقـيـسيُّ والـنفَـرُ
وكلّـنا حلـمـاءٌ، من بَــلادتِــنـــا =كأنّـنا في مسالـيـخ الـردى بـقــرُ
وكلّـنا عـلـمـاءٌ، من جَـهـالتـِنــا =يَـهمـي البـلاءُ علـينا مثـلما المـطرُ
وكلّنـا أدبـاءٌ، مـن ثقـافـتــنـــا=تُشــوّهُ الـقـيمُ الـعُـليا و تـنـدثـرُ
وكلّنـا شـُعراءٌ، مـن حَـمـاسَـتـنـا=تَحمى الأسِــرّةُ حتّـى تَـقـدح السُّـرَرُ
الثـأرُ يُلـغى إذا ثـارت غـرائـزُنــا=والـوتْـرُ يُـمحى إذا ما دنـدنَ الـوتَـرُ
قـد تـخطـر القدسُ في أذهان قـادتنـا=فـلا يكـونُ لـهـا وزنٌ ، ولا خَـطَــرُ
ولا تُـؤثـِّـرُ في وجـدانهــم أبَــداً=إلاّ (العيـون التي فـي طرفهـا حَـوَرُ)!
بنى لنـا أوّلـونـا الـمـجـدَ شاهـقـةً=عـِمـادُه، وعلـيـنـا هَدمُ ما عَمَـروا
هل سائلٍ نـفـسَهُ بالجـدِّ أو فَــرَضـاً=ماذا نـقـول لـهـم لو أنـهم نُشِـروا؟
يا أمّـةً فـي ظـلام الـلـيـل قـابـعـةً=وإن فـي رَجَـوَيـْها الشمسُ والقـمـرُ
ضـيّعـتِ حزمكِ مذ ضيـّعتِ طـائـعـةً=وصيةً كـان قـد أوصى بـهـا عُـمَـرُ
فالآن فاسـتنجـِِدي لـلثـأر أغـربــةً=تُـعـلي النـعيـق، ولا نابٌ ولا ظُـفُـرُ
أو فاعـلمـي أنّهـا حربٌ صلـيـبـيةٌ=صَـمّـاءُ عميـاءُ، لا تُبـقـي ولا تَـذَرُ
إذِ العـراقُ غـدا بالحـرب مُبـتَــدَأً=فيا لَســوأةِ ما يـأتـي بـه الـخـبَـرُ
فـلا الـكويــتُ ولا الأردنُّ آمـنــةٌ=ولا الحجــاز ولا مصــرٌ ولا قـَطـَـرُ
بيـادرٌ حـول نـار ٍ أوقِـدت عَبَـثــاً=من لم يـطُـلـه لهـيبٌ طـالـَه الشّـرَرُ
فلـترجعي لكـتـاب الله مـعـلِـنـــةً=أحكــامَ ما سـنّـتِ الآيـاتُ والـسـوَرُ
ولْـتـَرفعي بـدلَ التـيـجـان عـاليـةً=رايـات عـزٍّ، هي الأقمـاطُ والـخُـمُـرُ
(وفاءُ) (آيـاتُ) (إيـمانٌ) وزمـرتُـهــا=و(درةٌ) حسـدت أمـثـالَـهُ الـــدررُ
بهؤلاء يُشَـقُّ الـفجـرُ مـنـبـلـجــاً=إن فجّـروا هدفـاً، أو إن هـمُ انفـجروا
لا بـالـذيـن إذا قِــط ٌّ تَـثـــاءبَ، أو=دجـاجةٌ قَـوقَأتْ في حَـيّـهم ذُعِـروا
دعوا أطْفـالـنـا يـحمون عـزتَـنـــا=فربّمـا قلّـدونـا إن هـمُ كَـبـــِروا
الأمـرُ أكـبَرُ من طـفــلٍ ومـن حـجـَرٍ=والطـفلُ أكـبَرُ من أمـرٍ له ائـتـَمَـروا
أسلافُـنـا أدركـوا هـذا وحـكـمـتـَـهُ=فكان من أجـل هـذا يُـعـبـَدُ الحَـجـرُ
يا مـسـلـمـونـا، ويا أحـرار أمّـتـنـا=تنبّـهـوا يـا أُلي الألـبـاب واعتـبروا
النّصـرُ أقـرب مـن حبـل الـوريــد إذا=شئتم، وشـرطه ميسـورٌ ومخـتـصَـرُ
(إن تنصـروا الله ينصـرْكم) إذاً فضَـعـوا=في البـالِ (إنْ)، وثِقوا أنّا ســننتصـرُ
المفضلات