Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958

Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958
الخلافـــة أحــلام طفــولية ام حقـيـقة قادمــة

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 12 من 12

الموضوع: الخلافـــة أحــلام طفــولية ام حقـيـقة قادمــة

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية محمد حافظ
    تاريخ التسجيل
    15/03/2007
    المشاركات
    86
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي الخلافـــة أحــلام طفــولية ام حقـيـقة قادمــة

    نقّلت وكالة أنباء نوفستي الروسية الرسمية في 19/2/2009، خبر صدور كتاب "روسيا.. إمبراطورية ثالثة"، الذي ألّفه "ميخائيل يورييف"، الذي كان نائبا لرئيس مجلس الدوما (مجلس النواب الروسي)، وهو مدير عام إحدى الشركات الروسية وكان نائبا لرئيس اتحاد الصناعيين الروس، ويتضمن الكتاب إطلالة على مستقبل روسيا والعالم، بل ويرسم على غلافه –كما تنقل الوكالة- خارطة مستقبلية للعالم، يظهر فيها عدد قليل من الدول. فما علاقة ذلك بدولة الخلافة القادمة ؟


    نفهم السؤال عندما نستكشف الدول الكبرى التي ستشكّل ألوانها خريطة العالم المستقبلية حسب تحليل مؤلف الكتاب ؟ فهي أربع إلى خمس دول عالمية رئيسية، بحيث تُخرج مع تشكّلها معظم دول عالم اليوم من حيز الوجود بحلول عام 2020 (حسب الكاتب). وهذه الدول ليست مجرد دول وكيانات سياسية، بل سمّتها الوكالة "دولا حضارية"، وهي تشمل –كما نصّت الوكالة- "روسيا التي ستحتل القارة الأوروبية، والصين ودولة الشرق الأقصى، ودولة الخلافة الإسلامية ودولة الكونفيدرالية الأمريكية التي تضم أمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وأيضا الهند إذا أفلحت الأخيرة في مواجهة الدولة الإسلامية". والكاتب لا يجزم "بأن روسيا بالذات ستحتل القارة الأوروبية ولكنه يعتقد أن الحضارة الأوروبية سائرة إلى الزوال ولا بد أن يغزوها ويحتلها هذا أو ذاك. وإذا لم يحتلها هذا أو ذاك من القادمين من روسيا، مثلا، فلن يسمح للنساء هناك بعد ثلاثين عاما بالخروج إلى الشارع بدون حجاب..!"، حسب وكالة نوفستي.
    وبغض النظر عن صحة تحليل الكتاب للواقع واستشرافه للمستقبل، إلا أنه يضع بكل وضوح دولة الخلافة كأحد رؤوس العالم القادم، ويؤكد أن حراك الإسلام السياسي –من الناحية الواقعية- يؤدي إلى أهدافه من استعادة حكم الإسلام وتوحيد المسلمين في دولة عالمية.

    قد يمثّل هذا الكتاب صعقة إعلامية وفكرية للعديد من الكتّاب والمثقفّين والإعلاميين العرب، الذين تعودوا أن ينظروا للخلافة من منظور الأحلام الطفولية أو التاريخية، والذين روّضوا أنفسهم على أن "الواقعية" تعني "نهاية التاريخ" عند حدود الديمقراطية. ومن المتوقع أن أمثال هؤلاء سيستمرون في تجاهلهم للحس الطبيعي وللحقائق الملموسة من غليان الأمة وتشوّفها لفجر الخلافة، وبالتالي فلن يفلح مثل هذا الكتاب في إخراجهم من غيبوبة تلك الواقعية، بل وربما يعتبرونه خيال كاتب، مضافا إلى تلك الأحلام "غير الواقعية". وأن هذا المفكّر قد "صبأ"، وتحول عن سياسة العالم الجديد إلى تاريخ العالم القديم.

    ولكن ستتكرر تلك الصعقات السياسية والإعلامية عليهم يوما بعد يوم، وهم يلاحظون حجم المنشورات الدولية التي تتعاطى مع الخلافة كحقيقة قادمة، فهذه التحليلات ليست مقصورة على سياسييّ روسيا: فمثلا ظهر خلال العام الماضي كتاب آخر في الولايات المتحدة للدكتور نوح فيلدمان (أستاذ القانون بجامعة هارفارد الشهيرة)، بعنوان "سقوط وصعود الدولة الإسلامية" أو "The Fall and Rise of the Islamic State "، وهو يؤكد وجود تأييد جماهيري لتطبيق الشريعة الإسلامية مرة أخرى في العصر الحالي، والذي –حسب تقديره- يمكن أن يؤدي إلى وجود خلافة إسلامية ناجحة. وفي مراجعتها للكتاب المذكور، ذكرت الايكونومست الشهيرة تحت عنوان (أحسن كتب عام 2008) The Economist (Best Books of 2008)، كما تنقل الصفحة الصحفية لجامعة برينستون الأمريكية (http://press.princeton.edu/quotes/q8598.html) بأن الكتاب "يحلل القضية المرتبطة بتأييد جماهيري ضخم لدى المسلمين لنماذج الحكم الإسلامية".

    وبنفس السياق تتحدث صحيفة كرستيان سيانس مونيتور (Christian Science Monitor)، عن تميّز الكتاب بتداوله المعمّق للتاريخ والأفكار وانبثاق تطبيق الإسلام. ولقد تداولته بالتحليل جهات يهودية مثل نجم شيكاغو اليهودي (Chicago Jewish Star). والكتاب -كما نقلت صحيفة السبيل- "لاقى هجوما شرسا من مفكرين صهيونيين في أمريكا بدعاوى انه يروج للفكر الإسلامي ويعطي غطاء فلسفيا للإرهاب"، ويطرح نظرة حول انبعاث الدول من جديد من حيث أن "الإمبراطوريات وأساليب الحكم حينما تسقط فإنها تسقط بلا رجعة مثلما حدث مع الشيوعية والملكية الحاكمة إلا في حالتين فقط، حاليا الأولى هي الديمقراطية، والتي كانت سائدة في الإمبراطوريات الرومانية، وفي "حالة الدولة الإسلامية

    لك اخوة ساروا على نهج النبوة يبتغون من الاله تفضلا
    هم خيرة حملوا لخير رسالة أكرم بهم , اياك ان تتحولا...
    ..عيناك عنهم للملذة طالبا فالنصر آت لا أبا لك ماثلا
    وعد اليهم من عزيز قادر قد كان حقا في الكتاب منزلا
    قد طلقوا متع الحياة وجددوا عهد النبوة للبرية منهلا
    هم حطموا عرش الطغاة وزلزلوا صرح الفساد ومعلنين الى الملا
    ان الخلافة والشريعة والعقيدة والجهاد وسيرة السلف الاولى
    صبح تنفس نوره بين الورى عمر القلوب ضياءه يهدي الى
    سبل السعادة والهدايت والتقى والمجد تحت بيارقه متهللا

    هذه وصية أبي

  2. #2
    عـضــو الصورة الرمزية محمد حافظ
    تاريخ التسجيل
    15/03/2007
    المشاركات
    86
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي رد: الخلافـــة أحــلام طفــولية ام حقـيـقة قادمــة

    لك اخوة ساروا على نهج النبوة يبتغون من الاله تفضلا
    هم خيرة حملوا لخير رسالة أكرم بهم , اياك ان تتحولا...
    ..عيناك عنهم للملذة طالبا فالنصر آت لا أبا لك ماثلا
    وعد اليهم من عزيز قادر قد كان حقا في الكتاب منزلا
    قد طلقوا متع الحياة وجددوا عهد النبوة للبرية منهلا
    هم حطموا عرش الطغاة وزلزلوا صرح الفساد ومعلنين الى الملا
    ان الخلافة والشريعة والعقيدة والجهاد وسيرة السلف الاولى
    صبح تنفس نوره بين الورى عمر القلوب ضياءه يهدي الى
    سبل السعادة والهدايت والتقى والمجد تحت بيارقه متهللا

    هذه وصية أبي

  3. #3
    عـضــو الصورة الرمزية محمد اسلام بدر الدين
    تاريخ التسجيل
    01/12/2008
    العمر
    43
    المشاركات
    511
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي رد: الخلافـــة أحــلام طفــولية ام حقـيـقة قادمــة

    والله قادمة قادمة ان شاء الله
    أثلج الله صدرك كما اثلجت صدري
    نسأل الله العلي القدير أن يرينا دولة الخلافة ويجعلنا من من يفرحون بها ويؤازرونها


  4. #4
    أستاذ بارز
    الصورة الرمزية أحمد المدهون
    تاريخ التسجيل
    28/08/2010
    المشاركات
    5,295
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: الخلافـــة أحــلام طفــولية ام حقـيـقة قادمــة

    هل نشهد حالياً إرهاصات هذا التحول، وإعادة التشكّل وفق هذه الرؤية التي تستشرف المستقبل؟

    مقال يستحق الوقوف عنده والتأمل.
    أشكر الأستاذ محمد حافظ، وأرجو أن يكون بخير.

    " سُئلت عمـن سيقود الجنس البشري ؟ فأجبت: الذين يعرفون كيـف يقرؤون "
    فولتيـــر

  5. #5
    عـضــو الصورة الرمزية أحمد خياط
    تاريخ التسجيل
    02/07/2007
    العمر
    39
    المشاركات
    135
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: الخلافـــة أحــلام طفــولية ام حقـيـقة قادمــة

    من حيث الواقع اللذي نعيشه هل يمكن تطبيق الخلافة الاسلامية في ظل الهيمنة الامريكية؟
    لانه لايعقل ان يكون خليفة المسلمين حاله حال زعماء العرب اصحاب الولاء والطاعة وفي هذه الحالة لن ترضى امريكا عن الخلافة ... والسؤال هنا هل سيكون ابناء الاسلام مستعدون لخوض المواجهة مع امريكا والاصرار على الخلافة والوقوف صفا واحد؟

    إذا كان الجواب نعم حينها اعتقد ان الخلافة قادمة لأن الشعب لو اراد ذلك فعلا وعلم اين تكون مصلحته وصلاحه حينها ستقف دول الهيمنة عاجزة مكبلة راضخة للامر الواقع ... لأنني سأقول لكم سرا أن امريكا تخشى الشعوب وخصوصا العربية وبشكل اكبر الاسلامية.

    نريد سماع آراء الجميع

    [align=center]§¤°~®~°¤§بسم الله الرحمن الرحيم§¤°~®~°¤§[/align]

    [align=center]§¤~¤§¤~¤§"ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ماتوسوس به نفسه ونحن أقرب اليه من حبل الوريد"§¤~¤§¤~¤§[/align]

    [align=center]لاتنسوا ذكر الله[/align]
    [align=center]والصلاة على النبي( صلى الله عليه وسلم) [/align]

  6. #6
    كاتب وناشط سياسي الصورة الرمزية نايف ذوابه
    تاريخ التسجيل
    04/05/2007
    المشاركات
    2,434
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: الخلافـــة أحــلام طفــولية ام حقـيـقة قادمــة

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    موضوع هام وجدير بالتعقيب وإبداء الرأي الرصين المعتمد على رؤية ثاقبة للوضع في العالم الإسلامي وما يحصل فيه من ربيع يؤخذ به ليكون شتاء من خلال التآمر على المسلمين وشراء ذمم آخرين وحبك خيوط مؤامرة بإسناد دول لمن يوصفون بالإسلام المعتدل بتكرار النموذج الأردغاني وهو ما يسمى بالإسلام الليبرالي الذي لا يزيد عن السماح بالبعد الروحي للإسلام في حياة المسلمين .. صلاة وصوم وزكاة دون أن يكون علاقات في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية وموقفا من الدول الأخرى حسب موقفها من الإسلام .. يحاول الغرب احتواء الأجواء واحتواء الفكرة القوية بعودة الخلافة لكنه متخوف جدا أن تخرج الأمور عن سيطرته وهذا بدا في تصريحات بوتين وتصريحات الأمريكان .. في التخوف من وصول من يسمونهم بالمتطرفين والإرهابيين .. ويقصدون بذلك العاملين لقيام دولة الخلافة .. وهناك حركة قوية لهذا في سوريا تقوم به جبهة النصرة السلفية ذات الاتجاه المرتبط بالقاعدة فضلا عن أنصار الخلافة ولواء التوحيد الذي يبدو أن لهم صلة بحزب التحرير العريق بالعمل من أجل الخلافة والذي يوجد من ضمن أجهزته من منتصف الستينيات يسمى جهاز طلب النصرة والذي عمله بشكل رئيس الاتصال بالقوى الموجودة في الأمة وخاصة ضباط الجيش .
    .

    في هذا المجال أذكر رسالة جون شيا إلى الرئيس الأمريكي وضرورة التعامل مع دولة الخلافة الخامسة على حد قوله .. ..


    حتمية المصالحة مع دولة الخلافة الخامسة ، رسالة جون شيا إلى الرئيس أوباما


    في الحادي عشَر من الشهر الجاري ( يناير) عام 2010 كتب "جون شيا" الصحفي الأميركي البارز، ورئيس تحرير مجلة American Reporter بالمجلد السادس عشر برقم 3851 - مقالاً بعنوان: "الحرب ضدَّ الخلافة"، تضمَّن المقال رسالة موجهة إلى الرَّئيس "أوباما" تتعلَّق بما أسماه "دولة الخلافة الخامسة".
    بدأ "شيا" مقاله بالإشارة إلى اجتماع الرئيس "أوباما" بِمُستشاريه من أعلى القيادات العسكريَّة والمدنيَّة لمناقشة مسألة إرْسال قوَّات إضافيَّة إلى أفغانستان، يقول "شيا":
    "بعد عدَّة شهور من التروّي أصْدر الرَّئيس أوامرَه بانتِشار ثلاثين ألف جندي إضافي في أفغانستان، والآن ماذا عساي أن أقول والجنود في طريقِهم فعلاً إلى هناك؟! أفغانستان، هذه البلاد التي أصبحت بعد ما يقرُب من عقد من الزَّمان رهانًا لكسْر العظام في اللُّعبة الَّتي يلعَبُها الجهاديون.
    المشكلة هي أنَّ الرئيس ومستشاريه لا يُريدون الاعتِراف بأنَّ هذه اللعبة تأخُذ الآن منحًى جديدًا، إنَّهم لا يريدون الاعتِراف بأنَّ الجهاديين لا يسعَون إلى غزو البلاد الإسلاميَّة؛ وذلك لأنَّ لهم فيها قاعدة عريضة تنظُر إليهم وإلى قيادتِهم على أنَّهم يمثِّلون القيادة الروحيَّة في الإسلام، إنَّهم يسعَون بدلاً من ذلك إلى بناء "دولة الخلافة الخامسة" الَّتي ينضوي الإسلام جَميعه تحت حكمها، "الخليفة" في هذه الدَّولة هو الإمام، وهو القائد الروحي والحكومي، وكلّ المسلمين يقرُّون له بذلك.
    ماذا يعني هذا بالنسبة للرئيس؟ إنَّه يعني أنَّ الجنود الجدد، والجنود القدامى يُواجهون عدوًّا جديدًا، وهو أكثر الأعداء مخافة، وأضيف: إنَّه عدو لا يُقهر، ذلك ببساطة لأنَّه مجرَّد "فكرة".
    إنَّ هذه التنظيمات الجهادية لا تهدف إلى تحقيق فتوحات تكسب بها أرضًا، إنَّما تهدف إلى تحويل العلمانيِّين والمسلمين المعْتدلين إلى "إسلام" لم يُمارسوه من قبل، إنَّه الإسلام الَّذي يلتزم فيه المسلِمون بالتفسيرات الصَّارمة للقرآن، وهو الإسلام الذي تبنَّته المئات من التَّنظيمات الإسلاميَّة المشابهة المنتشِرة عبر العالم الإسلامي، خاصَّة بعد الهجوم النَّاجح على الولايات المتَّحدة في الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م.
    إنَّ "الخلافة" كفِكْرة تتطلَّب إنجازَ انتِصارات عسكريَّة من شأنها أن تُحقِّق إجماعًا بين المسلمين العاديِّين، يجعلُهم يتبنَّون فكر هذه التنظيمات، سواء من ناحية الشَّكل الذي تريده للإسلام، أو قبول القيادة الجديدة التي تقود هذه التَّنظيمات والتي تحقق هذه الانتِصارات، إنَّ تحوَّل عددٍ كافٍ من المسلِمين العاديِّين إلى هذا الفكر وهذه القيادة يعنى أنَّ "اتِّجاه الريح" ضدَّ الأميركيِّين بدأ في التغيُّر.
    إنَّ تصوري للسيناريو الخاصّ بهذا التغير سيَكون على النَّحو التالي: "ستفقد الحكومات القوميَّة في بلاد الشَّرق الأوسط شرعيَّتها الضَّعيفة، ولن تعُود الأوامر تصْدر من عواصم هذه الحكومات، إنَّما ستصدر من هناك، من هذه المنْحدرات الجبليَّة التي يختبئ فيها قادة التَّنظيمات الجهاديَّة، وقد يكون أهم تغيُّر هنا هو تحوُّل الشّيعة من قم إلى طهران إلى أتباعٍ لقيادة التَّنظيمات السنيَّة، ولا يعني هذا أنَّ آيات الله وقياداتهم في إيران - بمن فيهم الرَّئيس الإيراني - سوف يفقدون نفوذَهم بين الشيعة، أو أنَّ سلطاتهم ستتأثر، ولكنَّهم سيجدون أنفُسَهم في وضع يحتِّم عليهم الخضوع لهذا الفهْم السني للشَّريعة الذي سيفرضه قادة التَّنظيمات الجهاديَّة.
    أمَّا هؤلاء الزُّعماء الذين يصرّون على المقاومة، فإنَّه ما أن يعلن قيام دولة الخلافة الخامسة، ستتجاهلُهم قيادة هذه الدَّولة في بداية الأمر، وستعْمل على تَحويلهم إلى منهجها، وإن لم يفعلوا فإنَّ مصيرَهم سيكون إمَّا السجن أو القتل.
    لم تكن أوَّل إشارات لدولة الخلافة المفترضة سوى تَمريرها لكلمة "الخلافة"، وهذا الأمر لم يُلاحِظْه الكثيرون حينما ظهر على العديد من المواقع الإسلاميَّة الأصوليَّة.
    وفي الوقْت الذي كان فيه الغرْب يُتابع إشارات هذه المواقِع كمظهر للصِّراع ضدَّه، كانت هناك انتِصارات أخرى تتحقَّق في ميدان المعركة تمهِّد لميلاد دولة الخلافة.
    من غير المحتمل أن تكون الاستراتيجيَّة التي قد تتبعها التَّنظيمات الجهادية قد اتبعت من قبل، فما أن يتَّخذ مائة ألف جندي أميركي وحلفاؤهم مواقعَهم في أفغانستان، فإنَّ هذه التنظيمات وقياداتها قد تلْجأ إلى استِخْدام سلطتها الرُّوحيَّة ومفرداتها العقديَّة؛ لتحوِّل ملايين المسلمين الَّذين انضمُّوا فعلاً تحت لوائِها إلى جنود يُحاربون أعداء الإسلام.
    حينما قدمنا لأفغانستان أوَّل مرَّة رحَّب الأفغان بنا وبحكومتِها التي صنعناها لهم، هذا كان بالأمس، أمَّا في الغد فإنَّ الأمر مختلف بجدّ، ستطْلب المجالس المنتخبة لدوْلة الخلافة حديثًا - الَّتي تسيطر على معظم أنْحاء البلاد - من كل مسلم: أن يضطلِع بدوره في الجهاد ضدَّنا، عندئذ تتغيَّر أوْضاعنا من قوَّات كانت تحْظى بشرف نسبي، إلى قوَّات أسيرة شرَك كبير للغاية، ويضيق عليها هذا الشرك يومًا بعد يوم.
    الحقيقة الجليَّة هي أنَّه لا يستطيع أي جيش في العالم، ولا أيَّة قوَّة عسكريَّة - مهما بلغت درجة تسليحها - أن تهزم "فكرة".
    يجب أن نقرَّ بأنَّنا لا نستطيع أن نحرق قادة هذه الفِكْرة في كلّ بلاد الشَّرق الأوسط، ولا أن نحرق كتُبَها، ولا أن ننشر أسرارها؛ ذلك لأنَّ هناك إجماعًا بين المسلمين على هذه الفكرة.
    إنَّ الشرق الأوسط يواجه اليوم القوَّة الاقتصاديَّة الموحَّدة للدُّول الأوربيَّة، هذا صحيح، لكن عليْنا أن نعرِف أنَّه في الغد سيواجه الغرب القوَّة الموحَّدة لدولة الخلافة الخامسة.
    ليسمح لي سيادة الرئيس "أوباما" أن أُبدي إليه بعض الملاحظات الهامَّة.
    سيدي الرَّئيس:
    إنَّ المعركة بين الإسلام والغرْب معركة حتميَّة لا يمكن تجنُّبها، وهي ذاتُ تاريخ قديم، ولا بدَّ أن نضعَ حدًّا لهذا الصراع، وليس أمامنا إلاَّ أن ندخل في مفاوضات سلام مع الإسلام.
    إني أتوقَّع أن يخبرَك البعض بأنَّه من المستبعد تمامًا أن ندخُل في مفاوضات مع عدوّ متخيَّل اسمه "الخلافة الخامسة"، لكنَّه يجِب عليك كقائد عسكري وأنت تصوغ سياستك في التعامل مع الإسلام أن تعترِف بسخافة الادِّعاء بأنَّ الإسلام منقسم على نفسه، وأن تعترف كذلك بأن توحيد بلاد الإسلام تحت إمرة قائد كارزمي أمر محتمل.
    إنَّه من المسلَّم به أنَّه يصعب محاربة شبح لا يمكن رؤيته، أو حتَّى الاعتقاد بوجوده، لكنَّ الأشدَّ صعوبةً هو أن تجِد هذا الشَّبح قد أصبح حقيقة واقعة لَم تحسب لها حساباتك، فإذا حدث ذلك - وهو ما تسعى إليه التَّنظيمات الجهاديَّة - سنكون قد وقعنا في شركٍ كبير آخَر، الملايين من المسلمين سيقِفون ضدَّنا، وعندئذ يصعبُ عليْنا التَّراجُع.
    إنَّ معظم الأميركيين يكرهون التَّعايش مع حرب طال أمدُها من أجل ضمان إقامة ديمقراطيَّة حرَّة في أفغانستان، أو من أجل مساندة أنظِمة في باكستان والعراق، ويكره الأميركيون كذلك فكرة وجُود أميركي دائم لمنْع احتمال تحقيق التَّنظيمات الجهاديَّة نصرًا حاسمًا عليْنا يُفقدنا نمط الحياة الذي نعيشه، إنَّنا شعب يملك إرادة قويَّة، ويجب ألاَّ ننتظر حتَّى تتحطَّم إرادتنا من قبل عدوٍّ يَملك إرادة أقوى.

    إنَّنا نعيش مرحلة تتصارع فيها العاطفة مع الأيديولوجيا؛ لهذا فإنَّ الأمر يتطلَّب منا إحداث توافق مع الإسلام، قبل أن تَسيل شلالات الدِّماء من أجساد الأميركيِّين، وهذا أمر قد يحدث قريبًا، يجب أن تكون لديْنا الحكمة فلا نضع أنفُسَنا في قلب الحرْب مع دولة الخلافة الخامسة، والأفضل لنا أن نقِف على حدودها، يجب أن نزِنَ أنفُسَنا جيِّدًا، يجب أن نفكِّر بضميرنا الخاص كأميركيِّين، فليس من الحكمة أن نساند أنظِمة غير ديمقراطيَّة وعالية الفساد ضدَّ دولة الخلافة التي تصوغ سياستَها أصلاً وفق عقيدة تُحارب الفساد والقيادة غير الرَّاشدة، بأكثر ممَّا تحاربه المبادئ اليهوديَّة - المسيحيَّة الَّتي تتَّسم بالتسامح والتَّعاطف مع الخطيئة والمخطئين على السَّواء.
    سيادة الرئيس:
    علينا ألاَّ نخاف من قيام حكومة أمينة أيًّا كانت صفتها، إنَّ الَّذي علينا أن نَخافه هو قيادات تخون مبادئها الأساسيَّة.
    إنَّنا مسؤولون يا سيادة الرئيس عن العديد من الصَّفقات التي تعمل على تمكين الفساد في دول الشرق الأوسط، وعن العديد من الخطوات غير العقلانيَّة التي اتَّخذناها لضمان بقاء الحكومات الفاسدة، إنَّه بإمكانِنا أن ننسحب من صراعٍ ظاهر الملامح بدلاً من أن ندخُل في حربٍ ضدَّ جيش غير منظور، وبمعنى أصحّ: ضد "فكرة"، إنَّنا إذا لم نعترِف بهذه الحقيقة، فعليْنا أن نتوقَّع هزيمة أو انسحابًا حتميًّا، عليْنا أن نعرف: مَن هذا الذي نحاربه؟ وما الذي نحارب من أجله؟ إنَّه عدو متسلح بدينه يُهاجِمُنا يومًا بعد يوم، هل نحن نحارب من أجل السَّيطرة على أراض ومقاطعات، أو نحارب فكرة حانَ وقتُها الآن تملؤها رغبة في الانتِقام منَّا؛ لقتلنا مئات الآلاف من الأرواح البريئة؟

    الحقيقة هي أنَّنا نحارب الآنَ في أفغانستان أكبر بلاد العالم في تِجارة الهيروين، لصالح حكومة مِن أشدِّ حكومات العالم فسادًا، لقد انسحبْنا من العراق في وقتٍ بدأتْ فيه المصالحة الوطنيَّة تجني ثمارها، ورغْم ذلك تتصاعدُ الهجمات ضدَّ الجنود والمدنيِّين، ومع الأسف فإنَّ الحكومات الَّتي شكَّلْناها هناك هي ذاتها تُعتَبَر شكلاً جديدًا من الحكومات التي تسْعى إلى تأْخير وتَحطيم أُسُس الديمقراطيَّة الحرَّة.
    إنَّنا لا نستطيع أن نملي مستقبل السياسة على الشرق الأوسط، أو نرسم سياستَنا لكي نضْمن فقط بقاء أنظمة بعينها، أو لضمان استِمرار إمدادنا بمصدر واحد، إنَّ مستقبلنا يكمن في التِّجارة مع عالم ينعم بالسَّلام، تتوافر فيه الوظائف لشعْبِنا، ويحدث فيه التقدُّم في التكنولوجيا والاختراعات، هذا هو الَّذي يصنع الفارق، دعنا نُحارب من أجل ذلك، وليس من أجل حكومات شيْطانيَّة.
    سيدي الرئيس:
    أشكرك لاستماعك إليَّ، وأنا فخور بأنِّي أعطيتُك صوتي في انتخابات الرِّئاسة الأخيرة".
    JOE SHEA, THE WAR AGAINST THE CALIPHATE ,American Reporter Vol. 16, No. 3,857 - - January 19, 2010

    ********************************************


    تعليق
    فكرة الخلافة واحتمالات قيامها فكرة تؤرق مراكز صنع القرار في الدول الغربية وخاصة أمريكا .. ويتردّد الموضوع في دهاليز صناع القرار ويأخذون الأمور محمل الجد .. في أوساط الرئاسة ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع الأمريكية .. وقد صدرت تصريحات بهذا الخصوص ..

    طبعا ما يزيدهم رعبًا هو الأوضاع التي تعيشها الدول الغربية من انهيار اقتصادياتها .. وفشل المنظومة الاقتصادية للنظام الرأسمالي وانهيارها .. في أمريكا وفي مربع اليورو .. وهذه الأوضاع تقيد حركتهم وتدخلهم في الأزمات الدولية .. أما الأمر الآخر فهو الأوضاع التي تعيشها البلاد الإسلامية من فساد اقتصادي وانهيار واستبداد نجم عن تسلط عملاء الغرب بدعم منه على شعوب البلاد الإسلامية .. فهذه البيئة وهذه الأجواء أجواء مشجعة لحصول تقلبات وتغيرات ليس فقط في المجتمعات بل في الجيوش التي هي جزء من المجتمعات الإسلامية ويخشون أن يحصل المحذور وتسقط قلعة من قلاع الدومينو ثم تتوالى بقية القلاع بالسقوط ..

    ثم إن الخلافة هي بشرى نبينا صلى الله عليه وسلم وهناك إحساس عميق لدى العاملين في مشروع النهضة أنه قد آن الأوان وأن الأجراس قد قرعت وأننا قد نفاجأ في صبيحة يوم بعد صلاة الفجر بتغيرات دراماتيكية مثيرة تقلب الأوضاع رأسا على عقب وتقوم نواة في مكان تكون نقطة ارتكاز ومنها الانطلاق لجمع شمل بقية البلاد الإسلامية .. وقد تعم الفوضى بقية البلدان حتى تستقر الأمور بانضمامها .. وطبعا لن يكون ذلك أمرا سهلا فقد تحصل مواجهات بيننا وبين الغرب على مختلف الجبهات في مختلف مناطق العالم الإسلامي وليس ميدانها البر وحده فقد تشهد البهار أيضا مواجهات تليق بمستوى الحدث وهو ظهور دولة في العالم قد تتمكن من قيادة الموقف الدولي بسرعة قياسية بعد أن سئم من ظلم وبطش وفساد منظومة النظام الرأسمالي الديموقراطي ..

    وللحديث بقية

    ما زلتُ أبحثُ في وجوه النّاس عن بعضِ الرّجالْ

    عــن عصـبـةٍ يقـفـون في الأزَمَات كالشّــمِّ الجـبالْ

    فــإذا تكلّـمتِ الشــفـاهُ سـمـعْــتَ مــيـزانَ المـقــالْ

    وإذا تـحركـتِ الـرّجـالُ رأيــتَ أفــعــــالَ الـرّجــالْ

  7. #7
    كاتب وناشط سياسي الصورة الرمزية نايف ذوابه
    تاريخ التسجيل
    04/05/2007
    المشاركات
    2,434
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: الخلافـــة أحــلام طفــولية ام حقـيـقة قادمــة






    هذه أخت مسلمة روسية تستغيث بخليفة المسلمين بكل يقين إيمانها وثقتها بربها .. أن ليس يخلص مسلمي القفقاس وروسيا مما هم فيه إلا خليفة المسلمين ..

    استمعوا إليها وهي تستجير بأهل الشام أن يعلنوا فيهم خليفة يعطوه صفقة أيديهم وثمرة قلوبهم ليسيروا خلفه لينقذ المسلمين الذين كانت ديارهم جزءا من دولة الخلافة الإسلامية .. نداء حار من أخت مسلمة .. لكن أين من فيهم حرارة الرجال ..؟!يا أيها المسلمون في الشام .. أنتم على مفترق طرق .. ندعوكم بل نطالبكم بشدة بإقامة خلافة إسلامية .. هكذا تنادي وتستغيث..

    الإسلام بحاجة للسلطان ..الإسلام بحاجة للخلافة .. أين أنت يا خليفة المسلمين أين أنت يا أمير المؤمنين ..أين أنت أيها المعتصم ..؟!

    ما زلتُ أبحثُ في وجوه النّاس عن بعضِ الرّجالْ

    عــن عصـبـةٍ يقـفـون في الأزَمَات كالشّــمِّ الجـبالْ

    فــإذا تكلّـمتِ الشــفـاهُ سـمـعْــتَ مــيـزانَ المـقــالْ

    وإذا تـحركـتِ الـرّجـالُ رأيــتَ أفــعــــالَ الـرّجــالْ

  8. #8
    كاتب وناشط سياسي الصورة الرمزية نايف ذوابه
    تاريخ التسجيل
    04/05/2007
    المشاركات
    2,434
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: الخلافـــة أحــلام طفــولية ام حقـيـقة قادمــة


    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. هذه رسالة وجهها أمير حزب التحرير لزعماء الدول العربية والإسلامية منذ خمس سنوات ولم يسبق لي الاطلاع عليها وأضعها هنا لأنها وثيقة بحق في موضوع عودة الخلافة واليقين بعودتها حسب العاملين لها وخاصة الإخوة في حزب التحرير .. الرسالة وثيقة فقهية وأيضا سياسية .. فهي تقيم الحجة على الحكام وحتى على عامة المسلمين ممن لم يتلبسوا بالعمل مع حزب التحرير لاستئناف الحياة الإسلامية بقيام دولة الخلافة فضلا عن أنها حجة على الحكام الذين لا يكتفون بالعمل ونصرة من يعملون بل يحاربون العاملين لعودة الخلافة ..

    لفتني في الرسالة الرد على من يرون أن أمريكا قد تطيح بدولة الخلافة وتمحوها عن الوجود فور قيامها فرد أمير حزب التحرير على ذلك بأن أمريكا لم تستقر بعد غزوها العراق وأفغانستان ومن يحاربها هناك ليس دولا ولا يملكون إمكانيات فكيف حين تقوم هذه الخلافة في دولة تملك مقومات الدولة الحقيقية وتحتضنها الأمة ..؟ وأقول أنا فعلا إن أمريكا والغرب الآن ضعيفان وقد أنهكتهما الحرب على الإرهاب وخاصة أمريكا وإن لم يخني السماع فإنها قد كلفت أمريكا نحو خمسة تريليونات دولار كما قال أحد المحللين والباحثين على فرانس 25 في ندوة عن أمريكا وضعفها وترددها السياسي شارك الأستاذ خطار أبو ذياب و.آخرون ..

    أضع الرسالة لأنها فعلا بليغة ووثيقة تستحق القراءة والتأمل لكل المفكرين والناشطين والعاملين في الشأن العام والمهتمين بالحراك السياسي الذي يدور في المنطقة وخاصة في سوريا بل وغيرها من بلدان الربيع العربي التي لم تستقر الأمور فيها بعد ..



    كلمة أمير حزب التحرير
    في الذكرى السابعة والثمانين لهدم الخلافة
    من حزب التحرير
    إلى الحكام, ملوكاً ورؤساء وأمراء... في بلاد المسلمين,
    من أطراف المحيط الهادئ حيث إندونيسيا شرقاً,
    إلى شواطئ المحيط الأطلسي حيث المغرب غرباً.
    الحمد لله, والصلاة والسلام على رسول الله, وعلى آله وصحبه ومن والاه, وبعد:
    تعلمون أننا منذ زمن لم نرسل لكم وفداً أو نكتب لكم كتاباً نطلب فيه نصرتكم لإقامة دولة الخلافة الراشدة, وذلك لأننا سمعناكم سماع الأذن, ورأيناكم رأي العين, تضعون الخلافة وراء ظهوركم, وتعصون الأدلة الشرعية الصحيحة من كتاب الله سبحانه وسنة رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) التي توجب العمل لإقامة الخلافة, بل إنها فوق ذلك تجعل ميتة القاعد عن العمل لإيجاد الخليفة الذي يستحق البيعة في أعناق المسلمين, تجعل ميتة هذا القاعد ميتة جاهلية, وفق الحديث الشريف الذي أخرجه مسلم من طريق عبد الله بن عمر «ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية» للدلالة على عظم الإثم الذي يقع فيه القاعد عن ذلك العمل.
    هذا بالنسبة للمسلم الفرد من أفراد الرعية.
    أما بالنسبة للحاكم, فعذابه أشد وإثمه أعظم, فقد توعد الله سبحانه الحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله, ولا يعلن الخلافة, والحاكم الذي يقع في ما نهى الله عنه, ويوالي الكفار, ويلقي إليهم بالمودة, مبتغياً عندهم العزة, توعد الله أولئك الحكام وعيداً شديداً:
    فالحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله, وهو ينكر الإسلام, وصفته آيات الله بالكفر, قال سبحانه: (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) [المائدة 44].
    والحاكم الذي لا يحكم بما أنزل الله, ولكنه لا ينكر الإسلام, فإن الآيات وصفته بالفسق والظلم. قال سبحانه (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) [المائدة 45], وقال سبحانه (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [المائدة 47].
    والحاكم الذي يقع فيما نهى الله عنه, ويوالي الكفار أعداء الإسلام والمسلمين, ويلقي إليهم بالمودة, مبتغياً عندهم العزة, أدخلته الآيات البينات في زمرة المنافقين الذين لهم عذاب أليم. قال سبحانه: (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ) [الممتحنة 1], وقال سبحانه: (بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا، الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا) [النساء 138-139].
    من أجل ذلك كله, وبسبب واقعكم المذكور, فقد كان لنا موقفٌ منكم كما تعلمون, حيث لم نرسل لكم وفداً منذ زمن, ولم نكتب لكم كتاباً نطلب فيه نصرتكم لإقامة الخلافة.
    غير أن أمرين اشتد واقعهما في الآونة الأخيرة, وكبر حجمهما, قد دفعانا لاتخاذ موقف آخر, وهذان الأمران هما:
    الأول: إقبال المسلمين على موضوع الخلافة إقبالاً لافتاً للنظر, فقد كانوا من قبل يقبلون بالعشرات أو المئات على محاضرات وندوات ومؤتمرات حزب التحرير التي يقيمها في موضوع الخلافة, وهم الآن يقبلون بالآلاف بل مئة ألف أو يزيدون, ما يدل على أن الخلافة أصبحت قضية المسلمين من الناحية العملية, وليس فقط من الناحية الفكرية.
    والحاكم الذي يتفكر في هذا الأمر ويتدبره لا يسير عكس تيار المسلمين الحاشد تجاه الخلافة, العامل لإقامتها, والمؤيد لها.
    الثاني: الاستراتيجية الجديدة للمنطقة الإسلامية التي وضعها الغرب, وبخاصة أميركا, حيث زرعُ القلاقل وتشجيعُ الانفصال ثم الغزو والعدوان, ومن ثَمَّ رسم مخططات جديدة لأنواع من الحكم, فدرالية أو كنفدرالية أو ذاتية..., ما يترتب عليه لفظُ حكامٍّ استنفدوا أدوارهم, فيكونون بذلك قد خسروا دنياهم بعد أن كانوا قد خسروا دينهم من قبلُ, لعدم حكمهم بما أنزل الله, ولموالاتهم لأعداء الله.
    والحاكم الذي يتفكر في هذا الأمر ويتدبره سيجد فيه عبرة وأية عبرة.
    هذان الأمران استوقفانا مليَّاً, ثم كان هذا الكتاب الذي نوجهه إليكم, علماً بأننا رأيناكم من حيث توصيلُ الكتاب إليكم ثلاثة أقسام:
    القسم الأول: يحكم بلاداً إسلامية فيها مقومات الدولة, ويمكن لوفدنا أن يصل إليه, وإن كان بصعوبة. وهذا القسم نرسل كتابنا إليه يحمله وفدنا.
    والقسم الثاني: يحكم بلاداً إسلامية فيها مقومات الدولة, ولكنه أحاط نفسه بأجهزة أمنية وزبانية شريرة, أَمَرَها أن تمنع عنه كلمة الحق, سواء أحملها إليه فرد أو وفد. وهذا القسم نرسل كتابنا إليه بوسيلة أخرى دون وفد.
    والقسم الثالث: يحكم بلاداً إسلامية ليس فيها مقومات الدولة, بالإضافة إلى حكام آخرين لا جدوى من الاتصال بهم... وهذا القسم لسنا في عجلةٍ من أمرنا في إرسال الكتاب إليه.
    هكذا رأيناكم أقساماً ثلاثة, وهكذا كان أمرُ توصيلِ الكتاب.
    أيها الحكام في بلاد المسلمين.
    قد تقولون ما الذي يُجَرِّئ حزب التحرير, فيقتحم علينا الأبواب, ويخاطبنا دون ألقاب, أفلا يعرف بطشنا ؟ ثم ألا يخشى على وفده أن لا يعود إليه سالماً؟
    ونقول إننا خاطبناكم دون ألقاب لأننا لا نحب التكلف في الحديث ولا الزلفى في الخطاب. أما أننا لا نعرف بطشكم, بلى نعرفه, فقد أنبأنا به القوي العزيز الجبار (وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ) [الشعراء 130], ولكننا نعلم أن بطش الله أشد وأنكى (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) [البروج 12]. أما عن خشيتنا على وفدنا, فإننا نؤمن بأنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا (قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ) [التوبة 51].
    وقد تقولون إن هَمَّ حزب التحرير هو الاستيلاء على الحكم...
    ونقول إن هَمَّنا هو استئناف الحياة الإسلامية في الأرض بإقامة دولة الخلافة الراشدة, وهو ما نذرنا أنفسنا إليه استجابة إلى أمر الله سبحانه وأمر رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم), وليس همنا هو الوصول إلى الحكم, أيِّ حكم, بل هو لأداء فرض الخلافة العظيم. وهو ليس فقط فرضاً عظيماً علينا, بل هو على كل مسلم, وهو على الحاكم أشد وأعظم.
    وقد تقولون إن حزب التحرير في مسعاه لإقامة الخلافة إنما يسعى إلى خيال, وقد تضيفون قائلين: وحتى لو فُرض جدلاً وأقيمت الخلافة, فإن الدول الكبرى ستطبق عليها, وتمحوها!!
    ونحن نقول إن القائل بعدم إقامة الخلافة هو الساعي إلى خيال, أما إقامة الخلافة فهي حقيقة واقعة بإذن الله, تؤكدها حقائق أربع:
    فأولاً : وعد من الله سبحانه للذين آمنوا وعملوا الصالحات بالاستخلاف في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم. يقول سبحانه (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) [النور 55].
    وثانياً: بشرى من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بعودة الخلافة الراشدة على منهاج النبوة بعد الملك الجبري الذي نحن فيه. يقول صلوات الله وسلامه عليه في الحديث الصحيح الذي أخرجه أحمد من طريق حذيفة ابن اليمان: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم): «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكًا جَبْرِيَّةً فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلَافَةً عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ سَكَتَ».
    وثالثاً: أمة حية فاعلة, تُقبل على العمل لإقامة الخلافة, وعلى تأييد هذا العمل, إلى أن يتحقق وعد الله, ثم من بعدُ ترابط لحراسة الخلافة واحتضانها... حيث إن الأمة تتوجه بتسارع إلى سيرتها الأولى التي أخرجها الله لها. يقول سبحانه (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) [آل عمران 110].
    ورابعاً: حزبٌ مخلص لله سبحانه, صادقٌ مع رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم), يغذ السير, واصلاً ليله بنهاره, حتى يتحقق وعد الله وبشرى رسوله على يديه, لا يخشى في الله لومة لائم, لا تلين له قناة ولا تضعف له عزيمة بإذن الله, حتى يأتي أمر الله وهو كذلك. وكأنه مصداق قوله صلوات الله وسلامه عليه في الحديث الذي أخرجه مسلم من طريق ثوبان «لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك...».
    إن أية واحدة من هذه الأربع كافية لتنطق بأن العمل للخلافة ليس خيالاً, فكيف بالأربع مجتمعة؟!
    أما القول بأن الدول الكبرى ستُطبق على الخلافة وتمحوها لو قامت, فإن إدراك الوقائع الجارية يدفن هذا القول تحت التراب!
    فإذا كانت زعيمة الدول الكبرى, الولايات المتحدة الأمريكية, وأحلافها من هذه الدول, لم تستطع أن تستقر في العراق وأفغانستان أمام مقاومة أفراد من المسلمين لا يملكون عشر معشار القوة المادية لأولئك الأعداء, فضلاً عن أن هؤلاء الأفراد ليسوا دولة ذات مقومات محسوبة في العدد والعدة,
    إذا كانت هذه الدول مع زعيمتها لم تستطع أن تستقر في العراق وأفغانستان أمام هؤلاء الأفراد المسلمين, فكيف ستستطيع أن تطبق على الخلافة وتمحوها؟! إلا أن يكون قائل هذا القول فاقداً للبصر والبصيرة لا يدرك عظمة الإسلام, وعظمة دولة الإسلام... ولا يدرك فقه آي الذكر الحكيم (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد 7] ولا قول الله سبحانه (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ ءَامَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) [غافر 51]... ولا يدرك كذلك فقه حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي أخرجه البخاري ومسلم, واللفظ للبخاري «نصرت بالرعب مسيرة شهر»... وهو كذلك لا يدرك حقائق التاريخ وأن الجيش الإسلامي بإذن الله لا يقهر.
    ثم إن هناك أمراً آخر نضيفه إلى عجز الدول الكبرى تلك عن الاستقرار في العراق وأفغانستان أمام الأفراد المسلمين الذين يقاومونهم, وهذا الأمر هو أن تلك الدول لم تستطع أن تطأ أرض أفغانستان والعراق لولا أن الحكام العملاء في بلاد المسلمين قد فتحوا لها البلاد, براً وجواً وبحراً , قواعد تنطلق منها قاذفات تلك الدول للعدوان على بلاد المسلمين, وكان واقع أولئك الحكام في بلاد المسلمين أنهم العون والسند لعدوان تلك الدول الكبرى, وكان أمثلهم طريقة هو الذي يظهر نفسه على الحياد بين أمريكا وأحلافها, من جهة, وبين أهل العراق وأفغانستان, من جهة أخرى, خلال قصف طائرات وأساطيل أمريكا وأحلافها على بلاد المسلمين.

    إن أمر العملاء هؤلاء لن يكون عند قيام الخلافة, ومَنْ مِنْ هؤلاء يجرؤ على أن يقف في وجه الخلافة حيث الأمة حارستها وحاميتها؟ إن أولئك العملاء سيختفون طوعاً أو كرهاً, ولن يجد الأعداء حينها خائناً يفتح لهم أبواب البلاد الإسلامية ليدخلوها دون عناء.
    وهكذا فإن قيام الخلافة هو حقيقة واقعة في وقت ليس ببعيد بإذن الله, وإن ثباتها واستقرارها بعد قيامها هو أمر محقق إن شاء الله, وأن بنيان الدول التي هي كبرى اليوم سينهار بتلك الدول في مكان سحيق.
    وأخيراً قد تقولون وتصدقون ... تقولون إن حزب التحرير يدرك ترجيحاً, إن لم يكن يقيناً, بأننا لن نستجيب, فإذن لماذا يرسل لنا وفداً أو يكتب لنا كتاباً؟
    ونقول نعم, إنكم قد تقولون وتصدقون, ولكننا أرسلنا إليكم وفداً أو كتبنا إليكم كتاباً, اهتداءً بقول ربنا العزيز الحكيم (قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ) [الأعراف]:
    فلعلكم تتقون فتذكروا الآخرة, يوم الحساب, حيث الحَكَمُ العدلُ هو القويُ العزيزُ الجبار, فلا ظلم يومئذٍ, وإنما هي جنة أو نار (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ) [آل عمران 185].
    ولعلكم تتقون فتدركوا أنكم مهما عَمَرْتُم فلا بد من أن تُدَسوا في التراب, وتتركوا العروش والتيجان, والثروة والثراء, والحدائق الغناء, ويكون حالكم (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ، وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ، كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا ءَاخَرِينَ، فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ) [الدخان 25-29].
    ولعلكم تتقون فتعلموا ثقل الذنوب التي حملتموها: فقد عطلتم الحكم بما أنزل الله, وتركتم الجهاد في سبيل الله, و واليتم أعداء الله, وضاع كثير من بلاد المسلمين وأنتم تنظرون, سواء أكانت فلسطين, أم كشمير, أم قبرص, أم تيمور الشرقية, أم تقطيع أوصال العراق وأفغانستان, أم فصل جنوب السودان, أم ما يحدث من مجازر في الصومال و الشيشان..., وأنتم في ذلك أحد اثنين: مساهمٌ في الضياع, أو صامتٌ عليه صمت القبور, ما تَرَتَّبَ عليه ذل وهوان, ومصائب تترى ... ومع ذلك فلا أنتم تتوبون ولا تتذكرون (أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ) [التوبة 126].
    ولعلكم تتقون فتتدبروا الأمرين الذين استوقفانا ملياً ثم كان كتابنا هذا الذي نوجهه إليكم, فتستجيبوا لما فيه, وبذلك تخففون شيئاً من تلك الذنوب, فَتَبْيَضُّ صحائفكم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
    فإن استجبتم إلى موضوع كتابنا هذا "نصرتنا لإقامة الخلافة", فإن وفدنا يسمع منكم, ومن بَعْدُ يعود إليكم بما يترتب على تلك الاستجابة من أمور. أما إن استجبتم ولم يكن وفدنا عندكم فإن عناوين مكاتبنا الإعلامية مسطورة في أسفل هذا الكتاب, فإذا وصلتنا استجابتكم, أرسلنا إليكم بدورنا ما يترتب على تلك الاستجابة من أمور.
    أما إن لم تستجيبوا, فإنكم لن تضروا الله شيئاً, ولن تحولوا دون قيام الخلافة, فهي قائمة بإذن الله بوعده سبحانه وبشرى رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم), كل ما هنالك أنكم تكونون قد تسربلتم بالخزي والخسران في الدارين ) ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ) [الحج 11].
    ونكون نحن قد بلَّغنا, وأنذرنا ... ثم أُعذرنا.
    (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) [يوسف 21].
    ـ
    موقع الحزب الرئيسي: http://www.hizb-ut-tahrir.org
    موقع المكتب الإعلامي الرئيسي: http://www.hizb-ut-tahrir.info/arabi...php/main/index



    العشر الأواخر من رجب 1429ه حـزب التحـرير


    ما زلتُ أبحثُ في وجوه النّاس عن بعضِ الرّجالْ

    عــن عصـبـةٍ يقـفـون في الأزَمَات كالشّــمِّ الجـبالْ

    فــإذا تكلّـمتِ الشــفـاهُ سـمـعْــتَ مــيـزانَ المـقــالْ

    وإذا تـحركـتِ الـرّجـالُ رأيــتَ أفــعــــالَ الـرّجــالْ

  9. #9
    كاتب وناشط سياسي الصورة الرمزية نايف ذوابه
    تاريخ التسجيل
    04/05/2007
    المشاركات
    2,434
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: الخلافـــة أحــلام طفــولية ام حقـيـقة قادمــة

    فرنسي يصف بذهول مستشفى في قرطبة الإسلامية أيام الخــلافـــة
    زار أحد الفرنجة مدينة قرطبة للتداوي فاندهش لما لقيه في المستشفى "البيمارستان" الذي دخله للعلاج فيه فكتب في رسالته يصف المستشفى ووقف مذهولا مبديًا إعجابه الكبير به. حينها كانت فرنسا في ظلمات تحت ظلمات ...

    للأسف يصفون هذه العصور بالعصور الوسطى حتى في البلاد الإسلامية بينما هي عصور ازدهار .. وكان الطلاب من أوروبا يقصدون جامعة قرطبة ..










    هل الإسلام قادر على إقامة حضارة حياتية راقية؟ إلى كل المشككين فى ذلك، وإلى كل من يتحدثون باسم الدولة المدنية، نقول لمن لا يقرءون التاريخ وجل همهم التشكيك فى سمو رسالة الإسلام، إن الإسلام أقام صروحًا شهد لها القاصى والدانى فى كل مكوناتها، استبق حضارات الغرب جميعها، فى إقامة مدن حضارية مبهرة، ولنرى معًا مثالاً بسيطًا على ما شيده الإسلام، وعلى ما كانت عليه مدينة قرطبة فى الأندلس عام 350 هجرية تحت فترة الحكم الإسلامى، منذ أكثر من 1000 سنة، وليكن لك عزيزى القارئ فيما بعد الحكم والتقييم، فقد كان فى مدينة قرطبة 28 ضاحية و28 حيًا، وفيها 13 ألف دار أو فيلا بمسمانا الحديث، قطنها نصف مليون مواطن فى ذاك الوقت، احتلت من خلالهم المرتبة الثانية من حيث تعداد السكان بعد بغداد، التي كان يسكنها 3 ملايين نسمة، وقبل مدينة أشبيلية الإسلامية التى كان بها 400 ألف شخص، كان العالم حين ذاك يطلق عليها "جوهرة العالم "، حيث كان كل من يريد أن يشاهد شيئاً حضاريًا من المسلمين وغيرهم، أن يذهبوا ليشاهدوا مدينة قرطبة أو مدينة الزهراء وهى فرع من فروع قرطبة، كانوا يذهبون ليشاهدوا قنطرة ومسجد ومكتبة وجامعة قرطبة، كانوا يذهبون ليروا شوارع قرطبة المرصوفة بالحجر والمضاءة ليلاً، فى حين أن لدينا فى القرن الواحد والعشرين بعض المدن أو القرى غير مضاءة، وبهذا فإن أعظم مدن العلم، وأكثر المدن كثافة وحضارة كانت المدن الإسلامية، ولك أن تتخيل أيضا أن يكون فى قرطبة فى ذلك الوقت أسواق متخصصة للسلاح، والذهب، والأوراق، والصناعات الكيمائية، والأدوية، والكتب والزهور، حتى أن الزهور والحيوانات النادرة كانت لها سوق خاص، فقد كانت أكثر مدن العالم علوٌا فى المجالين الاقتصادى والعلمى، فقد شيُدت فيها الجامعة الأموية وجامعة قرطبة وهى أعظم جامعات العالم، وجميعا نعرف الرسالة المشهورة التى بعث بها ملك إنجلترا إلى أحد حكام المسلمين هشام بن عبد الرحمن الثانى فى الأندلس والتى كان يرجوه فيها بأن يعلم ابنته ومجموعة من علماء إنجلترا العلوم فى جامعة قرطبة، والتى ختمها بتوقيع "خادمكم المطيع ملك إنجلترا" وإلى من يتحدثون عن المدنية دون دراية بما كان عليه حال الإسلام من هذا المصطلح، فهل يتخيلون إنه كان فى قرطبة 3000 مسجد و 50 مستشفى فى حين أن باريس عاصمة الدولة الفرنسية عرفت طريق المستشفيات بعد 700 عام من وجودها فى قرطبة ، وبعد 900 عام من المستشفى الإسلامى الأول فى دمشق، ولك مثالاً آخر عزيزى القارئ فيما كانت عليه مدينة فاس سنة 600 هجرية أي قبل أكثر من 800 سنة من الآن، والتى كانت من المدن الصناعية الأولى فى العالم، حيث كان فيها أكثر من 3000 مصنع لنسج الثياب وبالضبط 3064، و 47 مصنعًا للصابون، و 86 مصنعًا لدبغ الجلود، و116 دارًا للطباعة، و12مصنعًا لتسبيك الحديد والنحاس، و11 مصنعًا للزجاج، و 135 مصنعًا للجير الذى كان يستخدم فى الطلاء، و400 مصنع للورق، و 188 مصنعا للفخار، و 200 مكتبة لبيع الكتب، وهذه فقط مجرد أمثلة وصفحات بسيطة جدًا جدًا من حضارة المسلمين، لكن أين نحن من حضارة المسلمين العلمية التى لا يتسع المجال هنا لتسليط الضوء عليها، فالحضارة الإسلامية كانت فعلا حضارة تجمع بين علوم الشرع وعلوم الحياة، وبين بناء المصانع وبناء الإنسان، وبين المادة والروح، وبين سعادة الدنيا وسعادة الآخرة، فكانت فعلا حضارة متميزة ومختلفة عن غيرها من الحضارات وختاما أين أنتم يا مدعو الدولة المدنية من مدنية الإسلام؟ (منقول)



    ما زلتُ أبحثُ في وجوه النّاس عن بعضِ الرّجالْ

    عــن عصـبـةٍ يقـفـون في الأزَمَات كالشّــمِّ الجـبالْ

    فــإذا تكلّـمتِ الشــفـاهُ سـمـعْــتَ مــيـزانَ المـقــالْ

    وإذا تـحركـتِ الـرّجـالُ رأيــتَ أفــعــــالَ الـرّجــالْ

  10. #10
    كاتب وناشط سياسي الصورة الرمزية نايف ذوابه
    تاريخ التسجيل
    04/05/2007
    المشاركات
    2,434
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: الخلافـــة أحــلام طفــولية ام حقـيـقة قادمــة

    وهذه رسالة ملك إنجلترا إلى خليفة المسلمين بالأندلس .. تأملوا ماضيكم التليد وعزكم الداثر أيها المسلمون ..




    تُرى ماذا يطلب ملك انجلترا من خليفة المسلمين بالأندلس، وكيف كان يخاطبنا ملوك أوروبا!!!



    اقرأوا الرسالة بتمعن ...


    أرسل الملك جورج الثاني ملك إنجلترا ابنة أخيه الأميرة دوبانت ورئيس ديوانه على رأسب بعثة مكونة من ثماني عشرة فتاة من بنات الأمراء والأشراف إلى إشبيلية لمّا كان المسلمين يحكمون الاندلس لدراسة نظام الدولة والحكم وآداب السلوك الإسلامي وكل ما يؤدي إلى تهذيب المرأة. ولقد أرسل رسالة معها هذا نصها:


    (من جورج الثاني ملك إنجلترا والغال* والسويد والنرويج إلى الخليفة ملك المسلمين في مملكة الأندلس صاحب العظمة هشام الثالث الجليل المقام, وبعد التعظيم والتوقير فقد سمعنا عن الرقيّ العظيم الذي تتمتع بفيضه الصافي معاهد العلم والصناعات في بلادكم العامرة فأردنا لأبنائنا اقتباس نماذج هذه الفضائل لتكون بداية حسنة في اقتفاء أثركم لنشر أنوار العلم في بلادنا التي يسودها الجهل من أربعة أركان، ولقد وضعنا ابنة شقيقنا الأميرة دوبانت على رأس بعثة من بنات أشراف الإنجليز تتشرف بلثم أهداب العرش والتماس العطف لتكون مع زميلاتها موضع عناية عظمتكم، وحماية الحاشية الكريمة وحدب من اللواتي سيتوافرون على تعليمهن. ولقد أرفقت مع الأميرة الصغيرة هدية متواضعة لمقامكم الجليل أرجو التكرم بقبولها مع التعظيم والحب الخالص.

    (من خادمكم المطيع جورج ملك إنجلترا)




    جواب الخليفة الأندلسي هشام الثالث..


    (بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبيه سيد المرسلين وبعد: إلى ملك إنجلترا وايكوسيا واسكندنافيا الأجل... أطلعت على التماسكم فوافقت على طلبكم بعد استشارة من يعنيهم الأمر من أرباب الشأن، وعليه نعلمكم أنه سوف ينفق على هذه البعثة من بيت مال المسلمين دلالة على مودتنا لشخصكم الملكي. أما هديتكم فقد تلقيتها بسرور زائد، وبالمقابل أبعث إليكم بغالي الطنافس الأندلسية وهي من صنع أبنائنا هدية لحضرتكم وفيها المغزى الكافي للتدليل على التفاتتنا ومحبتنا والسلام.

    (خليفة رسول الله في ديار الأندلس هشام الثالث)

    ما زلتُ أبحثُ في وجوه النّاس عن بعضِ الرّجالْ

    عــن عصـبـةٍ يقـفـون في الأزَمَات كالشّــمِّ الجـبالْ

    فــإذا تكلّـمتِ الشــفـاهُ سـمـعْــتَ مــيـزانَ المـقــالْ

    وإذا تـحركـتِ الـرّجـالُ رأيــتَ أفــعــــالَ الـرّجــالْ

  11. #11
    كاتب وناشط سياسي الصورة الرمزية نايف ذوابه
    تاريخ التسجيل
    04/05/2007
    المشاركات
    2,434
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: الخلافـــة أحــلام طفــولية ام حقـيـقة قادمــة

    الخطاب الذي تقدم به حزب التحرير في تونس إلى المجلس التأسيسي بمناسبة إعداد وثيقة الدستور ... خطاب لعمري فريد قرأته مرتين وقد شعرت بأنه خطاب يفيض إخلاصًا وصدقًا ووعيًا فريدًا .. خطاب مبدئي إلى ممثلي الأمة وضعهم تحت طائلة المسؤولية بهذا الخطاب .. الذي يخاطب العقول والقلوب وتشعر معه بجيشان عاطفي لصدق لهجته وحرارة خطابه .. اللهم إني قد بلغت فاشهد .. إن المهتمين بشأن الأوضاع في المنطقة الناشطين في الشأن العام يهمهم هذا الخطاب وسيشعرون بفرادة لهجته ودقة فهمه .. إن من صاغوه رجال دولة بحق لا تعنيهم المناصب ولا الكراسي بل يعنيهم شأن أمتهم أن تستعيد مكانتها تحت الشمس وألا تظل ألعوبة بيد الغرب وعملائه .. فأين من يعي ويفهم ويصدق الله ويقول كلمة الحق مهما كلفت من ثمن ..؟!.. من باب عدم حرمان هذه النخبة من الاطّلاع على هكذا خطاب أضعه بين أيديكم .. وهو حجة على كل من يقرؤه .. فقد بلغ السيل الزبا وأصبحنا نعيش لحظات مصيرية ومنعطفًا خطيرا يتقرر به مصير أمتنا لقرن قادم .. والمنطقة ما زالت تعيش مخاضًا صعبًا وعسيرًا ولم تُحسم فيها الأوضاع على الرغم من أن الغرب يشدد حملته على المنطقة العربية التي هي قلب الإسلام والعرب مادته وهم الأجدر بقيادته فعليهم أن يكونوا أهلا للمسؤولية وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائم وعلى قدر المسؤولية يكون الثواب ويكون العقاب ..


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي




    نصّ الخطاب الذي سلّمه وفد حزب التحرير تونس إلى نائبة رئيس المجلس التأسيسي:
    ▬▬▬

    بسم الله الرحمن الرحيم

    خطاب من حزب التّحرير- تونس إلى أعضاء المجلس التّأسيسيّ
    (فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ)


    الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجًا

    والصلاة والسلام على من بُعث بالعروة الوثقى، من تمسّك بها فقد نجا، ومن تركها فقد خاب.

    السيّد رئيس المجلس التأسيسيّ
    السّادة النّوّاب المحترمين

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

    لم تكن بلادنا تونس، في تاريخها الطّويل عزيزة منيعة إلا بالإسلام، فقبل أن يفتحها المجاهدون كانت مهينة أسيرة تحت سيطرة الرّوم البيزنطيّين، ولمّا فُتحت، اقتنصت الفرصة وحملت الإسلام نظام حكم وحياة، فقادت الشمال الإفريقي بل وأكثر من ذلك، وصار أهلها أعزّة بالإسلام، وصارت تونس جزءًا عزيزًا من بلاد الإسلام الواسعة؛ فانطلقوا فاتحين للشمال الإفريقي حتى وصلوا إلى الأندلس وإلى صقلّيّة، وبزغ من جامعاتها نور العلم، وصارت قبلة لطلبة العلم. ثم خلف من بعدهم خلف غلبت عليهم شهوة الحكم والكراسيّ، فاستقلّوا عن دولة الخلافة، ويمّّموا وجوههم شطر الغرب فكانوا لقمة سائغة لفرنسا الاستعماريّة غرّتهم بحديث الإصلاح والتّحديث، وزيّنت لهم المشاريع زخرفَ القولِ غرورًا، ووعدتهم ومنّتهم الأمانيّ، وأغدقت عليهم بعد ذلك أموالاً وقروضًا أغرقتهم، وأغرقت معهم البلاد في دوّامة فساد وظلم، ثمّ انقضّت على البلاد تنهبها وعلى أهلها تستعبدهم وتسوسهم بالقهر والبطش. ولم تخرج جيوش الاستعمار من بلادنا حتّى ضمنت أموراً عدّة:

    - أن يكون على رأس البلاد عملاء له يعشقون فكره ويؤمنون به، فسيطر النّظام الرّأسمالي الديمقراطيّ.
    - استمرار انفصال البلاد عن بقيّة بلاد الإسلام. حتّى تظلّ البلاد ضعيفة يسهل السيطرة عليها.
    - ضمان إبعاد الإسلام من الحكم ومن رعاية شؤون النّاس، فحوربت أفكار الإسلام وأغلق جامع الزّيتونة، وشرّد علماؤه.
    - الارتباط بالمستعمر في الأفكار والبرامج والمشاريع والتمويل.

    وتمّ للمستعمر ما أراد بمعاونة شرذمة قليلة من أبناء البلد رضوا أن يكونوا خدمًا للكافر المستعمر، فساسوا النّاس بالقهر والبطش والتجهيل، وشهدت البلاد أزمات وهزّات، وذاق النّاس الأمرّين تحت حكم بورقيبة ومن بعده بن علي، بسياسات سُطّرت في مختبرات الساسة الغربيّين وبتمويل من الدّوائر الاستعماريّة؛ فدخلت البلاد في دوّامات من الاضطرابات والأزَمَات أنهكت المجتمع وبدّدت طاقاته. ومن جرّاء هذه السّياسات الظّالمة انفجر الوضع في ثورة غاضبة بعد أن انكشف عوار هذه الأنظمة وأزكمت رائحة فسادها الأنوف، ونادى النّاس جميعًا بإسقاط النّظام، وأجمعوا على ضرورة التّغيير الجذريّ. وصار شعار الثورة "الشعب يريد إسقاط النّظام"، وفي غمرة الفوضى استدرج بعض النّاس إلى انتخابات مجلس تأسيسيّ لإحداث التغيير الذي أراده الكافر المستعمر، ولكن هذه المرة بأيدي بعض من سمّاهم إسلاميّين "معتدلين ووسطيّين" وغير ذلك من المسمّيات الغربيّة الدخيلة.. ذلك التغيير الذي يحافظ على النظام وبنيته وولائه للغرب ولفكره ويغير الوجوه والأشكال.

    والفرصة اليوم متاحة لنا كما كنّا بالأمس، أن نرجع لقيادة المنطقة كاملة وأن نكون منارات هدى لها كما كنّا في المرة الأولى بالإسلام نظام حكم وحياة.

    حضرات النّوّاب المحترمين:

    لقد انتخبكم من انتخبكم من النّاس لتكونوا نوّابًا عنهم ووكلاء تضعون لهم نظامًا جديدًا يكون أساسًا لتغيير جذريّ يُخرجهم ممّا تردّوا فيه منذ أن دخل الاستعمار البلاد، وقد اختاركم من اختاركم من النّاس ووثقوا فيكم لإسلامكم، ولكنّكم ما بدّلتم ولا غيّرتم شيئًا حقيقيًّا إلاّ زينة غربية عارضة بغيضة، فعرضتم مشروع مسوّدة دستور أهمّ ما يميّزها:

    - لا تقيم لعقيدة المسلمين في هذا البلد وزنًا ولا تجعل لها من اعتبار، ففصلت الإسلام عن رعاية شؤون النّاس. في الاقتصاد والتعليم والإعلام والنظام الاجتماعي والأخلاقي بل وفي العبادات وكل شيء...

    - المحافظة على النّظام الرّأسمالي بوجهه الجمهوريّ وأداته الدّيمقراطيّة، ذات النّظام الذي ساسنا به بورقيبة ومن بعده بن عليّ.

    - المحافظة على فصل البلاد عن بقيّة بلاد الإسلام. في سياسة فرّق تسد.

    هذا مع ما نراه منكم ونسمعه عن توجّهكم نحو الغرب والارتماء على عتباته تطلبون رضاه، ويباهي بعضكم بشهادات الغرب، مع سكوتكم المريب عن تدخّل المستعمر في صياغة الدّستور والإشراف عليه مباشرة أو عن طريق ما تسمّونه منظّمات المجتمع المدني ذات التّمويلات الغربيّة المشبوهة. فعرضتم مشروع مسوّدتكم على النّاس لنقاشها برعاية البرنامج الإنمائي للأمم المتّحدة الذّراع الاستعماري للقوى العظمى، ما يجعلنا نتيقّن أنّ دافعكم لمبادرة عرض مشروع المسودّة لم يكن الإخلاص والصّدق لإنقاذ البلاد وإنّما هو محاولة منكم للظهور بمظهر من لا ينفرد بقرار، وهو سعي مشبوه لإقرار نظام ثار عليه النّاس بعد أن تسوّقوا أنّ هذا ما وضعتموه بمشاركة الناس وموافقتهم، فتعيدوا إنتاج النّظام ذاته الذي أفسد على النّاس حياتهم ومعاشهم وأوردهم المهالك.

    أيّها الأعضاء المحترمون:

    إنّنا مع معرفتنا بجميع هذه الأمور وأنّكم حزمتم أمركم، ومعرفتنا أنّ مجلسكم لا يختلف عن البرلمانات السابقة، سوى في بعض الأمور الشّكليّة، وبأنّكم تريدون مثلهم اتّباع الغرب في الفكر والمنهج، وإبعاد الإسلام عن الحياة وإنّكم بمسعاكم هذا تجعلون البلاد رهنًا بيد الكافر المستعمر ضعيفة تابعة تنتظر رضا الغرب عنها وعن حاكمها.

    إنّنا مع معرفتنا بكلّ هذا، نعلم أيضا أنّكم مسلمون وندرك أنّ للإنسان ساعات يرجع فيها إلى ربّه ويفكّر فيها تفكيرًا جدّيًّا ومخلصًا، يتخطّى به الخطأ بل الخطيئة، ويرجع إلى الصّواب ويلزم العمل بما يُصلح شأن أمّته وأهله وبلده في الدّنيا والآخرة، وينبذ بل ويحارب كلّ ما يُردي أمّته وأهله وبلده، خاصّة إذا أدرك خطورة ما يقوم به ومدى الضّرر البالغ الماحق الذي يلحق بأمّته وأهله وبلده إذا ما تمسّك بالسّير المنحرف، ونحن في هذا المقام نذكّركم وننصحكم نصيحة الأخ الحريص بالأمور التّالية:

    - إنّ النّظام الرّأسماليّ نظام من وضع البشر ظهر فساده على جميع المستويات، فكريًّا وسياسيًّا؛ فهو نظام قام على فكرة فصل الدّين عن الحياة وهي فكرة توافقيّّة ناتجة عن الحلّ الوسط بين المفكّرين والفلاسفة في أوروبا من جهة وبين كنيسة افترت على الله دينًا ما أنزل به من سلطان، في الجهة المقابلة فهي فكرة لم تقم على الحق ولم تنهض بها حجّة ولا صدّقتها الوقائع،

    - أمّا الآليّة الأساس في النّظام الرّأسماليّ التي بها يُنتجون الحلول لمشاكلهم فهي آليّة الحلّ الوسط أو "التّوافق" بتسميتكم أنتم، والناظر فيها يجد أنّها لا تنتج حلولا حقيقيّة صحيحة لمشاكل الانسان، وإنّما تُنتج حلولا يفرضها الأقوياء في المجتمع (وهم قلّة) يُسوّقونها على أنّها الحلّ الصّحيح والعلاج الشّافي مستغلّين إعلامهم ونفوذهم وأموالهم...،

    - فما ظنّكم بنظام عقيدته لا دليل عليها وآليّته تجعل الصّراع في المجتمع طبيعيًّا بل مستحكمًا؟ هل هذا ما ترضونه لأمّتكم وأهلكم وبلدكم؟!

    هذا على المستوى الفكري النّظريّ. أمّا على مستوى الحكم فإنّ حقيقة الدّيمقراطيّة تتمثّل في تحكّم الأقوياء النّافذين، فأنتم ترون الدّيمقراطيّة في أمريكا رأس حربة الديموقراطية وأعرقها، كيف تتحكّم الشركات الكبرى فيها بالقرار السّياسيّ، فلا يصل إلى الكونغرس أو مجلس الشّيوخ أو الرئاسة إلا من دعمته كبرى الشركات، وموّّلت حملته الانتخابيّة ولمّعت صورته في إعلامها، ثمّ تستخدمهم فيما بعد في رسم السّياسات وإصدار القوانين التي تخدم مصالحها، كلّ هذا يتمّ بإشراك النّاس تحت مسمّى الانتخابات الحرّة النّزيهة، هذا ولقد أدرك مفكّرو الغرب منذ ما يزيد عن نصف قرن أنّ الدّيمقراطيّة نظام سيّّئ وأنّه غير قادر على الحكم فالواقع الذى عاشه الغرب أثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنّ الدّيمقراطيّة فكرة خيالية، وأنّ الذى يحكم في حقيقة الأمر هم أصحاب رؤوس الأموال، والذى يشارك في وضع القوانين ليس الشعب بل بضعة أفراد يخول إليهم مسألة التشريع حتى يضعوا مقاييسَ للناس ويحددوا لهم ما يجوز وما لا يجوز أن يفعلوه، وهذا نوع من الاستعباد نقل الغرب من عبودية رجال الدين والإقطاعيّين في العصور الوسطى إلى عبودية البرلمانات في العصر الحديث. وبشهادة الغرب نفسه فإن الديمقراطية لم تعد صالحة للحكم وأصبح مصطلح عدم القدرة على الحكم (ungovernability) متداولاً بين المفكرين وأهل السّياسة الغربيّين منذ ما يزيد عن 50 عاماً، وأصبح البحث عن بديل للديمقراطية هو الشغل الشاغل للمفكّرين.

    أمّا النّاحية الاقتصاديّة: ففشل النّظام الرّأسمالي ظاهر لكلّ ذي عينين، فالأزَمَات الاقتصاديّة التي عصفت، وما زالت، بالغرب ليست وليدة اليوم بل يمتد عمرها إلى قرابة المائة عام، ولم تكن إلاّ بسبب عجز نظامهم عن تدبير شؤون المال بالشكل الذى يشبع حاجات الإنسان بالطريقة التي تتفق مع طبيعته، ففشلوا فى تحديد المشكلة الاقتصادية، واعتبروها كامنة في قلّة موارد الدول، وعجزوا عن فهم طبيعة الإنسان فلم يُفرّقوا بين حاجاته الأساسيّة وحاجاته الكماليّة، وجعلوا التملّك حريّة لا ضابط لها يضبطها بسبب جهلهم بطبيعة المال الذى يُتملك، وجعلوا الرّبا أُسّا لنظامهم الاقتصاديّ فأفسد عليهم المال وقيمته، وعمدوا إلى النّظام النقديّ، فقضوا عليه فتفاقمت مشاكلهم. وتراهم فى كلّ مرة، يحاولون لملمة مصائبهم، ولكنّ الخرق اتّسع على الرّاتق، حتى انقلب النّظام على نفسه وأصبحنا نرى دولاً رأسماليّة تتبع سياسة التأميم ممّا يعد انقلاباً على مبدئهم، ويكفى تدليلاً على فساد هذا النّظام الرأسماليّ ما قاله أحد أبنائه وهو روجر تيري في كتابه المعنون بـ "جنون الاقتصاد": (إنّ المشكلة لا تكمن في كيفيّة تطبيق نظامنا الاقتصاديّ، فنظامنا الاقتصاديّ بعينه هو المشكلة. إنّ الخطأ هو في التركيبة الأساسيّة لنظامنا الاقتصاديّ، ولن تكون الحلول الجزئيّة وتضميد النتائج حلاًّ يذهب بالمشاكل، إذا أردنا الوصول إلى مُثُلِنا فيجب اقتلاع المشاكل من جذورها لا بقصقصة بعض الأوراق، وعلينا أن نحاكم الأسس والافتراضات كلَّها التي تسيِّر نظامنا وكشفها كما هي على حقيقتها).

    أمّا سياستهم الخارجيّة وعلاقات الشّعوب فيما بينها، فقد ظهر فشل العقيدة الرّأسماليّة بل كانت خطرًا على البشريّة، قادتهم إلى حربين عالميّتين أزهقت أرواح ما يزيد عن 60 مليونا من البشر، ذلك أنّ العقيدة الرّأسماليّة اتّخذت من المنفعة المادّيّة مقياسا فكرّست الصّراع بين البشر من أجل تحقيق هذه المنفعة، ففشلت فشلاً ذريعاً في توحيد شعوبها تحت راية واحدة، فهذه أمريكا لا تزال تعاني من داء العنصريّة الذي ينخر جسدها. كما أنّ الحضارة الغربية لم تستطع استيعاب من يعيش في كنفها من غير معتنقيها؛ لأنّ أفكارها التي في حقيقتها ردة فعل على الواقع شكلت نظرة خاصة، ولم تستطع أن تخرج إلى العالميّة لتكسب إليها شعوباً أخرى، وبقيت خاصة في أفكارها وأساسها، وكلّ ما فعله الغرب مع غيره من الشعوب كان بقوّة السلاح والاستعمار، ولم يستطع أن يُخضع أي شعب مسلم لأفكاره، بل بعد مئات السنين من الصراع الدمويّ يخرج الغرب الآن من بلادنا يجرّ أذيال الهزيمة والخيبة، ويكفي الغرب عاراً وخزياً أن قوانينه التي تقدّس الحرية قد ضاقت ذرعاً بحجاب المرأة المسلمة في عقر داره.

    وفوق كل ذلك وقبله فإنها -أي الرأسمالية- عقيدة وأحكامًا وأفكارَ كفر لم تستنبط لا من القرآن ولا من السنة بل هي تحاربهما في كلّ يوم.

    حضرات النّوّاب:

    هذه خلاصة أوردناها ننبّهكم إلى خطورة عقيدة فصل الدّين عن الحياة وبشاعة مقياس النّفعيّة وفشل آليّة الحلّ الوسط، ونحذّركم ممّا أنتم قادمون عليه من إقرار نظام رأسماليّ فينا، بعد أن بان لكم فساده، وننذركم أنّ خطر النّظام الرّأسماليّ يتجاوز هذه الحياة الدّنيا الفانية إلى الآخرة حيث غضب الرّحمان ونار جهنّم وبئس المصير (( تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ (8) قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءَنَا نَذِيرٌ فَكَذَّبْنَا وَقُلْنَا مَا نَزَّلَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلَالٍ كَبِيرٍ )).

    حضرات النّوّاب:

    لقد عرضنا عليكم وما زلنا نعرض مشروع دستور مأخوذ من كتاب الله وسنّة نبيّه الكريم، يستند إلى عقيدة الإسلام الثابتة بأدلّة قطعيّة يقينيّة (وليست أفكارا لترضية هذا أو ذاك من النّاس)، عقيدة نطقت بصدقها الشواهد توافق فطرة الإنسان وتُقنع العقل وتملأ القلب طمأنينة حقيقيّة، عقيدة قرّرت حقيقة الإنسان فبيّنت أنّه مخلوق لله تعالى وأنّه ميّت وسيُبعث إلى ربّه ليحاسب عمّا فعل في الدّنيا فإمّا أن يكون من أهل اليمين في الجنّة وإمّا من أهل الشمال في النّار والعياذ بالله، ولذلك فالسعادة الحقيقيّة في الدّنيا هي السعي لنوال رضوان الله تعالى. وقد ثبت بالدّلائل القطعيّة اليقينيّة أنّ الله سبحانه وتعالى أرسل محمّدًا صلّى الله عليه وسلّم بالوحي هاديًا ومبشّرًا ونذيرًا، وأن الكتاب الذي أنزل عليه فيه نظام جامع شامل لكلّ مناحي الحياة، وبناءً على هذه العقيدة انبثقت أنظمة حياة شاملة تنظم الحكم والاقتصاد والعقوبات والسياسة الخارجية وغيرها...، وكانت كلها وحيًا من عند الله خالق الإنسان ويظهر فى كل تفصيلاتها العلاقة بالله سبحانه وتعالى. لذلك كان الإسلام مبدأً ولكنه يختلف عن غيره من المبادئ بأنه المبدأ الوحيد الذي نزل به الوحي من عند الله العليم الخبير رحمة بالإنسان، وليس مصدره الإنسان، فلم تكن أفكار الإسلام ومعالجاته ردّة فعل على واقع مخصوص بل كانت عقيدته وأنظمته، الجواب والمعالجة التى أرسلها الخالق إلى خلقه لينظموا حياتهم على أساسها. وبناء على هذا كانت فلسفة الإسلام في أنظمة الحياة جميعها (حكم، اقتصاد، اجتماع، تعليم وسياسة خارجيّة...) قائمة على مزج المادّة بالرّوح أي مبنيّة على إدراك الانسان صلته بربّه حين الالتزام والتّنفيذ، فكانت هذه الضّمانة الأولى أن يكون الدّستور المنبثق عن عقيدة المسلمين وكذلك القوانين، ذا مهابة عند النّاس وأن يندفعوا اندفاعًا طوعيًّا للالتزام والتّقيّد بأحكام الدّستور وبالقوانين المتبنّاة باعتبارها أحكاما شرعيّة من عند الله تعالى، فيكون الالتزام التّامّ بالقوانين ناتجًا عن انقياد فكريّ عقديّ لا بالحديد والنّار. هذا على مستوى العقيدة ووجهة النّظر أمّا على المستوى السّياسيّ فقد قام الحكم في الإسلام على أساس الرّعاية، وليس على أساس المناورة والخداع للوصول إلى المناصب، فالرّسول صلّى الله عليه وسلّم يقول: "كلّكم راع وكلّكم مسؤول عن رعيّته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيّته..." وهذه الرّعاية جعلها الله في رقبة خليفة يُبايعه النّاس ليطبّق فيهم شرع ربّهم ويرعاهم به، وليس له أن يصدر أمرًا عن هوًى أو اتّباعًا لمصلحة، يقول الله سبحانه وتعالى آمرًا حكّام المسلمين: ((وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتّبع أهواءهم...)) وليس الخليفة مطلق اليد يحكم كيف يشاء هو أو حسب أهواء أصحاب المال والنّفوذ، إنّما هو محاسب وقد جعل الله سبحانه وتعالى محاسبة الخليفة أو أيّ مسؤول في الدّولة فرضًا على المسلمين "ولم يجعلهم بالخيار، إن شاؤوا حاسبوا وإن شاؤوا كفّوا"، يحاسبونه بالإسلام لا حسب أهوائهم ومصالحهم فرادى أو أحزاباً أو عن طريق مجلس النّوّاب، ولم يجعل المحاسبة حرّيّة في الكلام والاحتجاج والصّخب وإنّما جعل لها كيفيّة واضحة معلومة فعّالة هي محكمة المظالم يقول الله سبحانه وتعالى: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا )).

    أمّا في المسألة الاقتصاديّة، فقد بيّن الإسلام كيفيّة رعاية شؤون المال أي السياسة الاقتصادية فوضع الإصبع على مكمن الدّاء فى المجتمع فعالجه، يقول الله سبحانه وتعالى: "كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ"، فسنّ أحكامًا تحول دون تركّز المال فى يد فئة قليلة فى المجتمع (أما بعد أن أُبعِد الإسلام عن السياسة صار المال دولة بين الأغنياء؛ فتجد قلة قليلة تمتلك المليارات وعامة الشعب لا تجد ما تسدّ به رمقها، وحين أبعد الإسلام عن السياسة أصبح عشرون بالمائة من سكان الكرة الأرضية يملكون ثمانين بالمائة من الثروة الموجودة بها والثمانون بالمائة يتقاتلون على العشرين بالمائة الباقية، وحرّم الله سبحانه وتعالى الرّبا في قوله: "وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا" لتدور عجلة رأس المال دورتها الطبيعية فأوجدت مالاً حقيقياً فى الدولة حال دون حدوث أزَمَات اقتصاديّة، حتى إنّ الفقير كان يُبحَثُ عنه ليُعطى فلا يجدوا فقيراً في بعض الأحيان، أما بعد أن أبعدنا الإسلام عن السياسة أصبح الربا مألوفاً وعصفت الأزَمَات الاقتصادية بالمجتمع حتى أصبح الغرب عاجزاً عن الحلول سوى السّطو على خيراتنا ليحل بها أزماته. كما جعل الإسلام في خطاب رسول الله "الناس شركاء في ثلاث: في الماء والكلأ والنار" الثروات الباطنيّة من غاز وبترول وفوسفات وغيرها ملكيّة عامّة لجميع المسلمين، ولم يجعل للخليفة حقّ التّصرّف فيها، فمنع بذلك أن يسطوَ أحد كائنًا من كان على أموال النّاس التي جعلها الله لهم خالصة، أما حين أُبعد الإسلام عن السياسة سُرقت ثرواتنا وأُعطيت امتيازات لشركات النّهب الاستعماريّ وحرم منها أهلنا.

    أمّا على مستوى العلاقات بين الشّعوب فقد نجح الإسلام نجاحًا منقطع النّظير في أن تعتنقه شعوب بأكملها، فانصهرت أمّة واحدة، إخوة في الله لا فضل فيهم لأعجميّ على عربيّ إلّا بالتّقوى، ولم يجد غير المسلمين عدلا كما وجدوه في ظلّ الإسلام.

    أمّا على مستوى السّياسة الخارجيّة فقد صار العرب بالإسلام أعزّة بعد ذلّة وصارت الدّولة الإسلاميّة الدّولة الأولى في العالم تحمل الخير الذي أنزله الله على نبيّها صلّى الله عليه وسلّم وتجاهد الكفّار والمنافقين، وقد كانت دولة الخلافة جنّةً وقايةً للمسلمين حيث حلّوا أو ارتحلوا، ولم يكن يجرؤ كافر عليهم، أمّا بعد أن أزيح الإسلام عن الحياة ورعاية شؤون النّاس صار المسلم ذليلا مَهينا يُقتل وتسلب ثرواته ويُهجّر وحكّامهم يوادّّون من حادّ الله ورسوله بل ويعملون مع الكافر في حربه على الإسلام والمسلمين في حملة ظالمة خاطئة سمّوها حربًا على الإرهاب.

    أيّها النّوّاب:

    نرسل إليكم كتابنا هذا وقد حزمتم أمركم على نظام علمانيّ رأسماليّ، اهتداء منا بقول ربّنا العزيز الكريم: ((قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ)).

    فلعلكم تتّقون فتذكروا الآخرة، يوم الحساب، حيث الحَكَمُ العدلُ هو القويُ العزيزُ الجبار، فلا ظلم يومئذٍ، وإنما هي جنة أو نار ((فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ)).

    ولعلكم تتقون فتدركوا أنكم مهما عَمَرْتُم فلا بد من أن تُدَسوا في التراب، وتتركوا العروش والتيجان، والثروة والثراء، والحدائق الغناء، ويكون حالكم (( كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ، وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ، كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا ءَاخَرِينَ، فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ )).

    ولعلكم تتقون فتعلموا ثقل الذنوب التي حملتموها: فقد جعلتم لأنفسكم حقّ التّشريع من دون الله، وأعرضتم إعراضًا عن كتاب الله وسنّة نبيّه وواليتم أعداء الله، وتظنّون أنّكم تحسنون صنعًا ((قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا)).

    إنّا لا نحبّ أن نراكم من الأخسرين أعمالا فلعلّكم تتوبوا إلى ربّكم وبارئكم، أنتم الآن بين أمرين حدّدهما الله في كتاب: ((أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى تَقْوَى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيَانَهُ عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ فَانْهَارَ بِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ)).

    إنّنا في حزب التحرير نناديكم ونستصرخ إيمانكم فـ ((اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ)).

    فإن استجبتم إلى موضوع كتابنا هذا فتبرّأتم ممّا وضعتم من أحكام وضعيّة، فإنّنا نضع بين أيديكم مشروع دستور مأخوذ من كتاب الله وسنّة رسوله ومعه مقدّمة تبيّن أدلّة كلّ مادّة والأسباب الموجبة لوضعها، تناقشوه على أساس الإسلام من أجل أن يُوضع موضع التّنفيذ.

    فإن لم تستجيبوا، فإنّكم لن تضرّوا الله شيئًا، ولن تحولوا دون قيام الخلافة، فهي قائمة بإذن الله بوعده سبحانه وبشرى رسوله -صلى الله عليه وآله وسلم-، كل ما هنالك أنكم تكونون قد تسربلتم بالخزي والخسران في الدارين ((ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)).


    28 من صـفر 1434
    الموافق 2013/01/11م
    حزب التحرير تونس

    ما زلتُ أبحثُ في وجوه النّاس عن بعضِ الرّجالْ

    عــن عصـبـةٍ يقـفـون في الأزَمَات كالشّــمِّ الجـبالْ

    فــإذا تكلّـمتِ الشــفـاهُ سـمـعْــتَ مــيـزانَ المـقــالْ

    وإذا تـحركـتِ الـرّجـالُ رأيــتَ أفــعــــالَ الـرّجــالْ

  12. #12
    كاتب وناشط سياسي الصورة الرمزية نايف ذوابه
    تاريخ التسجيل
    04/05/2007
    المشاركات
    2,434
    معدل تقييم المستوى
    19

    افتراضي رد: الخلافـــة أحــلام طفــولية ام حقـيـقة قادمــة

    https://www.facebook.com/pages/Hafez...05259076209357


    رحمك الله يا أخي رحمة واسعة وأسكنك فسيح جناته

    الأستاذ الداعية الشاعر محمد حافظ انتقل إلى رحمة الله تعالى عن عمر يناهز الخامسة والسبعين عاما كانت عامرة بالعمل لاستئناف الحياة الإسلامية بإقامة الخلافة .. وقد ذرع الأرض طولا وعرضا أخونا المرحوم بإذن الله تعالى يحمل الدعوة ويثقف الشباب من الأردن إلى سوريا إلى لبنان إلى مصر إلى باكستان إلى تونس إلى العراق .. إذ نذر نفسه لحمل الدعوة .. والصورة هي التي عرفتني بأنه الشخصية الموجودة هنا وإن اختلف الاسم .. فقد حمل أكثر من اسم .. هنا محمد حافظ وفي غير مكان حافظ صالح وفريد صالح .. وكان تغيير الاسم ضرورة أمنية لتنقله بين البلدان التي عمل فيها وانتقل إليها متخفيا بلا جواز سفر ..

    حقًّا هؤلاء هم الرجال العظماء الذين تستحق الخلافة أن يعملوا لها فقد سجن الأخ المرحوم في سوريا والعراق ومصر وتونس ..

    رحمات ربي عليك تترى أيها الرجل الجليل .. رحمك الله رحمة واسعة وبوأك الفردوس الأعلى من الجنة ..

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

    ما زلتُ أبحثُ في وجوه النّاس عن بعضِ الرّجالْ

    عــن عصـبـةٍ يقـفـون في الأزَمَات كالشّــمِّ الجـبالْ

    فــإذا تكلّـمتِ الشــفـاهُ سـمـعْــتَ مــيـزانَ المـقــالْ

    وإذا تـحركـتِ الـرّجـالُ رأيــتَ أفــعــــالَ الـرّجــالْ

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •