Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2968
السلطان العظيم :محمود بن سبكتكين

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: السلطان العظيم :محمود بن سبكتكين

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية نبيل الجلبي
    تاريخ التسجيل
    28/01/2009
    المشاركات
    5,272
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي السلطان العظيم :محمود بن سبكتكين

    السلطان العظيم محمود بن سبكتكين



    التعريف به

    محمود بن سُبُكْتِكِين أبو القاسم الملقب يمين الدولة وأمين الملة، وصاحب بلاد غزنة[1].

    جهاده وأهم المعارك ودوره فيها

    غزا يمين الدولة محمود بن سبكتكين بلاد الهند، فقصده ملكها جيبال في جيش عظيم، فاقتتلوا قتالاً شديدًا، ففتح الله على المسلمين وانهزمت الهنود وأسر ملكهم جيبال وأخذوا من عنقه قلادة قيمتها ثمانون ألف دينار وغنم المسلمون منهم أموالاً عظيمة وفتحوا بلادا كثيرة ثم إن محمودا سلطان المسلمين أطلق ملك الهند احتقارًا له واستهانة به ليراه أهل مملكته والناس في المذلة فحين وصل جيبال إلى بلاده، ألقى نفسه في النار التي يعبدونها من دون الله، فاحترق لعنه الله[2].
    وافتتح غزنة ثم بلاد ما وراء النهر، ثم استولى على سائر خراسان وعظم ملكه ودانت له الأمم، وفرض على نفسه غزو الهند كل عام، فافتتح منه بلادًا واسعة[3].


    أهم المعارك فتح سومنات

    كان للهند صنم يسمونه سومنات وهو أعظم أصنامهم في حصن حصين على ساحل البحر بحيث تلتقفه أمواجه والصنم مبنى في بيته على ستة وخمسين سارية من الساج المصفح بالرصاص وهو من حجر طوله خمسة أذرع منها ذراعان غائصان في البناء وليس له صورة مشخصة والبيت مظلم يضيء بقناديل الجوهر الفائق وعنده سلسلة ذهب بجرس وزنها مائة من تحرك بأدوار معلومة من الليل فيقوم عباد البرهميين لعبادتهم بصوت الجرس وعنده خزانة فيها عدد كثير من الأصنام ذهبا وفضة عليها ستور معلقة بالجوهر منسوجة بالذهب تزيد قيمتها على عشرين ألف ألف دينار وكانوا يحجون إلى هذا الصنم ليلة خسوف القمر فتجتمع إليه عوالم لا تحصى وتزعم الهنود أن الأرواح بعد المفارقة تجتمع إليه فيبثها فيمن شاء بناء على التناسخ والمد والجزر عندهم هو عبادة البحر وكانوا يقربون إليه كل نفيس وذخائرهم كلها عنده ويعطون سدنته الأموال الجليلة وكان له أوقاف تزيد على عشرة آلاف ضيعة وكان نهرهم المسمى كنك الذي يزعمون أن مصبه في الجنة ويلقون فيه عظام الموتى من كبرائهم وبينه وبين سومنات مائتا فرسخ وكان يحمل من مائه كل يوم لغسل هذا الصنم وكان يقوم عند الصنم من عباد البرهميين ألف رجل في كل يوم للعبادة وثلاثمائة لحلق رؤوس الزوار ولحاهم وثلاثمائة رجل وخمسمائة امرأة يغنون ويرقصون ولهم على ذلك الجرايات الوافرة وكان كلما فتح محمود بن سبكتكين من الهند فتحا أو كسر صنما يقول أهل الهند : إن سومنات ساخط عليهم ولو كان راضيًا عنهم لأهلك محمودا دونه فاعتزم محمود بن سبكتكين إلى غزوه وتكذيب دعاويهم في شأنه فسار من غزنة في شعبان سنة ست عشرة وأربعمائة في ثلاثين ألف فارس سوى المتطوعة وقطع القفر إلى الملتان وتزود له من القوت والماء قدر الكفاية وزيادة عشرين ألف حمل وخرج من المفازة إلى حصون مشحونة بالرجال قد غوروا آبارهم مخافة الحصار فقذف الله الرعب في قلوبهم وفتحها وقتل سكانها كسر أصنامها واستقى منها الماء وسار إلى أنهلوارن وأجفل عنها صاحبها بهيم وسار إلى بعض حصونه وملك السلطان المدينة ومر إلى سومنات ووجد في طريقه حصونا كثيرة فيها أصنام وضعوها كالنقباء والخدمة لسومنات ففتحها وخربها وكسر الأصنام ثم سار في قفر معطش واجتمع من سكانه عشرون ألفا لدفاعه فقاتلهم سراياه وغنموا أموالهم وانتهوا إلى دبلواه على مرحلتين من سومنات فاستولى عليها وقتل رجالها ووصل إلى سومنات منتصف ذي القعدة فوجد أهلها مختفين في أسوارهم وأعلنوا بكلمة الإسلام فوقها فاشتد القتال حتى حجز بينهم الليل ثم أصبحوا إلى القتال وأثخنوا في الهنود وكانوا يدخلون إلى الصنم فيعنفونه ويبكون ويتضرعون إليه ويرجعون إلى القتال ثم انهزموا بعد أن أفناهم القتل وركب فلهم السفن فأدركوا وانقسموا بين النهب والقتل والغرق وقتل منهم نحو من خمسين ألفا واستولى السلطان على جميع ما في البيت ثم بلغه أن بهيم صاحب أنهلوارن اعتصم بقلعة له تسمى كندهة في جزيرة على أربعين فرسخا من البر فرام خوض البحر إليها ثم رجع عنها وقصد المنصورة وكان صاحبها ارتد عن الإسلام ففارقها وتسرب في غياض هناك فأحاطت عساكر السلطان بها وتتبعوهم بالقتل فأنهوهم ثم سار إلى بهاطية فدان أهلها بالطاعة، ورجع إلى غزنة في صفر سنة سبع عشرة وأربعمائة[4].


    وفاته


    مات في يوم الخميس لسبع بقين من ربيع الآخر إحدى وعشرين وأربعمائة على ثلاثة وستين سنة، ملكه منها ثلاث وثلاثون[5].


    قالوا عنه

    وكان على عزم وصدق في الجهاد. قال عبد الغافر الفارسي: كان صادق النية في إعلاء كلمة الله تعالى، مظفرًا في غزواته، ما خلت سنة من سني ملكه عن غزوة أو سفرة، وكان ذكيًّا بعيد الغور، موفق الرأي، وكان مجلسه مورد العلماء[6].


    مدحه بديع الزمان الهمذاني قائلاً:


    أطلت شمس محمود ... على أنجم ساحـان

    وأمسـى آل بهـرام ... عبيدًا لابن خاقان

    إذا ما ركـب الفيـل ... لحرب أو لميدان

    رأت عيناك سلطانًا ... على منكب شيطان[7]


    الهوامش :


    [1] ابن كثير: البداية والنهاية 12/29.
    [2] ابن كثير: البداية والنهاية 11/330.
    [3] الذهبي: العبر 1/191.
    [4] تاريخ ابن خلدون 4/491.
    [5] ابن كثير: البداية والنهاية 12/31.
    [6] الذهبي: العبر 1/191.
    [7]http://www.islamonline.net/servlet/Satellite?c=ArticleA_C&cid=1181062867760&pagename= Zone-Arabic-ArtCulture%2FACALayout


  2. #2
    مـشـرف الصورة الرمزية أشرف صالح المؤرخ الصغير
    تاريخ التسجيل
    16/03/2008
    المشاركات
    226
    معدل تقييم المستوى
    17

    افتراضي رد: السلطان العظيم :محمود بن سبكتكين

    الأخ الفاضل نبيل الجلبي ،،،

    تحية طيبة لكم وللتذكير بالسلطان العظيم، وأسمح لي أن أضيف هنا نبذة عن دوره في نشر الإسلام والسنة:


    من سلاطين وملوك الإسلام الذين كان لهم دور عظيم في نشر الإسلام والسنة السلطان محمود الغزنوي المعروف بابن سبكتكين , وقد كان السلطان محمود الغزنوي في عهد الخليفة العباسي القادر بالله ؛ وهذا الخليفة كان معظما للسنة على طريقة أهل الحديث وقد أثنى عليه شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره من العلماء .
    القادر بالله
    ذكر الخطيب البغدادي رحمه الله في ترجمة الخليفة القادر بالله
    "كان من الستر والديانة ولإدامة التهجد بالليل وكثرة البر والصدقات على صفة اشتهرت عنه ,وكان قد صنف كتابا في الأصول ذكر فيه فضائل الصحابة على ترتيب مذهب أهل الحديث ,وأورد في كتابه فضائل عمر بن عبد العزيز وإكفار المعتزلة والقائلين بخلق القرآن , وكان الكتاب يقرأ كل جمعة في حلقة أصحاب الحديث .
    تاريخ بغداد (4|38) وسير أعلام النبلاء (15|128)
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :وكان في أيام المتوكل قد عز الإسلام حتى ألزم أهل الذمة بالشروط العمرية وألزموا الصغار فعزت السنة والجماعة ,وقمعت الجهمية والرافضة ونحوهم وكذلك في أيام المتضد والمهدي والقادر وغيرهم من الخلفاء الذين كانوا أحمد سيرة وأحسن طريقة من غيرهم ,وكان الإسلام في زمنهم أعز وكانت السنة بحسب ذلك .
    مجموع الفتاوى (4|22)
    وذكر ابن كثير رحمه الله :
    وفي سنة ثمان وأربعمائة استتاب القادر بالله الخليفة ,فقهاء المعتزلة فأظهروا الرجوع وتبرؤا من الاعتزال والرفض والمقالات المخالفة للإسلام ,وأخذت خطوطهم بذلك ,وأنهم متى خالفوا أحل فيهم من النكال والعقوبة ما يتعظ به أمثالهم , وامتثل محمود بن سبكتكين أمر أمير المؤمنين في ذلك ,واستن بسنته في أعماله التي استخلفه عليها من بلاد خراسان وغيرها في قتل المعتزلة والرافضة والإسماعيلية والقرامطة والجهمية والمشبهة وصلبهم وحبسهم , ونفاهم وأمر بلعنهم على المنابر , وأبعد جميع طوائف أهل البدع ونفاهم عن ديارهم وصار ذلك سنة في الإسلام .
    البداية والنهاية (12|6)
    السلطان محمود بن سبكتكين
    وأما السلطان محمود الغزنوي فكان على طريقة القادر بالله في نشر السنة ومحاربة أهل الاعتزال والرفض .
    قال ابن كثير رحمه الله في أحداث سنة عشرين وأربعمائة
    وفي يوم الإثنين منها ثامن عشر رجب ..جمع القضاة والعلماء في دار الخلافة وقرئ عليهم كتاب جمعه القادر بالله فيه مواعظ وتفاصيل مذاهب أهل البصرة , وفيه الرد على أهل البدع وتفسيق من قال بخلق القرآن وصفة ما وقع بين بشر المريسي وعبدالعزيز بن يحيى الكتاني من المناظرة ثم ختم القول بالمواعظ والقول بالمعروف والنهي عن المنكر , وأخذ خطوط الحاضرين بالموافقة على ما سمعوه .
    وفي يوم الإثنين غرة ذي القعدة جمعوا أيضا كلهم وقرئ عليهم كتاب آخر طويل يتضمن بيان السنة والرد على أهل البدع ومناظرة بشر المريسي والكتاني أيضا والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفضل الصحابة وذكر فضائل أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما ولم يفرغوا منه إلا بعد العتمة وأخذت خطوطهم بموافقة ماسمعوه وعزل خطباء الشيعة وولي خطباء السنة ولله الحمد والمنة على ذلك وغيره .
    البداية والنهاية (12|26)
    وقال أبو إسماعيل الهروي عن السلطان محمود الغزنوي : قرأت كتاب محمود الأمير يحث فيه على كشف أستار هذه الطائفة والإفصاح بعيبهم ولعنهم حتى كان قد قال فيه : أنا ألعن من لايلعنهم فطار والله في الآفاق للحامدين كل مطار , وسار في المادحين كل مسار ؛ لا ترى عاقلا إلا وهو ينسبه إلى متانة الدين وصلابته .
    ذم الكلام (4|430)
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :ولما كانت مملكة محمود بن سبكتكين من أحسن ممالك بني جنسه كان الإسلام والسنة في مملكته أعز فإنه غزا المشركين من أهل الهند ونشر من العدل ما لم ينشره مثله فكانت السنة في أيامه ظاهرة والبدع في أيامه مقموعة .
    مجموع الفتاوى (4|22)
    وذكر الذهبي : أنه دخل ابن فورك على السلطام محمود الغزنوي
    فقال : لا يجوز أن يوصف الله بالفوقية لأن لازم ذلك وصفه بالتحتية فمن جاز أن يكون له فوق جاز أن يكون له تحت .
    فقال السلطان :ما أنا وصفته حتى يلزمني بل هو وصف نفسه , فبهت ابن فورك .
    سير أعلام النبلاء (17|487)
    وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :وأظهر السلطان محمود بن سبكتكين لعنة أهل البدع على المنابر وأظهر السنة وتناظر عنده ابن الهيصم وابن فورك في مسألة العلو فرأى قوة كلام ابن الهيصم فرجح ذلك .
    ويقال إنه قال لابن فورك : فلو أردت تصف المعدوم كيف كنت تصفه بأكثر من هذا ؟ أو قال : فرق لي بين هذا الرب الذي تصفه وبين المعدوم ؟
    وأن ابن فورك كتب إلى أبي إسحق الأسفراييني يطلب الجواب عن ذلك فلم يكن الجواب إلا أنه لو كان فوق العرش للزم أن يكون جسما.
    درء التعارض (3|229)

    ومن أعماله العظيمة التي قام بها تحطيم الأصنام في بلاد الهند
    قال ابن كثير رحمه الله في أحداث سنة سبع عشرة وأربعمائة
    "وفيها ورد كتاب من محمود بن سبكتكين يذكر أنه دخل بلاد الهند أيضا , وأنه كسر الصنم الأعظم الذي لهم المسمى بسومنات , وقد كانوا يفدون إليه من كل فج عميق كما يفد الناس إلى الكعبة البيت الحرام وأعظم وينفقون عنده الفقات والأموال الكثيرة التي لا توصف ولا تعد , وكان عليه من الأوقاف عشرة آلاف قرية ومدينة مشهورة , وقد امتلأت خزائنه أموالا وعنده ألف رجل يخدمونه وثلثمائة رجل يحلقون رؤس حجيجه وثلاثمائة رجل يغنون ويرقصون على بابه لما يضرب على بابه الطبول والبوقات , وكان عنده من المجاورين ألوف يأكلون من أوقافه , وقد كان البعيد من الهنود يتمنى لو بلغ هذا الصنم وكان يعوقه طول المفاوز وكثرة الموانع والآفات ثم استخار الله السلطان محمود لما بلغه خبر هذا الصنم وعباده وكثرة الهنود في طريقه والمفاوز المهلكة والأرض الخطرة في تجشم ذلك في جيشه , وأن يقطع تلك الأهوال إليه فندب جيشه لذلك ؛ فانتدب معه ثلاثون ألفا من المقاتلة ممن اختارهم لذلك سوى المتطوعة فسلمهم الله حتى انتهوا إلى بلد هذا الوثن , ونزلوا بساحة عباده ؛ فإذا هو بمكان بقدر المدينة العظيمة .
    قال: فما كان بأسرع من أن ملكناه وقتلنا من أهله خمسين ألفا وقلعنا هذا الوثن وأوقدنا تحته النار .
    وقد ذكر غير واحد أن الهنود بذلوا للسلطان محمود أموالا جزيلة ليترك لهم هذا الصنم الأعظم فأشار من أشار من الأمراء على السلطان محمود بأخذ الأموال وإبقاء هذا الصنم لهم .
    فقال : حتى أستخير الله عز وجل فلما أصبح قال إني فكرت في الأمر الذي ذكر فرأيت أنه إذا نوديت يوم القيامة أين محمود الذي كسر الصنم أحب إلى من أن يقال الذي ترك الصنم لأجل ما يناله من الدنيا ثم عزم فكسره رحمه الله فوجد عليه وفيه من الجواهر واللآلئ والذهب والجواهر النفيسة ما ينيف على ما بذلوه له بأضعاف مضاعفة , ونرجو من الله له في الآخرة الثواب الجزيل الذي مثقال دانق منه خير من الدنيا وما فيها مع ما حصل له من الثناء الجميل الدنيوي فرحمه الله وأكرم مثواه .
    البداية والنهاية (12|22)


    المصدر: المجلس العلمي http://majles.alukah.net


  3. #3
    عـضــو الصورة الرمزية نبيل الجلبي
    تاريخ التسجيل
    28/01/2009
    المشاركات
    5,272
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي السلطان محمود الغزنوي....فاتح الهند/أحمد تمام

    السلطان محمود الغزنوي.. فاتح الهند

    أحمد تمام

    اهتم الخلفاء الراشدون بفتح بلاد الهند؛ فبعثوا منذ عهد عمر بن الخطاب عدة حملات على أطراف هذه البلاد، غير أن الفتح المنظم بدأ في عهد الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك، حيث قام عامله على العراق الحجاج بن يوسف الثقفي بهذه المهمة العظيمة، فأعد حملة عسكرية وجهزها بما يكفل لها النجاح من عدة وعتاد، وأسند قيادتها إلى واحد من أكفأ القادة وأمهرهم هو ابن أخيه محمد بن القاسم، وكان دون العشرين من عمره، فنهض بهذه المهمة على خير وجه، وتمكن من التوغل في بلاد الهند، وفتح مدينة "ديبل" وأقام بها مسجدا، وترك بها حامية من أربعة آلاف جندي، وأصبحت ديبل أول مدينة عربية في الهند.
    وهذه المدينة كان موقعها قريبا من "كراتشي" لكنها اندرست ولم يعد لها وجود الآن، وواصل القائد المظفر حملته الناجحة في شمال الهند، وهو ينتقل من نصر إلى نصر، وأهالي البلاد تقبل عليه؛ فرحًا به لسماحته وحسن سياسته، وتعدّه محررَها من ظلم الهندوس واستعبادهم.
    غير أن هذا الحلم الجميل بدا يتحطم ويتبدد؛ فقد توفي الحجاج الثقفي صاحب اليد البيضاء في هذا الفتح، ومن بعده الخليفة الوليد بن عبد الملك، وتولى العراق حاكم جديد، فأوقف الفتح وعزل محمد بن القاسم عن ولاية السند.
    وظلت السند تابعة للدولة الأموية ومن بعدها الدولة العباسية، وحافظ المسلمون على ما فتحوه، وتوسعوا قليلا في ضم أجزاء أخرى إلى دولتهم، حتى سيطر المسلمون على المنطقة الواقعة بين كابل وكشمير والملتان.
    قيام الدولة الغزنوية:
    كانت "غزنة" بأفغانستان ولاية نائية، تخضع للدولة السامانية التي تحكم خراسان وما وراء النهر، ويقوم عليها ولاة من قِبلها، وشاءت الأقدار أن يلي غزنة سنة (366هـ= 976م) والٍ يسمى "سبكتكين" كان يتمتع بهمة عالية وكفاءة نادرة، وطموح عظيم، فنجح في أن يبسط نفوذه على البلاد المجاورة، وشرع في غزو أطراف الهند، وسيطر على كثير من المعاقل والحصون هناك، حتى تمكن من تأسيس دولة كبيرة في جنوبي غرب آسيا، وتوفي سنة (387هـ=997م).

    ولاية محمود بن سبكتكين
    بعد موت سبكتكين خلفه ابنه إسماعيل بعد أن عهد إليه أبوه بالملك من بعده، غير أن أخاه الأكبر محمود -وكان سند والده في غزواته وحروبه- رفض أن يقر لأخيه بالملك لضعفه وسوء تدبيره، فنهض عليه واستطاع بعد سبعة أشهر أن ينتزع الملك لنفسه، ويقبض على زمام الأمور، وبدأ عهد جديد لم تشهده المنطقة من قبل، فلم يكد يستقر الأمر له حتى بدأ نشاطًا واسعًا في الفتوح، وأثبت أنه واحد من كبار الفاتحين في تاريخ الإسلام، حتى قيل : إن فتوحه تعدل في المساحة فتوح عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
    قضى محمود الغزنوي الفترة الأولى من حكمه في تثبيت أركان دولته، وتوسيع رقعتها على حساب الدولة السامانية التي دبّ الضعف في أوصالها، فرأى الفرصة سانحة للقضاء عليها، وتم له ذلك في (جمادى الأولى 389هـ= أبريل 999م )بعد انتصاره على عبد الملك بن نوح الساماني في موقعة حاسمة عند مرو، وأصبحت خراسان خاضعة له، ثم تصدى للدولة البويهية، وانتزع منها الري وبلاد الجبل وقزوين.

    فتح الهند:
    بعد أن استقرت الأحوال لمحمود الغزنوي واستتب له الحكم، وأقرته الخلافة العباسية على ما تحت يده من بلاد، تطلّع إلى بسط سيطرته على بلاد الهند، ومد نفوذه إليها ونشر الإسلام بين أهلها؛ ولذلك تعددت حملاته على الهند حتى بلغت أكثر من سبع عشرة حملة، وظل يحارب دون فتور نحوًا من سبع وعشرين سنة، بدأت من عام (390هـ= 1000م)، حيث قاد حملته الأولى على رأس عشرة آلاف مقاتل، والتقى عند مدينة بشاور بجيش "جيبال" أحد ملوك الهندوس، وحقق نصر غاليا، ووقع الملك الهندي في الأسر، الذي لم يستطع أن يتحمل هزيمته والعار الذي لحق به، فأقدم على حرق نفسه، بعدما أطلق الغزنوي سراحه مقابل فدية كبيرة.
    ثم تعددت حملات الغزنوي، وفي كل مرة كان يحقق نصرا، ويضيف إلى دولته رقعة جديدة، ويبشر بالإسلام بين أهالي المناطق المفتوحة، ويغنم غنائم عظيمة، حتى توج فتوحاته في الهند بفتح بلاد "الكجرات"، ثم توجه إلى مدينة "سومنات" سنة (416هـ= 1025م) وكان بها معبد من أكبر معابد الهند، يحوي صنما اسمه "سومنات" وكان الهندوس يعظمونه ويحملون إليه كل نفيس، ويغدقون الأموال على سدنته، وكانت مدينة سومنات تقع في أقصى جنوب الكجرات على شاطئ بحر العرب، فقطع الغزنوي الصحاري المهلكة حتى بلغها، واقتحم المعبد، وهزم الجموع الغفيرة التي حاولت إنقاذ المعبد، ووقع آلاف الهندوس قتلى، وسقط المعبد في أيدي المسلمين.
    وغنم الغزنوي أموالا عظيمة قُدرت بنحو عشرين مليون دينار، وعاد إلى غزنة سنة (417هـ=1026م) وظلت ذكرى هدم معبد سومنات عالقة في ذاكرة الهندوس لم يمحها كرّ السنين، ولا تغيرها الأحوال، حتى إذا ما ظفرت الهند باستقلالها عمدت إلى بناء هذا المعبد من جديد في احتفال مهيب.
    ولم يكن الغزنوي مدفوعا في فتوحاته برغبة جامحة في كسب الغنائم أو تحقيق مجد يذكره له التاريخ، ولكن قاده حماسه لنشر الإسلام، وإبلاغ كلمة التوحيد في مجتمع وثني، وكانت تلك الحملات مسبوقة بطلب الدخول في الإسلام، وإلى هذا أشار السير "توماس أرنولد" في كتابه "الدعوة إلى الإسلام" بقوله: وفي الحق أن الإسلام قد عُرض في الغالب على الكفار من الهندوس قبل أن يفاجئهم المسلمون.
    وكانت حصيلة جهود محمود الغزنوي أن أتمّ فتح شمال شبة القارة الهندية، ففتح إقليم كابلستان، وملتان، وكشمير، وأخضع البنجاب، ونشر الإسلام في ربوع الهند، وفتح طريقا سلكه من جاء بعده.
    وقد نظر المؤرخون المسلمون إلى أعماله نظر إعجاب وتقدير، فقد بلغ بفتوحاته إلى "حيث لم تبلغه في الإسلام راية، وأقام بدلا من بيوت الأصنام مساجد الإسلام".

    النهضة الحضارية والثقافية:
    اكتسب الغزنوي مكانته في التاريخ بفتوحاته التي لم تُسبق، وبجهوده الحضارية التي لم يشغله عنها فتوحاته وغزواته، وكان الغزنوي نفسه مولعا بعلم الحديث، يستمع إلى علمائه كما كان فقيها له مؤلفات، ولا يكاد يسمع بعالمٍ له مكانة حتى يستدعيه إلى دولته، فاستقدم "أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني" المتوفى سنة (440هـ= 1049م) الذي نبغ في علوم كثيرة، في مقدمتها الرياضة والفلك، وعُدّ من أعظم رجال الحضارة الإسلامية، وتُرجمت كتبه إلى اللغات الأوروبية، وأطلقت روسيا اسمه على جامعة أنشأتها حديثا.
    وعني السلطان بالشعر وكان له به شغف، ومن أشهر الشعراء الذين ازدانت بهم دولته الشاعر الفارسي "عنصري" وكان نديما للسلطان وشاعرا له، منحه لقب "ملك الشعراء" في مملكته، و"المسجدي"، و"الفرخي" وهو شاعر فارسي عظيم قيل فيه: إن الفرخي لدى الفرس بمثابة المتنبي لدى العرب.
    أما أبرز الشعراء في هذا العصر فهو "الفردوسي" صاحب "الشاهنامة" التي نظمها في خمسة وعشرين عاما من الجهد والإبداع، وتشمل أخبار الفرس القدامى، وهي من عيون الأدب العالمي.
    ومن أبرز كتّاب الدولة ومؤرخيها "أبو الفتح البستي" وكان كاتبا للسلطان وموضع سره ومستشاره في كثير من الأمور، وله شعر رائق ونظم جيد، و"أبو نصر محمد بن عبد الجبار العتبي" مؤرخ الدولة الغزنوية وكاتب السلطان مع أبي الفتح البستي، له كتاب "اليميني" نسبة إلى يمين الدولة لقب السلطان محمود الغزنوي، تناول فيه تاريخ الدولة الغزنوية.
    وأصبحت غزنة في عهد السلطان محمود منارة للعلم ومقصدا للعلماء، وغدت عامرة بالمساجد والقصور والأبنية التي لا تقل بهاءً وجمالا عن المنشآت الهندية التي اشتهرت بدقة التصميم وجمال العمارة.

    وفاة الغزنوي:
    ظل السلطان محمود الغزنوي يواصل جهاده حتى مرض، وطال به مرضه نحو سنتين، ومع ذلك لم يحتجب عن الناس أو يمنعه المرض من مباشرة أمور رعيته حتى توفي قاعدًا في (23 من شهر ربيع الأول 421هـ= 29 من أبريل 1030م) بعد أن أنشأ دولة واسعة، ضمّت معظم إيران وبلاد ما وراء النهر وشمال الهند كله، ونشر دينًا لا يزال له أتباع كثيرون في الهند.


    هوامش ومصادر:

    ـ نظام الدين بخشي الهروي- المسلمون في الهند- ترجمة أحمد عبد القادر الشاذلي- الهيئة العامة للكتاب- القاهرة 1995م.
    ـ عبد المنعم النمر- تاريخ الإسلام في الهند- المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر- بيروت 1401هـ=1981م.
    ـ حسن أحمد محمود- الإسلام والحضارة العربية في آسيا الوسطى- دار النهضة العربية- القاهرة 1968م.
    ـ عصام الدين عبد الرؤوف- تاريخ الإسلام في جنوب غرب آسيا- دار الفكر العربي- القاهرة 1975م.
    ـ حسين مؤنس- أطلس تاريخ الإسلام- الزهراء للإعلام العربي- القاهرة 1407هـ=1987م.

    المصدر : إسلام أون لاين


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •