مع هيكل
تعليق على موضوع هيكل " الحلقة الأخيرة " – كمطلع، ومتضلع – كما أزعم - بالتاريخ: وعلى سبيل إنعاش الذاكرة " وللحقيقة والتاريخ "، أذكر الآتي:
كمتابع مهتم بما يقدمه الأستاذ هيكل من حلقات – تجربته في الحياة – لدي تعليق، ربما توضيح.. بصدد العلاقة ما بين السوفييت وسورية، قبيل عدوان حزيران.. يقول هيكل: أن السوفييت ذكروا بشأن القيادة السورية آنذاك – وذالك كنوع من التحذير أو التنبيه: بأن السوريين " هوائيون " – لا أدري ما القصد بالضبط " بالهوائية "..؟
أعلم جيداً: أن وفداً من المستوى الأول ( بقيادة صلاح جديد- الأمين القطري المساعد لحزب البعث – في سورية ) ذهب للتباحث مع القادة السوفييت: فعلى الرغم من كل أشكال الاتفاق في كل المجالات – غير أن خلافاً حاداً قد حدث – أدى إلى فشل المفاوضات وانسحاب الوفد السوري وعودته إلى دمشق – دون إصدار بيان ختامي: وكان السبب الوحيد: مسألة فلسطين: رفض الاعتراف بإسرائيل + رفض قرار 242..

أذكر هذه الواقعة، التي أثمن فيها " موقف سورية وقيادتها آنذاك- من هذه المسألة (ماذا قد أجدى الاعتراف بإسرائيل.. وماذا أعطى العرب من مكاسب ؟ ) –
على طرف هذه الواقعة وللتذكير بالتاريخ أضيف: أن القيادة السورية آنذاك – على الرغم من نكسة حزيران – دخلت الأردن في إيلول 1970 ووصل الجيش السوري إلى جرش على مقربة من عمان– للدفاع عن المقاومة الفلسطينية، مما قد أدى إلى أزمة دولية حادة – عمل معها السوفييت وعبد الناصر على الطلب الملّح من سورية لسحب جيشها من الأردن.. (لا أنتقد هنا عبد الناصر.. الذي كان يتصرف، ببراغماتية، وفق المعطيات الدولية..)
وباستطراد ضروري أشير: إن كنت أذكر هذه الواقعة، إنما للتذكير: كيف كانت المواقف في زمن كان التيار القومي فيه في المواقع الأمامية.. وكيف أصبحت فيه الحالة عندما تراجعت جذوته إلى المواقع الخلفية.. غير أن هذا لا يعفي من نقد تلك المرحلة.. وبالإشارة خاصة، إلى انقسام الصف القومي وخلافاته غير المبررة، ومن أهمها الخلاف السوري العراقي.. (لقد كنت شخصياً – في الموقع الذي كنت فيه – من منتقدي القيادة السورية بخصوص الخلاف مع العراق ) – وها هي الأحداث تؤكد أن الخلاف بين أركان الحركة القومية العربية (عبد الناصر – البعث في سورية – البعث في العراق – القوميون العرب.. وغيرهم ) – كان أحد العوامل المؤدية للانتكاسات المتتالية.. وبذا فأن المسألة لا تتعلق قطعاً بمنطلقات الحركة القومية العربية، وفهمها الاستراتيجي – بل بالتكتيكات غير المحسوبة.. ناهيكم، أن الواقع الحالي يؤكد بكل جدارة، صحة المدركات الأولى والفهم الاستراتيجي لحركة النهوض القومي..