حدثتها اليوم. قالت لي كنت في انتظارك. كان قد منعني من الحضور بعض الاعمال انجزتها, حاولت ان التقي بها خلال تأديتي بعض الاعمال لكن لم يحالفني الحظ لاجدها. فكان ان التقيتها بعد ان انتهيت. فرحت بلقائها فالحقيقة اني كنت انتظره بلهفة وقد كانت تبادلني نفس الشعور لقد احسست ذلك من خلال حديثي معها. ولكنني احسست بحرقة ايضا في حديثها سألتها مستفسرا كيف كان يومك . لم تجبني وتابعت حديثها وكأنني لم اسأل سألتها مرة اخرى وجاوبتني الحمدلله. لم يقنعني هذا الجواب.لكني في نفس الوقت ما اصريت عليها ان تخبرني ما الذي حدث.تابعنا الحديث ومن ثم سألتها كيف كان يومك. قالت اتريد ان تعرف كيف كان يومي. قلت نعم كيف لا!! انت تعلمين اني فعلا اهتم وها انا مصغي اليك فقالت اليوم في الجامعة وجدت الزملاء يحضرون انفسهم الى الذهاب الى زيارة ميدانية لاحدى المختبرات وهي تطوعية ولكنني احببت ان اذهب معهم فنحن كلنا من نفس القسم, ومن ثم سالتني قالت: اتعتقد انه يحق لي ان اذهب ؟ اجبتها الحق اني لم اكن لارغب في ذهابك, لا سيما انها اختيارية. من ثم قالت انتظر لاخبرك بالبقية. كانوا قد اتفقوا من قبل ان يذهبوا كان ترتيبا مسبقا ولان احدا منهم لا يعلم رقم هاتفي بقيت انا الوحيدة التي لا تعلم وقد فاجئوني بالخبر فما كان مني الا ان خابرت والدي لاستأذن منه فكان الرد هو الرفض, مما جعلني اشعر انه لا يحق لي ما يحق لغيري من الطلبة في البداية. قالت: لقد قال لي ان الاوضاع لا تسمح من ناحية الاوضاع الامنية من ثم ان عاداتنا وتقاليدنا لا تنسجم مع مثل هكذا امور خصوصا لكونها ليست عملا اكاديميا بحت.
الحقيقة اني فرحت بداخلي من رده لقد اعجبني حقا حتى وان كان يبدو في نظرك قاسيا الا انه رد اقل ما يوصف انه رائع. اذا كنتي تقرأي رسالتي فاريد ان أوكد امرا انتي تعرفيه جيدا هو مقدار حرص الذي يوليه الاب لابنائه عامة. ولبناته بشكل خاص رغم ان الأب قد لا يوفق دائما في اظهار هذه المشاعر بشكل اخر فتظهر من خلال الحرص. قد قال "لا" يا شيماء لانه يعلم ان الوضع الامني في الدرجة الاولى لا يسمح. لانه يعلم ان عراق اليوم غير الامس. ولانه لا يضمن ما الذي سيجري خلال هذه الرحلة فلا احد يستطيع ان يضمن شيئا في عراق اليوم.
اذكر انك قلت لي يا شيماء حينها من ضمن ما قلتي " اتعلم هنا لا نستطيع ان نستقل سيارة الاجرة وعلينا ان ننتظر مرور الحافلة حتى لو كان الدوام انتهى لا نستطيع ان نتوجه الى المنزل بسيارة اجرة, علينا ان ننتظر الحافلة. فالكل هنا يخاف من شيء يتربص به. يخاف من شر لا تعرف من اين سيأتي." شعرت بالحسرة وبالألم كيف صار هذا ؟ كيف وقد كانت الناس تنعم بالامن وتمشي في العراق كل العراق دون ان تعير هذه التفاصيل التافهة ادنى اهمية, كيف اصبحت هذا التفاصيل التافهة اليوم هي اولى اوليات ابناء العراق. سألتها كيف هي جامعة بغداد الان ؟ هل بها طلاب عرب ؟ قالت " كلا" . سألت مرة اخرى فاجابت نافية انها لم ترى اي عربي اطلاقا. سألت مرة اخرى لكن هذه المرة عن المدرسين فقالت لا للان لم ارى مدرس عربي واحد . دهشت حينها صدمت حينها غضبت حينها من يصدق ان جامعة بغداد التي كانت تزخر بالطلاب العرب من كل صوب وحدب يمنيين وتونسيين وجزائريين واردنيين وفلسطينيين والكثير الكثير من العرب تخلو اليوم منهم. لم يكن هذا فقط سبب غضبي بل كان هو كيف تخلى كل هؤلاء الشباب عن بلد استقبلهم ورحب بهم وأواهم وعلمهم في ارقى جامعاته مجانا كيف تسللوا ليلا حين بدات الحرب وفي الايام التي تسبقها. الم يأتوا للعراق لانهم عرب ولأن وجودهم يمثل نوعا من التضافر العربي العربي ورمز للوحدة العربية. بربكم اين هذا التضافر والوحدة عندما اندلعت الحرب ؟ الا سحقا لهم اذن هم الا كانوا سماسرة للقومية العربية والوحدة العربية ومرتزقتها . اذكر عندما كنت طفلا صغيرا كنت اشعر بالغبطة عندما كنت اسمع كلمات من قبيل الوحدة العربية والعروبة واللغة العربية وكانت اكثر الكلمات تهزني حقا كلمة الشباب العربي , يعلم الله ما الذي كان لوقع هذه الكلمة على قلبي وتفكيري . فقد كنت اظن حينها- وقد اكشتفت فيما بعد اني احمق- ان الشباب العربي شباب يمتاز بغيرته لا على ابناء جلدته في حدود الوطن المصطنعة بل في كافة الاقطار العربية وانه شباب غيور جدا على العروبة وانها صاحب نخوة كنخوة المعتصم. كنت اصدق المعلم حين كان يقول لنا ونحن طلاب في الاعدادية بأننا بناة المستقبل كان يقول لنا المعلم " نحن لم ننجز الكثير لهذه الامة العظيمة صاحبة اخر الرسالات لكن الدور عليكم ها هنا ان تفعلوا ما لم نفعله وان تتفادوا اخطاءا وقعنا نحن فيها " كنت اعد الايام حتى اكبر حتى اكون واحدا من الشباب العربي الذي يساهم في نهضة هذه الامة , وكنت لفرط حماستي وصدق مشاعري وانتمائي انام وانا اتخيل نفسي وقد كبرت ...... اعتذر فوالله ما عدت قادر ان اواصل الكتابة............


أعتذر منك يا شيماء اعتذر منك فقبل ان الوم اي شخص يجب ان الوم نفسي لو كنت انا عربي حقا لو كان قرائي عرب ولو كانت هذه الامة عربية حقا وصاحبة اخر الرسالات لما خاف عليك والدك ان تخرجي مع زملائك وزميلاك في رحلة جماعية رسمية لما خاف عليك والدك من ان تستقلي سيارة اجرة ولما اجبرتي ان تنتظري اليوم ساعتين لتأتي الحافلة. ولما كان من قبل هذا احتل العراق ولما كان اصلا فكر احدهم في الاقتراب منه. اتعجب للمرة الالف كيف تسنى للرئيس صدام حسين ان يتماسك نفسه ولم تصعقه كل الحقائق التي انكشفت له ساعة الحرب كيف ما زال مؤمنا برسالته الوحدوية رغم كل الخيانات العربية من حوله. فلا اخرج الا بجواب واحد انه قائد فذ ولأنه قائد فذ تحمل معاناة الالم الذي تنتجة الحقيقة تلك الحقيقة التي تقول " ماتت العروبة " الم تقولي لي هذه الجملة ؟ " ماتت العروبة" واضيف من عندي انها لم تمت ميتتة طبيعية بل انها قتلت قتلها الخونة وقتلها اصحاب الابقار المنتجة للحليب ومن حولهم ومعهم من العملاء المدسوسين بيننا الذين يقسموا انهم نذروا انفسهم لخدمة الشعب والامة بينما هم رأوا ملايين العراقيين يقتلون ومن قبل رأوا مثلهم من يقتل من اهل فلسطين فما الذي فعلوه؟ شيماء لا تبكي يا شيماء لا تبكي يا صغيرتي فما فقددت الامل تذكري انك من الماجدات وتذكري كيف وقف صدام حسين اسدا مقداما ومن حوله يرتعدون خوفا هو اختار ان تكون هذه النهاية وليسوا هم هو لم يقبل ان يستسلم ويعيش ذليلا وانا لا اقبل ان استسلم واعيش ذليلا وانتي لن تستسلمي ولن يستسلم والدك ولن يستسلم ما بقي من الشرفاء لا لشيء الا لأنهم شرفاء فيكفيك فخرا انك من الشرفاء . شيماء والله لو طلبتي دمي فهو اليوم لاجلك فانتي اغلى من كل القابعون خلف مراكز الحكم اليوم وانتي اولى اهتماماتي لانك عربية حرة شيماء لا تنقهري بل اقهريهم وابق على درب النضال واني معك وسأنهي حديثي اليك بجملة يحبها كلانا " فليخسا الخاسئون وليسقط الاستعمار والخونة والمجد والنصر لامتنا العربية, عاشت فلسطين حرة عربية "