لا يعترف عالمنا العربي حتى الآن بقوة وسلطة ما يكتبه المثقف عبر الصحافة المحلية أو العربية عكس ما نلمسه من حال المثقف في الدول الغربية، لأن المثقف في الوطن العربي يواجه مشكلة وخلطاً في العلاقة بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية. فهو قد يجد نفسه في احد الأيام أمام جميع هذه السلطات محاسباً ومعاقباً ومغيباً عن قلمه. هذا جانب والجانب الآخر،أن أغلب الصحف ورؤساء التحرير فيها لا يحتملون صراحة الكاتب فهم ميالون للكتاب الذين يجيدون النفاق الاجتماعي، والرسمي، ومن هنا تظهر بعض الصحف تقليدية ليس فيها ما يدفع القاريء لمتابعتها. يعمل المثقف بشفافية عالية فهو يعطي موضوعه جهد ليس بالعادي وعندما يكتب يحمل أمانة القلم وأمانة المعلومة وصدق الحدث لأن له أهداف من خلال هذه الكتابات ومن أهدافه أنه يعطي القراء والجمهور العام صورة حقيقية عما يجري وراء الجدران وفي الغرف المغلقة التي يتخذ فيها القرار أو في قاع المجتمع.
يتعرض المثقف للعقوبة ليس فقط من الجهات الرسمية بل من الصحيفة التي يتعامل معها فهي تبدأ بإيقاف نشر مقالاته، ويعاقبه المجتمع فينعتوه بالمتهور في حين أن المجتمع هو من دفعه لتناول المواضيع الجريئة، ولا تقف عقوبة المثقف العربي والكاتب عند حدود محيطه بل يمكن أن تتعداه إلى أبعد من ذلك كل هذا لأنه كان صادقاً وشفافاً في طرحه للمواضيع.
ثم الأمر (الأقسى) من ذلك تأتي مهنية رجل التحرير و المحررون في الصحيفة والتي في بعض الأحيان تشعر المثقف بالإحباط النفسي كون من يقيم ويجيز مقاله أو موضوعه قد لا يكون لديه علم بالموضوع وأبعاده فتأتي عمليات الحذف والإلغاء بناء على رؤية أحادية لشخصية لا تعرف عن الموضوع الذي طرحه المثقف أية خلفية علمية أو ثقافية أنما كان الموضوع من وجهة نظره الشخصية فيه تجاوز أو جرح مشاعر أو جرأة في الطرح وصحيفته لا تتحمل الحقيقة بل تتجاوزها وتراعي المشاعر الشخصية، وليس مهم الحقيقة أي كان نوعها.
إن القيود المكبل بها المثقف الكاتب في الصحافة العربية تتسبب في تراجع مهنية العمل الصحفي، لأن قائمة الممنوعات والمحرمات من الموضوعات والقضايا الغير مقبول الخوض فيها طويلة أكثر مما ينبغي حتى تكاد تشمل كل شيء يحمل أهمية، لذا أصبحت بعض الصحف باهته لا معنى لما يكتب فيه يتجاوزها الكثير لأنها لا تحمل فكراً ناقد قلماً محلل إبداع في الكتابة. ومما يزيد من الضغط النفسي على المثقف الكاتب ولاءه لصحيفته رغبته في أن تكون الأولى والمتفوقة، هذا حال المثقف في ظل إدارة القلق والتوجس. مقارنة بذلك هناك صحف تحمل كل ما يحتاجه المواطن وكل ما يقلق المسئول لمتابعة مسئولياته وكل ما يوصل صوت المنكسر إلى صاحب القرار تغلق الصحيفة ويعاد فتحها لكن لا تتغير أبداً مبادئ العاملين فيها يعرفون أهدافهم ويدركون رسالة الصحيفة ودورها في المجتمع، كثيرة هي معاناة الكتاب المثقفين لكن رغم كل الظروف ولأن لهم مبادئ يرتكزون عليها فهم رغم كل الإعاقات لا يستسلمون لليأس.
المفضلات