بسم الله الرحمن الرحيم...
سلام الله على الأخ العزيز يحيى غوردو و على زوار صفحته من الأحبة الكرام...
الموضوع شائك جدا بقدر ما هو واضح جدا...فبعض الوضوح إذا أردت شرحه تحتاج لمجلدات...و الله المستعان.
من الملعلوم بالضرورة أن كل مؤمن بكتاب الله جل و علا إيمان لا ريب فيه يؤمن بعالم الغيب الذي هو عالم لا تدركه الحواس و لا تستطيع إقامة التجربة عليه المادية الحسية، و لكن تصدق بوجوده تصديقا لا يقبل الشك و لا مثقال ذرة من الريب. فالله عز و جل الذي جعل حواسنا ذات قدرات محدودة لا تتجاوز ما يسره الله لها للإحاطة بكل ما جعله الله عز و جل قابل للعلم و للمعرفة و للكشف و للمشاهدة و لإقامة التجربة و الدليل و هو ما سماه عالم الشهادة. فالعلم بالشيء و معرفة خصائصه و قوانين اشتغاله و مدى تأثيره في الكون و في الإنسان على حد سواء هي من المسئوليات التي تحملها الإنسان لمعرفة الله عز و جل أكثر لخشيته أكثر و لتقديره تقديرا أكبر. و لتحسين ظروف عيشه بشكل أفضل.
يقول الحق جل و علا: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ }الرحمن33
يا معشر الجن والإنس, إن قَدَرْتم على النفاذ من أمر الله وحكمه هاربين من أطراف السموات والأرض فافعلوا, ولستم قادرين على ذلك إلا بقوة وحجة, وأمر من الله تعالى (وأنَّى لكم ذلك وأنتم لا تملكون لأنفسكم نفعًا ولا ضرًا؟).[التفسير الميسر].
فخطاب الله جل و علا موجه لعالم الجن باعتباره سابق في الوجود ،و لعالم الإنس باعتباره عالم لاحق لعالم آخر قد سبقه من حيث الخلق، و هو العليم به أنه سيحاول النفاذ و الهروب من ظلمات الجهل إلى عالم المعرفة و العلم بالبحث و التنقيب عن أسرار الوجود في هذا الكون و هذا الفضاء الشاسع الاطراف، هروبا للإعجاز أو هروبا من قدر الله جل و علا أو هروبا من عقابه ، كما جاء في الىية الكريمة: {وَأَنَّا ظَنَنَّا أَن لَّن نُّعجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَباً }الجن12
وأنا أيقنا أن الله قادر علينا، وأننا في قبضته وسلطانه, فلن نفوته إذا أراد بنا أمرًا أينما كنا, ولن نستطيع أن نُفْلِت مِن عقابه هربًا إلى السماء، إن أراد بنا سوءًا.[التفسير الميسر]. أو في الآية الكريمة : {قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ }هود43
قال ابن نوح: سألجأ إلى جبل أتحصَّن به من الماء, فيمنعني من الغرق, فأجابه نوح: لا مانع اليوم من أمر الله وقضائه الذي قد نزل بالخلق من الغرق والهلاك إلا مَن رحمه الله تعالى, فآمِنْ واركب في السفينة معنا, وحال الموج المرتفع بين نوح وابنه, فكان من المغرقين الهالكين.[التفسير الميسر].
و هروبكم لن يفيدكم على اعتبار أنكم تستندون إلى قوتكم تحميكم سواء كانت قوة الطبيعة أو قوة العلم و سلطان المعرفة.... كما هو الشأن بالنسبة لابن نوح عليه السلام...سأحتمي بجبل يدفع عني قضاء الله و قدره من الطوفان...أو آوي إلى كوكب غير الأرض فأفوز بالنجاة من الموت في حال قيام حرب نووية لا تبقي و لا تدر كما حال علماء اليوم المتخوفون من قيام حرب نووية كونية. فلن يفيد الهروب لا في السماوات و لا في الأرض من أمر الله جل و علا.
بناء على هذا يكون كتاب الله جل و علا يخاطب عالم يضم نوعين من المخلوقات المكلفة بالعبادة،اي بطاعة الله جل و علا فيما أمر و فيما نهى...عالم الجن و عالم الإنس...يقول الحق جل و علا: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ }الأنعام130
أيها المشركون من الجن والإنس, ألم يأتكم رسل من جملتكم -وظاهر النصوص يدلُّ على أنَّ الرسل من الإنس فقط-, يخبرونكم بآياتي الواضحة المشتملة على الأمر والنهي وبيان الخير والشر, ويحذرونكم لقاء عذابي في يوم القيامة؟ قال هؤلاء المشركون من الإنس والجن: شَهِدْنا على أنفسنا بأن رسلك قد بلغونا آياتك, وأنذرونا لقاء يومنا هذا, فكذبناهم, وخدعت هؤلاء المشركين زينةُ الحياة الدنيا, وشهدوا على أنفسهم أنهم كانوا جاحدين وحدانية الله تعالى ومكذبين لرسله عليهم السلام.[التفسير الميسر].
فالكفر الذي يعتبر إنكارا لوجود الله عز و جل و للأنبياء و الرسل الذي بعثهم ليبينوا تلك الأوامر و تلك النواهي للجن و الإنس هو لب و جوهر قيام التطاحن و الصراع بين الحق و الباطل مند خلق آدم و حواء عليهما السلام و إرسال الرسل و الأنبياء للخلق. و الشيطان اللعين بفعل انتماءه لعالم الجن و عصيانه لأمر الله جل و علا كما جاء في الآية الكريمة: {وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً }الكهف50
واذكر حين أمرنا الملائكة بالسجود لآدم، تحية له لا عبادة، وأمرنا إبليس بما أُمِروا به، فسجد الملائكة جميعًا، لكن إبليس الذي كان من الجن خرج عن طاعة ربه، ولم يسجد كِبرًا وحسدًا. أفتجعلونه -أيها الناس- وذريته أعوانًا لكم تطيعونهم وتتركون طاعتي، وهم ألد أعدائكم؟ قَبُحَتْ طاعة الظالمين للشيطان بدلا عن طاعة الرحمن.[التفسير الميسر].
فإبليس اللعين و هو بمتابة آدم من حيث الأبوة...فآدم عليه السلام أب البشرية المؤمنة و الكافرة....و إبليس اللعين أب للشياطين الذي حملوا على عاتقهم أن يكونوا أداة للتضليل و الغواية و الأمر بالفحشاء و المنكر و الفساد فهو عدوكم...يقول الحق جل و علا: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ }فاطر6
إن الشيطان لبني آدم عدو, فاتخذوه عدوًّا ولا تطيعوه, إنما يدعو أتباعه إلى الضلال؛ ليكونوا من أصحاب النار الموقدة.[التفسير الميسر].
فعالم الجن هو عالم غيبي لا يراه الإنسان كما يرى نور الشمس و بهجة القمر و زينة الكواكب الدنيا...فهو عالم خفي لا تراه العين البيولوجية العادية الطبيعية...و لكن تراه بصيرة الإنسان كما هو الشأن بالتصديق بالملائكة و بالجنة و النار و بيوم البعث و هول يوم القيامة و بالرسل و الأنبياء عليهم الصلاة والسلام التي لم نشاهدهم في زمننا المعاصر...و لكن نعلم علن اليقين أنهم مروا من هنا و تركوا لنا أثرا يدل دلالة واضحة و برهان ساطع أنهم وجدوا حقا و يقينا و بلغوا ما أمرهم الله جل و علا به...
و كون الإنسان العادي لا يستطيع رؤيتهم فهذا لطف و حكمة من الله جل و علا، و لكن هناك من ذرية آدم عليه السلام من جعل في شبكيته القرنية أن يراهم و يحدثهم و يأمرهم و يطيعوا،فإن لم يستجبوا أقام عليهم الحد الذي أمره به الله جل و علا...يقول الله جل وعلا: {فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ{36}{ وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ{37} وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفَادِ{38}سورة ص. و هذا كان لنبي الله سليمان عليه السلام.
و حديث الرسول الكريم عليه الصلاة و السلام: قلت : وقد علمت مما سبق أن هذا اللفظ لا يصح بل هو ضعيف فلا يجوز الاعتماد عليه في هذا البحث لا سيما وهو مناف للإطلاق المذكور في الآية السابقة . والله أعلم
( 15 - ربط الأسير بالسارية للحديث المتقدم فقرة ( 7 ) : ( بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له : ثمامة بن أثال - سيد أهل اليمامة - فربطوه بسارية من سواري المسجد ) الحديث ) .
وهو حديث صحيح متفق عليه وقد سبق تخريجه هناك مع ذكره بتمامه . وقد ترجم له بما ذكرنا البخاري والنسائي وقال البخاري :
( وكان شريح يأمر الغريم أن يحبس إلى سارية المسجد ) . قال الحافظ :
( وقد وصله معمر عن أيوب عن ابن سيرين قال : كان شريح إذا قضى على رجل بحق أمر بحبسه في المسجد إلى أن يقوم بما عليه فإن أعطى الحق وإلا أمر به إلى السجن ) .
( وقوله عليه الصلاة والسلام : ( إن عفريتا من الجن جعل يتفلت علي البارحة ليقطع علي الصلاة وإن الله أمكنني منه فذعته ( وفي رواية : ( فخنقته ) فلقد هممت أن أربطه إلى جنب سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا تنظرون إليه أجمعون أو كلكم ثم ذكرت قول أخي سليمان : { رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي } [ ص/35 ] فرده الله خاسئا ) .
[مكتبة الألباني الثمر المستطاب 2/806].
فرؤية رسول الله عليه الصلاة و السلام في ما ورد ذكره في الحديث الصحيح لا تترك مجالا للشك في إمكانية رؤية هذه الكائنات المنتمية لعالم الغيب...و هو غيب نسبي في الزمان و المكان...لأن عالم الغيب المطلق هو موجود و لكن لا ندركه بأبصارنا و لكن تدركه بصيرتنا، حتى و لو لم نشاهده كما نشاهد عالم الشهادة الذي هو عالم المادة في تجلياتها المختلفة و المتنوعة و المتعددة.
إذن أين هو بيت القصيد في كل هذا؟
فالإيمان بالغيب النسبي و المطلق هو إيمان قد شرحه الإخوة الكرام الذين أغنوا النقاش بالتوضيح و البيان بكلماتهم القيمة سواء منها المؤيدة للموضوع أو المعارضة له...و في كل خير...فالأشياء بأضدادها تعرف...بيت القصيد هو في إشكالية التاثير...و أقول إشكالية بالمصطلح العلمي – الفلسفي...لأن كل تساؤل يحاول أن يجد القوانين و الخصائص التي تحدد عمل ظاهرة معينة يمكن القول عنهه أنه يطرح إشكالية...فالبحث عن حقيقة تأثير الشيطان اللعين في حياة الإنسان المؤمن أو الكافر هو إشكالية من إشكاليات الحقيقة.
كيف ذلك؟ تدركون جيدا أن سؤال كيف هو سؤال علمي بالدرجة الأولى...و سؤال لماذا هو سؤال فلسفي بالدرجة الأولى؟
بالنسبة لكيف ...يقول الحق جل وعلا: {قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُواْ فِي الأَرْضِ فَانْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذَّبِينَ }آل عمران137
يخاطب الله المؤمنين لـمَّا أُصيبوا يوم "أُحد" تعزية لهم بأنه قد مضت من قبلكم أمم, ابتُلي المؤمنون منهم بقتال الكافرين فكانت العاقبة لهم, فسيروا في الأرض معتبرين بما آل إليه أمر أولئك المكذبين بالله ورسله.[التفسير الميسر].
فالتكذيب بما جاء من آيات الله جل و علا في الكون و الإنسان و من سننه التابتة التي لا تتغير إلا بمشيئته جل و علا هي من الجهل و من عدم العلم بما خلق الله عز و جل ليساعد الإنسان في تدبر شؤونه أو ليصده عن أداء رسالته و تحقيقة غاية وجوده. فالعلم أو الجهل بحقيقة الآثار التي يسببها الشيطان اللعين من شأنه أن يجعل الإنسان في غفلة عن القنوات التي يتسرب منها عدو الإنسان الأول و عن الآليات و الأدوات التي يستخذمها ليكون له السبق يوم القيامة ، يوم يبدو عالم الغيب المطلق عالم قابل للمشهادة...مشاهدة الجنة و النار، مشاهدة الملائكة ملائكة الرحمة و ملائكة العذاب، مشاهدة الصحف و ما تحمل من أقوال و أعمال بل قراءتها، في عالم الشهادة الذي نحن أحياء فيه، هل نرى كتابنا الذي سوف نقرؤه يوم القيامة؟ هل نلمسه؟ هل نرى ملاك اليمين و ملاك اليسار؟ هل نرى القرين؟ كل ذلك من الغيب النسبي ...و لكن نرى و نشاهد الآثار التي يخلفها عدو الله و عدو الإنسان...
فالنسيان و هو الآفة الكبرى التي أخرجت آدم و حواء من الجنة، و ذلك تقدير من الله جل و علا، كان النسيان كعامل ذاتي سببه الشيطان و حرك مكانيزماته...حتى أحدث أثره... {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً }طه115
ولقد وصينا آدم مِن قَبلِ أن يأكل من الشجرة, ألا يأكل منها, وقلنا له: إن إبليس عدو لك ولزوجك, فلا يخرجنكما من الجنة, فتشقى أنت وزوجك في الدنيا, فوسوس إليه الشيطان فأطاعه, ونسي آدم الوصية, ولم نجد له قوة في العزم يحفظ بها ما أُمر به.[التفسير الميسر].
يقول الحق جل و علا: {قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً }الكهف63
قال له خادمه: أتذكر حين لجأنا إلى الصخرة التي استرحنا عندها؟ فإني نسيت أن أخبرك ما كان من الحوت، وما أنساني أن أذكر ذلك لك إلا الشيطان، فإن الحوت الميت دبَّتْ فيه الحياة، وقفز في البحر، واتخذ له فيه طريقًا، وكان أمره مما يُعْجَبُ منه.[التفسير الميسر].
فالنسيان ظاهرة طبيعية و التذكر ظاهرة فوق طبيعية ؟ أو ماذا؟
{يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاءُ وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ }البقرة269
يؤتي الله الإصابة في القول والفعل مَن يشاء من عباده, ومن أنعم الله عليه بذلك فقد أعطاه خيرًا كثيرًا. وما يتذكر هذا وينتفع به إلا أصحاب العقول المستنيرة بنور الله وهدايته.[التفسير الميسر].
يقول الحق جل و علا: {هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ }آل عمران7
هو وحده الذي أنزل عليك القرآن: منه آيات واضحات الدلالة, هن أصل الكتاب الذي يُرجع إليه عند الاشتباه, ويُرَدُّ ما خالفه إليه, ومنه آيات أخر متشابهات تحتمل بعض المعاني, لا يتعيَّن المراد منها إلا بضمها إلى المحكم, فأصحاب القلوب المريضة الزائغة, لسوء قصدهم يتبعون هذه الآيات المتشابهات وحدها; ليثيروا الشبهات عند الناس, كي يضلوهم, ولتأويلهم لها على مذاهبهم الباطلة. ولا يعلم حقيقة معاني هذه الآيات إلا الله. والمتمكنون في العلم يقولون: آمنا بهذا القرآن, كله قد جاءنا من عند ربنا على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم, ويردُّون متشابهه إلى محكمه, وإنما يفهم ويعقل ويتدبر المعاني على وجهها الصحيح أولو العقول السليمة.[التفسير الميسر].
من هنا كانت مسألة النسيان و التذكر مسألة هي الأخرى يقوم فيها الإنسان المكرم و الشيطان الملعون بأدوار في عملية التأثير...الشيطان يريد أن ينسيك أين توجد القبلة و الإنسان و الممثل في صفوة الخلق و قدوة الإنس و الجن المؤمن منهم بطبيعةو الحال ، هم الأنبياء و الرسل عليهم الصلاة و السلام يريد أن يذكرك أين الحق و اين الباطل...يقول الله جل و علا: {فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَى }الأعلى9
فعظ قومك -أيها الرسول- حسبما يسرناه لك بما يوحى إليك، واهدهم إلى ما فيه خيرهم. وخُصَّ بالتذكير من يرجى منه التذكُّر، ولا تتعب نفسك في تذكير من لا يورثه التذكر إلا عتوًّا ونفورًا .[التفسير الميسر].
{فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ }الغاشية21
فعِظْ -أيها الرسول- المعرضين بما أُرْسِلْتَ به إليهم, ولا تحزن على إعراضهم, إنما أنت واعظ لهم,[التفسير الميسر].
فالنسيان و هي آلية من آليات النفس البشرية قد يسيطر عليها الشيطان اللعين و ينسيك ذكر الله جل و علا...و من تم يضل يصبح بشكل أو بىخر يدعو إلى السعير دون علم أو معرفة و هو في اعتقاده يدعو إلى الخير و الصلاح و الفلاح...لأن الشيطان زين له سوء عمله...و عملية التزيين له ميكانيزماتها الخاصة و قد يأتي الحديث عنها إن شاء الله جل و علا...
و لك أخي التحية و التقدير...
المفضلات