صدر مؤخرا للشاعرة مليكه كباب الديوان الثاني بعنوان ..إلى متى..في 168 صفحة. حجم 14.5/21..عن مطبعة الأحمدية
وحين طلبت مني الأستاذة أن أكتب كلمة في حق هذا الديوان..ترددت لسبب واحد كوني زوجها.ومخافة أن اسقط في مقولة إن من يشكر العروس هي أمها وخالتها..وربما جارة متملقة..
لكن حين تأملت الأمر..زال ترددي..كوني عشت معها لحظات المخاض والولادة..لحظة..لحظة..سواء بالنسبة لديوانها الأول من أنا أو هذا الذي بين يدي..
لقد كانت تقرأ علي قصائدها حين تنتهي من كتابتها..وكنت أناقشها كقارئ فضولي وليس كزوج..كنت أتطلع إلى معرفة أعمق لكلماتها ..وكانت أسئلتي محرجة في بعض الأحيان..
لكنها تمتلك صدرا رحبا للنقاش والحوار.. كانت جريئة في ردودها .مقتنعة ومقنعة..
وحين جمعت القصائد داخل الديوان أعدت قراءتها بتأن..أدركت أني اكتشفها من جديد ولأول مرة..وأدركت أن جرأتها لم تنطلق من عبث..بل عن اقتناع وإيمان قوي..وإحساس مرهف بكل ما يحيط بها..تلتفت لكل صغيرة وكبيرة..حتى أبسط الأشياء كانت توظفها في صيغ ترقى بها إلى الأعلى..
إن الأسئلة التي تطرحها الأستاذة في ديوانيها..هي أسئلة للبحث..ولغور الواقع...بكل همومه وأحزانه..وأفراحه..إنها أسئلة التحدي بكل ما هذه الكلمة من معنى..وهذا التحدي كان يتطلب منها الجرأة الكافية والشجاعة وحب المواجهة...مواجهة مع الذات ومع الواقع..هذا الواقع الذي أضحى مرا ومبهما..
إن طبيعة تكوينها الأكاديمي العلمي..ودراستها للاقتصاد..واشتغالها كمحاسبة..تجعلك تحس في قصائدها بمقاربة سوسيواقتصادية من خلال بعض المفردات..على سبيل المثال..إنتاج-ربح-ابناك-صراع الطبقات- ارتفاع الأسعار..
وهذا المنحى كان حتما يجرها إلى المقاربة الموازية أعني السوسيوسياسية...حيث تجد مفردات مثل..أحزاب-الرئيس-انتخابات-مواطنة-حب الوطن-..
لقد أضفت نكهة جديدة على نصوصها بتوظيفها لهذه المصطلحات من خلال نسق شعري رقيق..وأسلوب سهل وممتنع في نفس الوقت..وهي طريقة تجعل ما تكتب في متناول القارئ.

لكن هذا لم يجردها من وجدانها ومحيطها الاجتماعي..بكل علاقاته..علاقات تحكم الأفراد
داخل الأسرة والمجتمع..فاحتكاكها بالناس وإحساسها اللامحدود جعلاها تنقل الأحداث والوقائع بمرها وحلوها..الحب-الزواج-الطلاق-الشذوذ-الهجرة-فقدان الهوية..
فالقارئ لقصائدها يحس أنه يتفرج عل شريط سينمائي واقعي..بل قد يصل بك التأمل
لتصبح بطلا لنصوصها..وتحس وكأنها تقصدك وتعنيك حتى وان لم يسبق لك معرفتها عن قرب.فكل كلمة تصل إلى أذنيها.أو لقطة شاهدتها ..أو شخص عبر أمامها..أو سيدة صادفتها ..أو طفلة داعبتها.. يمكن أن تصبح نصا شعريا في لحظات..
فنبع الكلمات عندها يتجدد..وإلهامها لاينضب..مادام كل ما حولها يتحرك..ومادامت تستطيع الكتابة في أي لحظة..ستظل تطرح الأسئلة تلو الأسئلة...مادامت تريد الوصول إلى كنه الأشياء..والوصول إلى مصالحة..مع الذات ومع الواقع..هذا الواقع التي تريد أن تراه يتغير..
الواقع الذي يجسده الديوان..والذي تحاول من خلاله الوصول بالإنسان إلى ماهو أحسن..
إلى الحرية والكرامة...