...
ليلـــة القبــــض
ع
ل
ى
المبدعيــــــن
إسماعيـــــل البويحيــــاوي
و
عبــد الســــلام مصبــــاح
بقلـــــم
مالكــــة عســــــال
يستعذب المرء أحيانا بعض المداهمات المباغتة ، التي تقتحمه محمّلة بالسعادة وبالجمال، ولو أنها تجعلك تعيد النظر في برنامجك اليومي ... وهذا ماحصل ليلة 18/03/2009 حين هاتفني أحد أسود الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب العزيز ابراهيم أبويه ــ وجملة من الأتعاب اليومية مكلكلة على دماغي ، وبرنامج حافل ينتظر التنفيذ حسب الأولويات ــ ينهي إلى علمي أن فهدا واتويا قد وفد هذه الليلة ،وعلى الواتويين أعضاء الصالون الأدبي ، أن يلتموا في بيت محمد أكراد الورايني للقبض عليه ،هاتفت الشاعر المقتدر محمد اللغافي الذي تعذر حضوره بسبب مرض والده ،ومحمد فري الذي يكره الفلتات المباغتة من هذا النوع ....لم يبق في قبضتي غير الشاعر الكبير عبد السلام مصباح ،الذي نزلت عليه دعوتي كالصاعقة وهو يقضي بعض مآربه ...فصوتي المنذر له بالإسراع ،حمّله تكلفة سيارة الأجرة، ليحكم بدروه القبض على اللحظة الحاسمة ..على قارعة الرصيف، كنا ننتظر الفاضل اسماعيل البويحياوي برفقة العزيز كمال دليل الصقلي ،الذي كان دليله فعلا في شوارع مدينة الدار البيضاء الكبرى، الغاصة بساكنتها النشيطة...كانت رنات الهواتف تتبادل بين المبدعين الثلاثة وبليتا عيني شاعرنا عبد السلام مصباح، تتدحرجان بين السيارات المتعاقبة ،لتتصيد فريستهما التائهة في خضم المارة ...وأخيرا قبضنا على البهي اسماعيل البويحياوي، هذا الضيف الوافد من مدينة الرباط ،وقبض بدوره علينا ...ثم سرنا في اتجاه محمد أكراد الورايني ...
كالعادة قابلنا الوجه البشوش يندي بآياته الرحمانية ،وفراشاته الليلية المضيئة تنثال بين ضيوفها ،تخدمها بصدر رحب وحفاوة طيبة ،وعلى الرغم من وعكة عزيزنا السيد محمد أكراد ،فقد كان يشاطر زوجته في خدمة ضيوفه بنفسه والفرحة في عينيه ..وحتى صديقنا "يوسف جميل" الجميل الذي لبسه اسمه كما لبسه جلده والذي لايتعدى عمره 10شهور سار على نهج والديه في إكرام الضيف ،واستكان إلينا وشاركنا ألفة السهر، بسخاء ... نامت أختاه ،وبقي يمرق من ثنايا أغطية الخوان ، يرشقنا ببسمته الرقيقة الممتعة ، ويمطرنا بعذوبة حركاته العفوية البريئة ،كان ينط بين الضيوف بمحياه البدري ،فتمتلكه السواعد وتحضنه باشتياق ،كنا نستعيد في بهائه طفولتنا ،ونرتب في براءته ماضاع منا ...
تلاقحت الأصوات عبر الهواتف ،فحضر باقي الواتويين ،نفس الشلة المؤسسة لصالون واتا ،استوت الجلسة ،يتوسطها الضيفان العزيزان المشاغبان الجميلان
: المبدع الرقيق اسماعيل البويحياوي ؛والشاعر الكبير عبد السلام مصباح، حيث قررنا هذه الليلة القبض عليهما معا ،فالأمر المضحك ـــ وكأنهما علما بالأمر ــــ أنهما تنحيا إلى ركن ما ،وأسندا رأسيهما إلى بعضيهما ،وغابا في مرحهما الطفولي : كانا طفلين بكل ما تمليه الكلمة من معنى ،كل منهما يمسك هاتفه النقال وقهقهاتهما تشق جدران البيت، وهما يتفرجان على أشياء لم نكن ندري سرها ،ماكان يبدو هو أن القهقهات تتعالى على إيقاع موسيقى شعبية ،وأشياء أخرى تتراشق بين الهاتفين عبر البلوتوت ..تركناهما في شغبهما الجنوني الجميل ، وانزوينا كلنا نحاور جهاز الكمبيوتر المحمول، نستنهض جنون واتا من جهة ،ومن جهة ثانية نهادن شطحاتنا، التي تقحمنا بين الحين والآخر في عوالمها ، لم نكن وحدنا ،بل كانت أصوات واتاوية تتوافد علينا عبرالهواتف من الضفة الأخرى، تشاركنا سمرنا في ليل الإبداع البهيم ،كان صوت رفيق دربنا العزيز عبد الغني صراض ،يحيينا من مدينة الصويرة ،وصوت البهي زكرياء الشراط يُلوّح لنا من مدينة أكادير ،اللذين لفتهما يد المحبة في معطفها الفضفاض ،أدركا هما الآخران أن الليلة ليلة القبض على المبدعين إسماعيل البويحياوي، الذي أغرقنا في طوفانه ،والمبدع عبد السلام مصباح الذي أربكنا بحاءاته المتمردة ... انكَبّ الكل كما جرت عليه العادة في جنون الأدباء ، حتى لو كانوا في محافل الرقص ،على تداول أمورأدبية ،ومن ضمن ماخرجنا به من هذه اللمة الجميلة في ليلة الأدب المقمرة:
**- برمجة أنشطة الصالون الأدبي الواتوي بدقة ، وتخصيص مواعيد زمنية لتفعيلها ،حتى لاتتزامن مع غيرها في منابر ومؤسسات أخرى .
وهكذا انتشينا ببهاء هذه اللحظة الحميمية المطرزة ببهاء حضور الفاضلين اسماعيل البويحياوي ،وعبد السلام مصباح...
نتمنى لعزيزنا السيد محمد أكراد الورايني الشفاء عاجلا
الأربعـــــاء 18/03/2009
المفضلات