آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 1 من 1

الموضوع: أغنـيــــة الحيـاة

  1. #1
    أستاذ بارز الصورة الرمزية حسن عبدالحميد الدراوي
    تاريخ التسجيل
    06/05/2008
    المشاركات
    566
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي أغنـيــــة الحيـاة

    قافلة البشرية وهي تسير في صحراء الحياة لابد لها من حـادٍ يدوي بأشعاره لينسي الركب وعثاء الســـــفر الطويل لذا أصبح لهذا الحادي أغنية يتغنى بها تلك الأغنية هي الأدب منارة الروح التي نستضيئ بنوره في كالح الليل وظلمة الطريق وهو موروث مَشــــاع لبنى الإنسان قاطبة فما استثيرت العزائم للتضحيات ولا نشدت الحميات للنجدة ولا بذلت روح للجهاد والعطاء إلاَّ ببلاغة بيان .
    فالعرب يسمون الشعرالجيد والنثر البليغ أدباً والأدب معناه الأخلاق أمـــا الغرب فيسمون شعرهم ونثرهم الجيد ثقافة .
    الأدب العربي له مدلول أخلاقي ولهذا فمن يتصدى للأدب وجب علينا أن نُصْدر له اسماً هو أديب ولزاماً عليه أن يُقْرن أدبه بالأخلاق فالأديب عند الغرب يُكتفى بأن يكون مثقفاً حتى ولو لـم يلتزم نهجاً أخلاقياً .
    أما الأديب العربي عـــدا بعض الشواذ وقف على منصة القدوة الصالحة يُذكي شعلة الحياة بقبس إلهامه، فأدبنا أدب الأخلاق ولو ألقينا نظرة على أدبنا الجاهلي لوجدناه أدب الأخلاق والقدوة باستثناء أشعار بعض المترفين من أمثال امرئ القيس .
    فانظر معي وتمعن في أشعار عنترة حيث يقول :ـ
    وأغض طرفي إن بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها
    ولما جاء محمد بن عبدالله برسالته للبشرية قال : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق
    وبهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الشعر الجيد فيروى عنه أنه ود لو رأى عنترة لإعجابه بقوله :
    يخبرك من شهد الوقيعة أننى أغشى الوغى وأعف عند المغــنـم
    ولعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد سمع هذا البيت لأنه كان غير قارئ وفي هذا المعنى كان يقول للأنصار :
    إنـكـم لـتكثُرون عند الفزع وتقلون عن الطمع .
    وبهذا رسم الأدب العربي طريقاً ونهجاً أخلاقياً استرشد فيه بالقرآن الذي هو نور وانطلق الشعر في عهد النبوة يواكب المبادئ والقيم والأخلاق ففي عهد الفتوحات واكب السلاح وفي عهد الفتن والرذائل دعا للرجولة وفي وقت الفرقة دعا للوحدة وفي وقت الظلم والفساد دعا للإصلاح .
    فهذا ابن الوردي يصرخ بأعلى صوته أثناء الغزو الصليبي وينبه الأمة للخطر فيقول :
    أيا أمة الإسلام إن وراءكم وقائع يلحقن الذرى بالمناسـم
    وكيف تنام العين ملء جفونها على عادياتٍ ايقظت كل نائم
    وهذا أبو الطيب المتنبي لما رأى انصراف الشباب إلى اللهو وعزوفهم عن مطامح الرجال وتعلقهم بالشراب والنساء قال :
    أعــز مـكان في الـدنا ســـرج سابح وخير جليس في الزمان كـتاب
    وفي عصر الدولة العباسية أنتج الأدباء أمهات كتب الأدب وبلغ قمة النضج فأنتج الزهديات لأبي العتاهية والحكم لأبي تمام والسيفيات لأبي الطيب والروميات لأبي فراس الحمداني واللزوميات لأبي العلاء وهذا الإنتاج الغزير هو الذي يمثل الأدب العباسي أما الخمريات والمجون فهو قليل ولا يمثل إلاَّ سـخافات الماجنين وهو من ســـموم الشعوبية التي أراد بها أعداء العرب أن يشـــوهوا الملامح الوضاءة الصبيحة لأدبنا العربي الذي صقله القرآن الكريم وفي عصور المصائب والظلمات التي خيمت على الأمة ظل الأدب يرسل أنواره وهداه ويسير مع مـواكب الإيمان المنتصرة في حطين وعين جــــالوت .
    وظـل الأزهـــــر الشريف منارة وهداية عَـــبْـر اللج الدامسة فهو معقل الأدباء والعلماء الأجــــلاء ممن يجمعون العلم الديني والأدب ، شعراً ونثراً وتأليفاً وكانوا القوة المناضلة أو بما يقال له الآن { القوة الناعمة } فكان فيلسوف عين جالوت وواضع خطة المعركة هو سلطان العلماء في مـصــر وقتئذ عــــز الدين بن عبدالسلام حيث سـحر حكام المماليك بقوة بيانه فأغلقوا أوكار اللهو والمعاصي ونزلوا عن أموالهم لتجهيز الجيوش وانطلقوا مع شعب مصر إلى الجهاد .
    وفي العصر الحديث جاء أدب الكواكبي والأفغاني ومحمد عبده وحسن البنا وسيد قطب سلاحاً بتاراً في وجه المستعمر الأجنبي حتى شعــــر أنه لم يَعُـدْ له مُـــقام في بلاد العرب فحمل عصاه ورحل ولكنه وقبل أن يرحل غرس إسرائيل وساعدها لتكون خنجراً في ظهر العرب أجمع ولكن وعبر سنوات مضت وأدباؤنا يحثون الأمة للنهوض بمسؤلياتهم وأكبر دليل على ذلك ماحدث في حرب غـــــزة في الأيام الفائتة فكان للأدب وللأدباء دور عـظيم في مســـــنادة المقاتلين بالكلمة الحقة فجاء الصمــــود الذي اذهــل العالم أجمع .
    وخلاصة القول أن الأدب العربي حديثه وقديمه اتخذ لنفسه شخصية متميزة مرتبطة بتهذيب النفس وتأديبها ومن هنا كان نهج أدبائنا الأُصـــلاء في عدم النزول عن مستوى معين في الممازحة والنكتة وأن يُجندوا أدبهم لخدمة الفضائل بالحكمة والموعظة الحسنة .
    أخي القارئ الكريم :
    أسوق لك نصاً شعرياً لشاعر مسيحي هو وصفي قرنفل من مدينة حمـص السورية أهداه ضميره أن يقول الحق فقال مادحا رسول الله صلى الله عليه وسلم :
    فالتحيات والسلام أبا القاسم تُهدى إليك في كل آن
    منذر الكون أنت لم تنذر المسلم دون المواطن النصراني
    كلنا مسلمون رغماً عن حسود يذيع البهتان
    ألا ترون معي ياسادة أن هذه الأبيات مَثَل حي على روعة الأخلاق عند العرب فيالها من أغنية جميلة تلك هي أغنية الإنسان .
    ودمتم لي
    حسن عبدالحميد الدراوي

    التعديل الأخير تم بواسطة حسن عبدالحميد الدراوي ; 21/03/2009 الساعة 11:30 AM
    د . حســـن عبدالحميد الدّراوي

    * عضو اتحاد الكُتّاب الأفروأسيوي .
    * عضو اتحاد كُتاب مصـــــــــــــر .
    * عضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية .
    *عضو رابطة الأدب الحديث .مصــــــــر
    * عضو رابطة أدباء الشــــــــــام
    .[align=center][/align]

+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •