رائع هـو أدبنا وأدباؤنا ، فأدباؤنا على صنفين الصنف الأول هيئت له كل الأجواء ليبني قاعدة فكرية صلبة يستطيع من خلالها أن يطرح آراءه وأفكاره وهو بذلك يخلق طبقة مؤيدة له تتبنى أفكاره وقيمه ومبادئه فتنشرها وتذيعها بين الناس .
أما الثاني هو الذي يعيش في قالب واحد كالجسد الذي يداوم على طعامٍ واحدونوعٍ واحد من الطعام فجسده ينمو ببطء ثم يتوقف في مرحلة معينة .
ولكننا هنا نقف أمام سؤالٍ يطرح نفسه ـ أين تذهب أو أين ذهبت عصارة نتاج هؤلاء الأدباء والكُتَّــاب ؟
فهل هم يصرخون في وادٍ وعالمٍ ثانٍ لا يُسمع لهم ولا يُعرف ماذا يقولون ؟ أم ماذا يريدون من هذه الكتابات والمحاضرات والندوات أم أنهم يحدثون طرشان ؟ أم أن أحاديثهم غير مقبولة لا طعم لها ولا رائحة .
وهنا يتبادر إلى أذهاننا سؤال آخـر له أهميته ومكاننته :ـ
* اليس من المفترض أن يغير الإبداع الذوق العام والحــس عند المتلقي حتى يشعر بوهج الإبداع وحرارة التأثير ؟
أو لنقل أَليس من مسؤوليات الأدب والأدباء أن يغيروا الأذواق الرديئة ويرتقوا بها درجة درجة ؟
نعم هذا هو الهدف السامي للأدب وللمبدع حتى لا نقع قي مأساة الركود الثقافي للمتلقين وحتى لايدور مبدعونا في حلقة مفرغة إذ أن الأدب الراقي عند الأذواق الرديئة ليس إلاَّ ضوضـاء وجعجعة .
كما أن العسل في فم المريض ما هو إلاَّ علقماً مـراً .
ياســـــــادة :
كيف لا نسمع لأبي العلاء المعري وتلاميذه وابن حــزم وولعه بالجمال ؟ولم تتغير الأذواق ؟ وكيف لا نستمع لأفلاطون ومدرسته ، ألا ترون معي أن القائمة تطول وتطول لأدبائنا ومفكرينا اللذين ملؤا عالمنا العربي بل العالم أجمع بعصارة وخلاصة أفكارهم .
وكيف نقرأ قصيدة الأرض الخراب لإيليوت Eloot ؟ وكيف نقرأ لبدر شاكر السياب أنشودة المطر وكيف لا تدمع أعيننا ونحن نقرأ شعر لامارتن lamrtwn .
أو رائعة هــوجــو Hogoo أونلمس جراح أبي القاسم الشابي ؟
وكيف لا يُهتدى إلى فنونهم وآثارهم الفنية والأدبية في سلوكنا العام في وقتٍ كَثُـرت فيه الشكوى واللوم والمسؤولية على الغير .
يـا ســـــــــادة
الأدب العربي والهندي وأي أدب من الآداب له مذاق وطعم ورائحة ذكية تزكم منه الأنوف التي لا تحس ولا تشم أم أن أثر هؤلاء الأدباء لا يؤثر إلاَّ في المحيطين بهم والخاصة فقط .
وهنا يتبادر سؤال آخــــر : ما جدوى الأدب إن لـم يصل لعامة الناس وســــوادهم بل ويؤثر فيهم فيدعوهم للفرح والبهجة والسرور .
وما فائدة أن نقرأ ونغرق في المثاليات أو نبدع ثم نفتح عيوننا على واقع يتندى صدوداً غارق في اللامبالاة.
ومتى يكون للأديب مرتبة مثل مرتبة القديس وهل سيجيئ اليوم الذي ننحت فيه للأدباء تذكاراً في قلوبنا وأن نحفر لكل مبدعٍ متألقٍ رسوماً في ذواتنا .
فياليتنا نحيا ونرى لنسعد وننتشى بلحظة مــا بـعـد الإبداع كما ننتشي بلحظة الإبداع .
خالص تحيتي وتقديري لكل مبدعٍ أصيل التزم بالأصالة العربية .
محبكم
حسن عبدالحميد الدراوي
المفضلات