[size="5"]

اثارني الالتفات الرائع من قبل الدكتور عامر العظم في ذكر بعض الصفات التي قد تنسب الى المبدعين من خلال موضوعه ( هل يمكن أن يكون المبدع بخيلا أو كذابا أو أنانيا ؟ )
وقد ساهمت برأيي في موضوعه حينها ، واستكمالا للفائدة ، فاني اطرق موضوعا له ارتباط وثيق بالموضوع المذكور بعد ملاحظة انه ربما يكون اعداء المبدع ( مع لحظ ان الابداع يكون على مستوى الامم ) هم من ينسبون له هذه الامور والصفات ، وهنا بودي ان اورد شيئا مختصرا عن اعداء المبدعين .....
اعداء المبدع ...

لا شك ان حالة الابداع عند الانسان هي حالة تكاد ان تكون نادرة وعزيزة الوجود كون الملاحظ في كل جيل نستطيع الحصول على ثلة قليلة من المبدعين ضمن الاطار الذين يعيشون به ويشتركون به مع الآخرين في الاعمال والعلوم وغيرها .
لذا نجد ان المبدع هو من يفوق اقرانه ويختلف عنهم في كمية ونوع العطاء والاثر الذي يتركه بما يجعل الاخرين عاجزين عن الاتيان به ، وهذا يعود الى اختلاف الامكانية والمواهب وتفاوتها بالنسبة لابناء البشرية ، وهذا امر وارد ومحسوم به كون ان الاختلاف سنة تكوينية في البشر .
الا اننا نجد ومع الاسف الشديد ان المبدع يصطدم – شاء ام ابى – بثلاثة اشكال من الاعداء الذين يحاولون النيل منه وطمس آثار ابداعه مرة ؛ ومرة بالتخلي عنه وخذلانه ؛ وبالتالي ارجاعه الى المربع الاول الذي هم لازالوا يعيشونه ، ويمكن لنا ان نرسم معالم هذه الاشكال بصورة مبسطة كالتالي :
الشكل الأول من الأعداء : وهم أقران هذا المبدع ومعاصريه ، وهم ممن يشترك مع هذا المبدع في المضمار او الميدان ، الا ان عطاءه يكون اعلى واكبر واكثر منهم ، وبالتالي سيشكل هذا الابداع وهذا التمايز عند هؤلاء قلقا مستمرا ، وسوف يتصورون حالة الابداع التي يسير فيها هذا المبدع هي مصدر تهديد لهم ولمستقبل مصالحهم و سمعتهم ، عندها تبدأ الحرب على هذا المبدع لمحاولة التأثير عليه وتقليل مستوى ابداعه وتسقيطه في اعين الناس .
الشكل الثاني من الاعداء : وهم الهمج الرعاع من الناس ممن نفث فيهم الشكل الاول سمومهم ، وعبؤهم لحرب هذا المبدع ، بعد ان افسدوا عليهم افكارهم وشوشوها وخلطوا الاوراق بعضها ببعض مستغلين سذاجة وسطحية هذا الشكل من الناس ليلبسوا الحق عليهم بالباطل ، فتكون النتيجة امة كاملة تحارب هذا المبدع وتشغله في صراعات داخلية لا اصل لها سوى حب الثأر والتشفي لطبقة من الذين تمردوا على واقعهم واعطوا لانفسهم حجما غير حجمهم الطبيعي .
الا ان الملاحظ على هذا الشكل من الاعداء هو انهم ضحية تنافس الشكل الاول مع المبدع ، في قضية ذات مساس غير مباشر لهم ؛ فيكونوا ممن باع آخرته بدنيا غيره ، فالرفعة والجاه ولفت الانظار هي من مميزات الشكل الاول ، بينما نجد الشكل الثاني ماهم الا امعات فارغة لا تسع الا ترديد ما يرشح من الشكل الاول من شعارات براقة وكلمات رنانة منمقة ومزركشة .
وهذا الموقف السلبي منهم تجاه المبدع لا يعطي اي معذورية لهم لان محل الفرض هو ان المبدع – بما انه مبدع – لن تجد له تقصيرا عن ايضاح موقفه وفضح اصحاب الشكل الاول من المتقمصين للابداع والذين يكون ابسط مظاهر تقمصهم هو تناقض افكارهم وتخبطها واضمحلالها بمرور الايام ، كونها اشياء آنية ،لا تستند الى روح التجديد و الابداع .
وهذا ما يقودنا الى نتيجة مفاده هو ان على الفرد ان يكون انسانا واعيا متفهما ياخذ الفكرة كما ياخذ اضدادها او مشابهاتها فيتفحصها ويدرسها بعناية وروية ليميز بين الغث والسمين منها وفق اسس علمية ومرتكزات منطقية بعيدا عن هوس الانفعالات والتشنجات والانجراف العاطفي ، ولا ان ينغلق ويتحجر على ما يضمر من افكار ومرتكزات ربما تكون هي اقرب للوهم منها للحقيقة .
الشكل الثالث من الاعداء : وهم من اللذين لا يعيشون الا همومهم الشخصية والآنية ، والذين لا دخل لهم بطرفي المعادلة المبدع – واعداءه ، لانهم يعتبرون انفسهم خالي الوفاض من القضية ، وهم من الاعم الاغلب من المجتمعات البشرية ، في السالف والحاضر واللاحق ، كونهم اناس هامشيين على خط الحياة وتجددها وتطورها ، وهم بذلك يغيبوا ادوارهم اختيارا لا اضطرارا ، فيحرموا الامة والمبدع من جهودهم وامكانياتهم وحركتهم في مجتمعهم ، وبهذا يضعون انفسهم في خانة اعداء المبدع حتى وان كان ذلك دون قصد منهم ، لان ضياع فرصة وجود المبدع سوف يدفع ضريبته جيل المبدع برمته و بدون استثناء من أي شكل من الاشكال الثلاثة .
وهؤلاء الناس من اصحاب هذا الشكل ، نجدهم وعلى مر الازمان اناس خاملين – لو صح التعبير – ليس لهم قضية او مبدأ يعيشونه ، ويتألمون له ويفرحون لاجله ، بل كل ما لديهم مجموعة من الاهداف الضيقة والمحدودة يسعون جاهدين لتحقيقها ، بل يكرسوا اعمارهم كلها في سبيلها ، هذه الاهداف لا تعدو كونها سبل العيش في الحياة وطرق تحسين هذه السبل ويعتبروها رسالة وجودهم !!!
واستثمر هذا المنبر لتبليغ دعوة خالصة وصادقة للاستفادة من كل فكرة تطرح هنا او هناك قد يكون وراءها مبدعا ً ، وانتم اهلا لاحتضان الابداع يا واتاويين .......[/
size]