رسالة الشيخ صنعان

[بنده يوسف]

باسمه سبحانه
وإن من شئ إلا يسبح بحمده
.................................................. ..................

[justify]
هذه القراءة الضعيفة وأصر على كونها مجرد قراءة بسيطة أقدمها من باب الوفاء لأستاذنا وجليل علمنا الأستاذ الدكتور محمد سعيد جمال الدين – أستاذ اللغة الفارسية وآدابها بجامعة عين شمس – فمنه تعلمنا كيف نجعل من قبور الحرف روضات – وكيف أن الحرف يحتضن تحته مراقد أسرار – فله الفضل الأكبر فى كل ماتعلمناه من قراءة حرف – وله أفضال كثيرة طالت العالم بأسره - فقد عرفناه عبر الاذاعات بصوته الذى عبر عن قلبه وعقله ومن خلال من تناقلوا حرفه – وكان حرفه ليس بعيد عن شخصه – حرف حق وشخص حق – عرفناه فى المؤتمرات واللقاءات الثقافية بهجمة حق على كل من أراد أن يتعرى من ذاته . وله فضلاً كبير بتعريف العالم بشخصيات إسلامية أرست الفكر والعلم فى عالمنا الإسلامى كشخصية محمد إقبال الذى قدمه لنا ترجمة وفكراً – وعلى يدبه مازال للبوح والفيض للأدب الإسلامى وجود بعدما ضاقت عليه الدنيا من هجمات ومسخيات.
ونسأل الله تعالى أن يعطيه العافية والرضا وسكون القلب ونصرة اليوم العظيم بفضل ماقدمت يداه من خير وفضل وعلم إنه السميع المجيب.[/justify]

.................................................. ...
رسالة الشيخ صنعان
الشيخ صنعان ومدرج المعراج

[justify]
قصة الشيخ صنعان من القصص التى لها مكانة خاصة فى أدب العارف الكبير مولانا العطار – ترد لنا القصة فى كتابه منطق الطير و الذى تدور أفكاره حول مجموعة من الطيور باحثة عن معشوقها الحقيقى.
وأصحاب القراءة العابرة يظنون أن العطار وغيره من أهل العرفان يملؤن كتبهم بالحكايا لكونها حكايا ليس أكثر.
وهذا بالطبع سخف قى القول – فالعطار فى مؤلفه منطق الطير أراد بلورة نظرية تقوم قكرتها على العلاقة بين العبد وسلوكه نحو ربه ووظيفة العشق فى هذا السلوك.
وعندما نراقب تموضع قصة الشيخ صنعان بين سطور العطار فى منطق الطير – نجد أن الأمر لم يكن إعتباطى كما يقول البعض.
فبعد سؤال الطيور للهدهد عن كيفية سلوك الضعاف للطريق ؟
أراد الهدهد أن يرشدهم أن عزيمة السلوك لايدفعها القوة أو الضعف أو الكفر والإيمان – بل تدفعها قوة ترتفع عن ملازمة الكفر أو الإيمان. فنراه يقول تعقيباً على كلام الطيور وتحيرهم فى كلامه بعدما أوضح لهم أن الروح والجسد حجب تحجب الوصول لنهاية الطريق – وأن العاشق الحقيقى هو من يتخلى عن هذا الحجب ليرتفع إلى صفة العاشق الحقيقي .[/justify]

منکری گر گویا این بس منکر است عشق گو از کفر و ایمان برتر است
عشق را با کفر و با ایمان چکار عاشقان را با تن و با جان چکار
عاشق آتش در همه خرمن زند اره بر فرقش نهند او تن زند

فلو يقل ناكر أن هذا الأمر منكر فاصدح أن العشق أعلى من الكفر والإيمان
وما شأن العشق بالكفر والإيمان وما شأن العشاق بالروح والجسد
فالعاشق يضرم النار فى كل بيدر ويضع المنشار على رأسه وهو صابر

[justify]
وبعد أن يكمل العطار إيضاحه حول موقع العشق بين الكفر والإيمان وكيف أنه أداة السالك الوحيدة القادرة على إيصاله فى نهاية المطاف بمعشوقه ؛ يخرج لنا العطار بقصة لها عنوان خاص وتركيبة خاصة تخرج عن سياق الموضوع إلا أنها جاءت لتخدم الفكرة السابقة..... وهى أى مكان للعشق بين الكفر والإيمان ؟
فعنوان الحكاية فى منطق الطير:-
" حکایت شیخ صنعان و زناربستن اواز عشق دختر ترسا"
حكاية الشيخ صنعان وعقده لباس الزنار بعلت عشقه الفتاة المسيحية
وملخص الحكاية يدور حول " الشيخ صنعان الملازم للحرم مدى خمسين عاماً – ويرافقه أربعمائة من مريديه ذوى المنافسة فى الرياضة الروحية- فهم لايعرفون الملل أو الراحة. والشيخ صنعان له مواهب ربانية فهو صاحب الكشف وصاحب السر – والأنفس تصح من سقيمها عنده – ثم بعد ذلك يأتى حلم يراوده فى ليله . فكان كلما أغتمضت عيناه وجد نفسه طريداً من جوار الحرم إلى أن يجد نقسه ساجداً أمام صنم. ويدرك الشيخ أن عليه عبور هذه الأزمة وأن هذا سمت المؤمن فلابد أن يعبر من عوارض الطريق ليتحقق له الوصال بربه وتفتح له أبواب رضوانه.
فيعقد العزم على السفر إلى بلاد الروم مع مريديه فربما يجد هناك ما تلقى به الأقدار من تعبير لرؤياه.
وهناك بعد تجوال يقع نظره على فتاة مسيحية على عتبات نظراتها مصارع العشاق – وبعد كشفها عن حجاب وجهها اضطربت نار العشق فى قلب الشيخ صنعان – وضاع متاعه من دينه وتقواه – وتخلى عنه أتباعه من المريدين بعد محاولات مستميتة من جانبهم لعودتة ورشده. ويعيش الشيخ لوعة وحرقة وبكاء فى ليل هذا العشق – ويترقب الشيخ وجه معشوقته – ولما علمت الفتاة بأمره وقصة عشقه – وأعلمها الشيخ بأنها سرقت قلبه وأنه عشقها – ردته الفتاة عن كلامه – وأعلمته أنه فاق سن العشق فهو بحاجة إلى طعام لا إلى غرام –ولما وجدته فى إصرار على أمره – سألته أربع مطالب : أن يسجد للصنم و يحرق القرآن وينتشى الخمر ويكف عن الإيمان .
قبل الشيخ شرب الخمر فقط أما المطالب الأخرى فلاطاقة له بها – وقبلت وصحبته للحانة وهناك بعد الإحتساء والنشوة ضاع كل شئ فطار من قلبه الإيمان وسجد للصنم ولبس الزنار – وطلب منها الاقتران فرفضت أن توافق إلا بعد مهريقدمه لها – ولما كان هو معدم – طلبت أن يكون مهرها رعاية خنازيرها عاما كاملا– وقبل الشيخ طلبها – ثم تنتقل الحكاية من بلاد الروم إلى العودة إلى جوار الكعبة حيث هناك عاد مريدى الشيخ بعد يأس من إستفاقته . وهناك يلتقون بمريد قديم للشيخ – وبعدما يسمع حكايتهم مع الشيخ يوبخهم على ضياعهم لحق الصحبة والولاء وأنهم صاروا فى تساوى مع العدو والمنافق – وأوضح لهم أن لاعشق إلا بعد مذلة وسوء سمعة وإلا فلاعشق هناك .
ويرجع بهم هذا المريد لأرض الروم ليعيد شيخه ويمكث فى سلوك الطريق أربعين يوماً – وتظهر له رؤيا يرى فيها النبى الأكرم وتفضى إلى أن الشيخ صنعان سينفك من غفلته ويعود لوجهته.
وبالفعل عاد الشيخ معهم وتخلى عن كل ماتعلق به من مظاهر – وبعد أن ترك فتاته الرومية رأت هى الأخرى مناماً فيه القمر ينزل إلى حجرها ويأمرها بأن تتعقب الشيخ وتعتنق دبنه – وبالفعل عاشت فى لوعة هذه الرؤيا وتعقبت الشيخ وقطعت الفيافى ومجاهيل الطرق – وبعد أن إلتقت بشيخها بعد تعب وطول سفر أعلنت إسلامها وطلبت منه المغفرة والمسامحة – وأعلنت أنها بعدما تعرفت على الحق لم يعد لها بقاء فى هذه الدنيا الدنية ولفظت آخر أنفاسها – ولم يمكث الشيخ هو الآخر بعدها ببعيد فقد أنتهى أمره بلقاء ربه.[/justify]

[بنده يوسف]

القصة ورافدها فى الأدب العربي :-
[justify]الكثير ممن جاء بعد العطار واستوحى قصة الشيخ صنعان فى أدبياته – استلهمها من خلال قراءته لترجمة الشيخ صنعان الى العربية – وغابت عنا قصة مشابهة تماما لقصة الشيخ صنعان مع تغير طفيف فى الأسماء والأحداث.
ففى كتاب المستطرف فى كل فن مستظرف للشيخ شهاب الدين أحمد الأبشيهي - نجده يذكر حكاية بنيتها سواء الموضوعية أو الفنية تشابه تماماً حكاية الشيخ صنعان عند العطار – ويتبدل اسم الشيخ صنعان فيها باسم رجل من بغداد يعرف بأبي عبد الله الأندلسي – حافظ لحديث رسول الله – ويصاحبه العارف المشهور الشبلى والجنيد – وأنه خرج فى سياحة مع أصحابه – ودخلوا قرية من قرى الكفار – فطلبوا ماء للوضوء – وهناك تقع عينا الشيخ على جارية حسناء ويتبدل حاله ويزداد شغفه بها ؛ وتحدث أحداث مشابهة لما ذكره العطار وتنتهى بخروجه من ازمته والتحاق الفتاة به ودخولها فى دينه.
ورغم أن هناك فوارق بسيطة إلا أن البنية الموضوعية والهدفية واحدة – فعند العطار المريد القديم ورؤيا النبى الأكرم كانت بمثابة أداة الإنقاذ للشيخ صنعان – نجد هذه الأدة تمثلت قى رواية الأبشيهى فى شخص الخضر عليه السلام ولكن الأفكار موحدة فكلا الأداتان ترمز إلى مهمة الإرشاد فى سلوك الطريق.
وقد يرجع عدم انتشار هذه القصة كمؤثر عند الأدباء العرب المحدثين كما حدث مع قصة الشيخ صنعان عند العطار – لكون القصة ضاعت فى زخم الحكايات التى أوردها الأبشيهى وأن كتابه لايهدف إلى قضية بقدر ماكان إهتمامه بالحكايات والطرافة – فضاعت هوية القصة ومغزاها الحقيقى وظن البعض أنها لمجرد التسلية والدعابة.[/justify]
.................................................. ............
القصة وعالمها العرفانى :-
[justify]كما أسلفت أن القصة تدور رؤيتها حول ماهية العشق وعلى أى درجة يتربع؟
وما مكانة الكفر والإيمان من مكانته.
وكثير من قصص أهل العرفان تكون فكرتها منتهية إلى هدف واحد وهو المجاز والحقيقة.
فقصة يوسف وزليخا كما تناقلها أدباء الفرس كالجامى وغيره – يفاد منها :
ان العاشق يرتقي من الحبّ الانساني للجمال، إلى الحبّ الحقيقي او حبّ الله تعالى ولذلك يسمي الصوفية الحبّ الانساني بالحبّ المجازي، لأنه مجاز وقنطرة لدى ذوي البصيرة وجمال الكون جمال صوري يهتدي به ذوو الفكر إلى الجمال الحقيقي وهو جمال الله سبحانه.
فـزليخا بعدما استفاقت من عشقها المجازى وطلبها يوسف كما فى الروايات الأدبية رفضته بعدما كانت تراوده لأنها علمت أنها خرجت من عباءة الحب المجازى إلى الحب الخقيقى .
حتى أن أحد العرفان الأتراك يقول ماترجمته:
" أن العشق بين البشر ليس بعشق حقيقى – ويسميه بأنه نوع من أنواع الشفقة – لأنه لو كان حقيقى ما أنتهى وأنقضى – فتأتى نهايته بعدما يتغير جمال المعشوق – أما العشق الحقبقى فهو للخالق وحده لأنه لايتغير ولايتبدل أسباب جماله فهو دائم وعليه تدوم المحبة والعشق له ."
وقصة الشيخ صنعان عند العطار لاتدرك بظاهر لفظها وإلا هلك العطار – وإنما تقوم على التفتيش تحت مراقد الحروف – ففيها يبين العطار كيف أن العشق المجازى الأرضى يغير حال صاحبه فمابالنا بالعشق الحقيقى الآلهى .
ويرشد العطار أن لا وصول لمعشوق دون عشق وأن لا طريق له دون عراقيل وصعاب .
والقصة فى جزءها الأول بنيت على فكرة التخلص من ربقة الدين وهنا أراد العطار أن يستدل على كون العشق له درجة أعلى من التحيز بمسميات الكفر والإيمان – وأيضاً أراد الإفصاح عن شئ يتناوله الصوفية وهو أين المريد من عثرات السلوك
– فالعثرات التى يضعها المعشوق فى طريق عاشقه هى أحجبة العاشق نفسه التى تمنعه عن وصال معشوقه – وهذه العثرات ظهرت كثيراً فى الجزء الأول من حكاية الشيخ صنعان كـــ عدم معرفة الطريق الموصل لحبيبته الرومية – وطلباتها التى شقت عليه بها ومظاهر الإختلاف التى يتمتع بها وتحول دون وصاله بها .
حتى أننا نجد إيضاح هذا الأمر فى حكاية من حكايا كتاب إحياء علوم الدين للغزالى فى باب محبة العبد تقول " قال بعض المريدين لأستاذه: قد طولعت بشيء من المحبة، فقال: يا بني هل ابتلاك بمحبوب سواه فآثرت عليه إياه؟ قال: لا، قال: فلا تطمع في المحبة فإنه لا يعطيها عبداً حتى يبلوه."
وتوضح الحكاية هنا أنا عبور العثرات التى تحيط بطريق الوصول هى إجابات العاشق لمعشوقه ، وإن لم يعبرها فهو مدعى كاذب العشق .
أما فى الجزء الثانى من القصة حيث يتخلص صنعان من ربقة دينه الجديد ومظاهره الجديدة التى تحلى بها – يعلن هنا العطار الفرق بين المجاز والحقيقة فى العشق وأن العشق الحقيقى هو من يبقى معشوقه – وتحقق ذلك بتركه للفتاة الرومية وعودته لحق الحق الله سبحانه وتعالى .
وقضية الإرشاد من القضايا التى أصر عليها الصوفية – فلا سلوك لطريق دون إرشاد وهذا ما أوضحه العطار من خلال فكرة الشيخ صنعان ومريديه ثم بعد تخليه عنهم تنتقل الفكرة نحو أحد مريديه القدامى – وكل رجال الإرشاد تعود مدرستهم لمدرسة واحدة وهى رسة النبى الأكرم عليه الصلاة والسلام وهذا ظهر فى سرد العطار لرؤية المريد القديم للنبى عليه الصلاة والسلام .
ومن السخف أن تفهم القصة بنوع من القراءة الظاهرية وإلا فسد معناها – والعطار أشار نفسه إلى ذلك – فنراه عندما يحكى عن رعاية الشيخ صنعان للخنازير يبدأ فى المصارحة عن كنه رمز الخنزير حيث هو يعبر عن الشرور والهوى التى تمتلئ بها الطبائع البشرية – ويأمر مصرحا بأنه يجب على العاقل أن يتخلص من هذه الخنازير فهى أصنام النفس.
فالشيخ صنعان لا تضع عليه الملامة وحده – فالخداع بالعلائق يصيب كل نفس بشرية ولكن من ينتصر مثل الشيخ صنعان فى النهاية ؟[/justify]

در نهاد هر کسی صد خوک هست خوک باید کشت یا زنار بست
تو چنان ظن می‬بری ای هیچکس کاین خطر آن پیر را افتاد و بس
در درون هر کسی هست این خطر سر برون آرد چو آید در سفر
تو زخوک خویش اگر آگه نۀ سخت معذوری که مرد ره نۀ
گر قدم در ره نهی ای مرد کار هم بت و هم خوک بینی صد هزار
خوک کش بت سوزدر صحرای عشق ورنه همچون شیخ شو رسوای عشق
فى باطن كل شخص مائة خنزير فعليه أن يقتل الخنزير أو يعقد الزنار
وتظن هكذا أيها الساذج أن الشيخ وحده أصابه هذا الخطر
وهذا الخطر فى باطن كل نقس ويظهر عندما يتأتى السفر
فلو تكن غير مدركا لخنزبر نفسك فأنت معذورا جدا لأنك لست برجل الأسفار
فلو تضع قدمك بالطريق يا صاحب الأمر فسترى مائة مرة صنم وخنزير
فأقتل الخنزير وأحرق الصنم فى بيداء العشق وإلا فصر مثل هذا الشيخ سفيه العشق

.................................................. .[justify]
وقضية معرفة النفس والسفر من قضايا العرفان – فأهل العرفان يأكدون دائماً على ضرورة حق معرفة النفس حق معرفة ويقولون أن النبى الأكرم أشار لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم : (من عرف نفسه فقد عرف ربّه).
وأن السبيل الذى تنكشف فيه حقيقة النقس هو سلوك الطريق – ففيه تفزع النفس إلى حقيقتها – حتى أن أهل العرفان يستدلون بقول الإمام على بكلام مفاده أنه لكى يتعرف الإنسان على شخص حق المعرفة ؛ فيلزمه أن يخرج معه فى سفر. ففى الأسفار تظهر نوازع النفس ولن يتحقق نهاية الطريق إلا بعد التغلب على هذه النوازع.
وقصة الشيخ صنعان عمل أدبي لدراسة فكرة السلوك والمعرفة عند الصوفية إلا أنها تحتاج إلى قراءة متأنية تستطيع أن تخرج منها أسرارها.
[/justify]

[بنده يوسف]

الشيخ صنعان يظهر من جديد:-
[justify]
فى القراءة الفائتة تكلمت عن كبفية معالجة العطار لشخصية الشيخ صنعان – وهذه المعالجة كانت ترجع فى المقام الأول لكون العطار أحد القائمين بالتصوف – فكان على دراية بما يوظفه من قص وحكاية تخدم منهجه العرفانى – هذا كان قديماً أما الآن فى عصرنا لم يعد من يكتب هو من يوظف الفكرة – بل ترك التوظيف بعض الشئ للقارئ – وصارت هذه قضية يتصارع عليها أهل الحداثة وأهل التراث – وأهل التراث حاربوا على ذلك لأنهم خشوا أن نتحول إلى هوية اللاهوية وهذا ماحدث بالفعل فنجد كاتب أو شاعر يسكب المصطلح الصوفى فى أشعاره ليس لكونه متصوفاً أو حتى باحثاً فى هذا العلم بل مجرد عابر أبتلت أقدامه ببحيرة عبرها فبلل الطريق بما أبتلت به قدماه.
وهذا عاد بالضرر الكبير على أهل العرفان فقد ظلموا كثيراً بأن حشرت أسماءهم فى ساحات الكفر أو الزندقة أو التلاعب مع الذات الالهية تعالى الله عما يصفون .
ونموذج مسرحية صعود العاشق للكاتب الروائى والمسرحى السورى عبد الفتاح رواس قلعه جي – من النماذج الحديثة التى استفادت من التراث ولكن وظفته بعيداً عن وظيفته الحقيقية التى كان يقوم بها النص القديم .
قروائى مثل عبد الفتاح رواس قلعه جي لو راقينا غالب أعماله نجدها فى الغالب بنيت على قراءة التراث ومعرفته به – فنصه الروائى " معراج الطير الحبيس " فكرته مستوحية من فكرة رسالة الطير للغزالى ومنطق الطير للعطار ومعراج النبى عليه أفضل الصلاة والسلام . حتى أننا نجد هذا العمل الروائي مبنى على حرفية أستخدام ألفاظ من الأدعية والأحاديث والقرآن الكريم .
ومسرحية "صعود العاشق " هى الأخرى بنيت على التراث فنجد أن المسرحية تتفق بشكل كبير مع نص الشيخ صنعان عند العطار – ولكن الفارق هنا وهو الأهم هو قضية التوظيف – فنجد العطار أستخدم قصة ظاهرها كفر ليعلن الإيمان فى حين أن القصة فى الكتابات الحديثة وظفت بشكل يبعدها عن معناها الحقيقى – وظفت لتتلائم مع القضايا الحداثية الجديدة .
فقصة الشيخ صنعان فى مسريحة القلعه جى كانت تتناول أفكار جديدة كقضية وحدة الأديان – وأصل الأديان الواحد – وأن العشق ماهو إلا هالة يرسمها العاشق لنفسه. وأن المعشوق لاينتظر من عاشقه سلوك طريق.
ورغم أن هناك تشابه إلى حد كبير بين نص العطار ونص القلعه جى حتى فى الأحداث نفسها ؛ إلا أن ماخشي العطار أن يصيب نصه قد أصابه بالفعل – فالشيخ صنعان أراد أن يتخذ من حكايته مدرج لكى يرتقى – لكن شخصيته فى مسرحية رواية العاشق كانت هى المدرج الذى ارتقت عليه أوهام الكاتب بل والقارئ أيضاً.
فالعطار أراد بقصته أن يقضى أن نهاية الأمر هو الوصول للواحد الأحد – بينما فى مسرحية صعود العاشق رغم تقارب النهاية بعض الشئ مع قصة العطار إلا أن مفضاها إلى لاشئ – وكل ماقدمته أقكار وصور تتماشى مع الرؤية الحداثية للدين والفكر والتصوف وكل حول مفهومه فى عصرنا الحالى – بعدما تاه الثابت واستقر فى الذهن المتحول.
وصارت شخصية الشيخ صنعان بدلاً من أن تستخدم للوصول إلى المعشوق الواحد ، صارت تستخدم للربط بين الإنسان الواحد – ففى الكتابة الحديثة نجد كثيراً أن الله خرج من محورية الإنسان – وصار للإنسان محوراً واحد وهو نفسه- لكن للأسف سيدور فى دائرة مفرغة من نفسه وإلى نفسه.
- ظهرت أيضاً شخصية الشيخ صنعان فى كتابة حدبثة وهى كتابة الأديب الإيرانى سعيدى سرجانى – وكانت تعبر عن ردة فعله تجاه النظام الإسلامى الجديد حيث تميز هذا الكاتب بحس النقد المعلن – وقد أسيتخدم قصة الشيخ صنعان ووظفها توظيفاً إجتماعياً لينال ويحقق نقده للأوضاع الجديدة بعد ظهور رجل الدين فى سلطة إيران . ومن خلال شخصية الشيخ صنعان فى روايته يظهر ما أراد أن يفصح عنه تجاه رجال دولته ومجتمعه الجديد .وكانت روايته هذه من أسباب هلاكه وربما موته الغامض حتى الآن.[/justify]
.................................................. ............
الشيخ صنعان فى الشعر العربي :-
[justify]ظهرت شخصية الشيخ صنعان عند الروائى السورى عبد الفتاح قلعه جى نتيجة ثقافته المتسعة بين الأدبين العربي والفارسي من خلال ما أطلع عليه من ترجمة -وهذا له دلالة على أهمية الترجمة بين الأداب والشعوب .
وظهرت عند سعيدى سرجانى لتكون له أداة نقد لمجتمعه وسلطويته الجديدة المتمثلة فى رجل الدين .
ولكن عند شاعر تميز بالشاعرية الإسلامية كــ الشاعر المغاربي حسن الأمراني – فالمراقب لأعمال الأمرانى يجد أنها أستفادت جيداً من التراث الإسلامى بشكل عام دون التقيد بلغة معينة – خاصة من التراث الصوفى
وتظهر شخصية الشيخ صنعان عند الأمرانى من خلال رؤيا شعرية فى ديوانه : (سآتيك بالسيف والأقحوان)
وفكرتها قريبة من نفس الأفكار التى قامت عليها قصة الشيخ صنعان عند العطار فنراه يقول فى قطعته الشعرية :-[/justify]

" بـكــى صنعـان مـن شــوق إلـى الـجـنــة
وقـبـــل تـبـلُّـــج الــفــجـــر
رأى فــي نـومــه دمـه يـغـطيـه
مــن القـدميـن للـنَّـحر
رأى في البـيـد خـرقـتــه
كــإبـهــام قـطـــاه
كــدمـعــة فــي عـيــن عــاشـق
اسـتـحـالــت كــوكـــبــا يـعــدو إلـى نـجـمــة
إلاهي ! كـــاشــف الـغـمــة !
أبــعـد تـوهــج السـاحــات بــالأوراد والـذّكــــر .
تــنـــازع نــفــســي الــدُّنــيـــــــا "

[justify]
وهنا يشير الأمرانى إلى الحلم الذى راود الشيخ صنعان وحزن واضطرب بسببه بعدما وجد نفسه يعبد صنماً بعد عبادة الواحد الأحد . وهنا يشابه العطار كلياً فى هذه الفكرة.
والأمرانى لم يسهب فى حكايته الشعرية كما فعل العطار – فالعطار صاحب مدرسة ولابد أن يضع القواعد والرسوم لأهل الطريق بدقة - أما فى المدارس الحديثة كما وجدنا عند الأمرانى فالقضايا تتناول ببساطة وبنوع من الوضوح لأن المعالجات والتوظيفات للنص إختلفت – فعند العطار وجدنا الشيخ صنعان ينتقل من مدرج إلى مدرج – فقد خرج من مدرج عشق الرومية وهو العشق المجازى إلى أن ينتقل مباشرة إلى العشق الحقيقى وهو عشق الواحد الأحد. وهذا يرجع لكونه متصوفاً – أما عند الأمرانى فنجده يعالج حلم الشيخ صنعان ويقول :-[/justify]

" ورأى صنعــان في الحــلــم الـغــزالــــه
ســرقـــت مـنـــه ابـتـهـــالــــه
فـتــغــشَّــاه الــكــــدر
وبــكـــى شـوقـــا إلـيــهــــا
وعـــلــى أعـتــابـهــا الـقـلـب انـكـســـر "

[justify]وهنا كل ماهــم الأمرانى هو إنقاذ الشيخ صنعان من سطوة حلمه – وكأن النص كله يقوم على عقدة وحلها – فنراه يحل حلم الشيخ برؤية الغزالة التى عبرت عن ظهور حالة عشق- وهى أما أن تعبر عن نهاية مطاف الشيخ إن كانت الغزالة دلالة رمزية للواحد الأحد فوصاله نهاية الطريق – أو هى مدرج كما رأينا عند العطار فى شخصية الفتاة الرومية ويجب أن ينازع عليه نفسه.
ورغم أن الأمرانى يزخم التراث فى شعره – إلا أنه تميز ليس لمجرد الزخم ولكن لإستخدامه لغة شعرية جيدة حافظت على على الرمزية الصحيحة لمرموزات التصوف ، ولم تدخله فى ساحات إتهام هو برئ منها كما نرى عند الشعراء المتشبيهن والمتشبعين بمفردات صوفية فحسب.[/justify]

[د. فدوى]

الأخ الكريم : بنده يوسف
يسرنا أنك قد عدت للمشاركة في هذا المنتدى بمواضيع قيمة و مميزة ، و لا شك أن كل من طالع هذا الموضوع المميز سيجد فيه فائدة جمة و سيكتشف من بين ثناياه حكمة خفية تحيل على مفاهيم التصوف العميقة في الأدب الصوفي الإسلامي.
شكرا لك و نتمنى إن شاء الله أن تسجل حضورك الدائم في هذا المنتدى.
احترامي و تقديري

[حمزة الرفاعي]

كل التحية للاخ بنده يوسف الذي يعرفني واعرفه منذ مدة ليست بالقريبة
تذكر يا اخ يوسف كتابات فياض وانت تعلم من اكون

[بنده يوسف]

الأخ الكريم : بنده يوسف
يسرنا أنك قد عدت للمشاركة في هذا المنتدى بمواضيع قيمة و مميزة ، و لا شك أن كل من طالع هذا الموضوع المميز سيجد فيه فائدة جمة و سيكتشف من بين ثناياه حكمة خفية تحيل على مفاهيم التصوف العميقة في الأدب الصوفي الإسلامي.
شكرا لك و نتمنى إن شاء الله أن تسجل حضورك الدائم في هذا المنتدى.
احترامي و تقديري

سيدتى راقية الحرف والكرم / د.فدوى - دام حرفك سيدتى يرسم خطى الطرقات
سعدت بمرورك الطيب - وسعدت أكثر لتفتيشك فى ثنايا حرف صنعان فقلة ما تدرك أن تحت العشب زهور.
وعذراً على الغياب فالوقت أصعب مقياس ومن الله يد العون والرحمة
دمت بحرف فضل سيدتى وعبور معطر

[بنده يوسف]

كل التحية للاخ بنده يوسف الذي يعرفني واعرفه منذ مدة ليست بالقريبة
تذكر يا اخ يوسف كتابات فياض وانت تعلم من اكون

سيدى/حمزة الرفاعى
دامت تحيتك تفوح علينا بعطر الوصال
ولا حرمنا معرفتك سيدى
ولبلسطين منا سلام

[نجوى النابلسي]

الأستاذ بنده يوسف المحترم

استمتعت بما قرأت وحقاً لا يدرك تلك المعاني إلا من امتلأ قلبه بالحب الحقيقي بعيداً عن ترهات هذا الزمن.
نقد جميل لنص رائع.
آمل أن اقرأ لك المزيد

سلمت

[بنده يوسف]

الأستاذ بنده يوسف المحترم
استمتعت بما قرأت وحقاً لا يدرك تلك المعاني إلا من امتلأ قلبه بالحب الحقيقي بعيداً عن ترهات هذا الزمن.
نقد جميل لنص رائع.
آمل أن اقرأ لك المزيد
سلمت

باسمه سبحانه
وإن من شئ إلا يسبح بحمده
................................

يسكن الروض بصمت الموت ، وتظهر للموت رايات ...... إلى أن تعلن الحياة بمرور حمائم ونسائم الخير ؛ فتهتز الزهور سعادة بالإعلان

سيدتى قاصدة الخير / نجوى النابلسى - تعلن النملة قصدها الحج - فتسخر منها الدواب الكبار - فعمرها لن يبلغها طول الطريق - وأقدامها لا مفر من هلكتها فى عثرة الطريق.

لكن بصلاح المبدأ تنال شرف المنتهى

دمتى سيدتى ودام حرفك يبعث الحياة فى الرياض

[الدكتور بسام ربابعة]

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ العزيز بنده خدا حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد: فقد سررت بما قدمته في مقالتك المعنونة بـ "رسالة الشيخ صنعان"التي تزخر بالكثير من المعاني والمضامين،
حقيقة كنت قد قرأت هذه القصة باللغة الفارسية منذ عدة سنوات،إلا أنني استفدت من المقاربات التي قدمتها لهذه القصة في المصادر العربية، وهذا ما لفت انتباهي إلى أنه يمكن دراسة هذا القصة دراسة تحليلية مقارنة بين اللغتين العربية والفارسية، بحيث يتم دراسة مواطن التأثر والتأثير وبحثها وتحليلها في مظانها، وبيان التشابهات والاختلافات،...... وباعتقادي أن هذه الدراسة سوف تكون جديدة وممتعة.
أخي العزيز
من المؤكد أنك انتبهت إلى الاسم الذي خاطبتك به، ومن المؤكد أن هذا الاسم الذي اخترته لنفسك هو اسم مستعار- ولعلني أكون مخطئا- كنت أتمنى عليك أن تختار اسما آخر، ولا سيما أنك تعرف معناه في الفارسية،فأنا لا أرضى لك أن تكون عبدا لأحد سوى الله عزّ وجلّ، ومسألة أخرى أثارت فضولي وهي لماذا وضعت صورة المفكر الإيراني المشهور الدكتور علي شريعتي مكان صورتك الحقيقية.
على أي حال أشكرك على هذه المقالة التي آمل أن تفتح أبوابا أمام الآخرين لدراسة هذه القصة من جوانب متعددة وزوايا
مختلفة، راجيا أن لا أكون أثقلت عليك....... ولك تحياتي وسلامي

[عسل فاضل]

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اسمح لی بالتعلیق علی کلامک یا حضرة الدکتوربعد التحیة بمناسبة قدومک الی المنتدی الفارسی
لأن الأستاذ بنده یوسف أخ لی عزیز واعرف انّ کلامک قد یزعجه . فاشرح لک ان بنده یوسف لیس بالمعنی الذی ذکرته ،بل بمعنی : العبد یوسف . وهذا اسم حقیقی لاخی ولیس مستعارا.
وحتی الآن لم أصادف أعبد منه لله وهو انسان فاضل بالمعنی الحقیقی ، لم یعطی حقه مع کل الاسف فی البلد
العربی .
واظن من اسباب إختیاره صورة الدکتورعلی شریعتی (رحمه الله) هو إعجابه بهذا الرجل الکبیرومعرفته العمیقة
عنه.
ارجولک ولکل طلبة العلم نجاحا دائما

[بنده يوسف]

باسمه سبحانه

وإن من شئ إلا يسبح بحمده

......................................

الدكتور الفاضل بسام ربابعة : سلام من الله تعالى عليك

وأهلاً بحروفك فى بستان الأدب - ونتمنى أن يدوم وصال خيرك

دمت بسلام وفضل حرف

[بنده يوسف]

باسمه سبحانه

وإن من شئ إلا يسبح بحمده

..................................

راقية الفضل الراقية / عسل فاضل - سلام الله تعالى عليك

نسأل الله تعالى ألا يحرمنا من وفاء فضلك وخيرك علينا - منك نتعلم ونرتقي

ونسأله تعالى أن نستهدي بطريق فضل وهدى أنت لنا رسمتيه

دامت أيامك تسكن للروح فى القلب مقام

.................

خالص ودي وتقديري