"القدس".. مادة دراسية جديدة لطلبة غزة
القدس".. مادة دراسية جديدة لطلبة غزة
علا عطا الله
غزة - بعد أن غابت طويلا عن مناهجهم، وبقيت تفاصيلها حبيسة الأدراج لعقود سيتمكن أخيرا طلبة قطاع غزة من دراسة مادة تعليمية كاملة، وخاصة عن عاصمتهم ومدينتهم المحتلة القدس التي تتعرض لهجمة إسرائيلية شرسة بغية تهويدها وطمس هويتها الإسلامية والفلسطينية.
فقد أعلنت الحكومة الفلسطينية المقالة بغزة قبل أيام عن تخصيص مادة دراسية في المناهج يتم تطبيقها في العام الدراسي المقبل، وتتناول مدينة القدس والمسجد الأقصى، وذلك لتعزيز انتماء الطلبة لمدينتهم وحمايتها من الضياع.
وفي تصريحات خاصة لـ"إسلام أون لاين" قال وزير التربية والتعليم في حكومة غزة الدكتور محمد عسقول: "إن المنهج الفلسطيني الحالي يتطرق في مقرراته إلى الحديث عن القدس والمسجد الأقصى، ولكن ليس بصورة تفصيلية الأمر الذي دفع الوزارة إلى اتخاذ هذا القرار، خاصة في ظل ما تتعرض له مدينة القدس من حملات شرسة لتهويدها".
مادة مستقلة
وزير التعليم في حكومة غزة شدد بقوله: "نحن بحاجة إلى مادة مستقلة عن القدس، خاصة في المستويات الدراسية المتقدمة والعليا كالمرحلة الثانوية بهدف تعميق المعرفة بالقدس، ليس كمكانة جغرافية فقط، إنما من كل التفاصيل وربطها بالواقع الحالي، كما أن الوزارة ستعمل على إثراء المناهج الموجودة بمواضيع تتعلق بالقدس".
هذا الإثراء -بحسب عسقول- "سيكون بأخذ الجانب التاريخي الخاص بالقدس وتضمينه في مادة التاريخ والجانب الجغرافي في مادة الجغرافيا، وسنتحدث عن الجانب الديني للقدس في التربية الإسلامية مع عدم استثناء باقي المواد الأخرى"، لافتا إلى أن الأمر سيترك لإدارة المناهج لتحديده وتنفيذه، حيث يتوقع أن تخرج هذه التعديلات والمادة الجديدة إلى النور العام القادم.
وعن التنسيق مع حكومة رام الله بالضفة الغربية في هذا الشأن شدد د. عسقول على وجود حالة من التواصل المستمر بين الوزارتين في الضفة والقطاع برغم حالة الانقسام السياسي.
وقال: "مصلحة الطالب الفلسطيني هدفنا، وبالتالي سنستمر في التنسيق بمعظم قضايا وشئون التعليم، ومن بينها مادة القدس"، ومنذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في يونيو 2007 حدث ما يشبه الانقسام بين القطاع والضفة التي تهيمن عليها حركة فتح.
وبسؤاله عن إذا ما كان قرار تخصيص مادة تعليمية عن القدس يأتي ردا على الأوامر التي أعطاها وزير التعليم الإسرائيلي جدعون عاسر للطلبة اليهود بزيارة القدس سنويا، قال عسقول: "هذا القرار لم يأت ردا على وزير تعليم إسرائيل لكن تصريحاته جاءت فرصة لكي نوضح مساحة اهتمامنا بالمدينة المقدسة ونعبر عن خطواتنا التالية".
وأوضح قائلا: "القرار لم يبدأ لحظة تصريحات الوزير، إنما بدأ منذ فترة، حيث عقدنا مع لجنة القدس في المجلس التشريعي العديد من ورش العمل ووضعنا محددات الانطلاق وخرجنا بتوصيات لمتابعتها من أجل إعداد مشروع كامل عن القدس في مناهجنا وأنشطتنا المدرسية".
وبعد تأسيس السلطة الفلسطينية بموجب اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل عام 1993 شرعت السلطة في وضع خطة لتطبيق منهج فلسطيني موحد تم تنفيذه تدريجيا منذ ذلك الحين (المراحل الابتدائية) وحتى تم تطبيقه بشكل كامل عام 2007 (الثانوية العامة) ليودع الطلبة المناهج البعيدة عن تاريخهم الفلسطيني (طلبة الضفة كانوا يدرسون وفقا للمنهج الأردني فيما يدرس طلبة غزة وفقا للمنهج المصري)، وكانت المناهج تتطرق للقدس والمسجد الأقصى بدون تفاصيل، حيث تكتفي بذكر القدس على أنها عاصمة فلسطين أو تضع صورة لقبة الصخرة.
ترحيب الطلبة والمعلمين
ولقي قرار الوزارة بتدريس مادة عن القدس ترحيبا واسعا في أوساط المعلمين والطلبة بغزة، فقد عبرت مديرة مدرسة الزهراء الثانوية سهام رجب عن فرحتها بالقرار وقالت لـ"إسلام أون لاين": "جميل أن يتم تخصيص مادة بكاملها عن القدس، لقد غابت طويلا، كنا في الماضي لا نجرؤ على رسم خريطة فلسطين والإشارة إلى عاصمتها (عندما كان القطاع تحت سيطرة الاحتلال)، وغابت عن ذهن الأجيال السابقة وعقولهم.. اليوم يجب أن تكون حاضرة وبقوة".
وتمنت سهام رجب أن يشمل القرار كل المراحل الدراسية، "حتى الابتدائية، فمن الممكن تبسيط المعلومة للصغار المهم ألا تغيب أبدا".
طالب المرحلة الإعدادية عدي من جانبه قال: "القدس في كتبنا عبارة عن صور، والحديث يقتصر على أشهر وأبرز الأماكن فيها.. نريد أن نعرف تاريخها، وكيف نساهم في التصدي لتهويدها".
ويأتي الحديث عن تخصيص هذه المادة في وقت تتعرض له مدينة القدس لحملة شرسة غير مسبوقة للتهويد منذ احتلالها عام 1967، الأمر الذي دعا العديد من المؤسسات والمراكز الحقوقية لإطلاق صيحات تحذيرية لما تتعرض له المدينة من انتهاكات كان أحدثها ما أصدره مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، إذ أظهر تقرير له ازدياد عمليات التهويد بشكل كبير خلال الربع الأول من العام الجاري.
رد مع اقتباس
المفضلات