الكلمة الثانية عشرةالكذب صفة قبيحة مذمومة؛ وقد ورد ذكر الكاذب مرتين بالرفع، ومرتين بالنصب؛
بسم الله الرحمن الرحيم
حذف وإثبات ألف كاذب
في قوله تعالى: (وَيَـاـقَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَـاـذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ(93) هود
وفي قوله تعالى: (أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَـاـذِبٌ كَفَّارٌ(3) الزمر
وفي قوله تعالى: (وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ ءالِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَـاـنَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّي اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَـاـتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَـاـذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ(28) غافر
وفي قوله تعالى: (أَسْبَـاـبَ السَّمَـاـوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَـاـذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنْ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ(37) غافر
سقطت ألف "كاذب" لأنه يحمل صفة نقص؛ لما يقوم به من زيادة في الحديث لا أساس ولا واقع لها؛ مما ينشئه ويعده من القول الكاذب المخالف للحقيقة، ويعرف ذلك عندما ينكشف أمره ويظهر زيف قوله، وعلى ذلك كان حذف ألفه.
بينما ثبتت ألف صادقًا لأنه صدقه يدوم ولا يسقط.
أما "كاذبة" فقد وردت مرتين؛ واحدة بالإثبات؛
في قوله تعالى: (إِذَا وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ (1) لَيْسَ لِوَقْعَتِهَا كَاذِبَةٌ(2) الواقعة.
فثباتها راجع إلى نفي امتداد الكذب بالآخرة، وقد عاينوا صدق وقوعها بأعينهم، فالنفي لامتداد ما كان قائمًا من قبل، وليس النفي لما هو منفي، وعلى ذلك ثبتت ألفها.
بينما ثبتت ألف الواقعة لأن وقوعها دائم مستمر متى وقعت.
وأما حذفها في قوله تعالى: (كَلاَّ لَئِن لَّمْ يَنتَهِ لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (15) نَاصِيَةٍ كَـاـذِبَةٍ خَاطِئَةٍ(16) العلق.
فلأن كذبها في الآخرة قد انتهى وانقطع،
بينما ثبتت ألف "ناصية"؛ لأن الناصية باقية لما سفع بها، وباقية من حيث بقاء قدرة التفكير فيها، فهي الموصوفة بخلق الكذب؛ فصاحبها يجادل الله تعالى يوم القيامة؛ فيقال لهم اخسؤوا ولا تكلمون، ويخاطبون أهل الجنة للإفاضة عليهم من الماء أو مما رزقهم الله، وغير ذلك مما يصدر منهم في سعيهم للخروج من النار، أو تخفيف العذاب عنهم.
بينما سقطت ألف نواصي بالجمع؛
في قوله تعالى: (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَـاـهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالأَقْدَامِ(41) الرحمن.
فلأجل أن النواصي؛ وهي مقدمة شعر الرأس الواقعة فوق مركز التفكير والتدبير من الدماغ، تذهب مع أول لفحة من نار جهنم وتبقى الأقدام التي ثبتت ألفها.
وأما ثبات ألف "خاطئة" فلأن خطأها ملازم لها، وعليه تعاقب، وتتحسر على فعله، ولن يكون هناك عمل يكفر عنه، وقد انقطع العمل يوم القيامة.
أما "كاذبون" جمع "كاذب" المرفوعة؛ فقد وردت ثلاث عشرة مرة، وحذفت ألفها على قاعدة في تساوي مفردات الجمع، وعدم تمايز بعضهم عن بعض إلا بقرينة؛
كما في قوله تعالى: (إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِآَيَـاـتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَـاـذِبُونَ (105) النحل.
ومثلها في الحكم "كاذبين" بالنصب أو الجر، والتي وردت ثلاث عشرة مرة كذلك؛
كما في قوله تعالى: (عَفَا اللَّهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَـاـذِبِينَ (43) التوبة.
وفي قوله تعالى: (قَالَ سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَـاـذِبِينَ (27) النمل.
وقد ورد كاذب بصيغة المبالغة "كذَّاب" في خمسة مواضع ثبتت فيها الألف؛
في قوله تعالى: (وَعَجِبُوا أَنْ جَاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقَالَ الْكَـاـفِرُونَ هَذَا سَـاـحِرٌ كَذَّابٌ (4) ص.
وفي قوله تعالى: (إِلَى فِرْعَوْنَ وَهَـاـمَـاـنَ وَقَـاـرُونَ فَقَالُوا سَـاـحِرٌ كَذَّابٌ (24) غافر.
وفي قوله تعالى: (وَإِنْ يَكُ كَـاـذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) غافر.
وفي قوله تعالى: (أَءُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25) القمر.
وفي قوله تعالى: (سَيَعْلَمُونَ غَدًا مَنِ الْكَذَّابُ الأَشِرُ (26) القمر.
وثبات ألف كذَّاب راجع أن صيغة المبالغة دالة على كثرة الفعل من الكاذب واستمراره عليه.
وكذلك ثبتت ألف "كذَّابًا" لمواصلة التكذيب لآيات الله تعالى؛
في قوله تعالى: (وَكَذَّبُوا بِآَيَـاـتِنَا كِذَّابًا (28) النبأ.
وسقطت ألف "كذَّابًا" لسقوط الكذب عند أهل الجنة كما تركوه في الدنيا؛
في قوله تعالى: (لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا كِذَّابًا (35) النبأ.
والله تعالى أعلم.
المفضلات