(3) التنمية المستدامة Sustainable Development
ليس هناك مفهوم محدداًُ للتنمية المستدامة ولكن الغرض هو استمرار تلك التنمية. وتشتمل هذه التنمية على فكرتين أساسيتين تتحقق من خلالهما:
الفكرة الأولى: الحاجة (Needs) إلى تهيئة الوضع من أجل المحافظة على مستوى حياة مرضى لجميع الناس.
الفكرة الثانية: الحدود القصوى(Limits) لسعة البيئة لتلبية احتياجات الحاضر والمستقبل طبقاً لمستوى التكنولوجيا، والنظم الاجتماعية، وتتدرج هذه الاحتياجات من احتياجات أساسية كالمأكل والمشرب والملبس إلى احتياجات فرعية طبقاً لتقسيم ماسلو (Maslow’s Model) المتوقفة على السن– النوع – الوضع الاجتماعي – المهنة.
الأبعاد المحورية للاستدامة
للتنمية المستدامة ثلاثة محاور رئيسية يعتبرون الدعائم الرئيسية لها باختلال أحدهم تتأثر الأهداف الرئيسية للتنمية أو الاستدامة، هذه المحاور هي:
1- البيئــة Environment
2- الاقتصاد Economy
3- المجتـمعSociety
محاور الاستدامة ووسائل تحقيقها
ولنجاح عملية التنمية المستدامة لابد من ارتباط هذه المحاور وتكاملها نظراً للارتباط الوثيق بين البيئة والاقتصاد والأمن الاجتماعي وإجراء التحسينات الاقتصادية ورفع مستوى الحياة الاجتماعية بما يتناسب مع الحفاظ على المكونات الأساسية الطبيعية للحياة والتي تعتبر من العمليات طويلة الأمد.
إن فكرة الاستدامة البيئية تقوم على ترك الأرض في حالة جيدة للأجيال القادمة أفضل مما كانت، فإذا أحتفظ الإنسان بنشاطه وأداه دون استنزاف المواد الطبيعية أو إهدار البيئة الطبيعية يكون هذا النشاط مستدام طبيعياً ويتحقق هذا عن طريق:
- قلة استهلاك المواد الطبيعية.
- استخدام مواد قابلة للتدوير كلياً بعد الاستهلاك وتكون قابلة للتجديد، ويتم تجميعها دون إضرار بالبيئة أو استنزاف مواردها.
- وصول نسبة التدوير للمخلفات 100 % .
- الحفاظ على الطاقة وقابلية مخزونها للتجديد والمحافظة على البيئة.
العمارة المستدامة Sustainable Architecture
تعتبر العمارة تحديداً فريداً في مجال الاستدامة فالمشروعات المعمارية تستهلك كميات كبيرة من المواد وتخرج كميات أكبر من المخلفات والنفايات.
وقد عرف الإنشاء المستدام بأنة عبارة عن الابتكار والإدارة المسئولة عن بناء بيئة صحية قائمة على الموارد الفعالة والمبادئ البيئية.( Resource Efficient & Ecological Principle) وهدف هذه النوعية من العمارة هو الحد من التأثير السلبي على البيئة من خلال الطاقة وفعالية الموارد.
مبادئ العمارة المستدامة
- الحد من استهلاك الموارد الغير قابلة للتجديد.
- تجميل البيئة الطبيعية.
- إزالة أو الحد من استخدام المواد السامة.
وتطبيق هذه المبادئ يقلل التأثير السلبي على البيئة الطبيعية والمشيدة من حيث المباني ومحيطها المباشر والإقليمي والعالمي فالمبنى المستدام انطلاقا من هذه المبادئ يعرف بأنه ممارسات البناء التي تسعى إلى الجودة المتكاملة (الاقتصادية – الاجتماعية – البيئية) بطرق واضحة، فالاستخدام المنطقي للموارد الطبيعية والإدارة الملائمة للمباني يسهم في إنقاذ الموارد النادرة وتقليل استهلاك الطاقة وتحسين البيئة مع الأخذ في الاعتبار دورة حياة المبنى كاملة وكذلك الجودة البيئية، الوظيفية، الجمالية و القيم المستقبلية.
التصميم المستدام
للوصول إلى التصميم المستدام لابد من التكامل التام بين العمارة وكل من التخصصات الهندسية المكملة ( الكهربية – الميكانيكية – الإنشائية ) بالإضافة إلى القيم الجمالية والتناسب والتركيب والظل والنور والدراسات المكملة من تكلفة مستقبلية للنواحي المختلفة ( البيئية – الاقتصادية – البشرية ) وقد حددت خمس عوامل للوصول إلى التصميم المستدام.
تكامل التخطيط والتصميم ويكون التصميم ( ذاتي التشغيل ) إذا ما قورن بالتصميم التقليدي وتكون للقرارات التصميمية المبكرة تأثير قوى على فاعلية الطاقة.
اعتماد التصميم على الشمس وضوء النهار والتبريد الطبيعي كمصادر طبيعية للإمداد وتهيئة الجو المناسب للمستخدم.
اعتماد التصميم المستدام على فلسفة بنائية وليس شكل معين أكثر من اللجوء إلى الأشكال المألوفة.
يفترض أن تتكلف المباني المستدامة في مرحلة الإنشاء كثيراً ولكنها اقتصادية في مرحلة التشغيل ولا تكون أكثر تعقيداً من المباني التقليدية.
يعتبر التصميم المتكامل الذي يكون فيه كل عنصر جزء من كل أكبر منه عنصراً هاماً لنجاح التصميم المستدام.
اعتبار ترشيد استهلاك الطاقة وتحسين صحة المستخدم من العناصر الأساسية في التصميم تليها العناصر الأخرى، فالاتجاهات التصميمية الحديثة يجب أن توجه إلى الأشكال المحافظة على الطاقة وفاعليتها وإدماج التكنولوجيا المتوافقة للمحافظة على الإنسان والبيئة .
مبادئ التصميم المستدام
للوصول إلى عماره مستدامة يجب إرساء مبادئ الاستدامة في العملية التصميمية وتوجيه نظر المعماريين إلى العملية التصميمية المستدامة والتي تهتم بالعناصر الآتية:-
دراسة المكان: بداية أي تصميم مستدام يجب أن يبدأ بدراسة المكان فإذا اهتممنا بأبعاد المكان المختلفة يمكن لنا العيش فيه دون تدميره، ويساعد المصممين في عمل التصميم المناسب كالتوجيه والحفاظ على البيئة الطبيعية وتوافقها مع التصميم والوصول إلى التكامل بين المبنى وبيئته المبنية والخدمات المتاحة.
الاتصال بالطبيعة: سواء كانت بيئة طبيعية أو مبنية هذا الاتصال يمنح الحياة للمبنى ويدمجه مع بيئة تعايشه ومستخدميه.
إدراك العمليات الطبيعية: فالحياة الطبيعية تكاملية أي أن النظم الطبيعية تسير في دائرة مغلقة ( اكتمال دورة الغذاء والطاقة في مرحلة الأرض البكر ) وتلبية حاجات جميع الأنواع يأتي عن طريق العمليات الحياتية، فعن طريق عمليات المشاركة التي تجدد ولا تستنزف الموارد وتصبح أكثر حيوية فكلما كانت الدورات طبيعية ومرئية عادت البيئة المصممة إلى الحياة.
دراسة التأثير البيئي: التصميم المستدام يسعى إلى إدراك التأثير البيئي للتصميم. بتقييم الموقع، والطاقة، والمواد، فعالية طاقة التصميم وأساليب البناء ومعرفة الجوانب السلبية ومحاولة تحقيقها عن طريق استخدام مواد مستدامة ومعدات ومكملات قليلة السمية (استخدام المواد والأدوات قابلة التدوير في الموقع).
تكامل بيئة التصميم ودعم العمليات: يجب تعاون جميع التخصصات المشاركة في العملية التصميمية مع تضمين المباني المستدامة في المراحل الأولية لاتخاذ القرارات التصميمية والاهتمام بمشاركة المستخدمين والمجتمعات المحلية والمناطق المجاورة في اتخاذ القرار.
دراسة الطبيعة البشرية: يجب أن يهتم التصميم المستدام بدراسة طبيعية المستخدمين وخصائص البيئة المشيدة وإدراك متطلبات السكان والمجتمع و الخلفية الثقافية والعادات والتقاليد حيث تتطلب العمارة المستدامة دمج القيم الجمالية والبيئية والاجتماعية والسياسية والأخلاقية واستخدام توقعات المستخدمين والتكنولوجيا للمشاركة في العملية التصميمية المناسبة للبيئة .
مفهوم الاستدامة من منظور الفكر المعماري
تعتبر العمارة المستدامة أحد الاتجاهات الحديثة للفكر المعماري الذي يهتم بالعلاقة بين المبنى وبيئته سواء كانت طبيعية أو مصنوعة.
أوضح Jan Mcharg أن مشكلة الإنسان مع الطبيعة تتجلى في ضرورة إعطاء الطبيعة صفة الاستمرار بكفاءة كمصدر للحياة، فالعمارة البيئية هي عملية تضمن للمبنى أن يصمم بأسلوب يحترم البيئة مع الأخذ في الاعتبار تقليل استهلاك الطاقة والمواد والموارد وأيضا تقليل تأثير الإنشاء والاستعمال على البيئة وتعظيم الانسجام مع الطبيعة.
ظهرت في بداية الستينات من القرن الماضي العديد من الصيحات التي نادت بحماية البيئة والطبيعة وظهر التفكير في المبنى كنظام بيئي مصغر يتفاعل ويتداخل مع النظام البيئي الأكبر، أتبعها ظهور العديد من الجمعيات والمؤسسات المهتمة بالعمارة البيئية والمبنى البيئي من خلال فكرة الاستدامة مثل حركة بيولوجيا البناء، والتي اعتبرت المبنى كائن حي يمثل للإنسان طبقة الجلد الثالثةThird skin .
إن التحدي العالمي الذي يواجهه صانعوا السياسة ومتخذي القرار هو نفس التحدي الذي يواجهه المختصين في مجال البناء، ولن يتم التوصل إلى حل المشكلات الأساسية في عملية البناء الحديثة ولكن يستطيع المجتمع ككل البدء في عملية التغيير بهدف خلق مبنى صحي آمن .
أهداف العمارة المستدامة
نظراً لتغيير الاتجاه العالمي من الاهتمام بالكم إلى الكيف والتي شكلت أهداف جديدة لقطاع الإنشاء ومطالب المستهلك والصحوة العالمية للاستدامة والتي شكلت الأهداف الرئيسية للعمارة المستدامة في الأتي:
- فاعلية الموارد
- فاعلية الطاقة
- الوقاية من التلوث
- التوافق مع البيئة
- الأعمال النظامية والمتكاملة
ويمكن تطبيق هذه الأهداف وتوقع النتائج على محاور الاستدامة الثلاثة طبقاً للجدول التالي.
المعايير الإرشادية للتصميم المستدام
للتأكد من أن التصميم المعماري يحقق الاستدامة ويتوافق مع مبادئها وأفكارها يجب إتباع المعايير الإرشادية الآتية في مرحلة التصميم وتقييم المشروعات المقدمة قبل التنفيذ:-
تقليل استخدام الطاقة المبنية على أساس يضر بالبيئة في جميع المراحل البنائية والعناصر المكونة للبناء سواء في جمع الطاقة، المواد، وسائل المواصلات، مراحل البناء والطاقة المستخدمة خلال عمر المبنى.
الاستخدام الأمثل للمواد المطورة والمتجددة المصنعة من المصادر المتاحة.
تجنب المواد الكيميائية المدمرة للبيئة الطبيعية سواء في مرحلة التصنيع، التشغيل أو الإشغال بما في ذلك الأنظمة الميكانيكية والكهربية.
محاولة استخدام المواد البديلة والمحتوية على مكونات عضوية سريعة الزوال.
توافق التصميم مع الاستخدام الأمثل للإضاءة الطبيعية (مع مراعاة الحدود المسموح بها).
استثمار الإمكانات الطبيعية في التهوية المتجددة مع مراعاة خطة التحكم التي تقلل استخدام الطاقة وتحقق الراحة القصوى.
الاستخدام الأمثل للطاقة الشمسية المباشرة والسلبية وتوظيفها في التسخين والتبريد للوصول إلى الراحة الحرارية واللجوء إلى تكييف الهواء الصناعي في الظروف الضرورية الخاصة.
ضمان أن أنظمة إدارة المبنى صديقة للبيئة وللمستخدم وغير معقدة.
تحقيق الفرص المناسبة لتوليد الطاقة الكهربائية المتجددة والمجمعة بالموقع.
تحقيق الفرص الممكنة لاستغلال الطاقة الحرارية الكامنة بالأرض والمكتسبة عن طريق الشمس والتي تبلغ ذروتها صيفاً.
تقليل استهلاك المياه والاستخدام الأمثل لمياه الأمطار و تطهير مياه الصرف واستخدامها في الأغراض الأخرى المتوافقة مع المواصفات العالمية.
تقليل استخدام المياه المستخدمة في عناصر تنسيق الموقع.
إبداع بيئة خارجية جيدة تتناسب مع الراحة البصرية وتهيئة البيئة المناسبة للمبنى وتفعيل استخدام الصفات النباتية المتميزة (الأشجار المتساقطة الأوراق موسمياً) والصفات البيئية (التبخير واستخدامه في التبريد) والتي يمكن استخدامها في تحقيق الراحة الحرارية.
بتطبيق هذه الاختبارات على التصميم المقدم يمكن تقييم كفاءة التصميم ومدى تلبيته لشروط الاستدامة وتوافقه مع البيئة الطبيعية وبيئته الخاصة.
التوصيات
لتحقيق الاستدامة البيئية في القطاع العمراني المعماري يجب على المهندسون المعماريون أن يعلموا عن القضايا البيئية أثناء تدريبهم وممارستهم العملية التصميمية والانفتاح على كل ما هو جديد.
يجب على المؤسسات الأكاديمية أن ترعى الوعي البيئي وتعرف الطلبة وتدربهم على أخلاقيات التصميم البيئي، وتطوير مهاراتهم و أساسهم المعرفي في التصميم المستدام.
الوضع الحالي للتصميم المستدام في الطراز المعماري هو نظام أخلاقي وليس علماً - تغيير أساليب الحياة - والاتجاه نحو المحافظة على البيئات العالمية والمحلية، فتطور الأسس المعرفية العلمية يزود المهارات، والأساليب، وطرق التنفيذ لتحقيق أهداف التصميم البيئي.
لتحسين الاستدامة البيئية يجب أن يتوازن المبنى ويحقق ثلاث مبادئ أساسية:
- التصميم المستدام،
- اقتصاد الموارد،
- و دورة حياة التصميم (التصميم، البناء، التشغيل والصيانة، إعادة التصنيع وإعادة استخدام الموارد المعمارية).
لتحقيق التصميم المستدام يجب تحديد الأهداف والفوائد التي تحقق الزيادة الكمية والنوعية للمنشآت وتحقق الفوائد الاقتصادية، والمادية، الصحية والسيكولوجية إلى مستخدمي المبنى.
الطرز المعمارية الجديدة للعمارة المستدامة يجب أن توضح كيف يتفاعل المبنى مع بيئته الداخلية، البيئات العالمية والمحلية عن طريق:
اقتصاد الموارد (الطاقة, الماء والمواد)،
التحكم في تقليل الإمدادات الغير متجددة،
و طرق إدارة الناتج البيئي الملوث (تقليل الخسارة البيئية وإدارة المخلفات).
تشجيع المهندسون المعماريون على ابتكار أشكال معمارية جديدة تزيد الإظلال في الصيف وتحتفظ بالحرارة في الشتاء واستخدام الأساليب التكنولوجية لرفع كفاءة أداء عناصر التصميم ومكونات المبنى. ومساعدة المستخدمين في التعرف على المصادر الجديدة ودورة حياة مواد البناء.
المفضلات