آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: "المستعربون الإسبان فى القرن التاسع عشر" تأليف مانويلا مانثاناريس، ترجمة وتقديم جمال عبد ا

  1. #1
    عـضــو
    تاريخ التسجيل
    11/03/2007
    المشاركات
    7
    معدل تقييم المستوى
    0

    افتراضي "المستعربون الإسبان فى القرن التاسع عشر" تأليف مانويلا مانثاناريس، ترجمة وتقديم جمال عبد ا

    قرأت هذا الكتاب لأول مرة منذ ما يقرب من عشرين عاما وقلت حينها إنه واحد من الكتب المتميزة التى لا يصح أن تخلو منها مكتبة أحدنا، ثم مرت السنوات و جرفني تيار البحث العلمي إلى ميدان العلاقة بين إسبانيا والحضارة العربية الإسلامية وصورة المسلم كما يقدمها الأدب الإسلامى القديم والحديث. عندها فطنت إلى أن هذا الكتاب ليس مجرد عمل متميز وإنما له أهمية قصوى بالنسبة للمهتمين بهذه المجالات.
    هذا الكتاب – وإن كان عنوانه المستعربون الإسبان فى القرن التاسع عشر – يعالج مسيرة الاستعراب الإسبانى منذ بدايتها وحتى السنوات الأولى من القرن العشرين ويمهد الطريق أمام الباحثين الذين يريدون التصدي لموضوع الدراسات العربية فى إسبانيا طوال القرن العشرين و خلال السنوات الحالية وأظن أننا فى حاجة إلى أن يقوم احدنا بمثل هذه الدراسات، فمما لاشك فيه أن جهود المستعربين تؤثر تأثيرا واضحا فى تقديم صورة المسلم فى الأدب.
    كتاب مانويلا مانثاناريس يحدثنا عما يمكن أن نسميه ملحمة الاستعراب فى القرن التاسع عشر فقد بذل مستعربوا ذلك القرن - كوندى وغايانغوس و سيرافين كالديرون على وجه التحديد - جهودا جبارة من أجل تأسيس حركة الاستعراب العلمي فى بلدهم . لقد ضحى هؤلاء الرجال بالجهد و المال من اجل هذه المهمة الجليلة : مهمة التعرف على ثقافة الآخر التى كانت – ولا تزال – تشكل جزءا من مكونات الثقافة الإسبانية.
    والكتاب يلقى الضوء على قضية مهمة هى قضية الأدب الألخميادو وهو الأدب الذى كتبه مسلمو الأندلس كتبوه بالإسبانية لكن بحروف عربية مما جعل دراسته تستحيل على من لا يجيد العربية والإسبانية معا. كانت الريادة فى مجال دراسة الأدب الألخميادو من نصيب مستعربى القرن التاسع عشر فهم الذين انفقوا من وقتهم وجهدهم ومالهم الكثير من أجل الحصول على مخطوطات ذلك الأدب ثم على نشره ودراسته. كل ذلك مهد الطريق أمام المهتمين بهذه الدراسات فى الوقت الحاضر من أمثال غالميس دي فوينتيس وغيره.
    لقد تابع المهتمون بالحضارة العربية الإسلامية و أثرها فى إسبانيا ذلك الجدل الذى دار فى أوائل القرن العشرين بين أميريكو كاسترو وسانشيث البورنوث، فالأول يرى أن إسبانيا مدينة لحضارتنا من عدة جوانب، والثانى يرى أن المسلمين هم السبب الذى أدى إلى تخلف إسبانيا عن بقية بلدان أوروبا. والمطالع لكتاب مانويلا مانثاناريس يكتشف أن الجدل الفكرى لم ينشأ فى القرن العشرين بل فى القرنين الثامن عشر والتاسع عشر. ولنا أن نضيف هنا أن الجدل لم ينته حتى الآن، فمنذ أقل من ثلاثة أعوام نشر أحدهم كتابا يحاول فيه أن ينفى أى اثر للحضارة الإسلامية فى إسبانيا ، ولا نظن أن يقف الأمر عند هذا الحد بل نتوقع صدور المزيد والمزيد من الدراسات حول هذا الموضوع الحيوى بالنسبة لتاريخ إسبانيا وثقافتها. هذا يعنى ببساطة أننا لسنا إزاء كتاب قديم عفا عليه الزمن بل كتاب يعالج – بين أمور أخرى- قضية متجددة.
    والكتاب يعالج قضية أخرى معاصرة: إن الجميع يتحدثون الآن عن صورة المسلم كما يراها الأدب الغربى، ومن يتصدى لدراسة صورة المسلم فى الأدب الإسبانى على وجه التحديد سيدرك على الفور ذلك التحول الهائل الذى طرأ عليها. لقد صور أدب العصور الوسطى وأدب العصر الذهبى فى إسبانيا المسلم على أنه يتصف بكل نقيصة. كان المسلم آنذاك بالنسبة لبعض الكتاب شخصا مجهولا، ولم يعرفه الإسبان فى القرنين السادس عشر والسابع عشر إلا فى ميدان الحروب فوصموه – عمدا أو جهلا بحقيقته – بكل الرذائل التى يمكن أن يتصف بها البشر, أما عندما بدأ المستعربون فى دراسة التراث العربى الاسلامى فقد أدركوا أن المسلم – وان كان عدوا فى تلك السنوات- صانع حضارة وصاحب فضل على أوروبا وذو حس مرهف. هذا الاكتشاف انعكس بشكل أو بآخر على صورة المسلم التى تظهر فى الأدب، فقد رأينا فى السنوات الأخيرة من القرن العشرين – وما زلنا نرى – أدبا يقدم وجهة النظر الأخرى: و جهة نظر المسلم فى الأحداث التى عاشتها شبه جزيرة ايبريا. هذا الأدب يظهر فيه المسلم بشكل موضوعى، و هذا اتجاه جديد ومحمود فى أدب إسبانيا.
    هناك قصة صغيرة تعلق بهذا الجانب الأخير، فحين وقعت حوادث الحادى عشر من سبتمبر 2001 فى أمريكا كنت فى مهمة عمل فى مدريد، ولمست بنفسى ذلك التغيير الهائل فى طريقة التعامل مع العربى أو المسلم أو الشرقى فى دول أوروبا. فى أعقاب ذلك الحادث لم يكن أحد فى وسائل الإعلام الغربية يجرؤ على معارضة الاتجاه العام السائد هناك: المسلم والإرهابى مترادفان. لم يخرج عن الإجماع فى إسبانيا إلا أديب عاش بين العرب والمسلمين وعرف عنهم الكثير. خرج خوان غويتيسولو عن الإجماع، وسبح ضد التيار، وقال فى شجاعة إنه من الخطأ الفادح أن تتخذ أمريكا ما حدث ذريعة للتغاضى عما يحدث للشعبين الفاسطينى والشيشانى، وإنه من الخطأ الفادح كذلك أن يقارن ياسر عرفات بأسامة بن لادن، وأن يستمر حصار الشعب العراقى، وقال إن الإرهاب ليس حكرا على من يعتنقون الدين الإسلامى، وإن هناك إرهابيين ليسوا مسلمين، وحذر أمريكا من الانتقام من دولة ما قد يثبت بعد ذلك أنها لا علاقة لها بما حدث. قال غويتيسولو كل ذلك بعد أسبوع واحد من حادثة سبتمبر. نعم لقد ردد هذا الكلام كثيرون فيما بعد، لكن البوح بذلك فى أوروبا وبعد أسبوع واحد كان شجاعة بكل المقاييس إن لم يكن تهورا.
    أعود مرة أخرى إلى أحداث سبتمبر، فقد أسهمت بشكل أو بآخر فى تأخر ظهور هذا الكتاب. لقد أصبح الرعب يسيطر على الجميع فى أمريكا مما عرف باسم الجمرة الخبيثة، وكان كل خطاب صادر من دولة عربية أو إسلامية يفحص جيدا، وكان ذلك يؤدى إلى تأخر وصول الرسائل. لهذا كانت مراسلتى مع المؤلفة –التى كانت ولا تزال تقيم فى أمريكا- تمر عبر إسبانيا حتى لا تستغرق وقتا أطول.
    أظن أن الجهد المبذول فى الترجمة ضئيل إذا ما قورن بأهمية الكتاب، خاصة وأن المؤلفة واحدة من أبرز المهتمين بالدراسات العربية فى إسبانيا، فقد نشرت –بالإضافة إلى هذا الكتاب- دراسات عن الأدب الألخميادو وعن الأشعار ذات الطابع الدينى التى كتبها مسلمو الأندلس، وعن كتاب السمرقندى، وعن مقدمة ابن خلدون، كما كتبت تعليقات حول كتابى ابن قزمان والموشحة وعروض الشعر الإسبانى لغارثيا غوميث، وحول كتاب ملحمة المغازى لغالميس دى فوينتيس، وحول دراسات عن الموريسكيين فى تونس لميكيل دى إيبالثا.
    وفى النهاية أشكر المؤلفة على تعاونها الصادق وحرصها على أن يخرج هذا العمل فى أحسن صورة ومتابعتها المستمرة لمراحل نشر الكتاب، فبرغم بلوغها الثالثة والتسعين فهى تبارى الشباب من الباحثين من حيث المثابرة والرغبة فى الوصول إلى المعرفة. لا يفوتنى كذلك أن أتوجه بالشكر العميق إلى الصديق الكريم فيرناندو دى أغريدا الذى بذل من وقته وجهده الكثير حتى يخرج هذا العمل إلى حيز الوجود.
    والحمد لله الذى بنعمته تتم الصالحات.
    جمال عبد الرحمن
    مدريد-القاهرة سبتمبر 2001


  2. #2
    أستاذ جامعي الصورة الرمزية جمال الأحمر
    تاريخ التسجيل
    10/07/2008
    المشاركات
    1,626
    معدل تقييم المستوى
    17

    Arrow رد: "المستعربون الإسبان فى القرن التاسع عشر" تأليف مانويلا مانثاناريس، ترجمة وتقديم جمال ع

    أخي الأستاذ الفاضل المحترم: د. جمال عبد الرحمن

    السلام عليكم

    1- مرحبا بكم في "الجمعية الدولية للمترجمين واللغويين العرب". أنت بين أهلك وذويك.

    2- أنا سعيد ومسرور بوجود باحث أكاديمي مثلكم في هذا المنتدى المبارك، وقد أمضي سنين من عمره متخصصا في الدراسات الأندلسية، وأثرى المكتبة بإنتاج نافع غزير.

    3- كنت قد تشرفت قبل هذا بوجودكم في منتداي السابق الذي هجم عليه القراصنة ونسفوه تماما من الشابكة. وهو عمل لا يقوم به إلا من قصرت حجته، وأخطأ المحجة.

    4- كنت قد اطلعت على ما جاء في مقالكم هذا، ولكني أعدت قراءته ومراجعة معلوماتي منه؛ فهو ثري بالمعطيات الاسمية والمكانية والعنوانية والثقافية والتاريخية.

    5- أسأل الله تعالى أن يبارك لنا ولواتا في قلمكم، وألا يقطع عنا وصلكم. وأن يرزقنا الإخلاص والسداد ووحسن الخاتمة.

    تقبل تحياتي الأندلسية الخالصة...والسلام عليكم


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •