آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

+ الرد على الموضوع
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: أغاني البحر في فلسطين

  1. #1
    أديب وناقد| في ذمة الله الصورة الرمزية زكي العيلة
    تاريخ التسجيل
    05/01/2007
    المشاركات
    166
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي أغاني البحر في فلسطين

    أغاني البحر في فلسطين

    بقلم: د.زكي العيلة
    *


    تشكل الأغنية الخاصة بالصياد الفلسطيني حالة أخرى من حالات أغنية الطبقة العاملة الفلسطينية الممتدة عميقاً داخل الوجدان والذاكرة الشعبية المناقضة تماماً لكافة مظاهر العسف والاستلاب والمرتبطة أصلا بالجذور التاريخية والشواهد المدللة على عمق تراثنا .
    أن قاموس أغنية عامل الصيد الفلسطيني مثله في ذلك مثل باقي قواميس أغنيات فروع العمل زاخر بالكلمات التي يصعب معرفة معانيها أو تتبع أصلها ، وأسباب بقائها ، وإن حملت تلك الكلمات الإيقاع والجواب اللفظي المفعم بالتناغم المتبادل بين الريس وباقي العمال خاصة في أثناء دفعهم القارب صوب البحر بعيداً عن اليابسة :
    الريس : ياليص
    العمال : هي هي
    الريس : ياليص
    العمال : هي هي
    الريس : هيلا ليصا
    العمال : هي هي.
    تظل الكلمات تتردد بشكل إيقاعي منتظم حتى يصل القارب إلى الماء ليندفع عمال الصيد داخله ، ولتندفع الأدعية والابتهالات إلى الله طلباً للعون ومنح البركة من جهة ودفعاً لأخطار ذلك الشيء الهائل المسمى بالبحر ، من جهة أخرى ..
    ولعل الاحتماء بسند تلك الأدعية رجوع إلى ممارسات طقوسية موغلة في أعماق التاريخ البشري ، حيث ارتبط الإنسان بقوى خفية موجودة بهدف مساعدته وشد أزره :
    هيه يالله يا ستر الله
    هيه يالله يا عناية الله
    هيه يالله يا كرم الله
    هيه يالله يا رسول الله
    هيه يالله تعين يارب
    وشيئاً فشيئاً ترتفع حدة التمتمات والأدعية متوافقة واندفاعة القارب داخل البحر :
    صلي ع النبي صلي
    هيلا هيلا هيلا
    صلي ع النبي صلي
    هيلا هيلا هيلا
    يا رب هون هلا هيلي
    هون علينا هلا هيلي
    بجاه محمد هلا هيلي
    محمد نبينا هلا هيلي

    البحر عالم من المتناقضات ، كرم وبخل .. عطاء ومنع .. خير وشر .. لين وقسوة .. حب وكره .. بساطة وجبروت .. يسر وعسر .. عدل وظلم .. أمان وخوف ..
    "هو الله في إحدى تجلياته فإذا كانت أغاني عمل الصيادين محض دينية فهي استجابة مباشرة لغموض البحر وغدره .
    إن الابتهال المتوهج هنا يتجه إلى البحر القادر الذي يحتفظ بسر العيش ويكشف من هذا السر بقدر ما تسبر غوره حكمة وشجاعة هؤلاء الرجال"(1).
    الريس : كل ما يشدو المحامل
    بقية الصيادين : للنبي قلبي يهيم
    الريس : لا سعي وازور النبي
    بقية الصيادين : وأرمي حمولي عليه
    الريس : وإن صابك ضيم نادى
    بقية الصيادين : يا إمام علي .
    عبر هذا الاستلهام الديني نجد العديد من الأمور الحياتية المتشعبة المتداخلة التي تظل تشد الصياد بقوة إلى واقع البر وواقع الحياة الاجتماعية حيث المرأة أو ـ شط الأمان ـ البعيد نسبياً وفعلياً .. ولتزداد الترديدات تبعاً لضربات المجاديف داخل الماء :
    صياد : والله وان طال زماني لأشكي لقاضي الغرام
    بقية الصادين : لأشكي لقاضي الغرام
    صياد : حب البنات يا قاضي حلال ولا حرام
    بقية الصيادين : حلال ولا حرام .
    الصياد : حرام للمتجوز أما العزابي حلال
    بقية الصيادين أما العزابي حلال
    صياد : وان كان حرام يا قاضي اكتب لي بالحلال
    البقية : اكتب لي بالحلال
    صياد : كرامة للنبي
    البقية : كرامة للنبي
    صياد : كرامة للنبي
    صياد : ويا بنت قولي لأبوكي خليه يعطيكي إلي
    البقية : خليه يعطيكي إلي
    صياد : كرامة للنبي
    البقية : كرامة للنبي
    صياد : وان ما رضيش أبوكي أمك بتعطيني
    البقية : أمك بتعطيني
    صياد : كرامة للنبي
    البقية : كرامة للنبي
    صياد : وان ما رضيتش أمك ابكي ونوحي
    البقية : ابكي ونوحي

    البكاء أو النواح سمة رئيسية من سمات أغنية الصياد المعلق على الدوام بحبال ممتدة من الهواء إلى السماء والمؤهل في كل لحظة لاستقبال وتحمل كوارث البحر الطبيعية والاقتصادية كالموت والفناء في أية لحظة أو العودة المقهورة من رحلة صيد عاثرة مليئة بالعناء والشقاء والعجز اللا نهائي:

    يا عمتي هيلا هيلي
    يا أخت ابي هلا هيلي
    ابكي ونوحي هلا هيلي
    والله على هلا هيلي

    هذا النهج الموشوم بالعجز إزاء خاصيات البحر يكتسح الوجدان الشعبي المطعم بالحذر المتعارض والمغامرة الفعلية ـ نزول القيعان و أطراف المدن ـ والاستعاضة عن ذلك بعلاقات حياتية أكثر أمناً ونجاة كما في النموذج التالي الذي يعكس إضافة إلى ما سبق العديد من الصور والمؤشرات الاجتماعية والتاريخية التي تبرز من خلالها صورة اليهودى ـ المخادع ، المغتصب ـ حسب الفرز الشعبي :

    ما قلت لك يا هاني هلا هي
    لا تنزل القيعاني هلا هي
    لا تنزل إلا غزة هلا هي
    وسوقها التحتاني هلا هي
    يا ربنا هلا هي
    يا ودودي هلا هي
    حلتك على هلا هي
    هاليهودي هلا هي
    عرص وبايع هلا هي
    بايع براقع هلا هي
    وبرقعك يا وليه هلا هي
    وزنته والله هلا هي
    مجاش وقية هلا هي
    والمسافة بعيدة من نقطة الإقلاع إلى نقطة التمركز داخل البحر ، قد يستغرق قطعها والبقاء فيها انتظارا للرزق الآتي عدة أيام تحفز إلى طرق الكثير من الأغنيات التي يؤكد الصياد من خلالها قوة عزيمته واحتماله وصبره على الصعاب :
    وان هبت الريح قلت لمركبي سيرى
    وأنا أصبر صبر الخشب تحت المناشيري
    ناديت يا طير يا طير بحق السما العالي
    تلم شملي وتجمعني على الغالي

    شط البحور مرقدي والموج بنالي دار
    والشنشولة صنعتي وأيامي في السنار
    يا نازلين البحر لا تعاندوا التيار
    بلكي تمر الصبية وتنطفيلي نار
    أيام لما البحر يكبر تلاقينا
    نلعن زمان الشقا ونلوم أهالينا
    ولما البحر يهدا وريحة تنادينا
    ننسى زمان التعب ونرمى مراسينا
    لا تحزني يا مينا أن لم أنا أصيد
    البحر طبعه الكرم وعزيمتي حديد

    في بعض الأغنيات نلاحظ ارتباط عقلية الصياد ببعض المفاهيم والعلاقات القديمة حيث نجده يعد المدينة بالمزيد من الاحتفاء والتزيين لها ـ بكل ما تعنيه كلمة مدينة من مستلزمات الترف والغني والثراء المجسد في توافر العسل والطحينة بها ـ إذا ما عاد من البحر سالماً غانماً :

    لأزينك هلا هي
    يا مدينة هلا هي
    يا العسل هلا هي
    والطحينة هلا هي
    عيب علينا هلا هي
    ان ملينا هلا هي
    ولا يقولوا هلا هي
    بحريتك هلا هي
    يا حفلص هلا هي
    ماتوا من الجوع هلا هي

    الغناء لحفلص أو الريس قائد المركب ، موجه الدفة ،الخبير باتجاهات الريح وطرق البحر وأماكن تجمع الأسماك يعتبر من ضروريات أغنيات البحر وإن لم يصل ذلك الغناء إلى درجة التقولب حول فرد دون سواء حيث أن الجماعية والتغني بهمومها وأحلامها هو السائد.
    ولعلنا نلاحظ في تلك التراثيات تشابهاً ببعض التراثيات العربية المجاورة في كثير من المضامين والأساليب ولعل ذلك يعود بالضرورة إلى "أن هناك أسساً مشتركة وتاريخا مشتركاً نمت عليه الثقافة الشعبية العربية خلال مراحل طويلة من الزمن(2).

    عندك بحرية يا ريس
    كلهم أذكيا يا ريس
    صافيين النية يا ريس
    وزنود قوية يا ريس
    والبحر كبير يا ريس
    قطع الجنازير يا ريس
    البحر جبال يا ريس
    قطع حبال يا ريس
    أنا وسط المية يا ريس
    جوزني مريم يا ريس
    ما تخافش عليها يا ريس
    قلبي هام فيها يا ريس
    والبحر كويس يا ريس
    وصلني حبيبي يا ريس

    مناجاة الريس والموائمة ما بين عمل البر وعمل البحر نجده في الكثير من أغاني رجال البحر حيث نلاحظ الاحتفاء باللازمة الضرورية أو ـ القرار اللفظي الموحد ـ كما يسميه " فيشر"حيث يتردد ذلك القرار بشكل دائمي منغم كجواب لكل مقطع من المقاطع المغناة.
    وهذا القرار الثابت موزع في أغنيات عامل الصيد المتبدلة المقاطع ما بين لفظات "هي هي " أو "هلا هي "أو " ياريس" أو "ياليص" أو "هيلا هيلا أو هيلا ليصا " وهذا القرار ضروري دائماً لإنجاز العمل بطريقة إيقاعية ففي مثل هذا القرار الذي يكتسب سحراً خاصاً يحتفظ الفرد بإحساسه بالجماعة"(3).
    كما نلاحظ في هذه الأغنيات وفي العديد من مثيلاتها :
    يا بنت ياللي هلا هيلي
    يا اللي على الشط هلا هيلي
    سكين يخرط هيلا هيلي
    والله نهودك هيلا هيلي
    ياللي قتلتي هيلا هيلي
    الشب الحليوة هلا هيلي
    ما عنّا غيره هلا هيلي (4)

    ترتبط أغنية البحر بمواسم الصيد وأوقاته ، حيث نشم من خلالها التتبع لأيام الصيد والرغبة الملحة في اختفاء القمر وذلك لارتباط خروج السمك من الأعماق بالليالي غير المقمرة ولعل تلك اللهفة ناجمة عن قلة أيام الصيد وتتابع المواسم الرديئة ، مما يترك الصياد نهبا للفقر والعوز :
    يا ليلتي ليلة هلا هي
    الرز بالكيلة هلا هي
    يا ليلة امبارح هلا هي
    والقمر سارح هلا هي
    أمه قالت له هلا هي
    هي ها الليلة هلا هي
    وينهم ما بينوا هلا هي
    على العدة بينوا هلا هي(5)

    وعندما يصل الصيادون إلى نقطة يشتم تواجد السمك فيها يقومون بإلقاء المرساة إلى قاع البحر تثبيتاً للقارب .. وفي تعاونية متكاملة تقذف الشباك وسط أغاني التحميس والتوسلات الدينية :

    من عاونا عانوا الله
    عونة موسى على فرعون
    فرعون كافر
    وابنه كافر وملعون ..
    هات وصلي ع النبي والحبيب محمد
    والغمامة ظلتو والبعير قبّل يديه
    والغزالة زارتو زارتوا واختارتو
    قالت جيرني يا مختار جيرني من عذاب النار
    قال لها روحي بحالكي روحي الله جاركي
    ليلكي ونهاركي حتى تربي زغاركي
    ارضعوا يا ولادي ارضعوا من هالحليب
    في شفاعة الحبيب في ضمانة الحبيب
    والحبيب محمد في الجنان مخلد
    في الجنان وفي النعيم في الجنان وفي النعيم

    والفترة ما بين إلقاء الشبك إلى البحر وبين انتظار الرزق الآتي طويلة قد تمتد لليلة أو ليلتين تمر ثوانيهما ثقيلة مفعمة بالرجاء والتوسل والدعاء ، مما يدفع رجال البحر إلى تمضية تلك الفترة وقطعها باستحضار مختلف المواويل الشعبية بهدف " تجديد نشاطهم ونسيان كدهم ، ويلاحظ أن هذه الأغاني متأثرة إلى حد بعيد بحياة البحر التي تكاد تكون ضرورية في كل موال"(6) حيث تتفرع تلك الأغنيات إلى ثلاثة اتجاهات رئيسية تتشابك وتختلط أحياناً :
    أولاً: التغني بالمرأة ـ الملاذ والملجأ ـ مع التركيز فقط على وظيفتها التقليدية كجسد أنثوي مقموع خاضع لرغبات الرجل :

    ميخذ السمرا وش بدك فيها
    يا رمل البحر تنو يجليها
    في البير الخارب والله لارميها
    وأحكم عليها حكم فرعونا

    * * *

    الدنيا مطر والبحر خابط
    بابور دلعونا ع المينا رابط
    ستعشر ليرة لبنت الزابط
    بس تعلمنا رقصة دلعونا
    * * *
    يا للي في البحر شوحوا بيدكوا
    يا ريتني خاتم في صبعكوا
    يا ريتني موجه وأجي عليكو
    تشفو العليل حرام النوما
    * * *
    ع شط البحر لبني عليه
    كله عشانك يا هالصبية
    والله ما فوتك هي يا نشمية
    لوقطعوني لحم في صحونا
    * * *
    في قاع البحر لارميلك حالي
    وانت السبايب للي جرى لي
    عذبتي القلب يا روحي والي
    ياللي من الله ما بتخافونا
    * * *
    علامك يا بحر تهدر بلا ريح
    مطر يحيي ما بيجري بلا ريح
    وشوف العين ما يبري مجاريح
    سوالف الأيادي ع الرقاب
    * * *
    ياطولك طول عود الرياحينا
    و نومك ع وسايد رايحينا
    و نحنا في المراكب رايحينا
    كتير الموج نسانا الحباب
    * * *
    واجى طولي على طولك بلا قيس
    وبحر حايط الدنيا بلا قيس
    وحق من خلق الدنيا بلا قيس
    وقلبي ما هوى غيرك حدا
    * * *
    يا طولك طول عود المراواني
    وشربت مية البحر كله ما رواني
    وأبو السوالف من قفا ظهره رماني
    وكيف يطيب مجروح الهوا
    * * *
    بحر حايط الدنيا بلا موج
    و بحر العشق في قلبي إلو موج
    مراكب خلتي سارت بلا موج
    ما بيني و بينهم طال المدى

    نزلت شط البحر والله تسومي
    يا غير الزين ما نهوى ولا نسومي
    ولك دلال لا تدلل ولا تسومي
    هذولا أحبابنا كانوا من زمان(7)
    * * *
    نزل دمعي على خدي بحر مي
    وعلى اللي يسمح دموعي بمحارمي
    لا عاش رجل تحكمه الحرمى
    حرام يدوس في فراشه النسا(8)
    * * *
    جفرا ويا هالربع بين الدوالي
    ومعلقة في الهوا بتخاف لقوالي
    وإن كان الجيزة غصب في شرع الإسلام
    لرمي حالي في البحر للسمك في المية

    أما الاتجاه الثاني الذي تميل نحوه تلك الأغنيات فيتمثل في استلقاط رموز البحر الفراقية - (المراكب، البابور ، الأمواج ، أفواج العسكر أو المتطوعين الذي كانوا يساقون عنوة من خلال معابر البحر في عهدي الاضطهاد التركي والبريطاني ، دفاعاً عن قضايا تتناقض كل التناقض وقضايا وطنهم وعوائلهم) كمسببات تحمل الحسرة والغياب ، التشتت والنواح للوجدان الشعبي :

    يا مركب في البحر وين تلفون
    عيوني من البكا والنوح تلفون
    وعدوتنا يوم العيد تلفون
    مضى يوم العيد واشتد الغياب(9).
    * * *
    يا خوي أن حمل البابور وان شط
    وأخذ مني سميح الوجه وأنشط(10)
    أنا لاقعد على الزفزاف والشط
    وسايل كل بابور لفا
    * * *
    يا عسكري ياللي قطعت المية
    ما أدري عزب ولا وراك ابنية
    * * *
    انزلت شط البحر لني أودعهم
    لقيتهم مسافرين يا يمة والريح مطاوعهم
    ناديت ع ريس المركب تنو يرجعهم
    هدولا حبابي يا يمة مفتاح القلب معهم
    * * *
    أنا بدعي على اللي جربوا دربي الخطير
    ومن بعد الغني أنا أصبحت فقير
    تمنيت حالي طير إلى جنحان أطير
    وأقطع فيافي البر مع شط البحر
    * * *
    انا نايمة بالليل وحدي بالتخت
    آخ يا يمه انا ما لي بخت
    لني بحر يافا كان انا نشفت
    لني حجر صوان كان قلبي انكسر
    * * *
    ما تنشف ما يحر وتصير قربة مية
    بتروحوا الغياب ونصير سوية
    ما تنشف يا بحر وتصير متوادي(11)
    بتروحوا الغياب يلفوع البلادي
    * * *
    بيني وبين الحبايب جبل وبعد ذاد
    وبحر جاري وشوقي للحبايب زاد
    يا كاتبين الورق لا تكتبوا شي عاد
    واحنا افترقنا وسبحان المجمع عاد
    * * *
    لولح ياهالبابور واندار
    اخدت من شباب ملاح و اندار
    وانا لبني ع شط البحر دار
    وكيف يطيب مجروح الهوى(12)
    * * *
    ركبنا المراكب و اعتلينا
    يا شمس بلادنا حِرمت علينا
    قولوا للوالدة ترضى علينا
    و احنا زغار ما نتحمل غضب
    * * *
    ياخوي إن حمّل البابور في الحر
    واخد مني خفيف الزند في الحر
    ياريت اللي سبّب الفراق ينحر
    يموت وخاطرو يشوف الفضا
    * * *
    إن طحتوا المراكب خظخظو المية
    تروحوا سالمين يا نور عينيه
    إن طحتوا المراكب خظخظو المالح
    الله يقف معكم والنبي صالح
    * * *
    حسبت المراكب حاملة ليمون
    أتريها المراكب حاملة الحنون
    حسبت المراكب حاملة تفاح
    أتريها المراكب حاملة الملاح
    * * *
    قولي يا عين على احنا ودعناهم
    طاحوا المراكب ما وجدناهم
    قولي يا عين على انتي ودعيتهم
    طاحوا المراكب ما وجديتهم
    * * *
    غابت عليك الشمس يا طايح البابور
    عينك تلجلج ولا تدري ع وين تدور
    * * *
    من طاقة البابور حطاتهم لاحت
    أحباب القلب ع الغربة طاحت
    من طاقة البابور حطاتهم بتلوح
    أحباب القلب ع الغربة بتروح
    * * *
    أما في الاتجاه الثالث فيتنازع أغنية عامل الصيد المتحفز بعد طول انتظار لسحب الشبك من الماء
    النقلة الدينية الابتهالية الآملة بعطاء الواهب :

    يا ربنا هلا هي
    ابعت لنا هلا هي
    رزق الهنا هلا هي
    سفينة التقي إذا جاها الصلاح حلت
    في بحر داوي لاغرقت ولا انبلت

    وإذا كانت الأغنية الأولى التي رافقت القارب إلى البحر مشبعة بالله والرسول فإن الأغنية التي يستقبل بها الصيادون شبكتهم تتصاعد تحت نفس الابتهالات :(13).

    هيلا وصلي عالنبي
    يا ما احلى ذكرك يا نبي
    يا ما احلي الصلاة ع النبي
    صلوا يا حاضرينا
    على محمد نبينا
    صالي يا مسلم
    صلي على نبينا (14).
    رغم مخاطر البحر فان أغنيات الفرح المشبعة بالحمد للرزاق تسود المركب حالما تسحب الشباك مليئة بالسمك الوفير ، ولتتحول رحلة العودة إلى مسيرة من الرضا والبهجة:
    صبح الصباح هلا هيلي
    واصطحبنا هلا هيلي
    في نور محمد هلا هيلي
    والله ربحنا هلا هيلي
    والله صدنا والله صدنا
    وربك والله حقق مقاصدنا
    صدنا والله سمك كتير
    وربك والله رب كبير
    ما أحلى السهرية على وجه االمية
    وقلوع بترفرف يا روحي و زنود قوية
    ما احلى الملاطش والغزل لاطش
    سردينة بتلمع في الشبك وتشوفها عينيه

    السلامة والرجعة الغانمة إلى البيت والسوق بالسمك المصيد تحمل الكثير من المعاني المضيئة النابضة بالاعتزاز بكل من ساهم في الوصول إلى مثل تلك النتيجة ، مجموعة الصيادين ، المركب ، أدوات الصيد، حيث نلمح إضافة إلى ذلك الكثير من السمات والخصائص المتوارثة :

    هيلا لم هيلا لم
    كان قاضي وانظلم
    رافع المركب ذواته
    عامل الصاري قلم
    هيلالم هيلالم
    يا مركب العز هلا هيلي
    بالعز دومي هلا هيلي
    يا للي طبيخك هلا هيلي
    والله بيصارة هلا هيلي
    وحبالكي هلا هيلي
    بصل الامارة هلا هيلي
    شباب وردت ع المينا
    والعدة فيها سردينة
    العدة أخذها التيار
    ملينا سمك مزقار
    ليوا العدة هلا هي(15).
    البحر عدا هلا هي

    * * *
    الهوامش
    (1) علي الخليلي ، مصدر سابق ص 108 .
    (2) نبيل علقم ، دراسة في التراث الشعبي ، مجلة التراث والمجتمع ، البيرة، العدد الأول نيسان 1974 ، ص 125.
    (3) ارنست فيشر ، ص 50 .
    (4) يخرط : يقطع ، شبلون : فتى
    (5) العدة : من أدوات الصيد ، الرز بالكيلة :الرزق عميم والخير كثير ، أمه قالت له : يعني أن أم القمر أخبرته في الليلة الفائتة أن تلك هي آخر ليلة يظهر فيها بما يعنيه هذا الغياب من ارتباط بإنتاج البحر .
    (6) جبر فضة، جولة مع صيادي السمك على شاطئ غزة ، مجلة التراث والمجتمع ، البيرة ، عدد 5/1 كانون ثاني 1976، ص 100 .
    (7) نسومي : نسائم ، لا نسومي : لا نرغب ، لا تسومي لا تعرض .
    (8) بحرمي : بحر من الماء ، بمحارمي : بمناديلي ، الحرمي : المرأة .
    (9) تلفون (الأولى ) : تذهبون ، تلفون (الثانية ) : أصابهم التلف ، تلفون (الثالثة) تأتون .
    (10) ان شط : ابتعد ، أنشط : سار بنشاط .
    (11) أي لا تصغر أيها البحر وتصبح كالوادي .
    (12) اندار (الأولى) : تحوّل ، اندار(الثانية) : نادرون .
    (13) علي الخليلي ، علي الخليلي، أغاني العمل والعمال في فلسطين منشورات صلاح الدين، القدس، 1979، ص 109 .
    (14) جبر فضة- ص 100
    (15) ذاواته : ذاته ، ليوا العدة : اسحبوا الشبك .
    • معظم أغاني هذا الفصل حصلت عليها بمساعدة كل من الصيادين :
    عبد الفتاح مقداد، طالب العيماوي، مروان بكر، عبد الباري أبو حصيرة .

    * * *
    قُدم هذا البحث إلى مؤتمر المأثورات الشعبية العربية- المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، يناير 2001.
    * * *
    * أمين العلاقات العامة والنشر في الاتحاد العام للكتّاب والأدباء الفلسطينيين.

    • موقع http://zakiaila.net/
    • بريد zakiaila@gmail.com


  2. #2
    شاعرة وكاتبة الصورة الرمزية زاهية بنت البحر
    تاريخ التسجيل
    15/11/2006
    المشاركات
    7,681
    معدل تقييم المستوى
    25

    افتراضي

    د.زكي العيلة مرحبا بك أخي المكرم
    قرأت نصف النص الذي أعادني إلى ذكرياتي مع البحر,وهيلا ليصا هذا النداء الذي يوحد الصيادين في كل بلاد العرب.. أظنك سمعت ملحمة البحاد والعاصفة للفنان صفوان بهلوان, فهي تحكي معاناة البحارة بشكل موسيقي درامي رائع ..كنت سعيدة هنا وسأعود للمتابعة بإذن الله ..دمت بخير ونجاح
    أختك
    بنت البحر


  3. #3
    أديب وناقد| في ذمة الله الصورة الرمزية زكي العيلة
    تاريخ التسجيل
    05/01/2007
    المشاركات
    166
    معدل تقييم المستوى
    18

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زاهية بنت البحر مشاهدة المشاركة
    د.زكي العيلة مرحبا بك أخي المكرم
    قرأت نصف النص الذي أعادني إلى ذكرياتي مع البحر,وهيلا ليصا هذا النداء الذي يوحد الصيادين في كل بلاد العرب.. أظنك سمعت ملحمة البحاد والعاصفة للفنان صفوان بهلوان, فهي تحكي معاناة البحارة بشكل موسيقي درامي رائع ..كنت سعيدة هنا وسأعود للمتابعة بإذن الله ..دمت بخير ونجاح
    أختك
    بنت البحر
    المبدعة الرائعة الأستاذة: مريم
    ملاحظتك في موقعها الصحيح سيدة الحروف، فكثير من الإبداعات التراثية العربية المجاورة المجاورة تتشابه في كثير من المضامين والأساليب نتيجة العلاقات التاريخية المشتركة المتداخلة التي ترعرعت منها الثقافة الشعبية العربية خلال مراحل طويلة من الزمن.
    كل التحيات لك سيدة البحر.
    شكراً لحضورك المضيء.
    زكي العيلة


+ الرد على الموضوع

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •