أخلاقيات العمل الجاد وروحية الاهتمام بالآخرين
في خطابه عن حال الأمة في كانون الثاني/يناير 2002 ،طلب الرئيس جورج دبليو بوش من جميع الأميركيين تخصيص سنتين على الأقل، أي ما يعادل 4000 ساعة عمل، في خدمة مجتمعاتهم وبلدهم والعالم. يعمل فيلق الحرية الأميركي الذي أنشأه الرئيس بوش في تعزيز القطاع اللاربحي، وإيجاد المتطوعين، ومساعدة ربط الأفراد مع الفرص التطوعية.
وبغض النظر عن جهة تطوعهم عبر برنامج تديره الحكومة أو منظمة من القطاع الخاص، فالأميركيون يحملون معهم إلى مهامهم التطوعية نفس أخلاقيات العمل الجاد وروحية الاهتمام بالآخرين. إننا نجد هذه الروحية في كلمات المتطوع بيرنسي ويلش، من مندنهول بولاية مسيسيبي، العضو في فيلق المتطوعين الكبار السن:
” إنني متطوع في برنامج المتطوعين المتقاعدين وكبار السن rsvp لمقاطعة سمبسون منذ حزيران/يونيو 2001 ، حيث أعمل في مركز بيرل لاجتماعي ودار كوبيا الحية للرعاية الصحية. خلال إعصار كاترينا، انقطع التيار الكهربائي. لحسن الحظ، تم استعادته بسرعة، وعندما عاد، وصلت ثلاث ثلاجات لعائلات أخرى بمقبس الكهرباء في منزلي. وباستعمال طباخي الذي يعمل على الغاز، أعددت الطعام أيضًا لعدة عائلات، وغسلت الملابس ل 21 شخصًا، وذهبت إلى مركز الإطفاء المحلي للحصول على الثلج والمياه ووجبات الإغاثة الجاهزة mre (وجبات موضبة ومجهزة في الأصل للقوات العسكرية) لتسليمها إلى العائلات، ووهبت الملابس إلى أولئك الذين فقدوا كل شيء، وزّودت المرطبات للعاملين في مرافق الخدمات. انضممت أيضًا إلى مجموعة من الآخرين ف أعددنا كرنفالًا احتفاليًا للمجتمع المحلي. ورغم كل هذا، تمنيت لو أنني استطعت فعل المزيد.“
التطوعية كإحدى أمجاد الحياة الأميركية
في حين يقدم الرؤساء الأميركيون وجهات نظر مختلفة حول كيف يمكن للحكومة أن تُشجع المبادرات الفردية، إلاّ أنهم جميعهم يتبنون التطوعية كإحدى أمجاد الحياة الأميركية. ولا يختلف أحد منهم مع كلمات رونالد ريغان في العام 1986، الذي أطلق على عمل المتطوعين، ”وجه من وجوه الشخصية الأميركية الأساسية في حياتنا، مثلها مثل حرية الكلمة، والتجمّع، والعبادة“.
مبادرات الولايات والمبادرات المحلية
في حين توفر المبادرات الفدرالية العديد من الفرص، تبقى التطوعية في الغالب ظاهرة تخص حكومات الولايات والمجتمعات المحلية. رغم سفر بعض الأميركيين في كامل أنحاء المعمورة لمساعدة المحتاجين، فإن العديد منهم يركز جهوده على عائلاته، وأصدقائه، ومجتمعه المحلي. وقد صاغت العديد من حكومات الولايات والحكومات المحلية عدداً من المبادرات لمساعدة هؤلاء الأميركيين الكرماء على إيجاد المنافذ المناسبة لكرمهم.
فولاية وست فرجينيا، على سبيل المثال، أنشأت هيئة الخدمة القومية والمجتمعية. تشجع الهيئة مواطني تلك الولاية على جعل الحياة حولهم أغنى و أفضل عبر تبرعهم بالوقت والجهد. توفر الهيئة التدريب، وبرنامج لمطابقة التنظيم التطوعي، وخدمات أخرى. وفي كاليفورنيا، توجه شبكة من 28 مركزا تطوعيا أكثر من 650,000 متطوع كل سنة إلى حوالى 40,000 منظمة من المجتمعات المحلية.
”إذا أردت مساعدة نفسك، ساعد غيرك.“
البلديات المحلية تبحث باستمرار عن مساعدة المتطوعين، ويّسر العديد من المواطنين المشاركة فيها للحصول على مهارات قيّمة، والتعرف إلى أصدقاء جُدد، أو لمجرد المساعدة فقط. فمدينة لوفلاند، بولاية كولورادو (عدد سكانها 58,000 نسمة)، تجري مقابلات مع المتطوعين المحتملين حول أهدافهم، ومهاراتهم العملية، وخبراتهم التطوعية. يرسل المتطوعون إلى منتزهات المدينة، ودوائر الاستجمام، والمكتبات العامة، ومراكز الإطفاء التطوعي والأقسام الأخرى من فروع حكومة المدينة. أعضاء متطوعي ”لوفلاند سنو سكواد“، على سبيل المثال، يجرفون الثلوج من ممرات منازل المواطنين لكبار السن والمعوقين.
بإمكاننا ان ندرج أمثلة عن التطوعية تماثل بعددها مجمل عدد المجتمعات الأميركية بل أكثر. إن الاندفاع للمساعدة يبقى جزءاً حيوياً من الحياة الأميركية. فالأميركيون يعتبرون كلمات المُعلّم بروكر تي واشنطن مبدأ تنظيمياً لحياتهم: ”إذا أردت مساعدة نفسك، ساعد غيرك.“
المؤسسات الخيرية مهندسة التغيير الاجتماعي
عبر مُجمل تاريخ الولايات المتحدة، كان المواطنون يجتمعون طوعاً لتلبية الحاجات الحيوية لمجتمعاتهم. هذا الكرم، وهذه الإرادة للعمل معاً نحو هدف مشترك، هو طابع مميز للشخصية الأميركية. الأعمال الخيرية متجذرة بقوة في المعتقدات الدينية، في تاريخ المساعدة المتبادلة، في المبادئ الديمقراطية للمشاركة المدنية، في المقاربات التعددية لحل المشاكل، وفي التقاليد الأميركية للحكم الذاتي والحكومات المحدودة السلطة.
إن المشقات التي واجهها المستوطنون الأوائل في أميركا الشمالية، عندما كانت الحكومة ضعيفة وبعيدة، أجبرت الناس على التضامن سوية لحكم أنفسهم بأنفسهم، لمساعدة بعضهم البعض، والشروع في الأعمال الاجتماعية، مثل بناء المدارس والكنائس ومراكز مكافحة الحرائق. نما من هذه الخبرات تقليد اتخاذ المواطن للمبادرة والقيام بالجهد الفردي لتعزيز الخير العام.
دعم المهاجرون اللاحقون مجتمعاتهم عن طريق التبرع عبر الكنائس لمساعدة الفقراء وتشكيل مجموعات لمساعدة بعضهم البعض في وطنهم الجديد. سكان أميركا الأصليون والأميركيون الأفارقة كانوا يملكون أيضاً مبادرات عطاء متجذره بعمق.
وكان القادة الدينيون يشجعون منذ أمد طويل أعضاء رعيتهم على إعطاء الفقير وعلى التبرع إلى الأعمال الخيرية لكنائسهم.
أن الإنسان الثري هو نتيجة الانتقاء الطبيعي لقوى المنافسة
فالعطاء للناس المحتاجين في مجتمعاتهم، إلى الفقراء في البلاد الأخرى، إلى ضحايا الكوارث الطبيعية، و إلى كنائسهم كان واجباً شعر به بقوة العديد من الناس، ولا زالت هذه المعتقدات الدينية تُشكِّل دافعاً هاماً للمشاركة في الأعمال الخيرية.
بنجامين فرانكلين ( 1706 – 1790) ، المخترع ورجل الدولة في فترة الاستعمار الأميركي، كان من أوائل عاملي الخير. فقد أعطى لتحسين مجتمعه ولتوفير الفرص للناس لمساعدة أنفسهم. أنشأ منظمات مدنية محلية، مثل وحدة مكافحة الحريق التطوعية الأولى في فيلادلفيا، ومؤسسات مثل مستشفى بنسلفانيا، وجامعة بنسلفانيا، والمكتبة العامة في فيلادلفيا.
لكن لم يبد أ الأفراد بوجه عام استعمال أعمالهم الخيرية حتى بداية القرن العشرين للسعي في سبل مكافحة المشاكل، و إجراء الأبحاث، وتعزيز العلوم. أحد أوائل المناصرين للأعمال الخيرية العصرية كان آندرو كارنيغي، رجل الأعمال الثري. فقد اعتبر أن الإنسان الثري هو نتيجة الانتقاء الطبيعي لقوى المنافسة. وبكسبه الثروة، يصبح هذا الإنسان وكيلاً للحضارة، وتصبح الأعمال الخيرية أداة لتحسين الحضارة وتحل كبديل عن الإصحلات الجذرية. شملت الأعمال الخيرية لكارنيغي إنشاء المكتبات العامة والوكالات الأخرى التي يمكن أن توفر ((المصاعد التي تمكن أصحاب الطموح من تسلقها)).
عصر التفاؤل والإيمان في قدرة العلم والمنطق على حل المشاكل الإنسانية
كارنيغي وعدة قيادات أخرى في قطاع الأعمال والمجتمع المدني، ومن ضمنهم جون دي روكفلر ومارغريت أوليفيا سايج، نظموا أعمالهم الخيرية في شكل جديد، شبيه بشركات الأعمال الكبرى، التي كانت ناجحة في حينها. و أيضاً في ذلك الوقت، أنشأ المصرفي فردريك اتش غوف المؤسسة الخيرية الأولى الاجتماعية في كليفلاند، بولاية أوهايو. هذه ((المؤسسات الخيرية)) الجديدة، الخاصة والمجتمعية، لم تكن مصممة لمساعدة أولئك الذين هم بحاجة مباشرة، فانشئوا بدلاً من ذلك أدوات للإصلاح وحل المشاكل، بحيث تعالج هذه الأدوات الأسباب الأساسية للفقر، والجوع، والمرض عن طريق إعطاء الأموال، والمعروفة ((كمِنَح))، إلى أولئك الناس والمنظمات الأفضل تجهيزاً لمعالجة المشاكل المُعيّنة. وفكرة الأعمال الخيرية المنهجية والعلمية هذه كانت نتاج عصر التفاؤل والإيمان في قدرة العلم والمنطق على حل المشاكل الإنسانية. وهي الأساس المنطقي لمعظم المؤسسات الخيرية الأميركية في يومنا هذا.
واليوم، ما تزال معظم الأعمال الإحسانية تُنفّذ أعمالها من أموال تُمنح بهذه الطريقة.
العمل الخيري كتصميم هندسي
يمكن اعتبار الأعمال الخيرية كتصميم هندسي للاستثمارات الاستراتيجية التي تُعزز الخير العام. ومثلها مثل المهندسين المعماريين المحترفين، تحلل المؤسسات الخيرية التحديات والحلول التصميمية الوظيفية لإتاحة الاستفادة القصوى من الموارد المتوفرة من طريق التركيز على النتائج. والمؤسسات الخيرية غير مُقيدة بهوامش الربح كالصناعة، وغير مُقيدة بسياسات الحكومة، ويمكنها تحمّل كلفة المخاطر لتنفيذ الأبحاث الهامة وأعمال التطوير المطلوبة لدراسة الهيكليات الاجتماعية، ومراجعة النماذج المعروفة، ومواجهة التحديات التي قد تؤدي إلى أزمات.
المؤسسات الخيرية مُتوفرة بعدة أشكال: المؤسسات العائلية المرتكزة إلى موارد العائلة، والمؤسسات الاجتماعية المنظمة لتحسين نوعية المجتمعات، والمؤسسات المستقلة الموجهة نحو مهام معينة تضعها مجالس الأمناء. لكن هذا فصل واحد فقط من الأعمال الخيرية. فتبرع الشركات الكبرى هو عنصر أساسي آخر في جهودنا لإعادة ما أعطانا إياه المجتمع.
البصيرة، والإلهام، والابتداع
المؤسسات الخيرية تجمع معاً خبرة الصناعة، والحكومة، والأكاديميات، والمجموعات المجتمعية، والأفراد لمعالجة المسائل الضاغطة و إيجاد الحلول الناجعة. وهو تماماً هذا النوع من التعاون، على سبيل المثال، الذي أدى إلى شراكة عامة – خاصة بين المؤسسات الخيرية ومكتبة الكونغرس الأميركي لإطلاق مبادرة بناء المكتبة الرقمية العالمية، التي ستجمع مواد أساسية مبعثرة من الحضارات العالمية المتنوعة في مواقع موحدة على شبكة الإنترنت لكل حضارة على حدة. فالمكتبة الرقمية العالمية تملك إمكانيات ضخمة لزيادة التفاهم العابر للحضارات.
ومن خلال البصيرة، والإلهام، والابتداع، قدمت المؤسسات الخيرية مساهمات مهمة ودائمة في مجال الصحة، والتعليم، والبيئة، وتطوير الشباب، والفنون. كما كانت فعّالة في إعادة إحياء وتأهيل الأحياء الداخلية للمدن، والحفاظ على النسيج الاجتماعي للمجتمعات عبر الولايات المتحدة وعبر العالم.
التعليم أيضاً يشكل تركيزاً أساسياً للأعمال الخيرية
فمثلاً، العديد من المؤسسات الخيرية اليوم تُعالج مشاكل مرض الايدز/نقص المناعة المكتسبة، والمالاريا، والسل، وتُنفق ملايين الدولارات على الأبحاث والمشاريع لتوسعة برامج التلقيح التي تستهدف أمراض الأطفال في الدول الفقيرة في العالم. تُنفق مؤسسة بيل ومليندا غيتس الخيرية أكثر من مليار دولار سنوياً، تقريباً بحجم إنفاق منظمة الصحة العالمية، على جهود رفع الوعي العام واستئصال الأمراض السابقة الذكر. العديد يعتبر أن مؤسسة غيتس، إحدى أجدد وأكبر المؤسسات الخيرية التي دخلت قطاع الأعمال الخيرية، أصبحت المنظمة الأكثر تأثيراً في الصحة العالمية اليوم.
التعليم أيضاً يشكل تركيزاً أساسياً للأعمال الخيرية، حيث تقوم العديد من المؤسسات الخيرية الأميركية بتوسيع التمويل والأبحاث لدعم التعليم العالي في سائر أنحاء العالم. لهذا الهدف، اجتمعت سوية مؤسسة جون دي. وكاثرين تي ماكارثر، ومؤسسة فورد، ومؤسسة روكفلر، ومؤسسة كارنيغي في نيويورك، ومؤسسة وليام وفلورا هيوليت، ومؤسسة أندرو دبليو ميلون في الشراكة للتعليم العالي في أفريقيا. قدمت هذه المؤسسات الخيرية مجتمعة أكثر من 150 مليون دولار وتعهدت إنفاق 200 مليون دولار إضافية خلال خمس سنوات لدعم جامعات منتقاة في غانا، وموزمبيق، ونيجيريا، وجنوب أفريقيا، وتنزانيا، و أوغندا، وكينيا، وهي جامعات تعتبر بأنها تشكل عناصر للتقدم الاجتماعي، والاقتصادي، والسياسي.
الأعمال الخيرية في القرن الحادي والعشرين
تتعرض حالياً طبيعة وممارسة الأعمال الخيرية في الولايات المتحدة لتغيير مذهل يُحركه بغالبيته نمو حجمه وتبدل طبيعته. فقد أدى الازدهار الاقتصادي الى تكاثر درامتيكي في المؤسسات الخيرية. فمن بضعة الآلاف من المؤسسات الأميركية التي كانت تُقدّم المِنَح ما بعد الحرب العالمية الثانية ازدادت اليوم إلى أكثر من 65,000 منظمة في كامل أنحاء العالم، ما يشهد على النمو العميق في الأعمال الخيرية ليس في الولايات المتحدة فحسب، بل على المستوى العالمي أيضاً. يبلغ مجموع موجودات هذه المؤسسات الخيرية الآن أكثر من 500 مليار دولار، مع تبرعات سنوية مرتفعة لا سابق لها قدرها 33.6 مليار دولار. فهذا، من نواح كثيرة، وقت التفاؤل والإبداع حيث يكتشف الناس أنظمة جديدة لإعادة الثروات الخاصة إلى المجتمع الذي استمدتها منه لفائدة الخير العام.
تعيش الولايات المتحدة وتزدهر ضمن اقتصاد عالمي. ونتيجة لذلك، ف إن الأعمال الخيرية الأميركية تصبح أكثر عالمية. وبينما تنمو الثروات في اقتصاديات السوق الجديدة، يتم التشديد على تقاليد العطاء. عالمياً، هناك العشرات من المؤسسات الخيرية الجديدة في أفريقيا و آسيا و أميركا الجنوبية و أوروبا.
يقدر «تقرير الوضع العالمي للمؤسسات الاجتماعية لعام 2005 أن هناك على الأقل 1188 مؤسسة اجتماعية في 46 دولة خارج الولايات المتحدة، مع وجود 150 مؤسسة أخرى على الأقل قيد التأسيس حول العالم.
شراكة بنّاءة مع الزملاء في الأعمال الخيرية
الانخراط في ذلك المجتمع العالمي يجب أن يتضمن شراكة بنّاءة مع الزملاء في الأعمال الخيرية في كافة أنحاء العالم. أنشئ مجلس المؤسسات الخيرية، المنظمة الدولية التي يشارك فيها أكثر من 2000 عضو من المؤسسات والشركات التي توفر البرامج وتقدّم المِنَح، في العام 1949، وهو ملتزم بزيادة الامتداد العالمي التعاوني للأعمال الخيرية ويُنظم حالياً أحد أكبر تجمّع لقيادات مؤسسات الأعمال الخيرية في التاريخ. خلال هذه القمة، المقرر عقدها خلال عام،2008 سيدعو المجلس الزملاء الأميركيين والعالميين للتجمع في واشنطن العاصمة، للمشاركة في محادثات أساسية عبر كافة المسارات، لنتمكن من التعامل بشكل أفضل مع الدور الجوهري للأعمال الخيرية في القرن الواحد والعشرين.
إن التحدي الذي يواجه الأعمال الخيرية هو إنجاز الأعمال التي هناك أمس الحاجة لها حيث لا يقدر أو لا يرغب الغير القيام بها: في أماكن التربة الصلبة حيث يتجذر العنف، في خضم الظروف المروعة حيث البطالة سائدة، وفي تلك المجازفات التي يصعب على الحكومات القيام بها بسبب الضغوط السياسية. يجب أن تركز الأعمال الخيرية أعمالها على الاتجاهات والميول التي تتوقع عناوين أخبار الغد. وقد يكمن الإرث الأكثر ثباتاً للأعمال الخيرية عبر العقود في مبادرة العطاء نفسها، في التبرعات التي تشكل مثالاً للغير، إن كان ذلك، عن طريق إنشاء مؤسسة خيرية، أو مساعدة منظمة إحسانية، أو تلبية حاجة إنسان.
الثروات تنمو وتختفي، لكن يستطيع المجتمع الاعتماد دوماً على دوام ابتكارات الأعمال الخيرية، وتعاونها، والنتائج التي تحققها من أجل الصالح العام.
أمور لا تحدث من تلقاء نفسها
الأسس الإرشادية، والدعائم، ومهنة إدارة المؤسسات اللاربحية
إن نطاق الأعمال الخيرية التي يقوم بها المواطنون في الولايات المتحدة مدهشة في تنوعها. ومن الواضح أن الأعمال التطوعية غير الرسمية والعفوية، وكذلك الأعمال الخيرية، لا زالت تتسارع بوتيرة مُشجعة. إلاّ أن قطاع الأعمال الخيرية بصفته ميدان عمل قائم على الجهد والمسعى، تطور إلى حد أن هذه المؤسسات والمنظمات الخيرية أصبحت تُدار على يد هيئة موظفين محترفين ومدربين على الأنظمة المختصة بهذا العمل.
المهمات التي يتولاها المدراء في الخدمات التطوعية
المهمات التي يتولاها المدراء في الخدمات التطوعية تشمل اجتذاب، و إدارة، وتدريب، وشكر المتطوعين. قد يكون المدراء أعضاء في منظمات محترفة متخصصة أو قد تكون لديهم إجازات متخصصة أو شهادات جامعية في معرفة دعم هذه الأعمال. وطِبقاً لتقرير ((تعليم إدارة المؤسسات اللاربحية – التقديمات الحالية في البرامج القائمة))، كان هناك في العام 2002 حوالى 255 كلية وجامعة تقدم دورات دراسية في إدارة المؤسسات اللاربحية وكذلك برامج شهادات لطلاب المراحل الجامعية الأولى والعليا.
إن فن وعلم تحويل الأموال إلى قضايا احسانية من خلال المِنح أصبح أيضاً عملاً معقداً بالنسبة لكل من المنظمات التي تقدم مقترحات المِنَح، وتحصل على التمويل، وتحضر التقارير عن أعمالها، كما بالنسبة إلى المؤسسة الخيرية التي تستلم وتصدر القرارات حول المقترحات المقدمة وتراقب المِنَح، وفي نهاية المطاف ترفع التقارير إلى مجلس الإدارة والمتبرعين، أو إلى الجهات المعينة الأخرى.
أصبح لدى كل من الواهبين والمؤسسات الخيرية اهتمام كبير بالطريقة التي تتولى فيها المؤسسات الخيرية إدارة أموالها وبرامجها، وخصوصاً بالنتائج التي تحصل عليها وبمدى الحذر التي تدير مواردها فيها. تُصنّف مجموعات الإشراف المؤسسات الخيرية حسب نتائجها وطِبقاً لنسبة الأموال التي تصل الى المجموعات المخدومة، مقارنة مع النسبة التي تدفعها للنفقات الإدارية العامة. المتبرعون يختارون المؤسسات الخيرية التي يؤيدونها بجزء منها وفق هذه التراتبية.
ومن الطبيعي أن تكون طرق تحضير تقارير هذه المؤسسات أيضاً مهمة جداً بالنسبة إلى كل الجهات المعنية أعلاه.
وبطرق عدة، أصبح قطاع إدارة المؤسسات اللاربحية يدقق نفسه بنفسه. المؤسسات والمنظمات الخيرية والاحسانية تحضر التقارير المالية وغيرها من التقارير حول نتائجها وممارساتها الإدارية ثم تقوم المنظمات، كمجلس المؤسسات الخيرية ومركز المؤسسات الخيرية، باستخدام هذه المعلومات لرفع تقارير شاملة. بينما تقوم مجموعات أخرى بتصنيف المؤسسات وفقاً لأدائها.
المراجع
العودة للجذور ”دراسة للعادات الاجتماعية“
مجلة إيجورنال الأمريكية ”المجتمع والقيم عدد مايو 2006“
المفضلات