الغضب غلبة من الشيطان
متى رأيت صاحبك قد غضب و أخذ يتكلم بما لا يصلح ، فلا ينبغي أن تعقد على ما يقوله خنصراً ، و لا أن تؤاخذه به .
فإن حاله حال السكران ، لا يدري ما يجري .
بل اصبر لفورته ، و لا تعول عليها ، فإن الشيطان قد غلبه ، و الطبع قد هاج ، و العقل قد استتر .
ومتى أخذت في نفسك عليه ، أو أجبته بمقتضى فعله ، كنت كعاقل واجه مجنوناً ، أو كمفيق عاتب مغمى عليه . فالذنب لك .
بل انظر بعين الرحمة ، و تلمح تصريف القدر له ، و تفرج في لعب الطبع به . و اعلم أنه إذا انتبه ندم على ما جرى ، و عرف لك فضل الصبر .
وأقل الأقسام أن تسلمه فيما يفعل في غضبه إلى ما يستريح به .
وهذه الحالة ينبغي أن يتلمحها الولد عند غضب الوالد ، و الزوجة عند غضب الزوج ، فتتركه يشتفي بما يقول ، و لا تعول على ذلك ، فسيعود نادماً معتذراً .
ومتى قوبل على حالته و مقالته صارت العداوة متمكنة ، و جازى في الإفاقة على ما فعل في حقه وقت السكر .
وأكثر الناس على غير هذه الطريق .
متى رأوا غضبان قابلوه بما يقول و يعمل ، و هذا على مقتضى الحكمة ، بل الحكمة ما ذكرته ، و ما يعقلها إلا العالمون .
منقول عن كتاب صيد الخاطر لابن الجوزي
المفضلات