2- 3 - ممارسة الفقير , للرياضة حق وليست صدقة
إن تناول موضوع الفقراء الرياضيين . رغم أنه محصور في فئة محددة . ونشاط اجتماعي معين , فله من التعميم في كل الأوطان . بما يجعله غير واضح . إذ تبقى أهدافه ضيقة لا تتعدى إبراز خصائص الرياضيين المنتمين لطبقة الفقراء الذين يعانون من تهميش دورهم في الحياة.إلى حد أنهم كما يشكلون عبئا . قد يكونون ذخيرة للمستقبل , وقوة دافعة لتقدم الرياضة لأنهم مصدر غنى بما لهم من مختلف أنواع الحلول الابتكارية لمعالجة مشاكلهم الأكثر ضعفا والأكثر صعوبة -
فلم تكن ظاهرة الفقر حديثة العهد في بلادنا . بقد ر ما هي ظاهرة اجتماعية ممتدة في أعماق تا ريخنا الرياضي , وكم جعلت من الرياضيين ضعا فا مستكينين , وكم قادت ممارسين لفرض وجودهم و تخطيهم للحواجز متسلحين بالعزيمة أحيانا , وبالعلم أحيانا أخرى , وبالرغبة في الانسلاخ من أوضاع . لا يزيد التقوقع فيها إلا انتشارا وتوسعا . يهدد الحاضر والمستقبل
وحينما نقول : الفقر في الرياضة . لا نغفل أن ا لفقر هو الفقر . وأن الفقر الرياضي ليس إلا صورة من صوره المتعددة , وهو في عموميته عدو للإنسا ن حيث من الأقوال المأثورة في هذا العداء بينهما : مقولة علي بن أبي طالب , كرم الله وجهه " لو كان الفقر رجلا لقتلته " وهذا ما يبرز أن كل محا ولات الخروج من دائرة الفقر , تكون معركة حتى مع الذا ت , كما تبرز أن مسا عي الرياضي الفقير , تجسد رفضا لكل أ شكا ل الفقر : يقا ومها , ويجد د مقا ومتها , تكون مؤثرا تها أقوى من أن تتركه ينفلت بسهولة , وقد يطل على طريق ا لخلا ص , وقد تغلق ا لمسا لك في وجهه , تارة يعاكسه الحظ , وتارة يما نعه غني منافس , وقليلة هي ا لفرص ا لتي تتاح لفقير فيودع حياة ا لبؤس والإقصاء , إنها إذن معركة وصراع ممتدا ن عبر التا ريخ , وقد تصبح فيهما المقا ومة عذ ابا , وتصبح المعركة فتنة , ويصبح الصراع كفرا, وكفا نا أن نقرأ عن عائشة رضي الله عنها قول النبي " ص " : اللهم إني أعود بك من الكفر والفقر , اللهم إني أعود بك من عذاب القبر , لا الاه إلا أنت
وتتعدد العلاقات بين الفقر والرياضة . فهي لدى الصوفية تأ تي من أن اصطلاح الرياضة : يقصد رياضة النفس ضد متا بعة الأهوا ء وتسخيرها لملا زمة الحدود , ومقا ومة ما يهددها با ستمرا ر . من كفر وفقر . ومن غرا ئز إنسا نية. وذلك للسيطرة عليها وا لتسامي بها . واعتبر الصوفية أن الفقر أساس كل ريا ضة – ولكن لا نقول في عصرنا هذا . بما أخذوا به . من أن الجوع وسيلة للريا ضة والمجاهد ة – إلا أن الرياضي الفقير , وهو يتحدى المعوقا ت , ويتحدى الفا قة, كمن يقوم برحلة شا قة, مشقتها تقوم على مزا ولة الريا ضة, والترقي في درجاتها عشقا وأداء , فلا مناص له من المحاولة وتكرارالمحاولة ما دام ذلك هو السبيل الباقي في هذا العصر بعد أن أصبح اختلاط المصالح الطبقية سائدا - وإذا توقفت عند تعريف للفقير الرياضي . بأنه : هو ذلك الشخص الذي يريد أن يعيش دائما فقيرا مصابا بالإحباط , عاجزا عن مقاومة الخطر
- وما دامت المسلمة تقول : أن لا أحد يريد أن يبقى فقيرا فإني أؤكد أن مقاومته للخطر, تجعله ينسى دائما وضعية فقره , ويتذكر باستمرار أنه غني في عطاءاته وأدائه الرياضي المتميز , فرب فقير رياضي هو أغنى من غني ريا ضي .ورب غني رياضي هو أفقر من فقير رياضي , وكم بين الفقراء من نخب رياضية – لكنها في العتمة – الخيبة رمز طموحها والمزابل ملاعبها ونجم الصبح عندها حذاء مثقوب , وان كان لا بد من فرق . فللفقير الرياضي كل العزيمة . وبالعزيمة وصل رياضيون فقراء إلى تخطي الإحباط والعجز . وحققوا نتائجهم المرموقة التي أدخلتهم التاريخ من بابه الواسع , وأصبحوا في دائرة الفعل , منتجين لوعي جماعي بأهمية الدعم . حتى يترسخ لدى المهتمين بالقطاع , أن دعم فقراء الرياضة. حق وليس صدقة. نريده علاج نهوض وليس مسكنات تبقي على الركوض
لقد وجدت أن من الأهمية بمكا ن . العودة إلى طرح هذا الموضوع " دور الفقراء في النهضة الرياضية " لأن النهضة الرياضية , لا يمكن أن تتجدر في مجتمعنا . دون حركية
العناية الحقيقية بفقرائنا الرياضيين والاستفادة من إنجازا تهم .إلى جا نب مناهضة الفعل السلبي الطارئ على سلوكهم
وكم ترد د ت في اقتحا م إشكالية هذا الموضوع من جديد , وقد مرت على طرحي له أزيد من 20 سنة. ولم يجد لدى من يهمهم أمره أي اعتبار , ثم أ ني لا أملك أسلحة سوى بعض أد وات البحث الاجتماعي – باعتبار أن الرياضة فعل اجتماعي – ولكني أملك مشروعية إيصال صوتي ود راسة التغير واقتراح عنا صر الدينا مية الأ قرب. ليكون إشراك الفقراء الرياضيين تغييرا اجتماعيا رياضيا , ينطبق على المجموعة ولا يبقى متعلقا بفرد واحد وعن طريق الصدفة التي قد لا يجود الزمان بها أو تتطلب انتظارا وترقبا طويلين , بل يشمل البنية الرياضية , ويضمن الاستمرارية الفعالة في سياق تنمية مغربية. لا أن تكون استمرارا للتهدئة .
فالبلد الذي يريد الاستفادة من التنمية الدائمة , يجب أن يجعل التكامل الاقتصادي الداخلي , على رأس أولوياته , إلى جانب تنمية رأس ا لما ل ا لبشري , وتنمية ا لبنية التحتية وتنمية مؤسسات سوق وطنية قوية . وضمنها السوق الرياضية, والاعتماد على الإنتاج الوطني حيثما أمكن ذلك أو كان المشروع في البداية فكفى من الهروب إلى الأمام والوقوف عند الاعتراف للرياضة بحقوقها على الأوراق . فالفقير الرياضي لا يلمس من الأندية لرياضية المعنية التي ينتمي أو قد ينتمي إليها – علما أنها محسوبة على المجتمع المدني ويلزمها السعي إلى تحقيق ما يضمن قضاءها على الفقر الرياضي – لا يلمس منها أية عناية . وواقعها يقف عند الاستغلال والإتجار بمؤهلات اللاعبين والممارسين في كثير من الأحيان
محمد التهامي بنيس