Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2968

Warning: preg_replace(): The /e modifier is deprecated, use preg_replace_callback instead in ..../includes/class_bbcode.php on line 2958
المقامة الجندرية !!

آخـــر الـــمـــشـــاركــــات

النتائج 1 إلى 13 من 13

الموضوع: المقامة الجندرية !!

مشاهدة المواضيع

  1. #1
    عـضــو الصورة الرمزية علي الحليم المقداد
    تاريخ التسجيل
    26/07/2008
    المشاركات
    198
    معدل تقييم المستوى
    16

    افتراضي المقامة الجندرية !!

    [justify]
    [justify]بَلَغَنِي أنِّ الباحثةَ التونُسيةَ السيدة (( آمال قرامي )) أرادت أن تنشرَ ما جادَ بهِ فِكْرُها و اليراعْ ، فانطلقتْ إلى " ملْتقى المرأةِ و الإبداعْ " ، و راحتْ تصولُ و تجولْ ، مُخاطِبَةً الضمائرَ و العقولْ ....
    فهي متخصصة في مقارنة الأديان ، و أوتيتْ من ملكةَ الإعرابِ و البيان ، ما لم يُؤْتَهُ إنسان!!
    وهي صاحبةُ الدراسات المقارنة ، في المسائل التراثية التي تحتاجُ تشذيبا أو موازنة .
    و هي صاحبة الاجتهادات البهيَّة الأنيقة ، في المسائل الفقهية الدقيقة ، و دونَ " لِحْيَةٍ "و لا " لَفَّة " ، تُعرِبُ عن آرائها بكلِّ طلاقةٍ و رشاقةٍ و خِفّة ...
    و هي أستاذة ٌ حصيفة ٌ ذاتُ همةٍ عليّة ، وباحثة ٌ ذاتُ آراءٍ جليّة ، يزين ُ محياها الجامعة َ التونسية .... و إلى جانب هذا و ذاك ، هي واحدةٌ من قائدات المسيرة " الجندرية " ، المتسللةِ إلينا – كالحنكليسِ – من بلادِ الغربْ ، لتحرّرَ لنا المرأةَ العربيةَ المسلمة َ من كلِ كَرْبْ ، و تضعُها و الرجلَ في عالمٍ من المساواة ، دون تفريقٍ أو تَزَلّفٍ و لا محاباة .
    و " الجندرية ُ" عند الأستاذة ، كمزامير ِ داوودَ أو أناشيدِ الإلياذة ، انغمستْ فيها من رأسِهَا حتى أخمصِ قدميها .. فصارت ترانيمَها و شدوَها الذي لا يُفارِق ُ شَفَتيْها ، يصفقُ له مُعْجَبُوْهَا في حرارةٍ و حماسة ، بغضّ ِ النظر ِ عن سعادة ٍ أو تعاسَة !!
    أما " ما الجندرية ؟" ، و " من أين جاءت ؟" .... أسئلةُ أخي الأستاذ ( عبدالقادربوميدونة ) ، الذي أرادَ منا إجابة ً جامعة ً مانعة ً مضمونة ، لا يحكمُها تسرّع ٌ و لا رعونة .... فالقصةُ طويــــــــــــــلة ٌ ، طويلة ، تحتاجُ إلى " قعدة ٍ" مُجْزِيَة ٍ جميلة ، على واحدة ٍ من رُبى الأوراس ، حيثُ الماضي التليدُ و أعظمُ ناس ، أو على واحدِ من سفوح ِ جبل العرب الأشمّ ، حيثُ أصداءُ الإباء ، و أصحابُ الهاماتِ الشمّاء ....
    هناكَ ، النسائمُ العليلة ُ موجة ُ عِطْر ، أصالَة ُ التُّراب ِ و الإنسانِ وَمْضَة ُ سِحْر ، و الانتماءُ للأرْض ِ و التاريخ ِ إشْراقَة ُ فَكْر !!
    تبدأُ القصة ُ من اللفظة الأصيلة " gender" و هيَ لفظة ٌ محْضُ انكليزيةٌ ، وليست من العربية أو التركية ليست من الفارسية ، أو الباكستانية ِ و لا الماليزية .... !! . منها جاءت "الهوية الجندرية gender identity"التي عَرّفَتْ عنها (الموسوعةُ البريطانية ُ) فقالتْ:
    (( إنها شعورُ الإنسانِ بنفسه كذكر أو أنثى، وفي الأعم الأغلب فإن الهوية الجندرية تطابق الخصائص العضوية، لكن هناك حالات لا يرتبط فيها شعور الإنسان بخصائصه العضوية، ولا يكون هناك توافق بين الصفات العضوية وهويته الجندرية " أي شعوره الشخصي بالذكورة أو الأنوثة " ))،
    و تتابعُ الموسوعة تقول :
    ((إن الهوية الجندرية ليست ثابتة بالولادة - ذكر أو أنثى - بل تؤثر فيها العوامل النفسية والاجتماعية بتشكيل نواة الهوية الجندرية، وهي تتغير وتتوسع بتأثير العوامل الاجتماعية كلما نما الطفل. هذا يعني أن الفرد من الذكور إذا تأثر في نشأته بأحد الشواذ جنسياً فإنه قد يميل إلى جنس الذكور لتكوين أسرة بعيداً عن الإناث، ليس على أساس عضوي فسيولوجي، وإنما على أساس التطور الاجتماعي لدوره الجنسي والاجتماعي، وكذلك الأمر بالنسبة للفرد من الإناث ! ))
    و تقولُ الموسوعةِ البريطانيةِ أيضاً :
    ((من الممكن أن تتكون هوية جندرية لاحقة أو ثانوية لتتطور وتطغى على الهوية الجندرية الأساسية - الذكورة أو الأنوثة - حيث يتم اكتساب أنماط من السلوك الجنسي في وقت لاحق من الحياة، إذ أن أنماط السلوك الجنسي وغير النمطية منها أيضاً تتطور لاحقاً حتى بين الجنسين! )) .
    أما منظمة الصحة العالمية فتُعرفُ الجندر فتقول :
    (( هو مصطلح يُسْتعمَلُ من أجل توصيف الخصائص التي يحملها الرجل والمرأة كصفات مركبة اجتماعية، لا علاقة لها بالاختلافات العضوية))
    الآنَ دعونا نَسْتَرِحْ قليلا ، و كي لا يبقى ما نقولُ قالاً و قِيْلا ، ننظرُ كيف صار هذا المصطلحُ كالنار المُتّقِدة ، في وثائق الأمم ِ الْمتحدة ... و كيفَ أنهُ في رُبوعِها انْداح ، دونَ دردشةٍ و لا مُزاح ، وكيف يُحاوِلُ أعداءُ العرؤبـَةِ و الإسلام ِ من الغربيين وأذنابُهم مِنَ الـْ"جندريين" تمريرَهُ إلينا ، و فرضَهُ علينا ، - نحنُ العربَ و المسلمين – شِئْنا ذلك أمْ أبـَيْنا ...
    ففي عام ِ ألفٍ و تسع ِ مئةٍ و أربعةٍ و تسعينَ ، و في مؤتمرِ السكان الذي عُقدَ في القاهرةِ العدية ، و في نص ِ الإعلان ِ الذي دعا إلى تحطيم ِ كل ِالتفرقة الجندرية ... تكرّرَ ورودُهُ إحدى و خمسينَ مرة ، لكنه - وقتَها – لم يُثِرْ أحداً و لم يكسرْ من الجِرارِ و لا جَرّة ، ربما لأنّهُ تُرجـِمَ – حينها – إلى العربيةِ بـِ ( ذكر / أنثى ).
    ثمَّ ، ظَهَرَ – صاحب السعادة المصطلح – ثانية ً في صورة ٍ : علينا غامضة ، في عقول ِ أصحابـِها رابـِضةٍ وامِضـَة ، في وثيقةِ بكين ، عامَ ألفٍ و تسع ِ مئةٍ و خمسةٍ و تسعينَ ، إذ تكرر ذكرُه من المراتِ مائتين ِ وأربعاً و خمسين .. دونَ تعريفٍ واضح ٍ مُبين ، و لا بيان ٍ و لا تبيين ، - خصوصا – للعربِ و المسلمينْ ، مما حرّضَ العقول ، و أثارَ الفضول ، للنظر ِ في المعنى الحقيقي ِِّ و الأصول !!
    فَدارتْ أيّـَامًا رَحَى الْحِوارْ ، في البَحْثِ عن معناه ، و وَضْع ِ تعريفٍ مُحَدّدٍ يجلي مؤداه ... ويبدو أن الحوارَ كان أقربَ إلى حوار الطرشان ؛ فقد كان في اللجنةِ فريقان :
    • الدولُ الغربية ُو على رأسِها أميركا "بلاد الديمقراطية وكرامة الإنسان" ، عادت و رفَضَت تعريف الجندر القائلَ بأنه الذكر/ الأنثى ، و الذي طـُرحَ في مؤتمر القاهرة للسكان ، و ما يُثـْبِتُ لديها سوءََ النّيّة ، أنّها أصَرّتْ و بحزم على فرضِ " مفهوم حرية الحياة غير النمطية كسلوكٍ اجتماعيّ ٍ" مضموناً أصيلاً لمعنى "الجندرية" .
    • الدول الأخرى ، التي رفضتْ رفضا قاطعا أية محاولة من هذا القبيل ... فكانت النتيجة ، و بدون تكبيرٍ و لا تهليل ، أنْ عَرّفَتِ اللجنةُ المصطلحَ بعدم ِ تعريفِه:
    (The non definition of the term Gender).
    ثم ، و في عام ِألفٍ و تسع ِ مئةٍ و ثمانيةٍٍ و تسعينَ ، انعقدَ مؤتمرُ روما لإنشاءِ المحكمةِ الجنائيةِ الدولية ، الذي كشفتْ وثائقُهُ عن أمر ٍ هو في غايةِ الخطورةِ و الأهميّة ، حيث أوردت الدول الغربية:
    "أن كل تفرقة أو عقاب على أساس الجندر يشمل جريمة ضد الإنسانية" ،
    لقد أدخلت كلمة Gender في النص الانكليزي ، بينما النصان العربي و الفرنسي استعملا كلمة "الجنس " و لم يستعملا كلمة "الجندر" إذ ليس له تعريف واضح ومدلول محدد.
    وهذا الأمر دفع الوفود العربية والإسلامية إلى استبدال كلمة الجندر بالجنس، وقد قال أحد المفاوضين العرب:
    (( إن كنتم ترون أن جندر ترادف جنس، فلم الإصرار؟ وان كانت تختلف في المعنى فأفهمونا الخلاف، باعتبارها لغتكم، لنستطيع أن نرى انسجامها مع القانون أو لا))
    وهذا الاختلاف الشديد دعاهم لأن يعترفوا بأنها تعني "عدم الحياة النمطية للنوع الواحد"، بمعنى أنه إذا مارس أحدهم الشذوذ الجنسي فعوقب بناء على القانون الداخلي للدولة كان القاضي مجرما بحق الإنسانية.
    وعلى الرغم من المعارضة الشديدة من الدول العربية والإسلامية، إلا أنها لم تنجح في حذف كلمة "الجندر" من النص الإنجليزي (وهو النص الذي يتم توقيعه ومتابعته)، وإنما حور المعنى حيث عرف الجندر بأنه: "يعني الذكر والأنثى في نطاق المجتمع".
    و أخيرا ، و في سنة ِألفٍ و تسع ِ مئةٍ و تسع ٍ و تسعين ، و دعماً لمسيرة ِ هذا المصطلحِ المُهـَابْ ، دعا إعلانُ مؤتمر ِلاهاي للشبابْ ، بلا تردد ٍ و لا ارْتِيَابْ ، إلى إنشاءِ جهاز ٍ في كلّ ِ مدرسةٍ خاص ، هو لِفِكْرةِ "الصورة التقليدية والسلبية للهوية الجندريةِ " ساحِبٌ و ماصّ ، يعملُ للعمل على تعليم الطلابِ و الطالِباتْ حقوقـَهُمُ الجنسية َ والإنجابية ، و يَهْدِفُ إلى خلق ِ هويةٍ إنجابيةٍ مُعاصِرَةٍ للفتيان ِوالفتيات ...
    و بالوقاحَةِ كلّـِها ...
    و بالْجَلافـَةِ في أبشع ِ صُوَرِها ، يدعو الإعلانُ الحكوماتْ ، إلى سَنّ ِ قوانينَ جديدة ٍ تتناسَبُ مع حقوق ِ المُراهقيْنَ والمُراهقاتْ ، و الشبابِ و الشاباتْ .. للاستمتاع ِ "بالصحةِ الجنسية" ، و "الصحةِ الإنجابية" ، دونَ تفر ِقَةٍ على أساس ِ "الجندرية" !!.
    و بعد:
    هذا بعضُ ما تسعى إليهِ الجندريةُ و الجندريونْ ، و ما يرجون تحقيقَهُ لو يقدرون :
    • في صحةِ الدين يُشكّكون ، و أساسَ بناء المجتمع ِ السليم ِ يُُضَعْْضِعُوْن ، الأسرةَ الشرعية َ الطبيعية َ يستهدفون ، و لتكوين ِ أُسَر ٍ " غير ِ نمطيةٍ "ِ يُروّ ِجُون ، و إلى الحصول ِ على أبناء ٍ بالتبني – ضمن مايُسمى بحقوق ِ الإنسان – يسعون !
    • بالشذوذِ الجنسيّ ِ يعترفون ، و من أجل ِالاعترافِ بحقوق الشواذّ ِ في الزواج ِ المثليّ ِ رفع المسؤولية عنهم وإظهارهم بثوب الضحية التي جنى عليها المجتمع يُُناضِلون !
    • " إن اختلافَ الذكر ِ و الأنْثى صنْعُ الله " ، هذا ما يرفضون !!
    • " للإنسان ِ الحقّ ُ في تغيير ِهُويتِهِ الجنسيةِ وأدوارِه المترتبةِ عليها " ؛ بهذا يؤمنون ، و إلى فرضِهِ جاهدين يسعون !
    • روحَ العداءِ بينَ الجنسين يُذْكُوْن ، و لكي لا ننظرَ إلى هذا الأمر ِ من بعيد ، دعونا نقرأْ أوراقَ المؤتمر ِ العتيد ، الذي عُقدَ في جامعة صنعاء في اليمن السعيد : "المؤتمر الدولي لتحديات الدراسات النسوية في القرن الحادي والعشرين" ، الذي نظمه مركز البحوث التطبيقية والدراسات النسوية في هذه الجامعة . فقد كان مما جاء فيه الاعتراض على كثرة وجود اسم الإشارة للمذكر في اللغة العربية أكثر من المؤنث، وكذلك ضمائر الخطاب للمذكر أكثر منها للمؤنث . ومما يدعو إلى الضحك اعتراض إحدى الباحثات الجندريات ، في هذا المؤتمر الدولي على تصويب أبي الأسود الدؤلي لابنته عندما قالت: ما أجملُ السماء، وأرادت التعجب، فنبهها أن النصب هو الصواب، علّقت الباحثة قائلة معترضة على التصويب: ألم يكن أحدٌ قبلها قد أخطأ؟!
    • تقليداً أعمى للاتجاهاتِ الجنسيةِ الغربيةِ المتطرفةِ يقلدون ، هذه الاتجاهات التي تطاولَتْ حتى شملت الموقفَ من الذات الإلهية في بعض الأحيان ... ، فكما سمعنا أن جمعية الكتاب المقدس أصدرت ترجمة جديدة للكتاب المقدس تتسم بالحيادية في مخاطبة الجندر، وسمعنا في مؤتمر صنعاء المشار إليه آنفاً من تقول: "إن أقدم كتاب كرّس محو الأنثى وكرّس سلطة الذكورية كان التوراة ابتداء بفكرة الله المذكرة" (تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً).
    و عَوْدٌ على بَدْء :
    " الظاهرة الجندرية " و "الباحثةِ التونسيةِ السيدة/ آمال قرامي" ذكراني بهذه القصة الجميلة
    (( ثياب الملك الجديدة )) التي ما نزال ندرسها لطلابنا في المدارس:
    تتحدث القصةُ عن ملك ساذج، وجد نسَّاجٌ محتالٌ طريقاً إليه وأقنعه بأن يصنع له ثياباً نفيسة "وبالطبع مكلفة جداً"،و ذات ميزة عظيمة ؛ و"هي أن الأغبياء وحدهم لا يرونها!"
    صدق الملك قليل الخبرة كلام النساج وفي اليوم الموعود أجتمع أركان الدولة في القصر العظيم، بعدما أُمر الشعب المسكين بالاحتشاد لإظهار الفرحة بالثياب العظيمة لمولانا الملك!
    أمام الجميع وفي القصر بدأ النساج المحتال بخلع ثياب الملك قطعة قطعة وإلباسه بدلاً عنها ذلك القماش المزعوم، وبدأ تهريج الحاشية:
    ماشاء الله يامولاي، شيء عظيم، ثياب رائعة ،ولم يصدق كبير الحكماء عينيه فقد بدأ الملك يتحول إلى رجل عارٍ ، ولكنه (كما هي عادة المنافقين) خشي أن يقول الحق.
    الملك نفسه بدأ يشك بنفسه فهاهي ثيابه تُخلع عنه قطعة وراء أخرى ولا بديل عنها! ولكن الملك قال في نفسه بين حشود المنافقين:
    هل من المعقول أن الكل يراها! وأنا ، فقط ، أنا الذي لا يراها!
    هل يعني ذلك أنني الغبي الوحيد هنا!
    ثم التفت فجأة نحو كبير حكمائه قائلاً بزهو الأغبياء :
    ما رأيك يا كبير الحكماء؟
    ولم يكن ذلك الكبير يرى إلا العري القبيح ولكنه شهق قائلاً:
    مولاي ماهذه الثياب المدهشة بالفعل إنها شيء لا يصدق، والتفت برأسه نحو النساج المحتال قائلاً بضيق مكتوم:
    إن النساج الذي صنع هذه الثياب الباهرة لجد ماهر ومتقن!
    النساج المحتال رد على كلام كبير الحكماء بانحناءة رأس ماكرة!
    وتعالت صيحات الإعجاب، الكل أقسم أنه لم ير مثل تلك الثياب من قبل، والكل جزم بأن الملك موفق جداً في اختيار نساجه المبدع، والكل أصر أن تلك الثياب لائقة جداً جداً بالملك .
    حياة النفاق جعلت كل أفراد البلاط يسكتون، و لأن تلك الثياب البديعة وحدهم الأغبياء لا يرونها وخشية أن يتهم واحدهم بالغباء رضي الجميع بأن يباع الملك دون ثمن .
    وأخيراً أصبح الملك عارياً حتى من ورقة التوت التي تغطي عورته ، فقد ألبسه النساج بدل كل قطعة خلعها عنه قطعة أخرى بديعة الصنع ،ووحدهم الأغبياء لا يرونها!!
    وصار الملك يوزع ابتساماته البلهاء بين الحضور ،وهم يبادلونه الحماسة ، حتى أن رئيس صناديق المملكة قد تأثر لدرجة البكاء وهو يتحسس طرف العباءة المزيفة التي يرتديها الملك صارخاً بانفعال شديد: شيء لا يصدق ،لا يصدق أبداً يا مولاي ، أهنئكم على هذا الذوق الرفيع.
    نظرات الافتتان والتقدير بُذلت من الحاشية دون حساب وصيحات الإعجاب بدت مثل سيل هادر انتقل زخمه إلى القطيع الموجود خارج القصر الذي كان ينتظر على أحر من الجمر طلة الملك البهية مرتدياً ثيابه الذكية "كشافة الأغبياء" والتي أصبحت حديث كل لسان.
    وأخيراً فُتح باب القصر وأطل الملك بعريه الكامل لتحييه الجماهير ،
    فقط ثوان من الذهول أعترت القطيع
    الكبير ثم ما لبثت أن تبدلت إلى نشوة عارمة عندما صاح أحد المُرتزقة ، فليحيا مولانا الملك بثيابه
    العظيمة، ورددت الجماهير المحتشدة:
    فليحيا الملك ، وثيابه العظيمة .
    ومثل البرق سرت الصيحات:
    أوه ، شيء رائع شيء عظيم ، جميل مدهش ، فتان، لا يُصدق ،
    بل إن التأثر بلغ بالبعض إلى حد الإغماء ، بينما أقام الباقون حلقاتِ الدبكة بكل قوة تعبيراً عن الامتنان والشكر الدفين الذي يكنه القطيع الكبير في أعماق فؤاده لمولانا الملك .
    كل فرد من الحاشية أو الرعية، بل الملك نفسه أخذ يتساءل:
    ماهذا الحظ التعيس ؟ حتى أكون أنا وحدي الغبي الذي لا يرى تلك الثياب المدهشة ، وهز الملك رأسه بحيرة بالغة، وكاد يبكي لكنه تجلد وعاد يتبادل التحيات مع شعبه ، ويلوح لهم بقبضته:
    نعم ، أيها القطيع الرائع، حتى آخر قطعة ثياب !!
    العربة المكشوفة سارت بين الجماهير المكتظة ، والكل يصفق ويدبك ويرقص ،وفجأة حصل مالم يكن في الحسبان!
    كان هناك طفل في العاشرة ينتقل مع القطيع وقد شاهد الموكب من أوله ، وبدأت الحيرة والشك يتسللان إليه، ولكنه جمع كل قوته ليصعد على عمود عال، ثم استجمع كل شجاعته ليصرخ بصوت اخترق كل ضجيج الراقصين والدبّاكين :
    أيها الكذابون ، إن الملك لا يرتدي أية ثياب!! إن الملك عار ، الملك عار!!.
    ومثل سريان النار في الهشيم دبت الصيحة في القطيع ، وكأن بقايا العقل القديم الذي كان فيه قد استيقظ ففر الناس هائمين على وجوههم ، وحتى الحاشية المذعورة أصابها الذهول ففر معظمها وكل فرد منها فتح فمه حتى النهاية وفي عينيه بريق دهشة ممتزجة برهبة الحقيقة المرة .
    بعض الماكرين وقفوا قريباً من عربة الملك وهم يقهقهون وقد أمسكوا خواصرهم من شدة الضحك، وأحدهم ضرب يده على جبهته وهو يكاد يتمزق من المفارقة العجيبة .
    لم يجد الملك شيئاً يستر به عورته !!
    وحدهم بعض الأتقياء غضوا من أبصارهم احتراماً للملك بينما كان بعض أفراد الحاشية الخبيثة يحملقون بشراهة ..
    .[/justify]
    [/justify]

    التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادربوميدونة ; 03/06/2009 الساعة 02:31 PM

الأعضاء الذين شاهدوا هذا الموضوع : 0

You do not have permission to view the list of names.

لا يوجد أعضاء لوضعهم في القائمة في هذا الوقت.

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •